ولادة ابنة المستكفي
هي الشاعرة ولادة بنت الخليفة المستكفي بالله محمد بن
عبد الرحمن بن عبيد الله بن الناصر لدين الله الأموي ولدت عام \400 للهجرة في بيت عز وشرف واستخلف ابوها الخلافة في الاندلس عام \414 هجرية فهي اذن شاعرة أندلسية، من بيت الخلافة.وتثقفت عاليا على ايدي افضل العلماء والادباء في عصرها اشتهرت بالفصاحة والبلاغة والشعرومجالسة الرجال ،. وكانت واحدة زمانها في ذلك الوقت بسبب شعرها. وكانت تخالط الشعراء في زمانها وتجالسهم بل وتنافسهم. وكان لها مجلس مشهود في قرطبة يحضره الادباء والشعراء يتدارسون الثقافة والادب وينشدون والشعر و تشتهر ببيتين شهيرين من الشعر قيل أنها كانت تكتب كل واحد منهما على جهة من ثوبها:
أنا والله أصلح للمعالي
وأمشي مشيتي وأتيه تيهاً
وأمكن عاشقي من صحن خدي
وأعطي قبلتي من يشتهيها
كانت ولادة تحب الشعر، وكانت مع ذلك مشهودة مصونة عفيفة حيث كانت شاعرة وأديبة من شعراء الأندلس وكان في قولها حسن وبداعة وجزلة في الألفاظ، و كانت تناضل الشعراء، وتساجل الأدباء وتتفوق بالبرعاة على بعضهم ، فكان مجلسها في قرطبة يزخر بجيد النظم والنثر يغشاه ارباب الثقافة و الأدب والشعر ويتهالك الشعراء والكتاب على حلاوة عشرتها وعلى سهولة حجابها وكثرة منتابها، كانت تخلط ذلك بعلو همة وكرم انسب وطهارة ذيل على أنها ا وجدت للقول فيها السبيل بقلة مبالاتها ومجاهدتها فقال القائلون ما شاؤوا عليها وفيها وكان من بين مرتادي مجلسها هذا الشاعرالكبير ابن زيدون وقيل انها سمعته مرة يلقي قصيدة من قصائده فرغبت به والتقت به في ثنايا القصر وقيل انها قالت مرة مداعبة للوزير ابن زيدون وكان له غلام اسمه علي:
إن ابن زيدون على فضله
يفتا بني ظلما ولا ذنب لي
يلحظني شزرا إذا جئته
كأني جئت لأحضي علي
وبمرور الوقت احبته وبادلها الحب بالحب والشوق بالشوق فقد احبته وأحبها، وقيل أنها كانت البادئة في طلب اللقاء به وكانت ولادة بارعة الجمال و الحسن الفائق و الأدب والشعر والنادر، وخفة الروح فلم تكن تقصر عنها، وكان لها صفة في الغناء و لم يزل ابن زيدون يروم الاقتراب منها ولع حبا بها، الاانه قيل كانت لولادة جارية سوداء بديعة الجمال فظهر لولادة أن ابن زيدون مال إليها فكتبت إليه:
لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا
لم تهـو جاريتي ولم تتخير
وتركت غصنا مثمرا بجماله
وجنحت للغصن الذي لم يثمر
ولقد علمت بأنني بدر السما
لكن ولعت لشوقي بالمشتري
فكتب اليها بن زيدون يستعطفها ولعلها ترجع اليه:
ما جال بعدك لحظى في سنا القمر
الا ذكرتك ذكر العين بالأثر
ولا استطلت دماء الليل من أسف
الا على ليلة سرت مع القصر
فهمت معنى الهوى من روح طرفك لي
ان الحوار لمفهوم من الحور
فكتبت اليه تقول :
اغاروا عليك من عيمي ومني
وفيك ومن زمانك والمكان
ولو اني خبئتك في عيوني
الى يوم القيامة ما كفاني
فكتب اليها ابن زيدون قائلا :
يا من غدت به بالناس مشتهرا
قلبي يقاسي عليك الهم والفكر ا
ان غبت لم القى انسان يؤانسي
وان حضرت فكل الناس قد حضرا
الا انها هجرته وحاول بكل جهوده ومعرفته وشعره ان يردها الى حبه فلم يفلح اذ انها مالت الي غيره فاحبت الوزير ابا عامر فندم ابن زيدون وراح يتوسل بغيرجدوى وينظم الشعر مهددا الوزير ابا عامر شاكيا إلى ولادة تباريح الهوى ويقول:
كم ذا أراد ولا أراد يا سوء ما لقي الفؤاد
يقضي علي دلاله في كل حين أو يكاد
كيف السلو عن الذي مثواه من قلبي السواد
، وكتب إلى الوزير رسالته المعروفة بالرسالة الهزلية سخر فيها منه على لسان حبيبته، فلم يلبث الوزير أن عمل على سجن الشاعر، فتم سجنه . فراح ابن زيدون في سجنه يكتب الشعر مسترحما ،كما كتب إلى أبي حزم رسالته المعروفه بالرسالة الجدية مستعطفا ولكن لم يجد اذ نا تصغي ولا قلبا يرحم، فصمم على الهرب ، ففر من السجن في ليلة عيد الأضحى وظل متخفيا عن الانظار حتى عفا عنه ابو حزم فبعث بقصيدته المشهورة بالنونية والتي كتبها إلى حبيبته ولادة بنت المستكفى حيث كان في اشبيلية وهى في قرطبة تعتبر قصيدته هذه من روائع الشعر العربي وعيونه في الادب وشعر الغزل وقد مرت بنا في بحث ابن زيدون ولا حاجة لتكرارها .
وقد توفيت ولادة سنة\ 480 هجرية وقيل عام\ 484 عن عمر يناهز الثمانين عاما
ومن شعرها في الغزل تقول:
ألا هل لنا من بعد هذا التفرق
سبيل فيشكو كل صب بما لقي
وقد كنت أوقات التزاور في الشتا
أبيت على جمر من الشوق محرق
فكيف وقد أمسيت في حال قطعة
لقد عجل المقدور ما كنت أتقي
تمر الليالي لا أرى البين ينقضي
ولا الصبر من رق التشوق معتقي
سقى الله أرضا قد غدت لك منزلا
بكل سكوب ما طل الوبل مغدق
*****************************************