الخلق والمعــــاد
بقلم - فالح الحجية
ومما لاشك فيه ان الله تعالى خلق هذا الكون بجميع احواله واجزائه كانه مسخر لخدمة هذا الانسان فهو مختار من بين كل انواع المخلوقات الكونية ومفضل عليها والكل تدخل في خدمته وهذه حقيقة اقرها القران الكريم ( الله الذي سخرلكم البحر لتجري الفلك فيه بامره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون * وسخرلكم ما في السموات وما في الارض جميعا منه ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون ) الجاثية 12و13
وهكذا تكون الانسان وقد فضله الله تعالى على جميع مخلوقاته وكل شخص جعل له عمرا ينتهي منه في لحظة موته وجعل له السمع والبصر والفؤاد ليفهم مايجري حوله وماذا يعمل من شراو خير ويكون له معادا من بعد الموت أي حياة اخرى بعد هذه الحياة يعود المرء الى الحياة الاخرة والتي لاتفنى ولاتنتهي وهو يحمل اوزار عمله في حياته الدنيا على عاتقه ولا احد يعينه على حملها كل يحمل عمله الدنيوي واوزاره او يجد ما عمل في الحياة الدنيا محضرا سواء كان خيرا او كان سوءا
فالانسان تنتهي نهايته بالموت او بانتزاع الروح منه هذه الروح التي اودعت في جسده وهو ابن اربعةاشهر في بطن امه لتمتزج في جسده اوتتلبسه فتحدث الحياة جراء هذا التلبس حيث كان الجسد دونها جثة هامدة اومجرد كائن يشغل فراغا ثم يتلاشى اذ تأكله ديدان الارض ويعود اليها بتفسخ جسده ترابا ولم يبق منه شيئا الا عظيمة صغيرة دقة في الصغر اسماها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم(عجب الذنب ) تقع في نهاية العمود الفقري من جهة العجز هي اشبه بالبذرة لبقية الاشياء
اما الروح - التي اودعها الله تعالى فيه منذ الصغر وهو في بطن امه- هذا الجوهر العجيب الذي لا يعرف البشر عنه شيئا ( يسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما اوتيم من العلم الا قليلا*) فتفارق الجسد اثناء عملية الموت فتتصاعد الى الاعلى وهي تحمل بطياتها او نفحاتها كل ما عمله هذا المرء في حياته الاولى التي انتهت بموته ولا تنفك عنها هذه الاعمال او الاوزار الا في يوم البعث او النشور وهذا اليوم هو يوم الجزاء او اليوم الاخر وكثرت اسماؤه وتعددت.
يوم القيامة هذا اليوم العظيم يبدا من ساعة موت البشر او لحظة خروج الروح من الجسد ويبقى في البرزخ الى يوم البعث او يوم الحساب يوم الحساب ودخوله الجنة اوالنار وهذا اليوم يسمى القيامة الصغرى وهو يبدا من موت المرء وسؤال القبر اوانتقال روحه الى العالم الاخر في عالم البرزخ قال تعالى ( ويسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما اوتيتم من العلم الا قليلا ) سورة الاية \ اذ تبقى الروح معلقة بين الموت الاول والحياة الاخرىوقيل ان الارواح في الاجساد المؤمنة اوالصالحة تكون في عوالم علوية والارواح في الاجساد الكافرة اوالمشركة اوغير المؤمنة تكون في العوالم السفلية حتى يحين يوم القيامة الكبرى الذي فيه تبدل الارض غير الارض وتحدث المعجزات الكبرى ويتلقى كل انسان جزاءه العادل .
ان الفناء لاحق بالحياة الدنيا لا محالة حيث خلق الله الكون بما فيه وجعل اسباب نهايته فيه فقد ثبت ان حقيقة امكان هذا العالم الهائل هي الحرارة فكما كانت الحرارة اساس الخلق الاول ووجود كل موجود كما بينت سابقا وجدت ايضا انها اساس فناء هذا العالم حيث انها تنتقل من وجود حراري الى وجود غير حراري اخر واستمرار هذه العملية سيترتب عليها ان تتساوى حرارة جميع الاشياء وعند ذلك لا تبقى اية طاقة للتفاعل وتنتهي العمليات الكيميائية والطبيعية وعندها تنتهي الحياة ويعم هذا الكون الفناء .
فالانسان والحيوان والنبات تحمل اسباب فنائها في داخلها ونحن اذ نراها وهي قطعا جزء من هذا العالم وجزء من عملية الفناء الكبرى وكذلك الزلازل والبراكين وحدوثها المستمر حيث تدمر مدنا وقرى كبيرة ومساحات شاسعة من هذا الكون وتغير معالمه .
وقبل هذه الامور تحدث امور اخرى هي علامات لحدوث يوم القيامة او اشراط الساعة وهي كثيرة تفنن الكتاب وعلماء الدين في تكثيرها وتعدادها الا اني ساذكر اهمها والتي وردت في احاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعلى لسانه صحيحة
1- قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ( لاتقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان وتكون بينهما مقتلة عظيمة ودعواهما واحدة) وهي اشارة الى الحروب التي وقعت بين المسلمين واولهما ماوقعت بيوم صفين
2- قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم( لاتقوم الساعة حتى تخرج نار من ارض الحجاز تضيء اعناق الابل ببصرى ) وبصرى مدينة في الشام
3- وقال صلى الله عليه وسلم (لاتقوم الساعة حتى يكثر الهرج قالوا وما الهرج يارسول الله قال القتل القتل
4- وقال صلى الله عليه وسلم ( لا تقوم الساعة حتى ينحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه )
5- وقال صلى الله عليه وسلم ( لا تقوم الساعة حتى تضطرب اليات نساء دوس حول ذي الخلصة وكانت صنما تعبها دوس في الجاهلية بتبالة) وهو الاشراك في الله تعالى اوعودة المسلمين لخلط الايمان بالشرك وقد قال تعالى ( وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون ) سورة يوسف الاية \ 106
6- وقال صلى الله عليه وسلم ( لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه )
7- وقال صلى الله عليه وسلم ( لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبيء اليهودي وراء الحجر والشجر فيقول الحجر او الشجر يامسلم ياعبد الله هذا يهودي فتعال فاقتله الا الغرقد فانه من شجراليهود ) وفي هذا الحديث بشارة باستعادة بيت المقدس من ايدي اليهود وقد اشارت المصادر ان اليهود اخذوا بتكثير زراعة شجر الغرقد في فلسطين في الوقت الحاضر
8- وقال صلى الله عليه وسلم ( لاتقوم الساعة وعلى الارض من يقول الله الله وقيل من يقول لا اله الا الله )
9- وقال صلى الله عليه وسلم ايضا ( بادروا بالاعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويصبح كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا )
10--وقال صلى عليه وسلم ( لا تقوم الساعة الا على شرار الناس )
11- وقال صلى الله عليه وسلم ( لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فاذا طلعت فراها الناس اجمعون فذلك حين لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل او كسبت في ايمانها خيرا ) وهذا الحديث مصداق للاية الكريمة ( هل ينظرون الا ان تاتيهم الملائكة او ياتي ربك اوياتي بعض ايات ربك يوم ياتي بعض ايات ربك لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل اوكسبت في ايمانها خيرا ) سورة الانعام الاية \58
وقد رويت هذه الاحاديث الشريفة في اغلب كتب الحديث بضمنها صحيح البخاري وصحيح مسلم رضي الله عنهما
من المعلوم أن الشمس لها القابلية على حفظ أماكن الكواكب في مجالها عن طريق مجال الجاذبية التي تولده بحيث أن قوة جذب الشمس للكوكب أي كوكب تساوي في المقدار و تعاكس في الاتجاه القوة الطاردة المركزية المتولدة من دوران ذلك الكوكب حول الشمس فالمجموعة الشمسية ثابتة الجاذبية مع بعضها ولو اختل توازنها ذرة في كل الف سنة لحدث اختلال عظيم في الجاذبية خلال هذه الملايين من السنين التي تكونت فيها وثبت جاذبية بعضها للاخر وهذا امر مفرغ منه علميا اقره علماء الفلك وعلماء الطبيعة والمعلماء المتنورون من علماء الد ين في الاسلام .
وجاء في الآية السابعة من سورة الذاريات (وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ)، وهذا ما يدلل ا ن السماء تتألف من حبك (أي حبال متكونة على هيئة نسيج مترابط ) و بالتالي فإن مجال الجاذبية للنجوم تتألف من حبال على هيئة نسيج تقوم بالشد على الأجسام التي تقع في مجال جاذبية كل نجم او كوكب وليست هذه الحبال من نسيج او من هذه الخيوط المتعارف عليها لدينا بل هي نسيج من مادة تفنن الخالق العظيم سبحانه وتعالى في صنعها وقوتها وثباتها وقدرتها على تحمل ما لا نتستطيع تقديره او تصوره من قوة مهما اوتينا من قابلية وقدرة على الفهم فيما بينها و يوم القيامة يطمس الله تعالى النجوم كما جاء في الايتين الثامنة والتاسعة من سورة المرسلات ( فإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ * واذا السماء فرجت ) و بالتالي ينتهي مجال الجاذبية المؤثر على الكواكب فتنطمس النجوم وتضمحل ومن هذا نسمع في كل وقت عن ا نفجار نجم او افول نجم في السماء الا ان هذا لا يؤثر على التقديرات العظيمة لهذا الكون كون النجوم اشبه بقشة تسبح في بحر محيط و ينفطر نسيج الطاقة في السماء
( واذا السماء انفطرت ) سورة الانفطار الاية \ 1 أي تنشق السماء ( فاذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ) سورة الرحمن الاية \37 أي ان السماء ستنشق وانفراج السماء اوانفطارها او انشقاقها يعني تصدعها وكينونتها واهية وستكون عند انشقاقها اشبه بالوردة المتفتحة او مثل لوحة زيتية لوردة رسمت بدهان اوبالوان زيتية دهنية زاهية كما نراها بالعين المجردة وان هذه اللوحات التي ترسمها النجوم اثناء اوعند انهيارها وافولها تمثل قيامتها ولا تمثل يوم القيامة وانما هي صورة مصغرة لانهيارالسماء في ذلك اليوم أي ان في هذا اليوم قد تتبعثر الكواكب فيه وتنتثر في السماء تناثر حبات المسبحة حين ينقطع الخيط الرابط بينها وتصبح مثل الحصيا الناعمة المتبعثرة وهذا ما يفسره قول الحق تعالى (وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتثرت ) سورةالانفطار الاية \ 2 عند ذلك تفقد هذه الكواكب وما اليها جاذبيتها فتهوى الى الاسفل قال تعالى (والنجم اذا هوى ) سورة النجم الاية \ 1 ثم ينخسف القمر أي يحدث فيه خسوف عظيم يفقده بعض جاذبيته فيتخلخل الكون وينجذب بفعل الجاذبية الاقوى نحو الشمس فيلتصق بها ثم تتكور الشمس باذن ربها قال تعالى ( فاذا الشمس كورت * واذا النجوم انكدرت ) سورة التكويرالايتان\ 1و2 فالشمس ستتكور على نفسها وتلتف لتضع القمر في جوفها أي تجتمع مع القمر في كتلة واحدة وهذا ما بينه الله تعالى في قوله ( َوجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَر ) سورة القيامة الاية \9 وقد توصل علماء الغرب الى بحوثً جديدة عن إمكانية ابتلاع الشمس القمر في ا اجتماعهما ليكونا كتلة واحدة وأنهما لا بد يجتمعان مع بعضهما، اذن هنالك إمكانية علمية لحدوث مثل هذه الظاهرة التي حدثنا الله تبارك وتعالى عنها في كتابه الكريم و لتكون هذه الحقائق وهذه الآيات حقائق ثابتة لازمة الحدوث بحيث تصبح السموات واهية بعد ان تقطعت حبائكها او حبال وصلها واصبحت ضعيفة ايلة للذهاب في اقل
من لحظة .
اما في الارض فهناك جملة حقائق الاولى ان البحار بما فيها المحيطات ستنفجر وسبب هذا الانفجار سجورها قال تعالى(وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ( سورةالتكوير الاية \ 6 أي أحميت، والعرب تقول: سجر التنور، اذا رفعت درجة حرارته، ولكي نتمكن من تخيل هذا الأمر ونستطيع أن ندرك كيف سيحدث هذا الأمر، نقول إن الله أودع في أعماق هذه البحار شقوقاً وصدوعاً وأماكن تتدفق منها الحمم البركانية المنصهرة لترفع درجة حرارة الماء إلى درجات عالية جدا وكأن الماء ترتفع حرارته ويتم إحماؤه بشدة، فهذا المشهد لا يمثل يوم القيامة إنما هو صورة مصغرة عن ذلك اليوم، ولذلك فإن الله تبارك وتعالى أقسم بهذه الظاهرة الكونية العظيمة ظاهرة البحر المسجور قال الله تعالى
) والْبَحْرِ الْمَسْجُور * إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ) [الطور: 6-7
اما متى تقوم الساعة فهذا الامر حسمه الله تعالى بقوله ( هل ينظرون الا الساعة ان تاتيهم بغتة وهم لا يشعرون ) سورة الزخرف الاية\ 66وهذا يدل على أن الله تبارك وتعالى يكلمنا عن يوم القيامة بلغة الحقائق العلمية، ولو تأملنا آيات القرآن الكريم نلاحظ أن هنالك الكثير من الآيات التي تتحدث عن هذا الأمر. فكلمة (البحار) أثناء الحديث عن يوم القيامة ذكرت مرتان في القرآن الكريم فقط،الاولى في قوله تعالى في سورة التكوير: ((وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ) [التكوير: 6]. والثا نية في السورة التي تليها ( وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَت( سورة الانفطار الاية \ 3 ولوتأملنا هاتين السورتين نرى إعجازاً في تسلسل مراحل هذا الانفجار، فنحن نعلم انا إذا درسنا فيزياء المياه وتركيب هذه المياه،حيث أن الماء يتألف من ذرتين من الهيدروجين وذرة واحدة من الأوكسجين، وعندما ترتفع درجة حرارة الماء إلى حدود (مئة مئوية)، تتفكك هذه الذرات وتشكل مزيجاً غازياً شديد الانفجار وهذا ما يلاحظ حدوثه في المختبرات عندما قيامنا بوضع كمية من الماء في جهاز لنقوم بتحليله كهربائياً، نرى أن فقاعات الهيدروجين والأوكسجين تذهب وتتجمع، فهذا المزيج من الهيدروجين والأوكسجين، يقول العلماء عنه هو مزيج شديد الانفجار يعني يمكن أن ينفجر بأقل شرارة. وباسرع وقت فكيف بالبحار اذ ترتفع الاف الدرجات الحرارية اثناء هذه الظواهرالكونية العجيبة . ?
ولذلك فإن البحار الذي حدثنا الله تبارك وتعالى عنها وجعل قيعانها دائماً تتدفق منها الحمم المنصهرة وملايين الفوهات من البراكين وملايين الشقوق، وهنالك دائرة في قاع المحيطات يسميها العلماء دائرة النار، محاطة بحلقة كبيرة جداً تمتد لآلاف الكيلو مترات وتتدفق منها الحمم المنصهرة وكأننا نرى البحر يحترق أو يشتعل وفي هذا تثبيت لقول الله تبارك وتعالى ( وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ ) سورةالطور:\الاية السابعة
فانظروا كيف ربط البيان الإلهي بين البحر المحمَّى (المسجور) وبين عذاب الله للكافرين والجاحدين نعمه بنار جنهم، وأن عذاب الله سيكون أعظم من هذا المشهد بكثير، فعندما يأتي يوم القيامة سوف تشتعل البراكين في قاع المحيطات، وهذا ما يؤكده الان العلماء، وليس هذا كلاماً نظرياً، إنما هو كلام علمي، لأن هذه الألواح او الطبقات التي تغلف الأرض حيث اثبت العلماء ان قشرة الأرض رقيقة جداً، و أقل من 1% من قطر الأرض و هذه القشرة هي عبارة عن ألواح تتحرك باستمرار وكلما تحرك لوحان وابتعدا عن بعضهما تتدفق ملايين الأطنان من الصخور الملتهبة ودرجة حرارتها آلاف الدرجات المئوية. وتتدفق بكثرة عبر هذ ه الشقوق والصدوع الموجودة في الارض . وسوف يأتي زمن هو يوم القيامة تضطرب فيه حركة هذه القشرة الأرضية، وبعد ذلك سوف تزداد هذه الصدوع وتتدفق كميات كبيرة مما يعني أن البحر ستبلغ درجة حرارته آلاف الدرجات المؤية وتتفكك هذه الذرات من الماء إلى عناصرها الاصلية \الأوكسجين والهيدروجين ويتشكل ذلك المزيج المتفجر الذي ينفجر وبانفجاره يتحقق وعد الله تبارك وتعالى: (وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ)سورة الانفطار الاية \ 3
لو تأملنا أي انفجار ودرسناه فيزيائياً نلاحظ أن الانفجار لكي يحدث لا بد من ارتفاع في درجة الحرارة أي أن هنالك عملية تسخين أولاً، ثم يتبعها انفجار، وهذا ما حدثنا القرآن عنه: فقال في سورة التكوير أولاً: (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ) ثم في السورة التي تليها قا ل تعالى (وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ )إذاً.. التسجير والإحماء وارتفاع درجة الحرارة أولاً.. ثم التفجير.
وليس في ترتيب هاتين الآيتين أخطاء علمية أو أنه كما يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم أخطأ أو نسي فتارة يقول فجرت وتارة يقول سجرت كما قال الجاهليون من قبل . بل هناك تسلسل علمي من الله تبارك وتعالى أودعه لنا لنكتشفه في هذا العصر وليكون لنا دليلاً على صدق هذا القرآن العظيم وصدق يوم القيامة. ولذلك بعدما عدد لنا الله تعالى تلك الأحداث التي ستتم يوم القيامة من تكوير للشمس، وانكدار للنجوم، وتسجير البحار.... يقول:سبحانه وتعالى (علمت نَفْسٌ
مَا أَحْضَرَتْ ) الاية\ 14
وفي السورة التي تليها يقول الله تبارك وتعالى ( إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ * يَا أَيُّهَا الْإ ِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ماشاء ركبك ) سورة الانفطار الايات\ 1-8 وهنا نأتي إلى الهدف من ذكر هذه الحقائق،,و المخاطب دائماً بهذه الحقائق هو الإنسان، لأن هذا الإنسان هو المعني بهذا الخطاب الإلهي ليتذكر يوم القيامة ويعد له العدة، فالله تبارك وتعالى عندما يحدثنا عن هذا اليوم ويحدثنا عن حقائق علمية وظواهر كونية سوف تحدث، فالعلماء وما يكشفونه من حقائق وجميعهم يؤكدون أن هذه الظواهر ستحدث: الشمس ستتكور على نفسها.و النجوم سوف تنكدر وتنطفئ ثم تهوى وتختفي. والزلازل سوف تكثر والصواعق سوف تحدث فنحن اذا المت بنا عاصفة رعدية برقية ما طرة مصحوبة بهواء شديد كالتي تحدث اثناء المزن ربما نرتجف ونخاف هول البرق والرعد والرياح العاصفة فكيف بنا اذا رأينا الزلازل والبراكين تنفجر وتقذف بحممها وتزداد درجات الحرارة الى ما لا يطاق ويحيط بنا الغمام من كل مكان
اما حال الأرض فقد قال الله تعالى (فإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ)، حيث أنه يوجد الآن براكين تحت البحار والمحيطات بعضها انفجر سابقا وليس بعيد علينا بركان ايسيلاند التي انفجر قبل عشرة ايام ولايزال يقذف حممه وابخرته ودخانه الذي سد اقطار سماء اوربا كلها ووصل الى تركيا في اسيا ولايزال يتقد وانا اكتب هذه السطور . ويوم القيامة تتفجر هذه البراكين وبالتالي يخرج الحمم البركاني منها والذي يتألف من صخور ومعادن واتربة وغازات عالية الحرارة وشديدة و بما أن درجة حرارة هذه الحمم البركانية كبيرة جداً فإنها ترفع درجة هذه حرارة البحار والمحيطات و يبدأ ماء المحيطات بالتبخر - بعدما تتفجر وتغرق الارض ومن فيها وتندك الجبال وما عليها في الارض فتغدو متساوية مستوية -و يتحول كل شيء إلى غمام في جو سماء الأرض. قال تعالى (فارتقب يوم تاتي السماء بدخان مبين * يغشى الناس) سورة الدخان الايتان \10و11 ويغشى الناس أي يحيط بهم من كل جانب أي ان الانسان لا يرى غير الغمام والدخان محيط به من كل صوب و تختفي المحيطات و البحار يوم القيامة و تصبح الارض يابسة مستوية يتبخر كل ما فيها من ماء نتيجة خروج الحمم البركاني من تحتها لتكون مكانا لحشر الناس وحسابهم، ومن هنا يفهم قول الحق تعالى في الآية \48 من سورة إبراهيم (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ). حيث تبدل الأرض إلى أرض كلها يابسة مستوية غريبة عن معرفة الإنسان .
ويقول تبارك وتعالى (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الاَرْضُ أَثْقَالَهَا )سورة الزلزلة:الايتان \ 1-2] وفي ( أَثْقَالَهَا) هذه الكلمة التي تدل على أن في الأرض أشياء ثقيلة، ويؤكد العلماء انه كلما نزلنا في الأرض زادت كثافة المادة المكونه لها ، أي أن كثافة القشرة الأرضية أقل من الطبقة التي تليها، وكلما تعمقنا تزداد الكثافة إلى حدود كبيرة ولذلك يزداد ثقل هذه الطبقات، وهكذا نرى أن في قول الله تبارك وتعالى (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الاِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَها ( *سورة الزلزلةالايات \ 1-5]. أي اذا نفخ اسرافيل في بوقه باذن الله تعالى هلك كل من على الارض\ الانسان والحيوان والجماد ودكت الارض والجبال دكة واحدة فاصبحت مستوية وتفجرت البحار وارتفعت درجات حرارة الماء الاف الدرجات فسجرت البحار جراء البراكين وتعالت الابخرة وسحب الدخان حتى لتملا بين السماء والارض بكثافة عالية وتكون وقتها ان تكورت الشمس فابتلعت القمر وقيل وكل كواكب المجموعة الشمسية وتهاوت النجوم وتساقطت فيومئذ وقعت الواقعة وعاد الملك لله الواحد القهار كما بدء قال تعالى( ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الارض الا ما شاء الله)سورة الزمر الاية\ 68
ونجد في طيات هذه السورة القصيرة كل ما نبحث عنه وزيا دة
( القارعة * ما القارعة * وما ادراك ما القارعة* يوم يكون الناس كالفراش المبثوث * وتكمون الجبال كالعهن المنفوش * اما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية * واما من خفت موازينه * فامه هاوية * وما ادراك ماهي * نار حامية *) والله تعالى اعلم
يتبع
فالح نصيف الحجية
***********************