تمهيد
الانسان ويوم القيامة
بقلم السيد فالح الحجية
الكيلاني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الاولين والاخرين الذي اصطفاه ربه تعالى وفضله على خلقه اجمعين وجعله خاتم الانبياء والمرسلين ورحمة للعالمين وعلى اله واهل بيته انوار الهدى الطيبين الطاهرين واصحابه اهل التقى الغر الميامين ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين رضوان الله تعالى عليهم اجمعين 0
الحمد لله\
هذا الكون العظيم خلقه الله تعالى بالتدريج وكان قادرا ان يخلقه في لحظة واحدة فكان الكون سديما لا فيه شيء غير الماء وعرش الرحمن ( وكان عرشه على الماء ) قبل الخلق فلما اراد الله تعالى ان يخلق هذا الكون جعل في الماء سخونة فخرج من الماء بخارا متصاعدا فكان هذا اصل الخلق وبدايته 0
يثبت الله تعالى بالحقيقة الثابتة انه قد خلق السموات والارض اثباتا لقدرته العظيمة اذ خلقهما في ستة ايام وفي ذلك تبيان لعظيم شان الله تعالى وقوة عظمته في الخلق والابداع وليس هذه الايام الستة كاي ايام فليس كما يتوقع العلماء العارفون من ان مدتها في كل( وان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون ) او مدتها الليل والنهار الحادثان من مدة دوران الفلك أي دوران الارض حول نفسها او حول الشمس لتحدث الفصول الاربعة او التغيرات الجوية والحرارية في هذا الكون ( وكل في فلك يسبحون)سورة يس الاية \ 40 فيتعاقب الليل والنهار حيث لم يكن الفلك موجودا وكذلك الدورة اليومية لم تكن موجودة لعدم وجود الفلك ولا حركتها ومقدارها لا نتفاء الحاجة اليها بسبب عدم الوجود بل هذه الايام الستة ايا م الخلق الاول التي فيها خلق الله تعالى السموات والارض وقدر فيها لكل شيء محسوس او ملموس جاذبيته التي تحفظه في مساراته عمن حوله وما يحيط به بل اقول ان الله تعالى خلق السموات والارض في ستة اطوار احدهم متمم للاخر مع قدرته العظيمة على خلقها في طرفة عين ( انما قولنا لشيء اذا اردنا ه ان نقول له كن فيكون ) سورة النحل الاية \ 40 فالله تعالى لما اراد ان يخلق السموات والارض وكان الكون قبل خلقه لهما سديما مغمورا بالماء احدث الله تعالى سخونة فيه فتصاعد من الماء بخارا يشبه الدخان فكان بداية الخلق- كما قلت سابقا- وفي قوله تعالى( و كان عرشه على الماء ) أي ان عظمة الله تعالى وقدرته وسلطانه - قبل الخلق – يكون مقصورا على الماء لعدم وجود خلق غيره
اما مايكون من عرش الرحمن كان على الماء –والله تعالى اعلم - هو اتصاله به أي بالماء لعدم وجود مانع يمنعه ولا مخلوق اخر يكون حائلا بينه وبينه حيث ان لكل موجود جاذبية تجذبه الى ذاته – كما اسلفت - بحيث يحفظ نفسه بنفسه عما حوله ولا يحتاج الى شيء اخر لكي يكون فعلا الاعتماد عليه في الوجود سوى قدرة الله العظيمة سبحانه وتعالى وهذا ما يجعلنا نعتقد بان عرش الرحمن والماء من اسبق ما خلق الله تعالى أي كانا موجودين قبل خلق السموات والارض وقد جاء في تفسير النيسابوري لهذه الاية ( جاء في اول توراة اليهود ان عرش الله قبل خلق السموات والارض كان على الماء فاحدث في ذلك الماء سخونة فارتفع زبد ودخان ) أي ان بداية الخلق احداث سخونة في الماء فكان البخار فتصاعد هذا البخار الى الاعلى فكانت السماء فالماء اذن اصل الاشياء وكل شيء خلقه الله تعالى من ماء والله تعالى اعلم
قال تعالى( ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللارض اتيا طوعا اوكرها قالتا اتينا طائعين * فقضاهن سبع سموات في يومين واوحى في كل سماء امرها ثم خلق الارض وبارك فيها وقدرفيها اقواتها في اربعة ايام سواءا للسا ئلين* )
فكان الخلق هذا الكون العظيم بمشيئة الله تعالى وتقديره وحكمته فيه وما وضع في هذه الاشياءالتي خلقها من جاذبية وانوار وامور لا نعلم منها الا القليل
فالله تعالى خلق السموا ت والارض كما ذكر سبحانه وتعالى في ستة ايام وخلق فيها المخلوقات ومن بينها هذا الانسان الضعيف العجيب في خلقه وابداعه وقوته وخلق الله تعالى كل ما يحتاجه هذا الانسان من اسباب المعاش والبقاء وكانه خلق الله تعالى كل الخلق وسخره لاجل هذا المخلوق- الانسان –( الذي احسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الانسان من طين) سورة السجدة الاية \7 الا انه جعل في نفسه انفة وسعة وجعل نسله من ماء مهين لكي لا يتكبرولا يتجبر ( ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ) سورة السجدة الاية \ 8 اذ خلق الله تعالى الا نسان بعقله الراجح وتفكيره الواسع واخلاقه الفاضلة وعواطفه الجياشة ومنطقه السليم واحساساته الصادقة المنبعثة من اعماق قلبه حيث خلق الموت والحياة اذ جعل قلبه المحرك له في كل شيء اوهوماكنة حياته دوامه وبقاؤه مقرون بدوام دقات قلبه وبقائها فاذا توقفت توقف وهلك وخلق نفسه فيها التواضع وفيها مسحة من الكبر والانفة والاباء الا انه تعالى حدها بالتعاليم الدينية والعقوبات المعنوية وليختبر هذا الانسان بما هيء له من هواجس التامل والتدبر والتفكر في قدرة الله العظيمة ووحدانيته
خلق الله تعالى الانسان من (طين لازب) ثم جعل نسله يتكون من ماء قذر تتقزز منه النفس البشرية ذاتها وتمقته اليد ان تمسكه والعين ان تنظر اليه كراهة وهذا الماء المهين يتكون في صلب الرجل أي من جهة ظهره ثم ينحدرالى الاسفل ويتكون في ترائب المرأة أي في صدرها من تحت ثدييها ( فلينظر الانسان مم خلق * خلق من ماء دافق* يخرج من بين الصلب الترائب* ) سورة الطارق الايات \ 5-7 ثم ينزل الى اسفل فاذا التقى ماء الرجل بماء الانثى في عملية التزاوج وهي اشرف واقوى عملية جعل الله تعالى فيها بقاء الجنس البشري و جعلها الله تعالى مقرونة بشهوة جامحة ورغبة شديدة تتقارب لها القلوب وتتودد النفوس وتنغرس المحبة في قلب الرجل للمراة وقلب المرأة للرجل بحيث يفضل الاول الثاني على نفسه ويجعله صنو نفسه اواكثر ويمتزج الجسمان الذكري والانثوي في رعشة شديدة جامحة تهز الاثنين هزا عنيفا من اعلى الراس الى اخمص القدم لامثيل لها وقد تجعل الانسان - في بعض الاحيان نساءا ورجالا – يخرج عن الحلال ليقع في الحرام وهو ما يطلق عليه بالزنا الذي يقضى على اصل المرء ونسبه فلا يعرف الانسان ابن من - في سبيل التمتع بهذه الشهوة او اللذة العا رمة هذه الحالة ليست موجودة في الانسان وحده بل في عموم خلق الله تعالى في البشر والحيوان والنبات والحشرات وكل كائن حي فتتزاوج البقرة مع الثور والحصان مع الفرس والاسد مع اللبوة مثلا كما تتزا وج النخلة مع الفحل-اوذكرالنخل – والموضوع طويل طويل قد يخرجنا عما نقصد
في هذه العملية او في الاتصال الجنسي ينزل ماء الرجل الذي يحمل ملايين النطف الذكرية التي تسبح في ماء الرجل في المرة الواحدة ليلتقي بماء الانثى الذي يتكون من العديد من البويضات الانثوية وتتم عملية التزاوج بتخصيب حيمن ذكري واحد لبويضة انثوية واحدة في الاغلب لتكون اصل الخلق في رحم المراة فالافضل والاقوى هو الذي يفوز بهذه العملية ليكون البقاء للاقوى ( ياايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير ) الحجرات \ 13 اما بقية الحيامن والبويضات فتموت او تهلك-- وهذه الحالة تذكرني في مملكةالنحل يوم كنت اربي خلايا نحل وانا اسكن في قضاء الخالص حيث تخرج ملكة النحل الحديثة التكوين بعد ان تكتمل وتصبح ملكة تامة عذراء تخرج من الخلية لغرض التزاوج فتطير في السماء ويتبعها ذكورالنحل في سرب كثير ولا يلقحها الا القوي الذي يستطيع منهم اللحاق بها في جو السماء والارض وهو طبعا الاقوى فيلتسق بها في رغبة جامحة ملقحا اياها وينزلان متعانقين الى الارض - -وقد تهيات الاسباب والاماكن في كلا الجنسين للخلق والانجاب ومن هذا الاتصال يتكون الانسان حيث تتكون هذه اصلا من عدد من الكروموسومات المتساوية العدد في الذكر والانثى عددها\ اثنان وعشرون كرموسوما جسديا وواحد جنسي أي ثلاثة وعشرين كرموسوما في الذكر و مثلها في الانثى فتلتقي او تجتمع فتكون \46كروموسوما منها اربعة واربعون كروموسوما جسديا واثان فقط جنسيا وهذه اصل الامشاج او النطف ثم تتكاثر في رحم المرأة عن طريق الانقسام مكونة اول خلية بشرية جديدة في رحم المرأة المهيء اصلا للحمل والتوسع لتحمل كل الصفات البشرية والوراثية في داخلها ثم تتحول هذه النطفة التي تكونت نتيجة الا تصال الجنسي بين المراة والرجل الى علقة في اربعين يوما وهي نقطة من د م ثم تتحول هذه العلقة الى مضغة في مدة اربعين يوما ايضا وهي اشبه باللحيمة الصغيرة ثم تكون هذه المضغة عظاما في اربعين يوما ثم تكتسى هذه العظام باللحم فتكون جنينا في رحم امه في اربعين يوما اخرى ثم يستمر هكذا في رحم امه حتى تكتمل تسعة اشهر فتكون الولادة
( ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم انشاناه خلقا اخر فتبارك الله احسن الخالقين ) المؤمنون 12- 14
وفي الخلق الاخر هو نفخ الروح فيه وهو ابن اربعةاشهر وهذا مايفسره قوله تعالى (ثم انشاناه خلقا اخر ) فالروح جوهر لا تدركه الاحاسيس ولا تبصره الابصار وانه متصل علمه برب العالمين
( يسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما ا وتيم من العلم الا قليلا )
وقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال ( وان احدكم ليجمع خلقه في بطن امه اربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم ياتي اليه الملك فينفخ الروح فيه ثم يؤمر بكتب اربع كلمات \ رزقه واجله وعمله وشقي او سعيد)
وكذلك سبق الرسول الكريم صلى الله تعالى علم الوراثة الحديث في قوله يوم سئل بم يكون الشبه في الولد قال ( فاذا سبق ماء الرجل ماء المراة نزع الولد له واذا سبق ماء المراة نزعت الولد) رواه البخاري وهو يبين حالة شبه الولد لابيه وامه والعوامل الوراثية التي تحملها كما في علم الاجنة ( الكروموسومات ) او ما يسمى بالجينات
وهذه هي عملية الخلق والتكوين
ومما لاشك فيه ان الله تعالى خلق هذا الكون بجميع احواله واجزائه كانه مسخر لخدمة هذا الانسان فهو مختار من بين كل انواع المخلوقات الكونية ومفضل عليها والكل تدخل في خدمته وهذه حقيقة اقرها القران الكريم ( الله الذي سخرلكم البحر لتجري الفلك فيه بامره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون * وسخرلكم ما في السموات وما في الارض جميعا منه ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون ) الجاثية 12و13
وهكذا تكون الانسان وفضله الله تعالى على جميع مخلوقاته وكل شخص جعل له عمرا ينتهي منه في لحظة موته وجعل له السمع والبصر والفؤاد ليفهم مايجري حوله وماذا يعمل من شراو خير ويكون ويكون له معادا من بعد الموت أي حياة اخرى بعد هذه الحياة يعود المرء الى الحياة الاخرة والتي لاتفنى ولاتنتهي وهو يحمل اوزار عمله في حياته الدنيا على عاتقه ولا احد يعينه على حملها كل يحمل ماعمل او يجد ما عمل في الاخرة محضرا سواء كان خيرا او كان سوءا
فالانسان تنتهي نهايته بالموت او بانتزاع الروح منه هذه الروح التي اودعت في جسده وهو ابن اربعةاشهر في بطن امه لتمتزج في جسده اوتتلبسه فتحدث الحياة جراء هذا التلبس حيث كان الجسد دونها جثة هامدة اومجرد كائن يشغل فراغا ثم يتلاشى اذ تاكله ديدان الارض ويعود اليها بتفسخ جسده ترابا ولم يبق منه شيئا الا عظيمة صغيرة دقة في الصغر اسماها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم(عجب الذنب ) تقع في نهاية العمود الفقري من جهة العجز هي اشبه بالبذرة لبقية الاشياء
اما الروح - التي اودعها الله تعالى فيه منذ الصغر وهو في بطن امه- هذا الجوهر العجيب الذي لا يعرف البشر عنه شيئا ( يسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما اوتيم من العلم الا قليلا*) فيفارق الجسد اثناء عملية الموت فتتصاعد الى الاعلى وهي تحمل بطياتها او نفحاتها كل ما عمله هذا المرء في حياته الاولى التي انتهت بموته ولا تنفك عنها هذه الاعمال او الاوزار الا في يوم البعث او النشور وهذا اليوم هو يوم الجزاء او اليوم الاخر وكثرت اسماؤه وتعددت 0
يوم القيامة هذا اليوم العظيم يبدا من ساعة موت البشر او لحظة خروج الروح من الجسد ويبقى في البرزخ الى يوم البعث او يوم الحساب يوم الحساب ودخوله الجنة اوالنار وهذا اليوم يسمى القيامة الصغرى وهو يبدا من موت المرء وسؤال القبر اوانتقال روحه الى العالم الاخر في عالم البرزخ قال تعالى ( ويسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما اوتيتم من العلم الا قليلا ) سورة الاية \ اذ تبقى الروح معلقة بين الموت الاول والحياة الاخرىوقيل ان الارواح في الاجساد المؤمنة اوالصالحة تكون في عوالم علوية والارواح في الاجساد الكافرة اوالمشركة اوغير المؤمنة تكون في العوالم السفلية حتى يحين يوم القيامة الكبرى الذي فيه تبدل الارض غير الارض وتحدث المعجزات الكبرى ويتلقى كل انسان جزاءه العادل
ان الفناء لاحق بالحياة الدنيا لا محالة حيث خلق الله الكون بما فيه وجعل اسباب نهايته فيه فقد ثبت ان حقيقة امكان هذا العالم الهائل هي الحرارة فكما كانت الحرارة اساس الخلق الاول ووجود كل موجود كما بينت سابقا وجدت ايضا انها اساس فناء هذا العالم حيث انها تنتقل من وجود حراري الى وجود غير حراري اخر واستمرار هذه العملية سيترتب عليها ان تتساوى حرارة جميع الاشياء وعند ذلك لا تبقى اية طاقة للتفاعل وتنتهي العمليات الكيميائية والطبيعية وعندها تنتهي الحياة ويعم هذا الكون الفناء 0
فالانسان والحيوان والنبات تحمل اسباب فنائها في داخلها ونحن اذ نراها وهي قطعا جزء من هذا العالم وجزء من عملية الفناء الكبرى وكذلك الزلازل والبراكين وحدوثها المستمر حيث تدمر مدنا وقرى كبيرة ومساحات شاسعة من هذا الكون وتغير معالمه
وقبل هذه الامور تحدث امور اخرى هي علامات لحدوث يوم القيامة اواشراط الساعة وهي كثيرة تفنن الكتاب وعلماء الدين في تكثيرها وتعدادها الا اني ساذكراهمها والتي وردت في احاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعلى لسانه صحيحة
1- قال الرسول الكريم صلىالله عليه وسلم ( لاتقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان وتكون بينهما مقتلة عظيمة ودعواهما واحدة) وهي اشارة الى الحروب التي وقعت بين المسلمين واولهما ماوقعت بيوم صفين
2- قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم( لاتقوم الساعة حتى تخرج نار من ارض الحجاز تضيء اعناق الابل ببصرى ) وبصرى مدينة في الشام
3- وقال صلى الله عليه وسلم(لاتقوم الساعة حتى يكثر الهرج قالوا وما الهرج يارسول الله قال القتل القتل
4- وقال صلى الله عليه وسلم ( لاتقوم الساعة حتى ينحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه )
5- وقال صلى الله عليه وسلم ( لاتقوم الساعة حتى تضطرب اليات نساء دوس حول ذي الخلصة وكانت صنما تعبها دوس في الجاهلية بتبالة) وهو الاشراك في الله تعالى اوعودة المسلمين لخلط الايمان بالشرك وقد قال تعالى ( وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون ) سورة يوسف الاية \ 106
6- وقال صلى الله عليه وسلم ( لاتقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه )
7- وقال صلى الله عليه وسلم لاتقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبيء اليهودي وراء الحجر والشجر فيقول الحجر او الشجر يامسلم ياعبد الله هذا يهودي فتعال فاقتله الا الغرقد فانه من شجراليهود ) وفي هذا الحديث بشارة باستعادة بيت المقدس من ايدي اليهود وقد اشارت المصادر ان اليهود اخذوا بتكثير زراعة شجر الغرقد في فلسطين في الوقت الحاضر
8- وقال صلى الله عليه وسلم ( لاتقوم الساعةوعلى الارض من يقول الله الله وقيل من يقول لااله الا الله )
9- وقال صلى الله عليه وسلم ايضا ( بادروا بالاعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويصبح كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا )
10--وقال صلى عليه وسلم ( لاتقوم الساعة الا على شرار الناس )
