اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني

الحضارة الاسلامية باشراف المهندس خالدصبحي الكيلاني والباحث جمال الدين فالح الكيلاني


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

الشاعر باسل محمد البزراوي بقلم د فالح الكيلاني

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

فالح الحجية

فالح الحجية
Admin



باسل محمد البزراوي


ولد باسل محمد البزراوي الشاعر الفلسطيني في قرية ( رابــا ) الواقعة على القمم الجبلية جنوب شرق محافظة (جنين ) في فلسطين المحتلّة عام 1958

باسل من اسرة فلسطينية تعمل في الزراعة البدائيّة.وقد اخذ تعلمه الاولي في المدرسة الابتدائية في قريته واتم الدراسة الثانوية فيها حتى الفصل التاسع أي بما يعادل الدراسة المتوسطة بالعراق ومن ثمّ أكمل دراسته الثانوية في( مدرسة قباطية الثانوية ) .

وفي عام 1976 انتقل الى (عمان ) في( الاردن )ملتحقا ب ( الجامعة الأردنية) , فدرس اللغة العربية لمدة ثلاث سنين , الا انه لم يكمل تعليمه فيها اذ تم اعتقاله في الضفة الغربية من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني عام \1979 ,ولما خرج من الاعتقال منعته من السفرخارج منطقته فلم يستطع اكمال تعليمه الجامعي في الاردن .

دخل (جامعة بير زيت )في مدينة ( رام الله ) في الضفة الغربية واتم دراسته فيها , وتخرج من قسم اللغة العربية وآدابها عام 1984حاصلا على شهادة ( البكالوريوس).

عمل الشاعر بعد تخرّجه في الجامعة دقّاقاً لحجارة البناء واستمرّ في عمله عشر سنوات بهذا العمل حتى عام 1994 حيث تسّلمت السلطة الوطنية الفلسطينية بهذا العام وزارة التربية والتعليم فتم تعيينه معلّما للغة العربية في مدارس محافظة ( جنين )حيث عين معلما في قريته ( رابـا ) وما زال يمارس عمله التعليمي لحد الآن .خلال ذلك استطاع ان يعمل مدرّساً غير متفرغ (محاضرا ) في جامعة ( القدس )المفتوحة
ثم حصل على شهادة (الماجستير) في النقد الأدبي عام \2008

مما لاشكّ فيه ان باسل كان شابا مثقفا ثائرا فأملت عليه فلسطينيّته دورا كبيرا في تشكيل الوعي الوطني والاجتماعي والسياسي منذ صباه, وكان لها تاثيرها الكبير في تشكيل تجربته الشعورية من خلال ما تراآى امام عينيه ما يفعله اليهود بابناء بلدته والمدن المجاورة ووطنه فلسطين فيقول :

