الشاعر ربيعة بن ثابت الرقي
بقلم- فالح الحجية
هو ربيعة بن ثابت بن لجأ بن العيذار الأسدي الرقي.
كان ضريراً ( اعمى) يلقب بالغاوي .
ولد سنة /120 هـجرية - 733 ميلادية تقريبا بمدينة الرقة الواقعة على نهرالفرات بين العراق والشام و نشأ فيها.
و أصيب برمد في عينيه في طفولته ففقد بصره وقد صرح بذلك في إحدى قصائده بقوله:
عينا ربيعةَ رمداوانِ فاحتسبي
كَحْلَةٍ منكِ تشفيهِ من الرَّمدِ
إن تكتحلْ منكِ عيناهُ فلا رمدٌ
على ربيعةَ يُخْشى آخرَ الأبَد
في طفولته و صباه كانت أمه تثقله في لباسه وتكثره عليه في الشتاء خيفة عليه من البرد وقد قال ساخراً منها:
وبلائي أنَّ أمي
أثقلتني بإزاري
فإذا ما قمت أمشي
همَّ خصري بانبتار
كلُّ ذا أحمل وحدي
أينَ من أمّي فراري
أمَّتا هذا وربي
حِمْلُ برذونٍ بخاري
أمَّتا لست ببرذونٍ
ولا بَغْلُ مُكاري
عاش ربيعة طفولته ومقتبل صباه وشبابه في مدينته ( الرقة ) التي هي جنة من جنان الدنيا زاهية بأشجارها وبساتينها الخضراء التي ينساب فيها نهر الفرات الرائع كأنه البحر وهي رابضة على شاطئيه فيقول فيها:
حبذا الرقة داراً أوْ بلَدْ
بلداً ساكنُهُ ممَّنْ تَوَدْ
ما رأينا بلدة تعدلها
لا ولا أخبرنا عنها أحد
إنها برية.. بحرية
سورها بَحْرٌ وسورٌ في الجَدَدْ
تسمع الصُّلْصُلَ في أشجارها
هُدْهُدُ البرِّ ومُكّاءٌ غَرَد
لم تُضَمَّنْ بلدةٌ ما ضُمِّنَتْ
من جمال في قريش وأسد
ولما شب واكتمل و نما عود ه شاع الغزل على لسانه فرد د اشعاره الناس و نقشوا بعض أشعاره على البسط التي ينسجونها ويتلذذون بقراءتها وترديدها بينهم في مجالسهم عليها كقوله:
ليتني كنتُ حماماً
لكِ مقصوص الجناح
أيّها الناس ذروني
لست من أهل الفلاح
أنا إنسان معنّى
بهوى المُرْضِ الصّحاح
تناقل الناس شعره وأخباره وردد وا قصائده الغزلية
على ألسنتهم حتى قيل إن جواري الخليفة المهدي رجونه ليحضر لهن الشاعر ربيعة من ( الرقة ) ليستمعن مباشرة منه إلى شعره فاستحضره من (الرقة ) مع عمال البريد القادمين من الجزيرة والفرات وأقام ببغداد يتردد على بلاط المهدي لكن المقام لم يطل بربيعة في بغداد فأنشد المهدي قصيدة يرجوه السماح له بالعودة إلى الرقة قائلا:
يا أمير المؤمنينا
الله سمَّاكَ الأمينا
سرقوني من بلادي
يا أمير المؤمنينا
سرقوني فاقض فيهم
بجزاء السارقينا
فأمر المهدي باعادته إلى الرقة مع عمال البريد أيضاً بعد
أن أجزل إليه العطاء وأكرمه .
الشاعر ربيعة الرقي تعلق باكثر من جارية مما جعله ينظم غزلاً كثيراً صريحا حتى لقبوه ( الغاوي) واول من تغزل
بها واحبها جارية اسمها (عَثْمة ) في شبابه وكانت ( عتمة ) أمَة لرجل من أهل (قرقيسياء) فوقعت في قلبه فتغنى بها كثيرا وله فيها أشعار كثيرة وكان يلتقي بها ليلاً ولا يجرؤ على ملاقاتها نهارا ً وكم تمنى أن الصبح لا يجلو ظلام الليل كي يتم وصاله بها ومما قال فيها متغزلاً :
أحِبُّ حديثَها وتحبُّ قربي
وما إنْ نلتقي إلا لماما
فيا ليتَ النهارَ يكون ليلاً
وليت الصبحَ لا يجلو الظلاما
ويا ليت الحمامَ مسخراتٌ
لنرسلَ في رسائلنا الحَماما
لعلَّ حمامة ً تهدي إلينا
جواباً منك نجعله إماما..
وما ذنبي وحبُّكِ هاجَ هذا
ولو تُرِكَ القطا لغَفا وناما
وكلّ الحب لغوٌ غيرَ حبي
فقد أردى الحشا وبرى العظاما
تغزل في كثيرات من النساء اللواتي اعجبنه وذكرهن في شعره منهن الجارية (رَخاص" ) من جواري الكرخ في بغداد وقال فيها:
أنا للحكام عاصي لجنوني برَخاص
ثم للناسِ جميعاً من أدانٍ وأقاصي
ورَخاصُ الكَرْخِ ظبيٌ لم أنَلْ منه افتراصي
ولقدْ طالَ بأبوا بِ الخُرَيْمِيِّ اقتصاصي
طَمَعاً في صيدِ ظبْيٍ ذي شِماسٍ ومَلاصي
صيْدُهُ أعْسَرُ من صيدِ الضَّواري والقِلاص
يا رَخاصاً يا رَخاصَ الكرْخ يا ذاتَ العِقاص
والثنايا الغُرِّ كالبر قِ تَلالا في النِّشاص
ولـه جارية اخرى اسمها (سعاد) تغزا بها بأشعار كثيرة كانت تراسله في رسائل شوق وحنين وفيها يقول:
جاء الرسولُ بقرطاسٍ بخاتَمِهِ
وفي الصحيفةِ سحرٌ خُطَّ بالقلم
قالت: تعالَ إذا ما شئْتَ مستتراً
الحكْمُ حكمُكَ يا رَقِّيُّ فاحتكِم
الحبُّ داءٌ عياءٌ لا دواءَ لـه
إلا نسيمُ حبيبٍ طيِّبِ النَّسَم
أوْ قبلةُ من فمٍ نيلَتْ مُخالَسَةً
وما حرامٌ فمٌ ألصَقْتَهُ بفم
ارتحل ربيعة في بداية شبابه إلى أرمينية حيث التقى بـ(يزيد بن أسيد السلمي ) والي الخليفة ( المنصور) عليها ومكث فيها حولاً كاملاً مدحه بقصائد عديدة وكون معه علاقة وطيدة .الا ان هذه العلاقة ساءت بينهما فرحل متوجها إلى مصر وكان الوالي فيها ( يزيد بن حاتم المهلبي ) وكان فيه شبه من جده ( المهلب بن ابي صفرة ) في الدهاء والكرم والحروب فتشاغل الوالي المهلبي عن الشاعر ربيعة ولم يظفر منه بالندى فكتب اليه في رقعة قصيدة وهم بمغادرة مصر وهذا مطلعها :
أراني ولا كفران لله راجعاً
بخفَّيْ حُنين من نوالِ ابْنِ حاتم
فلما قرأها المهلبي أعاد الشاعر إليه وبالغ في إكرامه حتى قيل إنه أمر بنزع خُفي الشاعر( حذائيه ) وحشاهما دنانير فمكث ( ربيعة الرقي ) في مصر وعاد إلى مدح الوالي المهلبي وفي ذلك يقول :
منْ لعينٍ رأت خيالاً مُطيفاً
واقفاً هكذا علينا وقوفا
طارقاً موهناً.. ألَمَّ فحيّا
فلم ولّى فهاج قلباً ضعيفا
ليت نفسي وليت أنْفُسَ قومي
يا يزيدَ الندى تقيك الحُتوفا
عَتكيٌّ.. مهلبيٌّ.. كريمٌ
حاتِميٌّ قد نال فرعاً مُنيفا
وكان بين الوالي ( السلمي ) والي ( ارمينيا ) ووالي مصر ( يزيد بن حاتم المهلبي ) سوء تفاهم فما كان من الشاعر من خلال مدحه (المهلبي) الا ان يعرض ب(يزيد السلمي ) فيقول:
يزيدَ الأزْدِ.. إنَّ يزيدَ قومي
سميُّكَ لا يجودُ كما تجود
يقود جماعة.. وتقود أخرى
فترزُقُ مَنْ تقودُ ومَنْ يقود
شبيهُكَ في الولادةِ والتسمِّي
ولكنْ لا يجودُ كما تجود
ولما عزل ( يزيد المهلبي ) عن مصر وتم تولية ( يزيد السلمي) واليا فيها سارع الشاعر ربيعة إلى الرحيل عن مصر وقال :
بكى أهلُ مصرٍ بالدموع السواجِم
غداةَ غدا عنها الأغرُّ ابنُ حاتم
حلفتُ يميناً غيرَ ذي مثْنَويَّةٍ
يمين امرئٍ آلى بها غيرَ آثم
لشتانَ ما بين اليزيدين في النّدى
يزيدِ سُليم والأغرِّ ابنِ حاتم
فهمُّ الفتى الأزديِّ إتلافُ مالِهِ
وهمُّ الفتى القيسيِّ جمعُ الدراهم
فلا يحسب التمتامُ أني هجوتُهُ
ولكنني فضَّلْتُ أهلَ المكارم
ألا إنما آل المهلَّبِ غُرَّةٌ
وفي الحرب قاداتٌ لكم بالحزائم
هم الأنفُ والخرطومُ والناسُ بعدهم
مَناسِمُ والخرطومُ فوقَ المناسم
ولما غادر ربيعة مصر توجه إلى بغداد محاولاً الوفود إلى بلاط المهدي ثانية بعد لقائه الأول الذي لم يكتب له النجاح ولا طول مقام فمدح الخليفة المهدي ماثلا بين يديه قائلا :
قد بسَطَ المهديّ كفَّ النَّدى
للنّاس والعفوَ عن الظالم
فالرجُلُ الصادرُ عن بابه
فبشِّرٌ للواردِ القادم
و ما أن دخل البلاط الا وظهر منافسون مثل بشار بن برد ومروان بن أبي حفصة وأبي العتاهية والسيد الحميري وغيرهم من الشعراء ففضل العودة إلى (الرقة ) بعيداً عن ضوضاء البلاط وأعين الحساد رغم نيله موقعاً حسناً في بلاط المهدي .
وعندما آلت الخلافة إلى الرشيد عظمت مكانته فيه وكثرت ملحه ونوادره عند الرشيد وندمائه وجلسائه و كان الرشيد يأنس به وله معه ملَح ونوادركثيرة. ولما حلت سنة /185 هـجرية أوفد الرشيد عمه ( العباس بن محمد ) أميراً للجزيرة الفراتية ومقرها (الرقة) وفرشت للأميرالقصور وذلك أن الرشيد كان يجل عمه العباس ويقدره . فعاد الشاعر الى بلدته ( الرقة) وحاول التقرب من أميرها ومدح العباس بقصيدة قائلاً:
إن المكارمَ لم تزلْ معقولةً
حتى حلَلْتَ براحتيك عقالها
العود يَرْطُبُ إنْ مسَسْتَ لحاءَهُ
والأرضُ تُعْشِبُ إنْ وطئت رمالها
ويقول فيها:
لو قيل للعباس يا ابن محمدٍ
قل: لا وأنت مُخلَّدٌ ما قالها
ما إنْ أعُدُّ من المكارم خَصْلةً
إلا وجدْتُكَ عمَّها أو خالَها
وإذا الملوكُ تسايروا في بلدةٍ
كانوا كواكبَها وكنتَ هلالَها
الا ان الامير خيب ظنه فنقده دينارين اثنين فقط ازاء هذا المديح كله فألهب حفيظته وجن جنونه الأمر الذي دفعه إلى أن يسخر من ممدوحه بما يؤذيه ويؤلمه فأرسل إليه قائلاً:
مدحتُك مِدْحَةَ السيف المُحلَّى
لتجري في الكرام كما جرَيْتُ
فهبها مِدْحةً ذهبَتْ ضَياعاً
كذبت عليك فيها وافتريت
فأنت المرءُ ليسَ لـه وفاءٌ
كأني إذْ مدحْتُكَ قد رثيت
فحاول العباس البطش بالشاعر وآثر ان يشكوه إلى الخليفة الرشيد عله يعاقبه عقاباً صارما فأمر الخليفة إحضار (ربيعة) بعد أن وقف على هجاء عمه (العباس) . فلما امتثل الشاعر بين يدي الخليفة الرشيد وأنشده قصيدته في مدحه العباس وحكى لـه مكافأته عليها دينارين اثنين فقط افرغ غضب الخليفة عليه ودب العطف في قلبه مستنكراً فعلة عمه (العباس ) فعفى عن (ربيعة ) وأمر له بثلاثين ألف درهم وألزمه بلاطه فبقي في بغداد .
بقي ربيعة في بلاط الرشيد حتى تقدمت به السن فآثر العودة إلى مدينته ومسقط راسه ( الرقة ) مستأذناً الخليفة الرشيد فعاد إليها حاملاً معه من المال والهدايا ما يكفي معيشته في شيخوخته فعاش فيها بقية حياته وقد مال إلى الزهد وطلب العفو من الله تعالى والمغفرة من طامعاً في عفو ربه وثوابه ورضاه.. مردداً حكمته:
ولا تسأَلِ النّاسَ ما يملكونْ
ولكنْ سلِ اللهَ واستكْفِه
وكلُّ مُقِلٍّ وذي ثَرْوَةٍ
فإنَّ المنيةَ من خَلْفِه
توفي في مسقط راسه في مدينة الرقة سنة \198 هـجرية - 813 ميلادية عن عمر يناهز ثمان و سبعين عاما ودفن فيها .
ربيعة الرقي شاعر من المكثرين المجيدين الا انه اسقط عن طبقته لتركه خدمة الخلفاء وعدم مخالطة الشعراء. ومع ذلك ما عدم مفضلاً ومقدماً وله مكانة ورفعة .
يتميز شعر ربيعة الرقي بسهولة اللفظ وبساطة التعبير فكان شعره سلساً رقيقا جميل المعاني ووضوحها بعيداً عن الصناعة اللفظية والتعقيد وكان الاصمعي يحتج به في اللغة
وقد نظم ربيعة الرقي شعره في البحور الطويلة والقصيرة ومجزوئها فأجاد فيها ونال إعجاب معاصريه من الشعراء والادباء والنقاد ومؤرخي الادب .
قال عنه ابن المعتز :
( إنه أشعر أهل زمانه جميعاً في الغزل وما أجد أطبع ولا أصح غزلاً منه).
ومما دفع ( بابن المعتز ) أن يثني على ربيعة قوله:
( فهذا كما ترى أسلسل من الماء وأحلى من الشهد )
ومن شعره في الغزل قوله في ( عتمة) :
أعَثْمة ُ أطلقي العَلَقَ الرهينا
بعيشِك وارحمي الصبَّ الحزينا
تعلق زائراً لك فارحميه
فقد أورثْتِ زائرَكِ الجنونا
رآك وأنت مقبلةٌ فلما
رأتْكِ العينُ هِجْتِ لنا فتونا
وقمت تأوَّدين وعهد عيني
بحسنِك في الحزون تأودينا
فلما أن رآك ا لناس قالوا
تعالى الله رب العالمينا
بدت منك الروادفُ مشرفاتٍ
روادفُ لم تدعْ للناس دينا
وقد أعطاك ربك فاشكريه
جمالاً فوق وصف الواصفينا
فما الشمسُ المضيئةُ يوم دَجْنٍ
بأحسنَ منك يوم تبذَّ لينا
فلو أن الملوك رأوك يوماً
لخرُّوا من جمالك ساجدينا
ولو أن النساءَ ملكْن،َ أمراً
لكنتِ إذنْ أميرَ المؤمنينا
وحاكى ربيعة الرقي بشعره شعر عمر بن أبي ربيعة المخزومي وربما يختلط شعره بشعره كقوله :
قالت: ومن أنت؟ قلْنَ التابعات لها
هذا ربيعة ُ هذا فتنةُ الأممِ
هذا المعنّى الذي كانت مناسِبُهُ
تأتيكِ فاستتري بالبُرْدِ والقَتَمِ
شيطانُ أمَّتِهِ لاقاكِ محرِمةً
فبالإله من الشيطان فاعتصمي
قالتْ أعوذُ بربي منكَ واستترتْ
بغادةٍ رَخْصَةِ الأطراف كالعَنَمِ
وربما جاءت قصائده الغزلية عفيفة بعيدة عن رخص الغزل الفاحش فتاتي اشبه بقصائد المجنون في ليلاه فيقول :
فأقبلْنَ من شتى ثلاثاً وأربعاً
وثِنْتَينِ يمشين الهوينا تأوُّدا
يطأْنَ مروطَ الخزِّ يلْحِقْنَها الحِما
ويسحبْنَ بالأعطافِ ريطاً معمّدا
فلما التقينا قلْنَ أهلاً ومرحباً
تبوأْ لنا بالأبطح السهل مقعدا
ولم يشتهر (ربيعة الرقي ) في الغزل وحده بل قال الشعر في المديح من خلال حضوره دواوين الأمراء وبلاط الخليفة المهدي والخليفة هارون الرشيد في بغداد وكذلم التقى بالامير (معن بن زائدة الشيباني) في بغداد أثناء قدومه من اليمن فمدحه بقصيدة فلم يجزل له العطاء مما حدى بالشاعر ربيعة ان يهجوه بقوله:
معن يا معن يا ابن زائدة الكلـ
ـبِ التي في الذراعِ لا في البَنان
لا تفاخرْ إذا فاخرْتَ بآبائك
وافخرْ بعمك الحَوْفزان
فهشامٌ من وائل في مكان
أنت ترضى بدون ذاك المكان
ومتى كنت يا ابنَ ظبيةَ ترجو
أن تُبَنِّي على ابنة الغضبان
هي حوراءُ كالمهاةِ.. هِجانٌ
لهجانٍ.. وأنت غيرُ هجان
وبناتُ السليل عند بني ظبية
أفٍّ لكمْ بني شيبان
قيل: معنٌ لنا فلما اختبرْنا
كان مرعىً وليس كالسَّعْدان
واختم بحثي كالعادة بهذه القصيدة:
سواها وهذا الباطلُ المتقولُ
وتزعم أني قد تبدلتُ خلة ً
فقالتْ نعمْ حاشاك إن كنت تعقلُ
لحا اللهُ منْ باعَ الحبيبَ بغيره
يحبك فانظرْ بعده منْ تبدلُ
ستصرمُ إنساناً إذا ما صرمتني
فهلاً بيأسٍ منك قلبي أعللُ
أعلل نفسي منك بالوعدِ والمنى
ودون نجاز الوعدِ صابٌ وحنظلُ
وموعدكِ الشهدُ المصفى حلاوة ً
حذارَ العداَ والطرفُ نحوكِ أميلُ
وأمنحُ طرف العينِ ِ غيركِ رقبة ُ
ربيعة في ليلى بسوءٍ لمبطلُ
لكيما يقول الناسُ إنَّ امرأ رمى
وما منهما إلا بريءٌ مغفلُ
لقد كذبَ الواشون بغياً عليهما
برأيي ولكني امرؤٌ لستُ أعقلُ
فلو كنتُ ذا عقلٍ لأجمعتُ صرعكمْ
وبابُ فؤادي دونَ صرمكِ مقفلُ
وكيف بصبرْ القلب لا كيف عنكمُ
وقتلي لكم يا أمَّ ليلى محللُ
ومن أين لامن أين يحرم قتلكمْ
وأن ليس لي إلا عليكِ معول
ولمّا تَبَيَّنْتِ الذي بي من الهوى
وأيْقَنْتِ أنَّي عنكِ لا أَتَحَوَّلُ
لسخلٍ رأى والذئبُ غرثانُ مرملُ
ظلمتِ كذئبِ السوءِ إذ قال مرة ً
فقال متى ذا قال ذا عامُ أولُ
أأنت الذي في غيرِ جرمٍ شتمتني
فدونك كلني لا هنا لكَ مأكلُ
فقال ولدتُ العامَ بل رمتِ غدرة ً
بحبك قتلا بينا ليس يشكل
أتبكينَ من قتلي وأنتِ قتلتني
وعيناهُ من وجدٍ عليهنَّ تهملُ
فأنتِ كذباحِ العصافيرِ دائباً
لكفَّ يداً ليستْ من الذبح تعطلُ
فلو كان من رأفٍ بهنَّ ورحمة ٍ
إلى الكفَّ ماذا بالعصافيرِ تفعلُ
فلا تنظري ما تهملُ العينُ وانظري
ولم آتهِ عمداُ وذو الحلمِ يجهلُ
هبيني امرءاً أذنبتُ ذنباً جهلتهُ
وها أنا ذا من سخطكمْ اتنصلُ
عفاَ الله عماً قد مضى لستُ عائداً
********************