اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني

الحضارة الاسلامية باشراف المهندس خالدصبحي الكيلاني والباحث جمال الدين فالح الكيلاني


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

ملامح التجديد في شعر المعاصرة بقلم د فالح الكيلاني

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

فالح الحجية

فالح الحجية
Admin



ملامح التجديد في شعر المعـــاصرة






من المفيد ان نحدد الفترة الزمنية للشعر المعاصر – طالما نتكلم الان فيه _ فنقول - وبالله التوفيق ومنه السداد - ان الشعر المعاصر هو امتداد لفترات شعرية قبله لا مفاصل بينها انما مر الشعرالعربي بسلسلة من التغيرات التجديدية مرورا مع الزمن المقال فيه بحيث اوجدت هذه التجديدية امورا تغيرت بنية الشعر فيها او في مسارها واوجدت انواعا جديدة للقصيدة الشعرية وقد شرحت سابقا كل هذه التطورات مع مرور الزمن الحادث وبسبب الحاجة الملحة لهذه النوعية من القصيدة او تلك او ناتجة عن نفسية الشاعر القائل لهذه القصيدة المعينة . واستطيع ان احدد الفترة الزمنية للشعرالمعاصرابتداءا النصف الثاني من القرن العشرين او ابتداءا من البدء بكتابة قصيدة النثر في العقدين السابع والثامن من القرن الماضي- القرن العشرين - فيما اراه على اغلب الامر .

الشعر الجيد هو الكنز الثمين والوجه الحقيقي للواقع الإنساني ولطالما حلم الإنسان به منذ أقدم العصور بأ ن يكون شاعرا او يولد شاعرا لذا استطيع ان اقول ان الشعر حالة روحية او نفسية تكتنفها العاطفة الانسانية الحقة و تتأ رجح بين التأمل والالهام والحدس والخيال وينتج عن موهبة غرسها الله تعالى في الشاعر فطورها فالانسان الحديث ربما كانت له حالة مركبة من المشاعر الرومانسية والألم الواقعي والرموز السيريالية والقلق الوجودي فهو غير الانسان العربي القديم الذي كان هائما في الصحراء ينشد الكلآ والماء ويتغنى بما يجيش في نفسه من مشاعر واحا سيس في حدود امكانيته وظروف طبيعته . فالإنسان العربي المعاصر ربما تعتريه حالة او مجموعة حالات ربما تكون متناقضة عن بعضها بما تمليه عليه نفسيته والواقع المعاش في الوقت الحاضر وتناقضات المجتمع الانساني المختلفة المحيطة به .

والشاعر الناجح هو الشاعر الذي قصائده عفوية حصيلة الثقافة العالية والالهام المعلى في انسانية تحكي مشاعر مركبة ومعبرة عن طموحات نفسية ومدى تأثيرها في الاخرين و ابداعات خلاقة وطموحة . فالقصيدة الحالية تمثل كائنا حيا او هي أشبه بالكائن الحي بحيث يمثل شكل القصيدة او بنيتها جسده . ومضمونها روحيته فهي تمثل الصدى الذي تنبلج منه اسرار روحه الشاعرة واراؤه ممتزجة بعواطفه واحاسيه .

فالشاعر الحديث او المعاصر المطبوع شاعر تتمثل فيه غزارة الثقافة في امتدادات عميقة وكأنه وارث للحضارات الانسانية كلها ومتطلع على ثقافات الامم المختلفة . ومتبحرا في لغته العربية ونحوها وبلاغتها لذا يكو ن متمكنا من استخدام مفردات اللغة لتصوير افكاره وارائه وعواطفه وخلجات فؤاده او احاسيس نفسه دون تاثير من خارج او امر من احد و يرتكز على فلسفة عميقة غنية تحصنه من القول الضحل الفاني او الركيك الى القول العميق والرصين فهو اذن يمثل فيضا هادرا وتلقائيا للمشاعر النفسية القويَّةِ المنبثقة من اعماقه يَأْخذُ بها مِن العاطفة المتأملة المتجددة المنطلقة نحو الاسمى متألقة متناغمة تنشد وديمومتها والانتشاء فيها فهوالحبللانسان المثالي ونحو الافضل في توليده للافكار والابداعات الشعرية الجميلة والمتسقة ومحاولة خلقها من جديد . وأهمية الشعر تتجلى في قدرته على تغيير حياة البشرنحو الاسمى والافضل فالشعر يمس وجدان كل انسان يقرأه فيصبح اشبه بقطرات مطر مكونة غيثا يعيد الحياة الى الارض الميتة فتزهو وتزدهر .

ويمكننا من تعريف الشعر المعاصر على انه هو الشعر الذي كتب او المقال في الزمن الذي يعاصر القراء او الذي يعاصرنا الان . وصفة المعاصرة تدل على مرحلة بعينها في حياة الشعر الحديث وهي المرحلة التي نعاصرها او التي نعيشها الان دون اعتبار إن كان الشاعر ميتا او لا يزال على قيد الحياة خلال فترة وجود هذا النوع من القصيد .

فالشعر العربي منذ القدم اعتمد القصيدة التقليدية او( التقييدية) او العمودية الموزونة على احد البحورالخليلية الا انه بمرور الزمن والحقب الزمنية التي مرت على الامة العربية والتعايش مع الامم الاخرى اوجد نوعا من الانفتاح لدى بعض الشعراء الذين بعضهم من اصول غير عربية سميت بحركة التجديد كما في العصرالعباسي شملت الاسلوب في القصيدة الشعرية والمعاني الابتكارية فيها ثم تغير ثوب التجديد في القصيدة العربية فوجد التشطير والنهك في الاوزان الشعرية ثم وجد الموشح ثم انواع من القصيدة العربية جديدة اخرها قصيدة الشعرالحر (التفعيلة ) ثم قصيدة النثر في اخر المطاف في الشعر المعاصر .

- راجع كتابي ( الشعر العباسي بين الكلاسيكية والتجديد) – طبع دار دجلة عمان – الاردن

فحركة الشعر العربي شهد ت فيما بعد نقلة استثنائية، حيث طال التغيير البنية العروضية للقصيدة العربية، مع حركة الشعر الحر أو شعر التفعيلة ويعتبر الشعر الحر بمثابة الثورة الثانية على العروض الشعرية الفراهيدية شهدها تاريخ الأدب العربي اذا اعتبرنا ان الثورة العروضية الاولى تمثلت في الموشحات الأندلسية والازجال.

وقد لمعت أسماء جديدة في فضاء الشعر العربي في النصف الاول من القرن العشرين، بشكل قصيد جديد، مثل نازك الملائكة، وبدر شاكر السياب، وعبدالوهاب البياتي، ويوسف الخال ، وأدونيس. وصلاح عبد الصبور امل دنقل وامثالهم كثير في كل الاقطارالعربية .

لكن إذا كانت القصيدة الإحيائية، وكذلك الرومانسية كانتا حريصتين على التوصيل فان حركة الشعر الحر او شعر التفعيلة تحرص على تكسير هذا التقليد الموجود يتفاعل من إن الشعر خطاب إيحائي وترميز يتميز بكل دلائل الانزياح وكثافة المعنى وتعدد هذه الأبعاد . وإذا كان شعر التفعيلة في بدايته اقتصد او قلل في كثافة الترميز فإن تطوراته اللاحقة سرعان ما أدخلته في سماء ضيقة عندما استقر في الثقافة الشعرية العربية مفهوم خاص عن الشعر يجرده من كل معنى فيه ورسالة له .وربما جاء ذلك بعد سلسلة من التأملات البديهية في ظل النكسات السياسية التي عاشتها الامة العربية في النصف الثاني من القرن العشرين، حيث تولدت حالة من اليأس النفسي الثقافي والاجتماعي.

فالشعر العربي يرتكز الان على ثلاثة انواع من القصائد الشعرية كل منها ياخذ مسارا ويعده شعراؤه هو الافضل وهذه الركائز هي:

القصيدة العمودية : وهي الاصول الاصيلة للشعر العربي فهي القصيدة التقليدية او التقييدية حيث انها مقيدة بالوزن والقافية او العروض وهذه القصيدة لا يزال صداها قويا شديد الوقع على الاذن العربية في موسيقاها واعتباراتها وتعتبر القصيدة الاسمى والافضل في نظري وفي نظر اغلب المتلقين وستبقى خالدة ومنها هذه الابيات للشاعر الفلسيطيني المخضرم لطفي الياسيني :


اتيت احني جبيني.... من فلسطين
لكل قطر وشعب..... من محبيني

انا اليتيم ... بلا ام...... ولا ابت
عربي انتمائي.. الى اهلي الميامين

مصري عراقي سعودي من عناويني
سوري وليبي .. ولبناني كواشيني

من المغاربة الاحباب.... جئت انا
من الجزائر ... من بربر... ويكفيني

من ارض عمان من قطر ومن يمن
من ارض تونس... جنات الملايين


والقصيدة الاخرى قصيدة التفعيلة او ما نسميه بالشعرالحر سمي بالشعر الحر لان اوزان قصيدته او تفعيلاتها حرة غير مخلوطة بتفعيلة اخرى أي من جنس واحد وفعل واحد ووزن واحد وقد بنيت هذه القصيدة على احدى التفعيلات الحرة او على احد البحورالشعرية الصافية النقية التالية :

1- البحر الوافر واصل تفعيلته :

مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن .


2- الكامل : وأصل تفاعيله:

متفاعلن متفاعلن متفاعلن


3- الهزج وأصل تفاعيله:

مفاعيلن مفاعلين مفاعلين .


4- الرجز وأصل تفاعيله:

مستفعلن مستفعلن مستفعلن .


5- الرمل وأصل تفاعيله:

فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن .


6- المتقارب وأصل تفاعيله:

فعولن فعولن فعولن فعولن .


7- المتدارك ويسمى الخبب أو المحدث وهو البحر الذي تدارك به الاخفش استاذه الخليل الفراهيدي حيث ثبّت الخليل خمسة عشر بحرا وجاء تلميذه من بعده ليتدارك استاذه في بحر اخر اسماه المتدارك
وأصل تفاعيله:

فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن .

وتعتمد قصيدة الشعر الحر على السطر الشعري بدلا من الصدر والعجر اللذين تعتمد عليهما قصيدة العمود الشعري . فقصيدة الشعرالحر متكونة من العديد من السطور . و كل سطر مكون من تفعلية واحدة تتكرر فيه عدة مرات لا تقل عن واحدة ولا تزيد عن التسع تفعيلات في الاغلب لنفس التفعيلة فالقصيدة التي التزمت تفعيلة الوافر-مفاعلتن - مثلا يكون الوزن الشعري البحرالوافر- للقصيدة وتكون اسطر القصيدة مكونة من نفس التفعيلة مذكورة في السطر الشعري مرة واحدة او اثنتان او ثلاث مرات الى تسع مرات ولا تزيد . فتكون موسيقى الشعر الحر ذات نسق موسيقي واحد لكل قصيدة الا ان هذه القصيدة - والحق يقال – اخذت تتضاءل في ظل قصيدة النثر واغلب كتابها تحولوا الى شعراء يكتبون قصيدة النثر لانهم يرونها الاسهل , ومنقصيدةالشعرالحر هذه السطور :

صيحاتك صوت نبيٍّ يبكي تحت الأسوار

المهدومة شعبًا مستلبًا مهزومًا كانت برقًا

أحمر في مدن العشق أضاء تماثيل الربات

وقاع الآبار المهجــــــــورة كانت صيحاتك

صيحاتي وأنا أتسلق أسوار المدن الأرضية

أرحل تحت الثلج أواصل موتي (...) حيث

الموسيقى والثورة والحـــب وحيث الله

اما قصيدة النثر فهي القصيدة الجديدة اوالطارئة على العربية والتي يأمل شعراؤها بانها ستكون القصيدة العالمية .


فقصيدة النثر جاء في تعريفها :

( هي قطعة نثرية موجزة بما فيه الكفاية موحدة ومضغوطة اشبه بقطعة بلور ناصع . فهي خلق حر ليس له ضرورة الا رغبة الشاعر في بنائها , خارجا عن كل تحديد وربما تكون شيئا مضطربا الا ان ايحائياتها لا نهائية اي انها مفتوحة ) .

ولقصيدة النثر موسيقاها الخاصة وايقاعاتها الداخلية التي قد تعتمد على الالفاظ الشعرية وتتابعها وصورها الشعرية تكاد تكون متكاملة وقد قال فيها الشاعر الشاعراللبناني انسي الحاج واحد شعراء قصيدة النثر لتكون قصيدة النثر قصيدة حقاً قطعة نثر فنية، أو محملة بالشعر، شروط ثلاثة: الايجاز والتوهج والمجانية .

فقصيدة النثر شكل أدبي جديد معاصر وجد ت مجالها الواسع في مجال الشعر ويتسع هذا المجال كلما تقدمت وتطورت الحياة فهي قد تحقق الدهشة أو الصدمة في التعبير المستجد المستحدث وهذا متوقف على امكانية الشاعر في التقاط رؤيته المثالية وصياغتها في بنية جديدة ، قوامها الصور والرموز الشعرية غير الموغلة في الابهام والتوهج المنبعث من التركيب اللفظي وكيفية استخدامه في التعبير وجماليته من حيث الانتقاء والبيان اللغوي .

وإشكاليات قصيدة النثر العربية تبدأ من مصطلحها حيث إنَّ كثيرا من النقاد والباحثين كانوا لا يميزون بينها وبين الشعر الحر- اول الامر - حتى أنَّ بعضهم أخذ يتحدث عن ريادة الشاعرة العراقية نازك الملائكة لها في حين أنَّ الشاعرة والناقدة المذكورة كانت من أشد خصوم هذه القصيدة وكانت تعتبرها نثرا .

أما علاقة قصيدة النثر بنموذج الشعر المنثور الذي ظهرت بوادرها في النصف الأول من القرن العشرين، فهو محل إشكالية أخرى حيث يذهب قسم من النقاد والذين يميلون الى تفضيل القصيدة العمودية إلى أنَّ الاثنين – شعرالتفعيلة وقصيدة النثر -لا يعدوان أن يكونا تسميتين لنمط كتابي واحد بينما يرى آخرون أنهما جنسان مختلفان كل الاختلاف، لأنَّ لكل منهما خصائصه واميل لهذا الراي واعتبره الرأي الصحيح .

وربما يعد الايقاع اشكالية أخرى من إشكاليات قصيدة النثر ، إذ يرى كتّابها أنَّ لها إيقاعا خاصا ويفضلونه على إيقاع القصيدة العمودية القائم على الوزن والقافية ، فهؤلاء وهؤلاء في خصومة مستمرة .

ويعتبر الشعراء جبرا إبراهيم جبرا،و توفيق الصايغ،وأدونيس، و محمد الماغوط، وأنسي الحاج، وسركون بولص، وعزالدين المناصرة و سليم بركات،وعبد القادر الجنابي وسلمى الخضراء الجيوسي ، رواد قصيدة النثر عند نشوئها في القرن العشرين.

ومنها هذه السطور الشعرية للشاعرة المغربية فاطمة المنصوري :

ايقظت مارد شعري

في حدائق بابل السندسية

بين رياض غرناطة

ترانيم اندلسية

للعشق حكايات هناك

ترم عظاما بالية

في قصورالحمراء

وبغداد العربية

اندلسية ام غجرية

بلكنة قرمزية

ومواويل عربية

ومن المهم أن نعرف ان مصطلح قصيدة النثر قد اكتسب شكلا ادبيا معروفا ورسوخا يكاد يكون ثابتا ، وتنظيرا واضحا، استقرت معه الكثير من الأطر الجمالية وهي الأساس لقصيدة النثر المعاصرة والتي تظهر ابرز ملامحها في التخلي عن الوزن والقافية ، والإبقاء على روح الشعر المتمثلة في الإحساس المتقد ، والصورة الشعرية الخلابة ، واللفظ المنغّم لتستقي جمالية نغماتها ا لموسيقية منه . والتي كانت كمحاولات تعود إلى أشكالية مصاحبة للمدرسة الرومانسية للشعر في مطلع القرن العشرين وقد امتازت باعتماد ها على وحدة السطر الشعري بدل البيت العمودي القديم التقليدي ( التقييدي) وكذلك على نغم الألفاظ ، وجمال الصورة ، وتألق العاطفة فنجد في قصيدة النثر نفس مفاهيم الشعر الرومانسي وآلياته وقد يعتبره البعض في الاغلب الأب الشرعي لقصيدة النثر في الأدب العربي المعاصر ، ومن المهم كيفية قراءة قصيدة النثر في ضوء تجربة هذا النوع من الشعر .

ويجدر بالذكر أن الشعر المنثور ، يخالف بكل شكل من الأشكال ما يدونه البعض من الخواطر المكتوبة فهو ليست بخاطرة لكنه ربما يكون قريبا منها من حيث التعبير وانتقاء الكلمة الاوضح وهذا واضح ومفهوم فالشعر المنثور نص عالي الشاعرية وقد يدور حول رؤية جديدة أساسها الوجدان المتقد والنفس الحار والخاطر المشحون وبما يحقق جمالية عالية مستفيضة كالزهرة في الحديقة العامة فهي ملك للجميع وتنثر شذاها اليهم بالتساوي .

فقصيدة النثر انتشرت انتشارا واسعا في السنوات الاخير ة بين الشعراء الشباب واخذ يكتب فيها كل من هب ودب الا ان بعضها تميزت برمزيتها الخانقة وغلوائيتها الممجوجة لدى البعض وعدم مفهوميتها الا ما ندر وما دعوت اليه في كتاباتي – مع اني اميل الى القصيدة العمودية وافضلها واعتبرها الاساس في الشعرالعربي ثم كتاباتي الشعرية في دواويني الشعرية كلها من القصيدة العمودية - هو سهولتها وقربها من المتلقي ليفهم ما تسمو اليه في قصدها والغرض الذي قيلت فيه لاحظ قولي في احد تجاربي لكتابة القصيدة النثرية :

ما بين المرقب والمرمى

رحت أبحث عن قلب أقابله

عن شوق أجامله

عن حدث أسامره

عن حب أذاكره

عن جرح أضمّده

عن جسد يعطره الثرى

ينير الدرب للآتي البعيد

مرسوم على –قمصلته – زهرة حمرا

ما بين الوردة والوردة

ما بين الضفة والنهر

ما بين الماء والرمل

ما بين المحجر والعين

تنبعث منها رائحة المسك..

النفس حائرة

تصر خ تزمجر... في صخب :

تجمّل أيّها الغادي..........

سأ كفيك وتكفيني .............

سأحميك وتحميني .......

لأني أشو ق منك الى الحين

لأن الجرح :

ان يؤذيك , يؤذيني

شدّ الجرح يا هذا..

فما زالت شراييني

تروّي الجسم بالدّم

وتؤذيني...

فلا والله لا أشكو.........

فلا والله لا أرتدّ.........

ولا أ رجع.......

فلا والله لا أخلى ........

هاتني الرشاش واتبعني..

لنزحف خطوة خطوة

وبالايمان قوّيني

فان متّ ..........

فهذي الارض تؤويني

وهذي الارض تحويني

لاحظ مجموعتي الشعرية الثانية ( قصائد من جبهة القتال )

مع العلم اني اكتب في قصيدة العمود الشعري ولدي العديد من الدواوين المنشورة فيه لكني ارى في بعض قصائد النثر روعة وبيانا وجمالية الا ان هذه القصيدة لازالت تكتنفها الغلوائية والابهام الذي يتعبره شعراؤها سمة خاصة بها خاصة بعد ظهور الانترنيت والفيسبك من وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الاعلام ووسائل النشر المختلفة التي انارت دروبا وسبلا كثيرة وفسحت المجال للنشر لكل الاخرين وحطمت بعض الابراج المتعالية والتي كان بعضها اجوفا . ومن سلبيات هذه القصيدة ايضا ان اختلط فيها الحابل بالنابل والغث بالسمين وكتب فيها الكثير - وخاصة الاناث - وكلٌ يقول انا اكتب شعرا او اكتب نثرا اذن فانا شاعر .

ومن اهم خصائص جمالية قصيدة النثر هو الإيجاز ونعني به الكثافة في استخدام اللفظ سياقيا وتركيبيا . - والتوهج ونعني به الإشراق حيث يكون اللفظ متقدا متألقا في سياقه ، كأنه مصباح يطفح نورا حتى إذا استبدلناه بغيره ينطفئ بعض بريقه او يتلاشى وتكون هذه القصيدة - واعني قصيدة النثر- متوحدة في صياغتها بحيث يكون السطر الشعري الذي يماثل ( البيت الشعري في القصيدة التقليدية ) وحدة متكاملة مع بقية سطور القصيدة فلا سطر يقرأ بمفرده اي ان القصيدة تكون مترابطة متوحدة شمولية لا تحدد بزمن بحيث تكون تنسيقية متفاعلة مفتوحة اطرها تخلت في بنائها عن النغمية والايقاع العمودي لحساب جماليات جديدة ، وأساس هذه الجماليات :

تجنب الاستطرادات والإيضاحات والشروح ، وهذا ما نجده في الأشكال النثرية الأخرى على شرط ان تكون قوة اللفظ وإشراقه قوة جديدة وفاعلة فيها .

فقصيدة النثر : تؤلف عناصرها من الواقع المنظور وفق الرؤية الفكرية للشاعر بعلاقات جديدة بين ألفاظ النص وتراكيبه ، هذه العلاقات مبنية على وحدة النص وحدة واحدة ، ذات جماليات مبتكرة تعتمد على رؤية الشاعر للواقع المادي الخارجي بمنظور جديد ،وامكاناته الشعرية في سياقاتها نحو نمط الجمالية والافضلية بحيث تنعكس هذه الرؤية على العلاقة اللفظية ، وبنية التراكيب ، وقوة التخييل ،و وحدة الرمز الا ان هذه الرمزية اتخذها بعض شعراء هذه القصيدة – قصيدة النثر - ذريعة في الايغال في الابهام والغموض بحيث انعكست سلبا على المتلقي وادت الى عزوفه عن قراءتها في بعض الاحيان حيث يفضل عليها قصيدة العمود الشعري لما فيها من موسيقى في الوزن والقافية القريبان الى اذن المتلقي العربي الموسيقية والتي تعودتها اذنه واحبتها نفسيته بحيث يبقى يفضلها على سواها في كل الاحوال ويردد مع نفسه ما يحفظ من ابيات فيها في بعض الاحيان او ينشدها .

وهذه الحالة يكتنفها في بعض الاحيان او في الاغلب تيار رمزي جارف يقوم على اعتبار الشعر كتابة إبداعية مادتها اللغة، وهذه الكتابة هي عمل ابداعي نابع من اللغة حيث يخلق منها كيانا ذاتيا يختلف عن لغة التعامل اليومي اوعن لغة المنطق الظاهري، يتفاعل معه الفكر الشعوري بالتداعي الحر مشتركا بتيار الأحلام النفسية المنبثقة من نفسية الشاعر ذاته ويهدف إلى ايجاد معان جمالية مبتكرة لها قابلية تغيير الاحوال نحو الافضل في التعامل مع الموروث التاريخي واللغة المقال فيها هذا الشعر، و تحرير الطاقات الكامنة لدى الشاعر تحريرا شاملا يدخل من خلالها الى الطاقات الشعرية الذاتية او النفسية والبواعث الانسانية الاجتماعية.

تقول الشاعرة التونسية رحيمة بلقاس في احدى قصائدها النثرية من ديوانها الموسوم (للزوابع اصابع تنحتني ) :


امسك قلمي المتعثر بالحزن

اصلبه على حجر الصبر

اتنفس

اناملي متعبة

عبق السحب المنتشية

زخات الندى تبللني

فيح زهر

افتقد طعم الحلم

ياظل الموج

هذا ندى الضوء الساري

قلبي العاري هو نغمة صبح

قرص عباد الشمس يبتهل

النجم يتكئ على شجرة الحب

هبوب النسائم خصلات

سبائكها ذهبية

وفي الاونة الاخيرة او في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين لاحظت مبادرات جديدة اهمها مبادرتان الاولى ظهرت في العراق على يد الشاعر د. انور غني الموسوي واعتبرها الاستاذ نوعا من الشعر. وهو من اسماه الشعرالسردي .

لكني لا اسلم به انه نوع من الشعر- مع تقديري واحترامي للاستاذ الشاعر الدكتور انور غني حيث انه ذو شاعرية فياضة مجيدة نظم القصيدة العمودية في بداية حياته الادبية ثم انتقل الى قصيدة النثر ثم قصيدة السرد الشعري وهذا ما يدلل على قوة شاعريته وفطحلة ادائه رغم كونه طبيب انساني مجيد وناجح- انما هو نوع من النثر الفني فهو في بداية اطواره وتغلب عليه اللمحة النثرية وان كان فيه بعض المقطوعات الرائعة والجميلة الا اننا لو رجعنا الى النثرالفني في العصر العباسي الاخير لوجدنا ضروبا من النثر تطفح بكل الوسائل والمستجدات في نسق اسنى تعبير واسمى وافضل كلام في اطوار بلاغية في اسلوببية جمالية رائعة وكذلك في العصرالحديث نجدها عند الاديب جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وكثير غيرهم الا انه اصبح له مريدوه وكتابه والفت فيه الكتب وصدرت منه دواوين عدة .

يقول الشاعر د. انور غني الموسوي فيه :

الشعر السردي يروي قصة في شكل الآية. وهو شكل طويل نسبيا من الشعر الذي يحتوي على جميع العناصر اللازمة لقصة، بما في ذلك المؤامرة، والشخصيات، ووضع، والموضوع، والحوار. مثل القصص، القصائد السردية تقدم صراعا، وتبني إلى ذروة، وتنتهي مع قرار. وفي الوقت نفسه، تحتوي القصائد السردية أيضا على عناصر شعرية تميزها عن الروايات النثرية.

القصائد السردية تحتوي عادة على شكل من أشكال الصوت أو الأنماط الإيقاعية. والاستفادة من نثر منتظم، أو اللعب مع الصوت من خلال التكرار، والصداقة، والجناس. لذلك فإن الانعكاسات الشفوية للقصيدة السردية تختلف اختلافا ملحوظا عن إيقاعات النثر. مثل قصائد الشعر الأخرى، تستخدم القصائد السردية أيضا اللغة التصويرية، والصور الحسية، والقصائد المختارة بعناية.

قد يكون الشعر السرد ي أقدم شكل معروف من الأدب. وهي تعود إلى مجتمعات ما قبل الإلمام بالقراءة والكتابة تعتمد على التقليد الشفهي في نقل القصص والتاريخ. معظم الملاحم القديمة، بما في ذلك بيوولفوأوديسي ، هي القصائد السردية التي من المرجح أن يتلى أو تغنى من الذاكرة قبل أن يتم كتابتها في نهاية المطاف وتسجيلها. لقرون، حيث ظل معظم السكان من السكان الأميين، حافظ الشعر السرد نداءه كوسيلة لتقاسم المعلومات في شكل سهل الحفظ. فالقصور في العصور الوسطى والليس، على سبيل المثال، استخدمت القافية والامتناع المتكرر عن حفظ ونقل القصص والتاريخ والأخبار المحلية. واصل الشعراء النهضة هذا النمط في حركة رومانسية ألهمت التحول إلى الشعر الغنائي.

) اليوم، الشعر السرد ي هو أقل شيوعا كنوع شعري، ولكن تبرز في عدد قليل من الكلاسيكية المعروفة وهذا النوع هو أيضا في وسائل فنية أخرى. كتب الأطفال عادة ما تقصص القصص في الشعر النحيف، ويستخدم العديد من الفنانين الموسيقيين الشعر الروائي في كلماتهم، ويخبرون حكايات الحب، والخسارة، والاحتفال في الآيات الجذابة الجذابة. أيا كانت شكلها، قصائد السرد جيدة تترك انطباعا دائما من خلال قصص حية وأنماط الصوت الإيقاعي )

وقد بدأ هذا النوع من الشعر- كما يسمونه - ينتشر وله رواده ومحبوه وهم من كتب فيه بعدما كان يكتب قصيدة النثر فهو اقرب لقصيدة النثر في حالة اعتباره شعرا ا ومنشق عنها .

و يقول الشاعر د. انور الموسوي البابلي فيه :

) ان التقسيم المعهود للكتابة الشعرية الى ما يكتب بالوزن و ما يكتب بغير الوزن ما عاد كافيا امام الزخم الهائل و الكثيف للشاعرية المعاصرة ، و توسع الفهم للغة الابداعية و تغير المعارف العامة باللغة و طبيعة استعمالها . و بعد الفهم العميق لتقنيات قصيدة النثر و الشكل الذي هي عليه في الاعمال الساعية نحو الشعر الكامل في النثر الكامل ، صار لزاما الالتفات الى ان الايقاع و الشعرية بالنثر اما ان تكون بصورة . شعر سردي.

) يعتمد تقنيات السرد التعبيري بشكل النثر اليومي ، او ان يكون بشكل

الشعر الصوري )

يعتمد تقنيات الصورة الشعرية و التوزيع اللفظي الايقاعي بالتشطير و نحوه . و لأجل هذه الحقيقة أي وجود شعر سردي و شعر صوري كان لزاما على النقد تقديم نظرية متكاملة تستطيع مجاراة هذا التطور وهذا الفهم و الواقع الجديد للشعر.

والشعر حينما يكتب بشكل نثر فانه بالنهاية سيكون شعرا ، و المميز بين النثر و الشعر ليس الوزن كما يعتقد ، و لا الصورة الشعرية و المجاز العالي كما اثبته الشعر السردي ، انما المميز بينهما ان الشعر السردي يشتمل على السردية التعبيرية ، اي السرد لا يقصد الحكاية و التوصيل ، السرد الممانع للسرد ، بينما السرد النثري اما قصصي حكائي يقصد الحكاية او توصيلي بشكل خطاب و رسالة. بمعنى اخر ان الفرق بين الشعر و القصص و اللذين يشتملان على السرد ، ان السرد في القصة حكائي قصصي يقصد الحكاية و الوصف ،بينما السرد في الشعر تعبيري هو سرد لا بقصد السرد هو السرد الذي يمانع و يقاوم السرد ،انه السرد بقصد الايحاء و الرمز لا بقصد الحكاية و الوصف.)


و من السرد الشعري يقول الشاعر د. انور غني الموسوي في بعض مقاطعه :

( رقيق هو الصباح كقصيدة نثر غرقت في عالم من الضباب . كيف تريدني اذن أن أراها، و أنا ذلك الظلّ الكسيح ؟ أبحث عن عيوني التي غادرتها البدايات . كلماتي وريثة الأشباح المرهقة تتبعثر في المكان كخيط رفيع جدا . و رقتي الصامتة لا تعلم أنها صفراء جدا، و لا تعلم أنها تسابق الريح كموت ساحر. هكذا أنا ، أعيش مع كلماتي المسكينة في عالم من العمى . القارئ الذي أُثقله بندائي لا يجد قاربا في بركة الضباب هذه . انه لا يعيش حكاياتي لذلك فهو لون ميّت. حتى صديقي الشاعر الذي يسابق الندى أيضا صار يجلس في بركة الصمت مهموماً. و أنا ذلك المسكين ، في أحيان كثيرة استغرب أنني لازلت أتنفس . ليس فقط لأنني لا أرى ورقتي ، بل لأن كلماتي غريبة جدا الى حدّ أنها سئمت البقاء بقربي . )


وهناك نوع اخرمن الادب في بداية حركة تجديدية وهو ما يسمى المتلازمة اوجدها الشاعر المصري ايمن خليل ودعا لها كثيرا واصدر فيها كتابا ودعاني لمشاركته في انجاح هذا النوع من الشعر لكني لم استسغ الفكرة . ولاجل اطلاع المتلقين والقراء على هذه المتلازمة اثبت ما كتبه عنها الاستاذ ايمن خليل رائد المتلازمة في الادب العربي حيث يقول في تعريف المتلازمة :

( المتلازمة .. لون أدبي جديد ، ولد من رحم الومضة القصصية بما يحمله من صفات وراثية تتمثل في هيكله خارجيا وداخليا مضافاً إليها تغييرات جوهرية تحقق التوافق مع متطلبات الرمزية والتكثيف بالصيغة التعبيرية لروح الأبيجراما ، هذا النمط الأدبي المنتشر الان بشكل كبير .. وكان الدافع من وراء خروج هذا الابتكار الجديد الى ساحة الأدب هو البحث عن الصيغة التي تحقق شروط الوميض القصصي من ناحية و اتساع مساحة الحدث ليشمل الزمن الحاضر في التعبير من ناحية أخرى والذي خنق في زمنه الماضي كأساس وشرط لا تصلح الومضة القصصية بدونه، خرجت المتلازمة لتقدم لفكر الكاتب صيغة الخروج من حيز الومضة الضيق إلى رحابة الحدث في الوصف والتعبير .. لذلك فهي نجحت في استقطاب الكثير من الكتاب لما تحمله من دقة المعنى وقوة التكثيف والاختزال بما يضمن سرعة ودقة التناول للقارئ ، المتلازمة أحدثت التفاعل المطلوب بين الكاتب والمتلقي بشكل كبير إذ جعلت من القارئ ذلك الشخص الذي يتفاعل معنويا مع الحدث ويعيش بداخلة متنقلا بين الفعل ورد الفعل المتمثلان بشقي المتلازمة ، كما أنها حققت الاندماج والتمازج المبتكر بين الكاتب والقارئ بصورة لم تتوفر في أي جنس أدبي اخر أو ربما كانت المتلازمة هي الأقرب لهذا التصور حتى الان .

لذلك نستطيع القول بأن المتلازمة أتاحت للكاتب الولوج في الحدث عن قرب بل يتعايش معه بشكل رائع ومعبر .المتلازمة اختلف تركيبها البنائي عن الشكل المعتاد للومضة القصصية وجعلت لنفسها خصوصية شكلية تضاف لخصوصية النوعية في المضمون .

اتخذت المتلازمة حاليا مكانا ومكانة في الاوساط الادبية وبدأت تحقق الانتشار المطلوب كما أنها لاقت استحسان الكثير من النقاد كما سيتم ذكره من خلال هذا الكتاب ، سنتحدث في هذا الكتاب عن التركيب البنائي للمتلازمة مع ذكر النماذج التي توضح تفصيليا مكونات المتلازمة وشروطها اللازمة .. كما أننا سنقدم اراء الكتاب والادباء فيها و الدراسات البحثية التي تمت عليها و القراءات النقدية والتحليلية لبعض المتلازمات .

يقول في بعض متلازماته:

قَصِيدٌ
لأَنَنِي أَتَكَلَم بِكُلِ لُغَات الْحُبِ.. تَتَعَانَقُ الأَلْسُنُ.


تَلاَزُمٌ
لأَنَكِ مَلِكَةٌ.. يُزَيِنُ جَبِينِي تَاجُكِ.


رِحَابٌ
لأَنَكِ حَيَاةٌ.. أَمُوتُ فِيكِ.


أَغْنِيَاءٌ
لأَنَ التَعَفُفَ غَالٍ.. يَشْتَرِيهِ الفُقَرَاءُ.


طَيْفٌ
لأَنَكَ عَبِيرَ خَيَالِي.. أَتَنَفَسُ الحُلمَ.


وكتب الاستاذ عقيل العبود بعض هذه المتلازمات فيقول :

الصخور التي تحترق في أعماقها الحركة،

يعتري أوصالها الكسل

************


اللانهاية، قباب ليس في كهوفها الا زرقة مبهمة،

الغيوم، قطع تتشكل من ألغازها الحركة،

الكون ابجدية،

معادلاتها تحتاج الى تدقيق.

****

الجغرافية كواكب،

تناقضاتها ازمنة،

العالم يسوده العنف.

****

النيران،

الصخور التي تحترق في أعماقها الحركة،

يعتري أوصالها الكسل.

المحيطات، كتل مائية يجتاحها الخوف.


اما الشكل الثالث من الادب العربي الجديد والمعاصر او النوع الاخر فهو ما يسمى بالهايكو واصله شعر ياباني وانتقل الى العربية نتيجة التفاعل العربي الياباني. ووجد الهايكو في الشعرالعربي منذ مطلع القرن الماضي لكن بقلة وندرة وهو احد ثمار التواصل الثقافي العربي مع اليابان حديثا وقد تمت ترجمات كثيرة من الهايكو الياباني الى العربية في ستينات القرن الماضي وما بعدها . وقد قال بعض الشعراء فيه نظموا الهايكو العربي على غرار الهايكو الياباني وبتصرف منهم نزارقباني من سوريا وعبد ةالكبير الخطيبي من المغرب

وتتمثل أهم خصوصيات الهايكو العربي في وجود نفحات غنائية وقدرة في المجازية وحضور ذات الشاعر بشكل أقوى من باقي تجارب الهايكو عبر العالم، اضف الى ذلك خروج الشاعرالعربي على التوزيع الإيقاعي الياباني نظرا لخصوصية اللغة العربية.

ويقول الشاعر سامح درويش من المغرب العربي والذي يعد من كتاب الهايكو العربي المعاصر - الذي يعد واحدا من أهم كتاب الهايكو العربي المعاصرين:

( أن الهايكو العربي لن يكون له موقع ولا معنى ما لم يمتح من ثقافتنا وأرصدة شعبنا العربي؛ الرمزية والجمالية، ليلتحم بالثقافة الإنسانية، ويس كنسخة مكرورة، بل كاقتراح جمالي من ثقافة لها خصوصياتها وصيغها الروحية والمعرفية.)

والهايكو العربي استقطب عددا هائلا من الأصوات الشعرية، خاصة الأجيال الشابة في الوقت الحاضر ويقول شاعرالهايكو المغربي سامح درويش :

(الأمر يبدو لي مؤشر سلامة شعرية وفنية، في أفق تجاوز تمجيد الذات بشكل كابح للإبداع وارتياد آفاق جديدة للتعامل مع مأزق الشعرية العربية)

فتاريخ الهايكو في الشعر هو تاريخ مآزق بامتياز، وينبغي أن يظهر في المشهد النقدي للهايكو جيل جديد من النقاد لتتبع وتقويم ومواكبة ما يتم إنتاجه. ومن خلال دراساتنا للهايكو العربي وما تحت ايدينا من نماذج له نلاحظ ثلاث فئات :

الأولى : تتمثل بمن يحاولون كتابة الهايكو وفقا لقواعده وملامحه الجمالية المتعارف عليها ويتوقون التجربة الادبية في داخل هذه القواعد ، وهؤلاء باستطاعتهم مضاهاة شعراء الهايكو الحقيقيين في الشعريات الأخرى، وهؤلاء إما كتبوا الهايكو عن تجربة وخبرة شعرية سابقة، أو تحولوا إليه من تجارب إبداعية أخرى.


والفئة الثانية : من يعتقدون أن الهايكو هو تلك الأسطر الثلاثة – ومن بينهم شعراء لهم أسماؤهم- فتبتعد قصائدهم عن الهايكو لتنتمي إلى أشكال شعرية قريبة من الهايكو من حيث الكثافة الشعرية اشبه بالومضة او الشذرة او الحكمة في ثلاثة اسطر وغيرها من الأنواع الأدبية القصيرة.لكنهم ربما في انفسهم ريب ويميلون الى من يرفض الهايكو ولا يستسيغه ضمن الشعرية العربية

أما الفئة الثالثة : فهي تلك المحاولات التي تقوم بها فئات عريضة من الشباب على سبيل اكتشاف لون شعري جديد (الهايكو ) والاقتراب من عوالمه وتقنياته فهم يكتبون للشعرالعربي ويعتقدون انه جزء من الثقافة العربية والشعرالعربي ايضا .

ومن نماذج الهايكو العربي هذه السطور للشاعر مصطفى الغتيري
من المغرب يقول :

عين ملتهبة ترمقنا
بدهشة متجددة.
شمس الظهيرة.
*
تجر أذيالها في خيلاء
تتراقص الألوان خلفها.
شمس الأصيل.
*
تطل علينا على استحياء
تداعبنا لمساتها الحانية.
امرأة دافئة.
*
في معبد فرعوني
بخشوع تقدم القرابين.
رع يبتسم.
*
حين أشرقت
أخفت كل الكواكب والنجوم.
شمس حبيبتي.
*
وحدها زهرة عباد الشمس
تقدس القرص السماوي المشرق.
عشق صوفي.
*
عاشت طويلا
فاندلقت الحكمة على لسانها.
شمس عجوز.
*
وللشاعرة العراقية بشرى البستاني هذه السطور:

العصرُ الذي أبدع السكاكينَ
نسي الخيوط ..
جرحٌ فاغرٌ فاه ..
*
يصفق بابتهاج
يحسبُ الرصاصَ في الظلام عناقيد فرح
طفلُ الحرب.
*
تكذبُ على الجميع..
عاتبوها ،فصمتتْ.
الوسادة ..
*
قالوا للظلمة ،
إن الشجرَ يورقُ فيكِ
فصدقتْ
*
السيارة التي دهستني
ليلةَ أمس
كانت بيضاءَ جدا
*
بلابلُ دجلة
تطلقُ صراخا في الفجر
المخاض
*
نسيم الشام في مهب الريح
ياسمينةٌ تتلفت
طيرٌ مذبوح
*
اسمع أنيناً لا اعرف مصدره
آه ….
هو من قلب.. جبل


ومن تونس هذه السطور للشاعر محمد أمين إدريس


موصومٌ بخطيئته الأولى
قضَم التفاحة وحدّق مليّا،
آدمُ وحوّاء
*
بالوادي .. زنبقة تتثنّى
قسطلةٌ وأناشيد طيور،
نيلوفرٌ جوهره الياقوت
*
مات الفهد الآن،
سنحصيها أخيرا
رُقط الفروِ
*
المناخ رطب والمشاعر جافة،
ألمح الخزامى شاردا
فأغنّي
*
أبِيتُ اللّيل أرقبها،
بسمتها العذراء صباحا
غرضُ أشعاري الوحيد

*
ثانيةَ اليوم الأخيرة
كم سَتَوْسَعِين؟!
…الوداع
*
و يتساقط الزيتون
حبّةً حبّة،
العنف مبرَّر
*
المراعي واسعة
والإسطبل وضيع،
الضحيّة حرّة

ومن لبنان تقول الشاعرة المغتربة نجوى سالم :

لانّك مقياسي للأشياء
ارى فيك نور
السّماء..


احبّك لأحيا
منك الشفاء
يا قلباً له ..
اخفق..!


انا من عشق هواك
وانتميت لعلاك
انت بختي ..
ملاك..!


عندما اسقط في
محيط عينيك ..
اين قانون الجاذبية
هنا…?!

~~~


وربما سيلد هذا العصر فنونا ادبية وشعرية اخرى لم نعرفها ولم بخطر ببال احدنا . وفقا لمتطلبات التقدم الاجتماعي والثقافي والعلمي .




************************************






https://falih.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى