الحركات الادبية في الشعر الحديث
بقلم د . فالح الكيــــــلاني
الشعر العربي بعد انبعاثه من جديد في عصرالنهضة العربية وتصدر فحول الشعراء هذه النهضة , ظهرت سمات جديدة وانبثق فيه شعور انساني واضح الملامح في التطور الفكري اصبح وليد هذه الفترة ومر بتغيرات واسعة في أوضاع المجتمع والحياة المعاشة والتي اهمها ظهور التوجه الوطني والشعور القومي لدى الشعراء والادباء والثقافة العربية حيث طغى الوازع الوطني العام في المجتمع العربي .
اما من حيث المسحة او الابنية الشعرية والادبية فقد ظهرت ثلاثة اتجاهات وضحة المعالم في المجتمع الثقافي والادبي تقاسمت الامور الحادثة فيها ويمكن اجمالها من خلال النظرة الادبية والثقافية والبناء الشعري وتفرق الشعراء والادباء في هذه المسارات الثلاثة .
اولا - الحركة الكلاسيكية :
هي الحركة التي اعتمدت على الشعرالقديم والتزمت به بكل ضوابطه واساليبه ودعت الى البقاء عليه والنظم وفقا لقواعده واعتماد البحورالشعرية القديمة للشعرالعربي وموسيقاه الرائعة ورواد الشعرالقديم والذين تثبتوا بالحالة الادبية والشعرية التي كانت سائدة من قبل والتي تهدف الى الاصالة وابقاء الادب والشعر على اصالته المعهودة في كلاسيكية ثابتة في مواجهة كل التيارات الطارئة الاخرى في المجتمع كل امور الحياة المختلفة وابقائها على واقعيتها واصالتها والأدب الكلاسيكيّ هو الأدب السيكولوجيّ الذي يهتم بداخل الإنسان، وتتجلّى غايته في البحث عن الملامح المشتركة التي يشترك فيها كل البشر في عصورهم المختلفة ومن اشهر شعراء الكلاسكية العربية الشعراء محمود سامي البارودي وحمد شوقي وحافظ ابراهيم واهم ما تتميز به هذه الحركة ما يلي :
1- قلد الادباء المحدثون الادباء قبلهم وساروا على نهجهم في نظم الشعر والالتزام بالقصيدة العمودية مهما طالت او قصرت واعتبروا الادباء والشعراء القدامى اساتيذهم الشرعيين واتجهوا اليهم باعتبارهم الافضل فحدجوهم بنظرات الاحترام والتبجيل . لذا اتجهت الحركة الكلاسيكية الى محاكاة القديم ومجاراته واختيار الافضل والاسمى منه وتقليده .
2- اعد الأدب الإنسانيّ أحد خصائص الكلاسيكيّة، حيث ينظر الأدب الكلاسيكيّ إلى الإنسان نظرة شمولية باخلاقيتها وفنيتها باقترابهم من الطبيعة، وتحليلهم للطبيعة بطريقة بسيطة وواقعيّة ، كما استطاعت المؤلفات القديمة الصمود أمام التغيرات السياسيّة والأخلاقيّة والفنيّة ، وتجددت بصمودها بإحتوائها على تقليد ما قبلها من الادب والشعر .
3- تتميز بالعقلانية يُعتبر العقل هو الأساس الذي يوجه الفكر النير للتمييز بين الحقيقة والزيف والنسبية المطلقة في التجديد مع ضرورة منع الانسياق نحو الخياليّة والتعبير المبالغ به بما يتلائم بحيث يرادف العقل الحس السليم، واعتمدت العقلانية على ما هو شامل ومبسط في الطبيعة الإنسانيّة لذا نلاحظ غياب الخيال الواسع والعواطف المبهرة في نتاج هذه الحركة .
4- التزمت الكلاسيكية الإتقان الفني والقواعد الثابتة ولا تخرج عنها بحيث تهدف الى الاتقان الفنى في الوصول إلى درجة الكمال مع المحافظة البساطة وعدم التكلف،والتصنع في شمولية الفنون حيث يكون الجمال الفني نابعا من العمل الجاد ولايتجاوز القواعد الثابتة لذا نلاحظ في الكلاسيكيّة الاتجاه الحقيقي من خلال الاهتمام بالواقع والابتعاد عن الخيال المتطرف، والاوهام الزائفة والاعتماد على الحقيقة باعتباره الشيء الطبيعيّ والافضل ويتقيد بالقيم الأخلاقية في الانسان وعلى يجاد قيم ومثل جمالية وأخلاقيّة منبعثة من وحدة الذوق الشعريّ .
