الشاعر أدونيس
بقلم د فالح الكيلاني
هو علي بن أحمد بن سعيد اسبر المعروف ب(أدونيس).
ولد الاول من كانون الثاني ( يناير ) سنة \1930 في قرية قصابين التابعة لمنطقة (اجبلة )ب (سوريا) . درس في قريته على يد أبيه حيث حفظ القران الكريم وهو دون الثالثة عشرة من العمر وحفظ العديد من قصائد الشعراء القدامى ومما يذكر انه لما زار ( شكري القوتلي )رئيس الجمهورية السورية المنطقة عام \ 1944 القى علي قصيدة وطنية من نظمه امام الرئيس والحضور فنالت استحسانه واستحسان كل الحاضرين معه مما حدى بهم ان يرسلوه الى الدراسة في ثم في ( الليسيه الفرنسية ) في مدينة (طرطوس) وحفظ العديد من قصائد الشعراء القدامى ولما زار ثم انتقل الى مدينة ( اللاذقية ) فأكمل دراسته الإعدادية وأنهى المرحلة الثانوية في الثانوية الرسمية فيها وكان في بداية مرحلته الثانوية وحصل على الشهادة الجامعية في الفلسفة من الجامعة السورية في مدينة ( دمشق )عام \1954 ثم التحق بالخدمة العسكرية ثم اعتقل سنة كاملة بسبب انتمائه الى ( الحزب السوري القومي الاجتماعي ) مما اضطره الى مغادرة سوريا الى لبنان عام\ 1956 وهناك التقى بالشاعر(يوسف الخال ) حيث أصدرا معاً (مجلة شعر ) في مطلع عام\ 1957. ثم أصدر أدونيس مجلة( مواقف) في عام \1969 ثم حصل على الدكتوراه في الأدب العربي سنة\ 1973 من جامعة (القديس يوسف) في (بيروت ).
أثارت أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه ( الثابت والمتحول ) سجالاً طويلاً. بدءاً من عام 1955 وادى هذا السجال الى اشتهاره عربيا وعالميا فتكررت دعوته كأستاذ زائر إلى جامعات ومراكز عديدة للبحث في فرنسا والمانيا وسويسرا وامريكا .وحصل على عدد من الجوائز العالمية وألقاب التكريم وتُرجمت أعماله إلى ثلاث عشرة لغة.
اطلق على نفسه لقب (ادونيس ) تيمناً باسطورة ادونيس الفينيقية هو أحد ألقاب الآلهة في اللغة الكنعانية-الفينيقية، فالكلمة (أدون تعني سيد أو إله بالكنعانية مضاف إليها السين وهو علامة التذكيرباليونانية وهذا هو معشوق الآلهة عشتار كما تقل الروايات . وقد انتقلت أسطورة أدونيس للثقافة اليونانية وحبيبته صارت (أفروديت ). فهو يجسد الربيع والخصب لدى الكنعانين والإغريق. وكان يصور ها شاب رائع الجمال . فخرج ادونيس بهذا اللقب على تقاليد التسمية العربية . سيكون لذلك الشاب ذي السبعة عشر عاماً في دمشق سبقته شهرة الاسم، وشهرة قصائده، عندما يمّم نحوها، وكان عائداً لتوه من الخدمة العسكرية، وفي طريقه للالتحاق بالجامعة، وكانت خالدة سعيد الفتاة الشابة المتقدة ذكاء وحساً أدبياً، طالبة دار المعلمين في دمشق، قد قرأت بعض تلك القصائد وأخذت بها وبالاسم البراق يلمع تحتها، كان بيت المذيعة عبلة خوري يومئذٍ، قبلة للمثقفين والقوميين السوريين، فانفتح أمام أدونيس، وأمام البنت الذكية خالدة سعيد وشيئاً فشيئاً تكشفت للشاعر الحالم المتمرّد على كل شيء، قوة عقل تلك الفتاة، وأسرته رزانتها ودقة أفكارها، فرأى فيها ما يمكن أن يساعده على أعباء ثورته الأدبية التي بدأ يستكشف اتجاهاتها، ورأت هي فيه مشروع شاعر كبير وثوري من الطراز الاول و الرفيع، فسلمته زمامها، وتبعته في مذاهبه التي لم يكن يعرف إلى أين ستقوده، لكنه يعرف شيئاً واحداً، أنها ينبغي أن تزعزع كل شيء، وتتجاوز كل الحدود والخطوط الحمر.
