فاطمة بنت الحسين
هي فاطمة بنت الحسين بن علي بن ابي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي
اما امها فهي ام اسحاق بنت طلحة بن عبيد الله وكانت عند الحسن بن علي وقد كانت قد ولدت من الحسن طلحة بن الحسن الا انه مات ولا عقب له. ثم تزوجها الحسين بوصية من اخيه الحسن فولدت له (فاطمة) فتزوجها الحسن المثنى بن الحسن بن امير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي الله عنهم .
وجاء في اسعاف الراغبين للصبان :
ان الحسن المثنى بن الحسن أتى الى عمه أبي عبد الله الحسين يخطب احدى ابنتيه: فاطمة و سكينة فقال له الحسين السبط :
- أختار لك فاطمة ( وهي الاصغر) فهي أكثر شبها بأمي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أما في الدين فتقوم الليل كله و تصوم النهار وأما في الجمال تشبه الحور العين .
ولما مات الحسن المثنى وضعت زوجته فاطمة بنت الحسين على قبره فسطاطا وكانت تقوم الليل وتصوم النهار فلما كان رأس السنة قالت لمواليها:
- اذا أظلم الليل فقوّضوا هذا الفسطاط،
فلما أظلم الليل وقوّضوه سمعت قائلا يقول:
- هل وجدوا ما فقدوا.
- -فأجابه اخر: بل يئسوا فانقلبوا.
و كانت فاطمة كريمة الاخلاق حسنة الاعراق وكانت فاطمة اصغر سنا من اختها سكينة و ترى انها مدفونة في مصر خلف الدرب الاحمر في زقاق يعرف بزقاق فاطمة النبوية في مسجد جليل ومقامها عظيم وعليه المهابة والجلال.
وبأعلى القبر لوح من الرخام منقوش عليه بخط بديع:
اسكنت من كان في الاحشاء مسكنه
بالرغم مني بين الترب والحجـر
ياقبر فاطـمة بنـت ابن فـاطـمة
بنت الأئمة بنـت الأنـجم الزهر
ياقبر مافيـك من دين ومـن ورع
ومن عفاف و من صون ومن خفر
اولادها :
عبد الله المحض وانما سمي المحض لانه اجتمعت عليه ولادة الحسن و الحسين وكان يشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو شيخ بني هاشم في عصره و كان يتولى صدقات امير المؤمنين علي رضي الله عنهما
وابراهيم الغمر
. وقيل لعبد الله المحض :
- بم صرتم أفضل الناس؟
- فقال: لأن الناس كلهم يتمنون أن يكونوا منا ولا نتمنى ان نكون من احد.
وكان من شعره:
بيض حرائر ما هممن بريبة
كضباء مكة صيدهن حرام
يحسبن من لين الكلام زوانيا
ويصدهن عن الخنا الاسلام
مات في حبس المنصور بالهاشمية يوم عيد الاضحى سنة خمس واربعين ومائة وصلى عليه اخوه الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وله من العمر خمس و سبعون سنة وله : من الاولاد محمد ذو النفس الزكية وابراهيم باخمرا من أبطال الهاشميين.
و لما حج المنصور ايام ولايته سنة\45 للهجرة ودخل المدينة جمع بني الحسن فكانوا اكثر من عشرين رجلا و قيدهم بالحديد وقال لعبد الله المحض:
- اين الفاسقان الكذابان يعني ولديه محمد ذي النفس الزكية وابراهيم .
قال: لا علم لي بهما
فاسمعه كلاما نابيا ثم اوقفه و اخوته و عامة بني الحسن في الشمس مكشوفة رؤوسهم وركب هو في محمل مغطى فناداه عبد الله المحض:
ياامير أهكذا - فعلنا بكم يوم بدر - يشير الى صنع النبي (ص) بالعباس حين بات يأن قيل له : ما لك يا رسول الله لا تنام .
قال: (كيف انام و أنا أسمع أنين عمي العباس في الوثاق.)
قالوا : وكانت طفلة لعبد الله المحض اسمها (فاطمة )قد وقفت على الطريق لما مر محمل المنصور وقالت يا أمير المؤمنين فالتفت اليها المنصور فأنشأت تقول:
ارحم كبيرا سنـه منـهـدما
في السجن بين سلاسل و قيود
ان جدت بالرحم القريبة بيننا
ما جدّنا مـن جـدّكـم ببـيعد
فلم يلتفت اليها و جاء ببني الحسن الى الهاشمية وحبسهم في محبس تحت الارض كانوا لا يعرفون ليلا و لا نهارا و من أجل معرفة أوقات الصلاة فانهم جزؤوا القرآن وعند انتهاء كل جزء يصلون وقتا من الاوقات حتى ما توا في الاسر.
فاطمة بنت الحسن بن علي رضي الله عنهم تابعية من راويات الحديث. روت عن جدتها فاطمة رضي الله عنها مرسلا وعن أبيها وغيرهما. ولما قتل أبوها حُملت إلى الشام مع أختها سكينة وعمتيها أم كلثوم وزينب رضي الله عنهن فأدخلن على يزيد فقالت:
- يا يزيد أبنات رسول الله سبايا؟
قال: بل حرائر كرام أدخلي على بنات عمك فدخلت على أهل بيته فما وجدت فيهن (سفيانية) إلا نادبةباكية . و لما عادت إلى المدينة فتزوجها ابن عمها (الحسن بن الحسن بن علي)
ولما استشهد الحسن بن الحسن ( زوجها) قال لها: إنك امرأة مرغوب فيك فكأني بعبد اللَّه بن عمرو بن عثمان إذا خرج بجنازتي قد جاء علي فرس لابسًا حُلته يسير فى جانب الناس يتعّرض لك فانكحي من شئت سواه فإني لا أدع من الدنيا ورائي همًا غيرك!