5-التعبير باللغة العربية الفصحى فأغنى الكلاسيكيون اللغة بمفردات رائعة وبطرق مختلفة بحيث اصبحت غنيّة، ومُعبرّة عن مختلف المقاصد ويعتمد التعبير على خارج الذات، أو على اتحاد الذات بالموضوع. وتعتبر الفصاحة هبة من الله الى البشر وخاصة الادباء والشعراء لذا استخدامت في الحث على فعل الخير وشمل عمل الكلاسيكيين في ادبهم وشعرهم الحالات الانسانية مثل الحُبّ والبغض والشوق والغيرة والعاطفة والواجب والتعقل وقد اهتموا شعراء هذه الحركة وادبائها بفصاحة اللغة، وأناقة العبارة. مخاطبة الجمهور المثقف. التعبير عن العواطف الإنسانيّة العامة. توظيف الأدب الكلاسيكي لخدمة الأغراض التعليميّة، واحترام التقاليد الاجتماعيّة العامة . ومن الشعر الكلاسيكي هذه الابيات للشاعر احمد شوقي اميرالشعراء العرب في مدح الحبيب المصطفى :
وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِيـــاءُ
وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـــمٌ وَثَنــــاءُ
الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَـــهُ
لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشـــــــَراءُ
وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي
وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصمــاءُ
وَحَـديـقَـةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبـا
بِـالـتُـرجُـمـا نِ شَـــذِيَّةٌ غَــنّــــاءُ
وَالـوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلاً مِن سَلسَلٍ
وَالـلَـوحُ وَالـقَـلَـمُ البَديـــــعُ رُواءُ
يـا خَـيـرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّـــةً
مِـن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا
بَـيـتُ الـنَـبِـيّينَ الَّذي لا يَلتــــَقي
إِلّا الـحَـنـائِـفُ فـيــهِ وَالحُنَـفــــــاءُ
خَـيـرُ الأُبُـــوَّةِ حـازَهُـم لــَكَ آ دَمٌ
دونَ الأَنــــامِ وَأَحــرَزَت حَــــــوّاءُ
هُـم أَدرَكـوا عِـزَّ النـُبــُوَّةِ وَاِنتَهَـت
فـيـهـا إِلَـيـكَ الـعِـــزَّةُ القَعـســـــاءُ
خُـلِـقَـت لِبَيتِكَ وَهوَ مَخلوقٌ لَها
إِنَّ الـعَـظـائِـمَ كُفؤُها العُظَمـــاءُ
بِـكَ بَـشَّـرَ الـلَهُ السَماءَ فَزُيِّنـَت
وَتَـضَـوَّعَـت مِـسكاً بِكَ الغَبراءُ
وَبَـدا مُـحَـيّـاكَ الَّـذي قَسَــــماتُهُ
حَـقٌّ وَغُـرَّتُـهُ هُـدىً وَحَـيــاءُ
وَعَـلَـيـهِ مِـن نورِ النُبُوَّةِ رَونَـقٌ
وَمِـنَ الـخَـلـيلِ وَهَديِــهِ ســيماءُ
ثانيا – الرومانسية
ومنها هذه الاب
الرومانسية حركة ادبية اهتمّت بالنفس الإنسانيّة وما يكتنفها من مشاعر وعواطف انسانية وخيالات مختلفة محلقة فيما حولها من الطبيعة في فضاء واسع شمولي واتصفت الرومانسية بالسهولة في التعبيرالابداعي والتفكير النفسي وإنطلاق النفس الادبية كما تحب على سجيّتها في تحقيق استجابتها لأهوائها وما يغشاها من قيم ادبية اهواء نفسية .
دخلت الرومانسية الى الادب والشعر العربي كحركة نقدية وهومذهب متحرّر من قيود العقل والواقعيّة .ويظهر ان المذهب الأدبي الكلاسيكي التزم الادب القديم نبراسا له بعد ان زخرت الحركة الأدبيّة بتيارات مختلفة.
فالمذهب الرومانسي هو مذهب أدبي بالنواحي المتعلقة بالنفس البشرية المملوءة بالمشاعر والعواطف الحساسة والأخيلة بغض النظر عن صاحب تلك الأحاسيس ومدى قوة علاقته وإيمانه بالله من ضعف و إلحاد، إضافة لما تقدم فإنّ هذا المذهب يفصل الأدب عن الأخلاق مما استوجب وصفه بسهولة التعبير والتفكير وإطلاق النفس على سجيتها وأهوائها، إضافة إلى أنّها مدرسة متصفة بالتحرر والواقعية واحتوائها للأيديولوجيات اللاعقائدية واللأخلاقي و اهتمت الرومانسية بالطبيعة واعدتها الاسمى فهي المواسي والأنيس والصديق والاقرب لنفس الانسان والمصدر للادب الذي تؤخذ منه العبر والدروس . والسياحة في عالم الخيال البعيد والانطواء على الذاتية واهم مميزاتها مايلي : .
1- تميّز النتاج الأدبي للادباء والشعراء الرومانسيين من خلال اعمالهم الادبية والشعرية بالتأمل في امور الحياة وأسرار الوجود والتعمق في فَهم النفس الإنسانية من خلال نظرات عميقة في المجتمع البشري، والتعلق بحب الوطن العربي وتحريره من براثن الاستعمار واتباعه من الحكام العرب الذين حكموا بلادهم للاجنبي وحاولوا تكميم افواه الاحرار من ابناء شعبهم العربي ومطاردتهم خارج الوطن الواحد .
2- اعتبرت الرومانسية الملاذَ الوحيد للشعراء والأدباء المجددين للتعبير عمّا يضطرب في نفوس هؤلاء الشعراء وما يختلج في جوانحهم من رغبة في دفع المظالم عن الشعب العربي ضد الاستعمار او الاستبداد والدعوة الى الثورة على الظلم والحرمان الواقع المزري في اغلب البلاد العربية . فوجد الادباء والشعراء العرب مجالا للتنفيس عن آلامهم والتعبير عن تطلعات الشباب العربي نحو الحرية والانعتاق من براثن الاستعمار وتحرير بلادهم وشعبهم العربي والتمرد على الواقع المزري الذي يعيشه الشعب العربي في بلادهم .
3- التزمت الرومانسية الدعوة الى الاتجاه الرمزي في التعبير الادبي .ودعت الى التمرد على الاساليب الكلاسيكية القديمة والتي كانت متبعة في الشعر والادب العربي في كل مجالاته سواءً في اللغة او البناء الشعري او شكليته اومضمونه واساليبه .
4- انتشر الشعر الرومانسي على أيدي أبرز الشعراء الرومانسيين قبل القرن العشرين بقليل وبداياته ايضا . وُعدّ أبرز فروع الأدب العربي . ومن هؤلاء الشعراء احمد زكي ابوشادي وابو القاسم الشابي وعباس محمود العقاد وابراهيم ناجي وغيرهم كثير .و الحركة الكلاسيكية التي تعتبر منافسة لها حيث اتصف الشعر الرومانسي بالاعتماد الكبير على تجسيد العواطف الذاتية وتوظيف العبقرية والخيال وذكاء الشاعر خلال ما ينظمه من شعره وما تلهمه الحياة والطبيعة في التخيل والأوهام، ومن مع العلم ان الشعر الغنائي كان أحد سمات الشعر الرومانسي .
5- وتعد الرومانسية، ثورة على العقل وسلطانه انذاك وعلى الأصول والقواعد السائدة في الحركة الكلاسيكية . فالرومانسية تهدف إلى التخلص من سيطرة الاداب الاغريقية والرومانية وما اليها وتقليدها ومحاكاتها .
6- الرومانسية تؤكد بأن قوة العواطف والمشاعر النفسية والخيالية الجامحة مصادر حقيقية والأصيلة للتجارب الجمالية مع تركيزها على شتى العواطف الإنسانية مثل الخوف والرعب والهلع والألم أسهمت في الرفع من شأن الفن الشعبي وجعلت منه فنوناً نافعة و جعلت من الخيال الفردي سلطة ناقدة مؤثرة .
7- الروما نسية دعت للعودة إلى الطبيعة والحياة الفطرية بسبب شدة تاثر الإنسان بتطور المجتمع وأحس أنه في مجتمع يفرض عليه تبادل المصالح مع الآخرين .
8- تعتمد الرومانسية التركيز على التلقائية والعفوية في التعبير الأدبي والاهتمام بالطبيعة والدعوة للتوغل في مساراتها الجمالية والفطرية والابداع في اسرار الحياة ومباهجها . ومن اجود الشعر الرومانسي قصيدة الاطلال للشاعر ابراهيم ناجي والتي اشتهرت كثيرا بعد ان غنتها كوكب الشرق ام كلثوم .
ومنها هذه الابيات :
يا فُؤَادِي رَحِمَ اللّهُ الهَوَى ** كَانَ صَرْحاً مِنْ خَيَـــــالٍ فَهَوَى
اِسْقِني واشْرَبْ عَلَى أَطْلاَلِهِ ** وارْوِ عَنِّي طَالَمَا الدَّمْعُ رَوَى
كَيْفَ ذَاكَ الحُبُّ أَمْسَى خَبَراً ** وَحَدِيْثاً مِنْ أَحَادِيــْثِ الجَوَى
وَبِسَــــاطاً مِنْ نَدَامَى حُـلــُمٍ ** هم تَوَارَوا أَبَداً وَهُوَ انْطَـوَى
يَارِيَاحاً لَيْسَ يَهْدا عَصْفُهَا ** نَضَبَ الزَّيْتُ وَمِصْبَاحِي انْطَفَا
وَأَنَا أَقْتَاتُ مِنْ وَهْمٍ عَفــَا ** وَأَفي العُمـــــــــْرَ لِنِاسٍ مَا وَفَى
كَمْ تَقَلَّبْــتُ عَلَى خَنْجَرِهِ ** لاَ الهَوَى مَالَ وَلاَ الجَفْنُ غــــَفَا
وَإذا القَلْبُ عَلَى غُفــــــْرانِهِ ** كُلَّمَا غَـــــارَ بَهِ النَّصْلُ عَفَا
يَاغَرَامــــاً كَانَ مِنّي في دّمي ** قَدَراً كَالمَوْتِ أَوْفَى طَعْمُهُ
مَا قَضَيْنَا سَـــــــاعَةً في عُرْسِهِ ** وقَضَيْنَا العُمْرَ في مَأْتَمِهِ
مَا انْتِزَاعي دَمْعَةً مِنْ عَيْنَيْهِ ** وَاغْتِصَابي بَسْـــــمَةً مِنْ فَمِهِ
لَيْتَ شِعْري أَيْنَ مِنْهُ مَهْرَبي ** أَيْنَ يَمْضي هَارِبٌ مِنْ دَمِهِ
لَسْتُ أَنْسَاكِ وَقَدْ اَغْرَيْتِني ** بِفَمٍ عَذْبِ المُـــــــــنَادَاةِ رَقِيْقْ
وَيَدٍ تَمْتَدُّ نَحْوي كَــــيَدٍ ** مِنْ خِلاَلِ المــــَوْجِ مُدَّتْ لِغَرِيْقْ
آهِ يَا قِيْلـــــــَةَ أَقْدَامي إِذَا شَكَتِ الأَقــــــــْدَامُ أَشْوَاكَ الطَّرِيْقْ
يَظْمـــــــَاُ السَــــّاري لَهُ ** أَيْنَ في عَيْنَيْكِ ذَيَّاكَ البَرِيْــــــقْ
لَسْتُ أَنْسَاكِ وَقَدْ أَغْرَيْتِني ** بِالذُّرَى الشُّمِّ فَأَدْمَنْتُ الطُّمُوحْ
أَنْتِ رُوحٌ في سَـــمَائي ** وَأنَالَكِ أَعْلُو فَكَأَنّي مَحْضُ رُوحْ
ثالثا - الـواقـعـيــــة
الواقعية تعني المعرفة العقلانية والتلقائية في الادب ، و إنّها تطلع العقل الإنساني لمستقبل اسمى وأفضل، ومحاولة اكتشاف حقيقة الحياة وأسرار العالم بالواقع الملموس ،وفهم قوانين تطور المجتمع البشري نحو السمو والارتفاء ومحاولة ايجاد او تحديد الطريق الذي يسلكه الاديب لينسجم مع تطلعات المجتمع الإنساني .
والواقعية تفتح المسارات الطبيعية في الإنسان ودواخله وتحديث علاقته بمحيطه الخارجي . وقد أسهمت الواقعية في وضع قوانين نقدية للنقد الأدبي الحديث واتجاهاته . ويرى بعض النقاد والادباء ان الواقعية لم تكن حركة معادية للرومانسية ولا لغيرها وانما تعايشت مع بقية الحركات الادبية في الحياة الثقافية وذلك من خلال مميزاتها وخصائصها وشموليتها مع أن نشأة الواقعية كانت في حدود إقليمية اقل من الرومانسية، إلا أن الظروف البيئية والمجتمعية التي كانت تحيط بها في المجتمعات المختلفة وبلدان العالم العربي هي التي ساعدتها في الانتشار ووضعتها بموقعها المتقدم بسبب وضوح رؤيتها للامور. ووصولها إلى كل أنحاء العالم العربي.
اتسمت الحركة الواقعية بالنظرة المستقبلية الواضحة والابتعاد عن الغموض في الحياة ودعت في مبادئها إلى النظر للحاضر والمستقبل نظرة واضحة وعميقة، وكانت هذه النظرة واعية وخبيرة بظروف الحياة، بعيدة عن العبثية والظنون وعرفت بقدرتها على التجديد .
والواقعية اتسمت بمواكبتها لحركات أدبية أخرى سبقتها وكذلك التي جاءت بعدها، ومع ذلك استطاعت أن تكون ثابتة في وجه كل التغييرات، واستفادت كثيرا في خصائصها وسماتها بعض الحركات الأدبية التي كانت سائدة وحافظت على كيانها. وكذلك لعا القدرة على التحرر من القيود المذهبية في الثقافة والادب فاتسعت في امكانية جعلها منهجا ادبيا متكاملا في التصوير الشعري والتعبير الادبي ومن اشهر رجالها في الشعر والادب احمد عبد المعطي حجازي وعبدالرحمن الشرقاوي و صلاح عبد الصبور و بدر شاكر السياب ، عبد الوهاب البياتي . و خليل حاوي ، علي أحمد سعيد و فدوي طوقان ، كمال بدوي وغيرهم كثير. .
تتسم الحركة الواقعية بعدة مميزات ومنها :
1- فضلت الواقعية النثر الادبي على الشعر حيث اثبت اصحابها ان النثر أقرب إلى لغة الناس فاختار الواقعيون الرواية والمسرحية، وكانت الرواية لها النصيب الأكبر من أدبهم الواقعي .
2 - اتسمت الواقعية بسلاسة اللغة وسهولتها والبعد عن التعقيد والصعوبة وتجنب الإطالة في المقال والابتعاد عن الابتذال الذي لا فائدة فيه والترفع عن اقول المشين والمرهق .
3-– اتسمت بالربط بين العاطفة النفسية والنفس الإنسانية مع ضرورة الاهتمام بالحاجات الفكرية والخيالية وعدم التركيز الاثارة الحسية .
4 -الابتعاد عن التقرير في الخطاب الادبي والوعظ واسلوب الخطابية ، واعتماد استخدام أساليب الإبداع الفني وتركيب عالم كتابي جديد يمثل الواقعية الادبية والثقافية .
5- اتسمت الواقعية بتداخل الشكل الفني مع محتوى العمل الادبي والبراعة في رسم النماذج الانسانية الواقعية ..
6- التركيز على الابداع الفني في الوصف والتصوير الفني على المستويين الداخلي والخارجي للنص الادبي والابتعاد عن كثرة التفاصيل غيرالدقيقة وغير المهمة او التافهة التي لا تقدم للنص الادبي .
7- اتسمت الواقعية بالموضوعية واعتماد اسلوب النثر الفني والمرسل ووضوح الرؤية والقدرة على التجديد .
وهناك حركات ادبية وثقافية اقل من هذه اهمية اندمجت بغيرها او لم يكتب لها النجاح فماتت .
ومن امثلة الشعر الواقعي هذه المقاطع الشعرية للشاعر بدر شاكرالسياب: :
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السَّحر
أو شُرفتانِ راح ينأى عنهما القمر
عيناكِ حين تبسِمان
تورِقُ الكُروم
وترقصُ الأضواء كالأقمارِ
في نهر يرجُّه المجداف
وهناً ساعة السَّحر
كأنما تنبضُ في غوريهما النّجوم
أنشودة المطر.
مطر..
مطر..
مطر
تثاءبَ المساء والغُيوم
ما تزال. تسِح ما تسح ..
مِن دُموعِها الثقال
كأنَ أقواسَ السَّحاب تشرب الغُيوم
وقطرةً فقطرةً
تذوبُ في المطر
وتغرقانِ في ضبابٍ
مِن أسن شفيف كالبحر
سرَّح اليدين فوقه المساء..
دفءُ الشِتاء وارتِعاشةُ الخريف
ويهطُلُ المطر مطر.. مطر.. مطر
لاحظ كتابي ( ملامح التجديد في الشعرالعربي الجزء الثاني )
امير البيــــــان العربي
د. فالح نصيف الكيلاني
العراق – ديالىة - بلدروز
*************************************