الشاعر يوسف الصائغ
بقلم د فالح الكيلاني
هو يوسف بن نعوم بن داود الصائغ الموصلي
ولد يوسف الصائغ بمدينة ( الموصل ) العراقية سنة \1933
من اسرة مسيحية واتم دراسته الاولية فيها وانتقل إلى بغداد عندما
اتم دراسته الاعدادية ثم دخل دار المعلمين العالية ( كلية التربية ) بجامعة بغداد وتخرج منها عام \1955 حاصلا على البكالوريوس
في اللغة العربية .
انتسب إلى الحزب الشيوعي في مرحلة لاحقة. وبعد ثورة الثامن من شباط 1963 اودعه البعثيون الذين جاؤوا الى الحكم اثرها الى السجن لنشاطه السياسي المناهض لحكمهم وبقي في السجن حتى يداية السبعينات حيث اطلق سراحه فبدأ العمل في الصحافة .
تزوج (جولي) تلك البنت التي احبته واخلصت له والتي رافقته طيلة حياتها حتى وفاتها وقد توفيت إثر حادث انقلاب سيارتهما التي أقلتهما مع بعض الأصدقاء، فكافأها يوسف الصايغ بان اصدر مجموعة شعرية خاصة عنها وشّحت أطراف صفحاتها بالسواد ومثلت لوناً شعرياً حديثاً مزج فيها الحب بالرثاء .
شهدت حياة الشاعر تجميداً لأنشطته المهنية والثقافية إثر خروجه من السجن،اثر انهيار الجبهة الوطنية التقدمية للأحزاب المؤتلفة مع السلطة وتعقب السلطة الحاكمة لها وقتل بعض أعضائها. فبادريوسف الى أعلان طلاقه من عقيدته الماركسية في بيان نشره في جريدة الثورة، لسان الحزب الحاكم احتل صفحة كاملة، وكان له وقع غريب على المشهدين السياسي و الثقافي العراقي نشره تحت عنوان (مقدمة لقصيدة حب فاشل) وكذلك من التحولات الاخرى التي شهدتها حياة يوسف الصايغ نبذه المسيحية واعتناقه الدين الإسلامي وكذلك من مفارقات حياته زواجه من احدى زميلا ته بالعمل (مسلمة) ولا ندري ان كان لهذا الزواج تاثير في اسلامه حيث ان الدين الاسلامي يحرم زواج المسلمة بغير المسلم ويجوز زواج المسلم من الكتابية وان بقيت عنده على دينها . فقد تزوج (جولي) تلك البنت احبته واخلصت له والتي رافقته حتى وفاتها إثر حادث انقلاب سيارتهما التي أقلتهما مع بعض الأصدقاء، فكافأها ان ا صدر مجموعة شعرية خاصة عنها وشّحت أطراف صفحاتها بالسواد ومثلت لوناً شعرياً حديثاً مزج فيها الحب بالرثاء . يقول :
إذا انتصف الليل.. واسودَّ....
ليل بلا قمرٍ أو نجوم
وصار الندى مبهماً في الحديقة...
سيدتي
ستجيء كعادتها
ستعبر هذا الممر الكئيب
وتمشي على العشب حافيةً
لحظةً
وأرى وجهها ملصقاً في زجاجة نافذتي
من هنا
حيث ينكسر الضوء والوهمُ:
عينان ذاهلتان
وشعرٌ من الأبنوس قد اخضرَّ من بلل الليل
والتمعت خصلة منه
فوق الجبين
ومن دونما كلمة
وبصمْت المحبين
سوف تمد أصابعها
وتشير إلى بنصرٍ نزعوا خاتم الحب عنه
فموضعه أبيض مثل جرح قديم
وتبسم لي..
هكذا .. لمحةً
وتغيب,
وتترك فوق ضباب الزجاجة
هذا الحنين الغريب..
حنين غريب...
أنا .. يشبه القبلات حنيني...
سأبحث عن شعرة علقتْ في الوسادةِ
قنينة عطرٍ .. علاها الغبار
قميصٍ به عَرَقُ امرأةٍ...
أهذا .. إذن.. كل ما يتبقى من الحب ؟
عمل الشاعر بعد خروجه من الحزب الشيوعي في جريدة الثورة وهي جريدة حزب البعث الحاكم انذاك كاتبا لزاوية في الصفحة الأخيرة، بعنوان (جهينة) ، وكانت هذه الزاوية امتدادا لزاويته الشهيرة في مجلة( ألف باء). )
ثم عين مديرا عاما للسينما والمسرح في وزارة الثقافة العراقية .
الشاعر يوسف الصايغ لديه إمكانات إبداعية كثيرة ومتعددة، فلم يقتصر نتاجه على الشعر بل تجاوزه إلى الرواية والمسرحية والعمود الصحافي والفن التشكيلي وكتابة السيناريو. ولم يكن نتاجه في أي حقل من هذه الحقول متوسطاً أو متواضعا، بل كان متميزا في جميع الفنون التي تناولها من شعر او مسرحية او رواية او كاتب صحافة ابدع واجاد في كلها .
عضو اتحاد الأدباء والكتاب في العراق,
عضوجمعية الفنانين العراقيين
عضو نقابة الصحفيين العراقيين
عضو اللجنة لمهرجان المربد
عضومهرجان بابل
توفي الشاعر يوسف الصايغ والذي يعد أحد أبرز شعراء ما بعد مرحلة الرواد محبطا مخذولا في دمشق في 12/12/2005 و دفن في( مقبرة الغرباء) عن عمر يناهز الثانية والسبعين سنة وكانت هذه المقبرة قد استقبلت من قبله جثامين الجواهري والبياتي ومصطفى جمال الدين، وهكذا يموت الادباء العراقيون ويدفنون في غير بلدهم دون اهتام من الحكومة او اتحادهم العتيد (اتحاد الادباء في العراق) .
ومن قصائده الجميلة قصيدة ( المعلم) ومنها هذه المقاطع
هي سبورة,
عرضها العمر,
تمتد دوني..
وصف صغير
بمدرسة عند (باب المعظم)
والوقت
بين الصباح
وبين الضحى
لكأن المعلم
يأتي إلى الصف
محتمياً خلف نظارتيه
ويكتب فوق طفولتنا بالطباشير
بيتاً من الشعر:
- من يقرأ البيت?
قلت:
ـ أنا..
واعترتني , من الزهو
في نبرتي رعْدةٌ
ونهضت
- على مهل
قال لي:
- تهجأْ على مهل..
إنها كلمة...
ليس يخطئها القلب
يا ولدي,,
ففتحت فمي...
وتنفست
ثم تهجأتها دفعة واحدة
- وطني
وأجاب الصدى:
(وطني ... وطني)
فمن أين تأتي القصيدة
والوزن مختلف
والزمان قديم?
كان صوت المعلم, يسبقنا:
- وطني لو شغلت...
ونحن نردد:
- بالخلد عنه
فيصغى إلينا
ويمسح دمعته , بارتباك
فنضحك
الله..
يبكي .. ونضحك..
حتى يضيق بنا.. فيهمس
- ما بالكم تضحكون ..
أيها الأشقياء الصغار
سيأتي زمان..
وأشغل عنه
وأنتم ستبكون
مما صدر له:
قصائد غير صالحة للنشر" ،1957 وهي مجموعة شعرية اشترك فيها مع الشاعر شاذل طاقة وهاشم الطعّان وعبد الحميد اللاوند،
"اعترافات مالك بن الريب" ،1973
"الاعتراف الأخير لمالك بن الريب ج،1ج2"،
"سيدة التفاحات الأربع" ،1976
المعلم،
"المجموعة الشعرية الكاملة" عن دار الشؤون الثقافية العامة ،1992
ومسرحية "الباب" (فازت بجائزة أفضل نص مسرحي في مهرجان قرطاج ،
1987 ثم مسرحية "العودة" ،1986 وفازت بالمركز الأول في المسرح العراقي ،1988
ومسرحية "دزدمونة" ،1989 وفازت بجائزة أفضل نص مسرحي في مهرجان قرطاج ،1989
ثم رواية "اللعبة" 1972 التي أخرجها للسينما العراقية المخرج محمد شكري جميل، وفازت بجائزة أحسن رواية عراقية ،1970 رواية "المسافة" ،1974 اتحاد الكتاب العرب في دمشق ،1974
ثم رواية "السرداب" رقم ،2 عن الهيئة العامة لقصور الثقافة في مصر،1997
ثم "السودان ثورة وشهداء"، قصيدة نثر سياسية، 1970
كما للشاعر رسالة ماجستير حصل عليها عام ،1976 بعنوان "الشعر الحر في العراق".
وله غير ما نشر مذكرات، الاعتراف الاخير
ومجموعة شعرية بعنوان (يوسف أعرض عن هذا)،
ومسرحيتان إحداهما باسم البديل
واختم بحثي بهذه المقاطع من شعره
أهــذا إذن كــل مــا يتبــقــى..?
إذا انتصف الليل.. واسودَّ....
ليل بلا قمرٍ أو نجوم,
وصار الندى مبهماً في الحديقة...
سيدتي,
ستجيء كعادتها,
ستعبر هذا الممر الكئيب,
وتمشي على العشب حافيةً,
لحظةً,
وأرى وجهها , ملصقاً, في زجاجة نافذتي,
من هنا,
حيث ينكسر الضوء والوهمُ:
عينان ذاهلتان,
وشعرٌ من الأبنوس, قد اخضرَّ من بلل الليل,
والتمعت خصلة منه,
فوق الجبين,
ومن دونما كلمة,
وبصمْت المحبين,
سوف تمد أصابعها
وتشير إلى بنصرٍ نزعوا خاتم الحب عنه,
فموضعه أبيض مثل جرح قديم,
وتبسم لي..
هكذا .. لمحةً
وتغيب,
وتترك فوق ضباب الزجاجة,
هذا الحنين الغريب..
حنين غريب...
أنا .. يشبه القبلات حنيني...
سأبحث عن شعرة علقتْ في الوسادةِ
قنينة عطرٍ .. علاها الغبار,
قميصٍ به عَرَقُ امرأةٍ...
أهذا , إذن, كل ما يتبقى من الحب?
فــاكـهــة المـرأة النـائمــة
كانت المرأة النائمهْ
وهي في قبرها..
تتسمع أصواتهم,
وتغالبُ ضحكتها
اميرالبيان العربي
د فالح نصيف الكيلاني
العراق - ديالى - بلدروز
************************