الآن أمضي ووهج الشوق يحملني
إلى البعيد إلى ماضي الهوى المضني

إني نذرت لأرضي الشعر مذ نظرت
عيناي للنّور والمأساة والمحن

فالأرض عرض وحلم يستظلّ به
وروح جدّي في عينيّ لم تبن

تراب أجدادنا في الأرض مكرمة
أصخ ستسمع حكايات الشجا الشجن

فالحقل يحكي كذا الزيتون قد برقت
عيناه من دمهم عند الدجى الدجن

ونسمة الفجر أن تفترّ باسمة
تلوح كالشمس ترخي الهدب من وسن

وصحوة الصبح والقندول قد خلجت
له الصدور بقلب خافق وهن

وجلسة الأهل في الشاغور مشرقة
ونكهة التبغ عن عطر الورى تغني

"كل يغني على ليلاه" من جذل
مثل البلابل ناغت فارع الغصن

وحبة القمح تكسو الأرض بهجتها
وعابق الزهر ناد في ذرى الفنن

وراية الفخر في جينين قد حملت
على رعاف طهور من سنا وسن

ونغمة الناي والارغول كم أسرت
قلبا ودغدغت الآهات باللحن

وصرخة الآوف إن أرخت جدائلها
على فلسطين ردَ الرجع في عدن

فهام في حبها الزيتون منتشيا
برقة القول لا برما بذي وطن

وهاجر الشيب رأسا كان يشعله
ورددت سجعها الورقاء من حزن

وان أظلت ربا سخنين صرختها
تهمي الخليل بغيث عارض المزن

وان تردد رام الله أغنية
هز الجليل الجبال الصّم من ركن

وان أهاجت جراح الأرض حنجرة
نسلّ بالصوت ناب الموت والفتن


وقدعاش ظروفاً صعبة منذ طفولته وفي صباه وشبابه - فكان يعيش في خط التماس مع العدوّ الصهيوني في المرحلة التي كان يشقّ فيها طريقه للدراسة وقول الشعر يقول :

أنا لم أكنْ أهذي بهنّ وأهذرُ
وأبوحُ ما كنّ الفؤادُ وأنثرُ

فمنَ البدايةِ كنتُ أعلو صهوَةَ ال
شعرِ الجريحِ .. وموجُهُ يتفجّرُ

غازلتُ موطِنِيَ الحبيبَ وهاجَني
عشقُ الربا وجراحُها تستنفرُ

ونسجتُ من عشقِ الترابِ ربابَةً
تشدو بأحلامي وحلمي يكبرُ

وغزلتُ من نَوْحِ السحابِ قصائدي
ومنَ الهمومِ شربتُ ما يتعكّرُ

وحفرْتُ في صدري فلسطينَ الهوى
وبكيتُ من أطلالها ما دمّروا


لقد اعتقل عام\ 1979 وهو في الحادية و العشرين من العمروكان طالبا في المرحلة الجامعية وكان هذه السنة في بداياته الشعرية, فكتب في فترة سجنه أكثر من ثلاثين قصيدة, ومن هنا يتبين ان بدايته الشعرية ولدت خلف قضبان السجون من خلال ما يعانيه فيها من ظلم وحرمان وقهر واسى ويتحسس ما يحيق ببلده وشعبه من ظلم المعتدين وفي ظل التعذيب في أقبية السجون فاثر ان لا يحيد عن القضية الوطنية وكيف له أن ينأى بنفسه عما يعانيه أبناء شعبه وعما يعانيه اخوته واحبائه وجماهيره, لذا كانت القضية الفلسطينينية وما زالت هي البوصلة التي توجّه مسيرته ولا يستطيع الازاغة عنها فكان غالبيّة شعره المنشور ملتزما بالقضية الفلسطينية ومعبرا عما يعانيه الانسان الفلسطيني في ظل الاحتلال . ويتضح في شعره وصف حبه الهادر للوطن و الوفاء المطلق للكلمة و القيمة الإنسانية التي تتجسد فيه في روح الصمود يقول:

أنا لن أخونَ دمي ولا كلمَاتي
وأزيِّفَ النبضَ الأصيلَ بذاتي

أنا لن أخون قصيدتي فحروفُها
روحي ال تحلّقُ في مدى شرفاتي


ويحدثنا عن نفسه وحاله في بادئ حياته فيقول :

( قال لي والدي - رحمه الله- ذات يوم ( إنّ الشعر لا يُطعمُ خبزاً وستعيش فقيراً ) ورغم ذلك تابعتُ مسيرتي مع الشعر وشققتُ طريقي معه غير آبهٍ بما يمكن أن يحمله إليَّ الشعرُ في المستقبل من مفاجآت, كنتُ وحيداً وما زلتُ وحيداً , كتبت قصائدي على الحجارة وكتبتهاعلى وُريقات وحملتها من مكان لآخر, حملت قصائدي أيها الإخوة في بطني حين خرجتُ من السجن عام 1980, ربّما تستغربون! نعم, ولكن حملتها في بطني على شكل كبسولات صغيرة لأنني خفتُ أن يصادرها الاحتلال وأنا خارج من المعتقل, كانت قصائدي ترافقني في الجامعة وفي العمل لكنّني لم أستطع أن أفرضها على أحد, لم أستطع أن أقنع بها أحداً, لذا لا تستغربوا إن قلتُ لكم أنها لا تجد صدى التأثير السحري في الأسرة إلى الحدّ الذي يغري بمحاولة التقليد أو السير في ذات الاتجاه, صحيح أنّ زوجتي (معلّمة اللغة العربيّة) تقرأ, وتشجّعني, وتقدّر ما أكتب لكنها في الأصل لا تحب الشعر , وهذا ما وجدته عند أبنائي فقد كان يجيبني بعضهم حين أطلب منه أن يدرس اللغة العربية في الجامعة , يقول هل تريدني أن أصير مثلك شاعرا , أنت تقضي وقتك في الحصّة أعرب يا بنيّ, وقال الشاعر؟ نحن نكره الإعراب ولا نحب الشعر, وكنت آنذاك معلمهم في الثانوية,لذا رفضوا دراسة العربية إلا إحدى البنات فقد درستها عن رغبة ونجحت فيها نجاحاً باهراً وهي الآن في كليّة الدراسات العليا في مرحلة الماجستير, تحب الشعر وتروي بعض قصائدي ولكنها لا تكتبه. فكل منهم له اهتمامات مختلفة ولا تتلاءم مع الشعر )

ويتيز الشاعر باسل البزراوي بوفائه لاحبته واصدقائه وما يحمله من قيم إنسانية و كلمة صادقة تمتد حتى خارج وطنه لتشمل اصدقاءه في الوطن العربي الكبير فنراه يقول لصديقه وتوأم روحه الشاعر التونسي (محمد نجيب بلحاج) :

يا توأمَ الروحِ وشّيتَ الجوى شالا
فباتَ شعرُك في خدِّ الورى خالا

لا فرق (ميدة) أو (رابا) إذا صرختْ
تفي إليها لضمْد الجرحِ رئبالا

فتونسُ الطهر مثل القدس تبرقها
سهماً يصول على الأعداء قتّالا

وميدة : هي البلدة التي ولد فيها الشاعر محمد نجيب بلحاج في تونس وربا هي البلدة التي ولد فيها شاعرنا باسل البزراوي

وعندما قامت الثورة في تونس يقول:

خضراءُ نبضُكِ فيالوريد جداولُ
وعلىربوعك تستفيقُ صواهلُ

وعلى ثراكِ الحرّمنبتُ عزّةٍ
تزهو بهافي راحتيكِ خمائلُ
.

ومصطلح أدب المقاومة على الصعيد الفلسطيني ظهر في ستينيّات القرن الماضي على لسان الشاعر الشهيد (غسان كنفاني ) حيث أطلقه في حينها على شعراء الداخل الفلسطيني في كتابه (أدب المقاومة)وتحديدا عام \1968 وقد بدأ عمله الشعري من منطلق رفض الاحتلال ومقاومته ورفض سياساته القمعية والتعسفية ضد شعبه ,لذا نعتبره من شعراء المقاومة الفلسطينية امثال سميح القاسم ومحمود درويش ولطفي الياسيني و لما انتج من شعر في ظل ما يعانيه او تعانيه جماهير الشعب الفلسطيني. وفي ذلك يقول :

بلادي رغم أنياب المنونِ
ورغم القهر والليلِ الحزينِ

ستبقيْ في القلوب دماً وروحاً
وآمالاً وكحلاً في العيونِ


فمهما طال ليلُ الجوعِ يبقى
شموخُ الشعب كالحصن المكينِ

فسلْ إن شئت غزّة والنواحي
برام الله في ساح المنونِ

ستنبيك الحجارة كيف أدمت
رؤوسَ المجرمين بدون لينِ

وتنبيك الشهادة عن أريجٍ
تضوّع في الربا كالياسمينِ

تذكّرْ يا أخي ما دمت حيّاً
فلسطين المقرّحة الجفونِ

تذكّرها ولا تنسى ثراها
ولا تعميك آفات الجنونِ

وقد بدأ عمله الشعري من منطلق رفض الاحتلال ومقاومته ورفض سياساته القمعية والتعسفية ضد شعبه لذا نعتبره من شعراء المقاومة لما انتج من شعر في ظل ما وتعانيه جماهير الشعب الفلسطيني ومن قصيدة إلى روح (الشهيد أحمد سعيد شعبان) من( الجلمة )من مدينة ( جنين) حيث يقول :

مضيتَ أحمدُ والفرسانُ تنتظرُ
مضيتَ شهماً هماماً خافه القدَرُ

مضيت كالريحِ في ليلٍ تناوبَه
رعدٌ وبرقٌ, وما شابَ الدجى القمرُ

أنت الكبير بعين الشعب إن نظرتْ
أنت العظيمُ إذا ما عُظّم البشرُ

قد مِتّ موتاً شريفاً من مهابته
تبكي الجبالُ, ويبكي الساحلَ البحرُ

لا بأسَ فالموتُ في الأوطان مكرمة
لمن شجته جراح الأرض والحجرُ

لا بأس أحمدُ فالأيامُ شاهدةٌ
والله يشهد والمقلاعُ والشجرُ

ويشهد الله والمقلاع ما غمضت
عيناك يوماً ولا أغضى بها النظرُ

تقضي الرجولة أن نحيا على وجَلٍ
وأن نموت وفي قبضاتنا الجمرُ

وأن نسجّلَ تاريخ الجوى بدمٍ
يروي الترابَ إذا لم ينزلِ المطرُ

أبكيك أحمدُ, فالدمعات نازلة
والقلبُ يحزن للذكرى وينفطرُ

تبكيك"جلْمَةُ "والأطفال إذ ذكرت
كرَّ الرجال بسهل الجلمةِ العُصُرُ

تبكيك " جلمة" والأيام تذكركم
والروحُ تهذي فقد أزرى بها الخبرُ

فمسألة الالتزام بقضايا العروبة وقضايا الأمّة هي ذاتها القضية الفلسطينية ولا فرقٍ عنده بين شاعرٍ وآخر وبين شخصٍ وآخر كماعودته الظروف,لذا ننراه يجد تلك الفروق بين من ينتمون إلى الجنسية أو البيئة ذاتها, هي التي ترتبط بالظروف الموضوعية والذاتية للأديب, فمعاناة الشاعر الفلسطيني معاناة مركبّة, فقد تعرّض وطنه لأبشع أنواع الاحتلال الاستيطاني ويتشرّد هو كما تشرّد شعبه وعانى الغربة بأنواعها وتعرّض للسجن والاعتقال والقمع على أيدي الغرباء ,اما معاناة الشاعر العربي فهي معاناة اجتماعية اقتصاديّة في مجملها وناتجة عن الصراع بين الفئات الاجتماعية المختلفة أو ربما تكون نتاجاً لأسباب سياسيّة مختلفة , بينما وهنا لا بدّ له من أن يجد نفسه في خندق المواجهة مع المحتل الأجنبي الذي يستهدف وجوده القومي .هذا الأمر يشكّل بحد ذاته سبباً في نضاله لاجل العروبة والانصهار بها في نضاله وصراعه مع العدو القومي الذي يسعى لمحو ملامح شخصيته الوطنية والقوميّةوكان لايبتعد عنها إلا حين يتناول بعض القضايا القومية العربية والتي لا يجدها منفصلة عن القضية الفلسطينية
.
وبالنسبة له كان الوطن والقضية الوطنية أكبر من السياسة, فلم يلتزم سياسة معيّنة ولم يدع مجالا للسياسة كي تتحكّم بإنتاجه الأدبي لأنه يرى ان قضيته الوطنيّة أكبر من السياسة. والحقيقة المرة انه كان يرى نهم يعانون من الاضطهاد القومي وليس الطبقي وإن وجد , لذلك كتب للوطن وتجاوز عن كل ما يمكن أن يؤدي الى الانحراف عن الوطنية, وقدلجأ الى الشعر العمودي الذي يراه يجسّد عروبة الشعر في تقاليده الفنية للقصيدة العربية فجاء شعره في قصيدة العمود الشعري ذي الوزن والقافية والذي يراه هو القاسم المشترك في كل الاقطارالعربية قديما وحديثا وسيبقى .

ملكتُ القوافي فاستقامَ هجينُها
وأزهرَ ما بين السطورِ رصينُها

وألقت على وهج الحروف خمارَها
وسلّت لحاظاً كالسهامِ جفونُها

ليَ ابتسمت عشرينَ عاماً ولم تزلْ
تضاحكُني في النائباتِ سنونُها

فأنهل منها ما أشاءُ وأستقي
قراحاً, إذا ما جنَّ ليلاً جنونُها

ولولا إباءُ النفسِ والبأسُ والنوى
لثمتُ زهورَ الوردِ أو ما يصونُها

ولولا نزيفُ الأرضِ كانت قصائدي
ترِقّ لها بيضُ الليالي وجونُها....

تنازعُني نفسي فقلتُ ألومُها
كفاني افتتاناً في القوافي عيونُها

فلي وطنٌ ملء الجوانحِ شوقُهُ
وملء فؤادي في بلادي أنينُها

شحذتُ لساني في معاناة أهلها
وقد غيّبتْهم في العذابِ سجونُها

رأيت بعيني بعضَ أشلاء فتيةٍ
تئنُّ, وآهاتٍ تميدُ شجونُها

وذقتُ مرارَ العيشِ في غيرِ مرّةٍ
ورمتُ منَ الشدّاتِ ما أستهينُها

ومن هنا لا بدّ له من أن يجد نفسه في خندق المواجهة مع المحتل الأجنبي الذي يستهدف وجوده القومي .هذا الأمر يشكّل بحد ذاته سبباً في نضاله لاجل العروبة والانصهار بها في نضاله وصراعه مع العدو القومي الذي يسعى لمحو ملامح شخصيته الوطنية والقوميّة وكان لايبتعد عنها إلا حين يتناول بعض القضايا القومية العربية والتي لا يجدها منفصلة عن القضية الفلسطينية .
فعندما تم احتلال بغداد عام 2003 على يد الامريكان واعوانهم هب الشاعر ثائرا حيث لم يكن حدثاً عابرا , إنّما يمثل سقوطا للكرامة العربيّة التي مثّلتها بغداد ومثّلها العراق فالعراق دولة عربية, تمثل قوّة ضاربة وعمقاً ستراتيجيّا للثورة الفلسطينية فاحتلال بغداد يمثل نقطة ضعف ومهانة للكرامة العربية وتحطيما لإرادتها القومية , تعرّض العراق وما يتعرّض له العراق من احتلال كان بسبب مواقفه الوطنية والقومية المعادية للقوى الامبريالية و الصهيونية والقوى الرجعية العربية التي كانت حامية للمصالح الغربية في المنطقة العربية فهو بمثابة حلقة من حلقات مشروع كبير يستهدف الوطن العربي ككل للسيطرة على مقدّراته والهيمنة عليه وللاسف احتل العراق وحكم من قبل حفنة ابنائه جاؤوا مع المحتلين وكانوا اذنابا لهم ومن هنا نبع موقف الشاعر باسل البزراوي وهو ينشد بغداد الحبيبة ويواسيها في محنتها فيقول :

أبكيكِ بغدادُ أبكي من جراح غدٍ

تلوح في الليل من صفوانَ للنّقب

أبكيك بغدادُ أبكي الصبح من ألمٍ

فذي ابتسامة ثغر الصبح لم تَؤُبِ

أبكي الرّياح فما في الريح من خبرٍ

يهذي إليّ بما في القلب من سغب

يا عينُ بكّي على بغدادَ وانتحبي

فقد شجاني الجوى في صدرها التّرِبِ

أبكيكِ بغدادُ أبكي من جراح غدٍ

تلوح في الليل من صفوانَ للنّقب

أبكيك بغدادُ أبكي الصبح من ألمٍ

فذي ابتسامة ثغر الصبح لم تَؤُبِ

أبكي الرّياح فما في الريح من خبرٍ

يهذي إليّ بما في القلب من سغب

أظل في الأفق آمالٌ تعلّلنا

والرِّجسُ يجثم في الصحراء و الكُثب

أبكيك بغدادُ أبكي العُرْبَ قاطبة

أبكي العواصم في تاريخها الجَدِب

أبكي الطوائف والأزلام من وجعٍ

أبكي الزّعاماتِ في الأوكار و الرُّتب

هاموا بليل الأمِركانيّ وانطلقوا

في موكب الخزي نهّاباً وذا شغب

جسّوا وجاسوا خلال الدارواتخذوا

خازوق عار من الفولاذ لا الخشب

واستضحكوا الكل حتى قاء بعضُهم

ودنّس الارض فيما قاء من خطب

ما كنت أعلم أن يأتي الغزاةُ بمن

يقود شعبا عريق الاصل والحسب

شعب العراق تقدم فالذرى فزِعت

فلا الزبيديُّ يحميها ولا الجلبي

فمن يخون دماء العُرْبِ قد برئت

منه الشعوب طَوال الدهر والحقب

ولن يكون رئيس القوم راوية

يجتر ما قاءه الاوغاد في ريب

ولا يكون حراميّا ومجتلبا

مع الصواريخ والأرتال والرُّعب

فمن أراد العلا يمشي له بطلا

ولا يزيّن وجه القوم بالقصب

ومن يلاق ِالرياح الهوج عاصفة

أحقُّ ممّن يُغّذ الخطو بالهرب

إني أشُكُّ ببعض القوم إذ ولجوا

باب العروبة من مصراعها الخَرِب

لو تحفرون قبورا تأنسون بها

أحياء َكانت لكم سترا من العتب

أما تذودون عن أرواحكم كذبا

قداّم شعري وما في الشعر من كذب

يا صاغرين أمام الشعر لا تقفوا

فلن تنالوا سوى التوبيخ من أدبي

فاستحكموا بل ولوذوا في وجاركم

إنّ الوِجار لكم خير من القبب

يغيّر الله أحوال الورى أبَداً

فيما تغير أمريكا دم العرب

حاشا الشريعة والقرآن ما رسموا
من قلب دبابة غربية النسب

وكانت المرأة حاضرة في شعره ولذا لا تخلو أشعاره من قصائد غزليّة لكنها قليلة. فقد كتب قصائد في الغزل وكتب للمرأة المناضلة وكتب للمرأة الام ومن شعره في المراة هذه الابيات :

هنّ الشذا والعِطرُ والأدبُ
وهنّ أمّك أو أمّي فلا عجَبُ

وهنّ أرقى الورى روحاً ومنزلةً
عند الكبارِ, وهنّ القطرُ واللهبُ

فكم سَهِرنَ وأيّامُ النوى عبرتْ
ونحنُ نلهو وما لفّ الرؤى النصَبُ

وكم تجافى لهنّ الدهرُ وامتطرتْ
سودُ المآقي دموعاً لُجُّها لَجِبُ

هنّ القواريرُ طهرُ الروحِ عابقة
شذا الغرام الذي رقّت له الحِقَبُ

فارفقْ بهنّ ستشتار الهوى عسلاً
ما رفّت العينُ أو ماست بها الهدُبُ

نثرْن طيبَ الهوى في خمرةٍ ثمِلتْ
بها الحياةُ ولَذّ الشرْبُ والعبَبُ

نهلنَ من زهرةِ القندولِ رقّتَها

فكُنّ نخلاً وفي أعبابِهِ الرطبُ

وكنّ صُبحاً أضاء الأفقَ وانتشرتْ
طيوبُهنّ فلجّ الشعرُ والخطبُ

ما الشعرُ فيهنّ إلا الحسنُ مُجتلباً
منهنّ, والحبُّ بالتحنانِ مجتلَبُ

والشعرُ فيهنّ يحلو حين تبرقُهُ
عيونُهنّ التي تزهو بها النقُبُ

ما أجملَ الشعرَ في عيني فاتنةٍ
بدَتْ "حديثَةُ" فيها أو بدتْ "حلَبُ"

لا الشمسُ تسطعُ ما افترّتْ مباسِمُها
عن العوارضِ بيضاً حين ترتضِبُ

هنّ الملائكُ أضفى اللهُ حكمتهُ
على وجوهٍ الغواني زانَها الأرَبُ

وفي تغزله بانثاه حبيبته يقول:

كتبت من الهوى آيات عشقي
إلى السمراء ما عشقت كتابي

أحبّ الدلَّ في عينيك يصبي
وفي خمر الجواب على الجواب

أحبّ الشالَ حتى الشالَ يروي
حنيني والجوى حلوَ الشرابِ

أحبُّ عباءةَ السمراءِ حُبّي
لسمرائي ويُغريني التصابي

تصابت لي العباءةُ حين رفّت
رفيفَ الفجرِ في اليوم الضبابي

أحبُّ مِنَ البناتِ " ندى" لأني
عشقتُ الشَّعرَ ورديَّ الذؤابِ

فلي حبٌّ بها قد ضاعَ عمري
إذا ما ضاع حبي كالسرابِ

جلستُ فأجلسَتْ ظبياً أمامي
كمريمَ زيّنتْ آيَ الكتابِ

لها وجهٌ كأنَّ البدرَ منهُ
أطلَّ على الحبيبِ مِنَ النقابِ

فلسطينيةُ العينينِ تبدو
بدلِّ عيونها نارُ العذاب

فلسطينيتي السمراء أوهت
فؤاداً في ربوعِ الجيدِ صابي

ألا تدرينَ حينَ مَسَسْتِ قلبي
فقدتُ ببنتِ "أحلامي" صوابي

تهيمُ على دياركِ بعضُ روحي
وجسمي يضمحلُّ بأرضِ رابي

إذا أحببتُ أحببتُ السواقي
على الشفتينِ حاليةَ الرِّضابِ

وأحببتُ العيونَ وقد تراءى
سوادُ الليلِ من تحتِ الهدابِ

وفي قصيدة اخرى بعنوان ( جهينة ) يقول :

عهدتُ النوى حتى أذيبَت حُشاشتي
وفاضَ شفيفُ القولِ وامتدّني جِسْرا

فميلي كما شاءَ الزمانُ وكلّ لي
ربيعَك نأياً طال واستوقد الفكرا

لك العهدُ أن تبقيْ على الشعر ديمةً
تهلُّ بغيثٍ يخصبُ الروحَ والطهْرا

أغنّي على ليلى وليلى تُريقُني
على صهوة الهجرانِ إذ تمتطي الهجرا


وللشاعر باسل البزراوي مؤلفات عدة منها :

1- سميح القاسم: دراسة أدبية نقديّة في قصائده المحذوفة,
2- ملامح الغربة والحنين في الشعر الشعبي الفلسطيني

ونشر الشاعر دواوين شعريّة أيضاً,منها :

1- أغنيات في الزمن المستعار عام 1986.
2- أقول لكم, عام 1992.
3- ترنيمات على أوتار الزمن منشورات المركز الفلسطيني للإعلام – جنين عام 2010.
4- قصائد , جمهورية مصر العربية عام 2011.

اشترك الشاعر مع شعراء من جنين في مجموعتين شعريتين وهما:
1- نفحات من مرج ابن عامر.
2- أشرعة.
والشاعر هو عضو في اتحادالادباء و الكتاب الفلسطينيين منذ عام 1992.
واخت بحثي بهذه القصيدة الرائعة من شعره :


يا طائرَ البرقِ ما للبرقِ يُصبيني؟
ويوقدُ الشوقَ في صدري ويغريني

أبيتُ أرقبُ خلـفَ الغيـمِ مطلعَـهُ
وفي الحكايـا وأزهـارِ البساتيـنِ

أرى الوميضَ كأنّ الصبحَ يسكنـهُ
وحولهُ الغيمُ سارٍ فـي شرايينـي

أسامرُ الغيمَ علّ الهمسَ يحمِلنـي
إلى فضاءٍ سرى في الفجر يَحكيني

أضمُّ عطرَ الثرى فالصبحُ يألفنـي
ويشربُ الخمرَ من دنّي ويروينـي

وأسْكِرُ الصبحَ من خمر القصيدِ بها
وإن تنكّر لـي صبـوُ الشياطيـنِ

فقد غدوتُ حروفاً مـن حكايتهـا
تشيخُ فيها أساطيـري وتوحينـي

مضى الزمانُ بها, ما للزمانِ ولي
حتى تبعثرَنـا ريـحُ الخماسيـنِ؟

تلوذُ فـيَّ وتـذرو دمعَهـا ألمـاً
وما تظـنّ بـأنّ الدمـعَ يُدمينـي

وما تظنّ بـأنّ الـروحَ تسكنهـا
وتسكنُ “الطيرةُ” النجوى و”سيرينـي”

وفيّ حلّت ربا “حيفا” ومـن ألمـي
تبوحُ “ميعارُ” أسـراري و”مَيْرونـي”

تعيش فيّ وتحلو حيـن تنبضنـي
بين الضلوع وعند الليل تهذينـي

تجيشُ في الصدر آهـاتٌ أعلّلهـا
بما أمِلتُ وهل دهـري يُوافينـي؟

فلستُ أدري إذا ما شاخ لـي أمـلٌ
والليـل يظلـمُ والأيـام تعيينـي

فمنذُ أن كنتُ كنتِ الجرحَ يُؤلمنـي
وكنتِ دفءَ حروفي في دواوينـي

وكنتِ لي وطناً في القلب أحملُـهُ
وما يَزالُ علـى الآمـالِ يحيينـي

لك القصائد مثل السيـل تسكبهـا
روحي فتسقي لماها ما تُساقينـي

ما أنت إلا احتراقاتـي وموجدتـي
ولستِ إلا عبيرَ الشعـر يعرونـي

أدمنتُ روحك أسقيها الهوى
بدمي وأعزفُ الدهرَ ألحـانَ المجانيـن

فمـا ذكرتـك إلا بـتّ أبصرنـي
من رقّة الشوقِ قد تاهت عناويني

فهل نعودُ وهل للنفس مـن وجـعٍ
إلا فـراقٌ, وأرضُ الله تَطويـنـي

وهل تروقُ الليالي بعـد جفوتهـا
وتشرقُ الشمسُ بينَ الغيمِ تحدوني

ظمئتُ واللهِ, إذ ضاقت بما رحُبـت
كلُّ الحدودِ وغيضَ الحبرُ من دوني

وتاق قلبي شذا الأغصان مائسـةً
مع النسيم وأصـواتِ الحساسيـنِ

فكيف أسلو وما في سلوتـي أمـلٌ
إلا اجتراحُكِ من عطر الرياحيـنِ؟

فما سلاني اختلاجُ الروح أو بكرتْ
إليّ تسعى الخوافي كي تُناجينـي

فصرتُ أهذي وتهذي بي مخيّلتـي
في كلّ ناحيةٍ قـد تـاهَ مكنونـي

وقفتُ ليلاً أناجي الظلّ واشتعلـت
في مقلتـيّ أساريـري لتصبينـي

فتثملُ الروحُ من راحٍ بها انسكبت
على القوافي فكانت فيـكِ أفيونـي

لك الدواوينُ من جرحٍ ومـن أمـلٍ
يسري بقلبي وروحي يومَ تكويني

فلا تظنّـي بـأنّ الشعـرَ ينبضُـهُ
سوى ربوعك في الوهج الفلسطيني




******************************









https://falih.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى