اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني

الحضارة الاسلامية باشراف المهندس خالدصبحي الكيلاني والباحث جمال الدين فالح الكيلاني


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

معارضة ابن عبدون الاندلسي لقصيدة المتنبي

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

فالح الحجية

فالح الحجية
Admin


فقال ابن عبدون معارضاً المتنبي قصيدته اعلاه



ابن عبــــدو ن الاندلسي




* وابن عبدون هو أبو محمد هو عبد المجيد بن عبدون اليابري ذو الوزارتين وقد نسب إلى جده لأمه عبد المجيد بن عبد الله بن عبدون الفهري الأندلسي اليابري النحوي.

درس على ايدي علماء عصره أبي الحجاج الأعلم وعاصم بن أيوب وأبي مروان بن سراج، وله شعر رائع وجميل ومؤلف في الانتصار لأبي عبيد على ابن قتيبة، وكان من بحور الآداب

كتب في ديوان الإنشاء للمتوكل بن الأفطس صاحب بطليوس وأشبونة، وله فيهم مرثية باهرة مطلعها :

الدهـر يفجـع بعد العيـن بالأثـر
فمـا البكاء على الأشباح والصـور

وقال أبو بكر بن زهر فيه :

( دخل علينا رجل رث الهيئة ، كأنه بدوي
فقال : يا بني ، استأذن لي على الوزير أبي مروان
فقلت : هو نائم
فقال : ما هذا الكتاب ؟
قلت : وما سؤالك عنه ؟ !
هذا من كتاب الأغاني
فقال : تقابله؟
فقلت : ما هنا أصل .

قال: إني حفظته في الصغر ، فتبسمت ،
فقال : فأمسك علي ، فأمسكت ، فو الله ما أخطأ شيئا ، وقرأ نحوا من كراسين ، فقمت مسرعا إلى أبي فخرج حافيا وعانقه ، وقبل يده واعتذر ، وسبني وهو يخفض عليه ، ثم حادثه ، ووهبه مركوبا
ثم قلت : يا أبت ، من هذا ؟
قال: ويحك ! هذا أديب الأندلس ابن عبدون ، أيسر محفوظاته كتاب (الأغاني).

توفي ابن عبدون بمدينة (يابرة ) سنة سبع وعشرين وخمس مائة.

وقد عارض المتنبيفي قصيدته اليائية فقال :

