ا بو المرهف
الامير أبو المرهف نصر بن منصور .بن الحسن بن جوشن النميري من أسرة تعتبر من أعرق بيوتات بني نمير في عصرها وهم أحفاد الشاعر (الراعي النميري عبيد بن الحصين) وأمه بنَّةُ بنت سالم بن مالك بن بدران بن مقلد العقيليصاحب الموصل . وكانت لهم قلعة في مدينة منبج عرفت باسم ( قلعة نجم ) وآخر من ملكها منصور وا لد الشاعر وهذه القلعة هي المقصود ة بقول أبي فراس الحمداني:
وتحلُّ بالجسر الجنا
ن وتسكن الحصن المُعلّى
وقد ذكرهذه القلعة القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي الشيباني في بعض رسائله فقال:
((وجئنا قلعة نجم , وهي نجم في سحاب، وعقاب في عقاب، هامة لها الغمامة عمامة وأنملة إذا خصها الأصيل كان الهلال لها قلامة)).
كانت هذه القلعة لبني نمير وآخر من كان بها منصور بن الحسن بن جوشن بن منصور النميري من ولد الراعي عبيد بن الحصين الشاعر فقتل منصور ا ميرهم وأخذت القلعة منهم وخلف ولداً اسمه نصر وهو الشاعر ابو المرهف فأضر- أي اصبح اعمى- وعمره أربع عشرة سنة وقال الشعر فاجاد وافلح فيه وانتقل إلى بغداد بعد أن تغلب الترك على ديارهم .
. ولد يوم الثلاثاء الثالث عشر من جمادى الآخرة سنة \501 هـجرية - \1104 ميلادية بالرقة . وأمه ا بنة بنت سالم بن مالك ابن صاحب الموصل بدران بن مقلد العقيلي.
وقد حدث اختلاف في عشيرته فأختل نظامهم فاضطر الى الهجرة فقدم الى بغداد في صباه وسكنها ا صيب بالجدري الذي كان منتشرا فيها فاصيب بالعمى وهو في الرابعة عشرة من عمره وفي رواية اخرى انه ولد بالرافقة (على الفرات) ونشأ في الشام، وقال الشعر وهو مراهق. وأصابه جدري، وله أربع عشرة سنة، فضعف بصره فذهب إلى بغداد لمداواة عينيه، فآيسته الاطباء من ذلك، فاشتغل بالقرآن الكريم فحفظه، وتفقه على مذهب أحمد وقرأ العربية. وأصابه ألم ففقد ما بقي من بصره. فقال يذكر أباه :
لا تبعدنّ حسام دولة عامرٍ
من ليث ملحمة وغيث عطاء
أنحى على شمل العشيرة بعده
ريبُ الزمان بفرقةٍ وتناء
ويذكر ذلك في شعره فيقول :
ترى يتألف الشمل الصـديع
وأمن من زماني مـا يروع
وتأنس بعد وحشتنا بـنـجـد
منازلنا القديمة والـربـوع
ذكرت بأيمن العلمين عصرا
مضى والشمل ملتئم جمـيع
وقد حفظ القرآن الكريم وتفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل وسمع الحديث من هبة الله بن الحصين ومن القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري و من أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماط و ومن أبي الفضل محمد بن ناصر وغيرهم. وقد نشأ ورعا زاهدا متفقها في الدين .
وقرأ الأدب والشعر على أبي منصور ابن الجواليقي وقال الشعر في صباه حتى برع فيه وأجاده و من شعره في الغزل :
ولما رأى وردا بخديه يجتني
ويقطف أحيانا بغير اختياره
أقام عليه حارسا من جفونه
وسل عليه مرهفا من عذاره
ومدح الخلفاء والوزراء والامراء والاعيان وكان ببغداد كثير الانقطاع إلى الوزير عون الدين بن هبيرة وله فيه مدائح كثيرة منها هذه الابيات ومن شعره في مدح ال البيت يقول:
أحب علينا والبتول وولدها
ولا أجحد الشيخين فضل التقدم
وأبرأ ممن نال عثمان بالأذى
كما أتبرا من ولاء ابن ملجم
ويعجبني أهل الحديث لصدقهم
فلست إلى قوم سواهم بمنتمي
يمتاز شعره بالرقة والجزالة الظاهرة في اغلب قصائده
و قال الشعر في اغلب فنونه واغراضه وكان حسن المقاصد ولما قربت منيبته قال :
وكفى مؤذنا باقتراب الأجل
شباب تولى وشيب نزل
وموت اللذات وهل بعده
بقاء يؤمله من عقل ؟
إذا ارتحلت قرناء الفتى
على حكم ريب المنون ارتحل
هو الموت لا تحتمي للنفوس
من خطبه بالرقى والحيل
إذا صال كان سواء عليه
من عز من كان حي وذل
فيا ويح نفسي أما ترعوي
وقد ذهب العمر إلا الأقل
توفي يوم الثلاثاء 28 ربيع الآخر 588 هـجرية - \1184 ميلادية ببغداد ودفن بباب حرب( منطقة باب الشيخ المجاورة لضريح الشيخ عبد القادرالجيلاني رحمه الله وانعم عليه بالمغفرة والرضوان.
وذكره ابن كثير في (البداية والنهاية) فقال فيه :
(أصابه جدري وهو ابن أربع عشرة سنة فنقص بصره جداً، وكان لا يبصر الأشياء البعيدة، ويرى القريب منه، ولكن كان لا يحتاج إلى قائد، فارتحل إلى العراق لمداواة عينيه فآيسته الأطباء من ذلك،فاشتغل بحفظ القرآن ومصاحبة الصالحين فأفلح،وله ديوان شعر كبير حسن )
ومن روائع شعره :
أذاعت بأسراري الأدمع
غداة استقلوا وما ودعوا
جزعت لما أعتز من بينهم
وما كنت من مؤلم أجزع
تولوا فما قر لي بعدهم
فؤاد ولا جف لي مدمع
وأقسم لا حلت عن عهدهم
وفوا لي بالعهد أو ضيعوا
أأحبابنا هل لعصر مضى
لنا ولكن باللوى مرجع ؟
كان على كبدي بعدكم
من الشوق نار غضا تسفع
ولي مقلة منذ فارقتكم
إذا هجع الناس لا تهجع
يؤرقني كل برق أراه
من نحو أوطانكم يلمع
***************