التصوف في لمحة تاريخية
---------------------------
التصوف بكل تعاريفه وكثرة ما كتب عنه اصله من الصفاء من الكدر- كما اعتقد – فهو انبعاث من اعماق النفس الانسانية متفاعلا معها وفيها معنى هذا ان التصوف وجد بوجود الانسان ومعتقده وحاجته اليه في تصفية هذه النفس التي يحملها بين جنبيه مما يلحقها او علق بها من ادران اوشوائب
يقول الدكتور محمد اقبال الشاعر الهندي الكبير( –ليس من الصواب ان نرجع كل ظاهرة في بيئة ما الى عوامل خارجة عنها ونهمل العوامل الداخلية فانه لافكرة من الافكار ذات قيمة يكون لها سلطان على نفوس الناس الا اذا كانت تمت اليهم بصلة فاذا جاء عامل خارجي ايقضها ولكنه لايخلقها خلقا وعندما بحث المستشرقون في اصل التصوف ذهبوا الى ان مرده الاى هذا العامل الخارجي او ذلك ونسوا ان اية ظاهرة عقلية او تطور عقلي في امة لايكون لها معنى ولايفهمان الا في الظروف العقلية والسياسية والدينية والاجتماعية التي عاشت فيها هذه الامة قبل ظهورقبل ظهور تلك الظاهرة) لاحظ تطور الفلسفة اليتافزيقية في فارس صفحة 96
في هذه الظاهرة بين لنشاة التصوف الاسلامي والطريق السوي في معالجتها والنظر الى البيئة العقلية والدينية والسياسية والاجتماعية التي نشاءت فيها هذه الظاهرة اللكبيرة التي غيرت مجزى التاريخ لاسلامي فالتصوف وليد تاريخ الاسلام لديبني والسياسيي والعقلي والعنصري فهو مظهر من مظاهره ةما احاط به من ظروف وما دخل فيه من شعوب0
النظريات الصوفية كثرت وتعددت تبعا لمدارسه خلال الازمن وما اكتنف كل نظرية من مفاهيم وعوامل ابتداء من عهد الرسشول الكريم صلىالله عليه وسلمومنعه الرهبنة في الاسلامولالتفريق بين الزهد والعبادة وبين الرهبانية وما تمخضت عنه هذه المدارس الكثيرة كالمدرسة النيسابيورية التي اظهرت او افرزت فرقة – الملامتية – او مدرسة مصر والشام التي امتاز علما ؤها بدقة التحليل النفسشي في لحظات قربهال من الله تعالى او بعدها عنهجل وعلا
ونستطيع تحديد تاريخ التصوف الاسلامي بثلاث مراحل الاولى تكمن في الزهد والتعبد والخوف الشديد من الجزاء مثلما يظهر في سيرة الحسن البصري-- الفقيه الصوفي المولود عام 21هجرية 642 م في البصرة عاش بواد ام القرى في نواحي المدينة المنورة ودرس الحديث الشريف والفه واشتهر بالزهد والتقشف ويعتبر رائد الزهد والتصوف في الاسلام توفي عام 110 هجرية 7728 م -- وسفيان الثوري المحدث من مشاهير التابعين وكان يلقب بامير المؤمنين في الحديث وهو ابو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري توفي في البصرة عام 161 هجرية 778 م – وما قبلها والمرحلة الثانية مرحلة المعرفة والمحبة والعشق الالهي ويظهر ذلك في اقوال معروف الكرخي البغدادي –( وهو ابو محفوظ معروف بن فيروز وقيل علي منمسوب الى الكرخ في بغداد احد اعلام التصوف الزهاد والمتصوفين اشتهر بالصلاح وقده الناس للتبرك به وقبره ظاهر وشاهد في بغداد ولا يزال قائما يقصده الناس للتبرك به -)
والجنيد البغدادي ( وهو ابو القاسم الجنيد بن محمد بن الجنيد ويلبقب بالخزاز او القوا ريري او الزجاج ولد في القرن الثالث الهجري في بغداد متصوف وفقيه اول من اشتغل بكلام التوحيد وشبخ مذهب التصوف حج من بغداد الى مكة ثلاث مرات على قدميه ويعرف بطاووس العلماء توفي في بغداد سنة 297 هجرية 910 م وقبره ظاهر ومعروف في بغداد ) وذو النون المصري
( وهو ابو الفيض نوبان بن ابراخيم المصري المولود بصعيد مصر عام 255هجرية 771 م زار القدس والشام وبغداد ومكة من اصحاب المجاهدات والكرامات توفي سنة 345 هجرية 859 م
بالجيزة ودفن في القاهرة وقيره ظاهر فيها)
اما المرحلة الثالثة فهي مرحلة الفناء في الله تعالى ووحدة الوجود واول التكلمين فيها الجنيد المذكر مسبقا والشبلي ( وهو القاضي بدر الدين محمد بن عبد الله بن محمد الشبلي الدمشقي ولد بدمشق 712 هجرية 1312 م وتوفي 769 هجرية 1367 م ) وابو يزيد البسطامي ( وهو طيفور بن عيسى بن ادم بن سروثان البسطامي ولد عام 188 هجرية 804 م عرف بالزهد والتصوف واحد المتكلمين بوحدة الوجود توفي سنة 261 هجرية 875 م وقبره ظاهر ويزار وقد مزجت شخصيته بالاساطير والشطحات الصوفية ) الذي اوغل في ذلك ونستطيع ان نحدد حقيقتين اثنتين هما محور كل قديم او محدث الاولى انه ليس في العالم الا وجود واحد هو الوجود المطلق ذو الخيرالمحض والجمال الخالص- له يسجدمن في السموات ومن في الارض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس - سورة الحج اية 18
والحقيقة الثانية ان الروح من عالم الغيب وهي في حنين دائم الى عالمها وغاية الصوفي في هذه الحياة ان ييسر للروح النجاة ويخلصها من كل نقص ويحررها من كل علاقة او حالة حتى تتصل بالله تعالى ويطلقها من قيودها ترجيعا ووجودا مطلقا غير محدود لترجع الى عالمها الازلي امنة مطمئنة
لم تكن في عصر صدر الاسلام حاجة الى وضع حدود وقواعد للزهد والعبادة في الدنيا للقصد من ملذاتها كما لم تكن حاجة الى تمييز طائفة من المسلمين عن غيرهم بسبب انفرادهم بالورع او التقوى وانما ظهرت هذه الحاجة ملحة كما يقول العلامة ابن خلدون ( وهو الدين بن الوزير عبد الرحمن بن محمد بن محمد ولبد عام 573هجرية 1322 م بتونس وتنقل الى مناطق عديدة في بلاد شمال افريقيا والشام والحجاز والقاهرة اتسمت مؤلفاته بالنزعة الفلسفية والاجتماعية والتاريخية متصلة بينها توفي عام 808 هجرية 1405 م بالقاهرة ) في مقد مته - عندما فشا الاقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده وجنح الناس الى مخالطة الدنيا فاختص المقبلون باسم الصوفية – لاحظ كشف الظنون ج1 صفحة 414
اما الامام القشيري فيقول – اعلموا ان المسلمين بعد رسول الله صلىالله عليه وسلم لم يتسم افاضلهم في عصرهم بتسمية علم سوى صحبة الرسول صلىالله عليه وسلم اذ لاافضلية فوقها فقل لهم الصحابة ثم اختلف الناس وتباينت المراتب فقيل لخواص الناس ممن لهم شدة عناية بالدين الزهاد والعباد ثم ظهرت البدعة وحصل التداعي بين الفرق فكل فريق ان فيهم زهادا وانفرد خواص اهل السنة المراعون انفسهم مع الله تعالى والحافظون قلوبهم من طوارق الغفلة باسم التصوف - لاحظ كشف الظنون ج1 صفحة 414
اما الاما م الحافظ السيد محمد صديق الغماري فقد افتى عندما سئل عن اول من ا سس التصوف فقال –( اما اول من اسس الطريقة فلنعلم ان الطريقة اسسها الوحي السماوي في جملة ما اسس من الدين المحمدي اذ هي بلاشك مقام الاحسان الذي هو احد اركان الدين الثلاثة التي جعلها النبيى صلى الله عليه وسلم بعد مابينها واحدا واحدا الينا بقوله - هذا جبريل عليه السلام اتاكم يعلمكم دينكم - وهو الاسلام والايمان والاحسان فالاسلام طاعة وعبادة والايمان نور وعقيدة والاحسان مراقبة ومشاهدة ان تعبد الله كانك تراه فان لم تراه فالنه يراك ) لاحظ حقائق عن التصوف للسيخ عبد القادر عيسى صفحة 15
لقد مر التصوف في الاسلام منذ نشاته ولحد الان في اطوار ومفاهيم تبلورت مع الوقت وتحولت خلالها الصوفية من الشكل الفردي الى شكل جماعي منظم وصارت طرقا وجماعات بعد ان كانت فردية يجتمع افراد ها للمارسة العبادة في مسجد من البمساجد اوفي معبد اخر تحولت هذه الى طرق جماعية لها نظمها ومراسمها في القول والقبول0 والانتماء وفي العلاقة بين بعضها مع لبعض الاخر ضمن الطريقة الواحدة اي انقسمت الطريقة الواحدة الى عدة اقسام وكان لشيوخ والمريدين منهم رتب وناصب واصبح لكل طريقة بيعة واناشيد خاصة وتلاقين واذكار واوراد ومظاهر خاصة وتلاوات وطاعات وسلوكية معينة لايمكن تجاوزها فهي كالاحزاب السياسية او المجامع الادبية او العلمية في الوقت الحاضر كما صارت لها موارد مالية ثابتة مما اوقفه اصحاب البر والخير عليها وعلى المنتسبين اليها والدارسين فيها
0بل صارت – اشبه بمهنة تعدل او تفضل اية مهنة يصطنعها الناس وحظيت بمكانة رفيعة في المجتمع وذات تاثير قوي جعلهال تشكل اديانا او مذاهب من خلال الدين الواحد ودولا ضمن كل دولة ولم تعد مقصورة على افراد مثقفين فقط كما كالنت سابقا ولكنها فتحت ابوابها للعامة وللمعتوهين والمجاذيب كما فتحت لكبار رجال الدولة والسلاطين ) لاحظ المدن الاسلامية للسيد شاكر مصطفى ج1 صفحة 272
وقد بلغ عدد هذه الطرق اكثر من ماءتي طريقة وبلغ من انتمى اليهال اكثرمن 30 بالمائة من المسلمين
لكن جميع هذه الطرق رغم كثرتها ترجع في جذورها الاساسية للطرق الاصلية او متفرعة عنها وان اهم هذه الطرق مايلي
الطريقة القادرية مؤسسها الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس سره وهي موضوع بحثنا ومداره
والطريقة الرفاعية التي اسسها الشيخ احمد الرفاعي ( وهو ابو العباس احمد بن علي بن احمد الرفاعي المولود سنة 512 هجرية 1118 م بقرية حسن او ام عبدة باقليم البطائح ما بين البصرة وواسط وتوفي ابوه وهو طفل فكفله خاله منصور ابوشيبة البطائحي ومرقد ظاهر حاليا في جنوب بلدروز من محافظة ديالى العراق وارسله للدراسة في واسط على فقهاءالشافعية وقد انصرف الى التصوف وقد اخذ العهد على يد خاله وكان شيخ طريقة صوفية عرفت بالرفاعية ولا تزال موجودة لحد الان عاصره الشيخ عبد القادر الجيلاني الذي يعتبرا شيخا له في الطريقة توفي في بلدته وقبره ظاهر ومزار في قضاء الرفاعي جنو ب العراق توفي عام 578 هجرية 1182 م)
والطريقة الشاذلية في مصرومؤسسها ابو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار بن فهيم بن هرمز ولد سنة 593 هجرية 1197في سبتة المغرب والشذلي نسبة الى شاذليه قريته التي عاش فيها في تونس ثم سافرفي طلب العلم الى القاهرة ثم بغداد ثم استقر في القاهرة جاهد ضد الصليبيين بنفسه توفي عام 656 هجرية 1258 م وهو في طريقه الى الحج ودفن حيث مات وقبره ظاهر في مصر يرتاده المسلمون للتبرك )
والطريقة السهروردية ومؤسسها الشيخ عبد القاهر السهروردي وهو ضياء الدين عبج القاهر بن عبد الله السهروردي يرتقي نسبه الى ابي بكر الصديق رضى الله عنهم وهو ابن عم الشيخ عمر السهروردي المدفون في بغداد ولد عام 490 هجرية 1097 م ودرس بالمدرسة النظامية وسلك طريقة الصوفية وله كتاتبان مخطوطان - اداب المريدين
وغريب المصابيح – توفي في بغداد عام 563 هجرية 1168 م ا و الطريقة البدوية ومؤسسها الشيخ احمد البدوي المولود في مدينة فاس المغربية سنة 596 هجرية 1199 م سافر الى الحج ثم الى العراق بغداد واستقر سكنه في مصر وبها توفى سنة 675 هجرية 1276 م بطنطا وقبره ظاهر فيها ومزار للمسلمين
---------------------------
التصوف بكل تعاريفه وكثرة ما كتب عنه اصله من الصفاء من الكدر- كما اعتقد – فهو انبعاث من اعماق النفس الانسانية متفاعلا معها وفيها معنى هذا ان التصوف وجد بوجود الانسان ومعتقده وحاجته اليه في تصفية هذه النفس التي يحملها بين جنبيه مما يلحقها او علق بها من ادران اوشوائب
يقول الدكتور محمد اقبال الشاعر الهندي الكبير( –ليس من الصواب ان نرجع كل ظاهرة في بيئة ما الى عوامل خارجة عنها ونهمل العوامل الداخلية فانه لافكرة من الافكار ذات قيمة يكون لها سلطان على نفوس الناس الا اذا كانت تمت اليهم بصلة فاذا جاء عامل خارجي ايقضها ولكنه لايخلقها خلقا وعندما بحث المستشرقون في اصل التصوف ذهبوا الى ان مرده الاى هذا العامل الخارجي او ذلك ونسوا ان اية ظاهرة عقلية او تطور عقلي في امة لايكون لها معنى ولايفهمان الا في الظروف العقلية والسياسية والدينية والاجتماعية التي عاشت فيها هذه الامة قبل ظهورقبل ظهور تلك الظاهرة) لاحظ تطور الفلسفة اليتافزيقية في فارس صفحة 96
في هذه الظاهرة بين لنشاة التصوف الاسلامي والطريق السوي في معالجتها والنظر الى البيئة العقلية والدينية والسياسية والاجتماعية التي نشاءت فيها هذه الظاهرة اللكبيرة التي غيرت مجزى التاريخ لاسلامي فالتصوف وليد تاريخ الاسلام لديبني والسياسيي والعقلي والعنصري فهو مظهر من مظاهره ةما احاط به من ظروف وما دخل فيه من شعوب0
النظريات الصوفية كثرت وتعددت تبعا لمدارسه خلال الازمن وما اكتنف كل نظرية من مفاهيم وعوامل ابتداء من عهد الرسشول الكريم صلىالله عليه وسلمومنعه الرهبنة في الاسلامولالتفريق بين الزهد والعبادة وبين الرهبانية وما تمخضت عنه هذه المدارس الكثيرة كالمدرسة النيسابيورية التي اظهرت او افرزت فرقة – الملامتية – او مدرسة مصر والشام التي امتاز علما ؤها بدقة التحليل النفسشي في لحظات قربهال من الله تعالى او بعدها عنهجل وعلا
ونستطيع تحديد تاريخ التصوف الاسلامي بثلاث مراحل الاولى تكمن في الزهد والتعبد والخوف الشديد من الجزاء مثلما يظهر في سيرة الحسن البصري-- الفقيه الصوفي المولود عام 21هجرية 642 م في البصرة عاش بواد ام القرى في نواحي المدينة المنورة ودرس الحديث الشريف والفه واشتهر بالزهد والتقشف ويعتبر رائد الزهد والتصوف في الاسلام توفي عام 110 هجرية 7728 م -- وسفيان الثوري المحدث من مشاهير التابعين وكان يلقب بامير المؤمنين في الحديث وهو ابو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري توفي في البصرة عام 161 هجرية 778 م – وما قبلها والمرحلة الثانية مرحلة المعرفة والمحبة والعشق الالهي ويظهر ذلك في اقوال معروف الكرخي البغدادي –( وهو ابو محفوظ معروف بن فيروز وقيل علي منمسوب الى الكرخ في بغداد احد اعلام التصوف الزهاد والمتصوفين اشتهر بالصلاح وقده الناس للتبرك به وقبره ظاهر وشاهد في بغداد ولا يزال قائما يقصده الناس للتبرك به -)
والجنيد البغدادي ( وهو ابو القاسم الجنيد بن محمد بن الجنيد ويلبقب بالخزاز او القوا ريري او الزجاج ولد في القرن الثالث الهجري في بغداد متصوف وفقيه اول من اشتغل بكلام التوحيد وشبخ مذهب التصوف حج من بغداد الى مكة ثلاث مرات على قدميه ويعرف بطاووس العلماء توفي في بغداد سنة 297 هجرية 910 م وقبره ظاهر ومعروف في بغداد ) وذو النون المصري
( وهو ابو الفيض نوبان بن ابراخيم المصري المولود بصعيد مصر عام 255هجرية 771 م زار القدس والشام وبغداد ومكة من اصحاب المجاهدات والكرامات توفي سنة 345 هجرية 859 م
بالجيزة ودفن في القاهرة وقيره ظاهر فيها)
اما المرحلة الثالثة فهي مرحلة الفناء في الله تعالى ووحدة الوجود واول التكلمين فيها الجنيد المذكر مسبقا والشبلي ( وهو القاضي بدر الدين محمد بن عبد الله بن محمد الشبلي الدمشقي ولد بدمشق 712 هجرية 1312 م وتوفي 769 هجرية 1367 م ) وابو يزيد البسطامي ( وهو طيفور بن عيسى بن ادم بن سروثان البسطامي ولد عام 188 هجرية 804 م عرف بالزهد والتصوف واحد المتكلمين بوحدة الوجود توفي سنة 261 هجرية 875 م وقبره ظاهر ويزار وقد مزجت شخصيته بالاساطير والشطحات الصوفية ) الذي اوغل في ذلك ونستطيع ان نحدد حقيقتين اثنتين هما محور كل قديم او محدث الاولى انه ليس في العالم الا وجود واحد هو الوجود المطلق ذو الخيرالمحض والجمال الخالص- له يسجدمن في السموات ومن في الارض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس - سورة الحج اية 18
والحقيقة الثانية ان الروح من عالم الغيب وهي في حنين دائم الى عالمها وغاية الصوفي في هذه الحياة ان ييسر للروح النجاة ويخلصها من كل نقص ويحررها من كل علاقة او حالة حتى تتصل بالله تعالى ويطلقها من قيودها ترجيعا ووجودا مطلقا غير محدود لترجع الى عالمها الازلي امنة مطمئنة
لم تكن في عصر صدر الاسلام حاجة الى وضع حدود وقواعد للزهد والعبادة في الدنيا للقصد من ملذاتها كما لم تكن حاجة الى تمييز طائفة من المسلمين عن غيرهم بسبب انفرادهم بالورع او التقوى وانما ظهرت هذه الحاجة ملحة كما يقول العلامة ابن خلدون ( وهو الدين بن الوزير عبد الرحمن بن محمد بن محمد ولبد عام 573هجرية 1322 م بتونس وتنقل الى مناطق عديدة في بلاد شمال افريقيا والشام والحجاز والقاهرة اتسمت مؤلفاته بالنزعة الفلسفية والاجتماعية والتاريخية متصلة بينها توفي عام 808 هجرية 1405 م بالقاهرة ) في مقد مته - عندما فشا الاقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده وجنح الناس الى مخالطة الدنيا فاختص المقبلون باسم الصوفية – لاحظ كشف الظنون ج1 صفحة 414
اما الامام القشيري فيقول – اعلموا ان المسلمين بعد رسول الله صلىالله عليه وسلم لم يتسم افاضلهم في عصرهم بتسمية علم سوى صحبة الرسول صلىالله عليه وسلم اذ لاافضلية فوقها فقل لهم الصحابة ثم اختلف الناس وتباينت المراتب فقيل لخواص الناس ممن لهم شدة عناية بالدين الزهاد والعباد ثم ظهرت البدعة وحصل التداعي بين الفرق فكل فريق ان فيهم زهادا وانفرد خواص اهل السنة المراعون انفسهم مع الله تعالى والحافظون قلوبهم من طوارق الغفلة باسم التصوف - لاحظ كشف الظنون ج1 صفحة 414
اما الاما م الحافظ السيد محمد صديق الغماري فقد افتى عندما سئل عن اول من ا سس التصوف فقال –( اما اول من اسس الطريقة فلنعلم ان الطريقة اسسها الوحي السماوي في جملة ما اسس من الدين المحمدي اذ هي بلاشك مقام الاحسان الذي هو احد اركان الدين الثلاثة التي جعلها النبيى صلى الله عليه وسلم بعد مابينها واحدا واحدا الينا بقوله - هذا جبريل عليه السلام اتاكم يعلمكم دينكم - وهو الاسلام والايمان والاحسان فالاسلام طاعة وعبادة والايمان نور وعقيدة والاحسان مراقبة ومشاهدة ان تعبد الله كانك تراه فان لم تراه فالنه يراك ) لاحظ حقائق عن التصوف للسيخ عبد القادر عيسى صفحة 15
لقد مر التصوف في الاسلام منذ نشاته ولحد الان في اطوار ومفاهيم تبلورت مع الوقت وتحولت خلالها الصوفية من الشكل الفردي الى شكل جماعي منظم وصارت طرقا وجماعات بعد ان كانت فردية يجتمع افراد ها للمارسة العبادة في مسجد من البمساجد اوفي معبد اخر تحولت هذه الى طرق جماعية لها نظمها ومراسمها في القول والقبول0 والانتماء وفي العلاقة بين بعضها مع لبعض الاخر ضمن الطريقة الواحدة اي انقسمت الطريقة الواحدة الى عدة اقسام وكان لشيوخ والمريدين منهم رتب وناصب واصبح لكل طريقة بيعة واناشيد خاصة وتلاقين واذكار واوراد ومظاهر خاصة وتلاوات وطاعات وسلوكية معينة لايمكن تجاوزها فهي كالاحزاب السياسية او المجامع الادبية او العلمية في الوقت الحاضر كما صارت لها موارد مالية ثابتة مما اوقفه اصحاب البر والخير عليها وعلى المنتسبين اليها والدارسين فيها
0بل صارت – اشبه بمهنة تعدل او تفضل اية مهنة يصطنعها الناس وحظيت بمكانة رفيعة في المجتمع وذات تاثير قوي جعلهال تشكل اديانا او مذاهب من خلال الدين الواحد ودولا ضمن كل دولة ولم تعد مقصورة على افراد مثقفين فقط كما كالنت سابقا ولكنها فتحت ابوابها للعامة وللمعتوهين والمجاذيب كما فتحت لكبار رجال الدولة والسلاطين ) لاحظ المدن الاسلامية للسيد شاكر مصطفى ج1 صفحة 272
وقد بلغ عدد هذه الطرق اكثر من ماءتي طريقة وبلغ من انتمى اليهال اكثرمن 30 بالمائة من المسلمين
لكن جميع هذه الطرق رغم كثرتها ترجع في جذورها الاساسية للطرق الاصلية او متفرعة عنها وان اهم هذه الطرق مايلي
الطريقة القادرية مؤسسها الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس سره وهي موضوع بحثنا ومداره
والطريقة الرفاعية التي اسسها الشيخ احمد الرفاعي ( وهو ابو العباس احمد بن علي بن احمد الرفاعي المولود سنة 512 هجرية 1118 م بقرية حسن او ام عبدة باقليم البطائح ما بين البصرة وواسط وتوفي ابوه وهو طفل فكفله خاله منصور ابوشيبة البطائحي ومرقد ظاهر حاليا في جنوب بلدروز من محافظة ديالى العراق وارسله للدراسة في واسط على فقهاءالشافعية وقد انصرف الى التصوف وقد اخذ العهد على يد خاله وكان شيخ طريقة صوفية عرفت بالرفاعية ولا تزال موجودة لحد الان عاصره الشيخ عبد القادر الجيلاني الذي يعتبرا شيخا له في الطريقة توفي في بلدته وقبره ظاهر ومزار في قضاء الرفاعي جنو ب العراق توفي عام 578 هجرية 1182 م)
والطريقة الشاذلية في مصرومؤسسها ابو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار بن فهيم بن هرمز ولد سنة 593 هجرية 1197في سبتة المغرب والشذلي نسبة الى شاذليه قريته التي عاش فيها في تونس ثم سافرفي طلب العلم الى القاهرة ثم بغداد ثم استقر في القاهرة جاهد ضد الصليبيين بنفسه توفي عام 656 هجرية 1258 م وهو في طريقه الى الحج ودفن حيث مات وقبره ظاهر في مصر يرتاده المسلمون للتبرك )
والطريقة السهروردية ومؤسسها الشيخ عبد القاهر السهروردي وهو ضياء الدين عبج القاهر بن عبد الله السهروردي يرتقي نسبه الى ابي بكر الصديق رضى الله عنهم وهو ابن عم الشيخ عمر السهروردي المدفون في بغداد ولد عام 490 هجرية 1097 م ودرس بالمدرسة النظامية وسلك طريقة الصوفية وله كتاتبان مخطوطان - اداب المريدين
وغريب المصابيح – توفي في بغداد عام 563 هجرية 1168 م ا و الطريقة البدوية ومؤسسها الشيخ احمد البدوي المولود في مدينة فاس المغربية سنة 596 هجرية 1199 م سافر الى الحج ثم الى العراق بغداد واستقر سكنه في مصر وبها توفى سنة 675 هجرية 1276 م بطنطا وقبره ظاهر فيها ومزار للمسلمين