59
بســـــــم الله الرحمن الرحيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا *)
سورة الاحزاب الاية \9
الحمد لله :
انعم الله تعالى على المؤمنين نعما كثيرا في الحياة الدنيا وفي وقت الحرب او السلم فينادي الله تعالى المؤمنين بهذه الاية المباركةعلى سبيل التذكير بما منحهم من نعمة في معركة ( الخندق او الاحزاب ) بعد ان نصرهم الله تعالى فيها نصرا مبينا .
اذ اتفق الاحزاب من القبائل العربية لمقاتلة المؤمنين بقيادة الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم للقضاء على المسلمين ولاطفاء نور الاسلام اذ جاؤوا الى المدينة المنورة ( يثرب ) مجتمعين لقتال المؤمنين فعسكروا حول المدينة من كل جانب فكان فريق منهم باعلى الوادي شرقا وفريق باسفل الوادي غربا وفريق بجانب الخندق الذي حفره المؤمنون حسبما اشار عليهم الصحابي الجليل ( سلمان الفارسي ) رضي الله عنه وقد انحاز الى الاحزاب (بنو قريضة ) من اليهود الساكنين في المدينة ونقضوا العهد الذي اعطوه لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قبل هذه المعركة . فاشتدالخطب على المؤمنين واضطربت القلوب وزاغت الابصار من هذه الكثرة الكثيرة والمؤمنون قليلون في وسطهم واشتد الروع وخالط بعضهم الخوف فيما سيكون مصيرهم ان ظفر بهم الاحزاب واختلفت الظنون فيما سيكون عليه الحسم في هذه المعركة .
توقع المؤمنون ان الله تعالى ناصرهم وان الله تعالى منجز وعده لرسوله واعلاء كلمةالحق والاسلام وظن المنافقون والذين في قلوبهم مرض بسبب ضعف ايمانهم ان الحرب واقع بالمسلمين وانهم سيخسرون المعركة وكل شيئ . فاضطربوا وزلزلو زلزالا شديدا من شدة الفزع وكثرة الاعداء .
وهنا جاء نصرالله وقدرته القاهرة في انقاذ الاسلام والمسلمين فهبت في تلك الليلة الشتائية الباردة القارصة ريح عاصف فسفت التراب الناعم في وجوه الاعداء واحزابهم وحصبتهم الحصباء وقوضت الرياح خيامهم فانقلبت على رؤوسهم وانكفأت القدور المؤن وتطايرت على الارض وزمجرت السماء بهيادبها وغيومها وسحبها الشديد ة فقصفت الرعود واومضت البروق بشدة وقسوة تخطف ابصارهم وقلوبهم وانهالت المياه تنزل من السماء وسمع تكبير الملائكة من كل جوانب معسكرات الاعداء فلحقهم الخوف والفزع هالهم ما راوه بحيث ظن الاعداء ان المسلمين انتهزوا هذه الفرصة فهجموا عليهم واوقعوا بهم شرالوقيعة فبادروا بالانهزام والفرار من كل جانب حتى لم يستطيعوا حمل امتعتهم فتركوها غنيمة للمسلمين وانهزموا وانكفأؤا على ادبارهم هاربين لا يتبينون طريقهم الا على وميض البرق او قصف الرعود . ودمر الله اعداء الاسلام ونصر دينه ورجع الكفار والمنافقون خائبين .
فاذكروا ايها المؤمنون نصرالله اليكم وقدرته على نصركم فان الله تعالى بكل ما فعلتموه بصير . وقد نصركم نصرا عزيزا .
راجع كتابي (شذرات من السيرة النبوية المعطرة )
والله تعالى اعلم
******************************