تفسير سورة الاعلى
بقلم - فالح الحجية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
((سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الاعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5) سَنُقْرِئُكَ فلا تَنْسَى (6)الا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ( فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الاشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لايَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى (13) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالاخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الاُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19))
سورة الاعلى\ كاملة
الحمد لله :
في هذه السورة المباركة يوجه الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بان ينزه اسم الله تعالى ( الاعلى) بقوله له – سبح اسم ربك الاعلى ويلزمه ان يقول ( سبحان ربي الاعلى ) فالله تعالى هو الذي خلق الخلائق باشكالها وميزها عن بعضها وسواها على ما هي عليه اليوم والانسان مثلا فسواه فعدل قامته واحسن خلقته وسوّى فهمه وهيأه للعبادة والتكليف وقدر اجناس الاشياء وامورها وصفاتها واقوالها فهدى من اهتدى الى الايمان والصلاح بما ينبغي له وبين له سبيل الحق والصواب واضل من ضل فتيّهه في معارج الضلال ومسالك الشرور اوهو الذي اخرج المرعى وهو مارعت فيه الانفس والخلائق والانعام وهو الكلأ الذي ترعاه الخلائق فتعتاش عليه ثم جعله غثاءا احوى اي هشيما متكسرا لا روح فيه ولا حياة و لونه يميل الى السواد والدكنة بعد ان كان اخضرا .
والله تعالى يبلغ نبيه الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم انه سيقرّأه القران الكريم فلا ينساه ويثبته في قلبه الشريف وكان النبي صلى الله عليه وسلم عندما يقرأ عليه جبريل عليه السلام القران الكريم لم يفرغ من القراءة حتى يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة كي لا ينساه فنزلت سنقرئك فلا تنسى ) اي عصمه الله تعالى من نسيان ايات القرا ن الكريم الا ما شاء الله تعالى ان ينساه لان الله تعالى يعلم الجهر وما تخفي الصدور ما فيها في العلانية والاخفاء من القول ويعلم ما تظهر وما تبطن. وسيهوّن عليه الامر مهما كان معسرا او صعبا وييسره لعمل الخير والصلاح فينشره ويذكّر المؤمنين بما يفيئ عليهم من الايمان والتقى والالهام فيلتزمونه ويمسكون به ويخشون ربهم فييسر مدخلهم واياه الى الجنة فيتذكرون ما فعلوه في حياتهم الاولى .
واما من اصر على العصيان فكفر بانعم الله فلا حاجة الى تذكيره لانه من اصحاب النار فلا تفيده تكرار الدعوة فسيبقى في الكفر سادرا وغارقا والى النار مساقا و سائرا وسيصلى هذه النار الكبرى وهي جهنم وقيل ان نار الدنيا هي النار الصغرى فلا يموت فيها فيستريح من العذاب ولاتنفعه الحياة فيها فيبقى ابد الدهر معذبا عذابا اليما .
بينما سيذّكر بالوعظ من يخشى الله تعالى ويتقه فيزداد بالتذكرة خشوعا وصلاحا فقد افلح من تطهّر من الشرك والكفر وزكّى نفسه وابعدها عن الموبقات والموانع الشرعية وآمن بالله تعالى ووحّده وعمل بشريعة الايمان والاسلام وجعل ذكر الله تعالى واثبته في قلبه وفكره فسطع على لسانه نورا هداه الله تعالى اليه فخر ساجدا واناب اليه في صلواته وكل اوقاته .
فالفريق الاول وهم الشقاة والعصاة يؤثرون الحيا ة الدنيا وترفها وملاذّها ويفضلونها فيعيشون اليها ولا يذكرون ما ينتظرهم من حساب او عقاب في حياتهم الاخرة والفريق الاخر وهم المؤمنون يفضلون الحياة الاخرة ويعملون لما بعد الموت فيدخرون اعمالهم في مستودع حياتهم الاولى الى حياتهم الاخرى فهي خير وابقى ابد الدهر وهذا هو ما افلح به المؤمنون في حياتهم الدنيا اطاعوا الله تعالى وعملوا لاخرتهم فيثيبهم الله تعالى يوم القيامة بالنعيم المقيم ويغدق عليهم فيها نعمه ظاهرة وباطتة وهذا ما ثبت في الكتب السماوية ودعى اليه كل الانبياء والرسل ومنهم ابراهيم وموسى عليهما السلام .
والله تعالى اعلم
فالح نصيف الحجية
الكيلاني
العراق- ديالى- بلدروز
*************************