عبد الحميد بن باديس
ترجمة الشيخ العلاّمة عبد الحميد ابن باديس رحم الله
هو الإمام المصلح المجدّد الشيخ عبد الحميد بن محمّد بن المصطفى بن المكّي بن باديس القسنطيني الجزائري، رئيس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر، ورائد النهضة الفكرية والإصلاحية والقدوة الروحية لحرب التحرير الجزائرية.
وُلد عبد الحميد بن محمد بن المصطفى بن المكي بن باديس الجزائري بقسنطينة سنة 1889م وسط أسرة من أكبر الأسر القسنطينية، مشهورة بالعلم والفضل والثراء والجاه، عريقة في التاريخ، يمتدّ نسبها إلى المعزّ بن باديس الصنهاجي، فهو في مقابل اعتزازه بالعروبة والإسلام لم يُخْفِ أصله الأمازيغي، بل كان يُبدِيه ويُعْلِنُهُ وقد أتمّ حفظ القرآن الكريم في أوّل مراحل تعلّمه بقسنطينة في السنة الثالثة عشر من عمره، على يد الشيخ( محمّد المدّاسي) وتقُدم لصلاة التراويح اماما بالناس على صغره، وأخذ مبادئ العربية ومبادئ الإسلام على يد شيخه (حَمدان لُونِيسي )وقد أثّر فيه القرآن الكريم وهزّ كيانه ليكرّس فيه بعد ذلك ربع قرن من حياته في محاولة إرجاع الأمّة الجزائرية إلى هذا المصدر والنبع الرباني بما يحمله من حقيقة توحيدية وهداية أخلاقية، وهو طريق الإصلاح والنهوض الحضاري.
في سنة 1908 التحق الشيخ عبد الحميد بجامع الزيتونة بتونس، فأخذ عن جماعة من كبار علمائها الأجلاّء، وفي طليعتهم زعيم النهضة الفكرية والإصلاحية في تونس العلاّمة (محمّد النخلي القيرواني ) والشيخ (محمّد الطاهر بن عاشور) اضافة الى مربين آخرين من المشايخ الذين كان لهم تأثير في نمو عقليته و استعداده لتقبل العلوم وتعهّدوه بالتوجيه والتكوين منهم (البشير صفر) و(سعد العياض السطايفي) و(محمّد بن القاضي) وغيرهم، وقد سمحت له هذه الفترة بالاطلاع على العلوم الحديثة وعلى ما يجري في البلدان العربية والإسلامية من إصلاحات دينية وسياسية، في مصر وفي الشام والعراق وغيرها ممّا كان لهذا المحيط العلمي والبيئة الاجتماعية والملازمات المستمرّة لرجال العلم والادب والإصلاح الأثر البالغ في تكوين شخصيته ومنهاجه في الحياة.
وبعد تخرّجه وتأهيله بشهادة التطويع سنة 1912 عاد من تونس متأهّبًا بطموح قويٍّ للتفرّغ للتدريس الممثّل في بدايته بعقد حلقات دراسية بالجامع الكبير، غير أنّ صعوبات واجهته في بداية نشاطه العلمي حالت دون تحقيق طموحه وآماله، وبعد طول تأمّل رأى من المفيد تزامنًا مع موسم الحجّ أن يؤدّي فريضة الحج مغتنمًا الفرصة في رحلته المشرقية للاتصال بالعلماء والمفكّرين من مختلف أنحاء العالم الإسلامي الأمر الذي يسمح له بالاحتكاك المباشر وتبادل الرأي معهم، والتعرّف على مواقع الفكر الإصلاحي، فضلاً عن الاطلاع على حقيقة الأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية السائدة في المشرق العربي. وفي أثناء تواجده بالحجاز حضر لدروس العلماء من مختلف البلدان الوافدين إلى هذه البقاع المقدّسة كالشيخ (حسين الهندي) الذي نصحه بالعودة إلى بلاده لاحتياجها إلى علمه وفكره، وقد حظي بإلقاء دروس بالمسجد النبوي من بعض الشيوخ الذين كانوا يعرفون مستواه، وقد تعرّف على كثير من شباب العائلات الجزائرية المهاجرة مثل (محمّد البشير الإبراهيمي) وقد استفاد الشيخ عبد الحميد بن باديس من التيارات الفكرية ومدارس الإصلاح الديني بالمشرق التي ظهرت في العالم الإسلامي وبعد عودته إلى قسنطينة سنة 1913 ساهم في بلورة الفكر الإصلاحي ميدانيًّا وتطبيق مناهجه التربوية عمليًّا، ساعده زملاؤه الأفاضل من العلماء الذين شَدُّوا عَضُدَه وَقَوَّوْا زناده، فكان تعاونهم معه في هذه المهمّة الملقاة على عاتق الدعاة إلى الله تعالى منذ فجر النهضة العربية دافعًا قويًّا وعاملاً في انتشار دعوته و سطوع نجمه، وذيع صيته، ، كما ساعده أيضًا الواقع الذي كانت تمرّ به الجزائر بين الحربين العالميتين.
وقد شرع ابن باديس رحمه الله تعالى في العمل التربوي، وانتهج في دعوته منهجًا يوافق الفكر الإصلاحي في البعد والغاية، وإن كان له طابع خاص في السلوك والعمل يقوم على ثلاثة محاور أساسية، الاول إصلاح عقيدة الجزائريين ببيان التوحيد لذلك ظهرت عنايته الأكيدة بتربية الجيل على القرآن وتعليم أصول الدين وعقائده من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، إذ كان همّه تكوين رجال قرآنيين يوجّهون التاريخ ويُغيّرون الأمّة، وقد تجلّى ذلك في بعض مقالاته حيث يقول
رحمه الله: «فإنّنا والحمد لله نربي تلامذتنا على القرآن من أول يوم، ونوجّه نفوسهم إلى القرآن في كلّ يوم…».
- أمّا المحور الثاني فيتمثّل في إصلاح عقلية الجزائريين، بإصلاح العقول بالتربية والتعليم، ولتكوين أجيال قائدة في الجزائر، تعمل على بعث نهضة شاملة تخرج بها من حالة الجمود والركود إلى الحيوية والنشاط، وقد كان يرى أنّ تحقيق هذه النهضة المنشودة يتوقّف بالدرجة الأولى على إصلاح الفرد الجزائري وبعث الروح الوطنية فيه من الناحية الفكرية والنفسية.
- والمحور الثالث يظهر في إصلاح أخلاق الجزائريين، حيث ان هذا الميدان قد تدهور كثيرًا نتيجة لفساد العقول وفساد العقيدة الدينية كنتيجة لقرب الجزائر من فرنسا وما قامت به من احتلال للجزائر وماولة فرنسة الاوضاع واللغة فيها وطمس المعالم العربية والاسلامية منها وقد كانت عنايته بالغة من داخل الفرد بتطهير الباطن الذي هو أساس الظاهر، وتهذيب النفوس وتزكيتها وإنارة العقول وتقويم الأعمال، وإصلاح العقيدة
باشر عمله ونشاطه الاصلاحي جاعلا من المسجد منطلقا فاهتم بتعليم الصغار وتوعية الكبار واتخد من الصحافة وسيلة أخرى لنشر الوعي الديني والسياسي حارب الخرافات والبدع ورفض فكرة ادماج الجزائر بفرنسا في وقت الاحتلال الفرنسي وأعتبر كل من تجنس بالجنسية الفرنسية مرتدا
بدأ الشيخ عبد الحميد بن باديس مهمته الإصلاحية بعد أن نضج وعيه الإسلامي و تأثر بأفكار الجامعة الإسلامية ، و أدرك أن طريق الإصلاح يبدأ بالتعليم لأنه لا يمكن للشعب الجاهل أن يفهم معنى التحرر و محاربة الاستعمار ، لذلك باشر بن باديس تأسيس المدارس و تولّى بنفسه مهمة التعليم ، و ركزّ على تعلم الكبار بفتح مدارس خاصة لمحو الأمية ، كما اهتم بالمرأة من خلال المطالبة بتعليم الفتيات إذ أنشأ أول مدرسة للبنات بقسنطينة سنة 1918 ، واعتبر تعليم المرأة من شروط نهضة المجتمع تعليم المرأة لا يعني تجاوز التقاليد و الأخلاق الإسلامية .وسع بن باديس نشاطه ليفتتح عدة مدارس في جهات مختلفة
ساهم في فتح النوادي الثقافية مثل نادي الترقي بالعاصمة الجزائر
، وساعد على تأسيس الجمعيات المسرحية
اشرف على عدة مجلات منها المنفذ والشهاب و البصائر وعمل على تفسير القرأن الكريم وفي سنة 1931 كان من اشهر العلماء البارزين المتحمسين في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
كان عبد الحميد بن باديس مفكرا ومرشدا ومربيا سخر كل طاقاته المادية والبشرية لاصلاح أحوال المجتمع الجزائري وللحفاظ على الهوية الجزائرية الاسلام وكان منهجه الاصلاحي ينبثق من الثلاثية (الاسلام ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا ) تصدى لفكرة الادماج عن طريق اصدار الفتاوى ونجح في بناء جيل ساهم بقوة في اذكاء ثورة تشرين الثاني عام 1954
كان عالما دينيا وشيخا فاضلا سخر كل جهوده في نهوض شعب الجزائر البطل وبث روح الثقافة العربية والنهضوية والاسلامية في نفوس السباب وغرسها في قلوبهم
توفي الامام في 16 نيسان 1940 وأعتبر يوم وفاته يوم العلم احياءا لذكرى وفاته اذ انه أحد أبناء وأبطال الجزائر العربية باديس رحم الله الإمام المصلح المجدّد الشيخ عبد الحميد بن باديس القسنطيني الجزائري فقد رئيسا لجمعية العلماء المسلمين بالجزائر، ورائد النهضة الفكرية والإصلاحية والقدوة الروحية لحرب التحرير الجزائرية
انشد الكثير من الشعر في الدين والسياسة والاجتماع وكان شعره هادفا غلبت عليه السمة الدينية ومن شعره هذه القصيدة التي يعرف بها الشعب الجزائري بعروبته وردا قاطعا للفرنسة ودعاتها الظالمين ويدعوه للثورة والحياة
شَعْـبُ الجـزائرِ مُـسْـلِـمٌ
وَإلىَ الـعُـروبةِ يَـنتَـسِـبْ
مَنْ قَــالَ حَـادَ عَنْ أصْلِـهِ
أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَقَدْ كَـذبْ
أَوْ رَامَ إدمَــاجًــا لَــهُ
رَامَ الـمُحَـال من الطَّـلَـبْ
يَانَشءُ أَنْـتَ رَجَــاؤُنَــا
وَبِـكَ الصَّبـاحُ قَـدِ اقْـتَربْ
خُـذْ لِلحَـيـاةِ سِلاَحَـهـا
وَخُـضِ الخْـطُـوبَ وَلاَ تَهبْ
وَاْرفعْ مَـنـارَ الْـعَـدْلِ وَالإ
حْـسـانِ وَاصْـدُمْ مَـن غَصَبْ
وَاقلَعْ جُـذورَ الخَـــائـنينَ
فَـمـنْـهُـم كُلُّ الْـعَـطَـبْ
وَأَذِقْ نفُوسَ الظَّــالـمِـينَ
سُـمًّـا يُـمْـزَج بالـرَّهَـبْ
وَاهْـزُزْ نـفـوسَ الجَـامِدينَ
فَرُبَّـمَـا حَـيّ الْـخَـشَـبْ
مَنْ كَــان يَبْغـي وَدَّنَــا
فَعَلَى الْكَــرَامَــةِ وَالـرّحبْ
أوْ كَـــانَ يَبْغـي ذُلَّـنـَا
فَلَهُ الـمـَهَـانَـةُ والـحَـرَبْ
هَـذَا نِـظـامُ حَـيَـاتِـنَـا
بالـنُّـور ِ خُــطَّ وَبِاللَّـهَـبْ
حتَّى يَعودَ لـقَــومــنَـا
من مَجِــدِهم مَــا قَدْ ذَهَبْ
هَــذا لكُمْ عَـهْــدِي بِـهِ
حَتَّى أوَسَّــدَ في الـتُّـرَبْ
فَــإذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحـتـي
تَحيـَا الجَـزائـرُ وَ الْـعـرَبْ
1 *******************************
ترجمة الشيخ العلاّمة عبد الحميد ابن باديس رحم الله
هو الإمام المصلح المجدّد الشيخ عبد الحميد بن محمّد بن المصطفى بن المكّي بن باديس القسنطيني الجزائري، رئيس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر، ورائد النهضة الفكرية والإصلاحية والقدوة الروحية لحرب التحرير الجزائرية.
وُلد عبد الحميد بن محمد بن المصطفى بن المكي بن باديس الجزائري بقسنطينة سنة 1889م وسط أسرة من أكبر الأسر القسنطينية، مشهورة بالعلم والفضل والثراء والجاه، عريقة في التاريخ، يمتدّ نسبها إلى المعزّ بن باديس الصنهاجي، فهو في مقابل اعتزازه بالعروبة والإسلام لم يُخْفِ أصله الأمازيغي، بل كان يُبدِيه ويُعْلِنُهُ وقد أتمّ حفظ القرآن الكريم في أوّل مراحل تعلّمه بقسنطينة في السنة الثالثة عشر من عمره، على يد الشيخ( محمّد المدّاسي) وتقُدم لصلاة التراويح اماما بالناس على صغره، وأخذ مبادئ العربية ومبادئ الإسلام على يد شيخه (حَمدان لُونِيسي )وقد أثّر فيه القرآن الكريم وهزّ كيانه ليكرّس فيه بعد ذلك ربع قرن من حياته في محاولة إرجاع الأمّة الجزائرية إلى هذا المصدر والنبع الرباني بما يحمله من حقيقة توحيدية وهداية أخلاقية، وهو طريق الإصلاح والنهوض الحضاري.
في سنة 1908 التحق الشيخ عبد الحميد بجامع الزيتونة بتونس، فأخذ عن جماعة من كبار علمائها الأجلاّء، وفي طليعتهم زعيم النهضة الفكرية والإصلاحية في تونس العلاّمة (محمّد النخلي القيرواني ) والشيخ (محمّد الطاهر بن عاشور) اضافة الى مربين آخرين من المشايخ الذين كان لهم تأثير في نمو عقليته و استعداده لتقبل العلوم وتعهّدوه بالتوجيه والتكوين منهم (البشير صفر) و(سعد العياض السطايفي) و(محمّد بن القاضي) وغيرهم، وقد سمحت له هذه الفترة بالاطلاع على العلوم الحديثة وعلى ما يجري في البلدان العربية والإسلامية من إصلاحات دينية وسياسية، في مصر وفي الشام والعراق وغيرها ممّا كان لهذا المحيط العلمي والبيئة الاجتماعية والملازمات المستمرّة لرجال العلم والادب والإصلاح الأثر البالغ في تكوين شخصيته ومنهاجه في الحياة.
وبعد تخرّجه وتأهيله بشهادة التطويع سنة 1912 عاد من تونس متأهّبًا بطموح قويٍّ للتفرّغ للتدريس الممثّل في بدايته بعقد حلقات دراسية بالجامع الكبير، غير أنّ صعوبات واجهته في بداية نشاطه العلمي حالت دون تحقيق طموحه وآماله، وبعد طول تأمّل رأى من المفيد تزامنًا مع موسم الحجّ أن يؤدّي فريضة الحج مغتنمًا الفرصة في رحلته المشرقية للاتصال بالعلماء والمفكّرين من مختلف أنحاء العالم الإسلامي الأمر الذي يسمح له بالاحتكاك المباشر وتبادل الرأي معهم، والتعرّف على مواقع الفكر الإصلاحي، فضلاً عن الاطلاع على حقيقة الأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية السائدة في المشرق العربي. وفي أثناء تواجده بالحجاز حضر لدروس العلماء من مختلف البلدان الوافدين إلى هذه البقاع المقدّسة كالشيخ (حسين الهندي) الذي نصحه بالعودة إلى بلاده لاحتياجها إلى علمه وفكره، وقد حظي بإلقاء دروس بالمسجد النبوي من بعض الشيوخ الذين كانوا يعرفون مستواه، وقد تعرّف على كثير من شباب العائلات الجزائرية المهاجرة مثل (محمّد البشير الإبراهيمي) وقد استفاد الشيخ عبد الحميد بن باديس من التيارات الفكرية ومدارس الإصلاح الديني بالمشرق التي ظهرت في العالم الإسلامي وبعد عودته إلى قسنطينة سنة 1913 ساهم في بلورة الفكر الإصلاحي ميدانيًّا وتطبيق مناهجه التربوية عمليًّا، ساعده زملاؤه الأفاضل من العلماء الذين شَدُّوا عَضُدَه وَقَوَّوْا زناده، فكان تعاونهم معه في هذه المهمّة الملقاة على عاتق الدعاة إلى الله تعالى منذ فجر النهضة العربية دافعًا قويًّا وعاملاً في انتشار دعوته و سطوع نجمه، وذيع صيته، ، كما ساعده أيضًا الواقع الذي كانت تمرّ به الجزائر بين الحربين العالميتين.
وقد شرع ابن باديس رحمه الله تعالى في العمل التربوي، وانتهج في دعوته منهجًا يوافق الفكر الإصلاحي في البعد والغاية، وإن كان له طابع خاص في السلوك والعمل يقوم على ثلاثة محاور أساسية، الاول إصلاح عقيدة الجزائريين ببيان التوحيد لذلك ظهرت عنايته الأكيدة بتربية الجيل على القرآن وتعليم أصول الدين وعقائده من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، إذ كان همّه تكوين رجال قرآنيين يوجّهون التاريخ ويُغيّرون الأمّة، وقد تجلّى ذلك في بعض مقالاته حيث يقول
رحمه الله: «فإنّنا والحمد لله نربي تلامذتنا على القرآن من أول يوم، ونوجّه نفوسهم إلى القرآن في كلّ يوم…».
- أمّا المحور الثاني فيتمثّل في إصلاح عقلية الجزائريين، بإصلاح العقول بالتربية والتعليم، ولتكوين أجيال قائدة في الجزائر، تعمل على بعث نهضة شاملة تخرج بها من حالة الجمود والركود إلى الحيوية والنشاط، وقد كان يرى أنّ تحقيق هذه النهضة المنشودة يتوقّف بالدرجة الأولى على إصلاح الفرد الجزائري وبعث الروح الوطنية فيه من الناحية الفكرية والنفسية.
- والمحور الثالث يظهر في إصلاح أخلاق الجزائريين، حيث ان هذا الميدان قد تدهور كثيرًا نتيجة لفساد العقول وفساد العقيدة الدينية كنتيجة لقرب الجزائر من فرنسا وما قامت به من احتلال للجزائر وماولة فرنسة الاوضاع واللغة فيها وطمس المعالم العربية والاسلامية منها وقد كانت عنايته بالغة من داخل الفرد بتطهير الباطن الذي هو أساس الظاهر، وتهذيب النفوس وتزكيتها وإنارة العقول وتقويم الأعمال، وإصلاح العقيدة
باشر عمله ونشاطه الاصلاحي جاعلا من المسجد منطلقا فاهتم بتعليم الصغار وتوعية الكبار واتخد من الصحافة وسيلة أخرى لنشر الوعي الديني والسياسي حارب الخرافات والبدع ورفض فكرة ادماج الجزائر بفرنسا في وقت الاحتلال الفرنسي وأعتبر كل من تجنس بالجنسية الفرنسية مرتدا
بدأ الشيخ عبد الحميد بن باديس مهمته الإصلاحية بعد أن نضج وعيه الإسلامي و تأثر بأفكار الجامعة الإسلامية ، و أدرك أن طريق الإصلاح يبدأ بالتعليم لأنه لا يمكن للشعب الجاهل أن يفهم معنى التحرر و محاربة الاستعمار ، لذلك باشر بن باديس تأسيس المدارس و تولّى بنفسه مهمة التعليم ، و ركزّ على تعلم الكبار بفتح مدارس خاصة لمحو الأمية ، كما اهتم بالمرأة من خلال المطالبة بتعليم الفتيات إذ أنشأ أول مدرسة للبنات بقسنطينة سنة 1918 ، واعتبر تعليم المرأة من شروط نهضة المجتمع تعليم المرأة لا يعني تجاوز التقاليد و الأخلاق الإسلامية .وسع بن باديس نشاطه ليفتتح عدة مدارس في جهات مختلفة
ساهم في فتح النوادي الثقافية مثل نادي الترقي بالعاصمة الجزائر
، وساعد على تأسيس الجمعيات المسرحية
اشرف على عدة مجلات منها المنفذ والشهاب و البصائر وعمل على تفسير القرأن الكريم وفي سنة 1931 كان من اشهر العلماء البارزين المتحمسين في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
كان عبد الحميد بن باديس مفكرا ومرشدا ومربيا سخر كل طاقاته المادية والبشرية لاصلاح أحوال المجتمع الجزائري وللحفاظ على الهوية الجزائرية الاسلام وكان منهجه الاصلاحي ينبثق من الثلاثية (الاسلام ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا ) تصدى لفكرة الادماج عن طريق اصدار الفتاوى ونجح في بناء جيل ساهم بقوة في اذكاء ثورة تشرين الثاني عام 1954
كان عالما دينيا وشيخا فاضلا سخر كل جهوده في نهوض شعب الجزائر البطل وبث روح الثقافة العربية والنهضوية والاسلامية في نفوس السباب وغرسها في قلوبهم
توفي الامام في 16 نيسان 1940 وأعتبر يوم وفاته يوم العلم احياءا لذكرى وفاته اذ انه أحد أبناء وأبطال الجزائر العربية باديس رحم الله الإمام المصلح المجدّد الشيخ عبد الحميد بن باديس القسنطيني الجزائري فقد رئيسا لجمعية العلماء المسلمين بالجزائر، ورائد النهضة الفكرية والإصلاحية والقدوة الروحية لحرب التحرير الجزائرية
انشد الكثير من الشعر في الدين والسياسة والاجتماع وكان شعره هادفا غلبت عليه السمة الدينية ومن شعره هذه القصيدة التي يعرف بها الشعب الجزائري بعروبته وردا قاطعا للفرنسة ودعاتها الظالمين ويدعوه للثورة والحياة
شَعْـبُ الجـزائرِ مُـسْـلِـمٌ
وَإلىَ الـعُـروبةِ يَـنتَـسِـبْ
مَنْ قَــالَ حَـادَ عَنْ أصْلِـهِ
أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَقَدْ كَـذبْ
أَوْ رَامَ إدمَــاجًــا لَــهُ
رَامَ الـمُحَـال من الطَّـلَـبْ
يَانَشءُ أَنْـتَ رَجَــاؤُنَــا
وَبِـكَ الصَّبـاحُ قَـدِ اقْـتَربْ
خُـذْ لِلحَـيـاةِ سِلاَحَـهـا
وَخُـضِ الخْـطُـوبَ وَلاَ تَهبْ
وَاْرفعْ مَـنـارَ الْـعَـدْلِ وَالإ
حْـسـانِ وَاصْـدُمْ مَـن غَصَبْ
وَاقلَعْ جُـذورَ الخَـــائـنينَ
فَـمـنْـهُـم كُلُّ الْـعَـطَـبْ
وَأَذِقْ نفُوسَ الظَّــالـمِـينَ
سُـمًّـا يُـمْـزَج بالـرَّهَـبْ
وَاهْـزُزْ نـفـوسَ الجَـامِدينَ
فَرُبَّـمَـا حَـيّ الْـخَـشَـبْ
مَنْ كَــان يَبْغـي وَدَّنَــا
فَعَلَى الْكَــرَامَــةِ وَالـرّحبْ
أوْ كَـــانَ يَبْغـي ذُلَّـنـَا
فَلَهُ الـمـَهَـانَـةُ والـحَـرَبْ
هَـذَا نِـظـامُ حَـيَـاتِـنَـا
بالـنُّـور ِ خُــطَّ وَبِاللَّـهَـبْ
حتَّى يَعودَ لـقَــومــنَـا
من مَجِــدِهم مَــا قَدْ ذَهَبْ
هَــذا لكُمْ عَـهْــدِي بِـهِ
حَتَّى أوَسَّــدَ في الـتُّـرَبْ
فَــإذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحـتـي
تَحيـَا الجَـزائـرُ وَ الْـعـرَبْ
1 *******************************