اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني

الحضارة الاسلامية باشراف المهندس خالدصبحي الكيلاني والباحث جمال الدين فالح الكيلاني


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

الشاعر يوسف الثالث ملك غرناطة بقلم د فالح الحجية

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

فالح الحجية

فالح الحجية
Admin




يوسف الثالث ملك غرناطة


هو ابو الحجاج الناصر يوسف الثالث ابن يوسف بن محمد الغني بالله وهو ثاني عشر ملوك بني نصر مؤسسي مملكة ( غرناطة ) آخر معقل إسلامي في الأندلس وحاملي لواء الإسلام في ربوعها .

و (بنو نصر) ينتهي نسبهم إلى ( سعد بن عبادة ) زعيم الخزرج و سيد الأنصار في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكانوا يعتدّون بهذه النسبة الكريمة ويفتخرون بها .

لم تذكر المصادر التاريخية والادبية سنة ميلاده ولكننا نقدره بسنة \ 773 هجرية - 1376 ميلادية بالاعتماد على سنة تولي والده السلطان ( يوسف الثا ني )الذي تولى الحكم سنة \793 هجرية - 1396ميلادية وجعله وليا لعهده وهو في سن العشرين وهو السن الذي يؤهله لتحمل المهام ويؤكد ذ لك ان اخاه الامير محمد عندما اختيار يوسف ةليا للعهد حاول اعلان الثورة الا انه بعد ذلك تراجع عن ذلك ومعنى هذا انه كان في عمر االثامنة عشرة في الاقل لكنه لما توفي أبوه استطاع محمد أن يدبر إبعاد أخيه ( يوسف الثالث ) شاعرنا ويتولى الملك .

نشأ الامير يوسف نشأة ابناء الملوك وتفتحت عيناه على نور الحياة في دار الملك بمدينة ( الحمراء) وكان المتربع على العرش يومئذ جده الغني بالله، وكانت الحياة التي تدور في قصرالحمراء آنذاك والتي أحاطت بنشأته وتكوين انطباعاته الحسية والذهنية حياة مرحلة لاهية وصاخبة عنيفة نلاحظ فيها وجهين او حالتين يمكن اعتبارهما نوعين متميزين من المؤثرات ولكل منهما أثره البليغ في توجيه شاعرية الأمير يوسف وتحديد مجالاتها الفنية والثقافية :

فالاولى كانت لهذه الحياة بوجه مرح يتخبط باللهو والمجون فالأمراء يحبون اللهو ويلذ لهم الانغماس فيه، فيعقدون المجالس للأنس والطرب ويقيمون النزهات في عرصات وحدائق قصورهم يتعاطون الخمر بين حاشيتهم وجواريهم وغلمانهم ويستمعون إلى الموسيقى والغناء الجميل،و تقرض لهم الأشعار ويقرضونها هم بأنفسهم إذا تيسر لهم ذلك معبرين عن رغباتهم وعواطفهم .وخلجات نفوسهم يثيرها محيطهم الحافل بضروب اللهو والمتعة والمرح .
من شعره فيها يقول :

ومختطف الخصرين ذي كفل رغد
يُعاملني بالهجر في الهزل والجد

وما بي إلى ظلم يتاح بحاجة
ولكن لظلم كالمدامة والشهد

فَرفقاً بقلبي يا خوَنْدُ تفضّلا
وجُد بالرضا باللّه يا قمر السعد

اما الوجه الاخر فهو وجه عابس وجاد فيه صخب وعنف املته السياسة في الداخل والخارج واثرت فيه ، فرحاب القصر وبهاؤه تشهد سلسلة من الخيانات والمؤامرات والاغتيالات، وتتجاوب فيها أصداء الانتصارات أو الاندحارات في المعارك الحربية المستمرة مع العدو، وهذه وتلك تملأ نفوس ساكني القصر بمشاعر لا تقل عمقا عن المشاعر التي يثيرها المرح واللهو وتضرم في القلوب نار الحماسة والشجاعة التي من شأنها أن تلهب شاعرية الشعراء وتلهمهم القول في الحماسة والشجاعة .

لذا كان لهذه الفترة أثر بليغ في نفس الأمير يوسف، و نلمسه بوضوح في أشعاره، فديوانه يضم غزلا كثيرا،ومنه :

كم ذا تُطيل تولّهي وعنائي
ما ذا يَضرُّك لوْ أجبتَ ندائي

يا ناظِراً فَتكتْ بنا ألحاظُه
حتى تشحط خدُّه بدماء

اللّهَ في نفس العليل فربما
غَلب الصدودُ فصار في الأعداء

كم مقلة أسهرتُها بك ظالماً
حق الوفاء فلم تَجد بوفاء

ما ضرَّ لو زانَ المجالَ تجملٌ
يُبرى الذي هيجت من برحاء

ويضم إلى جانب غزله الكثير شعرا حماسيا وسياسيا كثيرا أيضا .

وكم آثروها في الوغى مُدلهمة
وقد اطلعت رُوسُ العبيد قرانساً

تطير لها نفسُ الجبان توهماً
وقرَّت بها آسادُ غيل عوابساً

جعلتُ لهم صبري مَلاذاً وملجأً
وجرُّدتُ من عزمي حُساماً وفارساً


فكانت فكانت قصور ابيه وهي قصور رئاسية توفر له كالأمراء الناشئين أسباب التربية وتعدهم لمهام القيادة والرياسة التي ستناط بهم في المستقبل، فيسعى إلى تنشئتهم على الفروسية وحمل السلاح ويوظف لهم المعلمين والمربين الذين يسهرون على تربيتهم تأديبهم وتثقيفهم ويقول في نفسه وعائلته :

مَعاذَ من كتب الحسنى لأندلس
مِن أن يجوس عدو الدين أندُلساً

مُستعصم الدين ما كانت فوارسُه
يوماً ليترك حزب الكفر مُفترسا
ً
كم أثبتوا قدماً كم جدَّلوا صَنماً
كم شيدوا للمعالي أربعاً دُرُساً

ما أحْوجتهم إلى من دونهم هممٌ
للنقد لا لغد كلاَّ ولا لعسى

فالغالبيُّ أبو الأملاك قاطبةً
ما زال للنور نور اللّه مُقتبسا
ً
لكن دعا بولي الشعر مذهبه
أن يجعل الزخرفَ المذموم مُلتمساً

اليوسفي على آثارهم أبداً
صدقٌ إذا الظن ظنُّ الأفك قد هجسا

قضت علي بالبلوى هواجسه
لما جنى من خطوب الدهر ما اغترسا

لا يغتررْ بالأماني أنها خُدعٌ
إن لمْ يكن رهن صبح فهو رهن مسا



وكان يوسف يحظى برعاية خاصة من والده الذي كان يؤثره بالمحبة والثقة ويعهد اليه لما فيه من رجاحة العقل والشجاعة ويرى فيه الإنسان الجدير بوراثة العرش من بعده، ولم ينس يوسف صنيع أبيه الجميل إزاءه فنراه قد رثاه بعد وفاته رثاء محب ملتاع يقول فيه :

على ظلال من عناية يوسف
ودوني حسام للخلافة مرهف

تباركني تترى عوارفه ضحى
وينتابني تسآله والتعرف

فلا همة للقلب فيها تهمهم
ولا كلفة للنفس فيها تكـلف

وحاجات نفس لم أراقب مكانها
فكان له منه الرضا والتعطف


لقد انصرف الأمير يوسف إلى الدرس والتحصيل و تخرج على جماعة من العلماء فجمع فيه أشعار الوزير الشاعر( ابن زمرك ) وأخذ عن القاضي( أبي محمد عبد الله بن جزي) وهو أديب حافظ قائم على فن العربية مشارك في فنون لسانية جيد النظم مطواع القريحة وشعره نبيل الأغراض حسن المقاصـد. واخذ عن ( أبي عبد الله الشريسي) .وأخذ عن قاضي غرناطة الخطيب (أبي عبد الله محمد بن على بن علاق) و عن ( أبي المهدي) أخي أبي جعفر بن الزيات شيخ الفرقة الصوفية. لذا سار في تحصيله وتعلمه على الطريقة الأندلسية في التعليم التي كانت تعلم القرآن والسنة و تعلم العربية والشعر وتجويد الخط وفي ذلك يقول عن نفسه :

(ولقد وقفنا من النثر والنظم للعرب ومن جاء بعدهم على موضوعات لا تكاد تحصى، واستوعبنا على الإجمال والتفصيل من ذلك تأويلا ونصا، وصدرت عنا ناشئات في حجور العناية)

ويفخربنفسه فيقول:

ذا شئت أن تعطى المقادةَ أهلها
وتلقى حُسام النصر في كفّ ضارب

تجدْنيَ مِقداماً على الهوْل لم أبل
بما جمعوا أو عدَّدوا من مناقب

يصاحِبني حزم يخوِّن هاجِسي
وعزم كما سُلَّت رِقاق المضارب

لقد تم اختياره لولاية العهد من طرف والده السلطان يوسف الثاني، وقد أثار هذا الاختيار حفيظة أخيه الأصغر منه الأمير (محمد ) الذي حاول الثورة ضد أبيه لكنه تراجع وأسرها في نفسه، فلما توفى الوالد حزم امره و دبر أمره مع الزعماء ورجال الدولة لإقصاء أخيه يوسف عن العرش فقبض عليه وزج به في قلعة ( شلوبانية)الحصينة التي كانت سجن الدولة الرسمي على عهد بني نصــــــــــر .فظل الأمير يوسف سجينا طيلة حكم أخيه الذي دام نحو أربع عشرة سنة يعاني من شدة الحجر الذي فرضه عليه حتى يأمن منازعته إياه في الملك وهذه حالة طبيعية فهو ولي العهد والوارث الشرعي للعرش بعد ابيه وكان يوسف يشعر ان اخاه قد سلب حقه و يعي ذلك تمام الوعي في قرارة نفسه ويشكو من إبعاده عن الملك وسلب كل حقوقه والائتمار عليه بعد اليمين التي أداها جهارا بالوفاء والطاعة له ، وقد ذكر ذلك في شعره مقطوعة نظمها بعد خروجه من السجن، عارض بها مقطوعة لأبي العباس المريني التي قالها في ظرف مشابه لظرفه يقول:

أبعدونا – تغلبا - أبعدونا
طردونا من ملكهم طردونا

تركونا لما ركنا إليهم
ضحوة الركن جهرة تركونا

سلبونا بعض الذي قد منحنا
من عطايا جزيلة سلبونا

خلفونا بعد اليمين جهارا
ويحهم ما لهم لما خلفونا

حيث عدنا والعود أحمد لكن
إن أساؤوا فإننا محسوننا

ومن سجنه كان يخاطب اخاه فيقول:

سأشكوه قومي حين راموا تنقصي
فقد قطعوا الحبل الذي كان يمرر

سلوه فإن الدمع أعدل شاهد
وإن خفوق القلب ما ليس ينكر

أيصبر عن نجد فؤاد متيم
وتنسى ليالي بالمصلى وتكفر

فإن غبت عن نجد فليس بغائب
ضمير يناجي أو فؤاد يفكر

أأضمرتم غدرا لإظهاري الوفا
وأظهرتم ضدا لما أنا أضمر

ألستم بنا الثكلى إذا حان حيننا
وركنكم المهدوم حين يقدر

أبوكم صريح الأصل لكن إخاؤكم
لعلات سوء ليس فيهن اخير

وفي هذه الفترة من السجن قد استيقظت شاعرية الأمير يوسف ففي هذه المرحلة من حياته قد بدأ يقرض الشعر وكان ينظمه قبل سجنه الا أنه كان في أوليات نظمه يغلب على مضمونها عدم وضوح دلالته التام و الاضطراب في الصياغة الذي يرافق عادة بداية ممارسة الشعر.

وقد بقي الأميرالشاعر في سجنه حتى سنة 811 هجرية- 1398 ميلادية وهي السنة التي توفى فيها اخوه محمد الا انه لم يعد للحكم وانما كثرت رحلاته وسفراته فنراه يغادر ( اشبيلية ) الى جزيرة ( مالقة ) في نفس السنة التي خرج من السجن ثم ينتقل الى ( مكلين ) وفيها ينظم هائيته الطويلة فيقول فيها :

إذا ما عدُوُّ الدّينِ جاسَ خِلالـَهُ
وَرامَ استراقَ السّمْعِ كَفَّ مَرِيدُهُ

تَمُرُّ بِهِ هـُوجُ الرِّياحِ فـتـَـنـْثـَني
قَدْ سَدَّ مَسْراها الرّفيعَ صــُعودُهُ

تَرومُ سُمـُوًّا فَوْقـَهُ وهْيَ دونــَهُ
فتقصُرُ عمــــّا تشتهي وَتــُريدُهُ

دعَوْتَ لَهُ أهْلَ الجِهاد فأهْطَعُوا
كَما زارتِ البَيْتَ العَتيقَ وُفـودُهُ

ودارَتْ حوالـــَيْهِ الجنودُ كـَأنَّها
وِشاحٌ عَلَى خَصْرٍ يَروقُ فَريدُهُ

ثم يتجه عام \ ٨١٣ هجرية – 1400 ميلادية نحو الجنوب ليصل ( جبل طارق ) وفي هذه الاثناء احتل المرينيون ( جبل طارق ) فاتجه إلى (مالقة ) مرة أخرى ولما شعر بالتعب والمرض انتقل الى قرية قرب (غرناطة ) اسمها ( الحمة ) وذلك عام\ 819 هجرية – 1417 ميلادية وكان فيها محطته الاخيرة .

توفى الشاعر الملك يوسف الثالث بسبب سكتة دماغية في ٢٩ رمضان من سنة \٨٢٠ هجرية - ٣ اكتوبر١٤١٧ميلادية إثر رحلة إلى( شلوبانيا ) وكان قد بلغ من العمراحدى واربعين سنة .

الامير يوسف شاعر مجيد قال الشعر في اغلب الفنون الشعرية فقد قال في شعر الغزل، والطبيعة، والخمر، والمعارك، والرثاء والفخر ومن شعره في الغزل يقول :

ايهجرني ظلما لاني احبه
ويقتلني عمداً على غير ما ذنب

ويسخط مني أن توسلت بالرضا
ويبعدُ عني إن جنْحتُ إلى القرب

ويأنف أن أحظى برؤية وجهه
وأبسط خدي في هواه على الترب

وإني وان أبدي صدوداً وإن جفا
لأرعى له حق المودة والحب

فهذا فؤادي في هواه أذبته
وهذي دموعي في ترضيه في سكب

ولو أن ما بي بالعذول رأيته
حليف الأسى مثلي نحيفاً من الكرب

ويصف حديقة فيقول :

وحديقة باكرتُ صفوَ نعيمها
والفجر يُبصر من خِلال سحاب

كمتيّم جحد الغرامَ وإنما
دلتْ عليه دلائلُ الأوصاب

والطلُّ ينظم في الغصون لآلأ
فيَمِلن طوعَ الحسن والإعجاب

والغصن ريَّانُ المعاطف مُنتشٍ
يُومي إليَّ بزهره ويُحابي


تحكي بطائحه نمارق سُندس
وتِلاعُه قد ألحفت بملاب

مرَّتْ تُصافحنا أنامِل سَوْسن
ورَنتْ تغازِلنا مع الإعجاب

والريح تسحبُ ذَيل كل خميلة
تهدي الأنوف روائح الأحباب

والآسُ صُدْغ للحبيب مُعطَّفاً
والخدُّ ورد مُشرقاً كشهاب

يندى به ماء الشبيبة والحيا
ويْلاه من كلفي وعهد شبابي

واختم بحثي بهذه الابيات الرائعة :

أُغصن بهبات النسيم يميلُ
أم القدُّ تثنيه صَباً وقبول

هي البانةُ المرتاحةُ العطف طالما
أهاجت غرامي والنسيم بليل

تمادى هجير الهجر بين جوانحي
فهل لي إلى ظِلّ الوصول سبيل

هي الغادة الحسناء أما التماحُها
فكافٍ وأما وصلها فكفيل

ولكنني من لي بها ولرَكبها
صباح على حكم السرى وأصيل

ومن ذا الذي تُبقي ذَماء مَشوقها
وللركب وخدٌ مُسرعٌ وذميل

صبرتُ على ما بي من الوجد والأسى
وما كلُّ صبر العاشقين جميل

يقولون أقصرْ عن هوى من تحبه
وَشرحُ حديثي في هَوايَ يطول

أما عرفوا سَلمى وأن خَيالها
حبيبٌ على بُعد المزار وَصول

أما سلموا في حُسن سلمى وإنه
إذا حلَّ في قلب فليس يَحول

أنا يوسفٌ واليوسفيُّ صفاتُه
إذا عزَّ نيلٌ فالمواهِبُ نِيلُ

أنا يوسفٌ والصدق يشهد أنني
على الخلق ظِل في الهجير ظليلُ

فكيف أرى غير الوفاء سجيةً
وعِنديَ منه معشر وقبيل

وأعلامُ من أعطى المعالم حَقها
مَخائليُ بادٍ حسنها وخيول

تَردُّ جُنودَ المارقين بِعزمةٍ
تروع إذا ما استُطلعت وتهول




***********************





















https://falih.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى