اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني

الحضارة الاسلامية باشراف المهندس خالدصبحي الكيلاني والباحث جمال الدين فالح الكيلاني


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

الفصل السابع القسم الثاني

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

1 الفصل السابع القسم الثاني Empty الفصل السابع القسم الثاني الأربعاء مارس 23, 2022 4:20 pm

فالح الحجية

فالح الحجية
Admin



فيقول البارودي في معارضته لقصيدة النابغة الذبياني :

ظَنَّ الظُّنُونَ فَبَاتَ غَيْرَ مُوَسَّدِ
حَيْرَانَ يَكْلأ مُسْتَنِيرَ الْفَرْقَدِ

تُلْوِي بِهِ الذُّكُراتُ حَتَّى إِنَّهُ
لَيَظَلُّ مُلْقَى بَيْنَ أَيْدِي الْعُوَّدِ

طَوْراً يَهُمُّ بِأَن يَزِلَّ بِنَفْسِهِ
سَرَفاً وتَاراتٍ يَمِيلُ عَلَى الْيَدِ

فَكَأَنَّمَا افْتَرَسَتْ بِطَائِرِ حِلْمِهِ
مَشْمُولَةٌ أَوْ سَاغَ سُمَّ الأَسْوَدِ

قالُوا غَداً يَوْمُ الرَّحِيلِ وَمَنْ لَهُمْ
خَوْفَ التَّفَرُّقِ أَنْ أَعِيشَ إِلَى غَدِ

هِيَ مُهْجَةٌ ذَهَبَ الْهَوَى بِشَغَافِهَا
مَعْمُودَةٌ إِنْ لَمْ تَمُتْ فَكَأَنْ قَدِ

يَا أَهْلَ ذا الْبَيْتِ الرَّفِيعِ مَنَارُهُ
أَدْعُوكُمُ يَا قَوْمُ دَعْوَةَ مُقْصَدِ

إِنِّي فَقَدْتُ الْيَوْمَ بَيْنَ بُيُوتِكُمْ
عَقْلِي فَرُدُّوهُ عَلَيَّ لأَهْتَدِي

أَوْ فَاسْتَقِيدُونِي بِبَعْضِ قِيَانِكُمْ
حَتَّى ترُدَّ إِلَيَّ نَفْسِي أَوْ تَدِي

بَلْ يَا أَخَا السَّيْفِ الطَّوِيلِ نِجَادُهُ
إِنْ أَنْتَ لَمْ تَحْمِ النَّزِيلَ فَأَغْمِدِ

هَذِي لِحَاظُ الْغِيدِ بَيْنَ شِعَابِكُمْ
فَتَكَتْ بِنَا خَلْساً بِغَيْرِ مُهَنَّدِ

مِنْ كُلِّ نَاعِمَةِ الصِّبَا بَدَوِيَّةٍ
رَيَّا الشَّبابِ سَلِيمَةِ الْمُتَجَرّدِ

هَيْفَاءَ إِنْ خَطَرَتْ سَبَتْ وإِذَا رَنَتْ
سَلَبَتْ فُؤَادَ الْعَابِدِ الْمُتَشَدِّدِ

يَخْفِضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ تَخَتُّلاً
لِلنَّفْسِ فِعْلَ الْقَانِتَاتِ الْعُبَّدِ

فَإِذَا أَصَبْنَ أَخَا الشَّبَابِ سَلَبْنَهُ
وَرَمَيْنَ مُهْجَتَهُ بِطَرْفٍ أَصْيَدِ

وَإِذَا لَمَحْنَ أَخَا الْمَشِيبِ قَلَيْنَهُ
وَسَتَرْنَ ضَاحِيَةَ الْمَحَاسِنِ بِالْيَدِ

فَلَئِنْ غَدَوْتُ دَرِيئَةً لعُيُونِهَا
فَلَقدْ أَفُلُّ زَعَارَةَ الْمُتَمَرِّدِ

وَلَقَدْ شَهِدْتُ الْحَرْبَ في إِبَّانِهَا
وَلَبِئْسَ رَاعِي الْحَيِّ إِنْ لَمْ أَشْهَدِ

تَتَقَصَّفُ الْمُرَّانُ فِي حَجَراتِهَا
وَيَعُودُ فِيها السَّيْفُ مِثْلَ الأَدْرَدِ

عَصَفَتْ بها رِيحُ الرَّدَى فَتَدَفَّقَتْ
بِدَمِ الْفَوَارِسِ كَالأَتِيِّ الْمزْبِدِ

مَا زِلْتُ أَطْعَنُ بَيْنَها حَتَّى انْثَنَتْ
عَنْ مِثْلِ حَاشِيَةِ الرَّدَاءِ الْمُجْسَدِ

وَلَقَدْ هَبَطْتُ الْغَيْثَ يَلْمَعُ نَوْرُهُ
فِي كُلِّ وَضَّاحِ الأَسِرَّةِ أَغْيَدِ

تَجْرِي بِهِ الآرَامُ بَيْنَ مَنَاهِلٍ
طَابَتْ مَوَارِدُهَا وَظِلٍّ أَبْرَدِ

بِمُضَمَّرٍ أَرِنٍ كَأَنَّ سَرَاتَهُ
بَعْدَ الْحَمِيمِ سَبِيكَةٌ مِنْ عَسْجَدِ

خَلَصَتْ لَهُ الْيُمْنَى وَعَمَّ ثَلاثَةً
مِنْهُ الْبَيَاضُ إِلَى وَظِيفٍ أَجْرَدِ

فَكَأَنَّمَا انْتَزعَ الأَصِيلَ رِدَاءَهُ
سَلَباً وَخَاضَ مِنَ الضُّحَى فِي مَوْرِدِ

