المرأة الجاهلية وشعر الحرب والقتال
الامة العربية اشتهرت بالحرب والقتال وسجلت ايامها التاريخية في حروب : ذى قار وداحس والغبراء وحـــــــــرب البسوس وكلاب ايامــــــــا معروفة مشهورة في مقاتلة القبائل للحصول على المراعي او المياه اوالصيد والقــــــــــنص و بسببب التنقل والبحث عن الكلاء والمعاش كانت المرأة لها باع طويل في ذلك0 اعز الرجل المرأة واحبها وانشــــد القصيد بذكرها شوقا وشغف ووقف على اطلالهـــــــا يندب ويبكي ويتذكر ماضيه السعيد او يخاطبها مفتخرا بشجاعتــــــــــه وكرمه وعالي مقامه ويشهدها على حسن ادائــــــــــــه ومحامده فهذا الشاعر الفارس عبد يغوث يشهد زوجته ( مليكـــة )على شجاعته وفروسيته وهاجما ومهاجما وعلى جده وقوتـــه في الترحال والغارات وقطع القفار التي لم تطأها قدم انسان وعلى حذقه لفنون الحرب والطعان في اشد المواقف واحرج الاوقات ( راجع كتابي ( شعراء جاهليون ) المجلد الاول من موسوعتي شعراء العربية ) و اقرأ معي هذه الابيات من شعره :-
وقد علمت عريسى جليلة اننـــي
انا الليث معدوا علي وعاديـــــــــــا
وقد كنت نحارالجزور ومعمـــــل
المطي وامضي حيث لا هي ماضيا
وانحر للشرب الكرام مطيتــــــي
واصدع بين القينتين ردائيـــــــــا
وكنت اذا ما الخيل شمصها القنا
لبيقا بتصريف القناة نبابيــــــــــا
وكان الرجال يستبسلون في القتال حتى لا ينكسروا او يخسروا الحرب او الغارة فيؤدي ذلك الى سبي النساء والنساء انفسهن يحرضن الرجال على القتال والاستبسال وأي تحريض وتشجيع في نفوس الرجال أثرا وابعد مدى وقــوة من ان تقول الزوجة لزوجها لست زوجي اذا لم تستطع حمايتي. لاحظ قول عمرو ابن كلثوم الشاعرالفارس في معلقتـــه :
على اثارنا بيض حســــــان تحاذر ان تقسم او تهونـــا
ضغائن من بني جشم بن بكر خلطن بميسم حسبا ودينــا
يقتن جيادنا ويقلن لستـــــــم بعولنا اذا لم تمنعونــــــــا
اخذن على بعولتهن عهـــــدا اذا لاقوا كتائب معلمينـــــا
ليستابن افراسا وبيضــــــــا واسرى في الحديد مقرنينا
اذا لم تحمهن فلا بقينـــــــــا لشئ بعدهن ولا حيينـــــا
فاذا كانت نساء عمرو بن كلثوم يحرضنه على الاقتتال و يقدرن الابتعاد عن الازواج اذا لم يقدروا حمايتهن فان غيرهن قد شاركن في الحرب الضروس مشاركة فعلية واشتهرن بالشجاعة مثل ( رقاش الطائية ) التي تذكرالروايات قيادتها لقبيلتها في غزواتها وقاتلت (ام عمارة نسيبة بنت كعب المازنية ) قتالا شديدا في الحروب وقيل انها ضربت (عمرو بن قميئة )الفارس المشور بالسيف عدة ضربات ووقاه من ضرباتها درعان كانتا عليه فضربها عمرو فجرحها جرحا بليغا ولهن مشاركات اخف من هذه او تلك وقـــد تكون اشد لاحظ شعر (هند بنت عتبة ) تحرض قومها على القتال في أسلوب أخر :-
نحن بنات طارق نمشي على النمارق
الدر في المخانــق والمسك في المفارق
ان تقبلوا نعانق او تدبروا نفــــــــارق
فراق غير وامـق
وكان بعض الاعراب يخرجون نسائهم معهم الى القتال للتشجيع والتماس الحفيظة وخوف الفرار فقد خرج ابو سفيان للقتــــال ومعه (هند بنت عتبة) زوجه وشعرها اعلاه وخرجت (خناس بنت مالك ) مع ابنها (ابو عزيز بن عمير) وخرجت للقتال (عمرة بنت علقمة الحارثية ) وغيرهن كثير ومن النساء اللاتي ألهبت صدورالمقاتلين وألبت نفوسهم وهيجت العواطف حمية لاخذ الثأر. لاحظ قول احداهن تخاطب الفرسان :
لا نوم حتى تعود الخيل عابسة
يندبن طرحا بمهرات وامهــــــــار
او تحفزو حفزة والموت مكتنـع
عند البيوت حصينا وابن سيـــــار
فتغسلوا عنكم عارا تجللكـــــم
غسل العوارك حيضا بعد اطهـــــار
فهي تريد ان لا يفر قومها حتى يهجموا على الاعداء هجمة واحدة قاسية صارمة بحيث تنجلي الهجمة او الغزوة عن قتــــــــــــل الواترين وغسل العار ويذكر التاريخ لنا قصة عجوز لبني رئام تدعى (خويلة ) كان لها بنو اخوة وبنو اخـوات تعدادهم اربعون رجلا او يزيد وكانت هذه عقيما وكان بنو ناعت وبنو داهن متظاهرين على بني رئام قومها وكانوا جميعا مــن (قضاعة )متجاورين بين حضرموت والشحر فقتلوا من بني رئام ثلاثين رجلا فاقبلت (خويلة ) هذه مع الصبح الباكر فوقفت على مصارع المقتولين ثم عمدت الى خناصرهم فقطعتها ثم نظمتها قلادة لبستها في صدرهـــــــــا وخرجت حتى لحقت ب(مرضاوي بــن سودة المهري ) ابن اختها فأناخت بفنائه وأنشدت تقول:-
ياخير معتمد وامنع ملجــــاءا
واعز منتقم وادرك طالـــــــــب
جائتك وافدة الثكالى تغتلـــي
بسوادها فوق الفضاء الناضب
هذى خناصر سرتي مسرودة
في الجيد مثل سمط الكاعــــــب
وتلاقي قبل الفوت ثارى انه
علق يا بنو داهن او ناعـــــــــب
فابرد غليل خويلة الثكلى التي
رميت باثقل من صخورالصاقب
فتاثر هذا الفارس بشعر خالته وما رآه في صدرها من اصابع اقاربه فثارت ثائرته وقام في قومه فطرق ناعبا او داهنا فاوجع فيهم قتلا وانتصر عليهم لها لقومها اما هند بنت حذيفه التي وترت بأخيها فقد رثته بشدة وقـــــوة ولتتحرز في تشبيه قومها باخس حالات الوصف المنفر ان لم ياخذوا بثار اخيها تقول:-
فان انتم لم توطئو القوم غـــارة
يحدث عنها وارد بعد صــــادر
وترموا عقيلا بالتي ليس بعدها
بقاءا فكونوا كالنساء العواهـر
من كل ماتقدم نلحظ الشجاعة التي هي فخار كل عربي وحليته غنيا او فقيرا ذا قبيل او مفردا واذا تقصينا حياة العربي منذ طفولته ادركنا ان الشجاعة كاءنما ولد ت معه وانه شب عليها وتسري في دمه وكان مــــــن صفات العربي انه يشجع ثــــــــم يشجع حتى يلقي نفسه في مهاوي الردى مختارا ونعود فنقول ان التساء كن يصحبن المقاتلين فهذا الفارس عمرو بن معـــــــد يكرب يقول لما راى النسوة يجرين خائفات فتوءثر الارض الصلبة فــي اقدامهن وفيهن حبيبته لميس كالبدر وكشفت عــــــن محاسن لم يرها من قبل فيها اشتدت عزيمته ولم ير بـــدا الا الهجوم على الاعداء ومنازلتهم
لما رايت نسائنـــــــــا يفحصن المعزاء شدا
وبدت لميس كانهـــــا بدر السماء اذا تبـــدى
وبدت محاسنها التي تخفى وكأن الامر جدا
نازلت كبشهم ولـــــم ارمن نزال الكبـش بدا
وهذا الشاعرالفارس عامر بن الطفيل يزدهي ببسالته وشجاعته وشعره لزوجته يقول:-
طلقت ان لم تسالي أي فارس
حليلك اذ لاقى صداء وخثعمــا
اكر عليهم دعلجا ولبانـــــــة
اذا ما اشتكى وقع الرماح تحمحما
او قول عمرو بن كلثوم:-
معاذ الاله ان تنوح نساؤنا
على هالك او ان تضج من القتل
وقد وصلت الشجاعة عند بعضهم حد الطيش وسرعة الانفعال. ان العربي في خصوصيته سرعة الانفعــــــــال وعصبية المزاج تثيه الكلمة وربما تهيجه الاشارة او الحركة خاصة اذا ظن ان شرفه قد مس فيغضب غضبة الاسد من ذلك قول الشاعر الفارس سعد بن ناشب مفتخرا :-
اذا هم لم تردع عزيمة همــــــــه
ولم يات ماياتي من الامر هائبا
اذا هم الاقى بين عيينه عزمــــــه
ونكب عن ذكر العواقب جانبــــــا
ولم يستشر في امره غير نفســه
ولم يرض لا قائم السيف صاحبا
ومع كل ذلك وكل ماذكر يبقى الفارس العربي ذا عفة وشهامة من جهة المرأة فهو يراودها عن نفسها الا انه لايتزوجهــــــا الا بموافقة وليها وبعد مهرها وانه يحمي جاراته ويغض الطرف عنهن عفة وحياءا في ذلك يقول الشاعر الفارس عنترة بن شداد العبسي:-
ما ستمت انثى نفسها في موطن
حتى اوفي مهرها مولاهـــــــا
اغشى فتاة الحي عند حليلهـــــا
واذا غزا في الجيش لا اغشاها
واغض طرفي مابدت لي جارتي
حتى يواري جارتي مأواهـــــا
**************************