ابن الفارض
ولد الشاعر ابن الفارض بمصر سنة 576 هـ الموافق 1181م. ولما شب اشتغل بفقه الشافعية، وأخذ الحديث عن ابن عساكر. ثم سلك طريق الصوفية ومال إلى الزهد ثم رحل إلى مكة واعتزل في واد بعيد عنها. وفي عزلته تلك نظم معظم أشعاره في العشق الإلهي حتى لقب بسلطان العاشقين ثم عاد إلى مصر بعد خمسة عشر عامًا. اما اصله فمن مدينة حماة السورية .
توفي سنة\ 632 هـ - 1235م في مصر ودفن بجوار جبل المقطم في مسجده المشهور.
قـلـبي يُـحدثُني بأنك مُـتلفي
روحـي فِداك ، عرَفت أم لم تعرفِ
لم أقضِ حق هواكَ إن كنتَ الذي
لـم أقـض فيه أسى ومثلي مَن يفي
مـا لي سوى روحي وباذلُ نفسه
فـي حب من يهواه ليس بمسرفِ
فـلئن رضـيتَ بها فقد أسعفتني
يـا خيبة المسعى إذا لم تسعفِ !
يـامانعي طـيب المنام ومانحي
ثـوب الـسقام بـه ووَجدي المتلفِ
عـطفا على رمَقي وما أبقيتَ لي
من جسمي المضنى وقـلبي المُدنفِِ
فـالوجد بـاقٍ والوصال مماطلي
والـصبر فانٍ والـلقاء مسوِّفي
لم أخلُ من حسدٍ عليكَ فلا تُضِع
سهَري بتشنيع الخيالِ المُرجِفِ
واسأل نجوم الليل هل زار الكرى
جَـفني وكيف يزور من لم يعرفِ
لا غـرو إن شحّت بغمضٍ جفونها
عـيني وسـحّت بالدموع الذرّفِ
وبما جرى في موقف التوديع من
ألـم النوى شاهدتُ هول الموقفِ
إن لم يكن وصـلٌ لديكَ فعِد به
أملي وماطل إن وعدتَ ولا تفي
فـالمطلُ منك لديَّ إن عزَّ الوفا
يـخلو كـوصلٍ من حبيبٍ مسعفِ
ومن شعره في الغزل ايضا:
هو الحب فاسلم بالحشا مالهوى سهلُ
فما اختاره مضنـى به،ولـه عقـلُ
وعش خالياً ، فالحب راحتـه عنـا
ً وأولـهُ سـقـمً واخــرهُ قـتـلُ
ولكن الدي المـوت فيـه، صبابـةً
حياةٌ لمن أهوى، علي بها الفضـلُ
نصحتك علماً بالهوى ،والـذي أرى
مخالفتي ،فاختر لنفسِكَ مـا يخلـو
فإن شئتَ ان تحيا سعيداً، فمت بـه
شهيـداً ،وإلا فالغـرامُ لـه أهـلُ
فمن لم يمت في حبهُ لم يعـش بـه
ودون اجنتاءِ النحلِ ما جنتِ النحـلُ
وقل لقتيـل الحـبَ، وفيـتَ حقـهُ
وللمدعي : هيهات ما الكحلُ الكحلُ
تبـاً لقومـي ،إذ رأونـي متيـمـاً
وقالوا: بمن هذا الفتي مسهُ الخبـلُ
ارى حبها مجرى دمي في مفاصلي
فاصبح لي،عن كل شغلِ،بها شغـلُ
ويقول ايضا في الغزل :
في وصلها، عام لدي كل حظة
وساعة هجران علي كعام
أمنية ظفرت روحي بها زمنا
واليوم أحسبها أضغاث أحلام
أما على نظرة منه أسر بها
فإن أقصى مرامي رؤية الرامي
إن أسعد الله روحي في محبته
وجسمها بين أرواح وأجسام
*********************************