نزهون بنت القلاعي الغرناطية
نزهون شاعرة مرحة خفيفة الروح حلوة الحديث، مطيبة المحاضرة- ولدت في غرناطة ولا يعرف تاريخ ولادتها او سنة ولادتها الا انها عاشت في القرن الخامس الهجري- الحادي عشر الميلادي ونبغت في قول الشعر فكانت ذات طبع ندي معطاء ونفس شفافة مضواع عرفت بسرعة الجواب وحضور البديهة سعت إلى مجالس الوزراء والأمراء فشاركت الشعراء مجالسهم فتعبق جوها وكانت تثير نشوة مسكرة . رقباء حيث الجو الناعم واللحظة المجنحة والإحساس المدغدغ، فهي تقول:
لله در الليالي ما أحينها
وما أحين منها ليلة الأحد
لو كنت حاضرتا فيها وقد غفلت
عين الرقيب فلم تنظر إلى أحد
أبصرت شمس الضحى في ساعدي قمر
بل ريم خازمة في ساعدي أسد
ولرقة طبع هذه الشاعرة وخفة ظلها كلف أصدقاؤها ومعارفها واحبوا محادثتها ومراسلتها فكان (أبو بكر بن سعيد) الوزير من الذين شغفوا بها، وقد كتب لها يوما يقول:
يا من له ألف خل
من عاشق وصديق
أراك خليت للنـا
س منزلا في الطريق
فأجابته فاجابته :
حللت أبا بكر محلا منعته
سواك وهل غير الحبيب له صدري
وإن كان لي كم حبيب فإنما
يقدم أهل الحق حب أبي بكر
وروى أنها كانت تقرأ ذات يوم على أبي بكر المخزومي الأعمى فدخل عليهما أبو بكر الكتندي فقال مخاطبا المخزومي:
- لو كنت تبصر من تجالسه.
وصمت المخزومي برهة يفكر قليلا، ولكنه لم يحر جوابا، وبسرعة فائقة أجابت نزهون:
لغدوت أخرس من خلاخله
البدر يطلع من أزرته
والغصن يمرح في غلائله
وقيل في أحد مجالس ( أبي بكر بن سعيد ) الوزير التي كان يعقدها و تدار فيها مناقشات أدبية وعلمية تصدى الشاعر ( أبو بكر المخزومي ) الهجاء وكان قد قيل فيه إنه إذا مدح ضعف شعره- لشاعرتنا نزهون فأشبعها قذفا من غير ما تحفظ والوزير ينصت اليه فقال فيها:
على وجه نزهون من الحسن مسحة
وإن كان قد أمسى من الضوء عاريا
قواصد نزهون توارك غيرها
ومن قصد البحر استقل السواقيا
وكانت نزهون حاضرة فما كانت لترضى بالهوان والخضوع فأنشأت ردا عليه وثأرا لكرامتها الجريحة المهانة فقالت :
قل للوضيع مقالا
يتلى إلى حين يحشر
الا أن الشاعر المخزومي لم يكن بالشاعر اللين العريكة ليستسلم لها ويرضى بهزيمته ا وفشله في مجلس الوزير فرد عليها ردا قاطعا ممزقا عرضها:
ألا قل لنزهونة ما لها
تجر من التيه أذيالها
ولما رأى الوزير أن الأمرتفاقم وازدادت حدته امر قاسما عليهما أن يكفا عن السباب والقدح والتجريح .
وقد ردت نزهون على هجاء لابي بكر المخزومي هجاها به فقالت :
إن ما قلت حقا
من بعض عهد كريم
فصار ذكري ذميما
يعزى إلى كل لوم
وصرت أقبح شيء
في صورة المخزومي
ومن النوادر التاريخية لنزهون التي احتفظ بها التاريخ أن( ابن قزمان )الشاعر الزجال جاء ليناظرها في مجلس للادب في بستان وكان يرتدي غفارة صفراء وكانت هذه زي الفقهاء وعند ما لمحته قالت له بصوت تتخلله نغمة من الدعابة والظرف.
- إنك اليوم كبقرة بني إسرائيل صفراء فاقع لونها ولكنك لا تسر الناظرين.
فأضحكت من حضرفي المجلس وثار( ابن قزمان) واستشاط غضبا فأخذ يسب ويشتم فاندفع الحاضرون إليه وطرحوه ارضا في بركة أمام البستان.
وقيل سألها بعض ثقلاء الظل:
- ما على من أكل معك خمسمائة سوط
فقالت:
وذي شقوة لما رآني رأى له
تمنيه يصلي معي حاجم الضرب
فقلت له كلها هنيئا فإنما
خلقت إلى لبس المطارف والشرب
وخطب رجل قبيح بشع المنظر الشاعرة نزهون فقالت تسفه آماله وأحلامه وتعدد معايبه:
عذيري من عاشق أنوك
سفيه الإشارة والمنزع
يروم الوصال بما لو أتى
يروم به الصفع لم يصفع
برأس فقير إلى كبة
ووجه فقير إلى برقع
***************