شعراء جاهليون
بقلم فالح الحجية
42
عامِر بن الطُفَيل
هو ابو علي عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر العامري من بني عامر بن صعصعة.فارس قومه وسيدهم وأحد شجعان العرب وشعرائهم وساداتهم في الجاهلية.
ولد عام \ 70 قبل الهجرة الموافق\554 ونشأ بنجد، خاض المعارك الكثيرة.
أدرك الإسلام شيخاً فوفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المدينة بعد فتح مكة، يريد الغدر به، فلم يجرؤ عليه، فدعاه إلى الإسلام فاشترط أن يجعل له نصف ثمار المدينة وأن يجعله ولي الأمر من بعده، فرده، فعاد حانقاً ومات في طريقه قبل أن يبلغ قومه.
وفي رواية اخرى انه اختلف في اسلامه فقد اورده فأورده أبو العباس المستغفري في الصحابة، وروى بإسناده، عن ابي أمامة، عن عامر بن الطفيل: أنه قال:
-يا رسول الله، زودني كلمات أعيش بهن،
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
- (يا عامر، أفش السلام وأطعم الطعام واستحي من الله كما تستحي رجلاً من أهلك ذا هيئة، وإذا اسأت فأحسن، فإن الحسنات يذهبن السيئات)
وقيل ان مارواه المستغفري وغيره ليس بحجة في إسلام عامر، وذكر إن عامراً لم يختلف عن أهل النقل من المتقدمين حيث قيل أنه مات كافراً، وهو الذي قال- لما عاد من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم كافراً، هو وأربد بن قيس، أخو لبيد الشاعرالجاهلي المعروف لأمه وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما، قائلا :
- (اللهم اكفنيهما بما شئت)
فأنزل الله تعالى على أربد صاعقة من السماء وأخذت عامراً الغدة، فكان يقول:
- غدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية. اي موتة غريبة
وفي ذلك يقول :
إني وإنْ كنتُ ابنَ سَيّدِ عَامِرٍ..
. وفارِسَهَا المَنْدوبَ في كلّ مَوكِب
فَما سَوّدَتْني عامٍرٌ عَنْ قَرابَةٍ..
. أبَى اللهُ أنْ أسْمُو بأُمّ ٍ ولا اب
اشتهر بحذقه في ركوب الخيل ، و كان له فرس يسمى (المزنوق ) معدود من أكرم الخيول العربية ، و قد أكثر صاحبه من ذكر في شعره و لا سيما في قصيدته التي قالها على أثر يوم (فيف الريح) . و كان له فرس آخر اسمه (دعلج )ذكره في شعره ، و لعله اقتناه بعد أن عقر (المزنوق) في يوم (الرقم )، و أظهر الشاعر حزنه
كان عامر بن الطفيل أحد شعراء الحماسة في الجاهلية و كان من أبطال العرب المعدودين الذين يخشى جانبهم حسبما قاله فيه عمرو بن معدي كرب ، فارس اليمن ، و أحد أبطال العرب مما يدل على بطولته و سرعته في الطعن والقتال :
كما قيل ا ن فيه خصال مذمومة منها عقمه فهو لا ينجب و جفاء طبعه و عنجهيته و ظلمه و بخله ، غير أن قومه لم يلتفتوا إلى كل ذلك فسودوه عليهم بعد أن شاخ سيدهم ، عمه (أبو براء) الملقب ب(ملاعب الأسنة ) . فأبى أن تسوده الوراثة لأنه كان يرى في نفسه و أعماله ما يمكن له السيادة و يعقد له هالة المجد ، فليس به حاجة إلى أمجاد قومه..
وقد عورت عينه في الحرب حيث كان بين قومه بني عامر فأغارت قبائل اليمن على العامريين في موضع يقال له : (فيف الريح) و ضايقتهم حتى تقهقروا ، و إذا بعامربن الطفيل يقبل عليهم يقول:
ألَسْنَا نَقُودُ الخَيْلَ قُبّاً عَوَابِساً
وَنخضِبُ يَوْمَ الرّوْعِ أسْيافَنا دَمَا
وَنَحْمي الذّمارَ حينَ يَشتَجرُ القَنَا
ونَثني عن السَّرْبِ الرّعيلَ المُسَوَّمَا
ونَسْتَلِبُ الحُوّ العَوَابِسَ كالقَنَا
سَوَاهِمَ يَحْمِلْنَ الوَشيجَ المُقَوَّمَا
ونَحْنُ صَبَحْنَا حَيّ أسمَاءَ غارَة
أبَالَتْ حَبَالى الحَيّ من وَقعِها دَمَا
فاشتدت عزائمهم بكرّاته على الأعداء و فتكه بهم ، فاندفعوا يقاتلون ببسالة معه حتى إن الواحد منهم كان إذا طعن الطعنة ينادي : يا (أبا علي ) وهي كنية عامربن الطفيل وبينما كان عامر متغلغلاً في جموع الأعداء فاجأه من الخلف ( مسهر بن يزيد الحارثي) و مد رمحه إلى أذنه قائلاً له: عندك يا عامر ، و طعنه فأصاب عينه ففقأها ، فوثب عامر عن فرسه إلى الأرض و نجا عدواً على رجليه و الدم يسيل من عينه. وفي ذلك يقول،مسعر الحارثى::
رهصت بخرص الرمح مقلة عامر
فأضحى بخيصا فى الفوارس أعورا
وغادر فينا رمحه و سلاحه
0 وأدبر يدعوا فى الهوالك جعفرا .
وقال أبو عبيدة: أجمع العكاظيون على أن فرسان العرب ثلاثة :
ففارس تميم : عتيبة بن الحارث بن شهاب ؛ صياد الفوارس وسم الفرسان ،
وفارس قيس : عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب ،
وفارس ربيعة : بسطام بن قيس بن مسعود ؛ أحد بنى شيبان بن ثعلبة
وفى المثل : (( أفرس من عامر بن الطفيل ))وهو ابن أخ عامر ملاعب الاسنة ، كان أفرس أهل زمانه وأسودهم0
وقيل : أشجع العرب : عمرو بن معد يكرب ، وعمرو بن الاطنابة ، وعامر بن الطفيل
وقال الجاحظ :
( وقد عرفت شهرة عنترة فى العامة ، ونباهة عمرو بن معد يكرب ، وضرب الناس المثل بعبيد الله بن الحر ، وهم لا يعرفون ، بل لم يسمعوا قط بعتيبة بن الحارث ولا ببسطام بن قيس 0 وكان عامر بن الطفيل أذكر منهما نسبا 0 )
وفى تأبين جبار بن سلمى لعامر بن الطفيل ما يكشف عن جرأته وصبره وبأسه وصولته ، قال : (كان لا يعطش حتى تعطش الابل ، ولا يضل حتى يضل النجم ، ولا يجبن حتى يجبن الليل ، ولا يقف حتى يقف السيل)
وقال عمرو بن معد يكرب:
( ما أبالى أى ظعينة لقيت على ماء من أمواه معد ما لم يلقنى دونها حراها أو عبداها ؛ يعنى بالحرّين عامر بن الطفيل وعتيبة بن الحارث ، وبالعبدين : عنترة العبسى ، والسليك بن السلكة )
مات عامر بن الطفيل عام \ 11 هجرية الموافق لسنة \ 632 ميلادية بالغدة بعد انصرافه من لقاء الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أثناء عودته الى ديار بنى عامر ، وهو ابن الثمانين عاما 0 وقيل : كان عمره ثمانين ونيفا 0
وجعلت بنو عامر حول قبره حمى ميلا طولا وميلا عرضا لا تدخله ماشية ولا تنشر فيه راعية ولا يسلكه راكب ولا ماشى 0 والحمى مقدس فى معتقد الجاهليين ،وقد يشير هذا الى قدسية الفرسان والزعماء فى عشائرهم
ويكاد بعضهم ينكر أن يكون عامر قد مات فمثل هؤلاء لا يموتون 0
قالت امرأة سلولية ترثيه :
أنعى عامر بن الطفيل الأبقى
و هل يموت عامر محتقا
و ما أرى عامر مات حقا
قيل : ما رئى أكثر يوم باكيا وباكية ، وخمش وجوه ، وشق جيوب من ذلك اليوم 0 وبعد موته تبقى فروسية عامر ذكرى يتناقلها الشعراء والأدباء ، ويتردد صداها عند شعراء قيس وغير قيس ، فعندما يعدد الشاعر جرير رجالات قيس يضع عامرا فى المقام الأعلى منهم يقول:
منا فوارس ذى بهدى وذى نجب
و المعلمون صباحا يوم ذى قار
جئنى بمثل بنى بدر لقومهم
أو مثل أسرة منظور بن سيار
أو عامر بن الطفيل فى مركبه
أو حارث يوم نادى القوم يا حار
ومن شعرعامر بن طفيل هذه الابيات :
ولَتَسْئَلَنْ أَسماءُ، وهْيَ حَفِيَّةٌ،
نُصَحاءَها: أَطُرِدْتُ أَمْ لم أُطْرَدِ
قالُوا لها: فلقد طَرَدْنا خَيْلَهُ
قُلْحَ الكِلاَبِ، وكنْتُ غيرَ مَطَرَّدِ
فَلأََنْعينَّكُمُ المَلاَ وعُوَارِضاً
ولأَُهْبِطَنَّ الخيل َ لاَبَةَ ضَرْغَدِ
بالخيلِ تَعْثُرُ في القَصِيدِ كأَنَّها
حِدَأٌ تَتاَبَعَ في الطَّرِيقِ الأَقْصَدِ
ولأََثْأَرَنَّ بِمالِكٍ وبِمالِكٍ
وأَخِي المَرَوْرَاةِ الذِي لم يُسْنَدِ
وقَتِيلَ مُرَّةَ أَثْأَرَنَّ فَإِنَّهُ
فَرْغٌ ، وإِنَّ أَخَاهُمُ لم يُقْصَدِ
يا أَسْمَ أُخْتَ بَنِي فَزَارَةَ إِنَّنِي
غَازٍ، وإِنَّ المَرْءَ غَيرُ مُخلَّدِ
فِيئِي إِليكَ فلا هَوَادَةَ بَيْنَنا
بَعْدَ الفَوَارِسِ إِذْ ثَوَوْا بالمَرْصَدِ
إِلاَّ بِكلِّ أَحَمَّ نَهْدٍ سابِحٍ
وعُلاَلَةٍ من كلِّ أَسْمَرَ مِذْوَدِ
وأَنا أبْنُ حَرْبٍ لاَ أَزَالُ أَشُبُّها
سَمَراً وأُوقدُها إِذَا لم تُوقَد
فإِذا تَعَذَّرَتِ البلادُ فأَمْحَلَتْ
فَمَجَازُها تَيْماءُ أَو بالأَثْمُدِ
*************************