الزجل الاندلسي بقلم د . فالح الكيلاني

الزجـــــــــــــل الاندلسي





هو الفن الثاني المتجدد في الادب الاندلسي اذا اعتبرنا الموشح الفن الاول .
والزجل - لغة : يعني الصوت او احدى درجات الصوت الفني منه وهي الصوتي الجهوري فيه وتعني ايضا الصوت ذو الجلبة والصوت ذو الصدى وقيل للسحاب : سحاب زجل اذا كان فيه رعد وكذلك يقال يقال لقطع الحديد ذات الجلبة او أي مادة ذات صوت او يخرج منها صوت اذا تحركت ومجمل القول انها تعني الصيحة او الصياح وان كثر وتعني الجلبة وتزاوج الاصوات .

اما اصطلاحا : فتعني الغناء والطرب واختصت بعد ذلك بالوائر الغنائية ذات الاصوات العالية مثل جماعة الشباب الذين يجتمعون في مكان بعيد ليؤدُّوا الرقص والغناء الصاخب بمصاحبة آلاتهم الموسيقية او بدونها . وتعرضت هذه الكلمة لتغييرات واسعة واصبحت اداة لغوية في الادب العربي المغنى واحدى اللهجات للغة العربية الدارجة او المحلية او الشعبية في أي منطقة ثم اتسقت فاشتقت لها اوزانا عروضية من اوزان الشعرالعربي اوقريبة منه وبنغمات معينة . .

معناه الاصطلاحي: :
غدت كلمة زجل في الدوائر الأدبية والغنائية مُصطلحًا يدل على شكل من أشكال النظم العربي، أداته اللغوية هي إحدى اللهجات العربية الدارجة، وأوزانه مشتقة أساسًا من أوزان العروض العربي، وإن تعرضت لتعديلات وتنويعات تتواءم بها مع الأداء الصوتي للهجات منظوماته. ويتيح هذا الشكل من النظم تباين الأوزان وتنويع القوافي وتعدد الأجزاء التي تتكون منها المنظومة الزَّجلية، غير أنه يُلزم باتباع نسق واحد ينتظم فيه كل من الوزن والقافية وعدد الشطرات التي تتكون منها الأجزاء، في إطار المنظومة الزَّجلية الواحدة.
والزجل يعد احد الفنون الشعبية في الاندلس

الزجل يميل في نظمه الى اللغة العربية الفصحى وكانت لغته العامة تقترب من الفصحى بكثرة . فلـُغة الزجل كانت لهجة دارجة خاصة بناظميه الذين حاولوا ان يلتحقون بالدوائر الأدبية السائد ة وتتحد أطرهم المرجعية في داخل نوع الثقافة العربية التي تُقرُّها هذه الدوائر. الا انه ظل مستوى الأداء اللغوي أحد المقوّمات اللغوية التي تميز الزجل عن الشعر الفصيح، كما كان في الوقت نفسه أحد الامور التي تميز الزجل عن غيره من الاداب .

والزجل تم تصنيفه ادبيا ولغويا ضمن الفنون الشعرية الشعبية غيرالمعربة حيث بقي على صلة وثيقة بالفنون المعربة وان تداخلها ما يخالف ذلك . لذا تعتبر لغة او لهجة المنظومات الزجلية لهجة خاصة بشعراء الزجل الذين في قرارة انفسهم يحاولون الالتحاق بالدوائر الادبية السائدة انذاك . ويعتبر مستوى الأداء اللغوي أحد مقوّمات تمايز الزجل عن الشعر الفصيح، وكذلك كان في نفس الوقت أحد مقوّمات تمايز الزجل عن أشكال الشعر الشعبي وعن حركة الشعر المحلي واختلافه عنها لقربه من الفصحى باعتباره له الموقع الوسطي بين الفنون الادبية الخالصة وبين الفنون الشعبية .

وكانت المنظومة الزجلية في بدايتها وعلى يد مؤسس الزجل وشاعره الاول وهو ابن قزمان الاندلسي حيث استخدم قالب القصيدة العربية رصيدا لفنه الجديد (الزجل ) يقول في احد ازجاله :


مَـضَ عــنّي مَـن نحـــــبُّو ووَدَّعْ
لهيب الشُــــوق في قَلبي قد أودَعْ

لو رَأيتْ كفْ كُنّ نَشياعوا بالعين
وَمَ نــــدري أن روحي نشـــــيع

من فظاعة ذا الصَبَر كنت نعْجب
حتّى ريْتْ أنْ الفراق منّو أفظعْ


ولو رجعنا الى فن الزجل لوجدناه اخذ بطابع القصيدة الشعرية ثم تتبعها التجديد في القوالب واللغة في نظمها بشكل هيئات متجددة لتعدد فيها الوحدات الفنية وتتفرع القوافي وتختلف الاوزان .وفي الاغلب اعتمد النموذج الرباعي .ثم تتدرج قوالب النظم من حيث كثرة عدد أقسام المنظومة، وعدد اشطر وحداتها، ومن حيث التنوّع في التقسيم الموسيقي لعناصرها، بحيث يصل تركيب قالب المنظومة الذي يحب ان ينظم فيه شاعر الزجل والذي سُمي ( الحِمْل ) والجمل يتكون من الامور التالية :

1- يتكون من مطلع ذي بيتين.
• - تتوالي الأدوار وهي في الغالب (12) اثنا عشر دورا
• يتكون الدور من خمسة أبيات أو أربعة فاذا كان الدور في المنظومة الزجلية هذه متكون من خمسة ابيات تكون الثلاثة الاولى بقافية موحدة . وقافية البيتين الاخيرين وفق قافية المطلع . واذا كان الدور من اربعة ابيات فتكون كل المنظومة على قافية واحدة .

الا انه بعد ذلك كثرت قوالب النظم وتسميات تفرعاته وكثرت مصطلحاته وعناصره . وبهذا يعتبر الموشح والزجل افضل الفنون الادبيةوالتجددة في الاندلس في ايام الاخير ة للدولة العربية في الاندلس


اما الاغراض التي طرقها الزجل فقد بدات في الغزل والمدح والغناء الديني ثم توسعت لتشمل كل مناحي وفنون الحياة كما في مجال الشعر العمودي . ومما يقوله ابن قزمان في الزجل الغزلي :

هجرن حبيبي هجـــــــر
وأنا ليس لي بعد صبر

ليس حبيــــبي إلا ودود
قطع لي قميص من صدود

وخاط بنقض العهــــــود
وحبب إليّ الســــــــهر

كان الكستبان من شجون
والإبر من سهام الجفون

وكان المقص المـــتون
والخيط القضا والقـــــدر



ومن أزجال الشيخ الشستري الصوفية قوله:

راس محلــــــوق ونمـــــش مولــــه

نطلب في السوق أو في دار مرفـــه

حـــافي نرشـــق تقــول اعـطِّ اللّه

خبـــزًا مطبـــوع ممن هـو مطبـــوع

مطـبوع مطبــوع إي والله مطبــوع



وكما كثُرت قوالب النظم، كَثُرت مصطلحاته وتسميات تفريعاته وعناصره بما تطول متابعته. ولكنا نكتفي بإيراد المخطط التالي لإيضاح هيئة وحدة زجلية وتسميات أجزائها.


ذاب تنظر في مركز مطبـــــوع بكـلامًــا نبــــــيل

وتراه عندي من قديم مــرفوع ليـس نرى به بديـل

بالضـرورة إليه هو المرجـوع دَعِنْ عن قال وقـيل

الشراب والغنا والجر في المـا في رياضًا عجيــب

هــذا كل عـــلا هُ عنـــدي لوصـــال الحبيـــب


و يقول ابن قزمان في وصـف الطبيعة:


الربيــع ينشـــــر عــلام مثـل ســــــلطانًا مـؤيــــد

والثمـار تـنـثـــر حليــــه بثيــاب بحـــل زبرجـــــد

والريــاض تلبــس غلالا من نبـات فحــل زمــــرد

والبهــار مـع البـنـفسـج ياجمال أبيض في أزرق



************************************************