الشاعر شاذل طاقة
بقلم - فالح الحجية
ولد الشاعر شاذل طاقه في 28\ 4 \1929– في مدينة الموصل العراقية . أكمل دراسته الابتدائية في (مدرسة الخزرجية)، و دراسته المتوسطة في متوسطة (الشرقية) و دراسته الإعدادية في (الإعدادية المركزية) بالموصل، والتحق بدار المعلمين العالية (كلية التربية ) ببغداد في العام الدراسي 1946-1947 فاتمها باربع سنوات وتخرج بتفوق منها في حزيران من العام 1950 حاصلا على شهادة البكالوريوس في الأدب العربي بمرتبة الشرف.
قال الشعر وبدء كتابة الشعر العمودي ومن ثم اتجه الى الشعر الحر، في سن مبكرة ونشر قصائده من الشعرالعمودي ومن الشعر الحر اثناء وجوده في مقاعد الدراسة حيث نشرت قصائده في الصحف المحلية في أربعينيات القرن الماضي.
اهتم بالشعرالحر كثيرا ويعتبر من مؤسسي المدرسة الشعرية العراقية في شعرالتفعلية مع الشعراء الرواد في هذا المجال \ بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي وقال عنه الشاعر بدر شاكرالسياب (شاذل شاعر كبير أضاعه بقاؤه في الموصل) الا انه لم يضع وانما تمكن من تثبيت مكانته الادبية والثقافية حيث تقلد مناصب وظيفية رفيعة حيث شغل درجة المدير العام لوكالة الانباء العراقية في عام\ 1963 ثم شغل وظيفة وكيل وزير الثقافة والاعلام العراقية عام\ 1968 ثم عمل في وزارة الخارجية العراقية ايضا حيث عين سفيرا للعراق لدى الاتحاد السوفيتي ثم وكيلا لوزارة الخارجية العراقية ثم اصبح وزيرا للخارجية العراقية\ 1974 حتى وفاته .
الشاعر شاذل طاقة احد شعراء العراق الرواد وفي مقدمتهم في مجال الشعر الحر ( شعر التفعيلة ) حيث كانت له محاولات جادة ومهمة في تطوير مفهوم الإيقاع الشعري حيث كانت له اجتهادات عروضية وثقافية مهدت لمحاولات كثيرة ظهرت بعده ورفدت الشعر الحر .
شاذل طاقة شاعر يتميز بسيرته الذاتية العربية من انه شاعر عربي مناضل من خلال مكانته الادبية وكانت سيرته الشعرية والثقافية معينا ثرا للقصيدة العربية الأجمل والانتاج الأفضل حيث كرس شاذل مسيرة الادبية – رغم قصرها - لانتاج القصائد التي تعرف اليوم بالقصيدة الملتزمة وقد نرى ا و نلحظ ان قصائده تبنت منذ أربعينيات القرن الماضي اي عندما كان طالبا في الجامعة وقبل تخرجه منها الى نهاية حياته الادبية قضايا الكفاح التحرري للشعب العربي حيث دعمت قصائده النضال التحرري للثورة العربية في الجزائر و تناولت أروع قصائده في مرحلة متقدمة من بداية نضوجه الشعري قضية محنة الشعب العربي في فلسطين ونكبته متحديا الاحتلال الإسرائيلي والوجود اليهودي فيها وهو بهذا كاي شاعر عربي حيث ان كل الشعراء العرب انشدوا لقضية فلسطين والامة العربية عبروا عن منعاناة الروح العربية الصادقة بروح يغمرها العنفوان العربي صادقا عذبا معبرا عما يختلج في جنبات روحه الطاهرة عن تلك المعاناة. وقد اتسمت تجربته الشعرية بالتجديد ية التي شاعت في النصف الثاني من القرن الماضي والتي جعلته ان يعد من الشعراء المجددين ومن اقواله في ذلك قوله: (ان هذا الضرب من الشعر (الشعر الجديد) ليس مرسلا ولا مطلقا من جميع القيود، ولكنه يلتزم شيئا وينطلق عن اشياء.. ولعل من حق الفن- ويعني به الشعر الحر- ان اذكر ان هذا الضرب ليس مبتكرا، فان جذوره ممتدة في الشعر الأندلسي... )
وفي مكان اخر يقول (لكني أحسب أن الشعر، في هذا العصر، لا يزال له خطره، وأن الشاعر، لا يزال كما كان منذ القدم نبيا بين الناس يرشدهم ويهديهم، ويقوّم ما أعوج من طباعهم وأذواقهم.. ويكفي الشعر هذا فلا حاجة به إلى أن يكون بوقا من أبواق الإصلاح الاجتماعي، يهدف مباشرة إلى خدمة البلاد) .
توفي شاذل طاقة يتاريخ 20\ تشرين الاول\1974 في المغرب العربي اثناء حضوره اجتماع وزراء الخارجية العرب في مدينة الرباط انذاك وقيل انه دس له السم بالطعام اثناء تناوله الطعام هناك فمات فيه .
اما اثاره الشعرية :
أصدر ديوانه الشعري الأول (المساء الأخير) عام \1950،
اصدر ديوانه الشعري الثاني (ثم مات الليل) عام\ ر1963
اصدر ديوانه الثالث والاخير ( الاعور الدجال والغرباء) 1969
كما كان قد اصدر ديوانا مشتركا مع بعض الشعراء العراقيين بعنوان( قصائد غير صالحة للنشر ) 1956
اما في مجال النثر
فقد الف عدة كتب في الثقافة والادب منها مايلي
1- تاريخ الأدب العباسي عام 1953 دراسة للشعر في العصر العباسي الأول. وقد اعتمد منهجا دراسيا معينا في حينه.
2-في الإعلام والمعركةعام1969 عن وزارة الإعلام العراقية.
اضافة الى العديد من المقالات والدراسات في الصحف المحلية والمجلات المحلية والعربية
ومن شعره نختار هذه القصيدة :
وعاد الرجال
سألتُ شجيرة الكافور، :قلتُ :
لعلّها تدري..
بأنا ذات أمسيةٍ
زرعنا فوقها قمراً
صغيراً أسود العينين والشَعْرِ..
أشعلنا له شمعاً وكافورا..
وفدّيناه بالنذر..
فذاب الكحل مبهورا..
وأحرقنا أصابعنا.. ولم ندر !.
غريباً مرَّ، يا عيني، وما َسَّلْم !.
تقول شجيرة الكافور،
فانتظري مع الأحزان والأشواق عودته
ربيعاً آخراً..
يا ليتها تعَلْم..
بأنيّ حُكتُ من ضلعي وسادته
ومن نهديَّ.. والخدّين..
لو يعَلْم..
بأنيّ لن أراه مرةً أخرى..
فإني، يا شجيرته،
ربيعٌ واحدٌ عشناه..
ثم مضى.. مضى.. مَرّا..
حزيناً مَرَّ، يا عيني، وما سَلَّمْ..
خّلفني مع الأحزان والصبر..
ينوسُ بليلنا قمرٌ حزينٌ..
أسود العينينِ والشعرِ !
سُقيتِ.. شجيرةَ الكافور، :إن عادَ الرجال.. وكان بينهمو
حبيبي.. فانثري من فوقه الزهرا
وبُوسيه من الخدّين..
رُشّي فوقه العطرا..
وبوحي بالهوى عنيّ..
وقولي:
إنني ما زلتُ أهواه..
وأحلُم؛
إذ يزور ضفافنا القمر الصغير
مُكحّل الجفنِ..
ينام على الرمال..
يُغازل النهرا..
وقولي: إنني ما زلت أهواه
ومن حبات قلبي.. سوف أطعمه.. وأسقيه
دمي ودموع عيني.. آه يا عيني..
وبالكافور والشمع اللهيب، نذرتُ، أفديهِ
وأدعو الله يَنصره ويرعاهُ..
ويرجعهُ إلى حضني..
سُقيتِ.. شجيرةً الكافور،
لا تَنسَي.. وناديه
أيا ميمونة الغصنِ!
وراح رفاقه المضنون..
ينتحبون في صمت..
وزغردت البنادق مرة أخرّى تودعه..
وحوّم في المدينة طائر الموتِ..
فمالت غرسة الكافور خاشعة..
وطيَّ غصونها قمرٌ يشيّعه..
وطُفِّئتِ السماء.. وغابت الأصوات..
وضاعت آخر النجمات..
ومن أقصَى المدينة جاء الفجر محتدماً
يؤذِّن في الشوارع غاضب الجرسِ
ويغسل مَدْرج الشمس!.
***************************