وإني لاستحيي من المجد أن أرى
عليّ لمأمول سواك أياديـــــــــا

مَـضَـوا يَـظـلِمـونَ اللَيـلَ لا يَلبسونهُ

وَإِن كـانَ مِـسـكِـيّ الجَـلابـيـبِ ضـافِيا

يُـؤمّـونَ بـيـضـاً فـي الأَكِـنَّةـِ لَم تَزَل

قُــلوبُهُــم حُــبّــاً عَــلَيــهــا أَداحِـيـا

وَأَغــربَــةُ الظَـلمـاءِ تَـنـفُـضُ بَـيـنَهُـم

قَــوادِمَهــا مَــبــلَولَةً وَالخَــوافِــيــا

إِذا مَـرَقـوا مِـن بَـطـنِ لَيـلٍ رَقَت بِهِم

إِلى ظــهـرِ يَـومٍ عَـزمَـةٌ هِـيَ مـا هِـيـا

وَإِن زَعـزَعَـتـهُـم رَوعَةٌ زعزَعوا الدُجى

إِلَيــهــا كُــمــاةً وَالرِيـاح مَـذاكِـيـا

وَلَو أَنَّهـــا ضَـــلَّت لَكـــانَ أَمـــامَهــا

سَـنـا عـمـرٍ فـي فَـحـمَـةِ اللَيلِ هادِيا

وَصَــلَّت بِهِ الهَــيــجــا عَـلَيـهِ وَسَـلَّمَـت

فَـمـا اِرتَـضَـيـا حـاشاهُ ساقاً وَساقِيا

هُــمــامٌ أَقــامَ الحَــربَ وَهـيَ قَـعـيـدَةٌ

وَرَوّى القَـنـا فـيـهـا وَكـانَت صَوادِيا

شَــريـفُ المَـطـاوي تَـحـتَ خَـتـمِ ضُـلوعِهِ

تَـمـيـمَـةُ تَـقـوى رَدَّتِ الدَهـرَ صـاحِـيـا

إِذا قُــرِئَت لا بِــالنَــواظِــرِ طــبّـقـت

سُـرى أُخـتِهـا ذاتِ البُـروجِ مَـسـاعِـيـا

وَهَـديٌ لَو اِسـتَـشـفـى المُـعَـنّـى بِرَوحِهِ

لَمـا كـانَ بِـالوَجـدِ المُـبَـرِّحِ صـالِيـا

وَرِقَّةــُ طَــبــعٍ لَو تَـحَـلّى بِهـا الهَـوى

لأَعـدى عَـلى عَـصـرِ الشَبابِ البَواكِيا

إِلَيـهِ أَكـلتُ الأَرضَ بِـالعـيـسِ ثـائِرا

وَقَـد أَكَـلَت مِـنـها الذُرى وَالحَوامِيا

حَــوافِــيَ لا يُــنــعَــلنَ وَالبُـعـدُ آذن

عَـلى نَـفـسِهِ إِلّا الوَجـى وَالديـاجِـيا

فَـجـاءَتهُ لَم تُبصِر سِوى البِشر هادِياً

وَسَـلهُ وَلَم يَـسـمَـع سِوى الشُكرِ حادِيا

هَــوادٍ عَــلى أَعـجـازِهـا قـيـمُ النَـدى

فَــأَربــح بِـنـا مَـشـرِيَّ حَـمـدٍ وَشـارِيـا

أَلِكـنـي أَلِكـنـي وَالسِـيـادَةُ بَـيـنَـنـا

إِلى مـولَعٍ بِـالحَـمـدِ يَـشـريـهِ غـالِيا

إِلى آمِـرٍ فـي الدَهـرِ نـاهٍ إِذا قَـضـى

عَـلى كُـلِّ مَـن فـيـهـا أَطـاعـوهُ قاضِيا

وَحَـــيّـــوهُ لا راجــيــنَ رَجــعَ تَــحِــيَّةٍ

وَإِن كــانَ جــوداً لا يُــخَـيّـبُ راجِـيـا

إِلَيـكَ اِبـن سَـيـفـي يَـعـرُبٍ زَفَّ خـاطِري

عَـقـائِلَ لا تَـرضـى البُـروجَ مَـغـانِـيا

وَإِنّـي لِأَسـتَـحـيـي مِـنَ المَجدِ أَن أَرى

عَـــلَيَّ لِمَـــأمـــولٍ سِـــواكَ أَيـــادِيـــا

وَأَنّــي وقَــد أســلَفـتـنـي قَـبـلَ وَقـتِهِ

مِـنَ البـرِّ مـا حـازَت خُطاهُ الأَمانِيا

وَأَيـقَـظـتَ مِـن قَـدري وَمـا كانَ نائِماً

وَأَبـعَـدتَ مِـن ذِكـري وَمـا كـانَ دانِيا

وَلَكِـن نَـبـا مِـن حُـسـنِ رَأيِـكَ فـي يَدي

أَظُــنُّ حُــســامــاً لَم يَــجِـدنِـيَ تـالِيـا

وَلَو لَم يكُن ما خِفتُ لا خِفتَ لَم أَجِد

عَـلى غَـيـرِ مـا أَخـدَمـتنيهِ اللَيالِيا

إِلى مَـن إِذا لَم تـشكني أَنتَ وَالعُلا
أَكـونُ بِـمـا أَلقـى مـن الدَهـرَ شاكِيا

وَأَنـــتَ عَـــلى رَفــعــي وَوَضــعِــيَ حُــجَّةٌ

فَـكُـن بـي عَـلى أولاهُـمـا بِـكَ جـارِيا

وَمــا أَسَــفــي إِلّا عَــلى فَــوتِ رُتـبَـةٍ

عَهِــدتُــكَ فــيــهـا بـادِيـاً وَمُـبـادِيـا

وَكَــون مَــكــانـي مِـن سَـمـائِك عـاطِـلاً

وَلَولا مَـكـاني الدَهر ما كانَ حالِيا

وَإِنَّ كَــــســـادي رَأسَ أَلف صِـــنـــاعَـــةٍ

لَيَـتـرُكُ وَسـمـاً فـي السِـيـادَةِ بـادِيا

فَــرَدَّ المُــنـى خـضـراً تَـرفّ غُـصـونـهـا

بِــمَــبــســوطَـةٍ تَـنـدى نَـدىً وَعَـوالِيـا

عَــوالٍ إِذا مـا الطَـعـنُ هَـزَّ جُـذوعَهـا

تَـسـاقَـطَـتِ الهَـيـجـا عَـلَيـكَ مَـعـالِيـا

وَعــاوِن عَـلى اِسـتِـنـجـازِ طَـبـعٍ بِهَـبَّةٍ

تــرقّــصُ فــي أَلفــاظِهــنَّ المَـعـانِـيـا

وَأَجــعَــلُ أَرضَ الرومِ تَـجـلو تِـلاعُهـا

عَــلَيـكَ زَروداً وَالحِـمـى وَالمَـطـالِيـا

وَقَــد نَــشَـرَت مِـن ذي القُـروحِ وَخـالهُ

وَعَـمـرُو بـن كُـلثـومٍ عِـظـامـاً بَوالِيا

وَقــيــلَ لَهُـم مَـن ذا لَهـا فَـتَـخَـيَّروا

أَخــيـراً يَـبُـذُّ القـائِليـنَ الأَوالِيـا

فَـإِن نُـسِـقـوا عَـلى الوَلاءِ وَلَم يَـكُن

بِــذَلِكَ فَــاِجــعَــل مِــنـهُ ظِـلَّكَ عـارِيـا

وَعَـزَّ عَـلى العَـليـاءِ أَن يُلقِيَ العَصا

مُـقـيماً بِحَيثُ البَدر أَلقى المَراسِيا

وَمَــن قـامَ رَأيُ اِبـنِ المُـظَـفَّرِ بَـيـنَهُ

وَبَـيـنَ اللَيـالي نـامَ عَـنـهُـنَّ لاهِـيا



وكذلك عورضت قصيدة المتنبي ( ابو الطيب ) الرائية التي مدح بها ابو عامر الانطاكي من قبل الشاعر ابن عبدون .
يقول المتنبي فيها :

أُطاعِنُ خَيلاً مِن فَوارِسِها الدَهرُ
وَحيداً وَما قَولي كَذا وَمَعي الصَبرُ

وَأَشجَعُ مِنّي كُلَّ يَومٍ سَلامَتي
وَما ثَبَتَت إِلّا وَفي نَفسِـــــها أَمرُ

تَمَرَّستُ بِالآفاتِ حَتّى تَرَكتُها
تَقولُ أَماتَ المَوتُ أَم ذُعِرَ الذُعرُ

وَأَقدَمتُ إِقدامَ الأَتِيِّ كَأَنَّ لي
سِوى مُهجَتي أَو كانَ لي عِندَها وِترُ

ذَرِ النَفسَ تَأخُذ وُسعَها قَبلَ بَينِها
فَمُفتَرِقٌ جارانِ دارُهُما العُمرُ

وَلا تَحسَبَنَّ المَجدَ زِقّاً وَقَينَةً
فَما المَجدُ إِلّا السَيفُ وَالفَتكَةُ البِكرُ

وَتَضريبُ أَعناقِ المُلوكِ وَهامِها
لَكَ الهَبَواتُ السودُ وَالعَسكَرُ المَجرُ

وَتَركُكَ في الدُنيا دَوِيّاً كَأَنَّما
تَداوَلُ سَمعَ المَرءِ أَنمُلُهُ العَشرُ

إِذا الفَضلُ لَم يَرفَعكَ عَن شُكرِ ناقِصٍ
عَلى هِبَةٍ فَالفَضلُ فيمَن لَهُ الشُكرُ

وَمَن يُنفِقِ الساعاتِ في جَمعِ مالِهِ
مَخافَةَ فَقرٍ فَالَّذي فَعَـــــلَ الفَقرُ

عَلَيَّ لِأَهلِ الجَورِ كُلُّ طِمِرَّةٍ
عَلَيها غُلامٌ مِلءُ حَيزومِهِ غِمرُ

يُديرُ بِأَطرافِ الرِماحِ عَلَيهِمِ
كُؤوسَ المَنايا حَيثُ لا تُشتَهى الخَمرُ

وَكَم مِن جِبالٍ جُبتُ تَشهَدُ أَنَّني ال
جِبالُ وَبَحرٍ شاهِدٍ أَنَّني البَحرُ

وَخَرقٍ مَكانُ العيسِ مِنهُ مَكانُنا
مِنَ العيسِ فيهِ واسِطُ الكورِ وَالظَهرُ

يَخِدنَ بِنا في جَوزِهِ وَكَأَنَّنا
عَلى كُرَةٍ أَو أَرضُهُ مَعَنا سَفرُ

وَيَومٍ وَصَلناهُ بِلَيلٍ كَأَنَّما
عَلى أُفقِهِ مِن بَرقِهِ حُلَلٌ حُمرُ

وَلَيلٍ وَصَلناهُ بِيَومٍ كَأَنَّما
عَلى مَتنِهِ مِن دَجنِهِ حُلَلٌ خُضرُ

وَغَيثٌ ظَنَنّا تَحتُهُ أَنَّ عامِراً
عَلا لَم يَمُت أَو في السَحابِ لَهُ قَبرُ

أَوِ اِبنَ اِبنِهِ الباقي عَلِيَّ بنَ أَحمَدٍ
يَجودُ بِهِ لَو لَم أَجُز وَيَدي صِفرُ

وَإِنَّ سَحاباً جَودُهُ مِثلُ جودِهِ
سَحابٌ عَلى كُلِّ السَحابِ لَهُ فَخرُ

فَتىً لا يَضُمُّ القَلبُ هِمّاتِ قَلبِهِ
وَلَو ضَمَّها قَلبٌ لَما ضَمَّهُ صَدرُ

وَلا يَنفَعُ الإِمكانُ لَولا سَخائُهُ
وَهَل نافِعٌ لَولا الأَكُفُّ القَنا السُمرُ

قِرانٌ تَلاقى الصَلتُ فيهِ وَعامِرٌ
كَما يَتَلاقى الهِندُوانِيُّ وَالنَصرُ

فَجاءا بِهِ صَلتَ الجَبينِ مُعَظَّماً
تَرى الناسَ قُلّاً حَولَهُ وَهُمُ كُثرُ

مُفَدّى بِئاباءِ الرِجالِ سَمَيذَعاً
هُوَ الكَرَمُ المَدُّ الَّذي مالَهُ جَزرُ

وَما زِلتُ حَتّى قادَني الشَوقُ نَحوَهُ
يُسايِرُني في كُلِّ رَكبٍ لَهُ ذِكرُ

وَأَستَكبِرُ الأَخبارَ قَبلَ لِقائِهِ
فَلَمّا اِلتَقَينا صَغَّرَ الخَبَرَ الخُبرُ

إِلَيكَ طَعَنّا في مَدى كُلِّ صَفصَفٍ
بِكُلِّ وَآةٍ كُـــــــلُّ ما لَقِيَت نَحرُ

إِذا وَرِمَت مِن لَسعَةٍ مَرِحَت لَها
كَأَنَّ نَوالاً صَرَّ في جِلدِها النِبرُ

فَجِئناكَ دونَ الشَمسِ وَالبَدرِ في النَوى
وَدونَكَ في أَحوالِكَ الشَمسُ وَالبَدرُ

كَأَنَّكَ بَردُ الماءِ لا عَيشَ دونَهُ
وَلَو كُنتَ بَردَ الماءِ لَم يَكُنِ العِشرُ

دَعاني إِلَيكَ العِلمُ وَالحِلمُ وَالحِجى
وَهَذا الكَلامُ النَظمُ وَالنائِلُ النَثرُ

وَما قُلتُ مِن شِعرٍ تَكادُ بُيوتُهُ
إِذا كُتِبَت يَبيَضُّ مِن نورِها الحِبرُ

كَأَنَّ المَعاني في فَصاحَةِ لَفظِها
نُجومُ الثُرَيّا أَو خَلائِقُكَ الزُهرُ

وَجَنَّبَني قُربَ السَلاطينِ مَقتُها
وَما يَقتَضيني مِن جَماجِمِها النَسرُ

وَإِنّي رَأَيتُ الضُرَّ أَحسَنَ مَنظَراً
وَأَهوَنَ مِن مَرأى صَغيرٍ بِهِ كِبرُ

لِساني وَعَيني وَالفُؤادُ وَهِمَّتي
أَوُدُّ اللَواتي ذا اِسمُها مِنكَ وَالشَطرُ

وَما أَنا وَحدي قُلتُ ذا الشِعرَ كُلَّهُ
وَلَكِن لِشِعري فيكَ مِن نَفسِهِ شِعرُ

وَماذا الَّذي فيهِ مِنَ الحُسنِ رَونَقاً
وَلَكِن بَدا في وَجهِهِ نَحوَكَ البِشرُ

وَإِنّي وَإِن نِلتُ السَماءَ لَعالِمٌ
بِأَنَّكَ ما نِلتَ الَّذي يوجِبُ القَدرُ

أَزالَت بِكَ الأَيّامُ عَتبى كَأَنَّما
بَنوها لَها ذَنبٌ وَأَنـــــــــــــتَ لَها عُذرُ


ويقول ابن عبدون الاندلسي في معارضته للمتنبي :


الدَهرُ يُفجِعُ بَعدَ العَينِ بِالأَثَرِ
فَما البُكاءُ عَلى الأَشباحِ وَالصُوَرِ

أَنهاكَ أَنهاكَ لا آلوكَ مَوعِظَةً
عَن نَومَةٍ بَينَ ناب اللَيثِ وَالظُفرِ

فَالدَهرُ حَربٌ وَإِن أَبدى مُسالَمَةً
وَالبيضُ وَالسودُ مِثلُ البيضِ وَالسُمرِ

وَلا هَوادَةَ بَينَ الرَأسِ تَأخُذُهُ
يَدُ الضِرابِ وَبَينِ الصارِمِ الذكرِ

فَلا تَغُرَّنكَ مِن دُنياكَ نَومَتُها
فَما صِناعَةُ عَينَيها سِوى السَهَرِ

ما لِلَّيالي أَقالَ اللَهُ عَثرَتَنا
مِنَ اللَيالي وَخانَتها يَدُ الغيرِ

في كُلِّ حينٍ لَها في كُلِّ جارِحَةٍ
مِنّا جِراحٌ وَإِن زاغَت عَنِ النَظَرِ

تَسُرُّ بِالشيءِ لَكِن كَي تغرّ بِهِ
كَالأَيمِ ثارَ إِلى الجاني مِنَ الزَهرِ

كَم دَولَة ولِيَت بِالنَصرِ خدمَتها
لَم تُبقِ مِنها وَسَل ذِكراكَ مِن خَبَرِ

هَوَت بِدارا وَفَلَّت غَربَ قاتِله
وَكانَ عَضباً عَلى الأَملاكِ ذا أثرِ

وَاِستَرجَعَت مِن بَني ساسانَ ما وَهَبَت
وَلَم تَدَع لِبَني يونانَ مِن أَثَرِ

وَأَلحَقَت أُختَها طسماً وَعاد عَلى
عادٍ وَجُرهُم مِنها ناقِض المِرَرِ

وَما أَقالَت ذَوي الهَيئاتِ مِن يَمَنٍ
وَلا أَجارَت ذَوي الغاياتِ مِن مُضَرِ

وَمَزَّقَت سَبَأً في كُلِّ قاصِيَةٍ
فَما اِلتَـــــــــــقى رائِحٌ مِنهُم بِمُبتَكرِ

وَأَنفَذَت في كُلَيبٍ حُكمَها وَرَمَت
مُهَلهلاً بَينَ سَمعِ الأَرضِ وَالبَصَرِ

وَلَم تَرُدَّ عَلى الضَليلِ صِحَّتَهُ
وَلا ثَنَت أَسَداً عَن رَبِّها حُجرِ

وَدوّخَت آلَ ذُبيانٍ وَإِخوَتهُم
عَبساً وَغَصَّت بَني بَدرٍ عَلى النَهرِ

وَألحقَت بِعَدِيٍّ بِالعِراقِ عَلى
يَدِ اِبنِهِ أَحمَرَ العَينَينِ وَالشــــــعرِ

وَأَهلَكَت إِبرويزاً بِاِبنِهِ وَرَمَت
بِيَزدجردَ إِلى مَروٍ فَلَم يَحُــــــــــــرِ

وَبَلَّغت يَزدجردَ الصينَ وَاِختَزَلَت
عَنهُ سِوى الفرس جَمع التُركِ وَالخَزَرِ

وَلَم تَرُدَّ مَواضي رُستُمٍ وَقَنا
ذي حاجِبٍ عَنهُ سَعدا في اِبنَةِ الغيرِ

يَومَ القَليبِ بَنو بَدرٍ فَنوا وَسَعى
قَليبُ بَدرٍ بِمَن فيهِ إِلى سَقَرِ

وَمَزَّقَت جَعفَراً بِالبيضِ وَاِختَلَسَت
مِن غيلِهِ حَمزَةَ الظلّامِ لِلجُزُرِ

وَأَشرَفَت بِخبَيتٍ فَوقَ فارِعَةٍ
وَأَلصَقَت طَلحَةَ الفَيّاض بِالعفرِ

وَخَضَّبَت شَيبَ عُثمانٍ دَماً وَخَطَت
إِلى الزُبَيرِ وَلَم تَستَحي مِن عمرِ

وَلا رَعَت لِأَبي اليَقطان صُحبَتَهُ
وَلَم تُزَوّده إِلّا الضَيحَ في الغُمُرِ

وَأَجزَرَت سَيفَ أَشقاها أَبا حَسَنٍ
وَأَمكَنَت مِن حُسَينٍ راحَتي شَمِرِ

وَلَيتَها إِذ فَدَت عَمراً بِخارِجَةٍ
فَدَت عَليّاً بِمَن شاءَت مِنَ البَشَرِ

وَفي اِبنِ هِند وَفي اِبنِ المُصطَفى حَسَن
أَتَت بِمُعضِلَةِ الأَلبابِ وَالفِكرِ

فَبَعضُنا قائِلٌ ما اِغتالَهُ أَحَد
وَبَعضُنا ساكِتٌ لَم يُؤتَ مِن حَصَرِ

وَأَردت اِبنَ زِيادٍ بِالحُسَينِ فَلَم
يَبُؤ بِشِسعٍ لَهُ قَد طاحَ أَو ظُفُرِ

وَعَمَّمَت بِالظُبى فَودَي أَبي أَنَسٍ
وَلَم تَرُدَّ الرَدى عَنهُ قَنا زُفَرِ

أَنزَلت مُصعَباً مِن رَأسِ شاهِقَةٍ
كانَت بِها مُهجَةُ المُختارِ في وَزَرِ

وَلَم تُراقب مَكانَ ابن الزُبَيرِ وَلا
راعَت عِياذَتهُ بِالبَيتِ وَالحَجَرِ

وَأَعمَلَت في لَطيمِ الجِنِّ حيلَتَها
وَاِستَوسَقَت لِأَبي الذبّانِ ذي البَخَرِ

وَلَم تَدَع لِأَبي الذبّانِ قاضِبهُ
لَيسَ اللَطيمُ لَها عَمرو بِمُنتَصِرِ

وَأَحرَقتُ شِلوَ زَيدٍ بعدَما اِحتَرَقَت
عَلَيهِ وَجداً قُلوبُ الآيِ وَالسُوَرِ

وَأَظفَرَت بِالوَليدِ بنِ اليَزيدِ وَلَم
تُبقِ الخِلافَةَ بَينَ الكَأسِ وَالوَتَرِ

حَبابَة حَبُّ رُمّانٍ أُتيحَ لَها
وَأَحمَرٌ قَطَّرَتهُ نَفحَةُ القطــــــــــرِ

وَلَم تَعُد قُضُبُ السفاحِ نائِيَةً
عَن رَأسِ مَروانَ أَو أَشياعِهِ الفُجُرِ

وَأَسبَلَت دَمعَةَ الروحِ الأَمينِ عَلى
دَم بِفخٍّ لِآلِ المُصطَفى هَـــــــــــدرِ

وَأَشرَقَت جَعفَراً وَالفَضلُ يَنظُرُهُ
وَالشَيخُ يَحيى بريق الصارِمِ الذَكَرِ

وَأَخفَرَت في الأمينِ العَهدِ وَاِنتَدَبَت
لِجَعفَرٍ بِاِبنِهِ وَالأَعبُدِ الغُــــــــــــدُرِ

وَما وَفَت بِعُهودِ المُستَعينِ وَلا
بِما تَأَكَّدَ لِلمُعتَزِّ مِن مِـــــــــــرَرِ

وَأَوثَقَت في عُراها كُلَّ مُعتَمدٍ
وَأَشــــــــــرَقَت بِقَذاها كُلَّ مُقتَدِرِ

وَرَوَّعت كُلَّ مَأمونٍ وَمُؤتَمنٍ
وَأَسلَمَت كُلّ مَنصورٍ وَمُنتَصِرِ

وَأَعثَرَت آلَ عَبّادٍ لَعاً لَهُمُ
بِذَيلِ زَبّاءَ لَم تنفِر مِنَ الذُعرِ

بَني المُظَفَّرِ وَالأَيّامُ لا نَزَلَت
مَراحِل وَالوَرى مِنها عَلى سَفَرِ

سُحقاً لِيَومِكُم يَوماً وَلا حَمَلَت
بِمِثلِهِ لَيلَةٌ في غابِرِ العُمُرِ

مَن لِلأَسرَّةِ أَو مَن لِلأَعِنَّةِ أَو
مَن لِلأَسِنَّةِ يُهديها إِلى الثغرِ

مَن لِلظُبى وَعَوالي الخَطِّ قَد عُقِدَت
أَطرافُ أَلسنِها بِالعيِّ وَالحَصَرِ

وَطَوَّقَت بِالمَنايا السودِ بيضَهُمُ
فَاِعجَب لِذاكَ وَما مِنها سِوى الذِكرِ

مَن لِليَراعَةِ أَو مَن لِلبَراعَةِ أَو
مَن لِلسَماحَةِ أَو لِلنَفعِ وَالضَرَرِ

أَو دَفع كارِثَةٍ أَو رَدع آزِفَةٍ
أَو قَمع حادِثَةٍ تَعيا عَلى القُدَرِ

وَيبَ السَماحِ وَوَيبَ البَأسِ لَو سَلِما
وَحَسرَةُ الدينِ وَالدُنيا عَلى عُمَرِ

سَقَت ثَرى الفَضلِ وَالعَبّاسِ هامِيَةٌ
تُعزى إِلَيهِم سَماحاً لا إِلى المَطَرِ

ثَلاثَةٌ ما أَرى السعدانُ مِثلَهُمُ
وَأَخبَرَ وَلَو عُزّزوا في الحُوتِ بِالقَمَرِ

ثَلاثَةٌ ما اِرتَقى النِسرانِ حَيثُ رَقوا
وَكُلُّ ما طارَ مِن نَسر وَلَم يَطرِ

ثَلاثَة كَذَواتِ الدَهرِ مُنذُ نَأَوا
عَنّي مَضى الدَهرُ لَم يَربَع وَلَم يَحُرِ

وَمَرَّ مِن كُلِّ شَيءٍ فيهِ أَطيَبُهُ
حَتّى التَمَتُّعُ بِالآصالِ وَالبُكَرِ

أَينَ الجَلالُ الَّذي غَضّت مَهابَتهُ
قُلوبنا وَعُيونُ الأَنجُمِ الزُهُرِ

أَينَ الإِباءُ الَّذي أَرسَوا قَواعِدَهُ
عَلى دَعائِمَ مَن عِزٍّ وَمِن ظَفَرِ

أَينَ الوَفاءُ الَّذي أَصفَوا شَرائِعَهُ
فَلَم يَرِد أَحَدٌ مِنهـــــــا عَلى كَدَرِ

كانوا رَواسِيَ أَرضِ اللَهِ مُنذُ مَضوا
عَنها اِستَطارَت بِمَن فيها وَلَم تَقرِ

كانوا مَصابيحَها فَمُذ خَبَوا عَثَرَت
هَذي الخَليقَةُ يا للَّهِ في ســـــــَدَرِ

كانوا شَجى الدَهرِ فَاِستَهوَتهُم خدَعٌ
مِنهُ بِأَحلامِ عادٍ في خُطى الحَضَرِ

وَيلُ اِمّهِ مِن طَلوبِ الثَأرِ مُدرِكِهِ
مِنهُم بِأُسدٍ سُراةٍ في الوَغى صبرِ

مَن لي وَلا مَن بِهِم إِن أَظلمَت نُوَبٌ
وَلَم يَكُن لَيلُها يُفضي إِلى سَحَرِ

مَن لي وَلا من بِهِم إِن عُطِّلَت سُنَنٌ
وَأُخفِيَت أَلسُنُ الآثارِ وَالسِـــــــيَرِ

مَن لي وَلا مَن بِهِم إِن أُطبِقَت مِحَنٌ
وَلَم يَكُن وِردُها يَدعو إِلى صَدَرِ

عَلى الفَضائِلِ إِلّا الصَبرَ بَعدَهُم
سَـــــــــــلامُ مُرتَقِبٍ لِلأَجرِ مُنتَظرِ

يَرجو عَسى وَلَهُ في أُختِها أَمَلٌ
وَالدَهرُ ذو عُقَبٍ شَتّى وَذو غِيَرِ

قَرَّطتُ آذانَ مَن فيها بِفاضِحَةٍ
عَلى الحِسانِ حَصى الياقوت وَالدُرَرِ

سَيّارَةٍ في أَقاصي الأَرضِ قاطِعَةٍ
شَقاشقاً هَدَرَت في البدوِ وَالحَضَرِ

مُطاعَة الأَمرِ في الأَلبابِ قاضِيَة
مِنَ المَسامِعِ ما لَم يُقضَ مِن وَطَرِ

ثُمَّ الصَلاة عَلى المُختارِ سَيِّدِنا
المُصطَفى المُجتَبى المَبعوثِ مِن مُضَرِ

وَالآلِ وَالصحبِ ثُمّ التابِعينَ لَهُ
ما هَبَّ ريحٌ وَهَلَّ السُحبُ بِالمَطَرِ

https://falih.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى