نورالدين عزيزة
(وُلد نور الدين عزيزة في غرة شهر يناير ( كانون الثاني ) من عام \1948 بمدينة( قصر قفصة ) من اعمال تونس فهو اديب شاعر وكاتب ومسرحي تونسي عربي .
اخذ تعليمه الاولي في ( المدرسة القرآنية ) وتعليمه الثانوي ايضا في مسقط راسه(قصر قفصة ) ثم التحق بكلية ( العلوم ) في مدينة (تونس ) العاصمة ب ( قصر قفصة ) الا انه غير مسار دراسته حيث ترك في السنة الثانية كلية( العلوم ) والتحق بكلية ( الاداب والعلوم الانسانية ) قسم اللغة العربية وادابها فاخذ الشهادة فيها عام 1974 ثم احرز شهادة الكفاءة في البحث سنة 1976م وتابع دروس المرحلة الثالثة من التعليم العالي الا انه لم يكملها.
اشتغل بعد تخرّجه سنة \1974م بإدارة الآداب في وزارة الثقافة حيث اهتمّ بالمساهمة في تأسيس مجلة (الحياة الثقافية) التي أصدرتها وزارة الثقافة التونسية في العام التالي، كما قام بدورة تدريبية في مجال الترجمة ب(فرنسا) بنفس الوقت . و إثر عودته من (فرنسا ) انتقل إلى وزارة التربية حيث باشر العمل كمدرس في مدارس التعليم الثانوي وفي هذه الأثناء التحق بالوكالة التونسية للتعاون الفنّي وانتقل للعمل بوزارة التربية في (الكويت) من \1982م إلى \1990م ثم عاد الى تونس فمكث فيها سنتين ثم عاد الى الكويت فبقي فيها من \1994م إلى عام\ 1997م.
نظم نور الدين عزيزة القصيدة العمودية والحرة،في بداية صباه وشبابه الا انه في بداية السبعينات خرج على الأوزان الموروثة ونشر بعض قصائده في الصحف تحت عبارة (شعر لايعتمد التفعيلة ) وتوجت تجربته هذه بباكورة أعماله الشعرية في قصيدته ( الحفر في ارض صخرية ) ، كما كتب المقالة النقدية والدراسة الأدبية والرواية وادب الاطفال وعالج المسرحية والسيناريو وترجم بعض المقالات والدراسات إلى اللغة العربية، وظهر إنتاجه الأدبي والصحافي في العديد من الجرائد والمجلات التونسية والعربية. ومما قال في الشعرالذي لايعتمد التفعيلة هذه القصيدة يقول فيها :
1
أَنَا كِدْتُ أَيْأَسُ مِنْكُمْ
اِ سْمِي كِدتُ أَنْسَاه
تَمُرُّونَ بِي كَمَا يَمُرُّ البَرْقُ
وَقَد طَالَ بِيَ العَهْد
لَكَمْ أَسْعَدُ حِينَ أَعْرِفُكُمْ بِاسْتِرَاقِ خُطَاكُمْ واستِرَاقِ حِوَارِكُمْ
لَكَمْ أَسْعَدُ حِينَ أَعْرِفُكُمْ بِآثارِكُمْ
تَعَالُوا.. لاَ تَفِرُّوا بِثَأرِكُمْ وعَارِكُمْ
أَسْمَعُهُمْ يَتَآمَرُون
أَرَاهُمْ يَدُسُّونَ الدَّسائِسَ أَكْدَاسا ويَنامُون
أَسْمَعُهُمْ أَرَاهُمْ.. يَعِيشُون فِي مَفَاصِلي
يَحْسُبونَ حِسَابَهُمْ
فِي قَلْبِي يُخَطِّطُونَ إِرْهَابَهُمْ
يَخْرُجُونَ إِلَيكُمْ بِالمَوْتِ والدَّمَارِ
مِنْ عُقْرِ دَارِكُمْ
أَيْنَ أقْدَامُ ثُوَّارِكُم تَدُوسُنِي وأُبَارِكُ وَقْعَ نِعَالِهَا؟
أَيْنَ ضَحِكَاتُ صِغَارِكُمْ تَزُورُنِي وأَبكِي مِنْ رَوْعَةِ وِصَالِها؟
تَعَالُوا مُوتُوا فِي تُرَابِكُم
هلْ يَفْنَى العُمْرُ وَأنَا في انْتِظَارِكمْ ؟..
تَعَالُوا
علَى أَقْدَامِكُمْ.. علَى دِمَائِكُم
شَدِّدُوا علَيَّ .. حَاصِرُونِي ..
رَاحَتِي الكُبْرَى في بَأسِكُمْ وَحِصَارِكُمْ
2
أنا كِدْتُ أيأَسُ مِنْكُمْ...
ِاسْمِي كِدْتُ أَنسَاه
بِصُخُورِ الجُولاَنِ يَمْحُونَ اسْمِي .
. بِمَاءِ نَهْرِ الأُرْدُنّ وَمَاءِ النِّيل
وسَمُّونِي إِسْرَائِيل
كَتَبُوهُ عَلَى جُدُرَانِ العَالَمِ
سمُّونِي إسْرَائِيلَ.. وسَمُّونِي أرْضًا بِلاَ بَدِيل ..
تَعَالُوا
لَقَدْ سَمَّمُوا شُمُوسَكُمْ وأَقْمَارَكُمْ
وَحَجَّرُوا سَمَاءَكُمْ
وَحَجَرُوا المَاءَ على أشْجارِكُم وَأَزْهَارِكُم
وَرَمَوْا في البَحْرِ أَوكَارَ أَطيارِكُمْ
وَحَوَّلُوا هَوَاءَكُمْ بَنْزِينَ وَسَكَاكِينَ
تَعَالُوا ...تَكَاثَرَ جَرَادُهُمْ
يَكَادُ جَرَادُهُمْ يَأتِي على قُمُوحِكُمْ وَثِمَارِكُمْ.
أسس سنة 1975 نادي الشعر بدائرة الثقافة ابن خلدون في (تونس) العاصمة مع نخبة من الشعراء الشباب، ونجح في الجمع بين الاتجاهات الشعرية المختلفة في منتدى واحد.هو نادي الشعر الذي اسسه ثم حصل على عضوية اتحاد الكتاب التونسيين عام \1978م، الا انه ترك اتحاد الكتاب التزنسيين في بداية التسعينات وا نضمّ إلى رابطة الكتاب التونسيين الأحرارو في قصيدته (جراحات في جسدي) يقول :
1
قِمَمٌ نَحْنُ ونَحْنُ عَدَمُ
نَهَمٌ نَحْنُ وَنَحْنُ وَرَمُ
وَرَمٌ نَحْنُ ونَحْنُ جِرَاحَات
خَوْفٌ يَشُدُّ إلى خَوْف
وَكُهُوفٌ ومَغَارَات ولُصُوص
وَالأَحْلاَمُ تَطِيرُ بِنَا بِجَنَاحٍ..
اَلهَوَاءُ يُنَادِيه
وَالهَاوِيةُ ضَارِبَة فِيه
2
نَقُومُ نَنَامُ عَلَيْهَا نَشْرَبُ فِيهَا نَتَبَاهى
نَلفُظُهَا نَكْتُبُهَا بِحُرُوفٍ كُوفِيّة
نَرْسُمُهَا بِمِيَاهٍ ذَهَبِيّة
نَنْحَتُهَا قَصَبًا مِنَ الحَلوَى وَنأكُلُها بِشَهِيّة
نَسْتَرِقُ الكَلاَمَ عَنْهَا وَسَمَاعِ الكَلاَمِ عَنْهَا
نَقْتَرِبُ اقْتِرَابًا مِنْها
وَقَدْ أَحَطْنَاهَا بِالزُّجَاجِ وَالوَرْد
فَإِذَا نَحْنُ قُلْنَا كُلَّ شَيْء
كَتَبْنَا كُلَّ شَيْء
نَحَتْنَا كُلَّ شَيْء.. إِلاَّ هِيَّ
الحُرِّية
الحُرِّية
خُرَافتُنا الجَمِيلَة
وَهَزِيمَتُنَا اليَوْميّة
شارك في بعض الملتقيات الادبية والأيام الأدبية التي نظمت في بعض الأقطار العربية واذكر بعضا من هذه الملتقيات :
اشترك في أسبوع الشعر التونسي بالمركز الثقافي التونسي ب(طرابلس) عام 1976
شارك في البعثة الأدبية التونسية إلى الجزائر في إطار التعاون بين اتحاد الكتاب التونسيين واتحاد الكتاب الجزائريين عام 1981
شارك في مهرجان يونيو للأدب المقاتل بالجماهيرية الليبية عام 1981
شارك في ملتقى دعم فعاليات حكومة الاتحاد الإفريقي بالجماهيرية الليبية طرابلس عام 2007
اما اعماله الادبية فقد اصدر الاتي:
1 -الحَفْر في أرض صخرية - شـعـر
2 -التراب في الحلق، تليه هل أتاكم حديث الخيول – شعر
3 - في رحاب الليل المزمن، تليه الكوريدا - شعر
4-إليك يا ثورتنا تحية زكيّة أو ماذا تبقّى للقصيدة-شعر
5-فصول العشق أربعة - شعر
6- عمران والنهـر - رواية
7- علم العروض المُطَبَّـق
8-أبو القاسم الشابي، النّور والعاصفة للأحداث
9الكويت في عيون شعرائها - شعر
10 علم العروض المطبّق
11 - من كتاب الهوى والوطن
12 هاجس التغيير في أدب أدونيس - دراسة نقدية
اما للاطفال والاحداث فقد كتب:
الحمار والثور
العصفور والأرنب
الصقر الظالم
أبو ظفر والتمساح
وللتلفزة والمسرح والصّحافة كتب الاتي :
البطاقة : قصة قصيرة
الوزير
الملك والحكيم
الغرباء : مسرحية أخرجها جميل الجودي للمسرح وافتُتح بها المهرجان الدولي للمسرح بالمنستير سنة 1980م ومهرجان قابس الثقافي الدولي لنفس السنة.
سيناريو لأربع حلقات تلفزيونية ضمن برنامج غذائي لفائدة مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربي (الكويت) والأمانة العامة لمؤتمر وزراء الزراعة العرب في الخليج والجزيرة العربية (الرياض) 1989م
واختم بحثي بهذه القصيدة ( هل اتاكم حديث الخيول ) من شعره وفيها يقول :
1
أَيُّهَا النّائمُونَ بَيْنَ الطُّبُولِ
هلْ أَتَاكُمْ إِذَنْ، حَدِيثُ الخُيُولِ؟
لَمْ يُفِقْكُمْ مِنَ السُّبَاتِ نَفِيرٌ
أَوْ صَهِيلٌ يَحتَدُّ بَعْدَ الصَّهِيلِ
فَكَأَنَّ الدِّمَاءَ لَيْسَتْ دِمَاءً
بَلْ جُفَاءً مِنْ فَيْضِ نَهْرِ النِّيلِ
وَكَأَنَّ الجِرَاحَ لَيْسَتْ جِراحًا
وَكَأَنَّ القَتِيلَ غَيْرُ قَتِيلِ
وَدُمُوعَ النِّسَاءِ لَيْسَتْ دُمُوعًا
وَعَوِيلَ الأَطفَالِ غَيْرُ عَوِيلِ
وَكَأَنَّ الجَلِيلَ أوْ بَيتَ لَحْمٍ
أو جِنينًا مِنْ كَوكبٍ مَجْهُولِ
وَكَأَنَّ التَّاريخَ باتَ سَرَابًا
أَوْ كِتَابًا مُمَرَّغًا في الوُحُولِ
وَكَأنْ لَمْ يَكُنْ لَدَيْنَا جُيُوشٌ
وَالرَّعيلُ الأَعَزُّ بَعْدَ الرَّعِيلِ
وَكأَنَّ الفُتُوحَ مَحْضُ خَيَالٍ
مِنْ نَسيجِ البُهْتَانِ والتَّدْجِيلِ
وَخُيُولَ الفُتُوحِ لَيْسَتْ خُيُولاً
بَلْ دُمَى صِبْيَةٍ وَمَسْخُ خُيُولِ
وَكَأَنْ طَارِقًا لَمْ يَخُضْهَا بِحَارًا
وَجِبالاً إِلَى مَنِيعِ السُّهُولِ
وَصَلاحًا لَمْ يَفْتَحِ القُدْسَ بِالأَمْس
وَلَمْ يُجْلِ مِنْهُ كُلَّ دَخِيلِ
وَرَحَى الحَرْبِ لَمْ تَدُرْ بِسِينَاءَ
وَلَمْ نَشْهَدْ أَيَّ نَصْرٍ بُطُولِي
وَكّأَنَّ العَدُوَّ لمْ يَلْقَ في لُبنانَ
مَا لَمْ يَجِدْهُ في الدَّرْدَنِيلِ
2
أَيُّهَا النَّائِمُونَ بَيْنَ الطُّبُولِ
وَصَلِيلِ القَنَا وَهَوْلِ الصَّلِيلِ
مَا الّذِي يَجْرِي يَا تُرَى! مَا دَهَاكُمْ ؟
أَيُّ جُبْنٍ نَرَى وأَيُّ خُمُولِ!
يَا إلهِي! كَأَنَّ غَرنَاطَةً تَصْرُخُ
وَالقَوْمُ بَعْدُ في "يَا لِيلِي"
أَأَبُو عَبْدِ الله قَام هُنَا، أَمْ
صَنَعُوا اليَوْمَ مِنْهُ ، كَمْ مِنْ عَمِيلِ!
أَمْرُنا يَا أَبَا البَقَاءِ ، عَجِيبٌ
لَيْسَ فِي الدُّنْيَا لَهُ مِنْ مَثِيلِ
قَدْ أَعَادَ التّاريخُ نَفْسَ الخَطَايَا
كَيفَ عَادَ التَّاريخُ بالتَّفْصِيلِ!
إِخْوَةٌ يُذْبَحُونَ في كُلِّ يَوْمٍ
بَلْ أُسودٌ ذَبائحٌ كَالعُجُولِ
فَعَلَ السَّامِرِيُّ بالسَّيْفِ فِيهِمْ
مَا يُهِيجَنَّ رُوحَ عَبْدٍ ذَليلِ
فَإِذَا مَا نَجَوْا مِنَ الْمَوْتِ أَضْحوا
عُرْضَةً لِلسُّجُونِ وَالتَّرْحِيلِ
فَإِذَا مَا نَجَوْا فَلِلْجُوعِ وَالْقَصْفِ
وَهَدْمِ القُرَى وَجَرْفِ الحُقُولِ
أَيْنَ يَا هِنْدُ! أَيْنَ مُعتَصِمَاهُ! أ
َينَهُ يَا قُرَيْشُ حِلفُ الفُضُولِ!؟
3
أَيُّهَا النَّائِمُونَ بَيْنَ الطُّلُولِ
المُقيمُونَ في نَقِيعِ الوُحُولِ
هَاهُمُ " الجَاهِلُونَ " بَيْنَ يَدَيْكُمْ
وَالمَزِيدُ المَزِيدُ بَعْدَ قَليلِ
هَاهُمُو يَلْعَبُونَ في خَيْبَرٍ بِالنّار
بَعْدَ الجَلاَءِ مُنْذُ عَهْدٍ طَوِيلِ
حَامِلاَتٌ مِنْ حَولِنَا رَاسِيَاتٌ
طَفَحَتْ طَفْحًا بِالعَتَادِ الثَّقِيلِ
طَائِرَاتٌ مِنْ فوقِنَا، يَرْجِعُ الرَّادَارُ
مِنْ دُونِهَا بِطَرْفٍ كَلِيلِ
وَجُيُوشٌ تَحِلُّ بَعْدَ جُيُوشٍ
بِسَلاَمٍ، فِي الحِلِّ أَوْ فِي الرَّحِيلِ
يُلْعَنُ المُعتَدُونَ في كُلِّ أَرْضٍ
مِنْ صَغيرٍ مُحَقَّرٍ لِنَبِيلِ
بَينمَا عِنْدَنا يُلاقُونَ أَهْلاً
وَعَظَيمَ الإِجْلاَلِ والتَّبْجِيلِ
كُلَّمَا لاَحَ مُفْتَرٍ مِنْ ذَويهمْ
لَقَفَتْهُ الأَحْضَانُ بالتَّهْليلِ
يَعْبُرُونَ البِلادَ بَرًّا وَبَحْرًا
مِنْ ظَفَارٍ إِلى ذُرَى إِرْبِيلِ
أَيُّهَا " المَانِعُونَ " هيَّا امْنَعُوهُمْ
مِنْ مُرُورٍ بِأَرْضِكُمْ أَوْ نُزُولِ
لوْ أَرَادُوا خُدُورَكُمْ دَخَلُوهَا
دُونَمَا حَاجَةٍ لإِذْنِ دُخُولِ
جَهِلَ " الجَاهِلُونَ " جَهْلاً عَلَيْكُمْ
أَيْنَ أَنْتُمْ مِنْ " فَوْقِ جَهْلِ" الْجَهُولِ!
ذَهَبَ القَوْمُ في الزَّمَانِ بَعيدًا
لاَ تَظُنُّوهُ بَعْدُ عَامَ الفِيل
لَنْ يَطُولَ الوَبَاءُ أَبْرَهَةَ اليَوْمَ
وَمَا مِنْ حِجَارَةٍ سِجِّيلِ
وَقَفَ " الجَاهِلُونَ" وقْفَةَ أُسْدٍ
بَلْ رَعَادِيدَ في ثِيَابِ فُحُولِ
وَقَعَدتُمْ عَلَى المَوَائِدِ جُبْنًا
في وُجُومٍ وَحَيْرَةٍ وَذُهُولِ
وَتَرَكْتُمْ لِلبَطْشِ خَيْرَ رِجَالٍ
فَعَلُوا مَا قَدْ كَانَ كَالمُستَحِيلِ
قَدْ هَربتُمْ مِنَ الصِّرَاعِ وَرُحْتُمْ
في صِرَاعٍ حَولَ الصِّرَاعِ طَوِيلِ
وَانْبَرَى فُرْسَانُ الكَلاَمِ إِلَى المَيْدَانِ
مِنْ تَحْلِيلٍ إِلَى تَحْلِيلِ
يَبْحَثُونَ الحُلُولَ حَلاًّ فَحَلاًّ
وَيَرُوغُونَ دُونَ حَلِّ الحُلُولِ
يَنقَضِي اليَومُ في عَجِيبِ الرُّؤَى بَيْنَ
فَتِيلٍ وَحُلْمِ نَزْعِ الفَتِيلِ
حلْحِلُوا مَا اسْتَطَعْتُمُ، كَيْفَ شِئْتُمْ مَا
لَدَيْكُمْ سِوَى حُلُولِ الذَّليلِ
كُلّمَا قُلتُمُ انْتَهَيْنَا، وَرُحْتُمْ
تَتَهَانَوْنَ في حَمَاسٍ طفُولِي
أَبْدَعُوا آيَاتٍ لَكُمْ بَيِّنَاتٍ
ليْسَ في تَوْراةٍ وَلاَ إِنْجيلِ
كُلُّ شَيْءٍ أَمَامَكُمْ، بَيْدَ لاَ يَدْرِي
دَبيرًا فَهِيمُكُمْ مِنْ قَبِيلِ
لاَ سَلاَمٌ يُرْجَى بِلا قُوَّةٍ مُنْذُ
اعْتَدَى قَابيلٌ عَلَى هَابيلِ
هَكَذَا تُصْبِحُ الكِلاَبُ أُسُودًا
ويَذِلُّ النَّبِيلُ إِبْنُ النَّبِيلِ
و كَذَا كَانَتِ الجِبَالُ جِبَالاً
وَكَذَا في التَّاريخِ وَالتَّنْزيلِ
4
أَيُّهَا النّائِمُون بَيْنَ النُّقُولِ
وَطِعَانِ النِّسَا وخَفْقِ الكُحُولِ
وَوَثيرِ الفِرَاشِ كُلَّ مَسَاءٍ
وصَبَاحٍ في حِضْنِ طَرْفٍ كَحِيلِ
كَيْفَمَا كُنْتُمُو يُوَلَّى عَليْكُمْ
لَيْسَ غَيْرَ الشُّعُوبِ مِنْ مَسْؤُولِ
بِئْسَ قَوْمٌ يَحْيَوْنَ يَوْمًا فَيَوْمًا
لِطَعَامٍ وزيجةٍ ومَقيلِ
عَالَةٌ أَنْتُمُ عَلَى الخَلْقِ صِرتُمْ
بَعْدَ دَهْرٍ مِنَ العَطاءِ جَلِيلِ
رُمْتُمُ شَهْوَةَ التَّواكُلِ حتَّى
لَمْ يَعُدْ عِنْدَكُمْ لَهَا مِنْ بَديلِ
فَإِذَا البَيْتُ بَاتَ خُمَّ دَجَاجٍ
رَاعَكُمْ حَوْلَهُ خَيَالُ الغُولِ
وَالجُيُوشُ الجُيُوشُ أَمْسَتْ فُلُولاً
بَلْ كَعَصْفٍ مُبَعْثَرٍ مَأْكُولِ
غَيْرَ أَنَّ التَّرَابَ قَدْ يَحْتوِي تِبْرًا،
وَفِي اللَّيْلِ رُبَّ نَجْمٍ دَلِيلِ
تِلكَ بَغْدَادٌ بَعْدُ وَاقِفَةٌ في
وَجْهِهِمْ وَقْفَةَ الكَريمِ الرُّجُولِي
فِي يَدٍ رَايَةُ العُرُوبَةِ رَفَّتْ
وَعَلَى الرّأَسِ رَايَةُُ لِلرَّسُولِ
تِلكَ بَغْدادٌ رَاعَهَا وَحْدَهَا
مَا رَاعَها، وَالجَبِينُ فَوْقَ الكُبُولِ
وَفلسْطِينُ هَاهُوَ العِزُّ فِيهَا
يَتَلأْلاَ مِنْ مِعْصَمٍ مَغلُولِ
أيُّهَا قَطْرَةٍ مِنَ الدَّم سَالَتْ
في جِنِينٍ فَخْرٌ بِدُونِ مَثِيلِ
دَوَّخَتْ بَهْجَةُ الشَّهَادَةِ فِيها مَا
تَبَقَّى لَدَى العِدَى مِنْ عُقُولِ
هَذِهِ بَغْدَادٌ وَهَذِي جِنِينٌ
يَا لَهُ حَقًّا، مِنْ شمُوخِ أَصِيلِ
إنَّ بعضًا من الكَرامَةِ أَغْلَى
مِنْ جَمِيعِ البُنُوكِ والبتْرُولِ
5
أَيُّهَا النَّائِمُونَ بَيْنَ الطُّبُولِ
هَلْ إِلى الصَّحْوِ عِنْدَكمْ مِنْ سَبِيلِ!
هَلْ سَأَلْتُمْ مَا نَحْنُ لَوْلاَ رِجَالٌ
أَشْرَقُوا مِنْ ظَلامِنَا كَالنُّصُولِ؟
نَفَذُوا فِي الحَدِيدِ دُونَ حَدِيدٍ
وَرَمُوا الرُّعْبَ فِي فُؤَادِ الغُولِ
كَسَرُوا نَخْوَةَ الأَعَادِيَ حَتَّى
فَقَدُوا الوَجْهَ مِثْلَ أَيِّ رَذِيلِ
كَسَرُوهَا فَلاَ أَمَانَ مِنَ اليَوْمِ
لِشَيْطَانِ البَغْيِ وَالتَّنْكِيلِ
يَا زُهُورَ المَوْتِ الجَمِيلِ سَلاَماتٌ
فَفِيكُمْ كُلُّ العَزَاءِ الجَمِيلِ
التَّبَاشِيرُ أَنْتُمُ مِنْ جَدِيدٍ
في زَمَانٍ الخِذْلاَنِ وَالتَّخْذِيلِ
أَصْبَحَ المَاءُ في الحُلوقِ حَمِيمًا
كَيْفَ حَوَّلتُمُوهُ مِنْ سلسَبِيلِ
***************************