3
بسم الله الرحمن الرحيم
(( وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما *. والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما .* والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم ان عذابها كان غراما . انها سائت مستقرا ومقاما .* والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما * والذين لايدعون مع الله الها أخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما *. يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا *. الا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما *. ومن تاب وعمل صالحا فأنه يتوب الى الله متابا * والذين لا يشهدون الزور واذا مرو بالغو مروا كراما *. والذين أذا ذكروا بأيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا *. والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين وجعلنا للمتقين أماما .* أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما .* خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما * قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما *.))
سورة الفرقان آيه 63 _ 77
الحمد لله \
عباد الله سبحانه وتعالى الرحمن الرحيم الذي منح عباده الصالحين الرحمة وتفضل عليهم بها وصف عباده المؤمنين في المصحف الشريف في آيات كثيرة وبصفات متعددة وفي هذه الايات الشريفة جاء وصفهم بأعمالهم وصفاتهم مع الاخرين . منهم الذين يمشون على الارض هونا لينا ويسرا وليس المشي هنا بالاقدام وانما سيرهم وخلقهم مع الاخرين بين البشر وممن خلق لهم ربهم تعالى
يتعاملون معهم في حياتهم الدنيا . منهم يتعاملون مع الجميع باليسري والهين من الامور ومنحهم الله تعالى القدرة على الصبر فأذا خاطبهم الجاهلون من المشركين او الكفار او حتى عامة الناس من صنفهم ممن هم اقل منهم ايمانا أذا خاطبوهم بلهجة القوة والعنف والبذائه من الكلام وما اليه فأن ردهم عليهم يكون بأفضل اللفظ وأجمل المعنى وأحسن التعبير فجأء قوله تعالى (( قالوا سلاما )) . فهم العافون عن الناس أساءتهم اليهم بعيدا عن الخوف منهم . ومقابلة الاساءه بالاحسان والشده واللين واللطف وجهل الجاهلين بالحلم لهو من فضل الله تعالى وهدايته لنفس المؤمن الثابت الايمان . فهم لا يرجون من عملهم هذا وعفوهم هذا الا رضا الله تعالى والشد في عبادته . فاذا جاء الليل تراهم متوجهين الى ربهم في عبادة وصلاة وذكر الله دائما . منهم يصلون الفرائض ويقومون الليل نافلة طلبا لرضى الله عليهم ومحبته في قلوبهم . وفسجدوهم كناية عن الصلاة المفروضة وذكر يبتغون في كل ذلك . انهم يبغون رضا الله تعالى ويدعونه ان يجنبهم عذاب النار في جهنم وان لا يجعلها سكنا لهم ومستقرا لهم ذلك المستقر السيء الذي هم بعيدون عنه بفضل الله ونعمته عليهم . ومن صفات المؤمنين التقتير في الانفاق والصرف بحسب الحاجه فلا يجعلون أيديهم مغلولة الى اعناقهم بخلا وشحا ولا يبسطونها كل البسط فينقضون كل ما لديهم من مال فيبقون معدمين مدينين بل وصفهم الله تعالى بين هذا وذاك تبعا لما لديهم من ثروة ومال وفقر وغنى .
ثم وصفهم بصفات ثلاث لا يقومون بها ولا يتصفون بها فهم لا يشركون بالله تعالى ولا يقتلون النفس التي حرم الله قتلها الا بالحق وحق قتل النفس هو القصاص النفس بالنفس والخروج على الامام او قل الخروج من الاسلام أي من ارتد عن الاسلام حل قتله ولا يزنون وهي معصية ثالثه من فعل أي منها عاقبه الله تعالى بالاثم وضاعف له العذاب يوم القيامة ويبقى في هذا العذاب خالدا مخلدا .
اما الذين فعلوا هذه المعاصي من الكفار والقتلة والزناة ثم تركوها وندموا على ما فعلوه وتابوا توبة نصوحا الى الله تعالى ورجعوا الى طريق الحق والصواب فأن الله تعالى يمحوا ذنوبهم بالتوبة والتوبة خلاف نسيان الذنب انما تجعل ذنبك اما عينيك لترجع عنه فتستغفر الله تعالى وتتوب اليه وهي ان تتوب عن كل شئ سوى الله تعالى وافضل ماقيل في التوبه - هو التوبة عن كل شي ذمه العلم الى ما مدحه القلم - وهذا الوصف يعم الظاهر والباطن لمن كوشف بصريح العلم لانه لا بقاء للجهل مع العلم كما لا بقاء لليل مع الشمس وهو يستوجب جميع امور التوبة بالوصف الخاص والعام وهذا العلم يكون على الظاهر والباطن بأخص اوصاف التوبة وأعم اوصافها . ومعناها رجوع العبد عن كل ما يخالف الشرع بالانابة لكل ما يرضى الله تعالى وقيل في تفسيرها انها ترك لتسويف زمان الاويه وهي العودة الى الحق تعالى وقيل فيها ان لاتنسى ذنبك يوما ما دمت حيا فالتوبة اذن الرجوع الى طريق الحق والهدى والابتعاد عن كل عمل منكر كان المرء يعمله . بنفس خالصة وروح طيبة وقلب نظيف غسل بماء الايمان عندها يبدل الله سيئات هذا المرء التائب الى حسنات لان الحسنات يذهبن السيئات والحسنة بعشر امثالها غفرانا من الله تعالى لذنوب عباده ورحمة بهم . وهذه التوبه يجب ان تكون توبة ثابتة وخالصة لوجهه تعالى مقرونة بالعمل الصالح والطريق القويم .
ومن صفات المؤمنين أنهم لا يشهدون شهادة زور تلك الشهادة الباطلة الماحقه التي تمحق شاهدها وتلقيه بأمر العذاب بل يؤدون الشهادة على حقيقتها ولا يقولون الا الحق . واذا سمعوا لغوا او كلاما نابيا فحشاً او قبحا او كلاما غير لائق توقفت السنتهم عن النطق به وانفت نفوسهم عن مثله واعرضت عنه ترفعا وتجاوزا مؤثرين العفو والصفح لان من خلقهم انهم العافين عن الناس . فهم لا يرضون الا بالقول الطيب والكلام السمح واللفظ المختار الاحسن لذلك تراهم اذا ذكروا بايات ربهم يتدبرونها ويتفكرون في معناها ظاهرا وباطنا بقلوب يملؤها الايمان وعيون مفتوحة واعية لماترى واذان صاغيه سامعة ما يقال لها فهم لا يخبطون القول خبط عشواء ولا يصدرون حكما الا عن بصيرة واعية وحكم قاطع ثابت .
ومن صفات المؤمنين توكيلهم في كل امورهم على الله تعالى والدعاء بصالح الاعمال والامور ومن هذه الامور دعائهم الله تعالى ان يهب لهم من ازواجهم اولادا صالحين ومن اولادهم افعالا وذرية بعضها من بعض تقر بها عيونهم وتفرح بها قلوبهم مجبولين على الطاعة وعبادة الله تعالى مغروسة قلوبهم ونفوسهم بالايمان واخلاقهم بالخلق الحميدة وصفاتهم كريمة ومن كانت ذريته صالحة سر بهم وفرح بهم في الدنيا وما أجمل وافضل ان يرى المؤمن اولاده وصغاره دائبين على طاعة الله وعبادته مؤدين حقوقه من صوم وصلاة وعبادة فهم واقفون معه في صف واحد في المسجد على سبيل المثال . واضافة الى هذه الامور الدنيوية فانه ثبات بهم كما جاء في حديث رسول الله عن العمل الذي لاينقطع بعد الموت وجعل الولد الصالح منه . فهؤلاء الاولاد هم قرة اعين آبائهم وصدقة جارية لهم من بعدهم . وهم ائمة التقى وهداة الاخرين
الى الطريق الحق والصلاح
هؤلاء الذين صفاتهم ما جاء اعلاه هم الذين وفقهم الله لدخول الجنة وغرفاتها وقصورها ينعمون بها . تلك الجنة التي فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . من الخير والجمال والنعيم الدائم . تحف بهم الملائكة ان سلام عليكم ادخلوها بسلام امنين يجدون فيها تحية الملائكة لهم وتحيتهم فيما بينهم بالسلام والايمان هذه الجنة ذات النعيم المقيم والاستقرار الثابت الخالد والمقام المحمود جعلها الله تعالى لهؤلاء المؤمنين- الذين يمشون على الارض هونا . واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما –
( لاحظ كتابي اصحاب الجنة في القران الكريم الجزء الثاني ).
وقل لهؤلاء الناس الكافرين – والخطاب للحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم - بنعم الله والمستكبرين عن قبول قول الحق والايمان بالله تعالى وتوحيده وعبادته قل لهم ماذا يعبأ بكم ربكم واي اعتداد يعتد بكم لولا دعاؤكم وماذا يفعل بكم اي لولا عبادتكم ا لله تعالى ودعاؤكم والدعاء كما اخبر الحبيب المصطفى ( مخ العبادة ) فقد خلق الله تعالى الخلق لاجل عبادته ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) فقد كذبتم اي فقد دعوناكم للايمان بالله تعالى فكذبتمونا وولم تستجيبوا لدعاء الايمان لذا فسوف يكون لزاما ان يحيق بكم العذاب جراء تكذيبكم لنا واصراركم على البقاء في الكفر وسيكون مصيركم الى النار .
*****************************