الأسود بن يعفر النهشلي
هو ابو نهشل الأسود بن يعفر ابن عبد الأسود بن جندل بن سهم بن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد بن تميم وكان من سادات تميم ورؤوسها . وأم الأسود بن يعفر هي رهم بنت العباب من بني سهم بن عجل. من اهل العراق وكان جوادا كريما وشاعرا فصيحا وقد نادم النعمان بن المنذر
الاسود شاعر من شعراء الجاهلية و كان ليس بالمكثر في قول الشعر انما يقوله حسب الحاجة وورود القصيدة اليه وقد جعله بن سلام في الطبقة الثامنة من طبقات الشعراء ومعه خداش بن زهير والمخبل السعدي والنمر بن تولب العكلي المعدودين في الشعراء. ومن اشهر شعره قصيدته الدالية المشهورة ومطلعها :
نام الخلي وما أحس رقادي
والهم مختصر لدي وسادي
فهي من روائع الشعر العربي ومعدودة من مختار أشعار العرب وحكمها مفضلية مأثورة . ومن اخباره عن هاشم بن محمد الخزاعي وأبي الحسن أحمد بن محمد الأسدي انهما قالا: حدثنا الرياشي عن الأصمعي قال:
- تقدم رجل من أهل البصرة من بني دارم إلى سوار بن عبد الله ليقيم عنده شهادة فصادفه يتمثل قول الأسود بن يعفر :
ولقد علمت لو أن علمي نافعي
أن السبيل سبيل ذي الأعـواد
إن المنيـة والحتـوف كلاهمـا
يوفي المخارم يرميـان سـوادي
ماذا أؤمـل بعـد آل محـرق
تركوا منازلهـم وبعـد إيـاد
أهل الخورنق والسدير وبـارق
والقصر ذي الشرفات من سنداد
نزلوا بأنقـرة يفيـض عليهـم
ماء الفرات يفيض مـن أطـواد
جرت الرياح على محل ديارهـم
فكأنمـا كانـوا علـى ميعـاد
ثم أقبل على الدارمي فقال له:
- أتروي هذا الشعر?
- قال: لا.
- قال: أفتعرف من يقوله?
- قال: لا.
- قال: رجل من قومك له هذه النباهة وقد قال مثل هذه الحكمة لا ترويها ولا تعرفه يا مزاحم أثبت شهادته عندك فإني متوقف عن قبوله حتى أسأل عنه، فإني أظنه ضعيفا.
ومن اخباره ايضا قيل ان سعد بن عبد الله بن ابي سعد قال : - حدثني الحكم بن موسى السلولي قال حدثني أبي قال: بينا نحن بالرافقة على باب الرشيد وقوف وما أفقد أحدا من وجوه العرب من أهل الشام والجزيرة والعراق إذ خرج وصيف كأنه درة فقال
- يا معشر الصحابة، إن أمير المؤمنين يقرأ عليكم السلام ويقول لكم: من كان منكم يروي قصيدة الأسود بن يعفر:
نام الخلي وما أحس رقادي
والهم مختصر لدي وسادي
فليدخل فلينشدها أمير المؤمنين وله عشرة آلاف درهم.
فنظر بعضنا إلى بعض، ولم يكن فينا أحد يرويها.
قال: فكأنما سقطت والله البدرة عن قربوسي .
قال الحكم: فأمرني أبي فرويت شعر الأسود بن يعفر من أجل هذا الحديث.و تمثل علي بشعره لما انتهى إلى مدائن كسرى
ومن اخباره قيل أخبر محمد بن القاسم الأنباري قال: حدثني أبي قال:
حدثني عبد الله بن عبد الرحمن المدائني
قال: حدثنا أبو أمية بن عمرو بن هشام الحراني
قال: حدثنا محمد بن يزيد بن سنان
قال: حدثني جدي سنان بن يزيد
قال: كنت مع مولاي جرير بن سهم التميمي وهو يسير أمام علي بن أبي طالب عليه السلام ويقول:
يا فرسي سيري وأمي الشاما
وخلفي الأخوال والأعماما
وقطعي الأجواز والأعـلام
وقاتلي من خالف الإمامـا
إني لأرجو إن لقينا العامـا
جمع بنـي أميـة الطغامـا
أن نقتل العاصي والهمامـا
وأن نزيل من رجال هامـا
فلما انتهى إلى مدائن كسرى وقف علي عليه السلام ووقفنا، فتمثل مولاي قول الأسود بن يعفر:
جرت الرياح على مكان ديارهم
فكأنما كانـوا علـى ميعـاد
فقال له علي عليه رضي الله عنه:
- فلم لم تقل كما قال جل وعز:
- ( كم تركوا من جنات وعيون. وزروع ومقام كريم. ونعمة كانوا فيها فاكهين. كذلك وأورثناها قوما آخرين ) .
- ثم قال: يا ابن أخي، إن هؤلاء كفروا النعمة، فحلت بهم النقمة ، فإياكم وكفر النعمة فتحل بكم النقمة.
وقيل تمثل عمر بن عبد العزيز بشعره حين مر بقصر لآل جفنة أخبرني الحسن بن علي رضي الله عنه قال:
- حدثنا محمد بن موسى قال حدثنا أحمد بن الحارث عن المدائني
- قال: مر عمر بن عبد العزيز ومعه مزاحم مولاه يوما بقصر من قصور ال جفنة، فتمثل مزاحم بقول الأسود بن يعفر:
جرت الرياح على محل ديارهم
فكأنما كانـوا علـى ميعـاد
ولقد غنوا فيها بأنعم عيشـة
في ظل ملك ثابـت الأوتـاد
فإذا النعيم وكل ما يلهى بـه
يوما يصير إلى بلـى ونفـاد
فقال له عمر: هلا قرأت
: (كم تركوا من جنات وعيون )إلى قوله جل وعز: ( كذلك وأورثناها قوما آخرين) .
ما قاله في استنقاذ إبل له أخذتها بكر بن وائل نسخت من كتاب محمد بن حبيب عن ابن الأعرابي عن المفضل قال:
- كان الأسود بن يعفر مجاورا في بني قيس بن ثعلبة ثم في بني مرة بن عباد بالقاعة ، فقامرهم فقمروه حتى حصل عليه تسعة عشر بكرا
- فقالت لهم أمه وهي رهم بنت العباب: يا قوم، أتسلبون ابن أخيكم ماله?
- قالوا: فماذا نصنع? قالت: احبسوا قداحه .
- فلما راح القوم قالوا له: أمسك . فدخل ليقامرهم فردوا قداحه. فقال:
- لا أقم بين قوم لا أضرب فيهم بقدح؛ فاحتمل قبل دخول الأشهر الحرم
فأخذت إبله طائفة من بكر بن وائل فاستسعى الأسود بني مرة بن عباد وذكرهم الجوار وقال لهم:
يآل عباد دعوة بعـد هجمـة
فهل فيكم من قـوة وزمـاع
فتسعوا لجار حل وسط بيوتكم
غريب وجارات تركن جيـاع
وهي قصيدة طويلة، فلم يصنعوا شيئا.
فادعى جوار بني محلم بن ذهل بن شيبان
فقال:
قل لبني محلم يسيروا
بذمة يسعى بها خفير
لا قدح بعد اليوم حتى توروا ويروى إن لم توروا فسمعوا معه حتى استنقذوا إبله، فمدحهم بقصيدته التي أولها:
أجارتنا غضي من السير أوقفـي
إن كنت قد أزمعت بالبين فاصرفي
ويقول فيها:
سائلك أو أخبرك عن ذي لبانـة
سقيم الفؤاد بالحسـان مكلـف
تداركنـي أسبـاب آل محلـم
وقد كدت أهوي بين نيقين نفنف
هم القوم يمسي جارهم في غضارة
سويا سليم اللحم لـم يتحـوف
فلما بلغتهم أبياته ساقوا إليه مثل إبله التي استنقذوها عن أموالهم
وقيل انه توفي سنة \ 23 قبل الهجرة النبوية الشريفة اي سنة \600 ميلادية
ومن شعره هذه الابيات :
هَل لِشبابٍ فات من مَطلب
أم ما بُكاءُ البائسِ الأَشيب
ِإلا الأضاليل ومن لا يَزَل
يُوفي على مهلكه يَعصَب
بُدّلتُ شيبا قد عَلا لمتي
بعد شَبابٍ حَسنٍ مُعجبِ
صَاحبتُه ثُمَّت فارَقتُهُ
ليتَ شبابي ذاك لم يَذهبِ
وقد أُراني والبلى كأسمه
إذ أنا لم أصلع ولم أحدَبِ
ولم يُعرني الشيب أثوابه
أصبى عُيون البيضِ كالرَبربِ
كأنما يومَي حَولٌ إذا
لم أشهَدِ اللَّهو ولم ألعبِ
وقَهوةٍ صهباءَ باكرتُها
بجُهمةٍ والديكُ لم ينعَبِ
وطامح الرأسِ طويلِ العمى
يذهبُ جَهلا كلما مَذهبِ
كويته حين عدا طورَه
في الرأس منهُ كيَّة المكلبِ
وغارةٍ شعواءَ ناصبتُها
بسابحٍ ذي حُضُرٍ مُلهبِ
تراهُ بالفارسِ من بعد ما
نكّسَ ذو اللأمةِ كالأنكبِ
وصَاحِبٍ نَبّهتُهُ مَوهنا
ليسَ بأناحٍ ولا جأنبِ
أروعَ بُهلولٍ خميص الحشا
كالنَّصل ما تركب به يركبِ
فقامَ وسنانَ إِلى رحلهِ
وجَسرةٍ دَوسرةٍ ذعلِبِ
ومَربأ كالزُّجِ أشرفتهُ
والشمس قد كادت ولم تَغرُبِ
تلّفني الريحُ على رأسهِ
كأنني صَقرٌ على مَرقَبِ
ذاك ومَولي يمُجُّ الندى
قُريانهُ أخضرُ مُغلَولبِ
قفر حَمته الخيلُ حتى كأن
نَ زاهرُهُ أُغشيَ بالزرنبِ
جاد السما كان بِقُريانهِ
بالنجم والنَثرة والعقربِ
كأنَّ أصواتَ عَصافيرِه
أصوابُ راعي ثَلَّةٍ مُحصبِ
قُدتُ به أجردَ ذاميعَةٍ
عَبلِ الشوى كالصدع الأشعبِ
فَرداً تُغنيني مكاكيّهُ
تَغنيَ الولدان والملعَبِ
**********************