وفي بيروت فُتحت لهما أبواب الثقافة على مصراعيها، فدخلا اليها بإخلاص واجتهاد، لا نظير له، دراسة وإبداعاً وتنظيراً. وفيها أكملا دراستهما الجامعية، وفيها انخرطا في التجربة الثورية لمجلة (شعر)التي اجتمع فيها شعراء الحداثة الشعرية كما اشرت وكانت خالدة في قلب ذلك الزخم الحداثي، فتزوج ها فانجب منها ابنتان هما ارواد ونينار وفيها يقول :.
حينما أُغرقُ في عينيكِ عيني,
ألمح الفجر العميقا
وأرى الأمس العتيقا
وأرى ما لست أدري,
وأحسّ الكون يجري
بين عينيكِ وبيني .
حصل ادونيس على جوائز كثيرة اهمها الجائزة الكبرى ببروكسل سنة 1986 ثم جائزة الإكليل الذهبي للشعر في جمهورية مقدونيا تشرين الأول 1997.
توفي ( ادونيس ) الشاعرالسوري المجدد بتاريخ الثامن والعشرين من شهر تشرين الثاني( نوفمبر )2014.
يعد ادونيس من الشعراء المجددين في الادب العربي والشعر بصورة خاصة ومن رواد الشعرالحديث فكتب الشعر الحر والمنثور بدلا من الشعرالتقليدي وقد التف حوله مجموعة من شعراء هذا النوع من الشعر اذكر منهم محمد الماغوط و انسي الحاج و ويوسف الخال وغيرهم . يقول في قصيدة له بعنوان (وطني في لاجئ) :
وليكنْ وجهيَ فيئًا!
دهْرٌ من الحجر العاشق يمشي حولي أنا
العاشق الأول للنار
تحبلُ النار أياميَ نارٌ أُنثى دَمٌ تحت
نهديها صليلٌ والإِبطُ آبارُ دمعٍ نهَرٌ تائهٌ وتلتصق
الشمس عليها كالثوبِ تزلقُ جرحٌ فَرَّعتْه
وشعشعَتْهُ ببَاهٍ وبهارٍ (هذا جنينُكِ?) أحزانيَ وَرْدٌ.
دخلتُ مدرسة العشب جبيني مُشقّقٌ ودمي يخلع
سلطانَه: تساءلتُ ما أفعلُ? هل أحزم المدينة
بالخبز? تناثرتُ في رواقٍ من النار اقتسمْنا
دمَ الملوكِ وجعْنا
نحمل الأزمنه
مازجين الحصى بالنجومْ
سائقين الغيومْ.
كقطيعٍ من الأحصنَه.
أدونيس من أكثر الشعراء العرب إثارة للجدل.كما يقول النقاد فقد استطاع بلورة منهج جديد في الشعر العربي يقوم بتوظيف اللغة الى قدر كبير من الإبداع والتجربة بحيث تسمو كتاباته على الاستخدامات التقليدية دون أن يخرج على اصول عن اللغة العربية الفصحى ومقاييسها النحوية.
استطاع أدونيس نقل الشعر العربي إلى العالمية. وقد رشحه النقاد لنيل جائزة ( نوبل ) للاداب لفترة طويلة الا انه لم ينلها كما أنه، بالإضافة لمنجزه الشعري، يُعدّ واحداً من أكثر الكتاب العرب إسهاما في المجالات الفكرية والنقدية.ويعد الشاعر العربي العالمي الأول. وكذلك كان رساما ونجد في شعره مهارة من رسمه في صورة شعرية رائعة يقول :
جالسٌ قربها
والستار الذي نسجتْه تباريحُنا مُسْدَلٌ.
قَامةُ الأفق مكسـورةُ الخصرِ،
والشمسُ تمضي الى نومِها.
مِشْطها، قلمُ الحبر، كرسيُّها، الفراشُ
على الأرض، أكداسُ أوراقِها -
كتباً ودفاترَ، بستانُ وردٍ
تتناثر أكمامهُ.
أتذكّر حتَّى كأني أرى الآنَ: ها بيتُها
يَتنهَّدُ، هَا شُرفاتُ النوافذ تُسلم أحضانَها
للمُريدِ المولَّه،
والشمس في أوّل اللَّيل،
تخلع آخر قمصانها.
حصل ادونيس على جوائز كثيرة اهمها الجائزة الكبرى ببروكسل سنة 1986 ثم جائزة الإكليل الذهبي للشعر في جمهورية مقدونيا تشرين الأول 1997.
ترك الشاعر السوري علي احمد سعيد اسبر ( ادونيس ) اثارا كثيرة بعد وفاته اثرت المكتبات العربية منها مايلي :
• قصائد أولى، دار الآداب، بيروت، 1988.
• أوراق في الريح، دار الآداب، بيروت، 1988.
• أغاني مهيار الدمشقي، دار الآداب، بيروت، 1988. قالت الأرض،
وقت بين الرماد والورد،
كتاب الحصار
• كتاب التحولات والهجرة في أقاليم النهار والليل، دار الآداب، بيروت، 1988.
• المسرح والمرايا، دار الآداب، بيروت، 1988.
• وقت بين الرماد والورد، دار الآداب، بيروت، 1980.
• هذا هو اسمي، دار الآداب، بيروت، 1980.
• منارات، دار المدى، دمشق 1976.
• مفرد بصيغة الجمع، دار الآداب، بيروت، 1988.
• كتاب القصائد الخمس، دار العودة، بيروت، 1979.
• كتاب الحصار، دار الآداب، بيروت، 1985.
• شهوة تتقدّم في خرائط المادة، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 1988.
• احتفاءً بالأشياء الغامضة الواضحة، دار الآداب، بيروت، 1988.
• أبجدية ثانية، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 1994.
• مفردات شعر، دار المدى، دمشق 1996.
• الكتاب الاول، دار الساقي، بيروت، 1995.
• الكتاب الثاني دار الساقي، بيروت، 1998.
• الكتاب الثالث دار الساقي، بيروت، 2002.
• فهرس لأعمال الريح، دار النهار، بيروت.
• أول الجسد آخر البحر، دار الساقي، بيروت، 2003.
• تنبّأ أيها الأعمى، دار الساقي، بيروت، 2003.
• تاريخ يتمزّق في جسد امرأة، دار الساقي، بيروت، 2007.
• ورّاق يبيع كتب النجوم، دار الساقي، بيروت، 2008.
• الأعمال الشعرية الكاملة، دار المدى، دمشق، 1996.
الكتاب الخطاب الحجاب 2009.
اما في مجال الدراسات فقد اصدر العديد من الكتب اهمها :
• مقدمة للشعر العربي، دار الفكر، بيروت، 1986.
• زمن الشعر، دار الساقي، بيروت، 2005.
• الثابت والمتحول، بحث في الإبداع والإتباع عند العرب،
. رمز الشعر،
. الصوفية والسريالية،
. النظام القرآني وآفاق الكتابة.
. تأصيل الأصول،
. صدمة الحداثة وسلطة الموروث الديني،
. صدمة الحداثة وسلطة الموروث الشعري،دار الساقي، بيروت، 2001.
• فاتحة لنهايات القرن، دار النهار، بيروت.
• سياسة الشعر، دار الآداب، بيروت 1985.
• الشعرية العربية، دار الآداب، بيروت 1985.
• كلام البدايات، دار الآداب، بيروت 1990.
• الصوفية والسوريالية، دار الساقي، بيروت 1992.
• النص القرآني وآفاق الكتابة، دار الآداب، بيروت 1993.
• النظام والكلام، دار الآداب، بيروت 1993.
• ها أنت أيها الوقت، (سيرة شعرية ثقافية)، دار الآداب، بيروت، 1993.
• موسيقى الحوت الأزرق، دار الآداب، بيروت، 2002.
• المحيط الأسود، دار الساقي، بيروت، 2005.
كونشيرتو القدس، بيروت - بلومبرغ - باريس تموز
كما قام بترجمة الكتب التالية الى العربية :
• حكاية فاسكو، وزارة الإعلام، الكويت، 1972.
• السيد بوبل، وزارة الأعلام، الكويت، 1972.
• مهاجر بريسبان، وزارة الإعلام، الكويت، 1973.
• البنفسج، وزارة الإعلام، الكويت، 1973.
• السفر، وزارة الإعلام، الكويت، 1975.
• سهرة الأمثال، وزارة الإعلام، الكويت، 1975.
• مسرح جورج شحادة، طبعة جديدة، بالعربية والفرنسية، دار النهار، بيروت.
• الأعمال الشعرية الكاملة لسان جون بيرس،
• منارات، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق، 1976. طبعة جديدة، دار المدى، دمشق.
• منفى، وقصائد أخرى، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق، 1978.
• (فهرس لأعمال الريح) دار كشب للشعر، تل أبيب، ترجمة إلى العبرية
• مسرح راسين
• فيدر ومأساة طيبة أو الشقيقان العدوان، وزارة الإعلام، الكويت، 1979.
• الأعمال الشعرية الكاملة لإيف بونفوا، وزارة الثقافة، دمشق، 1986.
• كتاب التحولات، أوفيد، المجمع الثقافي، أبوظبي، 2002.
• الأرض الملتهبة، دومينيك دوفيلبان، دار النهار، 2004.
وقام بالتعاون مع زوجته خالد سعيد باصدار الكتب التالية كمختارات من نتاج الشعراء والادباء الاخرين :
• مختارات من شعر يوسف الخال، دار مجلة شعر بيروت، 1962.
• ديوان الشعر العربي،
1. الكتاب الأول، المكتبة العصرية، بيروت، 1964.
2. الكتاب الثاني، المكتبة العصرية، بيروت، 1964.
3. الكتاب الثالث، المكتبة العصرية، بيروت، 1968.
ديوان الشعر العربي (ثلاثة أجزاء)، طبعة جديدة، دار المدى، دمشق، 1996.
• مختارات من شعر السياب، دار الآداب، بيروت، 1967.
• مختارات من شعر شوقي (مع مقدمة)
• مختارات من شعر الرصافي (مع مقدمة)،
• مختارات من الكواكبي (مع مقدمة)،
• مختارات من محمد عبده (مع مقدمة) بيروت، 1983.
• مختارات من محمد رشيد رضا (مع مقدمة)،
• مختارات من شعر الزهاوي (مع مقدمة
• مختارات من الإمام محمد بن عبد الوهاب بيروت، 1983.
اختم بحثي بهذه السطور الشعرية منه :
خَرَجَ الوردُ منْ حوضِه
لملاقاتها،
كانتِ الشمسُ عُريانةً
في الخريفِ، سِوَى خَيْطِ غيمٍ على خَصْرِها.
هكذا يُولَدُ الحبُّ
في القريةِ التي جئتُ مِنْها.
- 2 -
نهضتُ أسْألُ عَنْكِ الفجْرَ: هَلْ نَهضَتْ؟
رأيتُ وجهَكِ حولَ البيتِ مرتَسِماً
في كلِّ غصْنٍ. رميْتُ الفجرَ عن كَتِفي:
جاءَتْ
أمِ الحلمُ أغواني؟ سألتُ ندىً
على الغصونِ، سألتُ الشمسَ هَلْ قَرأَتْ
خُطاكِ؟ أينَ لمسْتِ البابَ؟
كيفَ مَشى
الى جوارِكِ ورْدُ البيتِ والشجرُ؟
أكادُ أشطرُ أيّامي وأنْشَطِرُ:
دَمي هناكَ وجسمي هَا هُنا - ورقٌ
يجرُّهُ في هَشيمِ العالَمِ الشَّررُ.
- 3 -
صامتٌ ليلُنا.
مِنْ هُنا زهرٌ ينحني
مِـنْ هنـالك ما يُشبـه التَّلَعثُمَ.
لا رَجَّةٌ. لا افْتِتانْ.
ليلُنا يتنهّد في رئتَيْنا
والنوافذ تُطبِق أهدابَها.
- تقرأين؟
- ضع الشايَ. ضوءٌ
يتسرّبُ مِنْ جسدينا الى جسدينا
ويغيّر وجْهَ المكانْ.
- 4 -
هكذا - في عناق الطّبيعةِ والطَّبْعِ، نعصفُ أو نَهْدأُ
لا قرارٌ، ولا خِطَّةٌ، - عَفْوَ أعضائِنا،
ننتهي، نَبْدأُ.
جسدانا
كوكبٌ واحِدٌ.
نتبادَلُ أحزانَنا
نتبادل أحشاءَنا،
جسدانا دَمٌ واحِدٌ.
نحن صِنْوانِ في الجرحِ، مفتاحُ أيّامِنا
ومفتاحُ أفراحِنا وأَحزانِنا،
جَسدانا.
- 5 -
فَكَّتِ الأرضُ أَزْرارَها، وسارَتْ
حُرَّةً في خُطانَا،
عندما سألَتْنا وقلنا:
نعرف الحبَّ يا أرضَنا. جَبَلْنا
طينَنا مِن هَباءِ مسافاتِهِ، وجَبَلْنَا
فتنةَ القمر المتشرّد في طَمْثهِ بأوجاعِنا،
ورسَمْنا
كُلَّ ما لا يُرى مِن تقاطيعهِ،
بتقاطيعِنا.
هي ذي أرضُنا، -
نتوقّعُ أن يعشقَ الحبُّ أسماءَه
كيفما دُوِّنَتْ
في دفاتر أيّامِها.
- 6 -
نَهَرٌ - مِنْجَمٌ
نهرٌ غامرٌ
يتلبّس أعضاءنا
ويسافر فيها -
يدخلُ البحرُ فيه
تخرجُ الأرضُ منه،
والبقيةُ لا تُفهَمُ.
لا أحدّدُ لا أرسمُ
الدخول الى ليل حبي مضيءٌ
والخروج هو المعتمُ.
امير البيان العربي
د فالح نصيف الكيلاني
العراق- ديالى - بلدروز
*******************************
بقلم د فالح الكيلاني
هو علي بن أحمد بن سعيد اسبر المعروف ب(أدونيس).
ولد الاول من كانون الثاني ( يناير ) سنة \1930 في قرية قصابين التابعة لمنطقة (اجبلة )ب (سوريا) . درس في قريته على يد أبيه حيث حفظ القران الكريم وهو دون الثالثة عشرة من العمر وحفظ العديد من قصائد الشعراء القدامى ومما يذكر انه لما زار ( شكري القوتلي )رئيس الجمهورية السورية المنطقة عام \ 1944 القى علي قصيدة وطنية من نظمه امام الرئيس والحضور فنالت استحسانه واستحسان كل الحاضرين معه مما حدى بهم ان يرسلوه الى الدراسة في ثم في ( الليسيه الفرنسية ) في مدينة (طرطوس) وحفظ العديد من قصائد الشعراء القدامى ولما زار ثم انتقل الى مدينة ( اللاذقية ) فأكمل دراسته الإعدادية وأنهى المرحلة الثانوية في الثانوية الرسمية فيها وكان في بداية مرحلته الثانوية وحصل على الشهادة الجامعية في الفلسفة من الجامعة السورية في مدينة ( دمشق )عام \1954 ثم التحق بالخدمة العسكرية ثم اعتقل سنة كاملة بسبب انتمائه الى ( الحزب السوري القومي الاجتماعي ) مما اضطره الى مغادرة سوريا الى لبنان عام\ 1956 وهناك التقى بالشاعر(يوسف الخال ) حيث أصدرا معاً (مجلة شعر ) في مطلع عام\ 1957. ثم أصدر أدونيس مجلة( مواقف) في عام \1969 ثم حصل على الدكتوراه في الأدب العربي سنة\ 1973 من جامعة (القديس يوسف) في (بيروت ).
أثارت أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه ( الثابت والمتحول ) سجالاً طويلاً. بدءاً من عام 1955 وادى هذا السجال الى اشتهاره عربيا وعالميا فتكررت دعوته كأستاذ زائر إلى جامعات ومراكز عديدة للبحث في فرنسا والمانيا وسويسرا وامريكا .وحصل على عدد من الجوائز العالمية وألقاب التكريم وتُرجمت أعماله إلى ثلاث عشرة لغة.
اطلق على نفسه لقب (ادونيس ) تيمناً باسطورة ادونيس الفينيقية هو أحد ألقاب الآلهة في اللغة الكنعانية-الفينيقية، فالكلمة (أدون تعني سيد أو إله بالكنعانية مضاف إليها السين وهو علامة التذكيرباليونانية وهذا هو معشوق الآلهة عشتار كما تقل الروايات . وقد انتقلت أسطورة أدونيس للثقافة اليونانية وحبيبته صارت (أفروديت ). فهو يجسد الربيع والخصب لدى الكنعانين والإغريق. وكان يصور ها شاب رائع الجمال . فخرج ادونيس بهذا اللقب على تقاليد التسمية العربية . سيكون لذلك الشاب ذي السبعة عشر عاماً في دمشق سبقته شهرة الاسم، وشهرة قصائده، عندما يمّم نحوها، وكان عائداً لتوه من الخدمة العسكرية، وفي طريقه للالتحاق بالجامعة، وكانت خالدة سعيد الفتاة الشابة المتقدة ذكاء وحساً أدبياً، طالبة دار المعلمين في دمشق، قد قرأت بعض تلك القصائد وأخذت بها وبالاسم البراق يلمع تحتها، كان بيت المذيعة عبلة خوري يومئذٍ، قبلة للمثقفين والقوميين السوريين، فانفتح أمام أدونيس، وأمام البنت الذكية خالدة سعيد وشيئاً فشيئاً تكشفت للشاعر الحالم المتمرّد على كل شيء، قوة عقل تلك الفتاة، وأسرته رزانتها ودقة أفكارها، فرأى فيها ما يمكن أن يساعده على أعباء ثورته الأدبية التي بدأ يستكشف اتجاهاتها، ورأت هي فيه مشروع شاعر كبير وثوري من الطراز الاول و الرفيع، فسلمته زمامها، وتبعته في مذاهبه التي لم يكن يعرف إلى أين ستقوده، لكنه يعرف شيئاً واحداً، أنها ينبغي أن تزعزع كل شيء، وتتجاوز كل الحدود والخطوط الحمر.
وفي بيروت فُتحت لهما أبواب الثقافة على مصراعيها، فدخلا اليها بإخلاص واجتهاد، لا نظير له، دراسة وإبداعاً وتنظيراً. وفيها أكملا دراستهما الجامعية، وفيها انخرطا في التجربة الثورية لمجلة (شعر)التي اجتمع فيها شعراء الحداثة الشعرية كما اشرت وكانت خالدة في قلب ذلك الزخم الحداثي، فتزوج ها فانجب منها ابنتان هما ارواد ونينار وفيها يقول :.
حينما أُغرقُ في عينيكِ عيني,
ألمح الفجر العميقا
وأرى الأمس العتيقا
وأرى ما لست أدري,
وأحسّ الكون يجري
بين عينيكِ وبيني .
حصل ادونيس على جوائز كثيرة اهمها الجائزة الكبرى ببروكسل سنة 1986 ثم جائزة الإكليل الذهبي للشعر في جمهورية مقدونيا تشرين الأول 1997.
توفي ( ادونيس ) الشاعرالسوري المجدد بتاريخ الثامن والعشرين من شهر تشرين الثاني( نوفمبر )2014.
يعد ادونيس من الشعراء المجددين في الادب العربي والشعر بصورة خاصة ومن رواد الشعرالحديث فكتب الشعر الحر والمنثور بدلا من الشعرالتقليدي وقد التف حوله مجموعة من شعراء هذا النوع من الشعر اذكر منهم محمد الماغوط و انسي الحاج و ويوسف الخال وغيرهم . يقول في قصيدة له بعنوان (وطني في لاجئ) :
وليكنْ وجهيَ فيئًا!
دهْرٌ من الحجر العاشق يمشي حولي أنا
العاشق الأول للنار
تحبلُ النار أياميَ نارٌ أُنثى دَمٌ تحت
نهديها صليلٌ والإِبطُ آبارُ دمعٍ نهَرٌ تائهٌ وتلتصق
الشمس عليها كالثوبِ تزلقُ جرحٌ فَرَّعتْه
وشعشعَتْهُ ببَاهٍ وبهارٍ (هذا جنينُكِ?) أحزانيَ وَرْدٌ.
دخلتُ مدرسة العشب جبيني مُشقّقٌ ودمي يخلع
سلطانَه: تساءلتُ ما أفعلُ? هل أحزم المدينة
بالخبز? تناثرتُ في رواقٍ من النار اقتسمْنا
دمَ الملوكِ وجعْنا
نحمل الأزمنه
مازجين الحصى بالنجومْ
سائقين الغيومْ.
كقطيعٍ من الأحصنَه.
أدونيس من أكثر الشعراء العرب إثارة للجدل.كما يقول النقاد فقد استطاع بلورة منهج جديد في الشعر العربي يقوم بتوظيف اللغة الى قدر كبير من الإبداع والتجربة بحيث تسمو كتاباته على الاستخدامات التقليدية دون أن يخرج على اصول عن اللغة العربية الفصحى ومقاييسها النحوية.
استطاع أدونيس نقل الشعر العربي إلى العالمية. وقد رشحه النقاد لنيل جائزة ( نوبل ) للاداب لفترة طويلة الا انه لم ينلها كما أنه، بالإضافة لمنجزه الشعري، يُعدّ واحداً من أكثر الكتاب العرب إسهاما في المجالات الفكرية والنقدية.ويعد الشاعر العربي العالمي الأول. وكذلك كان رساما ونجد في شعره مهارة من رسمه في صورة شعرية رائعة يقول :
جالسٌ قربها
والستار الذي نسجتْه تباريحُنا مُسْدَلٌ.
قَامةُ الأفق مكسـورةُ الخصرِ،
والشمسُ تمضي الى نومِها.
مِشْطها، قلمُ الحبر، كرسيُّها، الفراشُ
على الأرض، أكداسُ أوراقِها -
كتباً ودفاترَ، بستانُ وردٍ
تتناثر أكمامهُ.
أتذكّر حتَّى كأني أرى الآنَ: ها بيتُها
يَتنهَّدُ، هَا شُرفاتُ النوافذ تُسلم أحضانَها
للمُريدِ المولَّه،
والشمس في أوّل اللَّيل،
تخلع آخر قمصانها.
حصل ادونيس على جوائز كثيرة اهمها الجائزة الكبرى ببروكسل سنة 1986 ثم جائزة الإكليل الذهبي للشعر في جمهورية مقدونيا تشرين الأول 1997.
ترك الشاعر السوري علي احمد سعيد اسبر ( ادونيس ) اثارا كثيرة بعد وفاته اثرت المكتبات العربية منها مايلي :
• قصائد أولى، دار الآداب، بيروت، 1988.
• أوراق في الريح، دار الآداب، بيروت، 1988.
• أغاني مهيار الدمشقي، دار الآداب، بيروت، 1988. قالت الأرض،
وقت بين الرماد والورد،
كتاب الحصار
• كتاب التحولات والهجرة في أقاليم النهار والليل، دار الآداب، بيروت، 1988.
• المسرح والمرايا، دار الآداب، بيروت، 1988.
• وقت بين الرماد والورد، دار الآداب، بيروت، 1980.
• هذا هو اسمي، دار الآداب، بيروت، 1980.
• منارات، دار المدى، دمشق 1976.
• مفرد بصيغة الجمع، دار الآداب، بيروت، 1988.
• كتاب القصائد الخمس، دار العودة، بيروت، 1979.
• كتاب الحصار، دار الآداب، بيروت، 1985.
• شهوة تتقدّم في خرائط المادة، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 1988.
• احتفاءً بالأشياء الغامضة الواضحة، دار الآداب، بيروت، 1988.
• أبجدية ثانية، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 1994.
• مفردات شعر، دار المدى، دمشق 1996.
• الكتاب الاول، دار الساقي، بيروت، 1995.
• الكتاب الثاني دار الساقي، بيروت، 1998.
• الكتاب الثالث دار الساقي، بيروت، 2002.
• فهرس لأعمال الريح، دار النهار، بيروت.
• أول الجسد آخر البحر، دار الساقي، بيروت، 2003.
• تنبّأ أيها الأعمى، دار الساقي، بيروت، 2003.
• تاريخ يتمزّق في جسد امرأة، دار الساقي، بيروت، 2007.
• ورّاق يبيع كتب النجوم، دار الساقي، بيروت، 2008.
• الأعمال الشعرية الكاملة، دار المدى، دمشق، 1996.
الكتاب الخطاب الحجاب 2009.
اما في مجال الدراسات فقد اصدر العديد من الكتب اهمها :
• مقدمة للشعر العربي، دار الفكر، بيروت، 1986.
• زمن الشعر، دار الساقي، بيروت، 2005.
• الثابت والمتحول، بحث في الإبداع والإتباع عند العرب،
. رمز الشعر،
. الصوفية والسريالية،
. النظام القرآني وآفاق الكتابة.
. تأصيل الأصول،
. صدمة الحداثة وسلطة الموروث الديني،
. صدمة الحداثة وسلطة الموروث الشعري،دار الساقي، بيروت، 2001.
• فاتحة لنهايات القرن، دار النهار، بيروت.
• سياسة الشعر، دار الآداب، بيروت 1985.
• الشعرية العربية، دار الآداب، بيروت 1985.
• كلام البدايات، دار الآداب، بيروت 1990.
• الصوفية والسوريالية، دار الساقي، بيروت 1992.
• النص القرآني وآفاق الكتابة، دار الآداب، بيروت 1993.
• النظام والكلام، دار الآداب، بيروت 1993.
• ها أنت أيها الوقت، (سيرة شعرية ثقافية)، دار الآداب، بيروت، 1993.
• موسيقى الحوت الأزرق، دار الآداب، بيروت، 2002.
• المحيط الأسود، دار الساقي، بيروت، 2005.
كونشيرتو القدس، بيروت - بلومبرغ - باريس تموز
كما قام بترجمة الكتب التالية الى العربية :
• حكاية فاسكو، وزارة الإعلام، الكويت، 1972.
• السيد بوبل، وزارة الأعلام، الكويت، 1972.
• مهاجر بريسبان، وزارة الإعلام، الكويت، 1973.
• البنفسج، وزارة الإعلام، الكويت، 1973.
• السفر، وزارة الإعلام، الكويت، 1975.
• سهرة الأمثال، وزارة الإعلام، الكويت، 1975.
• مسرح جورج شحادة، طبعة جديدة، بالعربية والفرنسية، دار النهار، بيروت.
• الأعمال الشعرية الكاملة لسان جون بيرس،
• منارات، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق، 1976. طبعة جديدة، دار المدى، دمشق.
• منفى، وقصائد أخرى، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق، 1978.
• (فهرس لأعمال الريح) دار كشب للشعر، تل أبيب، ترجمة إلى العبرية
• مسرح راسين
• فيدر ومأساة طيبة أو الشقيقان العدوان، وزارة الإعلام، الكويت، 1979.
• الأعمال الشعرية الكاملة لإيف بونفوا، وزارة الثقافة، دمشق، 1986.
• كتاب التحولات، أوفيد، المجمع الثقافي، أبوظبي، 2002.
• الأرض الملتهبة، دومينيك دوفيلبان، دار النهار، 2004.
وقام بالتعاون مع زوجته خالد سعيد باصدار الكتب التالية كمختارات من نتاج الشعراء والادباء الاخرين :
• مختارات من شعر يوسف الخال، دار مجلة شعر بيروت، 1962.
• ديوان الشعر العربي،
1. الكتاب الأول، المكتبة العصرية، بيروت، 1964.
2. الكتاب الثاني، المكتبة العصرية، بيروت، 1964.
3. الكتاب الثالث، المكتبة العصرية، بيروت، 1968.
ديوان الشعر العربي (ثلاثة أجزاء)، طبعة جديدة، دار المدى، دمشق، 1996.
• مختارات من شعر السياب، دار الآداب، بيروت، 1967.
• مختارات من شعر شوقي (مع مقدمة)
• مختارات من شعر الرصافي (مع مقدمة)،
• مختارات من الكواكبي (مع مقدمة)،
• مختارات من محمد عبده (مع مقدمة) بيروت، 1983.
• مختارات من محمد رشيد رضا (مع مقدمة)،
• مختارات من شعر الزهاوي (مع مقدمة
• مختارات من الإمام محمد بن عبد الوهاب بيروت، 1983.
اختم بحثي بهذه السطور الشعرية منه :
خَرَجَ الوردُ منْ حوضِه
لملاقاتها،
كانتِ الشمسُ عُريانةً
في الخريفِ، سِوَى خَيْطِ غيمٍ على خَصْرِها.
هكذا يُولَدُ الحبُّ
في القريةِ التي جئتُ مِنْها.
- 2 -
نهضتُ أسْألُ عَنْكِ الفجْرَ: هَلْ نَهضَتْ؟
رأيتُ وجهَكِ حولَ البيتِ مرتَسِماً
في كلِّ غصْنٍ. رميْتُ الفجرَ عن كَتِفي:
جاءَتْ
أمِ الحلمُ أغواني؟ سألتُ ندىً
على الغصونِ، سألتُ الشمسَ هَلْ قَرأَتْ
خُطاكِ؟ أينَ لمسْتِ البابَ؟
كيفَ مَشى
الى جوارِكِ ورْدُ البيتِ والشجرُ؟
أكادُ أشطرُ أيّامي وأنْشَطِرُ:
دَمي هناكَ وجسمي هَا هُنا - ورقٌ
يجرُّهُ في هَشيمِ العالَمِ الشَّررُ.
- 3 -
صامتٌ ليلُنا.
مِنْ هُنا زهرٌ ينحني
مِـنْ هنـالك ما يُشبـه التَّلَعثُمَ.
لا رَجَّةٌ. لا افْتِتانْ.
ليلُنا يتنهّد في رئتَيْنا
والنوافذ تُطبِق أهدابَها.
- تقرأين؟
- ضع الشايَ. ضوءٌ
يتسرّبُ مِنْ جسدينا الى جسدينا
ويغيّر وجْهَ المكانْ.
- 4 -
هكذا - في عناق الطّبيعةِ والطَّبْعِ، نعصفُ أو نَهْدأُ
لا قرارٌ، ولا خِطَّةٌ، - عَفْوَ أعضائِنا،
ننتهي، نَبْدأُ.
جسدانا
كوكبٌ واحِدٌ.
نتبادَلُ أحزانَنا
نتبادل أحشاءَنا،
جسدانا دَمٌ واحِدٌ.
نحن صِنْوانِ في الجرحِ، مفتاحُ أيّامِنا
ومفتاحُ أفراحِنا وأَحزانِنا،
جَسدانا.
- 5 -
فَكَّتِ الأرضُ أَزْرارَها، وسارَتْ
حُرَّةً في خُطانَا،
عندما سألَتْنا وقلنا:
نعرف الحبَّ يا أرضَنا. جَبَلْنا
طينَنا مِن هَباءِ مسافاتِهِ، وجَبَلْنَا
فتنةَ القمر المتشرّد في طَمْثهِ بأوجاعِنا،
ورسَمْنا
كُلَّ ما لا يُرى مِن تقاطيعهِ،
بتقاطيعِنا.
هي ذي أرضُنا، -
نتوقّعُ أن يعشقَ الحبُّ أسماءَه
كيفما دُوِّنَتْ
في دفاتر أيّامِها.
- 6 -
نَهَرٌ - مِنْجَمٌ
نهرٌ غامرٌ
يتلبّس أعضاءنا
ويسافر فيها -
يدخلُ البحرُ فيه
تخرجُ الأرضُ منه،
والبقيةُ لا تُفهَمُ.
لا أحدّدُ لا أرسمُ
الدخول الى ليل حبي مضيءٌ
والخروج هو المعتمُ.
امير البيان العربي
د فالح نصيف الكيلاني
العراق- ديالى - بلدروز
*******************************