مفـــدى زكريــــــا
هو الشيخ زكرياء بن سليمان بن يحيى بن الشيخ سليمان بن الحاج عيسى .
ولد في قرية (بني يزقن) التابعة الى ( وادي مزاب ) بولاية (بغرداية) في احد القصورالسبعة في جنوب الجزائر يوم الجمعة الموافق الثاني عشر من حزيران ( يونيو ) 1908
بدا حياته التعلمية في الكتّاب بمسقط رأسه فحصل على شيء من علوم الدين واللغة العربية والقرآن الكريم حيث كان والده يمارس التجارة بالمدينة ثم انتقل الى مدينة ( عنابة ) لمواصلة دراسته بالعربية والفرنسية ثم رحل إلى( تونس) وأكمل دراسته ب ( المدرسة الخلدونية ) وثم اكمل دراسته في جامعة (الزيتونة) ونال شهاداتها .
أوّل قصيدة له (إلى الريفيّين) نشرها في جريدة (لسان الشعب ) وجريدة ( الصواب ) التونسيتين بتاريخ السدس من مايو (ايار )1925 عندما كان طالبا في تونس ثمّ في صحيفة (اللواء)، وصحيفة (الأخبار) المصريتين. ثم اخذ يواكب الحركة الوطنيّة بشعره وبنضاله على مستوى المغرب العربيّ فانخرط في صفوف الشبيبة الدستوريّة، في فترة دراسته بتونس، فاعتقل لمدّة نصف شهر، كما شارك مشاركة فعّآلة في مؤتمرات طلبة شمال إفريقيا؛ وعلى مستوى الحركة الوطنيّة الجزائريّة مناضلا في( حزب نجم شمال إفريقيا)، فقائدا من أبرز قادة حزب الشعب الجزائريّ، فكان أن أودع السجن لمدّة سنتين 1937-1939
ثم عاد إلى وطنه الجزائر وكانت له مشاركة فعالة في الحركة الأدبية والسياسية ولقبه زميله (الفرقد سليمان ابو جناح ) زميل البعثة الميزابية والدراسة (مفدى ) واصبح لقبه الادبي ( مفدي زكريا ) فاشتهر به وكان يوقع اشعاره وقصائده باسم ( ابن تومرت ) ولما قامت الثورة الجزائرية ضد الاستعمارالفرنسي انضم إليها بفكره وقلمه فكان شاعر الثورة ينشد لها ويرد د أناشيدها ومنها الياذة الجزائر واسماها (نشيد الشهيد) يقول فيها:
جزائر يا مطلع المعجزات ويا حجة الله في الكائنات
ويا بسمة الرب في أرضه وياوجهه الضاحك القسمات
ويا وجهه في سجل الخلود تموج بها الصور الحالمات
ويا قصة بث فيها الوجود معاني السمو بروع الحياة
ويا صفحة خط فيها البقاء بنار ونور جهاد الأباة
ويا للبطولات تغزو الدنا وتلهمها القيم الخالدات
ويا أسطورة رددتها القرون فهاجت بأعماقنا الذكريات
ويا تربة تاه فيها الجلال فتاهت بها القمم الشامخات
وألقى النهاية فيها الجمال فهمنا بأسرارها الفاتنات
وأهوى على قدميها الزمان فاهوى على قدميها الطغاة
وانضم عضوا في جبهة التحرير في اوائل ثلاثينيات القرن الماضي والى ( جمعية طلبة شمال افريقيا ) والى ( حزب نجمة افريقيا الشمالية ) والى ( جمعية الانتصار ) والى ( حزب الشعب ) في الجزائر الذي اصبح امينا عاما له ورئيسا لتحرير صحيفة (الشعب ) الناطقة باسم الحزب والداعية لاستقلال الجزائرسنة \1937مما جعل فرنسا تزج به في السجن عدة مرات ثم فر من السجن سنة 1959 فأرسلته الجبهة خارج الحدود، فجال في العالم العربي وعرّف بالثورة الجزائرية .
واكب شعر مفدي زكرياء حماسة الواقع الجزائري، بل الواقع في المغرب العربي في كل مراحل الكفاح منذ سنة 1925م حتى سنة 1977م، داعياً إلى الوحدة بين أقطارها فهو شاعر وطني ملتزم يقول :
تونس والجزائر اليوم، والمغرب
شعب لن يستطيع انفصالا
وحدة أحكم الإله سداها،
من يرد قطعه أراد محالا
نبتت من أب كريم وأم سمت
في الحياة عما وخالا
نصبوا بينها حدودا من ال.
. ألواح، جهلا وخدعة، وضلالا
فاجعلوا إن أردتم الكون س
.دا، وضعوا البحر بيننا والجبالا
نحن روح مزاجه الضاد والد
ين، فلن يستطيع قط انحلالا
كلما رمتم افتراقا قربنا
وعقدنا محبة واتصالا
أوّل قصيدة له ذات شأن هي (إلى الريفيّين)نشرها في جريدة (لسان الشعب ) وجريدة ( الصواب ) التونسيتين بتاريخ السدس من مايو (ايار )1925 عندما كان طالبا في تونس ثمّ في صحيفة (اللواء)، وصحيفة (الأخبار) المصريتين. ثم اخذ يواكب الحركة الوطنيّة بشعره وبنضاله على مستوى المغرب العربيّ فانخرط في صفوف الشبيبة الدستوريّة، في فترة دراسته بتونس، فاعتقل لمدّة نصف شهر، كما شارك مشاركة فعّآلة في مؤتمرات طلبة شمال إفريقيا؛ وعلى مستوى الحركة الوطنيّة الجزائريّة مناضلا في( حزب نجم شمال إفريقيا)، فقائدا من أبرز قادة حزب الشعب الجزائريّ، فكان أن أودع السجن لمدّة سنتين 1937-وفي السجن هذه المرة كتب ( نشيد الشهيد) وقد طلبت جبهة التحرير الجزائرية من كل المحكوم عليهم بالاعدام ان يردد هذا النشيد قبل ان يضع حبل المشنقة في عنقه ويقول فيه:
شربت العقيدة حتى الثمالة فأسلمت وجهي لرب الجلاله
ولولا ا لوفاء لإسلامنا لما قرر الشعب يوما مآله
ولولا استقامة أخلاقن لما أخلص الشعب يوما نضاله
ولولا تحالف شعب ورب لما حقق الرب يوما سؤاله
هو الدين يغمر أرواحنا بنور اليقين ويرسي العداله
ويقول ايضا :
جزائر يا بدعة الفاطـــر و يا روعة الصانع القـــــــــادر
و يا بابل السحر ، من وحيهـا تلقب هاروت بالساحــــــــــر
و يا جنة غار منها الجنـــــــان و أشغله الغيب بالحاضـــــــر
و يا لجة يستحم الجمـ ــــا ل و يسبح في موجها الكافر
و يا ومضة الحب في خاطري و إشراقة الوحي للشاعـــــر
و يا ثورة حار فيها الزمـــــــان و في شعبها الهادئ الثائـــر
و يا وحدة صهرتها الخطــــــو ب فقامت على دمها الفائـــر
و يا همة ساد فيها الحجــى فلم تك تقنع بالظاهـــــــــــــر
و يا مثلاً لصفاء الضميــــــــــر يجل عن المثل السٌائـــــــــــر
سلام على مهرجان الخلــود سلام على عيدك العاشـــــر
شغلنا الورَى ، و ملأنا الدنا بشعر نرتله كالصٌــــــــــلاة
تسَابيحه من حَنايَا الجزائر
وفي أثناء تواجده بتونس واختلاطه بالأوساط الطلّابية هناك، تطوّرت علاقته ب(أبي اليقظان) وبالشاعر (رمضان حمود) ، وبعد عودته إلى الجزائر أصبح عضوا نشطا في جمعية طلبة مسلمي شمال إفريقيا المناهضة لسياسة الإدماج، إلى جانب ميوله إلى حركة الإصلاح التي تمثلها جمعية العلماء. انخرط في صفوف حركة الانتصار للحريات الديمقراطية، انضم إلى الثورة التحريرية فيسنة 1954 وشهد الاعتقال مجدّدا في نيسان(أبريل 1956( سجن بسجن بربروس (سركاجي حاليا) مدة 3 سنوات وبعد خروجه من السجن فرّ إلى المغرب ثم إلى تونس أين ساهم في تحرير جريدة المجاهد إلى غاية الاستقلال. اشتهر مفدي زكريا بكتابة ديوانه (اللهب المقدس )، وكتابة النشيد الوطني للجزائر (قسما ..) ألفه في السجن وكتبه بدم يده وتكريما له ولروعته :
قسماً بالنازلات الماحــقـاتْ
و الدماء الزاكيات الطاهراتْ
و البنود اللاّمعات الخـافـقاتْ
في الجبال الشامخات الشاهقاتْ
نحن ثرنا فـحيـاةٌ أوممـاتْ
و عقدْنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا....
نحن جندٌ في سـبيل الحق ثرنا
و إلى استقلالنا بـالحرب قُمنا
لم يكن يُصغى لنا لمّا نطـقْـنا
فاتخذنا رنّة البـارود وزنــا
و عزفنا نغمة الرّشاش لحنـا
و عقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا.....
يا فرنسا قد مضى وقتُ العـتاب
و طوينّاه كما يُطوى الكتــاب
يا فرنسا ... إن ذا يوم الحساب
فاستعدّي .. و خذي منّا الجواب
إنّ في ثورتنا فصل الخـطـاب
و عقدنا العزم أن تحيا الجزائـر
فاشهدوا.....
نحـن منْ أبطـالنا ندفعُ جًندا
و على أشــلائنا نصنع مجدا
و على أرواجنا نصعدٌ خُـلْـدا
و على هاماتنا نرفـعُ بـنـدا
جبهة التحرير أعطينـاك عهدا
و عقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا.....
صرخة الأوطان من ساح الفدا
فاسمعوها و استجيبوا للـندا
و أكتبوها بدماء الشـهـداء
و اقرأوها لبنـي الجيل غـدا
قد مددنا لـك يا مـجدُ يـدا
و عقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا....
و غداة اندلاع الثورة التحريريّة الكبرى انخرط في أولى خلايا جبهة التحرير الوطنيّ بالجزائر العاصمة، وألقي عليه وعلى زملائه المشكّلين لهذه الخليّة القبض، فأودعوا السجن بعد محاكمتهم، فبقي فيه لمدّة ثلاث سنوات من عام 1956 الى عام 1959
فر بعد خروجه من السجن إلى( المغرب)، ومنه انتقل إلى(تونس ) للعلاج لما لا قاه من تعذيب في السجون الفرنسية ثم عمل في صحيفة ( الاستقلال ) التونسية حتى استقلال الجزائر وبعد ذلك اصبح سفير الثورة الجزائرية في الوطن العربي لمنظمة جبهة التحرير الجزائرية كما اسلفت .
وما ان حصلت الجزائر على استقلالها وطرد الفرنسيون منها واصبح (احمد بن بله) الزعيم الوطني للجزائر رئيسا لها اصبح (هواري بومدين) وزيرا للدفاع فيها في سنة\ 1965 فقام بانقلاب عسكري فكان الشاعر مفدى زكريا ضد الانقلاب العسكري أو بما يسمى (التصحيح الثوري )الذي قام به (هواري بومدين) وزير الدفاع آنذاك ضد الرئيس( أحمد بن بلة) يوم 19 جوان 1965. فأستولى (هواري بومدين) على السلطة في الجزائر، وطرد مفدي زكريا من الجزائر.
توفي الشاعر الجزائري مفدى زكريا في يوم الاربعاء السابع عشر من رمضان المبارك سنة 1397الموافق الثاني من شهر اب ( اغسطس) 1977 في مدينة ( تونس ) في القطرالتونسي ثم نقل جثمانه الى الجزائر ليدفن بمسقط راسه في (بني يزقن)ب (وادي الميزاب) بولاية ( بغرداية)
ترك اثارا ادبية شعرية ونثرية رائعة منها مايلي :
اللهب المقدس – ديوان شعر
تحت ظلال الزيتون- ديوان شعر
من وحي الاطلسي- ديوانشعر
الياذة الجزائر - الف بيت وبيت شعر
اغاني الشعب الجزائري
الخافق المعذب - شعر
الثورة الكبرى- مسرحية
تاريخ الادب العربي في الجزائر
انتم الناس ايها الشعراء
نحومجتمع افضل
ست سنوات في سجون فرنسا
حواء المغرب العربي الكبير في معركة التحرير
قاموس المغرب العربي الكبير
عوائق انبعاث القصة العربية
اليتيم يوم العيد –قصة
الجزائر بين الماضي والحاضر
مفدى زكريا شاعرالثورة الجزائري شعره يتسم بالوطنية الحقة والثورة العارمة والبطولة العربية يغلب على شعره طابع السلاسة والبلاغة ومعانيه رائعة تشد النفس اليها وتبعث الثورة والوطنية في متلقيها وقد انفرد في الشعرالوطني في اغلب دواوينه الا انه قال الشعر في الاغراض الاخرى مثل الغزل والوصف والرثاء وغيرها كثير . ومن اقواله مايلي :
يقول مفدي زكريا في إحدى قصائده عن الشعر:
رسالةُ الشعرِ في الدنيا مقدَّسةٌ
لولا النبوءةُ .. كان الشعرُ قرآنا
فكم هتكنا بها الأستارَ مُغلقةً
وكم غزونا بها في الغيبِ أكوانا
وكم جلونا بها الأسرارَ مُبهمةً
وكم أقمنا بها، للعدلِ ميزانا
وكم صرعنا بها في الأرضِ طاغيةً
وكم رجمنا بها في الإنسِ شيطانا
وكم حصدنا بها الأصنام شاخصةً
وكم بعثنا من الأصنام، إنسانا
واختم بحثي بهذه الابيات من الياذته المشهورة :
زائر يا مطـلع المعجزات و يا حجـة الله في الكـائنات
و يا بسمة الرّب في أرضـه و يا وجهه الضاحك القسـمات
و يا لوحـة في سجلّ الخـلو د تموج بها الصور الحالمات
و يا قـصة بثّ فيها الوجود معـاني السـموّ بروع الحياة
و يا صفحة خطّ فـيها البـقا بنار و نور جـهـاد الأبـاة
و يا للـبطولات تغزو الـدنا و تمنحـها القيـم الخـالدات
و أسطورة ردّدتـها الـقرون فهـاجت بأعـماقنا الذكريات
و يا تربـة تاه فـيها الجلال فتـاهت بهـا القمم الشامخات
و ألقى النهايـة فـيها الجمال فهـمنا بأسـرارها الفاتـنات
و أهوى على قدميها الزمـان فأهـوى على قدميـها الطغاة
شغلنا الورى ، و ملأنا الدنا بشـعر نرتـله كالـصلاة
تسابيحه من حنايا الجزائر
جزائـر يا بدعـة الـفاطـر و يـا روعة الصانع القادر
و يا بـابل السحر من وحيها تـلقّب هـاروت بالساحر
و يا جـنة غار منـها الجنان و أشغـله الغـيب بالحاضر
و يا لـجة يستـحمّ الجمــا ل و يسبح في موجها الكافر
ويا ومضة الحب في خاطري و إشراقـة الوحي للشـاعر
و يا ثورة حـار فيها الزمان و في شعبـها الهادىء الثائر
و يا وحدة صهـرتها الخطو ب فقامت على دمـها الفائر
و يا همـة ساد فيـها الحجى فلـم تـك تقنـع بالـظاهر
و يا مثـلا لصفـاء الضمير يجـل عن المـثل السائـر
سـلام على مهرجان الخلود سـلام على عيـدك العاشر
شغلنا الورى و ملأنا الدنا بشعر نرتله كالصلاة
تسابيحه من حنايا الجزائر
جزائـر يـا لحـكايـة حـبي و يا من حمـلت السـلام لـقلبي
و يا من سكبـت الجمال بروحي و يا من أشعـت الضياء بـدربي
فلـولا جمـالك ما صحّ ديـني و ما أن عـرفت الـطريق لربي
و لـولا الـعقيدة تغـمر قـلبي لمـا كـنت أومـن إلاّ بـشعـبي
و إذا ذكـرتـك شـعّ كـيـاني و أمـا سـمعـت نـداك ألـبي
و مهـما بعـدت و مـهما قربت غرامـك فـوق ظـنوني و لـبيّ
فـفي كـل درب لـنا لـحمـة مـقدسـة من وشـاج و صـلب
و في كـلّ حي لـنا صـبـوة مرنـحة مـن غـوايـات صـب
و في كـل شـبر لـنا قـصة مجـنـحة مـن سـلام و حـرب
تـنبـأت فيـها بـإلـيـاذتي فـآمن بـي وبـها الـمـتـنـبي
شغلنا الورى و ملأنا الدنا بشـعر نرتـله كالـصلاة
تسابيحه من حنايا الجزائر
جـزائر أنـت عروس الـدنا و مـنك استـمدّ الصباح السنا
و أنت الـجنان الـذي وعدوا و إن شـغـلونا بـطيب المنى
و أنت الـحنان و أنت الـسما ح ، و أنت الطماح و أنت الهنا
و أنت الـسمو و أنت الضميــــر الصريح الـذي لـم يخن عهدنا
و مـنك اسـتمد الـبناة الـبقــــ ـــاء فكـان الخلود أساس البنا
و ألهـمت إنـسان هـذا الـزم ـــان، فـكان بـأخلاقـنا مـومـنا
و علّـمـت آدم حـب ّ أخيـــــه ، عـساه يـسير عـلى هـدينا
صنـعت الـبطولات من صلب شـعب، سـخي الدمـاء فرعتِ الـدّنا
و عبّـدت درب النجاح لشعب ذبـيح فلـم ينـصهر مـثلـنا
و مـن لم يوحـد شتـات الصف ــوف ، يـعجـل بـه حـمقه للـفنا
شغلنا الورى و ملأنا الدنا بشـعر نرتـله كالصلاة
تسابيحه من حنايا الجزائر
أفي رؤيـة الله فـكرك حـائر و تـذهل عن وجهه في الجزائر؟
سـل البـحر و الزورق المستها م ، كـأن مـجاديفه قـلب شاعر
و سـل قبـة الحـور نـم بها مـنار عـلى حـورها يـتآمـر
سـل الـورد يـحمل أنـفاسها لحيدر مـثل الحـظوظ الـبواكر
و أبـيار تـزهو بـقديـسـها رفائـيل يخـفى انـسلال الجآذر
تـبـاركـه أمّ إفـريـقـيـا على صلوات الـعذارى السواحر
و يحـتار بـلكور في أمـرها فتـضحك منـه الـعيون الفواتر
و في القصبة امتد ليل السهارى و نهـر المجـرة نـشوان ساهر
و في سـاحة الشـهداء تـعالى مـآذن تجلـو عـيون الـبصائر
و في كـل ّ حيّ غـوالي المنى و في كلّ بيت : نشـيد الـجزائر
شغلنا الورى و ملأنا الدنا بشـعر نـرتله كالصلاة
تسابيحه من حنايا الجزائر
سل الأطلس الفرد عن جرجرا تعـالى يشـدّ السـمـا بالثرى
فيـختـال كـبرا تـنافـسه تكجـدا فلا يـرجع القـهقرى
تلـوّن وجـه الـسمـاء بـه فأصـبـح أزرقـها أخـضرا
و تجثو الثلوج على قدميــه ، خـشـوعـا فـتسـخـر منه الذرى
هـو الأطـلس الأزلـي الذي قضى العمر يصنع أسد الشرى
و تسمـو بـأوراس أمـجاده فتصدع في الكون هذا الـورى
فيـا مـن تـردّد فـي وحـدة بمغربـنا و ادّعـى ، و امترى
أما وحّـد أطلـسنا الـمغـربي مـعاقـلنـا بـوثيق العرى ؟..
أمـا طـوّقـتـنا سـلاسـلـه فطوّق تاريـخنا الأعـصرا ؟؟
و كم فـوقـه انتـظمت قـمـم فهـل كـان يـعقد مؤتمرا ؟؟
شغلنا الورى و ملأنا الدنا بشـعر نرتـله كالصلاة
تسابيحه من حنايا الجزائر
و في باب واديـك أعمـق ذكرى أعـيش بأحـلامها الـزرق دهـرا
بها ذاب قلـبي كذوب الـرصـا ص ، فأوقد قلبي ، و شعبي جـمرا
و ثـورة قلـبي كـثورة شعبي همـا ألهـماني فأبـدعت شـعـرا
إذا الـقلب لم ينـتفـض للـجمـــال ، و لم يبل في الحب حلوا و مـرا
فلا تـثـقنّ بـه في النضـــــال ، و لا تعتـمد في المـهمات صـخرا
و لا يكـتم السـرّ إلاّ الـمشو ق ، و من لـم يهم ليس يكتم سـرا
و حـرب القلـوب كحرب الشعو ب و من صدق الوعد أحرز نصرا
و علـّمني الحـبُّ حبََّ الـفدا فـكنت بـحبيّ و شـعبي بـرّا
و يشـهـد لي فـيـه وادي قـريــشِ سـلـوا قـلبـه فـهو مني أدرى
و دـيري* الـذي كنت أتلو به صلاتي - مع الليل - سراّ و جهرا
شغلنا الورى ،وملأنا الدنا بشـعر نرتـله كالصلاة
تسابيحه من حنايا الجزائر
عرجـنا ننـافح بايـنام* ضحى كأنا اغتصبنا لهـامان صـرحا
نسـائل أشـجاره الفـارعــا ت ، حديث النجوم فتبدع سحرا
و يلـتف سـاق بسـاق فنصبو فيـغمرنا ملـتقى الفـكر نصحا
كأن عـمالـق بايـنام جـمـع ببـاريس يـبني لفييتنام صلحا
كـأن الإلـه الـجميل تـجـلى فأغـرق بايـنام حسـنا و أوحى
يتـيه بـه النـجم* بيـن النـجـــوم دلالا فـيطلع في اللـيل صبحا
تمـوج مـع الشـمس أسراره و سر الهـوى ماثـلا ليس يمحى
فكـم بات يبـكي به مـوجـع و يسـفح دمـعا فيـغمر سـفحا
و كـم من جريح الفؤاد اشتكى فأثخن بايـنام في الصبـح جرحا
و كم من صريع الغواني تداوى بأنسـام باينـامذ فـازداد لفـحا
شغلنا الورى و ملأنا الدنا بشـعر نرتلـه كالصلاة
تسابيحه من حنايا الجزائر
سجا الليل في القصبة الرابضه فأيـقـظ أسـرارها الـغامضه
و بيـن الـدروب و بين الثنايا عـفـاريت مـائجـة راكضه
و مـلء سراديـبها الـكافـرا تِ ، تصاغ قـراراتنا الرافضه
فيـحتار بيـجار في أمـرهـا و يـحسبـها مـوجة عـارضه
فيفـجؤُ بيجارَ إصـرارُ شعب و تـدمغـه الحـجة الـناهضه
و يـأبى عـليّ رضـوخ الجنا ن ، فتسـمو بـه روحه الفائضه
كـأن اشتـباك الـسطوح جسو ر ، بها امتـدت الثورة الفارضه
كـأن المـضايق فـيها خلـيج تمـور بـه السـفن الخـائضه
و يلـتف جـار بـجار كـما تعـانقت المـهج النـابـضـه
فـكانت على خـط حـرب الخــلاص ، و أعـمارِ أعـدائـنا قابضه
شغلنا الورى و ملأنا الدنا بشـعر نرتـله كالصلاة
تسابيحه من حنايا الجزائر
و بلـكور للمـجد شـقّ طريقه حـظّ مـعالـمها في السـويـقه
و عجـل أقـدار يوم الخلاص و كـان يـحـاسـبـها بالـدقيقه
فأيـقن مـاسو و كـان تـغابى و ما عـاد يـجـهل ماسو الحقيقه
و عاجل سـالان صحو السـكـارى فـبـدد أحـلام مـايـو الـصفيـقه
و سوستال بالرعب طار شعاعا فغـصّ ، و ما اسـطاع يبلـع ريقه
و رجّـت حواجـزهم بالـغلا ةِ ، غـريق يـشـد بـذيـل غريقه
تشـيعهم أدمـع الـعاشـقـا ت ، و هيهات تجدي دموع العشيقه
و يضـحك فـوروم ، من حيو ان ، غـواه السـراب فضـلّ طريقه
و مـن خائـرين كـأعجاز نخل ضـمائـرهم في الـمـزاد رقـيقـه
و حـسب الجـزائر أبطال بلكو ر و القـصبة الحـاملـين الـوثيقه
شغلنا الورى و ملكنا الدنا بشـعر نرتـله كالصلاة
تسابيحه من حنايا الجزائر
و حـمام ملـوان مـلّ المـجـونا و أنـهى غـوايـتـه و الفـتونا
و فضّـل خـوض الـحمام بـديلا عـن المسـتحـِمات و العـائمينا
و قـد عـاش دربـا لحـلو الأماني فأصـبح دربـا يـلاقي المـنونا
و كان كـمـين الضـبا و الـذئاب فصـار لـصيد الذئاب كـمـينا
و غـاصت بـه ثـورات الـهوى فـفجـرت الـعـزم في الثائرينا
و أعـلن توبـتـه في الجـبا ل ، فكان الرصاص القصاص الضمينا
و مـدّ اليـمين لـداعي الـفـدا فأقـسـم أن لا يـخون الـيمـينا
و شـمّر يـرفض دنيـا الملاهي و ينـفـض عنـه غـبار السنينا
و أضـفى الجـمال عـليه جلالا و كـان الجـلال عـليـه ضـنينا
هي الأرض...أرض الجزائر...مهما غـوت و صبت ..أبـدا لن تـخونا
شغلنا الورى و ملأنا الدنا بشـعر نـرتله كالصلاة
تسابيحه من حنايا الجزائر
و حمام ريغة بيـن الروابي ترنح طوع الهوى و التصابي
يصعّـد في الجـو أنـفاسه عبيرا و أحشـاؤه في التهاب
و تغـلي المواجد في صدره تـطارحها نـزوات الشباب
يحـاول كتـمان أسـراره فتفـضحـه خائـنات الحُباب
أيخـفي هواه و في راحتيه تموج المحاسن ملء الرّحاب؟
و يختال بين يديه اخضرارا شواهق تزجي ركاب السحاب
مـدامعه يُتـداوى بـهـا كمـا يُتـداوى بحلو الرُّضاب
و أنفاسـه تغمر الصّب دفئا فينـسى حرارة يـوم الحساب
و منها استمدّ المجاهد عزما فـراغ الدُّنا بالعجيب العجاب
و فجّـر ثورته مـن لظاها و سار على هديـها في الغلاب
شغلنا الورى و ملأنا الدنا بشـعر نرتـله كالصلاة
تسابيحه من حنايا الجزائر
شريـعتنا كـجلال الشـريعة كـمالاتها راسـخات ضـليعه
كـأن الـذي شرع الصالـحا ت ، أقام الدليل فأعلى الشريعه
و عـمّر فيـها "بني صـالح فزكىّ الصـلاح جمال الطبيعه
تطـلّ جواسـقها الضـارعـات شـواخـص تحـمد ربّ الصنيعه
كـذوب النـجوم على قـدميـــها فيـبدع مـنها الـزمان ربيعه
و تاه الصـنوبر كبرا و عجبا على القمـم الشامخات الرفيعه
و من تـك فيه الأصالة طبعا تجبـه الجذوع الطوال مطيعه
و فـاخر بالأرز لبـنان وهما و خلّـد فيه الأغـاني البديعه
و لـولا تواضـع أطـلسـنا لكانت جـزائـرنا في الطليعه
إلا أن حـرمة مـا بـيـننا
وما بـين لبنـان كانت شفيعه
شغلنا الورى و ملأنا الدنا بشـعر نرتـله كالصلاة
تسابيحه من حنايا الجزائر
تسـلّق إيعـكورن و اغز السها و طـاول به سدرة المنتهى
فيخـجل هـامان من صـرحه و يعجز أن يبـلغ المشتهى
و عـانق بـجايـة في نـخوة يعانـق حـناياك سرّ البها
و ناج بزغـواط سـرّ الظـبا تناغك من حلق يتشي المها
عجـائبها السـبع لا تـأتلـي تتـيه فيحـتار فيها النهى
و وادي الهوى و الهواء بسرتا يزكي مسـيد الهوى خلفها
تهـدهـده النـســمات كـأ م تهدهد طوع الكرى طفلها
و في جبل الوحش تاهت بلادي شمـوخا فأحنى الزمان لها
فلـو شاء ربك وصف الجنـا ن ، ليغري الأنام بها شبها
أضاع بـها ذو الحـجى رشده و لـو لم يخـف ربـه ألها
شغلنا الورى و ملأنا الدنا بشـعر نرتـله كالصلاة
تسابيحه من حنايا الجزائر
امير البيان العربي
د فالح نصيف الكيلاني
العراق -ديالى - بلدروز
*************************************