تقفية القصيدة العربية
تعتبراللّغة أداة الاديب: الشّاعراو الكاتب وهي الوسيلة او الاسلوب النمطي التي تؤدي المعنى والكلمة المعبرة عن روحية الشاعر فنّيا والّتي يترجم من خلالها الشّاعر انفعالاته واحاسيه وما يعتمل في نفسه من مشاعر من خلال ما يشعر به اوينظم قصيده وتحكي مفاهيمه وتجاربه في بناء النّصوص الشعرية فهي تمثل معرفة الذّات الخلاقة المنبعثة من خوالج النّفس،وقد وجد الانسان فيها وسيلة ليعبر عن نفسه في شعره و يفلسف بها ذاته وليبقى التعامل معها قائما لتؤدّي مهمة كشفها عن مكامن الذّات الانسانية وتبقى وسيلة من وسائل التواصل الإنساني لابراز من علاقاته الفكرية والفنية.
ولابد للشاعر أن يُوَثِّق صلته بمفاهيم اللغة بحيث تصبح مَلَكَة اللغة في نفسه فطرة, فهي بحر زاخر يغرف الشاعر منها بلا انتهاء، فعندما يبدع تكون الصور الشعرية وما ياتي به من ابداع ثر جميل ومطابق لما تقصده نفسيته الشعرية ويردده المتلقي ليستفيد منه فيحلق معه في جو رائق ترتاح اليه نفسه وتنتج منه موسيقى شجية تتناسب مع اعاريض قصيدته،وتلك الاوزان الشعرية . فيأتي بأروع الأنغام وآسناها دون الخروج على أسس اللغة وقواعدها خاصة في اختيار اللفظة الافضل والقافية المناسبة مع ما تسمو اليه القصيدة.
وارى أن تقفية القصيدة العربية حالة عامة في الشعرالعربي ومطلب سيكولوجي فني مُلِحّ، يلتزمه الشاعر ولا يزيغ عنه الا نادرا وفي مواقع محدودة و تلك ضرورة لا سبيل للاستغناء عنها في الشعر فهي – كما اراها - تُقَوِّي بصيرة الشاعر وتزيد في شاعريته ،وتفتح له أبوابا موصدة ربما كانت غامضة، وتقوده الى مواطن سامية تموج بالحياة والا مل ، كما أنها مفاتيح للمعاني الخفية في اللغة ، لتُنْبِتُ الأفكار، وتغير مغزي القصيدة إلى مجالات واسعة وخصبة لانها اي القصيدة وسيلة رجحان القلب ونشوته واهتزاز النفس وسعدها واستقرارالروح في المتلقي فوجودها يُشعره بوجود نظام رائع وجميل ينطلق من ذهن الشاعر يعتمد التنسيق بين الفكر والخيال ووضوح الرؤية من خلال قوة تجربة الشاعر الشعرية . فالشاعر المبدع من يُلْهِمُهُ حِسُّه الفني ويقوده الى المواضع الافضل التي يلتزم بها في قصيدته . من هنا يتضح ان القافية تمثل حياة كاملة وليست مجرد كلمات عابرة موحدة.
فالقافية واهميتها في الشعرالمعاصر سديدة ومحكمة في ظل الاحداث التي تمر ببلادنا العربية في هذا الوقت وما تحتاجه من خطابية في القصيدة المعاصرة وان خفتت فترة من الزمن بظهور القصيدة النثر التي حاولت مزاحمتها اومنافستها وظهرت هذه الحالة في العقدين الخامس والسادس من القرن العشرين تقريبا وما بعده ولا تزال تبحر في الشعر العربي وتتسامق مع القصيدة العمودية وكَثُرَ من يكتب بها من الشباب الا ان الشاعر المعاصر يبدو في قصيدة النثر ارادته مسلوبة او لايرتقى الى مصاف القصيدة العمودية ذات القافية في المواقف السياسية والخطابية فيميل الى الغموض والابهام لتعزيز مواقفه ويجعل من شاعريته – كما يتصور- ذات معارج يرتقيها الا انها تبقى قاصرة من وجهة نظرالمتلقي فيميل الى القصيدة العمودية التي اعتاد سماعها لان سماعية اذنه الموسيقية اعتادت على القصيدة العمودية الثائرة وقافيتها .
واذا ظن الشاعر المعاصر انه يجيد قصيدة النثر المعاصرة في كل فنون الشعر فهي لا تسمو سمو القصيدة العمودية في الامور السياسيىة والاحداث المعاصرة وما تمر بها هذه الفترة من مجريات صعبة وشديد ة تحتاج الى قصيدة ثورية شديدة الوقع تتسم بالخطابية لإثارة النفس العربية التي اصبحت متعبة في ظل الوضع الراهن في المتلقي العربي . وما اتوقعه وقلت فيه ان صوت قصيدة النثر الآن بدأ بالخفوت او مال الى الخفوت ، ولم يَعُدْ مقبولاً لدى المتلقي خاصة في الامور النضالية والجهادية لذا بدأ الشاعر المعاصر يعود تدريجيًّا إلى قصيدته الخالدة من جديد. ونلاحظ الكثير من الشعراء من اخذ ينظم شعره في القصيدة العمودية وتخلى عن كتابة قصيدة النثر الا بعض الشباب وخاصة العنصرالنسوي.
واتمنى على الشاعر المعاصر التمسك بالقافية في قصيدته لأنها تمثل جزءا أساسيا لموسيقى الشعر لا يمكن الاستغناء عنه. فالقافية تمنح الشاعر إحساسا سامقا بأنه ذو عزيمة صلبة لا تلين منبعثة من اعماق نفسه الابية ، فالقافية في القصيدة السياسية الثائرة تمثل نفسا مقاتلة ولها صولة في ساحة الشعر مثل ساحة الوغى بحيث تنزل على السامع نزول الرعد الغاضب ، وكل قافية تمثل قنبلة تنفجر في ابيات القصيدة العربية . نلاحظ قصيدة الشاعر على محمود طه حيث يقول :
اخي جاوز الظالمون المدى فحق الجهــاد وحق الفـــــــــدا
وليس بغير صليــل الســـيوف يجيبون صـــوتا لنــــا اوصـــدى
فجرد حســـــامك من غمــــده فليـــس لــه بعــــد ان يغـــمدا
اخي ايهـــــا العـربـي الابي ارى اليــــوم موعدنــــا لا الغــــدا
فالشاعر المبدع من يستلهم حسه الفني في ايجاد قافية شديد ة الوقع تثير النفس في المتلقي .يستنبطها من معين الكلمات المناسبة فيأخذ الاحرف الاشد وقعا عند معانقتها للاخرى بحيث تحدث زخما حادا او اثارة قوية في نفس المتلقي و تهزه هزا عنيفا و تولد شرارة شعلة في النفس والقلب ونحن نعلم ان العربي سريع التاثر سريع الانفعال فتسيتقظ عاطفته الوطنية فيثور او تتحرك فيه عاصفة الثورة فيعبر عما في دواخله ازاء وطنه وامته .
******************