11- وقال صلى الله عليه وسلم ( لاتقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فاذا طلعت فراها الناس اجمعون فذلك حين لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل او كسبت في ايمانها خيرا ) وهذا الحديث مصداق للاية الكريمة ( هل ينظرون الا ان تاتيهم الملائكة او ياتي ربك اوياتي بعض ايات ربك يوم ياتي بعض ايات ربك لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل اوكسبت في ايمانها خيرا ) سورة الانعام الاية \58
وقد رويت هذه الاحاديث الشريفة في اغلب كتب الحديث بضمنها صحيح البخاري وصحيح مسلم رضي الله عنهما
من المعلوم أن الشمس لها القابلية على حفظ أماكن الكواكب في مجالها عن طريق مجال الجاذبية التي تولده بحيث أن قوة جذب الشمس للكوكب أي كوكب تساوي في المقدار و تعاكس في الاتجاه القوة الطاردة المركزية المتولدة من دوران ذلك الكوكب حول الشمس فالمجموعة الشمسية ثابتة الجاذبية مع بعضها ولو اختل توازنها ذرة في كل الف سنة لحدث اختلال عظيم في الجاذبية خلال هذه الملايين من السنين التي تكونت فيها وثبت جاذبية بعضها للاخر وهذا امر مفرغ منه علميا اقره علماء الفلك وعلماء الطبيعة والمعلماء المتنورين من علماء الد ين في الاسلام
وجاء في الآية السابعة من سورة الذاريات (وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ)، وهذا ما يدلل ا ن السماء تتألف من حبك (أي حبال متكونة على هيئة نسيج مترابط ) و بالتالي فإن مجال الجاذبية للنجوم تتألف من حبال على هيئة نسيج تقوم بالشد على الأجسام التي تقع في مجال جاذبية كل نجم اوكوكب وليست هذه الحبال من نسيج او من هذه الخيوط المتعارف عليها لدينا بل هي نسيج من مادة تفنن الخالق سبحانه وتعالى في صنعها وقوتها وثباتها وقدرتها على تحمل ما لا نتستطيع تقديره او تصوره من قوة مهما اوتينا من قابلية وقدرة على الفهم فيما بينها و يوم القيامة يطمس الله تعالى النجوم كما جاء في الايتين الثامنة والتاسعة من سورة المرسلات ( فإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ * واذا السماء فرجت ) و بالتالي ينتهي مجال الجاذبية المؤثر على الكواكب فتنطمس النجوم وتضمحل ومن هذا نسمع في كل وقت عن ا نفجار نجم او افول نجم في السماء الا ان هذا لايؤثر على التقديرات العظيمة لهذا الكون كون النجوم اشبه قشة تسبح في بحر محيط و ينفطر نسيج الطاقة في السماء ( واذا السماء انفطرت ) سورة الانفطار الاية \ 1 أي تنشق السماء ( فاذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ) سورة الرحمن الاية \37 أي ان السماء ستنشق وانفراج السماء اوانفطارها او انشقاقها يعني تصدعها وكينونتها واهية وستكون عند انشقاقها اشبه بالوردة المتفتحة او مثل لوحة زيتية لوردة رسمت بدهان اوبالوان زيتية دهنية كما نراها بالعين المجردة وان هذه اللوحات التي ترسمها النجوم اثناء اوعند انهيارها وافولها تمثل قيامتها ولا تمثل يوم القيامة وانما هي صورة مصغرة لانهيارالسماء في ذلك اليوم أي ان في هذا اليوم تتبعثر الكواكب فيه وتنتثر في السماء تناثر حبات المسبحة حين ينقطع الخيط الرابط بينها وتصبح مثل الحجارة المبعثرة وهذا ما يفسره قول الحق تعالى (وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتثرت ) سورةالانفطار الاية \ 2 عند ذلك تفقد جاذبيتها فتهوى الى الاسفل قال تعالى (والنجم اذا هوى ) سورة النجم الاية \ 1 ثم ينخسف القمر أي يحدث فيه خسوف عظيم يفقده بعض جاذبيته فيتخلخل الكون وينجذب بفعل الجاذبية الاقوى نحو الشمس فيلتصق بها ثم تتكور الشمس باذن ربها قال تعالى ( فاذا الشمس كورت * واذا النجوم انكدرت ) سورة التكويرالايتان\ 1و2 فالشمس ستتكور على نفسها وتلتف لتضع القمر في جوفها أي تجتمع مع القمر في كتلة واحدة وهذا ما بينه الله تعالى في قوله ( َوجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَر ) سورة القيامة الاية \9 وقد توصل علماء الغرب الى بحوثً جديدة عن إمكانية ابتلاع الشمس القمر في ا اجتماعهما ليكونا كتلة واحدة وأنهما يجتمعان مع بعضهما، اذن هنالك إمكانية علمية لحدوث مثل هذه الظاهرة التي حدثنا الله تبارك وتعالى عنها في كتابه الكريم و لتكون هذه الحقائق وهذه الآيات حقائق ثابتة لازمة الحدوث بحيث تصبح السموات واهية بعد ان تقطعت حبائكها اوحبال وصلها واصبحت ضعيفة ايلة للذهاب في اقل
من لحظة
اما في الارض فهناك جملة حقائق الاولى ان البحار بما فيها المحيطات ستنفجر وسبب هذا الانفجار سجورها قال تعالى(وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ( سورةالتكوير الاية \ 6 أي أحميت، والعرب تقول: سجر التنور، اذا رفعت درجة حرارته، ولكي نتمكن من تخيل هذا الأمر ونستطيع أن ندرك كيف سيحدث هذا الأمر، نقول إن الله أودع في أعماق هذه البحار شقوقاً وصدوعاً وأماكن تتدفق منها الحمم البركانية المنصهرة لترفع درجة حرارة الماء إلى درجات عالية جدا وكأن الماء ترتفع حرارته ويتم إحماؤه بشدة، فهذا المشهد لا يمثل يوم القيامة إنما هو صورة مصغرة عن ذلك اليوم، ولذلك فإن الله تبارك وتعالى أقسم بهذه الظاهرة الكونيةالعظيمة ظاهرة البحر المسجور قال الله تعالى
) والْبَحْرِ الْمَسْجُور * إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ) [الطور: 6-7
الانسان ويوم القيامة
بقلم السيد فالح الحجية
الكيلاني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الاولين والاخرين الذي اصطفاه ربه تعالى وفضله على خلقه اجمعين وجعله خاتم الانبياء والمرسلين ورحمة للعالمين وعلى اله واهل بيته انوار الهدى الطيبين الطاهرين واصحابه اهل التقى الغر الميامين ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين رضوان الله تعالى عليهم اجمعين 0
الحمد لله\
هذا الكون العظيم خلقه الله تعالى بالتدريج وكان قادرا ان يخلقه في لحظة واحدة فكان الكون سديما لا فيه شيء غير الماء وعرش الرحمن ( وكان عرشه على الماء ) قبل الخلق فلما اراد الله تعالى ان يخلق هذا الكون جعل في الماء سخونة فخرج من الماء بخارا متصاعدا فكان هذا اصل الخلق وبدايته 0
يثبت الله تعالى بالحقيقة الثابتة انه قد خلق السموات والارض اثباتا لقدرته العظيمة اذ خلقهما في ستة ايام وفي ذلك تبيان لعظيم شان الله تعالى وقوة عظمته في الخلق والابداع وليس هذه الايام الستة كاي ايام فليس كما يتوقع العلماء العارفون من ان مدتها في كل( وان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون ) او مدتها الليل والنهار الحادثان من مدة دوران الفلك أي دوران الارض حول نفسها او حول الشمس لتحدث الفصول الاربعة او التغيرات الجوية والحرارية في هذا الكون ( وكل في فلك يسبحون)سورة يس الاية \ 40 فيتعاقب الليل والنهار حيث لم يكن الفلك موجودا وكذلك الدورة اليومية لم تكن موجودة لعدم وجود الفلك ولا حركتها ومقدارها لا نتفاء الحاجة اليها بسبب عدم الوجود بل هذه الايام الستة ايا م الخلق الاول التي فيها خلق الله تعالى السموات والارض وقدر فيها لكل شيء محسوس او ملموس جاذبيته التي تحفظه في مساراته عمن حوله وما يحيط به بل اقول ان الله تعالى خلق السموات والارض في ستة اطوار احدهم متمم للاخر مع قدرته العظيمة على خلقها في طرفة عين ( انما قولنا لشيء اذا اردنا ه ان نقول له كن فيكون ) سورة النحل الاية \ 40 فالله تعالى لما اراد ان يخلق السموات والارض وكان الكون قبل خلقه لهما سديما مغمورا بالماء احدث الله تعالى سخونة فيه فتصاعد من الماء بخارا يشبه الدخان فكان بداية الخلق- كما قلت سابقا- وفي قوله تعالى( و كان عرشه على الماء ) أي ان عظمة الله تعالى وقدرته وسلطانه - قبل الخلق – يكون مقصورا على الماء لعدم وجود خلق غيره
اما مايكون من عرش الرحمن كان على الماء –والله تعالى اعلم - هو اتصاله به أي بالماء لعدم وجود مانع يمنعه ولا مخلوق اخر يكون حائلا بينه وبينه حيث ان لكل موجود جاذبية تجذبه الى ذاته – كما اسلفت - بحيث يحفظ نفسه بنفسه عما حوله ولا يحتاج الى شيء اخر لكي يكون فعلا الاعتماد عليه في الوجود سوى قدرة الله العظيمة سبحانه وتعالى وهذا ما يجعلنا نعتقد بان عرش الرحمن والماء من اسبق ما خلق الله تعالى أي كانا موجودين قبل خلق السموات والارض وقد جاء في تفسير النيسابوري لهذه الاية ( جاء في اول توراة اليهود ان عرش الله قبل خلق السموات والارض كان على الماء فاحدث في ذلك الماء سخونة فارتفع زبد ودخان ) أي ان بداية الخلق احداث سخونة في الماء فكان البخار فتصاعد هذا البخار الى الاعلى فكانت السماء فالماء اذن اصل الاشياء وكل شيء خلقه الله تعالى من ماء والله تعالى اعلم
قال تعالى( ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللارض اتيا طوعا اوكرها قالتا اتينا طائعين * فقضاهن سبع سموات في يومين واوحى في كل سماء امرها ثم خلق الارض وبارك فيها وقدرفيها اقواتها في اربعة ايام سواءا للسا ئلين* )
فكان الخلق هذا الكون العظيم بمشيئة الله تعالى وتقديره وحكمته فيه وما وضع في هذه الاشياءالتي خلقها من جاذبية وانوار وامور لا نعلم منها الا القليل
فالله تعالى خلق السموا ت والارض كما ذكر سبحانه وتعالى في ستة ايام وخلق فيها المخلوقات ومن بينها هذا الانسان الضعيف العجيب في خلقه وابداعه وقوته وخلق الله تعالى كل ما يحتاجه هذا الانسان من اسباب المعاش والبقاء وكانه خلق الله تعالى كل الخلق وسخره لاجل هذا المخلوق- الانسان –( الذي احسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الانسان من طين) سورة السجدة الاية \7 الا انه جعل في نفسه انفة وسعة وجعل نسله من ماء مهين لكي لا يتكبرولا يتجبر ( ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ) سورة السجدة الاية \ 8 اذ خلق الله تعالى الا نسان بعقله الراجح وتفكيره الواسع واخلاقه الفاضلة وعواطفه الجياشة ومنطقه السليم واحساساته الصادقة المنبعثة من اعماق قلبه حيث خلق الموت والحياة اذ جعل قلبه المحرك له في كل شيء اوهوماكنة حياته دوامه وبقاؤه مقرون بدوام دقات قلبه وبقائها فاذا توقفت توقف وهلك وخلق نفسه فيها التواضع وفيها مسحة من الكبر والانفة والاباء الا انه تعالى حدها بالتعاليم الدينية والعقوبات المعنوية وليختبر هذا الانسان بما هيء له من هواجس التامل والتدبر والتفكر في قدرة الله العظيمة ووحدانيته
خلق الله تعالى الانسان من (طين لازب) ثم جعل نسله يتكون من ماء قذر تتقزز منه النفس البشرية ذاتها وتمقته اليد ان تمسكه والعين ان تنظر اليه كراهة وهذا الماء المهين يتكون في صلب الرجل أي من جهة ظهره ثم ينحدرالى الاسفل ويتكون في ترائب المرأة أي في صدرها من تحت ثدييها ( فلينظر الانسان مم خلق * خلق من ماء دافق* يخرج من بين الصلب الترائب* ) سورة الطارق الايات \ 5-7 ثم ينزل الى اسفل فاذا التقى ماء الرجل بماء الانثى في عملية التزاوج وهي اشرف واقوى عملية جعل الله تعالى فيها بقاء الجنس البشري و جعلها الله تعالى مقرونة بشهوة جامحة ورغبة شديدة تتقارب لها القلوب وتتودد النفوس وتنغرس المحبة في قلب الرجل للمراة وقلب المرأة للرجل بحيث يفضل الاول الثاني على نفسه ويجعله صنو نفسه اواكثر ويمتزج الجسمان الذكري والانثوي في رعشة شديدة جامحة تهز الاثنين هزا عنيفا من اعلى الراس الى اخمص القدم لامثيل لها وقد تجعل الانسان - في بعض الاحيان نساءا ورجالا – يخرج عن الحلال ليقع في الحرام وهو ما يطلق عليه بالزنا الذي يقضى على اصل المرء ونسبه فلا يعرف الانسان ابن من - في سبيل التمتع بهذه الشهوة او اللذة العا رمة هذه الحالة ليست موجودة في الانسان وحده بل في عموم خلق الله تعالى في البشر والحيوان والنبات والحشرات وكل كائن حي فتتزاوج البقرة مع الثور والحصان مع الفرس والاسد مع اللبوة مثلا كما تتزا وج النخلة مع الفحل-اوذكرالنخل – والموضوع طويل طويل قد يخرجنا عما نقصد
في هذه العملية او في الاتصال الجنسي ينزل ماء الرجل الذي يحمل ملايين النطف الذكرية التي تسبح في ماء الرجل في المرة الواحدة ليلتقي بماء الانثى الذي يتكون من العديد من البويضات الانثوية وتتم عملية التزاوج بتخصيب حيمن ذكري واحد لبويضة انثوية واحدة في الاغلب لتكون اصل الخلق في رحم المراة فالافضل والاقوى هو الذي يفوز بهذه العملية ليكون البقاء للاقوى ( ياايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير ) الحجرات \ 13 اما بقية الحيامن والبويضات فتموت او تهلك-- وهذه الحالة تذكرني في مملكةالنحل يوم كنت اربي خلايا نحل وانا اسكن في قضاء الخالص حيث تخرج ملكة النحل الحديثة التكوين بعد ان تكتمل وتصبح ملكة تامة عذراء تخرج من الخلية لغرض التزاوج فتطير في السماء ويتبعها ذكورالنحل في سرب كثير ولا يلقحها الا القوي الذي يستطيع منهم اللحاق بها في جو السماء والارض وهو طبعا الاقوى فيلتسق بها في رغبة جامحة ملقحا اياها وينزلان متعانقين الى الارض - -وقد تهيات الاسباب والاماكن في كلا الجنسين للخلق والانجاب ومن هذا الاتصال يتكون الانسان حيث تتكون هذه اصلا من عدد من الكروموسومات المتساوية العدد في الذكر والانثى عددها\ اثنان وعشرون كرموسوما جسديا وواحد جنسي أي ثلاثة وعشرين كرموسوما في الذكر و مثلها في الانثى فتلتقي او تجتمع فتكون \46كروموسوما منها اربعة واربعون كروموسوما جسديا واثان فقط جنسيا وهذه اصل الامشاج او النطف ثم تتكاثر في رحم المرأة عن طريق الانقسام مكونة اول خلية بشرية جديدة في رحم المرأة المهيء اصلا للحمل والتوسع لتحمل كل الصفات البشرية والوراثية في داخلها ثم تتحول هذه النطفة التي تكونت نتيجة الا تصال الجنسي بين المراة والرجل الى علقة في اربعين يوما وهي نقطة من د م ثم تتحول هذه العلقة الى مضغة في مدة اربعين يوما ايضا وهي اشبه باللحيمة الصغيرة ثم تكون هذه المضغة عظاما في اربعين يوما ثم تكتسى هذه العظام باللحم فتكون جنينا في رحم امه في اربعين يوما اخرى ثم يستمر هكذا في رحم امه حتى تكتمل تسعة اشهر فتكون الولادة
( ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم انشاناه خلقا اخر فتبارك الله احسن الخالقين ) المؤمنون 12- 14
وفي الخلق الاخر هو نفخ الروح فيه وهو ابن اربعةاشهر وهذا مايفسره قوله تعالى (ثم انشاناه خلقا اخر ) فالروح جوهر لا تدركه الاحاسيس ولا تبصره الابصار وانه متصل علمه برب العالمين
( يسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما ا وتيم من العلم الا قليلا )
وقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال ( وان احدكم ليجمع خلقه في بطن امه اربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم ياتي اليه الملك فينفخ الروح فيه ثم يؤمر بكتب اربع كلمات \ رزقه واجله وعمله وشقي او سعيد)
وكذلك سبق الرسول الكريم صلى الله تعالى علم الوراثة الحديث في قوله يوم سئل بم يكون الشبه في الولد قال ( فاذا سبق ماء الرجل ماء المراة نزع الولد له واذا سبق ماء المراة نزعت الولد) رواه البخاري وهو يبين حالة شبه الولد لابيه وامه والعوامل الوراثية التي تحملها كما في علم الاجنة ( الكروموسومات ) او ما يسمى بالجينات
وهذه هي عملية الخلق والتكوين
ومما لاشك فيه ان الله تعالى خلق هذا الكون بجميع احواله واجزائه كانه مسخر لخدمة هذا الانسان فهو مختار من بين كل انواع المخلوقات الكونية ومفضل عليها والكل تدخل في خدمته وهذه حقيقة اقرها القران الكريم ( الله الذي سخرلكم البحر لتجري الفلك فيه بامره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون * وسخرلكم ما في السموات وما في الارض جميعا منه ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون ) الجاثية 12و13
وهكذا تكون الانسان وفضله الله تعالى على جميع مخلوقاته وكل شخص جعل له عمرا ينتهي منه في لحظة موته وجعل له السمع والبصر والفؤاد ليفهم مايجري حوله وماذا يعمل من شراو خير ويكون ويكون له معادا من بعد الموت أي حياة اخرى بعد هذه الحياة يعود المرء الى الحياة الاخرة والتي لاتفنى ولاتنتهي وهو يحمل اوزار عمله في حياته الدنيا على عاتقه ولا احد يعينه على حملها كل يحمل ماعمل او يجد ما عمل في الاخرة محضرا سواء كان خيرا او كان سوءا
فالانسان تنتهي نهايته بالموت او بانتزاع الروح منه هذه الروح التي اودعت في جسده وهو ابن اربعةاشهر في بطن امه لتمتزج في جسده اوتتلبسه فتحدث الحياة جراء هذا التلبس حيث كان الجسد دونها جثة هامدة اومجرد كائن يشغل فراغا ثم يتلاشى اذ تاكله ديدان الارض ويعود اليها بتفسخ جسده ترابا ولم يبق منه شيئا الا عظيمة صغيرة دقة في الصغر اسماها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم(عجب الذنب ) تقع في نهاية العمود الفقري من جهة العجز هي اشبه بالبذرة لبقية الاشياء
اما الروح - التي اودعها الله تعالى فيه منذ الصغر وهو في بطن امه- هذا الجوهر العجيب الذي لا يعرف البشر عنه شيئا ( يسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما اوتيم من العلم الا قليلا*) فيفارق الجسد اثناء عملية الموت فتتصاعد الى الاعلى وهي تحمل بطياتها او نفحاتها كل ما عمله هذا المرء في حياته الاولى التي انتهت بموته ولا تنفك عنها هذه الاعمال او الاوزار الا في يوم البعث او النشور وهذا اليوم هو يوم الجزاء او اليوم الاخر وكثرت اسماؤه وتعددت 0
يوم القيامة هذا اليوم العظيم يبدا من ساعة موت البشر او لحظة خروج الروح من الجسد ويبقى في البرزخ الى يوم البعث او يوم الحساب يوم الحساب ودخوله الجنة اوالنار وهذا اليوم يسمى القيامة الصغرى وهو يبدا من موت المرء وسؤال القبر اوانتقال روحه الى العالم الاخر في عالم البرزخ قال تعالى ( ويسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما اوتيتم من العلم الا قليلا ) سورة الاية \ اذ تبقى الروح معلقة بين الموت الاول والحياة الاخرىوقيل ان الارواح في الاجساد المؤمنة اوالصالحة تكون في عوالم علوية والارواح في الاجساد الكافرة اوالمشركة اوغير المؤمنة تكون في العوالم السفلية حتى يحين يوم القيامة الكبرى الذي فيه تبدل الارض غير الارض وتحدث المعجزات الكبرى ويتلقى كل انسان جزاءه العادل
ان الفناء لاحق بالحياة الدنيا لا محالة حيث خلق الله الكون بما فيه وجعل اسباب نهايته فيه فقد ثبت ان حقيقة امكان هذا العالم الهائل هي الحرارة فكما كانت الحرارة اساس الخلق الاول ووجود كل موجود كما بينت سابقا وجدت ايضا انها اساس فناء هذا العالم حيث انها تنتقل من وجود حراري الى وجود غير حراري اخر واستمرار هذه العملية سيترتب عليها ان تتساوى حرارة جميع الاشياء وعند ذلك لا تبقى اية طاقة للتفاعل وتنتهي العمليات الكيميائية والطبيعية وعندها تنتهي الحياة ويعم هذا الكون الفناء 0
فالانسان والحيوان والنبات تحمل اسباب فنائها في داخلها ونحن اذ نراها وهي قطعا جزء من هذا العالم وجزء من عملية الفناء الكبرى وكذلك الزلازل والبراكين وحدوثها المستمر حيث تدمر مدنا وقرى كبيرة ومساحات شاسعة من هذا الكون وتغير معالمه
وقبل هذه الامور تحدث امور اخرى هي علامات لحدوث يوم القيامة اواشراط الساعة وهي كثيرة تفنن الكتاب وعلماء الدين في تكثيرها وتعدادها الا اني ساذكراهمها والتي وردت في احاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعلى لسانه صحيحة
1- قال الرسول الكريم صلىالله عليه وسلم ( لاتقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان وتكون بينهما مقتلة عظيمة ودعواهما واحدة) وهي اشارة الى الحروب التي وقعت بين المسلمين واولهما ماوقعت بيوم صفين
2- قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم( لاتقوم الساعة حتى تخرج نار من ارض الحجاز تضيء اعناق الابل ببصرى ) وبصرى مدينة في الشام
3- وقال صلى الله عليه وسلم(لاتقوم الساعة حتى يكثر الهرج قالوا وما الهرج يارسول الله قال القتل القتل
4- وقال صلى الله عليه وسلم ( لاتقوم الساعة حتى ينحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه )
5- وقال صلى الله عليه وسلم ( لاتقوم الساعة حتى تضطرب اليات نساء دوس حول ذي الخلصة وكانت صنما تعبها دوس في الجاهلية بتبالة) وهو الاشراك في الله تعالى اوعودة المسلمين لخلط الايمان بالشرك وقد قال تعالى ( وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون ) سورة يوسف الاية \ 106
6- وقال صلى الله عليه وسلم ( لاتقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه )
7- وقال صلى الله عليه وسلم لاتقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبيء اليهودي وراء الحجر والشجر فيقول الحجر او الشجر يامسلم ياعبد الله هذا يهودي فتعال فاقتله الا الغرقد فانه من شجراليهود ) وفي هذا الحديث بشارة باستعادة بيت المقدس من ايدي اليهود وقد اشارت المصادر ان اليهود اخذوا بتكثير زراعة شجر الغرقد في فلسطين في الوقت الحاضر
8- وقال صلى الله عليه وسلم ( لاتقوم الساعةوعلى الارض من يقول الله الله وقيل من يقول لااله الا الله )
9- وقال صلى الله عليه وسلم ايضا ( بادروا بالاعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويصبح كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا )
10--وقال صلى عليه وسلم ( لاتقوم الساعة الا على شرار الناس )
11- وقال صلى الله عليه وسلم ( لاتقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فاذا طلعت فراها الناس اجمعون فذلك حين لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل او كسبت في ايمانها خيرا ) وهذا الحديث مصداق للاية الكريمة ( هل ينظرون الا ان تاتيهم الملائكة او ياتي ربك اوياتي بعض ايات ربك يوم ياتي بعض ايات ربك لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل اوكسبت في ايمانها خيرا ) سورة الانعام الاية \58
وقد رويت هذه الاحاديث الشريفة في اغلب كتب الحديث بضمنها صحيح البخاري وصحيح مسلم رضي الله عنهما
من المعلوم أن الشمس لها القابلية على حفظ أماكن الكواكب في مجالها عن طريق مجال الجاذبية التي تولده بحيث أن قوة جذب الشمس للكوكب أي كوكب تساوي في المقدار و تعاكس في الاتجاه القوة الطاردة المركزية المتولدة من دوران ذلك الكوكب حول الشمس فالمجموعة الشمسية ثابتة الجاذبية مع بعضها ولو اختل توازنها ذرة في كل الف سنة لحدث اختلال عظيم في الجاذبية خلال هذه الملايين من السنين التي تكونت فيها وثبت جاذبية بعضها للاخر وهذا امر مفرغ منه علميا اقره علماء الفلك وعلماء الطبيعة والمعلماء المتنورين من علماء الد ين في الاسلام
وجاء في الآية السابعة من سورة الذاريات (وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ)، وهذا ما يدلل ا ن السماء تتألف من حبك (أي حبال متكونة على هيئة نسيج مترابط ) و بالتالي فإن مجال الجاذبية للنجوم تتألف من حبال على هيئة نسيج تقوم بالشد على الأجسام التي تقع في مجال جاذبية كل نجم اوكوكب وليست هذه الحبال من نسيج او من هذه الخيوط المتعارف عليها لدينا بل هي نسيج من مادة تفنن الخالق سبحانه وتعالى في صنعها وقوتها وثباتها وقدرتها على تحمل ما لا نتستطيع تقديره او تصوره من قوة مهما اوتينا من قابلية وقدرة على الفهم فيما بينها و يوم القيامة يطمس الله تعالى النجوم كما جاء في الايتين الثامنة والتاسعة من سورة المرسلات ( فإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ * واذا السماء فرجت ) و بالتالي ينتهي مجال الجاذبية المؤثر على الكواكب فتنطمس النجوم وتضمحل ومن هذا نسمع في كل وقت عن ا نفجار نجم او افول نجم في السماء الا ان هذا لايؤثر على التقديرات العظيمة لهذا الكون كون النجوم اشبه قشة تسبح في بحر محيط و ينفطر نسيج الطاقة في السماء ( واذا السماء انفطرت ) سورة الانفطار الاية \ 1 أي تنشق السماء ( فاذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ) سورة الرحمن الاية \37 أي ان السماء ستنشق وانفراج السماء اوانفطارها او انشقاقها يعني تصدعها وكينونتها واهية وستكون عند انشقاقها اشبه بالوردة المتفتحة او مثل لوحة زيتية لوردة رسمت بدهان اوبالوان زيتية دهنية كما نراها بالعين المجردة وان هذه اللوحات التي ترسمها النجوم اثناء اوعند انهيارها وافولها تمثل قيامتها ولا تمثل يوم القيامة وانما هي صورة مصغرة لانهيارالسماء في ذلك اليوم أي ان في هذا اليوم تتبعثر الكواكب فيه وتنتثر في السماء تناثر حبات المسبحة حين ينقطع الخيط الرابط بينها وتصبح مثل الحجارة المبعثرة وهذا ما يفسره قول الحق تعالى (وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتثرت ) سورةالانفطار الاية \ 2 عند ذلك تفقد جاذبيتها فتهوى الى الاسفل قال تعالى (والنجم اذا هوى ) سورة النجم الاية \ 1 ثم ينخسف القمر أي يحدث فيه خسوف عظيم يفقده بعض جاذبيته فيتخلخل الكون وينجذب بفعل الجاذبية الاقوى نحو الشمس فيلتصق بها ثم تتكور الشمس باذن ربها قال تعالى ( فاذا الشمس كورت * واذا النجوم انكدرت ) سورة التكويرالايتان\ 1و2 فالشمس ستتكور على نفسها وتلتف لتضع القمر في جوفها أي تجتمع مع القمر في كتلة واحدة وهذا ما بينه الله تعالى في قوله ( َوجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَر ) سورة القيامة الاية \9 وقد توصل علماء الغرب الى بحوثً جديدة عن إمكانية ابتلاع الشمس القمر في ا اجتماعهما ليكونا كتلة واحدة وأنهما يجتمعان مع بعضهما، اذن هنالك إمكانية علمية لحدوث مثل هذه الظاهرة التي حدثنا الله تبارك وتعالى عنها في كتابه الكريم و لتكون هذه الحقائق وهذه الآيات حقائق ثابتة لازمة الحدوث بحيث تصبح السموات واهية بعد ان تقطعت حبائكها اوحبال وصلها واصبحت ضعيفة ايلة للذهاب في اقل
من لحظة
اما في الارض فهناك جملة حقائق الاولى ان البحار بما فيها المحيطات ستنفجر وسبب هذا الانفجار سجورها قال تعالى(وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ( سورةالتكوير الاية \ 6 أي أحميت، والعرب تقول: سجر التنور، اذا رفعت درجة حرارته، ولكي نتمكن من تخيل هذا الأمر ونستطيع أن ندرك كيف سيحدث هذا الأمر، نقول إن الله أودع في أعماق هذه البحار شقوقاً وصدوعاً وأماكن تتدفق منها الحمم البركانية المنصهرة لترفع درجة حرارة الماء إلى درجات عالية جدا وكأن الماء ترتفع حرارته ويتم إحماؤه بشدة، فهذا المشهد لا يمثل يوم القيامة إنما هو صورة مصغرة عن ذلك اليوم، ولذلك فإن الله تبارك وتعالى أقسم بهذه الظاهرة الكونيةالعظيمة ظاهرة البحر المسجور قال الله تعالى
) والْبَحْرِ الْمَسْجُور * إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ) [الطور: 6-7