الشاعر ناصيف اليازجي
هو ناصيف بن عبد الله بن جنبلاط بن سعد اليازجي اللبناني المولد السوري الحمصيّ الأصل . ولد في قرية كفر شيما من قرى الساحل اللبناني في 25 آذار سنة 1800 م في أسرة اليازجي التيكانت تسكن سوريا وفي مدينة حمص منها هاجرت الى لبنان وسكنت السهل الساحلي وقد نبغ من هذه العائلة كثير من أفرادها في الفكر والأدب. والثقافة والعلوم
نشأ ناصيف ميالاً إلى الأدب والشعر ، وأقبل على الدرس والمطالعة بنفسه ، وتصفح ما تصل إليه يده من كتب في النحو واللغة ودواوين الشعراء ،وقد نظم الشعر وهو في العاشرة من عمره ، ولم تكن الكتب المطبوعة ميسّرة في عصره فكان اكثر اعتماده على كتب يستعيرها من المكتبات الخاصة ، فمنها ما يقرأها مرة فيحفظ مضمونها ومنها ما ينسخها بخط يده. ويحتفظ بها منسوخة
و بعد اكتمال شخصيته الثقافية اتصل بالأمير بشير الشهابي الكبير ، أمير لبنان ، فقرّبه إليه وجعله كاتباً له ، فلبث في خدمته اثنتي عشرة سنة ، وفي سنة 1840 م نفي الامير بشير خارج البلاد فخرج الأمير بشير من لبنان إلى منفاه وعلى اثر خروج الامير من لبنان انتقل الشاعر ناصيف اليازجي بأهل بيته إلى بيروت فأقام بها وتفرغ للمطالعة والتأليف والتدريس ونظم الشعر ومراسلة الأدباء فذاع صيته وأشتهر ذكره.
اتصل بالمرسلين الأميركيين يصحح مطبوعاتهم ، ودعي للتعليم في المدرسة الوطنية التي كان قد أسسها المعلم بطرس البستاني وذلك عام 1863 ، واشتغل معه بتصحيح الجزء الأول من معجمه " محيط المحيط " ، وشارك في أول ترجمة عربية للكتاب المقدس في العصر الحديث ، وهي الترجمة التي قام بها الأمريكان
عمل في مدرسة الأمريكان في بيروت ( الجامعة الأمريكية ) فيما بعد ، وصنف مجموعة من المؤلفات اللغوية التعليمية تعد بدء بعث اللغة العربية الفصحى في العصر الحديث .
أصيب بمرض عضال سنة 1869م وأصيب بشلل نصفي فلزم داره على اثر ذلك، وفي أثناء مرضه فجع بفقد ابنه البكر الشيخ حبيب وهو في شرخ شبابه فوقع عليه ذلك الحادث وقوع الصاعقة ولم يعش بعد ذلك إلا أربعين يوماً وكانت وفاته في 8 شباط (فبراير) سنة 1871 م.
عرف اليازجي بشعره ذي النفحة الوطنية التي تنبعث من اعماق قلبه وثابة في شعره وقصائده الوطينية تمتاز بكونها افضل قصائد واسماها
مؤلفاته:
ترك ناصيف اليازجي مؤلفات متعددة شملت الصرف والنحو والبيان واللغة والمنطق والطب والتاريخ ، كما ترك ديواناً شعرياً متنوع الموضوعات ، ومراسلات شعرية ونثرية ، وأهم هذه المؤلفات:
1- « نار القرى في شرح جوف الفرا » ، في الصرف والنحو.
2- « فصل الخطاب في أصول لغة الأعراب » ، وهي رسالة في التوجيهات النحوية.
3- « عقد الجمان في علم البيان ».
4- « مجمع البحرين » ، وهو يشتمل على ستين مقامة على غرار مقامات الحريري وبديع الزمان الهمداني.
5- « ديوان ناصيف اليازجي ». ومؤلف من ثلاث مجاميع شعرية هي النبذة الاولى ونفحة الريحان و ثالث القمرين
6- العرف الطيب في شرح ديوان ابي الطيب
7- فصل الخطاب في قواعد اللغة العربية
8- الجوهر الفرد في فن الصرف
ومن جميل شعره اخترت هذه القصيدة الرائعة
دع يوم امس
دَعْ يومَ أمسِ وخُذْ في شأنِ يومِ غَدِ
واعدِدْ لِنفسِك فيهِ أفضَلَ العُدَدِ
واقنَعْ بِما قَسَمَ اللهُ الكريمُ ولا
تَبسُطْ يَديَـكَ لنَيلِ الرِّزقِ من أحَدِ
والبَسْ لكُلِّ زمانٍ بُرْدةً حَضَرَتْ
حتى تُحَاكَ لـكَ الأُخرى من البُرَدِ
ودُرْ مَعَ الدَّهْرِ وانظُرْ في عَواقبِهِ
حِذارَ أن تُبتَلـى عَيناكَ بالرَّمَـدِ
مَتَى تَرَ الكلبَ في أيَّامِ دَوْلتِـهِ
فاجَعلْ لرِجْليكَ أطواقاً من الزَرَدِ
واعلَمْ بأنَّ عليكَ العارَ تَلْبَسُـهُ
من عَضَّةِ الكلْبِ لا من عضَّةِ الأسَدِ
لا تأمُلِ الخيرَ من ذي نعمةٍ حَدَثَتْ
فَهْوَ الحريصُ على أثوابـهِ الجُدُدِ
واحرِصْ على الدُرِّ أن تُعطِي قلائدَهُ
مَن لا يُميِّـزُ بَيْنَ الدُرِّ والبَـرَدِ
أعدَى العُداةِ صَديقٌ في الرَّخاءِ فإن
طَلَبْتَـهُ في أوانِ الضِّيـقِ لم تَجِـدِ
وأوثَقُ العهدِ ما بينَ الصِّحابِ لِمَنْ
عاقَدتَ قلبـاً بقلبٍ لا يَداً بيَدِ
عليكَ بالشُّكرِ للمُعْطِي على هِبَـةٍ
ودَعْ حَسُودَكَ يَشوي فِلْذَة الكَبِدِ
لو كانَ يَفَعلُ في ذي نِعمةٍ حَسَـدٌ
لَمْ ينجُ ذو نعمةٍ من غائلِ الحَسَدِ
مَحَضْتُكَ النُّصْحَ عن خُبرٍ وتَجرِبـةٍ
واللهُ سُبحانَـهُ الهادي إلى الرَشَدِ
فاخَترْ لنفسِكَ غيري صاحباً فأنا
شُغِلْتُ عنكَ بِمَا قد جَدَّ في البَلَدِ
قد شَرَّفَ اليومَ إبراهيـمُ بلَدتَنـا
كأنَّهُ الرُوحُ قد فاضَتْ على الجَسَدِ
أهدَتْ إلينا ضَواحي مِصْرَ جَوْهَرةً
من مالِنا فهي قد جادَتْ ولَمْ تَجُدِ
ما زالتِ الشَّامُ تشكو طُولَ وَحْشتِهِ
كالأمِّ طالتْ عليها غُربـةُ الوَلَدِ
سُرَّتْ بزَوْرتِـهِ يومـاً ونَغَّصَهـا
خوفُ الفِراقِ فلم تَسلَمْ من الكَمَدِ
عليلةٌ من دواعي الشَّوقِ حينَ دَرَى
من لُطفِـهِ ما بِهَا وافَى كمُفتقِدِ
لئنْ يكُنْ من حِماها غيرَ مُقترِبٍ
فقلبُـهُ عن هَواها غيرُ مُبتعِـدِ
كريم نفسٍ يُراعي عهدَ صاحبهِ
فلا يُقصِّـرُهُ طُـولٌ منَ المُـدَدِ
مُهذَّبٌ ليسَ في أقوالِـهِ زَلَـلٌ
وليسَ في فِعلِـهِ عَيـبٌ لِمُنتَقـدِ
يقومُ بالأمـرِ بَيْنَ النَّاسِ مُنفـرِداً
والغيرُ قد كَلَّ عنهُ غيرَ مُنفـرِدِ
ويَحطِمُ المَنكِبَ الأعلى بِهمَّتِـهِ
من قُوَّةِ الرأي لا من قُوَّةِ العَضُدِ
منَ الرِّجالِ رجالٌ عَدُّهـم عَبَثٌ
وواحدٌ قد كَفَى عن كَثْرةِ العَدَدِ
مالي وما لنُجوم الليلِ أحسُبُهـا
إذا ظَفِرتُ بوجـهِ البَدرِ في الجَلَدِ
أهديتُهُ بِنْتَ فكرٍ قد فتحتُ لَهَا
من حُسنِ أوصافهِ كَنْزاً بلا رَصَدِ
تَمكَّنت بعدَ ضُعفٍ من نَفائسِهِ
حتَّى ابتَنَتْ كُلَّ بيتٍ شامخِ العُمُدِ
كلُّ الملابِسِ تَبلَى مثلَ لابِسِهـا
ومَلبَسُ الشِّعرِ لا يبلى إلى الأبدِ
وأفضَلُ المدحِ ما وازَنْتَ صاحبَـهُ
وزْنَ العَروض فلم تَنْقُص ولَمْ تَزِدِ
* * *
هو ناصيف بن عبد الله بن جنبلاط بن سعد اليازجي اللبناني المولد السوري الحمصيّ الأصل . ولد في قرية كفر شيما من قرى الساحل اللبناني في 25 آذار سنة 1800 م في أسرة اليازجي التيكانت تسكن سوريا وفي مدينة حمص منها هاجرت الى لبنان وسكنت السهل الساحلي وقد نبغ من هذه العائلة كثير من أفرادها في الفكر والأدب. والثقافة والعلوم
نشأ ناصيف ميالاً إلى الأدب والشعر ، وأقبل على الدرس والمطالعة بنفسه ، وتصفح ما تصل إليه يده من كتب في النحو واللغة ودواوين الشعراء ،وقد نظم الشعر وهو في العاشرة من عمره ، ولم تكن الكتب المطبوعة ميسّرة في عصره فكان اكثر اعتماده على كتب يستعيرها من المكتبات الخاصة ، فمنها ما يقرأها مرة فيحفظ مضمونها ومنها ما ينسخها بخط يده. ويحتفظ بها منسوخة
و بعد اكتمال شخصيته الثقافية اتصل بالأمير بشير الشهابي الكبير ، أمير لبنان ، فقرّبه إليه وجعله كاتباً له ، فلبث في خدمته اثنتي عشرة سنة ، وفي سنة 1840 م نفي الامير بشير خارج البلاد فخرج الأمير بشير من لبنان إلى منفاه وعلى اثر خروج الامير من لبنان انتقل الشاعر ناصيف اليازجي بأهل بيته إلى بيروت فأقام بها وتفرغ للمطالعة والتأليف والتدريس ونظم الشعر ومراسلة الأدباء فذاع صيته وأشتهر ذكره.
اتصل بالمرسلين الأميركيين يصحح مطبوعاتهم ، ودعي للتعليم في المدرسة الوطنية التي كان قد أسسها المعلم بطرس البستاني وذلك عام 1863 ، واشتغل معه بتصحيح الجزء الأول من معجمه " محيط المحيط " ، وشارك في أول ترجمة عربية للكتاب المقدس في العصر الحديث ، وهي الترجمة التي قام بها الأمريكان
عمل في مدرسة الأمريكان في بيروت ( الجامعة الأمريكية ) فيما بعد ، وصنف مجموعة من المؤلفات اللغوية التعليمية تعد بدء بعث اللغة العربية الفصحى في العصر الحديث .
أصيب بمرض عضال سنة 1869م وأصيب بشلل نصفي فلزم داره على اثر ذلك، وفي أثناء مرضه فجع بفقد ابنه البكر الشيخ حبيب وهو في شرخ شبابه فوقع عليه ذلك الحادث وقوع الصاعقة ولم يعش بعد ذلك إلا أربعين يوماً وكانت وفاته في 8 شباط (فبراير) سنة 1871 م.
عرف اليازجي بشعره ذي النفحة الوطنية التي تنبعث من اعماق قلبه وثابة في شعره وقصائده الوطينية تمتاز بكونها افضل قصائد واسماها
مؤلفاته:
ترك ناصيف اليازجي مؤلفات متعددة شملت الصرف والنحو والبيان واللغة والمنطق والطب والتاريخ ، كما ترك ديواناً شعرياً متنوع الموضوعات ، ومراسلات شعرية ونثرية ، وأهم هذه المؤلفات:
1- « نار القرى في شرح جوف الفرا » ، في الصرف والنحو.
2- « فصل الخطاب في أصول لغة الأعراب » ، وهي رسالة في التوجيهات النحوية.
3- « عقد الجمان في علم البيان ».
4- « مجمع البحرين » ، وهو يشتمل على ستين مقامة على غرار مقامات الحريري وبديع الزمان الهمداني.
5- « ديوان ناصيف اليازجي ». ومؤلف من ثلاث مجاميع شعرية هي النبذة الاولى ونفحة الريحان و ثالث القمرين
6- العرف الطيب في شرح ديوان ابي الطيب
7- فصل الخطاب في قواعد اللغة العربية
8- الجوهر الفرد في فن الصرف
ومن جميل شعره اخترت هذه القصيدة الرائعة
دع يوم امس
دَعْ يومَ أمسِ وخُذْ في شأنِ يومِ غَدِ
واعدِدْ لِنفسِك فيهِ أفضَلَ العُدَدِ
واقنَعْ بِما قَسَمَ اللهُ الكريمُ ولا
تَبسُطْ يَديَـكَ لنَيلِ الرِّزقِ من أحَدِ
والبَسْ لكُلِّ زمانٍ بُرْدةً حَضَرَتْ
حتى تُحَاكَ لـكَ الأُخرى من البُرَدِ
ودُرْ مَعَ الدَّهْرِ وانظُرْ في عَواقبِهِ
حِذارَ أن تُبتَلـى عَيناكَ بالرَّمَـدِ
مَتَى تَرَ الكلبَ في أيَّامِ دَوْلتِـهِ
فاجَعلْ لرِجْليكَ أطواقاً من الزَرَدِ
واعلَمْ بأنَّ عليكَ العارَ تَلْبَسُـهُ
من عَضَّةِ الكلْبِ لا من عضَّةِ الأسَدِ
لا تأمُلِ الخيرَ من ذي نعمةٍ حَدَثَتْ
فَهْوَ الحريصُ على أثوابـهِ الجُدُدِ
واحرِصْ على الدُرِّ أن تُعطِي قلائدَهُ
مَن لا يُميِّـزُ بَيْنَ الدُرِّ والبَـرَدِ
أعدَى العُداةِ صَديقٌ في الرَّخاءِ فإن
طَلَبْتَـهُ في أوانِ الضِّيـقِ لم تَجِـدِ
وأوثَقُ العهدِ ما بينَ الصِّحابِ لِمَنْ
عاقَدتَ قلبـاً بقلبٍ لا يَداً بيَدِ
عليكَ بالشُّكرِ للمُعْطِي على هِبَـةٍ
ودَعْ حَسُودَكَ يَشوي فِلْذَة الكَبِدِ
لو كانَ يَفَعلُ في ذي نِعمةٍ حَسَـدٌ
لَمْ ينجُ ذو نعمةٍ من غائلِ الحَسَدِ
مَحَضْتُكَ النُّصْحَ عن خُبرٍ وتَجرِبـةٍ
واللهُ سُبحانَـهُ الهادي إلى الرَشَدِ
فاخَترْ لنفسِكَ غيري صاحباً فأنا
شُغِلْتُ عنكَ بِمَا قد جَدَّ في البَلَدِ
قد شَرَّفَ اليومَ إبراهيـمُ بلَدتَنـا
كأنَّهُ الرُوحُ قد فاضَتْ على الجَسَدِ
أهدَتْ إلينا ضَواحي مِصْرَ جَوْهَرةً
من مالِنا فهي قد جادَتْ ولَمْ تَجُدِ
ما زالتِ الشَّامُ تشكو طُولَ وَحْشتِهِ
كالأمِّ طالتْ عليها غُربـةُ الوَلَدِ
سُرَّتْ بزَوْرتِـهِ يومـاً ونَغَّصَهـا
خوفُ الفِراقِ فلم تَسلَمْ من الكَمَدِ
عليلةٌ من دواعي الشَّوقِ حينَ دَرَى
من لُطفِـهِ ما بِهَا وافَى كمُفتقِدِ
لئنْ يكُنْ من حِماها غيرَ مُقترِبٍ
فقلبُـهُ عن هَواها غيرُ مُبتعِـدِ
كريم نفسٍ يُراعي عهدَ صاحبهِ
فلا يُقصِّـرُهُ طُـولٌ منَ المُـدَدِ
مُهذَّبٌ ليسَ في أقوالِـهِ زَلَـلٌ
وليسَ في فِعلِـهِ عَيـبٌ لِمُنتَقـدِ
يقومُ بالأمـرِ بَيْنَ النَّاسِ مُنفـرِداً
والغيرُ قد كَلَّ عنهُ غيرَ مُنفـرِدِ
ويَحطِمُ المَنكِبَ الأعلى بِهمَّتِـهِ
من قُوَّةِ الرأي لا من قُوَّةِ العَضُدِ
منَ الرِّجالِ رجالٌ عَدُّهـم عَبَثٌ
وواحدٌ قد كَفَى عن كَثْرةِ العَدَدِ
مالي وما لنُجوم الليلِ أحسُبُهـا
إذا ظَفِرتُ بوجـهِ البَدرِ في الجَلَدِ
أهديتُهُ بِنْتَ فكرٍ قد فتحتُ لَهَا
من حُسنِ أوصافهِ كَنْزاً بلا رَصَدِ
تَمكَّنت بعدَ ضُعفٍ من نَفائسِهِ
حتَّى ابتَنَتْ كُلَّ بيتٍ شامخِ العُمُدِ
كلُّ الملابِسِ تَبلَى مثلَ لابِسِهـا
ومَلبَسُ الشِّعرِ لا يبلى إلى الأبدِ
وأفضَلُ المدحِ ما وازَنْتَ صاحبَـهُ
وزْنَ العَروض فلم تَنْقُص ولَمْ تَزِدِ
* * *