ختــام حمـــو د ة
( شاعرة المنافي)
هِيَ خِتام بِنْت صالِح بِنْت مُصْطَفى بِنْت حَمُّودَة أصْلُ عائِلتها
مِنْ مَدينة ( رام الله ) مِنْ فلسطين ,تَحْمِل الجِنْسية السّويدية (الأروبية) وَأيْضا الجِنْسِيَّة الأرْدنية وَتَتَكَلَّم العَرَبية والسّويدية والإنْجليزية ,أَبوها رَجُلٌ مُتَدَيّنٌ عُرِفَ بالتَّصوّفِ وَأمّها مِنْ مَدينة ( اسدودية ) مِنْ فلسطين أيْضا.
وُلِدَتْ في اليَوْم السَّادس مِنْ شَهر تِشْرين الأوَّل (أكْتوبر) سنة \ 1973 في مُحافَطة( البلْقاء ) في ( شَرْقي الأرْدن) بَعْدَ أن انْتَقلَ والِداها إليْها وَفي سَنة\ 1976 سافَرَتْ عَائِلتها إلى أوربا (فرنسا وألمانيا) وَسَكَنَتْ في ألمانيا في مدينة ( أوفن باخ) وَكانَ عُمْر الشَّاعِرَة يَوْمذاكَ ثَلاث سِنين إلّا أنَّ والِدَتها عادَتْ إلى الأرْدن واصطحبتها معها بينما َبَقي والِدها في ألمانيا.
تَعَلَّمَتْ خِتام دُروسها الأوَّلية وَالثانَوية في مَدينة ( عَمَّان) العاصِمة الأرْدنية حَيْثُ دَرَسَتْ المَنْهَج العِلْمي وَحَصَلتْ عَلَى شَهادَة الثَّانوية في فِرْعها العِلْمي وَعَكَفَتْ عَلى دِراسَة الرّياضيات , ثُمَّ غَيَّرَتْ مَسارَ دِراستها مِنَ العِلْمي إلى الفَرْعِ الأدَبي الأكاديمي ,وَدَخَلتْ كُلّية ( الخُوارِزْمي ) في مَدينة ( عَمّان ) ,وَعَكَفْتْ عَلَى دِراسَة عُلوم اللُّغة العَرَبيَّة وَمَناهِجها اللّغَويَّة وَمَسالِك النَّقْد الأدَبي قَديمه وَحَديثه , وَتَخَرَّجَتْ مِنْها بِامْتياز فَكانَتْ ( الثَّالثة عَلَى وَجْبَتها ) باِخْتِصاص اللُّغة العَرَبية سَنة\ 1993.
أحَبَّتْ الشِّعْرُ مُنْذُ طُفولتها وَنَظَمَتهُ خِلال دِراسَتها في المَرْحَلَة الثَّانوية , وَمِمَّا تقُول في شِعْرها الغَزَلي :
حُــروفُـــك حَـفّهــا نَهْـــــجٌ مُنيـــرُ
يَـميـــدُ كــأنَّــــه قَـمَـــــرٌ وَ نـــــورُ
وَ عِشقكَ في ضلوعي ِمثل جمْـرٍ
.وَ خمْـــري وَالكُـــؤوسُ لَــه تَثــورُ
سَمــاءُ الحُـــبِّ بَعْـــدَكـــمُ يَبــابٌ
وَ أنَّ الدَّمْـــع لــــوْ تَــــدري حَــرورُ
وَ حُبّــكَ وَالْهَــوى عِنْــدي انْعتـاقٌ
وَ قَلبْــــي والشُّعــــورُ بِــــهِ يطيرُ
وَ كَــم سَرَّحْتُ في الأحْلامِ وَصْلًا
وهذا الضّلْـــع لَوْ تَنْـــــــــأى صَبورُ
ـــــافٌ يُعانِــــــدها لِقـــــاءٌ
شَكَـــوْنَ البُعْــدَ و النَّجْـوَى سَعيرُ
تــــواعَـــدْنا فَمَــــا أَوفَــــتْ دُروبٌ
لِتَأخُذَنــــي المَنــافي و المَسـيرُ
أُراقِبُ فـــي الغِيابِ رُجـوع قَلْبـي
وَدَرْبُ الحُــــبِّ يَسْلُكـــــهُ الغَريـرُ
لِأجْلِكَ قَـــدْ عَجَنْتُ الحُــــبَّ طُهْرًا
أســـامِـــرَهُ الأنا وَأنـــــا الطَّهــــورُ
عَلى كَتِفي حَمَلتُ الشوق شَوْكًا
وَفي فَلَكــــي عَلَـى فَلَكــي أدُورُ
أدورُ بِكُــــلّ رُكْــــن فـــي سَرابي
وَلا غَيْـــري بِروحـــــي مَــنْ يـدورُ
فَمَنْ مِثْلي يَرى في الحُــزْن لوْنا
بِه تَسْمـــو عَلى الزَّهْر الزُّهـــورُ
وَ كَـــمْ عَتَّقْتُ للأفنـــان شِعْــــرا..
.وَإنَّ الشِّعــــرَ لـــو تــدْري خُمـورُ
تمهل يا هَـــوى نَجْــواكَ همّــــي
فَشَطُّـــكَ رَمْلُـــهُ صَلْـــبٌ عَسْيرُ.
فَحُبَّــــكَ بالحَنايـا مِثْــــــل دَفْــقٍ
وَشَوقـــي وَ البعـادُ بِــــــهِ يَمــورُ
عُيِّنَتْ في وَزَارة العَدْل الأرْدنيَة ( قِسْم المَحاكِمْ) عام \2008 إلا أنَّها لَمْ يطل فيها المَقام في الأرْدن بَعْدَ تعيينها فَقَرَّرتْ العَوْدة مِنْ جَديد إلى أروبا في السُّويد ملتحقة بابيها الذي كان قد انتقل من المانيا الى السويد بهذه الفترة
اشْتَغَلَتْ خِتام مُدَرَسة للُّغة العَرَبية في دَائِرة التَّربية والتَّعليم في السّويد لِلجاليات العَرَبية وَلا تَزال تَسْكن في السَّويد.
وقَامَتْ بِتَرْجَمة عَدد مِنَ القَصائد الشّعرية لعدَدٍ مِنَ الشُّعراء من اللغة العرَبية إلى اللغة السّويدية ...
اشْتَرَكَتْ في العَديد ِمِنَ الِّلقاءات الشِّعرية في إذاعة ( صَوْت العَرَب) المِصْرية وَنشِرَ مُعْظم شِعْرها في الصُّحفِ المِصْرية مثل ( صَحيفةِ الأخْبار ) وَصَحيفة ( شارِع الصَّحافة ) وَصَحيفة ( الأهْرام) في مِصْر وَفي (المَجلَّة الفلسطينية ) وَ صَحيفة ( سَما فلسطين ) وَصَحيفة ( مَنْبر العَرَب ) في فلسطين . وَمَجلّة (الجَسْرة الثَّقافية ) وجريدة ( صَدى مصر) ومجلة (أضْواء مصر ) الإلْكترونية وغيرها كثير كما نشرت الكثيرمِن قَصائدها في مَواقع التَّواصل الإجتماعي والمُنتديات الأدبية والصُحف والمجلات الإلكترونية .
نظمت الشعرالعمودي وكان أغْلب شعرها في القصيدة التقليدية الموزونة والمقفاة ولها محاولات في شعرالتفعيلة ايضا ومن شعرالتفعيلة تقول في قصيدتها (نُبوءَة الكَهْف المَطَير)
عَوّذْتُ شِعْري بالثّلاثِ وَما تَلا
وَحْي السَّماءِ بِخَلْوةٍ قَدْ كانَ فيها المُصْطَفي
وَأشُدّ حَوْلي كُلَّما سُرِجَتْ بِخَيْلي بُرْدَة
تُهْدي إلَيَّ مَليحَةً دَفَقَتْ بِألوانِ اللَيَاحِ بِغُدْوَةٍ
وَأَقولُ قوْلي كُلَّما قَطَرَتْ عَلَيَّ سَماوَتي
وَتَكَشَّفَتْ حُجُب الرُّؤي
قَوْلٌ يَقولُ نُبُوءَةً نُقِشَتْ عَلى كَفّ الْهَوي
وَفِراسَتي نِبْلٌ سَديدٌ صائِبٌ
وَبَصيرَةٌ مَرْفوعَة عَنْها الغِشَا..
فإليْكَ بَعْض القَوْلِ مِمّا قد هَمَا..
بِسَريرَةٍ قبْل السُّري ....
نُبِّئتُ أَنَّ الشرّ يَفْتِلُ طَيْسَلا...
وَيُريدُ سُوءًا في الطَهورِ مُسافِحًا
ويُقيمُ زَوْرًا فِي الرَّقيعِ مَعارجًا
فَتَلَبَّدَتْ سَوْءَاتُهُمْ في الرِّجْسِ مُوْغِلَةً بهم
والشّر مَعْقودا بناصية ومُحْتَكِمًا بِها
وتَشَذّرَتْ بِالْإِفْكِ مِنْهُمْ عُصْبَةٌ
في جيدِها حَبْلٌ بإثمٍ قدْ جَثَا
فإذا دَنــــوا قالوا عَلَــوْنا في المَلا
فَتَهاتَــــــنَ التَّهْتَانُ صَيْبًا نافِعًا
بأسٌ أشدُّ مِنَ الخُطـــــــــوبِ وَقيعُه
فَتَفَرَّقوا زُمُرًا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ صَرَدٌ بِها
يُنْعي بِها قَبْلَ الغُروبِ غُرابها
فَتَعَوَّذوا بالنّـــــورِ مِـــــــنْ سَدَفاتِه
نُبِّئتُ أنَّ الطهر يَخْصِفُ لَيْلَكًا..
وَيَزيدُ وتْرًا في السُّجـــود مُكَمّلًا..
ويَهُزّ شَوْكًا في الذُعافِ مُغَمَّسًا...
يَسْعي كَأفْعي في البلاد مُباغِتًا
في خَيْط ِحَلْكٍ يَحْتَمي في ثُلْمَةٍ
ولَقَدْ رَأَيت اللاَّتَ وَالْعُزَّى وقَدْ عادَتْ بِهم
بِجَهالَةٍ وعِبَادَة وَثَنِيَّة كانَتْ سُدي
وَمَناة ثالِثَــــــة تَلَـــــــتْ...
فَزّاعَةٌ بِقُشوشِها طيرٌ غَفَتْ...
فَتَنزّلَ الطُوفَان حَدّا مانِعًا والْخيْر يَعْقِبُ طلَّه
بِصَريمَةٍ و غَضَاضَة ٍكانَتْ دُجي..
وَلَه بِنَصرٍ والضَّلال صَعِيده جُرُزًا..
يُواري سَوْءَةً كُشِفَتْ لَنا...
فَبَدا وَعيد اللّيْلِ في الثّلْث ِالأخيرِ مُداهِنًا
يَرْعي الْخَطايا فــــي عَفيرِ رَذيلَةٍ
فَتَعَمّدَتْ بِالنّور فَتْلَ ذُبالَةٍ شَرْقيَّة..
فكَأَنَّهَا مَرْبوعَةٌ ذَهَبًا بِزَيْتٍ قَدْ سَنا
فَدَنتْ كأمثالِ اليَقينِ بَصيرةً.....
لا رَوْعَ َيَفْتِنَهُمْ وَيَجْمَعَهُمْ تُقي .....
فتخيَّروا وَتَيمّموا صُعُدا طَهورا دَرْبها
ورَأَيْتُ أنّ السَّامِرِيّ يَسوقُ عِجْلًا لا خُوَارَ لَه
يُناطِحُ صَلْدَةً بَهْماءَ فوق أُجَاجَةٍ لا حَــوْلَ بِها
وَدَنَتْ حِراب في النَّقيع نِصالها
يَوْمًـــــا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا حالِكًا
وَالْحرْبُ تَقْرَعُ في القُطوبِ سَعيرها
فَهَما الرَّمادُ عَلــــي الْعِبادِ جَحافِلا
والجُبُّ مَحْلٌ قَعْرها ....
وَشُطونُها شَوْكًا يَبوسًا مُجْدِبًا....
والخَيْلُ قَدْ عادَتْ مُسَوّمَة بِمَدٍ من سَنا
وَتَصيرُ أعْجازُ النَخِيلِ حَواسِراً
ذَرَّتْ عَلَيْها الرّامِساتُ قَتَامَةً ...
فَتَزَوّدوا بالصّبْرِ عِنْد شَديدَةٍ...
مِنْ بَعْدِها ظَفَرٌ يَحِلّ بِأرْضِكُمْ ...
وَبَراءَةٌ مِنْ خَلّةٍ بَغْضاءَ مُهلِكَةٍ عَفَتْ
يا رَبُّ صَفْحُكَ إنْ زَلَلْتُ بِزَلّةٍ ....
والعفو عفوك والشفيع المصطفى
لكنّي أرى في قَصيدَتها جُنوحًا إلى الشّعرالعَمودي في كَثيرٍ منْ سُطورها الشّعرية فَهيَ شاعِرَة تغلب على شعرها القصيدة العمودية فيأتي باسلوب الحَداثة المُعاصِرة .
تَعَرفت عليها عَنْ طريق التواصل الإجْتِماعي وتابعتها واطّلعتُ عَلى الكَثير من قصائدها الشِّعرية فهي شاعِرة ملهمة فذَّة بحق. تمتاز باسلوب شِعري قَوي وَمَتين قلما يقول الشُّعراء مثله تغلب عَلى شعرها مسْحة صُوفية في أغْلب قَصائدها وَنَشْعر به حتى بين أبْياتها في القصيدة الواحدة وإنْ كانتْ قد خَصَّصتها للقول في غَرض اخر وَقد أفرَدتْ للشعر الصوفي ديوانا خاصا به اسمته ( رَكائب النور ) ومن شعرها الصوفي هذه الأبيات :
حَـــرْفي بِقافِيــــةِ التَّصوّفِ سابِــحُ
وَتَشـدُّ كَفّي فـــي الأثيـــرِ مَسابِحُ
رَتَــمٌ مِـنَ الهَمـْسِ البَعيــد يَحُفّني
وَتَسِلُّ روحــــي لِلْغيــابِ مَطـــارحُ
وَبِظـلِّ عِشْقـكَ للشّعـــورِ سَمـاوَةٌ
وَ صَبابتـي فيهـــا الغَـــرام مَسارِحُ
بَيْنـي وَبَينـــك ألْفُ عِشْــقٍ نابضٍ
وَالْعِشْقُ حَرْفٌ في مَقامـِكَ رامِـحُ
فَعسى الطّيوب إليْـكَ يَنْثرُ عِطْرها
عــودُ البَخـورِ وَ تَسْتفيـضُ رَوائــحُ
لُغَتـــي تُتَمْتِـــمُ لِلـرِّيــاحِ مَعـاجِمًا
وَتسوسُ شِعْــري كاللَّياحِ مَدائـحُ
يـا لَيْتَنـي لِلنُّـــورِ خَيْـــط غِــلاَلــةٍ
وَتَلُفُّنـي بِمَـدى السَّنـاء وَشائِــحُ
وَأكــونُ مـا بَيْـن النُّجــومِ بِسَرْمَـدٍ
وَتَـزفّ رُوحــي لِلعُــروجِ مَصابِـــحُ
رُوحي تُحِبُّكَ مُذْ وَعَيْتُ مَشاعِري
وَ الحُبُّ فـي طَـيّ الأضَالِع قَـادحُ
خِتام حَمَودة شاعِرَة عَرَبية فلسطينية تَحِنُّ إلى بَلَدِها فَتَكتب فيهِ وَفي مِحْنتهِ وَمِحْنة هَذا البَلَد السَّليب كَبيرة فقَد كَتبتْ الكَثير لِشَعب فلسطين وَحُرّيته وَأرْضه المَسْلوبة رُغْم بُعدِها عَنْه وَعَيْشها في المنافي كَما تَذْكُر. وَتَتَحدَّث عَنْ نَفْسها فَتَقول:
أنا غادَة بـي جُمـوح الخَيـالِ
ولبل تُسَـرْمِدُ كَفِّــيَ صَخْبَهْ
أُسَـرِّحُ ظِلّـي بِوَجْـهِ المَــرَايا
بِلَـوْنِ الخُـزامى أُراوِدُ عُشْبَهْ
أَضيـــعُ أَضيــعُ بِـدُنْيـا هَــــواه
وَأعْشَقُ أعْشَقُ بالحُلْمِ قُرْبَهْ
توسدّ ضِلْعـــي لَهيبُ الوٍصال
إليه وَ قلْبـــي تَعَشَّق هُدْبَه
عَجَنْتُ المَنافـي بِماء العُيون
لأجْبِــل شَوْقَـًـا يُبايِــعُ قَلْبَــهْ
وَطِرْتُ لِوَحْدي وَوَحْدي أطير
كَسيــر الجَناح ِ لِأبْلــغ رَكْبَهْ
وَ طارَ الغَرامُ بِسِــرْبِ الغَرامِ
وُجُنْحي الطَّرِيّ يُلَمْلِمُ سِرْبَهْ
أيا حُبَّ خُذْنـي لِأرْض العِناق
فَمَنْفــاي رُوحٌ تُطــالِعُ دَرْبَــهْ
أنا بي خَتَمْت اشْتعال الحُروف
وَ كُلَـي بِكُلّي يُغــادِر صـَــوْبَه
أراهُ وَ لا مِـثـــلــه مَـــــنْ أراهُ
فَما عُــدْت أنْظُر بالحُبِّ عَيْبَهْ
:وفي قَصيدة وَطنية المَغْزى تقُول
أ ُحــاوِلُ في هَــواكَ وَلا أُحـــاوِلْ
فَيَشْقَى عِنْـدَ مَدِّ المَوْجِ سَاحِلْ
وَيَسْرَحُ في كُفوفِكَ خَطُّ عُمْري
وَ فـي كَفَّيْـكَ يا وَطَني سَلاسِلْ
أنا الطُّـوفان فــي وَجَـع المَنافي
أُرابِــطُ وَالحَنيــنُ إلَيْــكَ صاهِـــلْ
وَأفْصِحُ لِلْمِدى عَنْ سِرّ صَمْتي
فَيحْمِلني اللّياح بِجنِـــحِ زاجِــلْ
أنا كُثْبــــانُ صَبْرٍ فـــي المَلاقي
وَمُهْـــرٌ شَــتَّ عَنْ لَيْــلِ القَبائِلْ
هُنا قَـدْ صغْتُ مِنْ تحْنانَ ضِلْعي
إلى عَيْنَيــكَ يا وَطَنـــي مَكاحلْ
وَمِنْ وَجَــع الظِّلال أجيء عُشْبًا
وَ دفْلـى لَــمْ تُطارِحُها المَنـاجِلْ
ألــوّحُ في مَــدَى الإعْصار نَخْلي
وَ نَخْلي غَصَّ مِــنْ حُزْن العَنادِلْ
بِصَدْري تَأْكُــــلُ الِّنيـــران عُمْـرًا
وَتَكْبُرُ غُرْبَتَـــــي وَ غَـدي يُماطِلْ
وَ أطْـعِــمُ لِـلأوار فُتــــات قَلْـبــي
فَتَــرْوينــي الصَّبابَـــةُ لِلْمَحِافـــلْ
وَأدْفن في الشُّقوق شَتاتَ حُلْمٍ
وَ عِطْـــرًا لَــمْ تُلامِسـهُ الأنامِــلْ
كَبِـرْتُ وَ لَـــمْ أزَلْ عُـــودًا طَـــرِيّـًا
وَ رَسْمُكَ في الحَنايا كَــمْ يُطاوِلْ
و أبْكَيْتُ البُكـــا بِأنيــنِ جِـــذْعي
وَيَسْألُني عَلَى أمْسي التَّساؤلْ
أُعَفِّـــرُ كَفَّتــي بِخِضابِ دَمْعـــي
فَيَصْحو اللَّيْــلُ مِـــــنْ أَرَقٍ يُنـازِلْ
تُبَدّدُنـــي الرِّياحُ وَرَمْــــلُ حُزْنـي
بِأرْضٍ لَـــمْ تُغـــازِلها البَــــــلابِلْ
وَحَوْلي تَلْهَــثُ العَتَبات حَتّـــى
تُودِّعُني عَلَـــــى أمَـــلٍ تَضـاءَلْ
وَحُلْمـي غَــطَّ في قِيعان بِئْـري
وَتاهَ اللَّيْــــــلُ عَنْ قَمَـــرٍ يُغـازِلْ
فَأرْضــي زَلْــزَلتْ رُوحـي مَداها
وَعُمْري فيَّ ,فِي الأسْفار راحِلْ
فَيا وَرْدًا سَقَيْتــــكَ مِـــنْ دُموعٍ
أَضَعْنَ الحُلْم مِنْ جفْــنِ الذَّوابِلْ
وطريقة التعبير لديها تعتمدعلى معرفة ترتيب المعاني في طريقة الأداء اللفظي ثم تنسقه في معانٍ وأفكار في طريقة تعبيرية حيث تنضد ألفاظها ترتيبًا وتنسيقا ونظمًا بحيث ترتب قصيدها لخدمة المعاني في اسلوب رقيق وشفاف وتبقى تابعة لها او لاحقة بها في النفس ويقوي النص بحيث يكون ثمرة ناضجة بالاعتماد على طبعها والالهام والتمرس على ايجاد الكلام البليغ الذي تنسج فيه التراكيب الشعرية و ما يعتمل في قلبها ونفسيتها من احاسيس ومن هنا ياتي شعرها جامعا للبلاغة والبيان في شاعرية منفردة .
لذا جاء أسلوبها الشعري اقرب إلى الرقة في النسج والدقة في التصوير في التعبير وشاعت في حواشيه ألوان من الزخرفة اللفظية وضروب من الزينة والجمال واكتنفت أنغامه حالة من الفخامة المؤثرة والتي قد تهز العواطف وتحرك المشاعر وتثير الاحساس واني لاشبه شعرها بشعر الشعراء المجددين في العُصورالعَبّاسية بَلْ أكْثر تَحَضّرا إذ يَميلُ شِعرها إلى الكَياسة وَالزينة وَالأنس و َتَسْتهَويه الأناقة في كُلّ ما حوْله . ويَجذبه التأنَق كَي ترْكن إليه النَّفس لتسْتريح عنده في حُسن صِياغة أ نيقة أشبه مرآة صافية وَصقيلة عاكسة على صفحتها فنون الجمال والتنسيق الاسنى والأفضل ويظهر ذلك جليا في قصائدها ذات النزعة الصوفية او في شعرها الغزلي. تقول:
هَواكَ هُوَ الْهَــوَى وَ أَنَـــا المَريدُ
وَ أنْتَ لِنَسْغِ رُوحــي مَـنْ أُريـدُ
أَرَاكَ -وَ أنْـتَ وَحْـدكَ فِــيَّ- حُبَّا
وَ هَـــلْ حُبٌ سِواكَ لَــــهُ أُجيدُ
انــا مِنْــكَ اقْتَرَبْتُ فَكُـنْ بِقُرْبـِي
وَ كَمْ أصْبُو وَيَحْمِلنـــي الصُّعـودُ
أُريــدُكَ ,لا سِـواكَ أُريـدُ عِنْـدي
فوَحْــدكَ أَنْتَ مَــنْ فيــهِ الخُلـودُ
أجـيءُ إليْــكَ أَسْعى دونَ قَيْــدٍ
وَ مِــنْ نَزَقي تُحَــرّرني القُيــودُ
وَرُوحي غادَرَتْ جَسَدي المُعَنَّى
وَ قَــدْ خَفَّتْ بمــرآكَ الشُّهــودُ
فَمَنْ إلاّكَ مَـــنْ أبْغـــي وِصَــالاً
فَدَعْنـــــي في ظِلالِكَ يا مَجيد
او في قولها :
أنْـــتَ الهَـوى وَ القَلْـبُ فيكَ تَبَحَّـرا
حُـبُّ يَضُـــجُّ بِــــهِ الشُّعـورُ مُكَبِّــرا
إنَّ الهَوى إحْساسُ قَلْـــبٍ مُــدْنَفٍ
وَ هُــوَ الشُّعورُ وَ لا يُباع وَيُشْتَــرى
قُـــلْتُ احْتِويني فـي مَدارِكَ مَـــرَةً
لأِّكـون أوْل مَــنْ بِروحِـــــكَ أبْحَــرا
آلَيْتُ أبْقـــى فـــي هَــوَاكَ مُتَيَّمًـا
وَالقَلْبُ مِـــنْ دَفْقِ الغَــرامِ تعفــرا
ما مــاتَ حُبٌ في الشُّعورِ مُنادِيًــا
فاسْعِفْ بِنـــورِكَ عاشِقَا مُتَحَسِّـرا
وَأتيْتُ قَصْرَ الشُّوْقِ في ثَوْبِ التُّقى
وَ وَقَفْتُ فـــي حَقْلِ الخُلودِ مُزَنَّــرا
صَبْــري جِـــلاَدٌ وَ الحَنين قـَـــوافِلٌ
وَغَفيرُ شَوْقي في ظِلالِكَ عَسْكَرا
والخَلْقُ تَدْري فــــي الغَرامِ بَأنَّنـي
أوْجَعْــتُ قَلْبًا فــــي هَـــواكَ مُحَيَّرا
آهٍ وَ ألــــفٌ مِثْــلهـا مِــــنْ لَـهْفَـــة
بُلِيَتْ بِهـــا رُوح المَريدِ وَ مـــا دَرَى
أنْتَ الَّذي وَقَــــفَ الشُّعــــورُ بَبابِهِ
وَمَلكْتَ روحي في الهَوى مُسْتَأثرا
أسْلَمْتُ كَفّي قُلْتُ هاكَ فَضُمَّنـي
ما جِئْتُ إلّا كَـــيْ أعود إلى الْـوَرا
وَأعيـــدُ قَلْبي فـــي مَداكَ مُسَلَّمًا
يَحْبو بِظِلّكَ فـــــــي الهَوى مُتَعَثِّر
:إلا أنَّها لازالتْ تَسْتخدم التَّعابير الشِّعرية القَديمة فتَأتي بِها وَقَد اكْستها بِغلالة مُعاصِرَة تَقول
وَجِنْـــحُ الرِّيــــاحِ مـــا يــــزال مُهَفْهَفًا
يَميـــدُ بِــهِ صَـــــوْبَ الهَـوى وَيُـــزلْزِلُ
صَهيــلُكَ أعْـــراسٌ بِلْحـــــنِ رَبـابَــــةٍ
وَأنْتَ الْيَـــراعُ الْحُــرُّ وَالْقَوْلُ مُسْبَــــلُ
وَقَـــوْلُكَ أُمْلـــــودٌ يَميــسُ لُـــدُونَـــة
وَشِعْـــرُكَ رَيَّـــــانٌ يَميــــلُ وَيَـــرْفِــلُ
وفي خِتام البَحْث أختمهُ بهذهِ القَصيدة الرَّائعة ( أنا اليَبوس ) تُخاطِب عاصمة بلادها (القدس) واليَبوس اسم مِنْ الأسْماء القديمة فتقول :
عَلــى هَــواكَ غَفَــتْ تَهْويمَــة الشّجـــَرِ
و أيْقَظَ البَحْرُ رَمْلَ الرّوحِ بِالضَّجَــرِ
يُرَتّــــــل المــَــوْج لِلنّـــــــــــوارِ بَحَّتــــهُ
فَيَرْقُص الْليْلَك المَنْثـــــور للسّحَـرِ
وَ يَحْتَسي نَوْرسُ الأحْـــلامِ خَمْرَتَــــــهُ
وَ يَسْكـــرُ الوَرْدُ بالإيمـــاءِ وَ النَّظَرِ
هَوامِشي ضِحْكَةٌ في سَطْرِ وَشْوَشَتي
وَ في عُيوني انْكسار الظّلِّ للْقَمَرِ
مُسافِرٌ خَيْطُ حُزْني في احْتِراقِ غَــــدي
و في ذُهولي أزِفُّ اللَّحْـــنَ بالْوَتَرِ
بَيْني وَ بَيْنَ فَمـــي رَشّـات بَسْمَلَــــةٍ
و في شِفاه المَسا يَغْفو نَدى الزَّهرِ
فَتَمْتَمَتْ نَجْمَةُ الإغْواء فــــــي لُغَتي
وَ ساجَلَـــتْ غَيْمـــــةُ الغُيّاب للمَطَرِ
عَطْشى لِبَعْضِ خَيالٍ مَرَّ في خَلَــدي
يَوْمًــا وَ ما عادَ يَحْكي غَيْبَـــــةَ الأَثَرِ
روحي تُلَمْلِمُني فــــي كَــفّ غُرْبَتِها
وَ يَعِجِن الوَجَعُ المَشْدوه في نُهُــري
أنا المَســـافَة ما بَينْـــــــي وَ بَيْن أنا
فَفي أناي أرَى الألْوانَ فـــي سَهَري
غُيّبْتَ عَنّي وَ ظَّلَ الطّينِ يَحْرُسُنــــي
وَ قاتَلَتْ جَمْرَةُ النّيران بي شَىـرَري
مَنْ يَفْرك الصَدأ المَعْتوه عَنْ جَسَدي
و َيَحْتَسي مِنْ شَراييني طِلا الخَدَرِ
أنا التَّفــــــــرد, داخَتْ فيّ أنْسجتي
و َعَلَّقَتْني عَلــى أشْلائها جُـــــدُري
بَيادرُ الحُزْن لَمْ تُنْبتْ سِـــــوى وَجــــَع
مِنَ الحَنين يُغَـــــذّي أَنّة الكَــــــدَر
مِنْ طينةِ الصَمْتِ قَلْبـــي صُغْتُ نَبْضَتِهِ
وَمِنْ حِجارةِ روحــــي جِئْتُ بالـدُّرَرِ
قَدَّسْتُ كُـــــلّ جَمــال كُنْتُ فيــــــه أنا
قِديسَــة عُجِنَتْ بالنـّار للغــــــــررِ
أنا فَمُ الشَّعرِ فـــــــــي ميزانِ أزْمِنَتي
وَإن نَطَقْتُ اكْتَسى التَّاريخُ بِالسّورِ
بَذَرْتُ في أرْضِ أوْجاعي حُــروفَ غَدي
فَأنْبَتَتْ فَوْق سَطْــــر الدَّمْعِ بالصّوَرِ
ما اسْتَأتُ مِنّي وَلكِـــــــنْ ساءَني زَمَنٌ
يُقاس فيــه بَليغ القَــــــوْل بالهَذَرِ
أنا الدَّليـــلُ وَقَلْبـــــي مَسَّـــهُ لَغَـــــــبٌ
وَلَيْسَ إلّا إلــــى قَلْبي بَدا سَفَري
وَحْدــــي عُيونٌ وَللنَّـــــــوَّارِ أجْنِحــــةٌ
فيها تُراقِبهُمْ فــي عَثْرَتـــي جُزُري
فالشّعرُ مَدَّ جَنــــاح الحُبّ فـــــي مُدُني
فَطِرْتُ وَحْدي وَروح الشّعرِ لَمْ تَطَرِ
وَحَلَّقَتْ فـــــــي يَدي أنْهــــارُ غَيْمَتِنا
فَأمْطَرَتْ هاجِسَ الأرْواحِ فــي عُطُري
أنا ازْدَحَمْتُ بِأسْراري ومـا ازْدَحَمَتْ
صَحائِفُ الصُّبحِ في حِبْري و في خَبَري
فاسْتَيْقَظَتْ شُرُفاتُ الرّوحِ مِنْ وَجَعٍ
فَألْبَسَتْني خُيوطَ النّـــــــــورِ كَــفُّ ثَري
أنا (اليَبوسُ ) وَ نَخْلي ما انْحَنـى أبَدا
ومــــا أزالُ أمــدُّ الكــــفَّ بالثَمــــــــَرِ
سَبْعون قَرْنا وَعُمْـــــري ما أزالُ بِــهِ
نَهْــــــــرًا يُثَرْثِـــــرُ في أمْـــواجِهِ قَدَري
فابْيَضّ كُحْـــل عُيوني في مَرَاوِدهِ
وَ خَبّأ النّـــورُ في أرْدانِـــــــــهِ بَصَــــري
وَعُدّتُ لكِنَّ قَميصي مَزَّقَتْه يَدي
وَكـــــانَ يَعْقوب يَبْغـــــــي عَـــــــوْدةَ الأزُرِ
وَلي خيال عَلى حلمي يُراوٍدُني
وَألْفُ رُؤْيا أنا فسّــــــــــرتُ للسَّمـــــــَرِ
أنا رَجَعْتُ مَعي مَنْ ذا يُخَبِّرُني
عَنْ عَوْدَة الرُّوح للأوْطان مِــــنْ خَطــــــــَرِ
أعْتقتُ حِبْري وما حُرّرْت منْ وَرَقي
ومنْ ضُلوعي أسوق الحرْف للوَطَــــر
**************************