قالت: ائمن من ذلك.
وطمأنته بالأيمان لا تتزوجه ومات الحسن بن الحسن فلما انقضت عدِتها أرسل إليها عبد الله بن عمرو يخطبها فقالت:
- كيف بيميني التي حلفت بها؟!
فأرسل إليها يقول: مكان كل مملوك مملوكان ومكان كل شيء شيئان.
فعوّضها من يمينها فتزوجها وولدت له محمدًا الذي سُمى بالديباج لحسنه وجماله والقاسم، ورقيّة. فكان عبد الله بن الحسن وهو أكبر ولدها يقول: ما أبغضت بغض عبد الله بن عمرو أحدًا وما أحببت حب ابنه محمد -أخي- أحدًا.
وبعد موت زوجها عبد اللَّه بن عمرو خطبها عبد الرحمن بن الضحاك وكان حاكمًا للمدينة فرفضت فغضب عليها فشكته إلى رجل شامي يدعى ابن هرمز فقالت له:
تخبر أمير المؤمنين بما ألقى من ابن الضحاك وما يتعرض مني.
كما أوفدت رسولا بكتاب إلى يزيد فلما قرأه جعل يضرب بخيزران فى يديه ويقول:
- لقد اجترأ ابن الضحاك هل من رجل يسمعني صوته في العذاب وأنا على فراشي؟
فقيل له: عبد الواحد بن عبد الله بن بشر الخضري. فدعا يزيد بقرطاس فكتب بيده إلى عبد الواحد وهو بالطائف:
- سلام عليك أما بعد فإنى قد وليتك المدينة فإذا جاءك كتابى هذا فاهبط واعزل عنها ابن الضحاك وأغرمه أربعين ألف دينار، وعذبه حتى تُسْمِعنى صوته وأنا على فراشي. فلمّا علم ابن الضحاك هرب ونزل على مسلمة بن عبد الملك، فقال: أنا فى جوارك. فذهب مسلمة إلى يزيد فى قصره وذكر حاجة جاء من أجلها. فقال يزيد: كل حاجة تكلمت فيها هي فى يدك ما لم يكن ابن الضحاك. فقال: هو واللَّه ابن الضحاك . فقال:
- والله لا أعفيه أبدًا وقد فعل ما فعل.
فأغرمه عبد الواحد أربعين الف دينار وعذبه وطاف به فى جبة من صوف.
وفي رواية اخرى إن فاطمة كانت قد تزوجت بابن عمها الحسن بن الحسن، فولدت له عبد الله ومحمداً وإبراهيم وزينب ثم مات عنها، فأقامت على قبره سنة كاملة.. ثم تزوجها عبد الله بن عمرو بن عثمان فولدت له القاسم ومحمداً وهو الديباج (لجماله).. ورقية.وقد أقامت على قبر الحسن بن الحسن سنة كاملة وقيل ان سبب تزويجها منه
أن سبب تزويجها هو أن أمها(أم إسحاق بنت طلحة بنت عبيد الله) حلفت عليها لتتزوجنه وقامت في الشمس وآلت ألا تبرح حتى تتزوجه فكرهت فاطمة أن تحرج فتزوجته..
كانت فاطمة بنت الحسين صاحبة حكمة وراوية وهي احدى راويات الحديث الشريف ومما روته أنها قالت:
((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال:
( بسم الله والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي وافتح لى أبواب رحمتك ).
وإذا خرج قال: (بسم الله والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لى ذنوبي وافتح لى أبواب فضلك)((.
وكانت -رضى الله عنها- تحب العلم وتحفظ القرآن الكريم كما كانت تحب الشعر رُوي أنه لما دخل الكميت بيتها قالت: هذا شاعرنا أهل البيت. وأمرت له بثلاثين دينارًا، فدمعت عيناه وقال:
لا والله لا أقبلها إني لم أحبكم للدنيا.
وتوفيت رضى اللَّه عنها فى عام 110 من الهجرة 728 ميلادية .
ومن شعرها حين استشهد والدها الحسين بن علي في كربلاء – العراق وكانت مريضة في المدينة المنورة فانشدت:
نَعِقَ الغُرابُ فَقُلتُ مَن
تَنعَاهُ وَيحَكَ يا غُراب
قالَ الإِمامَ فقلبُ مَن
قالَ الموفقَ للصواب
قُلت الحُسينَ فقال لي
بِمَقَالِ مَحزونٍ أَجاب
إنَّ الحسينَ بكربلا
بَين الأسنَّةِ والحِراب
أبكي الحُسينَ بِعَبرَةٍ
تُرضي الآلهَ مع الثواب
ثمَّ استقلَّ بهِ الجَنَا
حُ فَلم يُطق رَدَّ الجَواب
فبكيتُ مِمَّا حَلّ بِي
بَعدَ الرَّضِيِّ المستجاب
******************************