اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني

الحضارة الاسلامية باشراف المهندس خالدصبحي الكيلاني والباحث جمال الدين فالح الكيلاني


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

الشعرفي العصر العباسي الثاني وامرائه بقلم د فالح الكيلاني

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

فالح الحجية

فالح الحجية
Admin








الشعر في العصر العباسي الثاني

وأمــرائه



كان لسيطرة الاتراك على الدولة العباسية وادارتها زمن الخليفة المعتصم بالله وما بعده اثر بالغ في ضعف الدولة وسيرها في طريق الانحلال والتقهقر فقد عمل الرشيد على تقوية دولته – كما توقع - فتزوج من زوجة فارسية ليقرب الفرس منه ويأمن جانبهم لانهم سيكونون اخوال اولاده منها وهم كثير في دولته اذ يشكلون الجزء الشرقي منها ويتخذهم انصارا له وتزوج من اخرى تركية ليقرب الاتراك منه وليشدوا على عضده في صيانة دولته ويكونوا حصنا منيعا لدولته ضد الروم شمال دولته وكانوا كذلك في زمنه . فانجب من زوجته ابنة عمه ( زبيدة) ابنه (الا مين) ومن زوجته الفارسية ابنه ( المأمون ) ومن زوجته التركية ابنه ( المعتصم ) وكان هذا الفعل فيما بعد سببا من اسباب سقوط الخلافة العباسية وسبب هذا الزواج كان الرشيد يقصد به توطيد العلاقة بين العرب والفرس والترك كنتيجة للمصاهرة والقرابة الا ان ما اثمره هذا التصاهر كان وبالا على الحياة السياسية الى حد الاقتتال .

بعد وفاة الرشيد اقتتل الامين والمامون الاخوة بينهم على سدة الحكم واستعان كل منهم باخواله والمقربين منه فاستعان الما مون باخواله الفرس على اخيه الامين في قتاله والوصول الى الخلافة وحقق ما اراد وقربهم اليه واعتمد عليهم في كل امورالدولة وانعكس ذلك حتى في الامورالدينية والمذهبية وتفرق الخلق واقتتل الناس بينهم فكان ماكان و كتب التاريخ خير شاهد على ذلك وما فيها من معارك واحداث .

وبعدها أي بعد وفاة الامين والمامون استخلف المعتصم وامه تركية فقرب اليه الاتراك واعتمد عليهم في اغلب مفاصل الدولة العربية الاسلامية وعلى كل حال فقد دخل الى جسم الدولة او جسم الخلافة العربية من ليس منها وعمل على تقويضها . كان كل هذا قد حدث في العصر العباسي الاول واستمر وزاد في العصر العباسي الثاني.

وكان في اثناء وجود الاتراك في الحكم كان الفرس يتحينون الفرص لاعادة مجدهم الغابر او السالف فقاموا بقيادة ال بويه بحملة قوية اعلنوا سيطرتهم على بلاد خراسان واكتسحوا الخلافة العباسية في بغداد التي كان الاتراك مهيمنين على الحكم فيها وتنصب معز الدولة الفارسي اميرا على بغداد في ظل الخلافة العباسية التي لم يبق منها الا اسمها ورسمها. اماالخلفاء العباسيون فقد تحولوا الى بيادق شطرنج يلعب بهم اللاعبون من ال بويه من الفرس ومن بعدهم من ال سلجوق من الترك.

نعم لقد انحدرت قوة وعظمة الدولة العباسية ا و بدأت بالانحدار نحو الاسوء بعد الخلفاء الاشداء فيها مثل المنصور والرشيد ... و سيطر البويهيون على الحكم الاسلامي في بغداد سنة \334 هجرية
بعد ضعف سيطرة الاتراك عليها وان اغلب هؤلاء الامراء كانوا ضعافا في ادارتهم للدولة فسارت الدولة نحو الانهيار والتقهقر والانحلال ويعتبر إقدام القادة الأتراك على قتل الخليفة المتوكل على الله في الخامس عشر من شهر شوال سنة \ 247 هـجرية بداية العصر العباسي الثاني سياسيا اذ فيه استبد القادة الاتراك بالسلطة وأصبح الخليفة طوع إرادتهم وأسير هواهم وقد عبر عن ذلك احد الشعراء فقال:

خليفـــة فـــي قفــص
بيـن وصيـف وبغـا

يقــول مـــا قــالا لـه
كمــــا تقول الببغا

وأدى ذلك الى ظهور استقلال او انفصال بعض الامارات عن الخلافة العباسية في بغداد فبعد ان كانت خلافة اسلامية واحدة . اصبحت الخلافة في بغداد وامارات مستقلة عنها في الاقاليم التابعة لها كالامارة الاخشيدية في مصر التي قامت على اثر انقراضها الدولة الفاطمية التي استقلت عن الخلافة العباسية في بغداد بل نازعتها الخلافة وامتدت اجنحة حكمها شرقا وغربا وكذاك ظهرت امارات عديدة كالامارة الحمدانية في حلب ثم توسعت فشملت الشام كله تقريبا الا انها بقيت معترفة بالسلطان العباسي عليها ولو اسما فقط . وكذلك مثلها
ا مارات قد نشات في الثغور الشرقية للبلاد الاسلامية وهكذا تفرقت الدولة الاسلامية الموحدة وظهرت خلافات وامارات في البلاد نازعت الخلافة الاصلية في كل امورها وخاصة الثقافية والادبية .

كان هؤلاء خلفاء وامراء هذه الاقاليم قد جمعوا حولهم الشعراء والادباء والعلماء ورجا ل الثقافة والعلم وتباروا فيما بينهم حول جمع كل منهم العدد الاكبر من هؤلاء وبذلوا الاموال لهم منافسة بينهم فاثر هذا في ازدهار كل العلوم وعلى راسها الادب العربي وخاصة الشعر حيث كثرت فنونه وارتفعت رايته وارتقت خيالاته وفنونه . الا ان اللغة العربية بدأت تظهر عليها علائم الضعف في نهاية العصر ويكتنفها الوهن خاصة في الثغور الشرقية من الدولة الاسلامية لعجمية سكانها فبدات تحل مكانها اللغات المحلية او اللغة الاصلية لاهل تلك البلاد مثل اللغة الفارسية التي حلت محل اللغة العربية بعد قرنين من الزمن ودفعت الحالة الثقافية والاجتماعية شعراءهم الى النظم في لغتهم الفارسية كما فعل الشاعران عمر الخيا م وسعدي الشيرازي .

وكذلك ظهرت في البلاد الاسلامية عصبيات اشتد النزاع بينها ومذاهب دينية تقاسمت البلاد ا لاسلامية بينها كما اطلقت الحكومات الاسلامية العنا ن لليهود والنصارى للعمل كيفما يشاؤون وكذلك اختلفت وجوه المعاش وكسب الرزق او الحالة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد وانقسم الشعب بين غني مترف وفقير جائع .

فالقسم الاول وهو الامراء والقادة والتجار واصحاب الاموال والاعمال عاشوا بترف غير معقول في كل امورهم في الملبس والمسكن وهم طبقات الخلفاء والامراء والشعراء المقربين والاغنياء .

واما السواد الاعظم من الشعب وهم الفقراء في المجتمع فهم راسفون في قيود من فقر مدقع وعيش ذليل وكسب قليل لا يسد اودهم لا يغنيهم ولا يسمنهم من جوع وقد انعكست كل هذه الاحوال على الادب والشعر في البلاد فكان ادب الاغنياء يتمثل بوصف القصور الفخمة والرياض الزاهرة ووانتشار الغزل والغناء والخمرة واللهو والترف و القسم الاخر يتسم بالشكوى والحنين والبكاء وذم الزمن وصروف الدهر.

اجتمع الشعراء حول الخلفاء والامراء واصحاب النفوذ والجاه كما اسلفت فانتشرت الثقافة في هذا العصر امتدادا لثقافة العصر العباسي الاول والتي آ تت اكلها في هذا العصر فنمت في ذاك و اثمرت او اينعت في هذا وكذلك كان لصناعة الورق اثر عظيم في انتشار الثقافة ككل ونشوء المكتبات العامة والخاصة والمدارس النظامية الحكومية بجانب المدارس الخاصة والتعليم الفردي لابناء الخلفاء و الوزراء ... فكان لكل هذا اثر عظيم في تقدم الثقافة ووصولها الى اوج عظمتها في الدولة الاسلامية وتقدم الشعر واتساع افاقه واخيلته وتحسين معانيه فازدهر في هذا العصر اكثر من باقي العصور العربية وبلغ شأفته وظهر فحول من الشعراء كالمتنبي وابي العلاء المعري والحمداني وابن النبيه والشريف الرضي وغيرهم ..

لذا يمكننا ان نقول ان هذا العصر هو العصر الذهبي للشعر العربي
بما اوتي فيه من نتاج وتجديد ورقة في النظم والالفة في القول .

ولما استولى البويهيون على السلطة بعد الأتراك انتهجوا نهجهم فكان الأمير البويهي يولي الخلافة من يشاء من اولاد الخلفاء العباسيين ويخلعها ممن يشاء وكثرالخلع . و كثيرا ما يتم بالذل والهوان. حتى كان يوم خلع الخليفة يوم ابتهاج عند الجند وفيه يجري نهب دار الخلافة وفيه يطالب الجند الخليفة الجديد برسم ( بيعته). وكان يجري على الخليفة المخلوع نفقة قد لا تكفيه, فيضطر إلى العيش بالكفاف واستعطاف الناس.

وكذلك الوزراء فلم يكن حال الوزراء بأفضل من حال الخلفاء فكان الوزير يأتمر بأمر المتغلبين فإذا غضبوا عليه عزلوه وصادروا أمواله وربما يقتلونه وكثيرا ما كان الوزير يُنصب ثم يُعزل, ويتكرر نصبه وعزله مرات عديدة وغالبا ما كان ينتهي عزله بمصادرة امواله ومن ثم قتله ومع ذلك فإن الكثيرين كانوا يطمعون في تولي الوزارة, ويبذلون المال في شتى المجالات في سبيل توزيرهم. كما هو الحال لدينا حيث أن الوزارة كانت موردا للثراء الفاحش عن طريق الرشاوى وقيل أن محمد بن عبيد الله بن خاقان وزير الخليفة المعتضد بالله كان يأخذ الرشوة من كل طالب وظيفة وربما عين للوظيفة الواحدة عددا من الموظفين وقيل إنه عين في يوم واحد تسعة عشر ناظرا للكوفة وأخذ من كل واحد منهم رشوة معينة . الا ان بعض الوزراء كان حسن السياسة والتدبير ذا دهاء وذكاء يستطيع أن ينال من الخليفة أو الأمير البويهي تفويضا بتصريف أمور الدولة وكان أهم هذه الامور ضمان الخراج وتعيين الولاة والعمال والقضاة والكتاب , لذا يكون للوزير على من يوليه جبايات يجني منها ربحا وفيرا ويثري به ثراء ا فاحشا. و من أجل ذلك كانت الوزارة هدفا للدسائس والحسد . وكثر الطامعون في منصب الوزارة, فإذا أفلح الدس وتغلب اهله على الوزير عزل هذا الوزير وصودرت أمواله وكان ما يصادر يعد بآلاف الآلاف من الدنانير لذا كان بعض الوزراء يطمرون خزينهم من الاموال والنقد تحت الارض الى أن تنتهي الازمة و قيل في ذلك:

إذا أبصرت فـي خلع وزير
فقل أبشر بقاصمة الظهور

بأيام طـوال فــي بـلاء
وأيام قصار في سـرور

وكان العرب – ولا يزالون – يتكنـّون - وهي عادة عرببية قديمة - بأسماء أكبر أبنائهم فيقال ابو فلان مثلا وكان الخلفاء يتلقبون ب(أمير المؤمنين) منذ عهد الخلفاء الراشدين في زمن عمر بن الخطاب وما بعده وكذلك خلفاء بني امية .

وعندما انتقلت الخلافة إلى بني العباس أضافوا إلى هذا اللقب ألقابا اخرى تدل على صفة يتميز بها الخليفة. فقد عرف عبد الله أبو العباس وهو أول خليفة عباسي بلقب (السفاح) وتلقب أخوه الخليفة عبد الله أبو جعفر بلقب (المنصور) وتلقب ابنه الخليفة محمد بلقب (المهدي) وتلقب الخليفة موسى بلقب موسى (الهادي) والخليفة هارون (الرشيد). ولقب الرشيد أولاده الثلاثة: محمد وعبد الله والقاسم بلقب محمد (الأمين) وعبد الله (المأمون) والقاسم (المؤتمن). وهكذا جرت العادة في تلقيب الخلفاء واولادهم .

ولما استبد القادة الأتراك بالسلطة فرضوا على الخليفة ان يطلق لقب على من بيده السلطة منهم فلقب ( أمير الأمراء) ولما جاء من بعدهم البويهيون الزموا الخليفة العباسي ان يطلق عليهم ألقابا فيها معنى الاعتراف بسلطانهم فلقب أحمد بن بويه بلقب (معز الدولة) ولقب أخوه علي بلقب (عماد الدولة) ولقب أخوه الحسن بلقب (ركن الدولة), وهكذا كثرت الالقاب في الدولة كعضد الدولة وجلال الدولة وبهاء الدولة وفخر الدولة. حتى ان منهم من لقب ( السلطان ) ا و ( شاهنشاه ) أي ملك الملوك ثم سرت هذه الحالة في امراء الدويلات المستقلة .وهكذا كثرت الكنى والألقاب في العصر العباسي الثاني ويقول احدهم في ذلك شعرا :

أما رأيت بني العباس قد فتحوا
من الكنى ومـن الألقاب أبوابا

ولقبوا رجـلا لو عاش أولهم
ما كان يرضى به للقصر بوابا

قـل الدار هم في كفي خليفتنا
هذا فأنفـق في الأقـوام ألقابا


وقد نهج الخلفاء الفاطميون نهج الخلفاء العباسيين في الألقاب فكان منها المهدي بالله والعزيز بالله والمعتز بالله والحاكم بأمر الله والمستنصر بالله, وفي الأندلس تسمى عبد الرحمن الثالث بن محمد بالخليفة واتخذ لنفسه لقب الناصر لدين الله ونهج من جاء بعده نهجه فكان منهم : المؤيد بالله والمستعين بالله والمستظهر بالله والمعتمد على الله. واتخذ ملوك الطوائف في الأندلس الألقاب فكان منهم المعتضد بالله ملك أشبيلية وابنه المعتمد على الله وكانت هذه الألقاب على فخامتها لا تمثل لمن اتخذها لنفسه شيئا من معانيها .

وظهرت في هذا العصر الفتن المذهبية فثارت بين الشيعة وبين السنة, وخاصة الحنابلة منهم, فتن كان مسرحها بغداد . وقد بدأت في أوائل القرن الرابع الهجري وامتدت إلى أواخر القرن الخامس الهجري وكانت تتوالى الفتن عاما بعد عام, وكثيرا ما كانت تشتد, فينشب فيها قتال مرير بين ابناء البلد الواحد والمدينة الواحدة .

وقد أزر البويهيون الشيعة في تشيعهم, وشد الأتراك أزر أهل السنة لأخذهم بمذهبهم وقد افضت هذه الى اشتداد العداء بينهم الى حد المقاتلة فقتل خلق كثير من الطرفين جراء اشتداء الطائفية .

وكذلك كانت الفتن تحدث بين الحنابلة والأشاعرة وبين الحنفية والشافعية, فكان أهل كل مذهب يتعصبون لمذهبهم ويدفعهم التعصب إلى القتال بينهم مما اثر في خراب المدن واضعاف شوكة المسلمين وقوتهم وكانت بغداد مسرحا لمثل هذه الامور والاحداث وقد كانت هذه وغيرها اسبابا لنشوب ثورات كثيرة في البلاد الاسلامية مثل ثورة الزنج وثورة القرامطة وكذلك ادى الى انفصال بعض الاقاليم عن جسم الدولة العباسية واقامة اقاليم وامارات في البلاد وخاصة البعيدة عن الخلافة وربما خلافات جديدة مستقلة عن الخلافة العباسية . مثل الدولة الاخشيدية والخلافة الفاطمية والامارة الحمدانية والدولة الصفارية .
فوجود الدويلات والامارات وخاصة غير العربية المنسلخة عن جسم الدولة العباسية ضمت بين اهدافها هذه الامور.ثم كانت هذه الانقسامات سببا واسعا وكبيرا لقيام الحروب الصليبية وطمع الدول الاوربية تحت علامة الصليب في القضاء على الدولة الاسلامية او الاستحواذ على بعض اجزائها المقدسة لديهم وخاصة ( فلسطين) وفي صفحات التاريخ الشيء الكثير الكثير والشواهد القائمة على ما ذكرناه .

وكان لهذه التطورات السياسية اثرعظيم على الشعر العربي وتقدمه وازدهاره فقد كانت بغداد ام الدنيا ومركزالخلافة العربية الاسلامية ومركز الثقافة والعلوم وفيها جل الشعراء الا انه ظهرت مدن اخرى اجتمع فيها الشعراء هي مراكز الا مارات كحلب والقاهرة وجرجان وبخارى وسمرقند والاندلس واماراتها وغيرها و كل امير من امراء هذه الامارات حاول ان يجمع حوله العديد من الشعراء والادباء والمثقفين ويتباهى في جمع اكبر عدد منهم لحبهم الادب وخاصة الشعر وليمدحونهم ويذكرونهم في شعرهم فادى هذا التنافس حتما والى ايجاد امور دفعت الشعر نحو علائم التقدم والرقي الثقافي والحضاري في كل مجالات الحياة .

لذلك فقد اجزل الخلفاء والامراء العطاء للشعراء الذين نالوا حضوة كبيرة عندهم حتى بلغ بهم حد الاستيزار ورئا سات الدواوين الكتابية وخاصة اذا علمنا ان بعض الا مراء والخلفاء كانوا يجيدون نظم الشعر وقرضه ونقده .

و كان لتشجيع الخلفاء والامراء للادب والشعر والثقافة عموما الاثر الابلغ في تقدم الشعر وتطوره فقد كانت الثقافة في العصرالعباسي الاول قد شهدت تقدما كبيرا وسمت نحو التقدم والرقي سموا عظيما فاتت هذه الثقافة اكلها في العصر العباسي الثاني اي في هذا العصر حتى بلغت اوج عظمتها من التقدم والرقي .والحضارة في كل المجالا ت الثقافية فتطورت الاداب وتنورت العقول وخاصة الشعر. فتحسـنت اساليبه وسهلت مفرداته و كثرت معانيه وشمخت اخيلته وازدادت فنونه واغراضه لتشمل كل امور الحياة ومتطلباتها .

وكان لنشوء المكتبات العامة اوالخاصة وايجاد المواقع الدراسية بحيث اصبح التحصيل العلمي والادبي ابوابه مفتوحة للدارسين واثره واسع في ذلك . فقد انكب الناس وبالاخص الشعراء على المطالعة والتدارس ومحاولة الايتاء بما هو ارق و افضل وادق فزاد هذا في تفتق افاق الشعر واخيلة الشعراء وكذلك فتحت مدارس نظامية درس بها الطلاب الادب والشعر وفنونه وعلوم اللغة العربية مثل النحو والبلاغة والصرف والعلوم الصرفة والفلسفة والرياضيات والهندسة والبناء والري وفي كل امورالحياة وكانت هذه من اسباب تطور الشعر ودفعه نحو التقدم والرقي والاكتمال والعظمة فظهر شعراء فحول لم تسبقهم سابقة مثل المتنبي و المعري وغيرهم كثير..

الحالة الاجتماعية والمعاشية في هذا العصر اختلفت عما كانت عليه في العصر السابق فقد ادى ضعف الخلفاء العرب في هذا العصر الى ظهور العصبيات - التي كانت مكبوتة في العصور السابقة اوالتي كانت تعمل في الخفاء - على نطاق واسع ودون تخوف من احد او ردع من رادع و اصبح لكل قومية جماعتها التي يناصرونها ويؤيدونها ولها رجالها وشعراؤها وانتشر الانحلال الجتماعي وعم الضعف كل مفاصل الخلافة العباسية وتدهورت الحالة السياسية وتبعتها بقية الامور .

وكذلك انقسمت الدولة الاسلامية الى مذاهب دينية عديدة وشاعت الفرقة والتباغض بين المسلمين او قل بين اتباع مذهب واخر حتى وصل في نهاية الامر حد الاقتتال والتخريب بين المسلمين يقتل بعضهم بعضا ويخرب ممتلكات البعض الاخر ويسفه اراءه .

اما غيرالمسلمين من الطوائف والاديان الاخرى كاليهودية والنصرانية والمجوسية وما اليها فقد اطلقت الحريات لهم يعملون ما يشاؤون ويؤدون شعائرهم ومعتقداتهم بحرية تامة وربما عاونهم ضعاف العقيدة من بعض المسلمين على اداء هذه الشعائر وقد حضر بعض الخلفاء العباسيين بعض شعائرهم واعيادهم مرغمين .؟

وكان لاختلاف هذه العصبيا ت والمذاهب وتنازعها اثره البالغ على الشعر فظهر شعراء غير مسلمين وغير عرب وخاصة الفرس وهم كانوا اصحاب حضارة فتمجدوا بديانتهم القديمة او بفارسيتهم .

اما اختلاف طرق المعيشة فقد انقسم الناس في معيشتهم ومعاشهم الى طبقات عديدة فمنهم طبقة الخلفاء والامراء والمترفين الذين اوغلوا في الاسراف والتبذير والغلو الفاحش فانكب اغلبهم على اللهو والمجون والصخب وعاشوا حياة مترفة مبتذلة بين شرب الخمرة واقتناء الجواري الحسان والغلمان والولدان الذكور .

وقسم اخر دون ذلك وهو طبقات التجار واصحاب المهن والحرف فكان التجار يجلبون البضائع والمواد من الهند والصين ومن شرق البلاد وغربها واواسط اسيا وهؤلاء في اكثر الاحيان كانت تنهب الحكومات اموالهم بحجة الضرائب او المصادرة مما ادى بهم ان يتظاهر اغلبهم بالفقر والعوز وما هم بفقراء ولا معوزين .

اما الاقسم الاخر فهم السواد الاعظم من الشعب فقد كانوا يعيشون في حالة من البؤس والفاقة والحرمان عظيمة ويمثلها قول السري الرفاء حيث يقول:.

وكانت الابرة فيما مضى صائنة وجهي واشعاري
فاصبح الرزق بها ضيقا كانه من ثقبها جاري

وقد رسم لنا الشعر الصور الواضحة والجلية لكل هذه الاحداث فقد كان مرآة صقيلة صافية تعكس كل ما في البلاد من احداث وكل ما في المجتمع من امور .

لقد كا ن الشعر سجلا حاضرا حافلا يسجل كل كبيرة وصغيرة فالشعراء هم ابناء الامة وابناء البلد ومن شتى طبقاته الاجتماعية المختلفة . وكل يصور حالته والحالة التي يعيش فيها امثاله . فهو صورة حية للواقع المعاش يمثل الحقيقة الواقعة فعلا الا ما ندر .

انعكست هذه الامور على اللغة العربية ايضا وبدأت تنحسر عن بعض المناطق التي انتشرت فيها وخاصة في الشرق . وهكذا غربت شمس اللغة العربية عن مناطق كثيرة كانت قد اشرقت عليها وانارتها بنور الاسلام والقران الكريم ونور الثقافة والعلم والادب والمعرفة .

لقد ظلت اللغة العربية لغة الدين والثقافة والعلم والادب والدولة طوال هذ العصر والعصور التي قبله وهي في اتساع وامتداد حتى وصلت فرنسا وشواطيء البحر المتوسط وجزره مثل صقلية ومالطة وحول بحر الادرياتيك .و وصلت الى اواسط افريقيا و الى الهند والصين وانشات مدنا وعواصم للعربية فيها مثل بخارى وسمرقند , فاينما توجه العرب نشروا الاسلام دينا والعربية لغة. الا ان استقلال بعض الامارات عن الخلافة في هذا العصر وفي قرنه الثاني وما بعده و تاميرها بامراء غير عرب وخاصة الامارات الشرقية جعلتهم يتعصبون للغاتهم الاصلية وا خص الفارسية حيث شجعوا تلك اللغة التي كانت عاجزة من ان تقوم بها الاعمال الادبية اوالعلمية خلال قرون من بعد الفتح العربي الاسلامي لبلادهم . فقد تطورت في تلك الامارات وحلت اللغات المحلية محل اللغة العربية وظهر فيها شعراء وادباء وعلماء دونوا بهذه اللغات المحلية مؤلفاتهم وقصائدهم مثل عمر الخيام و سعدي الشيرازي

وهكذا ضعفت اللغة العربية في هذه الاصقاع وانكمشت كلما

تقدم الزمن وبقيت لغة الدين فيها فقط وقد تحرج علماء اللغة من الاستشهاد باقوال الادباء والشعراء في هذا العصر والعصور التالية خشية الوقوع في الخطأ اللغوي وانحسر الاستشهاد بما قيل قبل هذا العصر.

اما في الجها ت الغربية من الدولة الاسلامية في الشام ومصر وشمال افريقيا ووسطها وبلاد الاندلس فقد بقيت اللغة العربية فيها قوية وهي لغة التخاطب والدين والعلم والادب لان اغلب الشعب في هذه الاقاليم من اصل عربي لذا حافظ على عروبيته فيها وخاصة اللغة . وحرص الخلفاء والامراء في الدول والامارات فيها على تقدم اللغة العربية والحفاظ عليها فتقدمت .

اما في بلاد الاندلس فقد انحسرت اللغة العربية بمرور الزمن وحلت محلها لغة البلاد الاصليين بعد ان تم طرد العرب منها بعد ظهور دويلات الامارات التي كانت وبالا على الحكم العربي في هذه البلاد . فقد تقاتل الامراء العرب فيما بينهم في بلاد الاندلس فادى ذلك الى ضعفهم نتيجة التناحر والتقاتـل فيما بيـن هذه الدويـلات.هذه المقاتلـة الطويلة الامـد و كانت سببا في ضياع بلاد الاندلس من ايديهم ومن ثم طردهم منها حتى عذ ّب العرب والمسلمين اشد انواع العذاب وخير دليل على ذلك قيام المحاكم الغاشمة( محاكم التفتيش ) في هذه البلاد لقتلهم وطرهم منها.

مما لا شك فيه ان الشعر يمثل حياة الانسان في المجتمع ويصورها افضل تصوير فمن يطلع على شعر حقبة زمنية معينة يستطيع معرفة الكثيرعن احوال هذا المجتمع في تلك الحقبة الزمنية .

واول هذه الفنون والاقرب الى نفوس الخلفاء والامراء والقادة هو الفخر و المديح فقد بلغ من التوسع شاءوا كبيرا وعظيما واتسعت آفاقه وكان من اهم اسباب تقدمه ورقيه واتساع مفاهيمه ودقة اساليبه تقريب الخلفاء والامراء للشعراء اليهم وكثرة وجود العديد من العواصم والمدن التي يتواجد فيها الامراء ومحاولة كل منهم ان يجمع اكبر عدد من الادباء الشعراء والعلماء في مجلسه ليكون افضل من مجالس الاخرين . وبذخهم المال على هذه المجالس ومنح الهبات والعطايا السنية للشعراء وغيرهم ومنهم من امّل الشعراء بالامارة كما فعل الاخشيد مع المتنبي ومنهم من اهدى الشعراء الضياع والجواري الحسان اضافة الى المال الكثير فكانت هذه اسباب ا زدياد الشعراء وتهافتهم على هذه المجالس فكثر المدح والفخر والغلو فيهما .

وقد تميز المدح في هذا العصر بالاطراء والمبالغة كما في وصف المعارك والامراء وهم يقاتلون وينافحون عن البلاد وكذلك مدح الامراء والقواد والشجعان من المقاتلين و ذكر تلك الانتصارات التي حققوها في هذ ا العصر كما فعل المتنبي والشريف الرضي وابن الهبارية وابن مطروح وابن النبيه وغيرهم .

يقول المتنبي في مد ح سيف الدولة الحمداني :

رايتك محض العلم في محض قدرة
ولو شئت كان الحلم منك المهند ا

وما قتل الاحرار كالعفو عنهم
من لك بالحر الذي يحفظ اليدا

اذا انت اكرمت الكريم ملكته
وان انت اكرمت اللئيم تمر دا

ولكن تفوق الناس رأ يا وحكمة
كما فقتهم حالا ونفسا ومحتدا

والغزل من ارق الفنون اوالاغراض الشعرية واحبها الى النفس البشرية لذ ا توسعت وتشعبت وظهرت فيه عدة فنون جديدة تكاد تكون فنونا مستقلة , منها الغزل التقليدي والغزل بالمذكر والغزل الخليع وغزل الحب الصادق والالم والحسرة والغرام والشكوى والوله القاتل وما يحس به الشاعر الواله او العاشق وكذلك الغزل الصوفي الذي يعتبر امتدادا لشعر الزهد حيث نشأ بالعراق ثم انتقل الى مواطن اخرى ومن اهم شعراء التصوف : القشيري وابن الفارض وابن عربي والحلاج ورابعة العدوية والشيخ عبد القادر الكيلاني والسهروردي

لاحظ الشيخ عبد القادرالكيلاني يقول:


مافي الصبابة منهل مستعـــــــــــذب
الا ولي فيه الالذ الاطيــــــــب

اوفي الوصال مكانة مخصوصــــــة
الا اومنزلتي اعز واقـــــــرب

وهبت لي الايام ر ونق صفوهـــــــا
فغلا مناهلها وطاب المشرب

اضحت جيوش الحب تحت مشيئتي
طوعا ومهما رمته لايغـــــرب

.

اما الشعر الفلسفي فقد نشأ في الشام او يكاد ان يكون هكذا ومنها تسرب .وممن اقحم الفلسفة في الشعر ابو العلاء المعري وابن سينا والرازي وغيرهم وكانت روح العصر تتطلب ايجاد مثل هذه الفنون .
وتعجبني هذه الابيات للمعري :

اذا رجع الحصيف الى حجاه
تهاون بالشرائع وازدراها

فخذ منها بما اتاك لب
ولا يغمسك جهل في صراها

وهت اديانهم من كل وجه
فهل عقل يشد به عراها

وكذلك توسع فن الوصف واتسعت معالمه ومجالات القول فيه فقد وصف الشعراء المعارك الحامية التي دارت بين المسلمين والاقوام الاخرى ووصفوا البلدان التي فتحت على ايديهم كما وصفوا بل وا كثروا من وصف الطبيعة ومناظرها الرائعة الخلابة ومظاهرها وجمالها الساحر ووصفوا مجالس الخمرة ومجالس الغناء ووصفوا النساء المشاركات فيها وهن يرقصن ويغنين ووصفوا الرياض والقصور والعمران والورود في الحدائق و تفتقت اخيلتهم في هذه الوصوف وظهرت المقدرة لدي العديد من الشعراء مثل الصنوبري الذي اختص في وصف الطبيعة والوءواء الدمشقي والحمداني والمتنبي في وصف المعارك
يقول الصنوبري في وصف زهرة شقائق النعمان :

كأن محمر الشقيق
اذا تصوب او تصعد

اعلام ياقوت نشرن
على بساط من زبرجد

وظهر كذلك فن التشكي من الزمن ومن الاحداث الاجتماعية وكان موجودا كشذرات في قصائد الشعراء الا انه في هذا العصر ظهر كفن جديد ويتميز بذكر الحوادث والاحدات التاريخية ونقد المجتمع نقدا تحليليا والشكوى من مصائبه واحداثه وهي كثير .
لاحظ قول ابي العلاء المعري فيه :

دنياك دار شرور لا سرور بها
وليس يدري اخوها كيف يحترس

بينا امرؤ يتوقى الذئب عن عرض
اتاه ليث على العلات يفترس

الا ترى هرمي مصر وان شمخا
كلاهما يبقين سوف يندرس

واصاب الهجاء في هذا العصر بعض التوسع و كان من اسبابه التنافس بين الشعراء حول الحضوة لدى الامراء والخلفاء. وتميز هذا العصر بالاسراف في القول البذيء والنيل من الاعراض مما يذكرني بهجاء الحطيئة في العصرين الجاهلي وصدرالاسلام او شعر النقائض بين جرير الاخطل او الفرزدق .

ومن اشهر شعراء الهجاء المتنبي وابن الصياد وما هجاء ابي الطيب في كافور الاخشيدي عنا ببعيد , بعد ان مناه وامله ثم نكث وعوده فصب المتنبي عليه غضب الدهر ولعنة الزمن على مدى الدهور والازمنة وجعله اضحوكة للاخرين يقول :


كلما اغتال عبد السوء سيده
او خانه فله في مصر تمهيد

نامت نواطير مصر عن ثعالبها
فقد بشمن وما تفنى العناقيد

العبد ليس صالح باخ
لو انه في ثياب الحر مولود

لا تشتري العبد الا والعصا معه
ان العبيد لانجاس مناكيد

ما كنت احسبني ابقى الى زمن
يسيء بي فيه كلب وهو محمود

ولا توهمت ان الناس قد فقدوا
وان مثل ابي البيضاء موجود

او قوله فيه :

أمينا واخلافا وغدرا وخسة ؟؟
اشخصا لحت لي ام مخازيا ؟؟

وكذلك كثرت الاخوانيات بما فيها المعاتبة بين الشعراء او غيرهم كقول ابي فراس الحمداني معاتبا :

لم اؤاخذك بالجفاء لاني
واثق منك بالوفاء الصحيح

فجميل العدو غير جميل
وقبيح الصديق غير قبيح


وكذلك الحكمة والامثال وان كانت موجودة في الشعر العربي منذ عصر الجاهلية وافضل من قال فيها واكثر المتنبي والمعري فالمتنبي يقول :

على قدر اهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم

وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم

وكذلك قالوا في المطايبة والمفاكهة والهزل وفي كل امور الحياة اليومية ففنون الشعر هذا العصر كثيرة كثيرة .

ولو لاحظنا معاني الشعر في هذا العصر لوجدنا انها تطورت وتوسعت كثيرا الى حد لا يمكن حصره وتحديده بكلمات نكتبها عنه فمنها ما قيلت بحالة من الرقي والقوة والمتانة بعيدة عن الا بتذال والاسراف فكانت قصائد ذات معان راقية متطورة وخاصة تلك التي قيلت في المدح والفخر او تلك التي اختصت بالسياسة والاجتماع او التي قيلت في الرثاء والهجاء والغزل المحتشم . ومنها من اكثر في الاسراف الى حد الغلو في المجون والابتذال وبالكلمات الرخيصة وخاصة تلك القصائد التي قيلت في الغزل والمجون والغزل بالمذكر وما اليها والتي لم تكن معروفة لدى الشاعر العربي او كان يأنف ان يقول فيها قبل هذا العصر.

وكذلك ظهرت المعاني الفلسفية في الشعر فكانت في اغلب الاحوال معقدة وصعبة الفهم . الى جانب الشعر التعليمي وتأييد المعرفة او نشرها عن طريق الشعر

وعلى العموم صارت ا رضية المعاني الشعرية خصبة يتصرف بها الشاعر او ياتي بها على هواه وامتداد سعة ثقافته و خياله الذي حلّق في الافاق عند بعض الشعراء الخالدين . وكذلك ادخلت على الشعر الرموز الصوفية والفلسفية والاخلاقية وكانت بداية للرمزية في الشعر العربي وقد رقت معاني الشعر في الاغلب وكثرت فيه المحسـنا ت اللغويـة والبلاغية والتشبيهات المختلفة والصناعة الشعرية .لاحظ قول ابي فراس الحمداني :

لبسنا رداء الليل والليل راضع
الى ان تردى رأسه بمشيب

الى ان بدا وء الصباح كانه
بادئ نصول في عذار خضيب

كل ذلك كان في اسلوبية شعرية اختلفت في هذا العصر لما اصابها من تقدم وتطور بحيث اصبح لكل شاعر اسلوبه الخاص او يكاد ان يكون هكذا فقد اختلفت الاساليب تبعا لنفسية الشاعر وحالته التي يعيشها و البيئة التي قيل فيها الشعر بعد امتداد الدولة العربية من الصين شرقا حتى بلاد الاندلس والمغرب العربي غربا فالبيئة الشرقية في فارس وشرقيها اساليب الشعر فيها اختلفت عما هي عليه في مصر والشام وبلاد الاندلس او المغرب العربي كما اختلفت اساليب شعراء الجد عن اساليب شعراء الهزل .

فالشعراء الجادون اسلوبهم فيه القوة والمتانة وحسن اختيار اللفظ والديباجة على غرار الاساليب الشعرية في العصور التي قبل هذا العصر مع فارق التقدم والتطور الذي شمل اللغة العربية وادابها على ايدي هؤلاء الفحول مثل المتنبي والمعري والحمداني والشريف الرضي وغيرهم بينما امتاز الشعر الهزلي بسهولة اسلوبه وسطحية فكرته وادخال الشعراء بعض الالفاظ الفارسية والعامية فيه .ومن قول الشريف الرضي في الحكمة يقول :
كن في الانام بلا عين ولا اذن
او لا فعش ابد الايام مصدورا
والناس اسد تحامي عن فرائسها
اما عقرت واما كنت معقورا

الشعر عامة في هذا العصر غلبت عليه المحسنات اللفظية والبديعية وطغيان الصناعة اللفظية عند كثير من الشعراء فنجد الشاعر كانما ينحت نحتا في ايجاد الكلمة المناسبة واللفظة – صناعة شعرية - و اهتموا باللفظ على حساب المعنى وخاصة في شرق البلاد وفي بغداد وغيرها .

اما في الشام ومصر فقد ظل الشعر قويا متين البناء الا انه دخلته بعض الكلمات الغريبة والتعقيدات الكثيرة ودخلت اليه العلمية والفلسفة على ايدي بعض الشعراء كالمعري مثلا الا انه ساير التقدم الحضاري ولم يتوقف .

كما ظهر التجديد فغلبت على الشعر الرقة والنعومة والسلاسة عند كثير من الشعراء بل اغلبهم وقد ظهر شعراء الموشح والزجل والمواليا حتى ان بعض الشعراء من ادخل اللهجات الدارجة او العامية في الشعر مع المحافظة على بيان وروعة وبلاغة العربية كل حسب مقدرته وكفاءته الادبية وثقافته اللغوية .






---------------------



















https://falih.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى