اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني

الحضارة الاسلامية باشراف المهندس خالدصبحي الكيلاني والباحث جمال الدين فالح الكيلاني


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

معارضة صفي الدين الحلي للمتنبي

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

1معارضة  صفي الدين الحلي  للمتنبي Empty معارضة صفي الدين الحلي للمتنبي الأربعاء مارس 23, 2022 5:11 am

فالح الحجية

فالح الحجية
Admin



وعارض قصيدة المتنبي اعلاه الشاعر صفي الدين الحلِّي احد شعراء الفترة الراكدة بقصيدة مماثلة ايضا.*



صفي الدين الحلي




* وصفي الدين الحلي : هو عبد العزيز بن نجم الدين سرايا بن علي بن ابي القاسم ويعرف بصفي الدين الطائي السنبسي ولقب بالحلي نسبة مكان ولادته نشأته الى مدينة ( الحلة ) في العراق وكان نجم الدين سرايا تلميذا للمحقق الحلي .

ولد بمدينة ( الحلة ) من العراق سنة \ 677 هجرية - 1276 ميلادية ونشأ فيها ثم انتقل الى بغداد وقال الشعر في صباه ثم درسه عندما انتقل الى بغداد لينخذ منها سكنا .واشتغل اول امره بالتجارة فكان يتاجر الى الموصل وشمالها والى الشام ومدنها ثم يعود الى بغداد .

عاش بالفترة التي تلت دخول المغول ( التتر ) الى بغداد بقيادة هولاكو فدمروها تدميرا وقضوا على الخلافة العباسية انذاك .

انتقل شاعرنا الحلي الى مدينة (ماردين) ليكون شاعر (الدولة الارتقية ) فيها ومدح ملوكها واجزلوا له العطاء . فعاش في (الموصل) في ظل الملك المنصور( نجم غازي بن أُرتُق ) وبعد وفاته مدح ابنه (الملك الصالح ). ونظم ديوانا فيه اسماه ( ديوان درر النحور في مدح الملك منصور الأرتقي ملك ماردين) ، والذي يحتوي على 29 قصيدة كل منها يتكون من 29 بيتا . تبدأ أبيات كل قصيدة منها وتنتهي بأحد حروف اللغة العربية نفسه.

غادر الموصل في رحلة إلى الشام ثم إلى الحجاز لأداء فريضة الحج ولما عاد من مكة المكرمة بعد حجه توجه إلى مصر وقضى حياته هناك يمدح السلطان الناصر (محمد بن قلاوون)ومنها قصيدته التي مطلعها :

أسبَلنَ من فَوقِ النّهودِ ذَوائِبا،
فجَعَلَنَ حَبّاتِ القُلوبِ ذَوائِبَا

قضى سني حياته في عصر تراجعت فيه كل المعطيات الحضارية للأمة العربية في معظم نواحيها السياسية منها والاجتماعية والاقتصادية وقد اصطلح على هذا العصر بعصر انحطاط الدولة العربية لما ألقى بظلاله الداكنة على الوضع السياسي والاجتماعي القائم آنذاك، وحتى الشعر العربي الذي كان رغم حالة التردي هذه لكن بقي له حضوره في الساحة العربية وكان قبسا متقدا لإلهاب المشاعر وشحذ الهمم عندما يتطلب الأمر ذلك، وصوتا مفعما بالأحاسيس عندما يراد التعبير عن حالة وجدانية أو عاطفية تهز الضمير وتوقد النفس .

عاد الى بغداد في اخريات ايامه فمرض وما ت فيها .

توفي الشاعر صفي الدين الحلي سنة \750 هجرية – 1349 ميلادية في بغداد .

اتسم و تميز شعره بسهولة اللفظ وحسن السبك وهو اشعر شعراء زمانه بلا منازع ونظم الموشح المضمن . وقد ضمن في احد موشحاته قصيدة ابي نؤاس الهائية و منها ما يلي :

وحق الهوى ما حلت يوما عن الهوى
ولكن نجمي في المحبة قد هوى

ومن كنت ارجو وصله قتلني نوى
واضنى فؤادي بالقطيعة والنوى

ليس في الهوى عجب ان اصابني النصب
حامل الهوى تعب يستفزه الطرب

فشخصية الحلي الفنية تتردد وتتكرر، في معظم قصائده، ولم نلحظ فيها حظا للتطور فشعره كله كما قيل فيه ( نفس واحد ومنهج منسوخ )

والواضح ان قصائده في المديح على الاغلب كان يفتتحها بالغزل وربما يستعمله في الفخر والحماسة ايضا لكن بقلة . ويسير في هذا النوع من الغزل سيرة من سبقه من الشعراء متتبعا لخطاهم ناسجاً على منوالهم من حيث الطريقة العتيقة المتبعة في المقدمات الغزلية في القصيدة العربية فهو في معظم قصائده مقلدا ومكررا من حيث السبك الفني والحس الشعري ، فهو يقف على الأطلال الدوارس والآثار المعفاة، فيناجيها ويستنطقها، ويبثها حرقة قلبه ونوزاع نفسه ويبكي أمامها مستعطفاً، شاكياً، ويستعيد معها الذكريات الخوالي وأيام الأنس والصفاء قال في ذلك . :

وفي وصف النساء الحسان الجميلات يؤكد بأنهن أخجلن زهر الأقحوان وضاهين شقائق النعمان، وبأن أردافهن ثقيلة، وقدودهن مياسة، وبعدها يصل إلى وصف أناته العاشقة وسقم جسمه، وسهد جفنيه، مترقباً زيارة الحبيبة فيقول متغزلا :

قد سهرت الليل أرقب زورة
منها فلم أر للصباح عمودا

ورعيت أنجمه فأكسبت السها
سقمي وأكسب جفني التسهيدا

وحملت أعباء الغرام وثقله
فرداً وحاربت النوى تا ييدا


ويلاحظ في غزله ً برودة العواطف وسطحيتها وكونه متكلفا حيث ان شعره لا يستقي من ينبوعه وإنما يستقي من ينابيع من سبقه من الشعراء . لذا اقول انه ينظم بذاكرته وعقله ولا ينظم بثقافته أكثر مما ينظم بقلبه ومشاعره وانفعالاته

اما في طيف الحبيبة فلا يجفوه ولا ينساه بل دائم الذكرى له يقول:

لعمرك ما تجافى الطيف طرفي
لفقد الغمض إذ شط المزار

ولكن زارني من غير وعد
على عجل، فلم ير ما يزار

والحقيقة قد خمدت العواطف في هذا العصر، خموداً محزناً، وأنشدّ الشاعر نحو ظواهر الشعر وعاف بواطنه وأًصبح كما قلنا من قبل ينظم بعقله أكثر مما ينظم بقلبه، وهذا لا يمكن لعاطفة باردة خامدة سقيمة أن تفجر شعراً حاراً مندفعاً صحيحاً :

آخر من بني الأعراب حفت
جيوش الحسن منه بعارضين

تلاحظ سوسن الخدين منه
يبدلها الحياء بوردتين


وصفي الدين الحلي اعجبه الغلمان فتغزل بالمذكر اضافة لتغزله بالخود الجميلات والغريب ان معظم غلمانه ممن تغزل بهم يحملون أسماء أنبياء كيوسف وسليمان وداود وموسى وإبراهيم، ويستغل هذه الأسماء في شعره استغلالاً حسناً، فيستفيد من معاني التسمية وما تحمله من دلائل

يقول في غلام اسمه يوسف:

يا سمي الذي به اتهم الذئ
وأفضى إليه ملك العزيز

لو تقدمت مع سميَّك لم يم
س فريداً في حسنه المنبوز

(والمنبوز بالزاي هنا بمعنى المتعارف)

وله في المديح شعر كثير وفي الفخر ايضا ومن فخره قصيدته المشهورة منها هذه الابيات :

سلي الرماح الـعوالي عن معالينا
واستشهدي البيض هل خاب الرجا فينا

لما سعينـا فمـا رقـت عزائمنـا
عما نـروم ولا خابـت مساعينـا

قوم إذا أستخصموا كانوا فراعنـة
يوما وان حكموا كانـوا موازينـا

تدرعوا العقل جلبابا فـان حميـت
نار الوغي خلتهـم فيهـا مجانينـا

خيـل مـا ربطنا هـا مسـوّمـة
لله نغزوا بها مـن بـات يغزونـا

إن العصافيـر لمـا قـام قائمهـا
توهمت أنهـا صـارت شواهينـا

انـا لقـوم أبـت اخلاقنـا شرفـا
أن نبتدى بالاذى من ليس يؤذينـا

بيــض صنائعنا سود وقـائعـنا
خضر مرابعنا حمر مواضينا

لا يظهر العجز منا دون نيل منـى
ولو رأينـا المنايـا فـي أمانينـا


كما انه نظم مفاتيح البحور الشعرية الستة عشر. وكذلك نظم باللهجة العامية وله نظم في الموشح و الزجل والمواليا والقومة وغيرها والتي تكثر فيها الفاظ اللهجة المحكية او المحلية (العامية) .

وهناك نوع آخر من شعره يسمّى الشعر العاطل أو المهمل يتميز بخلو كلماته من التنقيط منها قوله:

سَدَدَ سَهماً ما عَدا روعَه
ورَوّعَ العُصمَ، وللاُسْدِ صادْ

أمالكَ الأمرِ أرِحْ هالِكاً
مدرِعاً للهَمّ دِرعَ السّوادْ

أراهُ طولُ الصدّ لمّا عَدَا
مَرامَهُ ما هَدّ صُمَّ الصِّلادْ

ودّ وداداً طارِداً هَمَــــــّهُ
وما مُرادُ الحُرّ إلاّ الوَدادْ

والمَكرُ مَكرُوهٌ دَها أهلَـــهُ
وأهلَكَ اللهُ لهُ أهلَ عادْ


اما قصيدة المتنبي المذكورة اعلاه والتي عارضها بقصيدته هذه التي نظمها في مدح السلطان الناصر (محمد بن قلاوون ) في مصر والتي تعد من اروع قصائده ومن عيون الشعرالعربي :


أسبَلنَ من فَوقِ النّهودِ ذَوائِبا،
فجَعَلَنَ حَبّاتِ القُلوبِ ذَوائِبَا

وجَلَونَ من صُبحِ الوُجوهِ أشِعْة ً،
غادرنَ فودَ الليلِ منها شائبَا

بِيضٌ دَعاهنّ الغبيُّ كَواعِبا،
ولو استبانَ الرشدَ قالَ كواكبَا

وربائِبٌ، فإذا رأيتَ نِفارَها
مِن بَسطِ أُنسك خِلتهنْ رَبارِبَا

سَفَهاً رأينَ المانَويّة َ عِندَما
أسلبنَ من ظلمِ الشعورِ غياهبَا

وسَفَرنَ لي فَرأينَ شَخصاً حاضراً
شُدِهتْ بَصِيرَتُه، وقَلباً غائِبَا

أشرقنَ في حللٍ كأنّ وميضَها
شفقٌ تدرَّعُهُ الشموسُ جلاببَا

وغربنَ في كللٍ، فقلتُ لصاحبي:
بأبي الشموسَ الجانحاتِ غواربَا

ومُعَربِدِ اللّحَظاتِ يَثني عِطفَهُ،
فُخالُ مِن مَرَحِ الشّبيبَة ِ شارِبَا

حلوِ التعتبِ والدلالِ يروعُهُ
عَتبي ، ولَستُ أراهُ إلاّ عاتِبَا

عاتَبتُهُ، فتَضرّجَتْ وجَناتُهُ،
وازوَرّ ألحاظاً وقَطّبَ حاجِبَا

فأذابَني الخَدُّ الكَليمُ وطَرفُه
ذو النّون، إذْ ذهبَ الغَداة َ مُغاضِبَا

ذو منظرٍ تغدو القلوبُ لحسنِهِ
نهباً، وإنْ منحَ العيون مواهِبَا

لابدعَ إن وهبَ النواظرَ حظوة ً
نِعَماً، وتَدعوهُ القَساوِرُ سالِبَا

ملكٌ يَرى تعبَ المكارمِ راحة ً،
ويعدُّ راحاتٍ القراعِ متاعبَا

بمكارم تذرُ السباسبَ أبحراً؛
وعَزائِمٍ تَذَرُ البحارَ سَباسِبَا

لم تخلُ أرضٌ من ثناهُ، وإن خلت.
من ذكره ملئتْ قناً وقواضبَا

ترجى مواهبهُ ويرهبُ بطشُه،
مثلَ الزّمانِ مُسالِماً ومُحارِبَا

فإذا سَطا ملأ القُلوبَ مَهابَة ً؛
وإذا سخا ملأ العيونَ مواهبَا

كالغيثِ يبعثُ من عطاهُ وابلاً
سبطاً، ويرسلُ من سطاه حاصبَا

كاللّيثِ يَحمي غابَهُ بزَئيرِهِ،
طورا ويُنشِبُ في القَنيصِ مَخالبَا

كالسيفِ يبدي للنواظرِ منظراً
طَلقاً، ويُمضي في الهِياجِ مَضارِبَا

كالبَحرِ يُهدي للنّفوسِ نَفائِساً
منهُ، ويُبدي للعيونِ عَجائِبَا

فإذا نظرتَ ندى يديهِ ورأيهُ
لمْ تُلفِ إلاّ صائِباً أو صائِبَا

أبقى قلاونُ الفخــــــــارَ لولدهِ
إرثاً، وفازوا بالثّناءِ مَكاسِبَا

قومٌ، إذا سئموا الصوافنَ صيّروا
للمجدِ أخطارَ الأمورِ مراكبَا

عَشِقوا الحُروبَ تَيَمّناً بِلقَى العِدى ،
فكأنهمْ حسبُوا العداة َ حبائبَا

وكأنّما ظَنّوا السّيوفَ سَوالِفاً،
واللُّدنَ قَدّاً، وللقِسيَّ حَواجِبَا

يا أيها الملكُ العزيزُ، ومن لهُ
شَرفٌ يَجُر على النّجومِ ذَوائِبَا

أصلحتَ بينَ المسلمينَ بهمة ٍ
تذرُ الأجانبَ بالودادِ أقاربَا

ووهبتهم زمنَ الأمانِ، فمن رأى
ملكاً يكونُ لهُ الزمانُ مواهبَا

فرأوا خِطاباً كانَ خَطباً فادِحاً
لهمُ، وكتباً كنّ قبلُ كتائبَا

وحَرَستَ مُلكَكَ من رَجيمٍ مارِدٍ
بعزامٍ إنْ صلتَ كنّ قواضبَا

حتى إذا خَطِفَ المكافحُ خَطفَة ً،
أتبعتهُ منها شهاباً ثاقبَا

لا يَنفَعُ التّجريبُ خَصمَكَ بعدَما
أفنيتَ من أفنى الزمانَ تجاربَا

صرمتَ شملَ المارقين بصارمٍ،
تبديهِ مسلوباً فيرجعُ سالبَا

صافي الفرندِ حكى صباحاً جامداً،
أبدى النجيعَ به شعاعاً ذائبَا

وكتيبَة ٍ تَذَرُ الصّهيلَ رَواعَداً،
والبيضَ برقاً، والعجاجَ سحائبَا

حتى إذا ريحُ الجِلادِ حَدَتْ لها
مَطَرَتْ فكانَ الوَبلُ نَبلاً صائِبَا

بذَوائِبٍ مُلدٍ يُخَلنَ أراقِمـــــــاً،
وشَوائِلٍ جُردٍ يُخَلنَ عَقارِبَا

تطأُ الصّدورَ مِنَ الصّدورِ كأنّما
تعتاضُ من وطءِ الترابِ ترائبَا

فأقَمتَ تَقسِمُ للوُحوشِ وظائِفاً
فيها، وتصنعُ للنسورِ مآدبَا

وجَعلتَ هاماتِ الكُماة ِ مَنابراً،
وأقمتَ حدّ السيفِ فيها خاطبَا

يا راكِبَ الخَطَرِ الجَليلِ وقَولُهُ فخراً
بمجدكَ، لا السيفِ فيها خاطبَا

صَيّرتَ أسحارَ السّماحِ بواكِراً،
وجعلتَ أيامَ الكفاحِ غياهبَا

وبذَلتَ للمُدّاحِ صَفوَ خَلائِقٍ،
لو أنّها للبحرِ طابَ مشاربَا

فرأوْكَ في جَنبِ النُّضارِ مُفَرِّطاً،
وعلى صلاتكَ والصلاة ِ مواظبَا

إنْ يَحرُسِ النّاسُ النُّضارَ بحاجِبٍ
كانَ السماحُ لعينِ مالكَ حاجبَا

لم يَملأوا فيكَ البُيوتَ غَرائِباً،
إلاّ وقد مَلأوا البيوتَ رَغائِبَا

أولَيتَني، قبلَ المَديحِ، عِناية ً،
وملأتَ عَيني هَيبَة ً ومَواهِبَا

ورفعتَ قدري في الأنامِ، وقد رأوا
مثلي لمثلكَ خاطباً ومخاطبَا

في مجلسٍ ساوَى الخلائقَ في النّدى
وترتبتْ فيهِ الملوكُ مراتبَا

وافَيتُهُ في الفُلكِ أسعَى جالِساً،
فخراً على من جاءَ يمشي راكباً

فأقَمتُ أُنفِذُ في الزّمانِ أوامِراً
منّي، وأُنشبُ في الخطوبِ مَخالِبَا

وسقتنيَ الدنيا غداة َ أتيتهُ
رَيّاً، وما مَطَرَتْ عليّ مَصائِبَا

فطفقتُ املأُ من ثناكَ ونشرهِ
حِقَباً، وأملأ من نَداكَ حَقائِبَا

أثني فتثنيني صفاتُك مظهراً
عِيّاً، وكم أعيَتْ صِفاتُك خاطِبَا

لو أنّ أغصاناً جَميعاً ألسُن
تُثني علَيكَ لمَا قَضَينَ الواجِبَا



ولما نظم الشاعر المتنبي قصيدته اليائية في مدح كافور الاخشيدي
عارضها الشاعر ابن عبدون فقا ل المتنبي قصيدته :


كفى بكَ داءً أن ترى الموتَ شافيا
وحسبُ المنايا أن يكنّ أمانيــــــا

كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا
وَحَسبُ المَنايا أَن يَكُنَّ أَمانِيــــا

تَمَنَّيتَها لَمّا تَمَنَّيـــــــتَ أَن تَرى
صَديقاً فَأَعيـــــــا أَو عَدُوّاً مُداجِيا

إِذا كُنتَ تَرضى أَن تَعيشَ بِذِلَّةٍ
فَلا تَستَعِدَّنَّ الحُســــــــــــامَ اليَمانِيا

وَلا تَستَطيلَنَّ الرِماحَ لِغارَةٍ
وَلا تَســـــتَجيدَنَّ العِتاقَ المَذاكِيا

فَما يَنفَعُ الأُسدَ الحَياءُ مِنَ الطَوى
وَلا تُتَّقى حَتّى تَكونَ ضَوارِيا

حَبَبتُكَ قَلبي قَبلَ حُبِّكَ مَن نَأى
وَقَد كانَ غَدّاراً فَكُن أَنتَ وافِيا

وَأَعلَمُ أَنَّ البَينَ يُشكيكَ بَعدَهُ
فَلَستَ فُؤادي إِن رَأَيتُكَ شاكِي

فَإِنَّ دُموعَ العَينِ غُدرٌ بِرَبِّها
إِذا كُنَّ إِثرَ الغادِرينَ جَوارِيـــــا

إِذا الجودُ لَم يُرزَق خَلاصاً مِنَ الأَذى
فَلا الحَمدُ مَكسوباً وَلا المالُ باقِيا

وَلِلنَفسِ أَخلاقٌ تَدُلُّ عَلى الفَتى
أَكانَ سَخاءً ما أَتى أَم تَساخِيا

أَقِلَّ اِشتِياقاً أَيُّها القَلبُ رُبَّمــــــا
رَأَيتُكَ تُصفي الوُدَّ مَن لَيسَ جازِيا

خُلِقتُ أَلوفاً لَو رَحَلتُ إِلى الصِبا
لَفارَقتُ شَيبي موجَعَ القَلبِ باكِيا

وَلَكِنَّ بِالفُسطاطِ بَحراً أَزَرتُـــــهُ
حَياتي وَنُصحي وَالهَوى وَالقَوافِيا

وَجُرداً مَدَدنا بَينَ آذانِها القَنـــــا
فَبِتنَ خِفافاً يَتَّبِعنَ العَوالِـــــــيا

تَماشى بِأَيدٍ كُلَّما وافَتِ الصَفا
نَقَشنَ بِهِ صَدرَ البُزاةِ حَوافِيــــا

وَتَنظُرُ مِن سودٍ صَوادِقَ في الدُجى
يَرَينَ بَعيداتِ الشُخوصِ كَما هِيَا

وَتَنصِبُ لِلجَرسِ الخَفيِّ سَوامِعاً
يَخَلنَ مُناجاةَ الضَميرِ تَنادِيا

تُجاذِبُ فُرسانَ الصَباحِ أَعِنَّةً
كَأَنَّ عَلى الأَعناقِ مِنها أَفاعِيا

بِعَزمٍ يَسيرُ الجِسمُ في السَرجِ راكِباً
بِهِ وَيَسيرُ القَلبُ في الجِسمِ ماشِيا

قَواصِدَ كافورٍ تَوارِكَ غَيرِهِ
وَمَن قَصَدَ البَحرَ اِستَقَلُّ السَواقِيا

فَجاءَت بِنا إِنسانَ عَينِ زَمانِهِ
وَخَلَّت بَياضاً خَلفَها وَمَآقِيا

نَجوزَ عَلَيها المُحسِنينَ إِلى الَّذي
نَرى عِندَهُم إِحسانَهُ وَالأَيادِيا

فَتىً ما سَرَينا في ظُهورِ جُدودِنا
إِلى عَصرِهِ إِلّا نُرَجّي التَلاقِيا

تَرَفَّعَ عَن عَونِ المَكارِمِ قَدرُهُ
فَما يَفعَلُ الفَعلاتِ إِلّا عَذارِيا

يُبيدُ عَداواتِ البُغـــــــــــــاةِ بِلُطفِهِ
فَإِن لَم تَبِد مِنهُم أَبادَ الأَعادِيا

أَبا المِسكِ ذا الوَجهُ الَّذي كُنتُ تائِقاً
إِلَيهِ وَذا الوَقتُ الَّذي كُنتُ راجِيا

لَقيتُ المَرَورى وَالشَناخيبَ دونَهُ
وَجُبتُ هَجيراً يَترُكُ الماءَ صادِيا

أَبا كُلِّ طيبٍ لا أَبا المِسكِ وَحدَهُ
وَكُلَّ سَحابٍ لا أَخَصُّ الغَوادِيا

يَدِلُّ بِمَعنىً واحِدٍ كُلَّ فاخِرٍ
وَقَد جَمَعَ الرَحمَنُ فيكَ المَعانِيا

إِذا كَسَبَ الناسُ المَعالِيَ بِالنَدى
فَإِنَّكَ تُعطي في نَداكَ المَعالِيا

وَغَيرُ كَثيرٍ أَن يَزورَكَ راجِلٌ
فَيَرجِعَ مَلكاً لِلعِراقَينِ والِيا

فَقَد تَهَبَ الجَيشَ الَّذي جاءَ غازِياً
لِسائِلِكَ الفَردِ الَّذي جاءَ عافِيا

وَتَحتَقِرُ الدُنيا اِحتِقارَ مُجَرِّبٍ
يَرى كُلَّ ما فيها وَحاشاكَ فانِيا

وَما كُنتَ مِمَّن أَدرَكَ المُلكَ بِالمُنى
وَلَكِن بِأَيّامٍ أَشَبنَ النَواصِيا

عِداكَ تَراها في البِلادِ مَساعِياً
وَأَنتَ تَراها في السَماءِ مَراقِيا

لَبِستَ لَها كُدرَ العَجاجِ كَأَنَّما
تَرى غَيرَ صافٍ أَن تَرى الجَوَّ صافِيا

وَقُدتَ إِلَيها كُلَّ أَجرَدَ سابِحٍ
يُؤَدّيكَ غَضباناً وَيَثنِكَ راضِيا

وَمُختَرَطٍ ماضٍ يُطيعُكَ آمِراً
وَيَعصي إِذا اِستَثنَيتَ لَو كُنتَ ناهِيا

وَأَسمَرَ ذي عِشرينَ تَرضاهُ وارِداً
وَيَرضاكَ في إيرادِهِ الخَيلَ ساقِيا

كَتائِبَ ما اِنفَكَّت تَجوسُ عَمائِراً
مِنَ الأَرضِ قَد جاسَت إِلَيها فَيافِيا

غَزَوتَ بِها دورَ المُلوكِ فَباشَرَت
سَنابِكُها هاماتِهِم وَالمَغانِيا

وَأَنتَ الَّذي تَغشى الأَسِنَّةَ أَوَّلاً
وَتَأنَفَ أَن تَغشى الأَسِنَّةَ ثانِيا

إِذا الهِندُ سَوَّت بَينَ سَيفَي كَريهَةٍ
فَسَيفُكَ في كَفٍّ تُزيلُ التَساوِيا

وَمِن قَولِ سامٍ لَو رَآكَ لِنَسلِهِ
فِدى اِبنِ أَخي نَسلي وَنَفسي وَمالِيا

مَدىً بَلَّغَ الأُستاذَ أَقصاهُ رَبُّهُ
وَنَفسٌ لَهُ لَم تَرضَ إِلّا التَناهِيا

دَعَتهُ فَلَبّاها إِلى المَجدِ وَالعُلا
وَقَد خالَفَ الناسُ النُفوسَ الدَواعِيا

فَأَصبَحَ فَوقَ العالَمينَ يَرَونَهُ
وَإِن كانَ يُدنيهِ التَكَرُّمُ نائِيا


فقال ابن عبدون معارضاً المتنبي قصيدته اعلاه



https://falih.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى