نـــداء المؤمنين في سورة التغــابن
86
بســــــــــــم الله الرحمن الرحيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * )
سورة التغابن الايات 14-18
الحمد لله :
نداء من الله تعالى الى المؤمنين يبلغهم بان من ازواجهم واولادهم اعداءً لهم فيصدونهم عن دين الاسلام وعن ذكر الله وعن الصلاة ويثبطون نفوسهم عن طاعة الله بل بعضهم ما تصل به الحال فيخاصم اباه في امر دينه لذا يحذ ر الله تعالى هؤلاء من اتباع ازواجهم واولادهم . ومع ذلك فان النظرة الواسعة لله في عباده وحبه لهم لا يحب ان تكون فتنة في العائلة الواحدة فاوعز الله تعالى الى الاباء ان يصفحوا عن ابنائهم وزوجاتهم والاغضاء عما اقترفوه بحقهم ومسامحتهم فدين الله السماحة والملاينة والمحبة الخالصة وهذا في الاكثر يقود اولادهم وازاجهم الى الاعتذار منهم وطلب الصفح واستمالة قلوبهم اليهم فالاب في قلبه رحمة واسعة لاولاده وزوجته تابعة من حنان الابوة ومحبة الزوجة .
فالاموال والاولاد في بعض الاحيان ابتلاء من الله تعالى في الحياة الدنيا يشغلا القلب والنفس عن الطاعة لله تعالى ربما يقودان الى ارتكاب بعض المعاصي والذنوب فالله تعالى عنده اجر عظيم وثواب جزيل لمن آثر طاعة الله ومحبته ورضوانه على محبة اولادهم وازواجهم لانه غفور رحيم .
والذين ينفقون اموالهم في وجوه الانفاق التي شرعها الله تعالى ويحتسبون في الاجر والثواب من الله تعالى فسيضاعف الله لهم ثوابهم ضعافا مضاعفة ربما تصل في بعض الاحيان الى سبعمائة او اكثر فيغفر الله ذنوبهم ويتجاوز عن سيئاتهم ولا يعجل في عقوبتهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم .
اما من اصرّ على الكفر والعصيان فالله تعالى سيشتد عليهم انتقامه وعوبته فالله تعالى يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور .
اما سبب نزول هذه الاية والايات بعدها . فقداسلم رجال من اهل مكة بعد هجرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الى المدينة واحبوا ان يلحقوا بالمهاجرين اليها من اهل مكة فمنعهم اولادهم وازواجهم فحرموهم ثواب المهاجرة اليها . لكنهم سافروا بعد مدة اليها فوجدوا اصحابهم الذين هاجروا قبلهم قد تفقهو ا في الدين فرغبوا في معاقبة زوجاتهم وابنائهم لانهم حرموهم من نعمة التفقه في الدين وفضل فانزل الله تعالى الاية المباركة :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ )
فرغبوا في معاقبة زوجاتهم وابنائهم لانهم حرموهم من نعمة التفقه في الدين وفضلالهجرة فانزل الله تعالى :
( وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ *)
والله تعالى اعلم