شعراء جاتهليون
بقلم - فالح الحجية
40
الطُفَيلِ الغَنَوي
هو ابو قران الطُفَيل بن عوف بن كعب، من بني غني من قيس عيلان وقَالَ ابْن الكلبي : هُوَ طفيل بْن عوف بْن كعب بْن خلف بْن ضبيس بْن خليف بْن مالك بْن سعد بْن عوف بْن كعب بْن غنم بْن غني بْن أعصر بْن سعد من قيس عيلان.
قَالَ أَبُو عبيدة : اسم غني عَمْرو ، واسم أعصر منبه ، وإنما سمي أعصر لقوله :
قالت عميرة مَا لرأسك بعدما
فقد الشباب أتى بلون منكر
أعمير إن أباك غيّر رأسه
مر الليالي واختلاف الأعصر
فسمي بِذَلِكَ.
الطفيل شاعر جاهلي ومن فحول الشعراء المعدودين ، يقال إنه من أقدم شعراء قيس. واشتهر بوصف الخيل ومن اشهر شجعان العرب وفرسانهم وهو أوصف العرب للخيل وربما سمي (طفيل الخيل) لكثرة وصفه لهاويسمى أيضاً (المحبّر) لتحسينه شعره والاهتمام به
عاصر النابغة الجعدي وزهير بن أبي سلمى وقيل هو اكبر من النابغة ،
وجاء عن الأصمعي انه قال:
- كان أهل الجاهلية يسمون طفيلاً الغنوي (المحبر) لحسن وصفه الخيل
وقيل كان طفيل الغنوي يسمى( طفيل الخيل) لكثرة وصفه إياها
وقال أبو عبيدة: طفيل الغنوي، والنابغة الجعدي، وأبو دواد الإبادي، أعلم العرب بالخيل وأوصفهم لها.
وقال: قتيبة بن مسلم للأعرابي من غني قدم عليه من خراسان:
أي بيت قالته العرب أعف؟
قال: قول الطفيل الغنوي::
ولا أكون وكاء الزاد أحبسه
لقد علمت بأن الزادمأكول
قال: فأي بيت قالته العرب في الحرب أجود؟
قال: قول طفيل الغنوي::
بحي إذا قيل اركبوا لم يقل لـهـم
عوارير يخشون الردى أين نركب
قال: فأي بيت قالته العرب في الصبر أجود؟
قال: قول نافع بن خليفة الغنوي::
ومن خير ما فينا من الأ مر أنـنـا
متى ما نوافي موطن الصبر نصبر
وكان معاوية بن ابي سفيان يقول:
- خلوا لي طفيلاً وقولوا ما شئتم في غيره من الشعراء
اما وفاته فقد قيل انه مات بعد مقتل هرم بن سنان
وقيل انه توفي قبل الهجرة النبوية باحدى وعشرين سنة في عام\ 609 ميلادية .
ومن شعره هذه الابيات :
.
بالعُفْرِ دَارٌ من جَمِيلَةَ هَيَّجَتْ
سَوالِفَ حُبٍّ في فُؤادِكَ مُنْصِب
وَكُنْتُ إذا بانَتْ بِهَا غَرْبَةُ النَّوَى
شَدِيدَ القُوِى ، لَمْ تَدْرِ مَا قَوْلُ مِشْغَبِ
د
كَرِيمَةُ حُرِّ الوَجْهِ لم تَدْعُ هَالِكاً
من القَوْمِ هُلِكاً في غَدٍ غَيْرَ مُعْقِبِ
أسِيلَةُ مَجْرَى الدَّمْعِ ، خُمْصَانَةُ الحَشَا
بَرُودُ الثَّنَايَا ، ذَاتُ خَلْقٍ مُشَرْعَب
تَرَى العَيْنُ مَا تَهْوَى ، وفيها زِيَادَةٌ
من اليُمْنِ ، إذ تَبْدو ، وَمَلـهَىً لَملعَب
وَبْيتٍ تَهُبُّ الرِّيحُ في حَجَراتـه
بأرْضِ فَضَاءٍ ، بَابُـهُ لم يُحجَّبِ
سَمَاوَتُـه أَسْمَالُ بُـرْدِ مُحَبَّر
وصَهْوتُهُ مِنْ أَتحَمِيِّ مُعَصَّبِ
وأطنابـه أرسان جـرد ، كأنّهـا
صدورُ القنـا من بادىء ومعَقِّبِ
نَصَبْتُ على قَـوْم ، تُدِرُّ رِمَاحُهُم
عُرُوقَ الأَعادِي من غَرِيرٍ وَأَشْيَبِ
وَفِينا تَرى الطُّوْلَى وكُلَّ سَمَيْدَعِ
مُدَرَّبِ حَرْبٍ وابْنِ كُلِّ مُدَرَّب
طَوِيلِ نِجادِ السَّيفِ لم يَرْضَ خُطَّةً
من الخَسْفِ وَرَّادٍ إلى المَوْتِ صَقْعَب
تَبِيْتُ كَعِقْبَان الشُّرِيْفِ رِجَالُـهُ
إذا ما نَوَوا إحْـدَاثَ أَمْرٍ مُعَطَّب
وَفِيْنَا رِبَاطُ الخَيْلِ ، كُلُّ مُطَهَّم
رَجِيلٍ ، كَسِرْحَان الغَضَا المُتَأوِّب
يُذِيقُ الذي يَعْلو على ظَهْرِ مَتْنِه
ظِلالَ خَذَارِيفٍ ، من الشَّدِّ مُلْهِب
وَجَرْدَاءَ مِمْرَاحٍ نَبِيْلٍ حِزامُهَا
طَرُوحٍ كَعُودِ النَّبْعَةِ المتنخَّب
تُنِيفُ إذا اقْورَّتْ من القَوْدِ وانْطَوَتْ
بِهادٍ رَفِيعٍ يَقْهَرُ الخْيلَ صَلْهَب
وَعُوْجٍ كأَحْنَاء السَّراء مطَتْ بِها
مَطَارِدَ تُهْدِيها أَسِنَّةُ قَعْضَب
إذا قِيْلَ : نَهْنِهْهَا وقد جَدَّ جِدُّها
تَرَامَتْ كَخُذْرِوفُ الوَلِيدِ المُثَقَّب
قَبَائِـلُ من فَرْعَيْ غَنِيِّ تواهَقَتْ
بِهَا الخَيْلُ لا عُزْلٍ ولا مُتأَشَّب
ألا هلْ أَتى أهْلَ الحِجَازِ مُغَارُنَا
على حيّ وَرْدٍ وابْنِ ريَّا المضرّبِ
جَلَبْنَا من الأَعْرَافِ أعْرَافِ غَمْرَةٍ
وأعْرَافِ لُبِنَى الخيلَ يا بُعْدَ مَجْلَب
بَناتِ الغُرابِ والوجِيهِ ولاحِقٍ
وأعْوَجَ تَنْمي نِسْبَة المتنسِّبِ
وِرَاداً وحُـوَّاً ، مُشْرِفاً حَجَباتُهـا
بَنَاتِ حِصَانٍ قـد تُعولِـمَ مُنْجِبِ
وكُمْتاً مُدَمَّـاةً كَأنَّ مُتُونَهـا
جَرَى فَوْقَهَا واسْتَشْعَرَتْ لَونَ مُذْهبِ
نَزَائِـعَ مَقْذوفـاً على سَرَوَاتِهـا
بِمَا لم تُخَالِسْهَا الغُـزَاةُ وتُسْهَبِ
تُباري مَراخيهَا الزِّجَاجَ كأنها
ضِرَاءٌ أَحَسَّتْ نَبْأة من مَكلبِ
كأنَّ يَبيسَ الماءِ فَوْقَ مُتُونِهَا
أشَاريرُ مِلْحٍ في مَبَاءَةِ مُجْرِبِ
من الغَزْوِ واقْوَرَّتْ كَأنَّ مُتَوتَها
زَحَاليفُ وِلدَانِ عَفَتَ بَعْدَ مَلعَبِ
وَأذْنَابُهَـا وَحْفٌ كأنَّ ذُيُولـهـا
مَجَرُّ أشَاءٍ من سُمَيْحَـة مُرْطبِ
وَتَمَّتْ إلى أَجْوَازِهـا وتَقَلقَلتْ
قَلائِدُ في أعناقِهـا لم تقضَّبِ
كأن سَدَى قُطْنِ النَّوادِف خَلفَهـا
إذا اسْتَودَعَتْهُ كُلَّ قَـاعٍ ، ومِذْنَبِ
إذا هَبَطَـتْ سَهْلاً كأنَّ غُبَـارَه
بَجَانِبِه الأقصى دواخِنُ تَنْضُبِ
كَأنَّ رِعَالَ الخَيْلِ لـمَّا تَبَدّدَتْ
بَوَادِي جَرَادِ الـهَبْوَة المُتَصَوَّبِ
وَهَصْنَ الحَصَى ، حتَّى كأَنَّ رُضَاضَةَ
ذُرَى بَرَدٍ من وَابِلٍ مَتحلِّبُ
يُبَـادِرْنَ بِالفُـرْسَانِ كُلَّ ثَنِيَّـةِ
جُنُوحَـاً كَفُـرّاط القَطا المُتَسَرِّبِ
وعارَضْتُهَا رَهْـوَاً على مُتَتَابعٍ
شَدِيدِ القُصَيْرَى خَارِجِـيٍّ مًحَنَّبِ
كأن على أعْرافِـهِ ولِجَامِـه
سَنَا ضَرَمٍ من عَرْفَـجٍ مُتَلَهِّبِ
كَأَنَّ على أعطَافِهِ ثَوْبَ مَائِح
وإن يُلقَ كَلبٌ بين لِحْيَيْه يَذْهَبِ
إذا انْصَرَفَـتْ من عَنَّةٍ بَعْدَ عَنَّةٍ
وَجَـرْسٌ على آثارِهـا كَالمؤَّلبِ
تُصَانِـعُ أيْدِيهـا السَّرِيحَ كَأنَّها
كِلابُ جَميعٍ غُرَّةَ الصَّيْفِ مُهْرَبِ
إذا انقلبَتْ أدتْ وُجُوْهاً كريمةً
مُحَّببـةً ، أدَّيْـنَ كُلَّ مُحَّبـبِ
خَدَتْ حَوْلَ أطَنابِ البيوتِ وسوَّفَتْ
مَرَاداً وإن تُقْرَعْ عَصَا الحَرْبِ تَرْكَبِ
فَلـمَّا بَدا حَزْمُ القَنَانِ وصَارَةٌ
ووازَنَّ من شَرقِي سَلمَى بِمَنْكِبِ
أَنَخْنَا فَسُمْنَاهَا النّطافَ فَشَارِبٌ
قَليلاً وآبٍ صَدَّ عن كُلِّ مَشْرَبِ
يُرَادَى على فَأسِ اللِّجَامِ كَأنَّمَا
يُرَادَى به مَرْقَاةُ جِذْعِ مُشَذَّبِ
وشَدَّ العَضَاريطُ الرِّحالَ وأُسْلِمَتْ
إلى كُلِّ مِغْوَارِ الضُحَى مُتَلَّببِ
فَلَمْ يَرَهَـا الرَّاؤّوْنَ إلاَّ فُجَاءَةً
بِوَادٍ تُناصِيـه العِضَاهُ مُصَوَّبِ
ضَوَابِعُ تَنْوي بَيْضَةَ الحَيَّ بَعْدَما
أذَاعَتْ بِريْعَانِ السَّوَامِ المَعزَّبِ
رَأى مُجْتَنُو الكُرَّاثِ من رَمْلِ عَالِجٍ
رِعَالاً مَطَتْ من أَهْلِ سَرْحٍ وتنضُبِ
فَألـوَتْ بَغَايَاهُـمْ بِنَا ، وتَبَاشَرَتْ
إلى عُرْضِ جَيْشِ غَيْرَ أن لم يُكَتَّبِ
فقالوا ألا ما هؤلاءِ وقد بَدَتْ
سَوَابِقُهَـا في ساطِع مُتَنَصِّبِ
فقال بَصيرٌ يَسْتَبينُ رَعالَها :
هُمُ والإلـهِ مَـنْ تَخَافِين فاذِهَبِي
على كُلِّ مُنْشَقٍّ نَساهَا طِمِرَّة
وُمُنْجَـردٍ كأنَّـهُ تَيسُ حُلَّبِ
يَذٌدْنَ ذِيَادَ الخَامِسَاتِ وقد بَدَا
ثَرَى الماءِ من أعْطَافِها المتَحَلِّبِ
وقِيلَ : اقدَمِي واقدَمْ وأخِّ واخِّرِي
وهَلْ وهَلاَ واضْرَخْ وقادِعُها هبِ
فما بَرِحُوا حتَّى رأوا في دِيَارِهم
لِـواءً كَظِلِّ الطَّائِـرِ المُتَقَلِّبِ
رَمَتْ عن قِسِيِّ الماسخِيِّ رِجَالُنَا
بأجْوَدَ ما يُبْتَاعُ من نَبْل يَثْرِب
كأنَّ عَراقيـبَ القَطَا أُطُـرٌ لـها
حَدِيثٌ نواحِها بَوَقْـعٍ وصُلَّبِ
كُسِيْنَ ظُهارَ الرِّيشِ من كُلِّ نَاهِضٍ
إلى وَكْـرِهِ وكُلِّ جَونٍ مُقَشَّب
فلـماً فنى ما في الكَنائِنِ ضَارَبُوا
على القُرْعِ من جِلدِ الـهِجَانِ المجوّب
فَذُوْقُوْا كَمَا ذُقْنَا غَدَاةَ مُحَجَّرٍ
من الغَيْظِ في أَجْوَافِنَا والَّتحوُّبِ
أبَـأنَا بِقَتْلانَا من القَوْمِ مِثْلَهـم
ومَا لا يُعَدُّ من أسِيرٍ مُكَلَّب
نُخَـوَّي صُـدُورَ المَشرَفِيَّةِ مِنْهُمُ
وكُلّ شِراعِيٍّ من الـهند شَرْعَبِ
بِضَرْبِ يُزِيلُ الـهَامَ عن سَكَنَاتِها
وَيَنْقَع من هَامِ الرِّجَالِ بِمَشْرَبِ
فَبِالقَتْـلِ قَتْـلٌ والسَّوَامُ بِمِثْلِـهِ
وَبِالشَّلِّ شلُّ الغَائِـطِ المُتَصَوِّبِ
وَجَمَّعْنَ خِيْطاً من رِعَاءٍ أفَأْنهُمْ
وأسِقَطْنَ من أقفائهم كلَّ مِحْلَبِ
فَرُحُنَ يُبَارِيْـنَ النِّهاب عُشَيَّة
مُقَلَدَةً اَرْسَانُها غَيْرَ خُيَّب
مُعَرَّقَة الألحِـي تَلُوحُ مُتُونُها
تُثِيرُ القطا في مَنْقَل بعد مَقْرَبِ
لأيَّامِهَا قِيدَتْ وأيامِها جَرَت
لِغُنْم ولم تُؤْخَذْ بِأرْضٍ وتُغْصَب
كأنَّ خَيَال السَّخْل في كُلِّ مَنْزِل
يَضَعْن بِه الأسْلاءَ أطْلاءُ طُحْلُب
طَوَامُح بالطَّرف الظِّرابَ إذا بَدَتْ
مُحَجَّلَة الأيْدِي دماً بالمُخَضَّبِ
ولِلخَيْلِ أيَّامٌ فمن يَصْطَبِر لـها
وَيعْرِفْ لـها أيَّامَهَا الخِيْرَ تُعْقِبِ
وقد كانَ حيَّاناً عَدُوذَيْنِ في الذي
خَلاَ فعلى ما كانَ في الدَّهْرِ فارتب
إلى اليَوْمِ لم نُحدِثْ إليكم وَسيلةً
ولم تَجِدُوها عِنْدنـا في التَّنَسُّبِ
جَزَيْنًاهُـمُ أَمْسِ الفَطِيْمَة إنّنَا
متى ما تَكُنْ منَّا الوَسِيقَةُ نَطْلُبِ
فَأقْلَعَتِ الأيَّـامُ عَنَّـا ذُؤَابَـةً
بمَوْقِعِنَا في مَحْرَب بعـد مَحْرَبِ
ولم يَجِدِ الأقْوَامُ فينا مَسَبَّةً
إذا اسْتُدْبِرَت أيامُنا بالتَعقُّب
**************************