ســليمـان جـوادي
ولد الشاعر الجزائري سليمان جوادي في الثاني عشر من شهر شباط ( فبراير ) سنة \1953 بمدينة (كوينين ) بولاية ( الوادي) الواقعة في الجنوب الجائري .
شاعر مخضرم يعتبر من ابرز شعراء الصعيد الجزائري يكتب بالعربية الفصحى وبالجزائرية المحلية .
اخذ دروسه الابتدائية في مسقط راسه بمدينة (كوينين ) وكذلك الثانوية ثم درس ( معهد اعداد المعلمين ) بمدينة (بوزريعة ) ثم انتقل الى مدينة الجزائرالعاصمة للدراسة في ( المعهد العالي للفنون الدرامية ) الكائن في ( برج الكيفان ).
كان والده رجل دين متسامح وهذا الأب كان كثير الغياب عن البيت. و أثناء الثورة التحريرية، واظب، رغم كبر سنه على مجالسة ومصاحبة المجاهدين. وانضم أيامها إلى الحركة الوطنية وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين منذ نشأتهما. وكان غيابه الدائم جعل والدته تلعب دور الأم ودور الأب في تحمّلها المسؤولية واصبح الاب مشغولا بامور الثورة فكان حضوره الى البيت قليلا ، وكان في تعامله مقتضبا خاصة مع أبنائه الذكور،وشاعرنا احدهم وتلك حياة المجاهدين .
ويذكر شاعرنا كيف جاء الضابط الفرنسي ومعه الجنود في عام \ 1960 وأخذوا والده -رغم كبر سنه وقد تجاوز السابعة والستين عاما – للتحقيق معه ولا ينسى ثبات والده عند اقتياده ورباطة جأشه وقوة شكيمته ،فهي صورة لا تفارق مخيلته
وقد انتقلت عائلته بعد الاستقلال من الجنوب الجزائري إلى (الجزائر ) العاصمة، وكانت والدته تعاني من تحملها مختلف تفاصيل تربية الاولاد وتدبير القوت اليومي لهم
لكن والده غرس في تفسه كبقية اخوته وعلمه قيم الحياة الفضيلة واساليب الامل المستقبلي حين اوصاه :
(أن أبتسم وأنا في قمة الحزن، أن أمنح وأنا محتاج، علمني الإيثار. واللافت في الأمر أن والدي علمني هذه القيم بمسلكياته وومارساته اليومية ودون توجيه ثقيل الظل )
لذا فالوطنية انغرست بحياته منذ الطفولة والصبا وهو يرى والده وهو من رجال الثورة الجزائرية المباركة ضد الاستعمار الفرنسي البغيض وما اجدره وهو يقول لشعبه الابي قصيدته :
يا شعبنا ما أروعك يا شعبنـا قلبي معك
جـل الذي بعزيمة كبـرى بـراك وأبـدعك
جـل الذي ببطولة ورجولة قد رصعك
مـا أتفه القلب الـذي يحنو عليك ليخدعك
ويريك نور الشمس صبحاكي يدبر في الليالي مصرعك
إسلام من...هذا الذي يميت الحب فيـك يبيح دوما أدمعـك
ويريق من دمك الغزير جداولا و يشق من يوم لآخر أضلعك
إسلام من هذا الذي وضع اللحى فوق العقــول وراح يبغي تصدعـك
و نضـال من...هذا الذي أعطى الثمار جميعها للمتخمين وجوعـك
وبنى لهم في كل شبر منزلا وعدمت حتى مضجعـك
و إذا نطقت جنى عليــك و في الغياهب أودعـك
يــا شعبنــا... من في مهاوي الفقر غدرا أوقعك
من للورا قد أرجعــك وأذاقك السم الزعـاف و أوجعك
من بالمصائب أوسعـك بتدخل الأعداء جاء ليفزعك
من روعـك يا شعبنا مـا أروعك
ولرب شرذمة تقول بأنهــا من عمقـك انطلقت وترفض أن تراك وتسمعـك
لا تنتظر حبل النجاة من الذي ما زال يجهل موقعــك
و يشاء من مكروا ا نقسامك دائما وتشاء حكمة ربنا أن تجمعك
ويشاء من مكــروا احتقارك دائمـــا وتشاء حكمة ربنا أن ترفعك
يا شعبنا يا ذا الملاحم دائما قلبـي معـك.. قلبي معك.قلبـي معـك
ولو تفحصنا قصائد الشاعر سليمان جوادي العنائية لتبدو لنا انها مفعمة بالروح الغنائية ،حتى ولو أن الشاعر لم يكن قصده الغناء بصورة مباشرة ، وتكاد تطغى على اغلب قصائده في ومضة شعرية ولعل الشاعر يدرك هذه الحقيقة في أعماقه ويتضمن شعره مجمل قصائده الشعرية التي ترنم بها مطربون جزائريون، وبألحان جزائرية أصيلة، ومن يستمع إلى هذه النصوص الشعرية المغناة بأصوات الحان جزائرية سيكتشف أن النص الشعري يسجل انتصارا واسعا تذوب الالحان في شاعريته وتمتزج معها مكونة وحدة جمالية وغنائية .
فالنص الشعري يبدو جليا بفرض مفرداته على المتلقي فخصوصية النص الشعري الغنائي عند شاعرنا تبدو أن جمالية اللحن تستلهم وجودها من عبقرية النص الشعري الغنائي، المترع بالعبقرية و البساطة والجمال لديه وقد يكون الشاعر متمكنا من تحقيق حالة اسمى بما يضاهي عصر عمالقة الموسيقى العربية، فعبقرية النص الشعري الغنائي لا بد لها ان تتولد من خلال عبقرية في اللحن تماما وهذا ما نلمسه في نصه الشعري المغني يقول :
العشق
دعي الشك
لا تدخلي غرفتي مثلما تدخل الأخريات
أنا عاشق
صدقيني إذا قلت إني أحبك
رغم انتحار الهوى
رغم هذا الزمان
ورغم اجتيازي لأسوار قلبك دون عناء
دعي الشك …
لا تدخلي غرفتي مثلما تدخل الأخريات
ولا تكشفي عن نهودك
لا أستطيع اعتصارك هذا المساء
أنا متعب …
فادخلي غرفتي لا كباقي النساء
أنا متعب ….
صدقيني إذا قلت إني أحبك أكثر
هذا المساء
و إني أريدك أكثر هذا المساء
و إنك أجمل أجمل هذا المساء
أنا متعب ….
فادخلي غرفتي
قاسميني العناء
العشق الثاني
تلمين حبك ….
خاتمك الذهبي ….
وجزءا من القلب ….
ثم تولين تاركة لي من الحزن
أضعاف ما كان عندي
إذا هكذا ترحلين
على نحو ما ترغبين
تلمين حبك ….
خاتمك الذهبي
وجزءا من القلب
آه تذكرت أنك أبقيت لي صورة
بين قلبي و أحزان يومي
ضعيها مع الحب و الخاتم الذهبي
و هاتي بقية قلبي
و سيري إلى حيث لا ترجعين ….
عمل الشاعر سليمان جوادي بالصحافة منذ سبعينات القرن الماضي فعمل في الصحف التالية : جريدة ( الشعب ) و مجلة ( الوان ) و مجلة ( الوحدة ) و مجلة ( الثقافة ) وفي سنة 1995 عين مديرا للثقافة لولاية ( الجلفة ) ثم نقل بها ليكون مديرا لولاية ( الطارف ) ويزال يمارس عمله فيها .
ومن قصائده في الغزل قصيدته ( العشق الاخر ) يقول فيها :
تعالي نبرمج تاريخنا مثلما يفعل السعداء
تعالي نمثل دور الذي لم يذق بعد طعم العناء
ضعي الحزن تحت المخدة
لا بل ضعيه هناك
هنالك بين المساكين و التعساء
تعالي انثري شعرك الفوضوي على جسدي
قد تركت هنالك حيث اقضي النهار همومي
فلا اليوم رائحة الأرض تعبق مني
ولا القلب يحمل بعض الشقاء
أنا اليوم يا واحتي المشتهاة
أمثل دور الذي لم يذق بعد طعم العناء
فنامي على الصدر وابتسمي
مثلما يفعل السعداء …..
عضو المجلس الوطني لاتحاد الكتاب الجزائري.
مايلي: اصدر العديد من الدواوين الشعرية اذكر منها
1- يوميات متسكع محظوظ
ثلاثيات العشق الآخر 2-
…3- و يأتي الربيع
4- أغاني الزمن الهادئ
5- قصائد للحزن و أخرى للحزن أيضا
6- رصاصة لم يطلقها حمة لخضر
-7- لا شعر بعدك
8- قال سليمان
9- المجموعة غير الكاملة
وقد نشر اعماله الادبية في اغلب الصحف والمجلات الوطنية الجزائرية والعربية .
وانتج اعمالا ادبية وبعض المسرحيات الشعرية للاذاعة الوطنية الجزائرية منها :
- الساقية و الخيمة .
- ضياف ربي .
- حقيبة الأسبوع .
- ملحمة الجزائر
كما انتج اعمالا ادبية للتلفزة الوطنية الجزائرية ومنوعات ذات طابع تاريخي واجتماعي اسماها (حاجي لي يا جدي ) والّف كثيرا من الاغاني والمنوعات لعدد من ا لمطربين الجزائريين .
كما أنتج للتلفزيون مجموعة من المنوعات ذات الطابع التاريخي و الاجتماعي بعنوان حاجي لي يا جدي ) ألف لعدد كبير من المطربين منهم : مصطفى زميرلي ، محمد بوليفة ، زكية محمد ، الشاب خالد ، صليحة الصغيرة ، يوسفي توفيق و غيرهم .
- نشر أعماله الأدبية في اغلب الصحف الوطنية و المجلات العربية.
- عضو المجلس الوطني لاتحاد الكتاب الجزائريين.
واختم بحثي بهذه السطورالشعرية من قصيدته
(ابحث عن غير وجهي) :
أفتش عن غير وجهي
لألقى الأحبة مبتسما
مثلما عهدوني
أفتش عن غير ثغري
لألقي التحية دون ارتباك
أفتش عن غير كفي
لأضغط عن كفهم جيدا
و لأحضنهم جيدا
و لأدخلهم في بقاياي
أنشرهم في دمائي
أفتش عن رجل
غير هذا الذي يسكن الحزن فيه ليسكنني
فيسر الأحبة عند لقائي
أفتش عنك سليمان
يا رجلا ضيعته المدينة
و المشكلات الصغيرة و الحب
أي و الذي نفس قاتلتي بيديه
أضاعك عن جسدي الحب
أفسد ما فيك من هوس و جنون
و أعدم ما خبأته شفاهك للأخريات
أفتش عنك سليمان
يا باقة من ضياء تلاشت
و يا فرحة في قلوب العذارى تداعت
و يا وطنا كان يؤوي الجميع
و لكنه حين قيل انتهى
لم يعره الجميع التفاتة
فما أفظع الناس في عصرنا
و أحد الشماتة
...
سليمان
يا رجلا كان يسكنني
قبل بضع سنين
يصرح أن ليس أدعى إلى الحزن
من رجل لا يحب
و ها أنت بالحب تشقى
و يعلن أن ليس مثل الوفاء
سبيلا إلى رغد العيش
لكن وفاؤك
شخص فيك العذاب و أبقى
سليمان
قد قيل والعلم لله
أنك ترفض عصرك
ترفض جيلك
ترفض جسمك
ترفض أن تفضل العمر ظلا
سليمان قيل اختفيت
لتظهر أجلى
و قيل اختفيت ليصبح شعرك
بعد ظهورك أحلى
و قيل بأنك تمسك بالسنوات
تقيدها
كي تظل مدى الدهر طفلا
...
سليمان
بلقيسك الآن راحلة
لسليمان آخر
كان يمطرها بالقصائد
و الأغنيات الجميلة و الورد
يمنحها ما تريد
من العشق و الانتشاء
يعلمها منطق الطير
يرفعها فوق ألف بساط
و يحملها نحو ألف سماء
سليمان
بلقيس تبحث عن رجل
يملك الخاتم النبوي
له الفلك و الريح
و الصافنات الجياد مسخرة
و له هيبة الأنبياء
و صعلكة الشعراء
و بلقيس إذ تركت سبأ
فلأن سليمان أغلى من الملك
و الحب أخلد من عرشها
و لأن سليمان
يعرف كيف يروض قلب النساء
...
سليمان
يا فرحا قد يجيء
و يا شعلة قد تضيء
و يا بسمة قد ترف على شفة الأشقياء
حنانيك كن شاعرا مثلما كنت
كن جذوة ترفض الانطفاء
حنانيك كن قدرا
و جوادا يغامر ضد الفناء.
**************************