شذرات من السيرة النبوية المعطرة
25
بسم الله الرحمن الرحيم
وفي شهر ذي القعدة من السنة الخامسة للهجرة بعد ان تم امر بني قريظة اجيبت دعوة سعد بن معاذ وكان في خيمة في المسجد النبوي الشريف لاجل ان يعوده النبي صلى الله عليه وسلم عن قرب باستمرار فمرت عليه شاة فنكأت جرحه العميق فانتقض وانفجر من لبته فسال الدم غزيرا فتوفي فيه . فحملت جنازته الملائكة مع المسلمين واهتز عرش الرحمن لموته .
وبعدها انتدب من المسلمين خمسة من الخزرج ليحوزا شرف قتل ابورافع سلام بن ابي الحقيق رئيس يهود خيبر وتاجر اهل الحجاز واحد المؤلبين والمحركين للاحزاب ضد المسلمين فلما وصل هؤلاء الى حصنه في جهة خيبر مساءا قال قائدهم عبد الله بن عتيك:
- مكانكم فاني سانطلق الى الحصن واتلطف للبواب لعلي ادخل.
فاقبل حتى دنا من الباب ثم تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجته فهتف البواب به:
- يا عبد الله ان كنت تريد ان تدخل فا دخل فاني اريد ان اغلق الباب .
فدخل عبد الله بن عتيك واختبأ حتى نام الناس فأخذ المفاتيح وفتح الباب ليسهل عليه الهروب عند الحاجة فكان كلما فتح بابا اغلقه من الداخل خلفه على رأ ي انه كي لا يقدر احد لا يصل اليه لأنهم سيجدون الابواب مغلقة من الداخل فلما انتهى الى بيت سلام بن ابي الحقيق فاذا هو في بيت مظلم وسط عياله لايدري اين هو فناداه :
- يا ابا رافع يا ابا رافع .
قال : من هذا ؟؟؟
فاهوى نحو الصوت بالسيف وهو في دهشته فلم يصبه فخرج ثم جاء وقد غير صوته كأنه يغيثه وقال:
- ما هذا الصوت يا ابا رافع ؟؟
- فقال : لأمك الويل ان رجلا في البيت ضربني بالسيف.
فعمد اليه وضربه ضربة جرحته ثقيلا الا انه لم يمت فوضع السيف في بطنه ونام عليه من الخلف حتى اظهره من ظهره ثم خرج مسرعا يفتح الابواب التي قفلها واحدا واحدا وكان بصره ضعيفا والليل مقمرا فظن انه وصل الى الارض فقدم رجله فوقع من السلم فجرحت رجله فشدها بعمامته واختفى عند الباب فلما اصبح الصباح سمع رجلا فوق السور ينادي بوفاة ابي رافع تاجر اهل الحجاز فعرف انه مات فجاء الى اصحابه ثم رجعوا الى المدينة فجائوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثوه بما حدث فمسح النبي صلى الله عليه وسلم رجل عبد الله فشفيت فكأنها لم يشتكي منها ابدا .
اما ابو لبابة فقد ربط نفسه بجذع اتخذ سارية في المسجد النبوي ومضى عليه ست ليال تاتي زوجته كي تحله للصلاة ثم يعود فيربط نفسه بعدها بالجذع ثم نزلت توبته في بيت ( ام سلمة) فبشرته بها فجاؤوا الناس ليطلقوه فأبى حتى يطلقه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ففعل حين مر عليه في صلاة الفجر .
وفي المحرم من السنة السادسة للهجرة خرج ثمامة بن اثال سيد اليمامة يريد اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم بامر من مسيلمة الكذاب وكان ثمامة اشد الناس كراهية للنبي صلى الله عليه وسلم و للاسلام . وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد ارسل سرية من ثلاثين فارسا بأمرة محمد بن مسلمة لتاديب بني كلاب بن بكر الساكني في ناحية ( ضرية ) على مسافة سبعة ليال من المدينة في طريق البصرة فلما كانوا راجعين وجدوا ثمامة في طريقهم فاسروه وجاؤوا به الى المدينة المنورة وربطوه في سواري المسجد فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال له :
-( ماعندك ياثمامة ؟؟)
فقال : عندي خيرا يامحمد ان تقتل تقتل ذا دم وان تنعم تنعم على شاكر وان كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت .
فتركه النبي صلى الله عليه وسلم مشدودا ومشى.
ثم مر به في اليوم الثاني فدار بينهما نفس الحديث .
ثم في اليوم الثالث دار بينهما نفس الحديث فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
- اطلقوا ثمامة .
فاطلقوه فاغتسل واسلم فقال للنبي صلى الله عليه وسلم :
- والله ما كان على ظهر الارض من وجه ابغض الي من وجهك فقد اصبح وجهك احب الوجوه الي ووالله ما كان على وجه الارض من دين ابغض الي من دينك فاصبح دينك احب الاديان الي .
وعند العودة ذهب ثمامة الى مكة معتمرا فلاموه مشركو مكة على اسلامه فقال لهم:
- والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى ياذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما انصرف الى اليمامة راجعا منع بيع الحنطة الى تجار مكة واهلها فتعبوا واستشرى الغلاء حتى كتبوا الى النبي صلى الله عليه وسلم يتوسلونه ويسأ لونه الرحمة في ارحامهم ان يكتب الى ثمامة بالسماح بيع الحنطة لهم ففعل.
وفي ربيع الاول من السنة السادسة للهجرة خرج النبي صلى الله عليه وسلم يريد غزو بني لحيان وهم الذين قتلوا المسلمين ب ( الرجيع) - كما بينت سابقا - وكانوا متوغلين في الحجاز الى حدود ( عسفان ) فأخر النبي صلى الله عليه وسلم امرهم الى ان تسنح الفرصة فخرج اليهم في ما ئتين من الصحابة ومعهم عشرين فرسا بعد ان استعمل ابن ام مكتوم على المدينة فاسرع اليها السير حتى بلغ ( بطن غران ) وهو وادي بين ( امج وعسفان ) حيث كان مصرع صحابته صلى الله عليه وسلم فترحم عليهم ودعا لهم واقام فيها يومين .
اما بنو لحيان فلما سمعوا بالخبر فروا الى رؤوس الجبال لذا لم يجدوا احدا فارسل عشرة فرسان الى عسفان لتسمع بهم قريش فيداخلهم الخوف والرعب فذهبوا الى ( كراع الغميم) .
ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة بعد ان غاب عنها اربع عشرة ليلة .
وفي جمادي الاولى من السنة ذاتها بعث النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة الى ( العيص ) ومعه ومائة وسبعين راكبا بغية اعتراض عير لقريش قادمة من الشام كان يرأسها ابو العاص بن الربيع زوج ( زينب) ابنة النبي فوصلوا اليها وغنموها واسروا رجالها وأفلت ابو العاص فجاء الى المدينة ثم استجار ( بزينب) ورجاها ان تتوسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسأله ان يرد عليه اموال العير ففعلت ورجت اباها فوافق النبي صلى الله عليه وسلم ورد عليه كل ما كان فيها .
ابو العاص من ابطال مكة المعدودين ورجالها - تجارة ومالا وامانة فرجع الى مكة وأدى الامانات الى اصحابها ثمن اعلن اسلامه ثم هاجر الى المدينة فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم( زينب ) .
ثم ارسل النبي صلى الله عليه وسلم عدة سرايا لبسط الامن في المدينة وما حولها وكبح جماح الاعداء حتى بسط الامن والامان في كل الربوع .
يتبع
فالح نصيف الحجية
الكيلاني
1-4-2012
************************