الفنون الشعرية الحديثة
اما الفنون الشعرية او الاغراض الشعرية فقد كثرت وتشعبت بتشعب الحياة وا ن اهمها واكثرها التصاقا بالشعب او بحياة المجتمع العربي بفرديته او جماعيته في هذا العصر هو الشعرالسياسي فقد توسع الشعر السياسي في بدايات هذا العصر توسعا عظيما حتى قيل ان بدايات العصرالحديث- نهاية القرن التاسع عشر وبدايةالقرن العشرين- كان الشعر فيه سياسيا ثوريا ناهضا وكان الدافع الرئيس لهذا الشيء هو الحالة الجديدة الناهضة للشباب في الوطن العربي.
فقد شارك الشعراء العرب في اذكاء كل حركات التحرر الثورية العربية بل كا نوا رؤوساء ودعاة لها ومشتركين فعليا فيها ويعد الشعراء هم الاساس الاول في النهضة العربية لذلك فالمطلع على شعر شعراء النهضة العربية في بدايات هذا العصر يجد ان القصيدة العربية تقطردما وفي طياتها روح ثورية جامحة صارمة وكأن ابيات قصائدهم سيوفا مصلتة مسلولة من اغمادها وهم قد ركبوا جيادهم للجها د في سبيل الحق ونصرة شعبهم والذود عن وطنهم .فالشعب العربي المضطهد ويرزح تحت وطأة الاستعمار الاجني والشعراء يرون شعبهم قد تقاسمت الامم اسلابه فهتفوا في الشعب العربي وتغنوا ببطولات هذا الشعب الذي هب كالمارد يشق طريقه الى التحرر والحرية والانعتاق من الاستعمار وينشد النور والامان بالايمان بقدراته وبروحيته الابية الطامحة الى العلو والارتقاء والتحرر والثورة .
فالشعرالسياسي يمثل الاحداث العربية تمثيلا صادقا فقد ذكرت فيه
الصغيرة والكبيرة من الاحداث التي أ لمت بالامة العربية وكان الشعراء هم صوت الشعب الهادر والمدوي فالشعر نار تلتهب لتحرق ظهور الاجنبي وثورة في نفس العربي زيدها الشعر قوة واندلاعا فالشعراء كل الشعراء العرب هتفوا للتحرر العربي . ومنها هذا النشيد الوطني - نشيد الثورة الجزائرية – للشاعر الجزائري مفدى زكريا :
قسماً بالنازلات الماحــقـاتْ
و الدماء الزاكيات الطاهراتْ
و البنود اللاّمعات الخـافـقاتْ
في الجبال الشامخات الشاهقاتْ
نحن ثرنا فـحيـاةٌ أوممـاتْ
وعقدْنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا.....فاشهدوا...
نحن جندٌ في سـبيل الحق ثرنا
و إلى استقلالنا بـالحرب قُمنا
لم يكن يُصغى لنا لمّا نطـقْـنا
فاتخذنا رنّة البـارود وزنــا
و عزفنا نغمة الرّشاش لحنـا
و عقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا….فاشهدوا....
يا فرنسا قد مضى وقتُ العـتاب
و طوينّاه كما يُطوى الكتــاب
يا فرنسا ... إن ذا يوم الحساب
فاستعدّي .. و خذي منّا الجواب
إنّ في ثورتنا فصل الخـطـاب
و عقدنا العزم أن تحيا الجزائـر
فاشهدوا….فاشهدوا....
نحـن منْ أبطـالنا ندفعُ جًندا
و على أشــلائنا نصنع مجدا
و على أرواجنا نصعدٌ خُـلْـدا
و على هاماتنا نرفـعُ بـنـدا
جبهة التحرير أعطينـاك عهدا
و عقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا......فاشهدوا....
صرخة الأوطان من ساح الفدا
فاسمعوها و استجيبوا للـندا
و أكتبوها بدماء الشـهـداء
و اقرأوها لبنـي الجيل غـدا
قد مددنا لـك يا مـجدُ يـدا
وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا....فاشهدوا.....
وتتمثل هذه الحركة الثورية بثلاثة محاور :
الاول- تحرير الاقطار العربية من الاستعمارالاجنبي
الثاني - قضية فلسطين وهذه قضية محورية في الشعر العربي ولا تزال حتى الان حيث لا يوجد شاعرعربي في المشرق العربي او في مغربه الا ونظم فيها ودعى الى طرد اليهود من فلسطين وانتزاع الارض العربية التي التي احتلوها وسيطروا عليها خلال في بدايا القرن العشرين بمساعدة كل الدول الاوربية وغيرها من الدول الاستعمارية - وعودة الفلسطنيين العرب الى بلدهم السليب وفي هذا يقول الشاعر ابرهيم طوقان الذي شهد المأساة وعاشها :
مصيرك بات يلمسه الأدنى
وسار حديثه بين الأقاصي
فلا رحب القصور غدا بباق
لساكنها ولا ضيق الخصاص
لنا خصمان : ذو حول وطول
وآخر ذو احتيال واقتناص
تواصوا بينهم فأتى وبالا
وإذلالا لنا ذاك التواصي
مناهج للإبادة واضحات
وبالحسنى تنفذ والرصاص
وهذه بعض ابيات قصيدة نظمتها في هذا المجال بعنوان
(الطريق الى غزة ):
حروب وقتل والمكاره جمة
والدهر قاس والقديم جديد
كم موطن فيه الانام سعيدة
-الاك غزة – والرفاه وجيد
اضاقت بك الدنيا بما رحبت
غما بكيت بل ألم يز يد
ان الديارالتي كانت يمازحها
نسيم الروابي والرجاء رشيد
اضحت بأ يدي الظالمين تجبّرا
من ال صهيون الدمار وجود
لاخير في من شــــــره بفعاله
نار الجحيم . في غد ستزيد
لاخير في نفس امرئ متلون
حيث تميل النفس مال شرود
ايا غزة فيك الورود حزينة
ترنو اليها والحياة تريد
يا غزة الخير انت رمز رجائنا
فما دمت فينا لانخاف وعيد
جئناك نجعل في عداك رزية
قتيلا او اسيرا او اليك عبيد
ارض العروبة موئل لنضالنا
وجهادنا ووفائنا لا نحيــــــد
والقدس او بغداد تجمعنا معا
شرخ الرجولة و الاباء وجود
اتيناك في جنح الظلام نشنها
حربا على الاعداء والحرب قيد
شباب وشيب كل هبة ماجــــد
نسعى بعزم او نكون شهيد
اما لنحياها حيـــــاة عزيزة
بعز ومجد او نموت سعيد
وانت في كنف الرجال مهابة
وعلى مرّ الدهور صمود
الثالث - الحالات الوطنية في البلد الواحد وتتمثل في الاحداث الوطنية في كل بلد عربي وقصائد الشعراء ازاءها. ومن الشعر السياسي هذه الابيات من قصيدة للشاعر رشيد سليم الخوري يقول :-
شمس العروبة عيل صبر المجتلي
شقي حجابك قبل شق الرمس لي
اني لمحت سناءك في غسق الدجى
رغم الصبابة والحجاب المسد ل
فلقد يرى بالروح شاعر امة
من لا يرى غير النبي المرسل
واشعة الايمان تبتد ر المنى
وترد للمكفوف عيني احد ل
وكواكب الشهداء فيك بشائر
ما آ ذنت بالفجر لو لم تا فل
ياهاتفا بالفرقدين تلاقيا
كلفت نفسك وصل ما لم يفصل
ما الشام ما بيروت في البلوى سوى
عيني مولهة وحدي فيصل
واعز من دنيا الاعزة كلها
جاري القريب واخوتي في المنزل
يامن يعدون الدفاع تهجما
ويؤولون النقد شر مؤول
ا ما الفخر والمدح فقد افتخر الشعراء العرب في هذا العصر بعروبتهم كما افتخروا بانفسهم ومدحوا ابطال العروبة ورجالها وافتخروا بشجاعتهم وباعمالهم المجيدة. وتميز المدح في هذا العصر بالضعف وبعده عن المبالغة فيه. ومما يقوله الشاعر محمود سامي البارودي يفخر بنفسه يقول:
انا لا اقر على القبيح مهابة
ان القرار على القبيح نفاق
قلبي على ثقــــة ونفسي حــرة
تأبى الدنــــا وصارمي ذلا ق
فعلام يخشى المرء فرقة روحه
او ليس عاقبة الحياة فراق
*************************
وقد كثرت في اول هذا العصر النكبات على الوطن العربي وتوالت عليه المحن في ظل ظروف قاسية قد مثلها الشعراء اعظم تمثيل وادق وصف في قصائدهم وجل هذه النكبات نكبات قام بها الاستعمار ضد الامة العربية منها نكبة ضياع فلسطين ومنها اعدام افضل رجال العرب ومناضليهم من اجل التحرر وطرد الاستعمار مثل عمرالمختار في ليبيا وزهاينه الجزائري وشهداء ثورة مايس ( ايار ) \ 1941 في العراق وتكاد تكون هذه النكبات موجودة في كل اقطار الامة العربية. ومدنها وهذا الشاعر احمد شوقي اميرالشعراء يبكي دمشق ونكبتها فيقول :
سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ
وَمَعذِرَةُ اليَراعَةِ وَالقَوافي جَلالُ الرُزءِ عَن وَصفٍ يَدِقُّ
وَبي مِمّا رَمَتكِ بِهِ اللَيالي جِراحاتٌ لَها في القَلبِ عُمقُ
وَيَجمَعُنا إِذا اختَلَفَت بِلادٌ بَيانٌ غَيرُ مُختَلِفٍ وَنُطقُ
وَقَفتُمْ بَينَ مَوتٍ أَو حَياةٍ فَإِن رُمتُمْ نَعيمَ الدَهرِ فَاشْقَوا
وَلِلأَوطانِ في دَمِ كُلِّ حُرٍّ يَدٌ سَلَفَت وَدَينٌ مُستَحِقُّ
وَمَن يَسقى وَيَشرَبُ بِالمَنايا إِذا الأَحرارُ لَم يُسقوا وَيَسقوا
وَلا يَبني المَمالِكَ كَالضَحايا وَلا يُدني الحُقوقَ وَلا يُحِقُّ
فَفي القَتلى لِأَجيالٍ حَياةٌ وَفي الأَسرى فِدًى لَهُمُ وَعِتقُ
وَلِلحُرِّيَّةِ الحَمراءِ بابٌ بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ
جَزاكُمْ ذو الجَلالِ بَني دِمَشقٍ وَعِزُّ الشَرقِ أَوَّلُهُ دِمَشقُ
رَماكِ بِطَيشِهِ وَرَمى فَرَنسا أَخو حَربٍ بِهِ صَلَفٌ وَحُمقُ
إِذاما جاءَهُ طُلّابُ حَقٍّ يَقولُ عِصابَةٌ خَرَجوا وَشَقّوا
دَمُ الثُوّارِ تَعرِفُهُ فَرَنسا وَتَعلَمُ أَنَّهُ نورٌ وَحَقُّ
بِلادٌ ماتَ فِتيَتُها لِتَحيا وَزالوا دونَ قَومِهِمُ لِيَبقوا
وَحُرِّرَتِ الشُعوبُ عَلى قَناها فَكَيفَ عَلى قَناها تُستَرَقُّ
رُباعُ الخلدِ وَيحَكِ ما دَهاها أَحَقٌّ أَنَّها دَرَسَت أَحَقُّ؟
إِذا عَصَفَ الحَديدُ احمَرَّ أُفقٌ عَلى جَنَباتِهِ وَاسوَدَّ أُفقُ
سَلي مَن راعَ غيدَكِ بَعدَ وَهنٍ أَبَينَ فُؤادِهِ وَالصَخرِ فَرقُ
وَلِلمُستَعمِرينَ وَإِن أَلانوا ر قُلوبٌ كَالحِجارَةِ لا تَرِقُّ
اما الغزل : فشعر الغزل وجد منذ وجد الانسان بعاطفته وحبه اتجاه قرينته وحبيبته وفي الشعر العربي وجد في كل العصور الشعرية فهو تسجيل لعواطف الشاعر المحب اتجاه من يحب وما يكنه في قلبه الملتاع وفؤاده المكتوي بنار الحب والعشق ونفسه الحرى وروحه الحيرى وفكره المشغول وعقله المسلوب ولها ً وحبا وشوقا .
شعر الغزل في هذا العصر اتسم بتمثيل طبيعة النفس العربية النبيلة العفيفة فهو بعيد عن الابتذال والتفسخ الخلقي الذي كان موجودا في شعر العصور العباسية وخاصة الاخير منها نتيجة للاختلاط مع الاعاجم شرقا وغربا وشمالا وفساد الاخلاق العربية تبعا لعادات وتقاليد رعاع الناس وشواذهم الاجتماعية التي انتقلت الى العرب ما يتميز ببعده عن المادية الا بعض قصائد لشاعر او اكثر ومن شعر الغزل اقول في احدى قصائدي :
وفاتنة تغازلني بضفر جديلة
مثل الاقاحة ســـــحرها يتألق
حتى كأن الزهر ينثر عطرها
فتعــــانقت انداؤهــــا تتموسق
تتمنى النفس تمسك بعضه
فأ ناملي في بعضــــه تتـــرفق
فمجازف كمراهــــــق متعطش
يهوى . اليك بشـــــوقه يتعلق
لاحظ مجموعتي الشعرية الاولى (نفثات القلب ) طبع بغداد – مطبعة الميناء \1978
وفي فن الوصف وهو من الاغراض القديمة في الشعر العربي ايضا فقد وصف الشعراء كل ما وقعت عليه اعينهم ودخل في نفوسهم واخيلتهم من مشاهد طبيعية خلابة ومخترعات حديثة وقد تعمق بعض الشعراء في الوصف . يقول عمر ابو ريشة الشاعرالسوري في وصف اطلال مر بها :-
قفي قدمي ان هذا المكان
يغيب به المرء عن حسه
رمال وانقاض صرح هوت
اعاليه تبحث عن اسه
اقلب طرفي به ذاهـــــــــــــــلا
واسأ ل يومي عن امسه
اكانت تسيل عليه الحيـــــــاة
وتغفو الجفون على انسه
وتنشد البلابل في ســــــعد ه
وتجري المقادير في نحسه
وفي مطلع هذ العصر اي في بدايات القرن العشرين كثر شعر الحنين الى الوطن اذ ان كثيرا من الشعراء نفتهم حكومات بلدانهم الى خارجها قصرا بسبب ميولهم الوطنية وثورتهم على الاستبداد والظلم تخلصا منهم .ومنهم من هاجر من نفسه وراء لقمة العيش . ويظهرهذا جليا في شعر شعراء المهجرالذين ما زالوا يحنون الى الوطن العزيز- وهل هناك اغلى واعز من الوطن ؟- فانشدوا قصائد تقطرحنينا ودمعا بعاطفة فياضة وحسرة غامرة لرؤية الوطن اوالرغبة في تحريره من ايدي حاكميه المستبدين يقول الشاعر شفيق جبري :
حلم على جنبات الشام ام عيد
لا الهم هم ولا التسهيد تسهيد
اتكذب العين و الرايات خافقة
ام تكذب الاذن و الدنيا اغاريد
ويل النماريد لا حسن ولا نبأ
الا ترى ما غدت تلك النماريد
كأ، كل فؤاد في جلائهـــــــــــم
نشوان قد لعبت فيه العناقيد
ملء العيون دموع من هناءتها
فالدمع در على الخدين منضود
لو جاء داوود و النعمى تضاحكنا
لهنأ الشــــــام في المزمار داود
على النواقيس انغـــــــام مسبحة
وفي المأذن تســــــبيح وتحميد
لو ينشد الدهر في افراحنا ملاْت
جوانب الدهر في البشرى الاناشيد
وشكى بعض الشعراء صروف الدهر من نكبة اصابتهم او من خطر احدق بهم او ببلدهم ومن قصيدة في الحنين الى الوطن للشاعر المهجري جبران خليل جبران هذه الابيا ت يقول:-
يابلادا حجبت منذ الازل
كيف نرجوك ومن أي سبيل
أي قفر دونها أي جبل
سورها العالي من منا الدليل
اسراب انت ام انت الامل
في نفوس تتمنى المستحيل
و اطلع بعض الشعراء على مجريات العلم والادب والفلسفة فنظموا قصائد في تعلم الطب والفلك والعلوم وفي امور اخرى مثلما نظم الشعراء قبلهم مطولات في قواعد النحو والصرف مثل الفية ابن مالك التي حوت تفاصيل قواعد اللغة العربية في قصيدة مكونة من الف بيت شعري شرحها العلامة ابن عقيل في مجلدين كبيرين على سبيل المثال . والشعر التعليمي نظم في هيئة الشعر وشكله بل هو جسد شعري لا روح فيه. لذلك اطلق عليه بلغاء اللغة وشعراؤها نظما وقد نظم فيه كثيرون في العصور المظلمة الا انه في هذا العصر اصابه الضعف والوهن . ومن قصيدة للشاعرالزهاوي في العلم يقول :
لماذا تحركت الانجم كانك مثلي لا تعلم
وما هو كنه الاثير الذي فسيح الفضاء به مفعم
بين الجواهر جذب فما دواعيه اني مستعلم
هل الدفع اوضح من ذاته من الجذب ام هل هما تؤام
هما قوتان تخالفتا فذالك يبني وذا يهد م
والشعر الاجتماعي هو شعر الاخوانيات وكل ما في المجتمع من امور وقد دعى الشعراء فيه الى ا لثورة على العادات البالية و القديمة التي سادت المجتمع العربي وعلقت به خلال فترات الحكم المتلاحقة عليه قبل النهضة الحديثة وتعتبر من مخلفات الفترة المظلمة فدعى الشعراء الى تحرير المرأة والى فتح المدارس وتمجيدها والدعوة الى دخولها بنين وبنا ت وذم التعصب القبلي والطائفي والاقطاع الذي جثم فوق صدورالناس والفساد المستشري . ومن قصيدة للشاعر العراقي معروف الرصافي في تشجيع بناء المدارس وفتحها هذه الابيات :-
ابنوا المدارس واستقصوا بها الاملا
حتى تطاول في بنيانها زحلا
هذي مدارسكم شروى مزارعكم
فانبتوا في ثراها ماعلا وغلا
يلق بها النشىء للاعمال مختبرا
وللطباع من الادران مغتسلا
ربوا البنين مع التعليم تربية
يمسي بها ناقص الاخلاق مكتملا
انا لمن امة في عهد نهضتها
العلم والسيف قبلا انشأت دولا
والفنون الشعرية في بدايات عصرالنهضة العربية كثيرة منها قديمة ومنها ما ظهرت حديثا حسب متطلبات هذا العصر ودواعيه الا انه تبقى السمة الوطنية هي السمة الغالبة لشعر هذا العصر والمحرك الاقوى للشبا ب العربي المؤمن برسالة امته ومن اجل الحرية والتحرر و اعادتها الى سالف عهدها التليد .
فالشعر العربي يمتميز في هذا الوقت بان جله ثوري وطني يدعو الى استنهاض الهمم والتخلص من الاستعمار بكل اشكاله والثورة على كل ما هو- قديم وبال لا خير فيه لأمتنا العربية - فهو في اغلبه شعر هادف قاد البلاد الى حركة وطنية قومية فكان الشعراء والمفكرون والادباء هم قا دة الثورات التحررية وزعماؤها ووقودها ولسانها الناطق وقلبها النابض في كل الوطن العربي .
يقول الشاعر الفلسطيني عبدالرحيم محمود يصف الشهيد :
ســأحمل روحــي عـلى راحـتي
وألقــي بهـا فـي مهـاوي الـردى
فإمــا حيــاة تســر الصــديق
وإمــا ممــات يغيــظ العــدى
ونفس الشـــريف لهــا غايتــان
ورود المنايـــا ونيـــل المنــى
ومـا العيش? لا عشـت إن لـم
أكـن مخــوف الجنــاب حـرام الحـمى
إذا قلــت أصغــى لـي العـالمون
ودوى مقـــالى بيـــن الــورى
لعمـــرك إنــي أرى مصــرعي
ولكـــن أعــد إليــه الخــطى
أرى مصـرعي دون حـقي السـليب
ودون بـــلادي هـــو المبتغــى
يلــد لأذنــي ســماع الصليــل
ويبهــج نفســي مســيل الدمــا
وجســم تجـدل فـوق الهضاب
تناوشـــه جارحـــات فــــــــلا
كســـادمه الأرض بـــالأرجوان
وأثقــل بــالعطر ريــح الصبـا
وعفـــر منــه بهــي الجــبين
ولكـــن عفــارا يزيــد البهــا
وبــان عــلى شــفتيه ابتســام
معانيـــة هــزء بهــذي الدنــا
ونـــام ليحــلم حــلم الخــلود
ويهنــأ فيــه بــأحلى الــرؤى
لعمــرك هــذا ممــات الرجـال
ومــن رام موتــا شــريفا فــذا
فكــيف اصطبـاري لكيـد الحـقود
وكــيف احتمــالى لســوم الأذى
بقلبــي ســأرمي وجــوه العـداة
فقلبــي حــديد ونــاري لظــى
وأحــمي حيــاضي بحـد الحسـام
فيعلـــم قــومي بأنــي الفتــى
واود ان ابين بعض الامور التي طرات والتي شهدتها ساحة الشعر العربي في مرحلة حداثته وتطورها نحو الافضل ولعل ابرز هذه الامور هي حالة التوهج في شعر الحداثة التي خفتت في عصر الفترة الراكدة وطغت على الشعر حالة من السطحية والتكلف المعيب . فانبعثت في زمن الحداثة روح الشعرية الكلاسيكية الأصيلة في الشعر العربي فاعادت للشعر قيمته الادبية والفنية .
وظهرت مواضيع جديدة في الشعر وحداثته فانبعثت في الشعر كانها مارد جديد انبثق من حنايا الحياة الجديدة لهذه الفترة . وبقوة فاقت الاحداث في حينها وتخطتها بجدارة وعنفوان الشعرالعربي المنبثق من روح المتحررالعربي فظهرت في الشعر بالرومانسية والواقعية .وانتشرت بين شعراء الوطن العربي في كل الاقطارالعربية . فكانت الحداثة طفرة نوعية في الشعرالعربي بعد النهضة الشعرية التي قام بها شعراء النهضة العربية مثل محمود سامي البارودي وابراهيم اليازجي والرصافي وعبد القادرالجزائري وغيرهم كثير .
*********************************