زَجِلٌ يُرَدِّدُ فِي اللَّهَاةِ صَهِيلَهُ
رَفْعاً كَزَمْزَمَةِ الْحَبِيِّ الْمُرْعِدِ

مُتَلَفِّتَاً عَنْ جَانِبَيهِ يَهُزُّهُ
مَرَحُ الصِّبَا كَالشَّارِبِ الْمُتَغَرِِّد

فإِذَا ثَنَيْتَ لَهُ الْعِنَانَ وَجَدْتَهُ
يَمْطُو كَسِيدِ الرَّدْهَةِ الْمُتَوَرِّدِ

وإِذَا أَطَعْتَ لَهُ الْعِنَانَ رَأَيْتَهُ
يَطْوِي الْمَهَامِهَ فَدْفَداً فِي فَدْفَدِ

يَكْفِيكَ مِنْهُ إِذَا أَحَسَّ بِنَبْأَةٍ
شَدُّ كَمَعْمَعَةِ الأَباءِ الْمُوقَدِ

صُلْبُ السَّنابِكِ لا يَمُرُّ بِجَلْمَدٍ
فِي الشَّدِّ إِلَّا رَضَّ فِيهِ بِجَلْمَدِ

نِعْمَ الْعَتَادُ إِذَا الشِّفَاهُ تَقَلَّصَتْ
يومَ الْكَرِيهَةِ في الْعَجَاجِ الأَرْبَدِ

وَلَقَدْ شَرِبْتُ الْخَمْرَ بَيْنَ غَطارِفٍ
شُمِّ الْمَعَاطِسِ كَالْغُصُونِ الْمُيَّدِ

يَتَلاعَبُونَ عَلَى الْكُؤوسِ إِذَا جَرَتْ
لَعِباً يَرُوحُ الْجِدُّ فِيهِ وَيَغْتَدِي

لا يَنْطِقُونَ بِغَيْرِ ما أَمَرَ الْهَوَى
فَكَلامُهُمْ كَالرَّوْضِ مَصْقُولٌ نَدِي

مِنْ كُلِّ وَضَّاحِ الْجَبينِ كَأَنَّهُ
قَمَرٌ تَوَسَّطَ جُنْحَ لَيْلٍ أَسْوَدِ

بَلْ رُبَّ غَانِيَةٍ طَرَقْتُ خِبَاءَهَا
وَالنَّجْمُ يَطْرِفُ عَنْ لَواحِظِ أَرْمَدِ

قَالَتْ وَقَدْ نَظَرَتْ إِلَيَّ فَضَحْتَنِي
فَارْجِعْ لِشَأْنِكَ فَالرِّجَالُ بِمَرْصَدِ

فَخَلَبْتُهَا بِالْقَولِ حَتَّى رُضْتُها
وَطَوَيْتُهَا طَيَّ الْحَبِيرَةِ بِالْيَدِ

مَا زِلْتُ أَمْنَعُهَا الْمَنامَ غَوايَةً
حَتَّى لَقَدْ بِتْنَا بِلَيْلِ الأَنْقَدِ

رَوْعَاءُ تَفْزَعُ مِنْ عَصَافِيرِ الضُّحَى
تَرَفاً وَتَجْزَعُ مِنْ صِيَاحِ الْهُدْهُدِ

حَتَّى إِذا نَمَّ الصَّبَا وَتَتَابَعَتْ
زِيَمُ الْكَواكِبِ كَالْمَهَا الْمُتَبَدِّدِ

قَالَتْ دَخَلْتَ وَمَا إِخَالُكَ بَارِحاً
إِلَّا وَقَدْ أَبْقَيْتَ عَارَ الْمُسْنَدِ

فَمَسَحْتُهَا حَتَّى اطْمَأَنَّ فُؤَادُها
وَنَفَيْتُ رَوْعَتَهَا بِرَأْيٍ مُحْصَدِ

وَخَرَجْتُ أَخْتَرِقُ الصُّفُوفَ مِنَ الْعِدَا
مُتَلَثِّمَاً وَالسَّيْفُ يَلْمَعُ فِي يَدِي

فَلَنِعْمَ ذَاكَ الْعَيْشُ لَوْ لَمْ يَنْقَضِ
وَلَنِعْمَ هَذَا الْعَيْشُ إِنْ لَمْ يَنْفَدِ

يَرْجُو الْفَتَى فِي الدَّهْرِ طُولَ حَيَاتِهِ
وَنَعِيمِهِ وَالْمَرْءُ غَيْرُ مُخَلَّدِ

ومن معارضاته للشاعر المتنبي يقول المتنبي في قصيدته الهائية :


أَوَدُّ مِنَ الأَيّامِ مالا تَــــوَدُّهُ
وَأَشكو إِلَيها بَينَنا وَهيَ جُندُهُ

يُباعِدنَ حِبّاً يَجتَمِعنَ وَوَصلُهُ
فَكَيفَ بِحِبٍّ يَجتَمِعنَ وَصَدُّهُ

أَبى خُلُقُ الدُنيا حَبيباً تُديمُهُ
فَما طَلَبي مِنها حَبيباً تَرُدُّهُ

وَأَسرَعُ مَفعولٍ فَعَلتَ تَغَيُّراً
تَكَلُّفُ شَيءٍ في طِباعِكَ ضِدُّهُ

رَعى اللَهُ عيساً فارَقَتنا وَفَوقَها
مَهاً كُلُّها يولى بِجَفنَيهِ خَدُّهُ

بِوادٍ بِهِ ما بِالقُلوبِ كَأَنَّهُ
وَقَد رَحَلوا جيدٌ تَناثَرَ عِقدُهُ

إِذا سارَتِ الأَحداجُ فَوقَ نَباتِهِ
تَفاوَحَ مِسكُ الغانِياتِ وَرَندُهُ

وَحالٍ كَإِحداهُنَّ رُمتُ بُلوغَها
وَمِن دونِها غَولُ الطَريقِ وَبُعدُهُ

وَأَتعَبُ خَلقِ اللَهِ مَن زادَ هَمُّهُ
وَقَصَّرَ عَمّا تَشتَهي النَفسُ وُجدُهُ

فَلا يَنحَلِل في المَجدِ مالُكَ كُلُّهُ
فَيَنحَلَّ مَجدٌ كانَ بِالمالِ عَقدُهُ

وَدَبِّرهُ تَدبيرَ الَّذي المَجدُ كَفُّهُ
إِذا حارَبَ الأَعداءَ وَالمالُ زَندُهُ

فَلا مَجدَ في الدُنيا لِمَن قَلَّ مالُهُ
وَلا مالَ في الدُنيا لِمَن قَلَّ مَجدُهُ

وَفي الناسِ مَن يَرضى بِمَيسورِ عَيشِهِ
وَمَركوبُهُ رِجلاهُ وَالثَوبُ جِلدُهُ

وَلَكِنَّ قَلباً بَينَ جَنبَيَّ مالـــــــــَهُ
مَدىً يَنتَهي بي في مُرادٍ أَحُدُّهُ

يَرى جِسمَهُ يُكسى شُفوفاً تَرُبُّهُ
فَيَختارُ أَن يُكسى دُروعاً تَهُدُّهُ

يُكَلِّفُني التَهجيرَ في كُلِّ مَهمَهٍ
عَليقي مَراعيهِ وَزادِيَ رُبدُهُ

وَأَمضى سِلاحٍ قَلَّدَ المَرءُ نَفسَهُ
رَجاءُ أَبي المِسكِ الكَريمِ وَقَصدُهُ

هُما ناصِرا مَن خانَهُ كُلُّ ناصِرٍ
وَأُسرَةُ مَن لَم يُكثِرِ النَسلَ جَدُّهُ

أَنا اليَومَ مِن غِلمانِهِ في عَشيرَةٍ
لَنا والِدٌ مِنــــهُ يُفَدّيهِ وُلـــــــــــــدُهُ

فَمَن مالِهِ مالُ الكَبيرِ وَنَفسُهُ
وَمَن مالِهِ دَرُّ الصَغيرِ وَمَهدُهُ

نَجُرُّ القَنا الخَطِيَّ حَولَ قِبابِهِ
وَتَردي بِنا قُبُّ الرِباطِ وَجُردُهُ

وَنَمتَحِنُ النُشّابَ في كُلِّ وابِلٍ
دَوِيُّ القِسِيِّ الفارِسِيَّةِ رَعدُهُ

فَإِلّا تَكُن مِصرُ الشَرى أَو عَرينُهُ
فَإِنَّ الَّذي فيها مِنَ الناسِ أُسدُهُ

سَبائِكُ كافورٍ وَعِقيانُهُ الَّذي
بِصُمِّ القَنا لا بِالأَصابِعِ نَقدُهُ

بَلاها حَوالَيهِ العَدُوُّ وَغَيرُهُ
وَجَرَّبَها هَزلُ الطِرادِ وَجِدُّهُ

أَبو المِسكِ لا يَفنى بِذَنبِكَ عَفوُهُ
وَلَكِنَّهُ يَفنى بِعُذرِكَ حِقــــــــدُهُ

فَيا أَيُّها المَنصورُ بِالجَدِّ سَعيُهُ
وَيا أَيُّها المَنصورُ بِالسَعيِ جَدُّهُ

تَوَلّى الصِبا عَنّي فَأَخلَفتُ طيبَهُ
وَما ضَرَّني لَمّا رَأَيتُكَ فَقدُهُ

لَقَد شَبَّ في هَذا الزَمانِ كُهولُهُ
لَدَيكَ وَشابَت عِندَ غَيرِكَ مُردُهُ

أَلا لَيتَ يَومَ السَيرِ يُخبِرُ حَرُّهُ
فَتَســأَلَهُ وَاللَيلَ يُخبِرُ بَردُهُ

وَلَيتَكَ تَرعاني وَحَيرانُ مُعرِضٌ
فَتَعلَمَ أَنّي مِن حُسامِكَ حَدُّهُ

وَأَنّي إِذا باشَرتُ أَمراً أُريدُهُ
تَدانَت أَقاصيهِ وَهانَ أَشَدُّهُ

وَما زالَ أَهلُ الدَهرِ يَشتَبِهونَ لي
إِلَيكَ فَلَمّا لُحتَ لي لاحَ فَردُهُ

يُقالُ إِذا أَبصَرتُ جَيشاً وَرَبُّهُ
أَمامَكَ رَبٌّ رَبُّ ذا الجَيشِ عَبدُهُ

وَأَلقى الفَمَ الضَحّاكَ أَعلَمُ أَنَّهُ
قَريبٌ بِذي الكَفِّ المُفَدّاةِ عَهدُهُ

فَزارَكَ مِنّي مَن إِلَيكَ اِشتِياقُهُ
وَفي الناسِ إِلّا فيكَ وَحدَكَ زُهدُهُ

يُخَلِّفُ مَن لَم يَأتِ دارَكَ غايَةً
وَيَأتي فَيَدري أَنَّ ذَلِكَ جُهدُهُ

فَإِن نِلتُ ما أَمَّلتُ مِنكَ فَرُبَّما
شَرِبتُ بِماءٍ يَعجِزُ الطَيرَ وِردُهُ

وَوَعدُكَ فِعلٌ قَبلَ وَعدٍ لِأَنَّهُ
نَظيرُ فَعالِ الصادِقِ القَولِ وَعدُهُ

فَكُن في اِصطِناعي مُحسِناً كَمُجَرِّبٍ
يَبِن لَكَ تَقريبُ الجَوادِ وَشَــــدُهُ

إِذا كُنتَ في شَكٍّ مِنَ السَيفِ فَاِبلُهُ
فَإِمّــــــــــــا تُنَفّيهِ وَإِمّا تُعِــــــدُّهُ

وَما الصارِمُ الهِندِيُّ إِلّا كَغَيرِهِ
إِذا لَم يُفارِقهُ النِجادُ وَغِمدُهُ

وَإِنَّكَ لَلمَشكورُ في كُلِّ حالَةٍ
وَلَو لَم يَكُن إِلّا البَشاشَةَ رِفدُهُ

فَكُلُّ نَوالٍ كانَ أَو هُوَ كائِنٌ
فَلَحظَةُ طَرفٍ مِنكَ عِندِيَ نِدُّهُ


وَما رَغبَتي في عَسجَدٍ أَستَفيدُهُ
وَلَكِنَّها في مَفخَرٍ أَســـــــــتَجِدُّهُ

يَجودُ بِهِ مَن يَفضَحُ الجودَ جودُهُ
وَيَحمَدُهُ مَن يَفضَحُ الحَمدَ حَمدُهُ

فَإِنَّكَ ما مَرَّ النُحوسُ بِكَوكَبٍ
وَقابَلتَهُ إِلّا وَوَجهُكَ سَعدُهُ

ويقول الشاعر محمود سامي البارودي معارضا قصيدة المتنبي هذه :


رَضِيتُ مِنَ الدُّنْيَا بِمـــــا لا أَوَدُّهُ
وَأَيُّ امْرِئٍ يَقْوَى عَلَى الدَّهْرِ زَنْدُهُ

أَحَاوِلُ وَصْلاً والصُّدُودُ خَصِيمُهُ
وَأَبْغِي وفَاءً والطَّبِيعــــَةُ ضِـــــدُّهُ

حَسِبْتُ الْهَوَى سَهْلاً وَلَمْ أَدْرِ أَنَّهُ
أَخُو غَدَرَاتٍ يَتْبَعُ الْهَزْلَ جِدُّهُ

تَخِفُّ لَهُ الأَحْلامُ وَهْيَ رَزِيْنَةٌ
وَيَعْنُو لَهُ مِنْ كُلِّ صَعْبٍ أَشَدُّهُ

وَمِنْ عَجَبٍ أَنَّ الْفَتَى وَهْوَ عَاقِلٌ
يُطِيعُ الْهَوَى فِيمَا يُنَافِيهِ رُشْدُهُ

يَفِرُّ مِنَ السُّلْوَانِ وَهْوَ يُرِيحُهُ
وَيَأْوِي إِلى الأَشْجَانِ وَهْيَ تَكدُّهُ

وَمَا الْحُبُّ إِلَّا حاكِمٌ غَيْرُ عَادِلٍ
إِذا رامَ أَمْراً لَم يَجِدْ مَنْ يَصُدُّهُ

لَهُ مِنْ لَفِيفِ الْغِيدِ جَيْشُ مَلاحَةٍ
تُغِيرُ عَلى مَثْوى الضَّمائِرِ جُنْدُهُ

ذَوَابِلُهُ قَامَاتُهُ وسُــــــــــــيُوفُهُ
لِحَاظُ الْعَذَارَى والْقَلائِدُ سَرْدُهُ

إِذَا مَاجَ بِالْهِيفِ الْحِسَانِ تَأَرَّجَتْ
مَسَالِكُهُ واشْتَقَّ فِي الْجَوِّ نَدُّهُ

فَأَيُّ فُؤادٍ لا تَذُوبُ حَصاتُهُ
غَرَاماً وَطَرْفٍ لَيْسَ يُقْذِيهِ سُهْدُهُ

بَلَوْتُ الْهَوَى حَتَّى اعْتَرَفْتُ بِكُلِّ مَا
جَهِلْتُ فَلا يَغْرُرْكَ فالصَّابُ شَهْدُهُ

ظَلُومٌ لَهُ في كُلِّ حَيٍّ جَرِيرَةٌ
يَضِجُّ لَهَا غَوْرُ الْفَضَاءِ وَنَجْدُهُ

إِذَا احْتَلَّ قَلْباً مُطْمَئِنَّاً تَحَرَّكَتْ
وَسَاوِسُهُ في الصَّدْرِ واخْتَلَّ وَكْدُهُ

فَإِنْ كُنْتَ ذَا لُبٍّ فَلا تَقْرَبَنَّهُ
فَغَيْرُ بَعيدٍ أَنْ يُصِيبَكَ حَــــــــــدُّهُ

وَقَدْ كُنْتَ أَوْلَى بِالنَّصِيحَةِ لَوْ صَغَا
فُؤَادِي وَلَكِنْ خَالَفَ الْحَزْمَ قَصْدُهُ

إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْءِ عَقْلٌ يَقُودُهُ
فَيُوشِكُ أَنْ يَلْقَى حُســــــــَاماً يَقُدُّهُ

لَعَمْرِي لَقَدْ وَلَّى الشَّبَابُ وَحَلَّ بِي
مِنَ الشَّيْبِ خَطْبٌ لا يُطَاقُ مَرَدُّهُ

فَأَيُّ نَعِيمٍ فِي الزَّمَانِ أَرُومُهُ
وَأَيُّ خَلِيلٍ لِلْوَفَـــــــــــــاءِ أُعِدُّهُ

وَكَيْفَ أَلُومُ النَّاسَ فِي الْغَدْرِ بَعْدَمَا
رَأَيْتُ شَــــــبابِي قَدْ تَغَيَّرَ عَهْدُهُ

وَأَبْعَدُ مَفْقُودٍ شَبَابٌ رَمَتْ بِهِ
صُرُوفُ اللَّيَالِي عِنْدَ مَنْ لا يَرُدُّهُ

فَمَنْ لِي بِخِلٍّ صَادِقٍ أَسْتَعِينُهُ
عَلَى أَمَلِي أَوْ نَاصِرٍ أَسْتَمِدُّهُ

صَحِبْتُ بَنِي الدُّنْيا طَوِيلاً فَلَم أَجِدْ
خَلِيلاً فَهَلْ مِنْ صَاحِبٍ أَسْتَجِدُّهُ

فَأَكْثَرُ مَنْ لاقَيْتُ لَمْ يَصْفُ قَلْبُهُ
وَأَصْدَقُ مَنْ وَالَيْتُ لَمْ يُغْنِ وُدُّهُ

أُطَالِبُ أَيَّامِي بِما لَيْسَ عِنْدَها
وَمَنْ طَلَبَ الْمَعْدُومَ أَعْيَاهُ وجْدُهُ

فَمَا كُلُّ حَيٍّ يَنْصُرُ الْقَوْلَ فِعْلُهُ
وَلا كُلُّ خِلٍّ يَصْدُقُ النَّفْسَ وَعْدُهُ

وَأَصْعَبُ مَا يَلْقَى الْفَتَى فِي زَمَانِهِ
صَحَابَةُ مَنْ يَشْفِي مِنَ الدَّاءِ فَقْدُهُ

وَلِلنُّجْحِ أَسْبَابٌ إِذَا لَمْ يَفُزْ بِها
لَبِيبٌ مِنَ الْفِتْيَانِ لم يُورِ زَنْدُهُ

وَلَكِنْ إِذَا لم يُسْعِدِ الْمَرءَ جَدُّهُ
عَلَى سَعْيِهِ لَمْ يَبْلُغ السُّؤْلَ جِدُّهُ

وَمَا أَنَا بِالْمَغْلُوبِ دُونَ مَرامِهِ
وَلَكِنَّهُ قَدْ يَخْذُلُ الْمَرْءَ جَهْدُهُ

ومَا أُبْتُ بِالْحِرْمَانِ إِلَّا لأَنَّنِي
أَوَدُّ مِنَ الأَيَّامِ مَا لا تَـــــــــوَدُّهُ

فَإِنْ يَكُ فَارَقْتُ الرِّضَا فَلَبَعْدَمَا
صَحِبْتُ زَماناً يُغْضِبُ الْحُرَّ عَبْدُهُ

أَبَى الدَّهْرُ إِلَّا أَنْ يَسُودَ وَضِيعُهُ
وَيَمْلِكَ أَعْنَاقَ الْمَطَالِبِ وَغْدُهُ

تَدَاعَتْ لِدَرْكِ الثَّأْرِ فِينَا ثُعَالُهُ
وَنَامَتْ عَلى طُولِ الْوَتِيرَةِ أُسْدُهُ

فَحَتَّامَ نَسْرِي فِي دَيَاجِير مِحْنَةٍ
يَضِيقُ بِهَا عَنْ صُحْبَةِ السَّيْفِ غِمْدُهُ

إِذَا المَرءُ لَمْ يَدْفَعْ يَدَ الجَوْرِ إِنْ سَطَتْ
عَلَيْهِ فَلا يَأْسَفْ إِذَا ضَاعَ مَجْدُهُ

وَمَنْ ذَلَّ خَوْف الْمَوْتِ كَانَتْ حَيَاتُهُ
أَضَرَّ عَلَيْهِ مِنْ حِمَــــــــــــامٍ يَؤُدُّهُ

وَأَقْتَلُ دَاءٍ رُؤْيَةُ العَيْنِ ظَالِمـــــــاً
يُسِيءُ وَيُتْلَى في الْمَحَافِلِ حَمْدُهُ

عَلامَ يَعِيشُ الْمَرءُ فِي الدَّهْرِ خَامِلاً
أَيَفْرَحُ فِي الدُّنْيَــــــــــا بِيَوْمٍ يَعُدُّهُ

يَرَى الضَّيْمَ يَغْشَاهُ فَيَلْتَذُّ وَقْعَـــــــــــهُ
كَذِي جَرَبٍ يَلْتَذُّ بِالْحَكِّ جِلــــــْدُهُ

إِذَا الْمَرءُ لاقَى السَّيْلَ ثُمَّتَ لَمْ يَعُجْ
إِلَى وَزَرٍ يَحْمِيــــــــــــــــهِ أَرْدَاهُ مَدُّهُ

عَفَاءٌ عَلَى الدُّنْيَا إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَعِشْ
بِهَا بَطَلاً يَحْمِي الْحَقِيقَةَ شَدُّهُ

مِنَ الْعَارِ أَنْ يَرْضَى الفَتَى بِمَذَلَّةٍ
وَفِي السَّيْفِ ما يَكْفِي لأَمْرٍ يُعِدُّهُ

وَإِنِّي امْرُؤٌ لا أَسْتَكِينُ لِصَوْلَةٍ
وإِنْ شَدَّ سَاقِي دُونَ مَسْعَايَ قِدُّهُ

أَبَتْ لِيَ حَمْلَ الضَّيْمِ نَفْسٌ أَبِيَّةٌ
وقَلْبٌ إِذَا سِيمَ الأَذَى شَبَّ وَقْدُهُ

نَمَانِي إِلَى الْعَلْيَاءِ فَرْعٌ تَأَثَّلَتْ
أَرُومَتُهُ فِي الْمَجْدِ وافْتَرَّ سَعْدُهُ

وَحَسْبُ الْفَتَى مَجْداً إِذَا طالَبَ الْعُلا
بِمَا كَانَ أَوْصَاهُ أَبُوهُ وَجـــــــــــــــــدُّهُ

إِذَا وُلِدَ الْمَوْلُودُ مِنَّـــــــــــــــا فَدَرُّهُ
دَمُ الصِّيدِ والْجُرْدُ الْعَنَاجِيجُ مَهْدُهُ

فَإِنْ عاشَ فَالْبِيدُ الدَّيَامِيمُ دَارُهُ
وإِنْ مَاتَ فَالطَّيْرُ الأَضَامِيمُ لَحْدُهُ

أَصُدُّ عَنِ الْمَرْمَى الْقَريبِ تَرَفُّعَاً
وأَطْلُبُ أَمْرَاً يُعْجِزُ الطَّيْرَ بُعْدُهُ

وَلا بُدَّ مِنْ يَوْمٍ تَلاعَبُ بِالْقَنَا
أُسُودُ الْوَغَى فيهِ وتَمْرَحُ جُرْدُهُ

يُمَزِّقُ أَسْتَارَ النَّواظِرِ بَرْقُهُ
وَيَقْرَعُ أَصْدَافَ الْمَسَامِعِ رَعْدُهُ

تُدَبِّرُ أَحْكَامَ الطِّعَانِ كُهُولُهُ
وَتَمْلِكُ تَصْرِيفَ الأَعِنَّةِ مُرْدُهُ

قُلُوبُ الرِّجَالِ الْمُسْتَبِدَّةِ أَكْلُهُ
وَفَيْضُ الدِّماءِ الْمُسْتَهِلَّةِ وِرْدُهُ

أُحَمِّلُ صَدْرَ النَّصْلِ فِيهِ سَرِيرَةً
تُعَدُّ لأَمْرٍ لا يُحَــــــــــــاوَلُ رَدُّهُ

فإِمَّا حَيَاةٌ مِثْلُ ما تَشْتَهِي الْعُلا
وإِمَّا رَدىً يَشْفِي مِنَ الدّاءِ وَفْدُهُ


ومن القصائد الرائعة قصيدة سلطان العاشقين ابن الفارض الجيمية في مدح الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم :










ابن الفارض




* هو أبو حفص شرف الدين عمر بن علي بن مرشد الحموي، أحد أشهر الشعراء المتصوفين، وكانت أشعاره غالبها في العشق الإلهي حتى أنه لقب بـ "سلطان العاشقين". والده من حماة في سوريا، الا انه هاجر إلى مصر وسكنها .

ولد الشاعر ابن الفارض بمصر سنة 576 هـ الموافق 1181م. ولما شب اشتغل بفقه الشافعية، وأخذ الحديث عن ابن عساكر. ثم سلك طريق الصوفية ومال إلى الزهد ثم رحل إلى مكة واعتزل في واد بعيد عنها. وفي عزلته تلك نظم معظم أشعاره في العشق الإلهي حتى لقب بسلطان العاشقين ثم عاد إلى مصر بعد خمسة عشر عامًا. اما اصله فمن مدينة حماة السورية .

توفي سنة\ 632 هـ - 1235م في مصر ودفن بجوار جبل المقطم في مسجده المشهور.

ومن شعره قصيدته الجيمية المشهورة وقد عارضها الشاعر محمود سامي البارودي:

قال الشاعر ابن الفارض:

ما بَيْنَ مُعْتَركِ الأحداقِ والمُهَجِ
أنا القَتِيلُ بلا إثــــــمٍ ولا حَرَجِ

ودّعتُ قبل الهوى روحي لما نَظَرْتَ
عينايَ مِنْ حُسْنِ ذاك المنظرِ البَهجِ

للَّهِ أجفانُ عَينٍ فيكَ ســــــــــــــــاهِرةٍ
شـــــــوقاً إليكَ وقلبٌ بالغَرامِ شَجِ

وأضلُعٌ نَحِلَتْ كادتْ تُقَوِّمُها
من الجوى كبِدي الحرّا من العِوَجِ

وأدمُعٌ هَمَلَتْ لولا التنفّس مِن
نارِ الهَوى لم أكدْ أنجو من اللُّجَجِ

وحَبّذَا فيكَ أسْقامٌ خَفيتَ بها
عنّي تقومُ بها عند الهوى حُجَجي

أصبَحتُ فيكَ كما أمسيَتُ مكْتَئِباً
ولم أقُلْ جَزَعاً يا أزمَةُ انفَرجي

أهْفُو إلى كلّ قَلْبٍ بالغرام لهُ
شُغْلٌ وكُلِّ لسانٍ بالهوى لَهِجِ

وكُلِّ سَمعٍ عن اللاحي به صَمَمٌ
وكلِّ جَفنٍ إلى الإِغفاء لم يَعُجِ

لا كانَ وَجْدٌ بِه الآماقُ جامـــــــــــدةٌ
ولا غرامٌ به الأشواقُ لم تَهِجِ

عذّب بما شئتَ غيرَ البُعدِ عنكَ تجدْ
أوفى محِبّ بما يُرضيكَ مُبْتَهجِ

وخُذْ بقيّةَ ما أبقَيتَ من رمَـــــــــقٍ
لا خيرَ في الحبّ إن أبقى على المُهجِ

مَن لي بإتلاف روحي في هوَى رَشَإٍ
حُلْوِ الشمائل بالأرواحِ مُمتَزِجِ

مَن ماتَ فيه غَراماً عاشَ مُرْتَقِياً
ما بينَ أهلِ الهوَى في أرفع الدّرَجِ

مُحَجَّبٌ لو سَرى في مِثلِ طُرَّتِــــــهِ
أغنَتْهُ غُرّتُهُ الغَرّا عن السُّرُجِ

وإن ضَلِلْتُ بلَيْلٍ من ذوائِبـــــــهِ
أهدى لعيني الهدى صُبحٌ من البَلجِ

وإن تنَفّس قال المِســـــــــْكُ مُعْترفاً
لعارفي طِيبِه مِن نَشْرِهِ أَرَجي

أعوامُ إقبالِهِ كاليَّومِ في قِصَرٍ
ويومُ إعراضِه في الطّول كالحِججِ

فإن نأى سائراً يا مُهجَتي ارتحلي
وإن دَنا زائراً يا مُقلتي ابتهِجي

قُل للّذي لامني فيه وعنّفَني
دعني وشأني وعُد عن نُصْحك السمِجِ

فاللّوْمُ لؤمٌ ولم يُمْدَحْ بِهِ أحَـــــــــــــدٌ
وهل رأيتَ مُحِبّاً بالغــــــــرام هُجي

يا ساكِنَ القلبِ لا تنظُرْ إلى سكَني
وارْبَحْ فؤادك واحذَرْ فتنةَ الدّعجِ

يا صاحبي وأنا البَرّ الرّؤوفُ وقد
بذَلْتُ نُصْحِي بذاكَ الحيّ لا تَعُجِ

فيه خَلَعْتُ عِذَاري واطّرَحْتُ بِهِ
قَبولَ نُسْكيَ والمقبولَ من حِججي

وابيَضّ وجهُ غَرامي في محَبّتِهِ
واسْوَدّ وجْهُ ملامي فيه بالحُجَجِ

تبارَكَ اللَّهُ ما أحلى شــــــــــمائلَهُ
فكمْ أماتَتْ وأحْيَتْ فيه من مُهَجِ

يهوي لذِكْرِ اسمه مَنْ لَجّ في عَذَلِي
سَمعي وإن كان عَذلي فيه لم يَلِجِ

وأرحَمُ البرْقَ في مَسراهُ مُنْتَسِباً
لثَغْرِهِ وهوَ مُسْتَحيٍ من الفلَجِ

تراهُ إن غابَ عنّي كُلُّ جارحـــــــــةٍ
في كلّ مَعنى لطيفٍ رائقٍ بَهجِ

في نغْمَةِ العودِ والنّايِ الرّخيم إذا
تَألّقا بينَ ألحانٍ من الهَزَجِ

وفي مَسَارحِ غِزْلاَنِ الخمائلِ في
بَرْدِ الأصائلِ والإِصباحِ في البلَجِ

وفي مَساقط أنْداء الغَمامِ على
بِساط نَوْر من الأَزهارِ مُنْتَسِجِ

وفي مساحِب أذيالِ النّسيم إذا
أهْدى إليّ سُحَيْراً أطيَبَ الأرَجِ

وفي التِثاميَ ثَغْرَ الكاسِ مُرْتَشِفَاً
ريقَ المُدامة في مُسْتَنْزَهٍ فَرِجِ

لم أدرِ ما غُرْبَةُ الأوطان وهو معي
وخاطري أين كنّا غيرُ مُنْزَعِجِ

فالدّارُ داري وحُبّي حاضرٌ ومتى
بدا فمُنْعَرَجُ الجرعاء مُنْعَرَجي

ليَهْنَ رَكْبٌ سَرَوا ليلاً وأنتَ بهم
بسَيرِهم في صباحٍ منكَ مُنْبَلِجِ

فلْيَصْنَع الرّكْبُ ما شاؤوا بأنفسهِم
هم أهلُ بدرٍ فلا يخشونَ من حرَجِ

بحَقّ عِصيانيَ اللّاحي عليك وما
بأضلُعي طاعةً للوَجْدِ من وهَجِ

انْظُر إلى كبِـــــــــــدٍ ذابت عليكَ جَوىً
ومُقْلَةٍ من نجيعِ الدّمع في لُجَجِ

وارحَمْ تَعَثُّرَ آمـــــــالي ومُرْتَجَعي
إلى خِداعِ تَمَنّي الوَعْدِ بالفرَجِ

واعْطِفْ على ذُلّ أطماعي بهَلْ وعسى
وامنُنْ عليّ بشرْح الصدر من حرَجِ

أهلاً بما لم أكُنْ أهْلاً لمَـــــــوقِعِه
قَوْلِ المُبَشِّرِ بعد اليأس بالفرَجِ


لكَ البِشــــــــــارةُ فاخْلَعْ ما عليكَ فقد
ذُكِرْتَ ثَمّ على ما فيكَ مِنْ عِوَجِ


فقال الشاعر محمود سامي البارودي قصيدته الجيمية التي يعارض فيها قصيدة ابن الفارض اعلاه :


يا صارِمَ اللَّحْظِ مَنْ أَغْرَاكَ بِالْمُهَجِ
حَتَّى فَتَكْتَ بِهَا ظُلْماً بِلا حَرَجِ

ما زالَ يَخْدَعُ نَفْسِي وَهْيَ لاهِيَةٌ
حَتَّى أَصَابَ سَوادَ الْقَلْبِ بِالدَّعَجِ

طَرْفٌ لَو أَنَّ الظُّبَا كَانَتْ كَلَحْظَتِهِ
يَومَ الْكَرِيهَةِ مَا أَبْقَتْ عَلَى وَدَجِ

أَوْحَى إِلَى القَلْبِ فانْقَادَتْ أَزِمَّتُهُ
طَوْعاً إِلَيْهِ وَخلَّانِي وَلَمْ يَعُجِ

فَكَيْفَ لِي بِتَلافِيهِ وَقَدْ عَلِقَتْ
بِهِ حَبائِلُ ذاكَ الشّــــــَادِنِ الْغَنِجِ

كَادَتْ تُذِيبُ فُؤادِي نارُ لَوْعَتِهِ
لَوْ لَمْ أَكُنْ مِنْ مَسِيلِ الدَّمْعِ في لُجَجِ

لَوْلا الْفَواتِنُ مِنْ غِزْلانِ كَاظِمَةٍ
مَا كانَ لِلْحُبِّ سُلْطَانٌ عَلَى المُهَجِ

فَهَلْ إِلَى صِلَةٍ مِنْ غَادِرٍ عِدَةٌ
تَشْفِي تَبارِيحَ قَلْبٍ بِالْفِراقِ شَجِ

أَبِيتُ أَرْعَى نُجُومَ اللَّيْلِ في ظُلَمٍ
يَخْشى الضَّلالَةَ فيها كُلُّ مُدَّلِجِ

كَأَنَّ أَنْجُمَهُ والجَوُّ مُعتَــــــــكِرٌ
غِيدٌ بِأَخْبِيَةٍ يَنْظُرْنَ مِنْ فُرَجِ

لَيْلٌ غَيَاهِبُهُ حَيْـــــــــــرَى وأَنْجُمُهُ
حَسْرَى وَساعاتُهُ فِي الطُّولِ كالْحِجَجِ

كَأَنَّما الصُّبْحُ خافَ اللَّيْلَ حِينَ رَأَى
ظَلْمَاءَهُ ذاتَ أَسْــــــــــــدادٍ فَلَمْ يَلِجِ

فَلَيْتَ مَنْ لامَنِي لانَتْ شَكِيمَتُهُ
فَكَفَّ عَنِّي فُضُولَ الْمَنطِقِ السَّمِجِ

يَظُنُّ بِي سَفَهاً أَنِّي عَلَى سَرَفٍ
وَلا يَكَادُ يَرَى ما فِيهِ مِنْ عِوَجِ

فاعْدِلْ عَنِ اللَّوْمِ إِنْ كُنْتَ امْرَأً فَطِنَاً
فَاللَّوْمُ في الْحُبِّ مَعْدُودٌ مِنَ الْهَوَجِ

هَيْهَاتَ يَسْلُكُ لَوْمُ الْعَاذِلِينَ إِلَى
قَلْبٍ بِحُبِّ رسُـــــــــــولِ اللهِ مُمْتَزِجِ

هُوَ النَّبِيُّ الَّذي لَوْلا هِدَايَــــــــتُهُ
لَكانَ أَعْلَمُ مَنْ فِي الأَرْضِ كَالْهَمَجِ

أَنَا الَّذي بِتُّ مِنْ وَجْدِي بِرَوْضَتِهِ
أَحِنُّ َشْوقاً كَطَيْرِ الْبَانَةِ الْهَزِجِ

هَاجَتْ بِذِكْرَاهُ نَفْسِي فَاكْتَسَتْ وَلَهاً
وَأَيُّ صَبٍّ بِذِكْرِ الشَّوْقِ لَمْ يَهِجِ

فَمَا احْتِيَالِي وَنَفْسِي غَيْرُ صَابِرَةٍ
عَلَى البُعَادِ وَهَمِّي غَيْرُ مُنْفَرِجِ

لا أَسْتَطِيعُ بَرَاحاً إِنْ هَمَمْتُ وَلا
أَقْوَى عَلَى دَفْعِ مَا بِالنَّفْسِ مِنْ حِوَجِ

لَوْ كانَ لِلْمـــــَرْءِ حُكْمٌ فِي تَنَقُّلِهِ
مَا كانَ إِلَّا إِلَى مَغْنَاهُ مُنْعَرَجِي

فَهَلْ إِلَى صِلَةِ الآمَالِ مِنْ سَبَبٍ
أَمْ هَلْ إِلَى ضِيقَةِ الأَحْزَانِ مِنْ فَرَجِ

يَا رَبِّ بِالْمُصْطَفَى هَبْ لِي وَإِنْ عَظُمَتْ
جَرائِمِي رَحْمَةً تُغْنِي عَنِ الْحُجَجِ

وَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي فَإِنَّ يَدِي
مَغْلُولَةٌ وَصَباحِي غَيْرُ مُنْبَلِجِ

مَا لِي سِواكَ وَأَنْتَ الْمُسْتَعانُ إِذَا
ضَاقَ الزِّحَامُ غَدَاةَ المَوقِفِ الْحَرِجِ

لَمْ يَبْقَ لِي أَمَــــــــــــــلٌ إِلَّا إِلَيْكَ فَلا
تَقْطَعْ رَجَائِي فَقَدْ أَشْفَقْتُ مِنْ حَرَجِي

فالشاعر محمود سامي البارودي قد عارض من الشعراء الكثير وفي كل العصور الادبية وقد ذكرت في كتابي هذا له ثلاث معارضات الاولى للشاعر الجاهلي النابغة الذبياني والاخرى للشاعر المتنبي والثالثة للشاعر ابن الفارض واكتفي بهذا القدر من معارضاته الكثيرة .


**************************


https://falih.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى