الغزل الجاهلي
شعر الغزل تربع على عرش الشعر في كل العصور فقد بدا من العصر الجاهلي وتكاد لا تخلو قصيدة من الغزل حتى وإن لم يكن الغزل الغرض الأساس فيها فلا بد للشاعر ان يذكر الغزل في قصيدته، واقتصرت أغلب القصائد الغزلية على وصف الجمال الخارجي للمرأة كجمال الوجه والجسم وكانوا يتفننون بوصف هذا الجمال لكنهم قلما تطرقوا إلى وصف ما ترك هذا الجمال من اثر في عواطفهم ونفوسهم .
هناك تشابه كبير بين تعاريف الغزل والنسيب والتشبيب وتمازج وتقارب حتّى أنّ المؤرخين وكذلك النقاد اختلفوا على تعاريفها
فمنهم من قال إنّها بمعنى واحد، ومنهم من اقر باختلافها مع صعوبة التفريق بينها.
وقد جعل الغزل - في الاغلب - خاصّاً بذكر الأعضاء الظاهرة في المحبوب، ثمّ في وصفها وفي مدحها أيضاً، بينما جعل النسيب خاصّاً ببثّ الشوق والهوى وتذكّر ماضي الأيّام الخلية بهم ، وتمنّي التمتّع السائق الى اللهو. أمّا التشبيب فقد توقفوا عنده لما فيه من اضطراب في المعالم؛ ففي تاج العروس عُرّف التشبيب أنّه ذكر أيّام الشباب واللهو والغزل.
و الغزل في الشعر الجاهليّ يكاد يكون قليلا لوقارنا بينه وبين ما قيل في الفخر والمدح ، وتعود قلّته لأسباب كثيرة منها:
اولا - وجود الحجاب : فقد كانت المرأة محتجبة في الجاهلية لا يظهر منها إلا وجهها وأجزاء قليلة من جسمها، كما كانت متسترة دائماً داخل خدرها، لا تخالط الرجال الأجانب.
ويستدل على ذلك بقول امرئ القيس:
وبيضة خدر لا يرام خباؤها
وقول الأعشى :
لم تمش ميلا ولم تركب على جمل
ولا ترى الشمس إلا دونها الكلل
( والكلل : ستر ينصب على الهودج)
منها الى الان تستعمل الكلل – واحدتها ( كلة ) ستر لا تزال تستخدم اثناء النوم فوق أسطح المنازل في المناطق الريفية لحماية النائم من الناموس وغيره او للستر فيه ليلا .
وقول عنترة:
رفعوا القباب على وجوه أشرقت .
. فيها فغيب السّهى في الفرقد
القبة: غرفة مستورة
السّهى: نجم ضئيل النور جدا
الفرقد: نجم القطب الشمالي شديد النور
وبهذا يكون قليل من الرجال ينعمون برؤية النساء من غير أقاربهم وهذا احد اسباب قلّة الغزل في الشعر الجاهليّ
اما السبب الثاني فهو تضايق العرب في الجاهلية ( وحتى الان ) ونفورهم من ذكر أوصاف نسائهم في الشعر الذي تتناقلها الألسن والرواة.
.