اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني

الحضارة الاسلامية باشراف المهندس خالدصبحي الكيلاني والباحث جمال الدين فالح الكيلاني


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

الموشحات الاندلسية بقلم د. فالح الكيـــــلاني

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

فالح الحجية

فالح الحجية
Admin





2- الموشحات الاندلسية



الموشح منظومة شعرية تتميز بتعدد القوافي وبخروجه على بحور الشعر العربي المعروفة في بعض الاحيان وتنويعها في الموشح الواحد وربما يكون مؤلفا من اربعة عشرا بيتا على الاكثر على وزن ايقاعي غنائي معين غير مقيد وقد يزيد او ينقص عن ذلك .

والموشح هو وزن معين من اوزان الشعر العربي المالوفة في الشعر العربي الا ان اواخره موشحة اما بجمل متوازنة متحدة القوافي يؤتى بها في اخر كل مقطع من مقاطع الموشح العديدة او موشح بقواف ثنائية او ثلاثية اورباعية وهكذا .

ظهر الموشح على حقيقته كفن قائم في بلاد الاندلس لاول مرة أي ان الموشح قصيدة شعرية كانت موجودة في الشعر العربي تطورت وفق تطور الحياة العربية في الاندلس وما املته هذه الحياة من ايجاد نوع من الشعر احتاجته الاذن العربية او النفس العربية المنفتحة هناك ليتفاعل معهما في الغناء والنفس الطرية التواقة الى كل جميل وجديد .

اول من ابتدع الموشح في شكله الجديد في العربية الشاعر الاندلسي - مقدم الفريري – وقيل انه الشاعر محمد بن حمود القبري وقيل
ايضا انه ابن عبد ربه الاندلسي صاحب كتاب ( العقد الفريد) وقيل غيرهم وقد اكثر الشعراء بعد ذلك من نظمه والتغني به وانشاده كثيرا في دواوين وبلاطات الامراء الاندلسيين أي كأنه ابتدع من قبل شعراء هذه البلاطات والداخلين في خدمة الامراء والخلفاء .

والموشح على العموم متكون من عدة اجزاء وكما يلي :

المطلع : وهو القفل الاول فيه
الدور :وهو ماياتي بعد المطلع
السمط : وهو كل شطر من اشطر الدور
الغصن :وهو الشطر الواحد من اشطر المطلع
البيت : وهو ما يتكون من الدور والقفل الذي يليه مجتمعين
الخرجة :وهو مايمثل القفل الاخير من الموشح . وهذه هي الجزء الوحيد الذي لا يلتزم بالفصاحة ولا الاعراب بل في الاغلب ياتي عفويا قد دخلته ايضا الكلمات المحلية او العامية .

وتعد الموشحات الاندلسية اكبر حركة تجديدية في الشعر العربي واوزانه التقليدية في تلك البلاد وذلك لحاجة هؤلاء الى الغناء والطرب وباساليب ومعان جديدة واضحة المعاني جلية الصورة سهلة الاسلوب تشنف الاذان وتطرب السامع بالحانها الجميلة وكلماتها الفياضة الداخلة الى القلب مباشرة .

اما اغراض الموشح فكثيرة فهي مماثلة للقصيدة العربية في اغراضها كالغزل والمدح والهجاء والرثاء والوصف والحكمة وغيرها.:

ومن هذه الموشحات هذا الموشح الذي يتغنى به المغنون لوقت قريب وقيل انه موشح مشرقي نظمه الخليفة العباسي الشاعر ابن المعتز :

ياحلو يااسمر غنى بك السمر
رقوا ورق الهوى في كل ما صورا

---------------------

ما الشعر ماسحره ما الخمر ماالسكر
يندى على ثغرك من انفاسك العنبر.
--------------------------

والليل يغفو على شعرك او يقمر
انت نعيم الصبا والامل الاخضر
ما لهوانا الذي اورق لايثمر

-------------------------

قد كان من امرنا ماكان هل يذكر
نعصر من ر وحنا اطيب ما يعصر

----------------------------

نوحي الى الليل ما يبهج او يسكر
نبنيه عشا لنا ياحلو يا ا سمر

ومن الموشحات الاندلسية ومن افضلها موشح الوزير الشاعر ابي جعفر احمد بن سعيد وفيها وصف الروض ووصف النهر الذي خلع عليه الوزير الوشاح الألوان البهيجة حين سلّط شمس الأصيل على ماء النهر المفضفض وجعل منه سيفاً مصقولاً يضحك من الزهر الأكمام، ويبكي الغمام، وينطق ورق الحمام، ويصف أيضاً جمال الحور وفتنة الروض فتوحي الشراب فيمد الشاعر أو الوشاح الأندلسي بالغزل فيقول فيها :
ذهبت شمس الأصيل
فضة النهر
أي نهر كالمدامة
صيّر الظل فدامه
نسجته الريح لامه
وثنت للغصن لامه

فهو كالعضب الصقيل
حف بالشـفـــر
مضحكاً ثغر الكمام
مبكــياً جفن الغمام
منطقاً وِرق الحمام
داعــــياً إلى المدام
فلــــهذا بالـــقـــبــــول
خط كالسطـــر
وعد الحب فـــأخــــلــــف
واشتهى المطل وسوّف
ورســـــــولي قد تعرّف
منـــــــه بما أدري فحرف
بالله قل يارسولي
لش يغب بدري


او هذا الموشح للشاعرلسان الدين الخطيب نقتطف منه هذه المصاريع يقول فيها :

جادَكَ الغيْثُ إذا الغيْثُ هَمى
يا زَمانَ الوصْلِ بالأندَلُسِ

لمْ يكُنْ وصْلُكَ إلاّ حُلُمـــــا
في الكَرَى أو خِلسَةَ المُخْتَلِسِ


*******************

إذْ يقودُ الدّهْرُ أشْتاتَ المُنَى
تنْقُلُ الخَطْوَ علَى ما يُرْسَمُ

زُفَراً بيْنَ فُـــــــرادَى وثُنَى
مثْلَما يدْعو الوفودَ الموْسِمُ


*******************

والحَيا قدْ جلّلَ الرّوضَ سَنا
فثُغورُ الزّهْرِ فيهِ تبْســــــِمُ

ورَوَى النّعْمانُ عنْ ماءِ السّما
كيْفَ يرْوي مالِكٌ عنْ أنسِ


***********************

فكَساهُ الحُسْنُ ثوْباً مُعْلَما
يزْدَهي منْهُ بأبْهَى ملْبَسِ

في لَيالٍ كتَمَتْ سرَّ الهَوى
بالدُّجَى لوْلا شُموسُ الغُرَرِ


***********************

مالَ نجْمُ الكأسِ فيها وهَوى
مُسْتَقيمَ السّيْرِ ســــعْدَ الأثَرِ

وطَرٌ ما فيهِ منْ عيْبٍ سَوَى
أنّهُ مــــرّ كلَمْحِ البصَــــــــرِ


********************

حينَ لذّ الأنْسُ مَع حُلْوِ اللّمَى
هجَمَ الصُّبْحُ هُجومَ الحرَسِ

غارَتِ الشُّهْبُ بِنا أو ربّما
أثّرَتْ فيها عُيونُ النّرْجِسِ


*******************

أيُّ شيءٍ لامرِئٍ قدْ خلَصا
فيكونُ الرّوضُ قد مُكِّنَ فيهْ

تنْهَبُ الأزْهارُ فيهِ الفُرَصا
أمِنَتْ منْ مَكْرِهِ ما تتّقيـــهْ

فإذا الماءُ تَناجَى والحَصَى
وخَلا كُلُّ خَليلٍ بأخيـــــــهْ


******************

تبْصِرُ الورْدَ غَيوراً برِمــــا
يكْتَسي منْ غيْظِهِ ما يكْتَسي

وتَرى الآسَ لَبيباً فهِمــــا
يسْرِقُ السّمْعَ بأذْنَيْ فرَسِ


******************

















3- الزجـــــــــــــل




الزجل في اللغة يعني الصوت . وجاء من السحب التي كانت ترعد . والزجل اشبه بالرعد من السحابة وقد تطور من الشعرالعربي في الاندلس ونشأ في الأندلس في أواخر القرن الرابع الهجري وقيل ان ابا بكر بن قزمان اول من كتب فيه وبعضهم اعتبر( ابن عبد ربه ) صاحب كتاب (العقد الفريد) اول من كتب فيه وطوره وجنح نحو التصوف والزهد بسبب المصائب التي أحاطت بالأندلس ، وانتقل إلى المشرق ومصر قبل كل البلاد لقربها من المغرب وأول من عني به من المشارقة الشاعر صفي الدين الحلي في كتابه - العاطل الحالي والمرخص الغالي - اذ جعله في أول الفنون الشعرية غير المعربة ، وكذلك جاء ذكره في كتاب (بلوغ الأمل في فن الزجل) لتقي الدين ابي بكر بن حجة الحموي الشامي حيث تابع الاهتمام بهذا الفن بعد صفي الدين الحلي .

ويذكر لنا صفي الدين الحلي في كتابه ( العاطل الحالي) رأيه في مكانة هذا الفن , فالزجل هو اكثر الفنون المستحدثة اوزانا وارفعها رتبة وارجحها ميزانا و.. واشرفها نسبة فاوزانه متعددة وقوافيه متجددة .

والزجل عادة يتالف من أربعة اشطر وثلاثة مصاريع الثلاثة الأولى من روي واحد معين والرابع مغاير له .ويشيع الجناس في القوافي الثلاثة الاولى ،وقد ينظم الزجل من الأقفال التي لا يزيد الواحد منها عن بيتين ويكون للصدر روي وللعجز روي ربما تكون قافية واحدة وفن الزجل يصلح للغناء بسبب غلبة التسكين فيه وبعده عن جادة الإعراب في العربية وقد نظم على موسيقى البحور الشعرية والفراهيدية العربية المعروفة.وربما نظم على غيرها والملاحظ للزجل انه يتكون من اربعة اشطر حيث يشيع الجناس في الثلاثة الاولى . وياتي في تشكيله على شكل اقفال ولا يزيد القفل الواحد منها عن بيتين ويكون للصدر روي وللعجز روي او تجمعهما قافية واحدة .

ولابي بكر بن عبد الله بن ايبك الدواداري المصري هذا المقطع :

يا مالك الحسن أرفق بالمستهام

العليل حياته قربك

ولكن ما يلتقي له سبيل

خدام حسنك كثير

هم سبحان من صورك

وصفك جميل ووجهك صبيح

ما ازهرك

ياقوت وجوهر بثغر وريحان

عذارك شرك

كافور خدك وعنبر خالك

أهاجوا الغليل بمهجتي

يا معيشق وصوروني ذليل

وانتقل الزجل إلى بلا د الشام واستساغه العامة والخاصة ونظموا فيه ومن أشهرهم ( شهاب الدين احمد بن عثمان الامشاطي) و(ابن حجة الحموي )،و يذكر( ابن حجة الحموي) في كتابه ( خزانة الأدب) فيقول :

(ان الشيخ شمس الدين بن الصائغ قد استشهد في شرح البردة الذي سماه (الرقم) بغالب أهل عصره فيما عرض من أنواع البديع حتى اورد لهم شيئا من محاسن الزجل) .

ولما وصل الزجل إلى العراق اقبل عليه الشعراء ونظموا فيه أمثال صفي الدين الحلي في كتابه - العاطل الحالي والمرخص الغالي - ومن ذلك قوله المنشور في كتابه المذكور اعلاه في مدح الملك الصالح شمس الدين بن غازي بن ارتق صاحب ماردين حيث يقول :

انت يا قبلة الكرام زينة المال والبنين..

الله يعطــــيك

فــــــوق ذا المـــقـــــــــــــــــــــام

ويعيــــــــدك على السنيـــــــــــــن

انت شامة بيــن الأنام الله

يحرس شـــــمائلك

ويؤيـــــــدك بالــدوام تانعيش

في فواضــلك

وتانطوي ذكر الكــرام

تاننشــر فضـــــــــائلك

ونهنيك بـــــــــــــــكل عام

والخلائق تقول آميــــــــــن




4- الكان كان



والكان كان فن اخر اخترعه العراقيون في بغداد وظهر في القرن الخامس الهجري وشاع بعد ذلك وسمي بالكان وكان لأن العراقيين يحكون حكاياتهم ويبدأن بقولهم - كان يا ماكان في قديم الزمان ... وقد سمعناها من ابائنا واجدادنا وهم يحكون لنا الحكايا ت في العقد الرابع والخامس من القرن الماضي وكانت للدلالة على أنها روايات لا أصل لها ولا سند .

ويذكر الدكتور كامل مصطفى الشبيبي في الحديث عن وجه الشبه بين الكان كان وفن أخر شاع انذاك ويطلق عليه :
( الفلك المحملة بأصناف بحر السلسلة ) او ما يعرف بالسلسلة بان هذا الفن من الشعر الملحون وينظم بأربعة إقفال مختلفة ويكون القفل الأخير منه (الرابع) مردفا بحرف علة وتسمى الأقفال الأربعة بيتا حيث يمكن للشاعر نظم أبيات عدة على قافية القفل الرابع وعليه يكون لهذا النوع من الشعر او الفن وزن واحد هو :

مستفعلن فاعلاتن مستفعلن مستفعلن
مستفعلن فاعلاتن مستفعـلن فـعــــلان

ويعتمد في هذا الفن القول بالحكم والأمثال والمواعظ والزهد ،ومما يذكره الشاعرالعراقي الشاعر صفي الدين الحلي في كتابه (العاطل الحالي والمرخص الغالي ) واتبع طريق النظم فيه ، وظهر مثل العلامة (جمال الدين بن الجوزي) و(الشيخ شمس الدين بن الكوفي) ،فنظموا فيه المواعظ والحكم والأمثال وغيرها .

وانتقل فن الكان كان إلى مصر وسمي (الزكالش) والعراقيون يسمونه (الكان كان) ،وأما في الشام فلم يكن له اثر بارز. ومما قيل فيه ماجاء في ( كتاب الكشكول ) لبهاء الدين العاملي في مخاطبة الغافلين عن ذكر الله تعالى فيقول :


إلى من غفل وتوانى الركب فاتـــك صحبته

وفي الدجى حدا بيهم الــحادي وحث النوق

حث الــمطايا لعــلك بـمــن تـــقدم تلحـــــــق

من لا يحث المطايـا ما يبصر المعشـــــــوق

فناقتـــك تتضــــــمخ من شــدة السيـــر بالدما

تصـــل إلى مواطنها مضمـــخــه بخـــــــلوق

ياذا مطلب قد بلغت الارب وقد زال التعب

إلف الفت فالناقــــة لها عليك حقــــــــوق

يا بدر ثـم تجلــــــى وتيم الخلـــق منظره

جميع من في العالم الــى لقاك مشـــــوق

فبالنبي محمــــــد وحــق مولانـــــا علي

ما تيـــــــم القلــب الا قوامـــك المشـــوق


ومما قيل فيه من المصريين قيل في مجلس الامير( الصالح بن روبك ) يقول فيه :

النار بين ضلوعي ونا غريق في دموعي

كني فتيلة قنديــــل أموت غريق وحريــق


وقول إبراهيم المعمار في ذلك : -


شكوت للحب دائــــي وما ألاقي من الهوى

وقلـت :يا نــور عيني قد شفنــي التبريــــح

قال تدعي الحب تكذب مـــارا عليك دلائله

قلت :اكتمه في فـؤادي فقــال: هــذا ريــح




5- المسمط




المسمطات نظم شعري جديد على وزن بحر الرجز في الغالب . وهي قصائد تتألف من أدوار وكل دور يتكون من أربعة أشطر أو أكثر، تتفق كلها في القافية، ما عدا الشطر الأخير. الذي يستقل بقافية مغايرة، ويتحد في ذات القوت مع الشطور الأخيرة في الأدوار المختلفة. ولذلك يسمى عمود المسمطة أي محوره الذي يرتكز عليه.

ومن السهل أنه يمكن ترتيب هذه المسمطات ترتيباً آخر تخرج
به عن المسمطات الاخرى ، إلى وزن عادي يتضمن قواف داخلية، فتصبح وقد اكتسبت لوناً آخر من الوان التجديد لمسناه عند كثير من الشعراء العباسيين:

سلاف دن كشمس دجن
كدمع جفن كخمر عدن

طبيخ شمس كلون ورس
ربيب فرس حليف سجن

يا من لحاني على زماني
اللهو شاني فلا تلمني


ويقول الشيخ عبد القادر الكيلاني :



الهي قد انبت بباب عطفك سائلا
مع ذلة والدمع مني سائلا

وعلمت اني كم سألت مسائــلا
حاشا لجودك ان تجنب سائلا

امازال في احسا ن عفوك يطمع


********************


ادعوك يارحمن غير مشبــــــه
مستشفعا بالمصطفى وبولـده

فعفو لعبدك ماجنى من ذنبـــــه
يارب ان فرج فعجل لي بــــه

لم يبق في قوس التجلد مدفع




***********************




























6- المــــواليـــــــا




وهذا النظم او هذا اللون الجديد من الشعر يسمى ( الموالي ) ،نشا في واسط من اعمال الكوت في العراق واخترعه أصحاب البرامكة بعد نكبتهم لان الخليفة العباسي هارون الرشيد بعد ان قتلهم او نكبهم ( نكبة الرامكة ) حرم على الشعراء رثاءهم باللغة الفصحى فراح الشعراء يرثونهم بلهجة عامية وتنتهي عبارة رثاء الشعراء بكلمة (يا مواليا) أي ( يا مولاي ) وهي لهجة فارسية او اقرب اليها فعرف هذا الشعر بهذا الاسم . وهذا اللون هو من جراء تزايدات الشعوبيين الذين عز عليهم مصرع البرامكة والقضاء عليهم ،أو أن سبب التسمية كما يذكر لنا الدكتور صفاء خاوصي في كتابه( علم القافية ) موالاة قوافيه بعضها بعضا .

ويتكون المواليا من أربعة مصاريع متشابهه الأواخر ساكنة الروي وعلى بحر البسيط :

(مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن ) ( مستفعلن فأعلن مستفعلن فعلن)

أي تام البسيط وبعضهم نظمه على مجزوء البسيط اوربما جاء من مخلع البسيط فهو من وزن واحد فقط ، وفي كتاب ( وفيات الأعيان ) الجزء الاول قال ابن خلكان فيه :

( ان البغداديين لا يتقيدون بالاعراب في المواليا ،فهم ينظمونه كيفما اتفق )

ومن المواليا قول الشاعر صفي الدين الحلي :

يا طاعنَ الخيْلَ والأبطالُ قد غارتْ
والمُخْصِبَ الربْعَ والأمواهُ قد غارتْ

هَواطلُ السحْب ِمن كفَّيكَ قد غارتْ
والشهبُ مذْ شاهدتْ أضواكَ قد غارتْ


وقيل أن أول من نظم هذا الفن جارية كانت من جواري البرامكة ترثيهم فقالت فيهم :

يا دار أين الملوك الفرس أين الفرسْ
أين الذينَ حموها بالقنا والترس ْ

قالت تراهم رمم تحت الاراضي الدرس
خفوت بعد الفصاحــــة ألسنتهم خرسْ


وقال بعضهم :

منازل كنت فيها بعـــــدك درسْ
خراب لا للعزا تصلح ولا للعرسْ

فأين عينيك تنظر فيها الفرس ْ
تحكم وألسنة المدّاح فيها خرس ْ


ومنه قول احد البغداديين ولم يذكر اسمه :


ظفرت ليلة بليلى ظفرة المجنــــــــــون

وقلت وافى لحظي طالع ميمــــــــــــون

تبسمت فأضاء اللؤلؤ المكــــــــــــنون

صار الدجى كالضحى فاستيقظ الواشون

ومن المعلوم ان المواليا شاع في نهاية الدولة العباسية ومن الذين نظموا فيه حسام الدين الحاجري الاربلي ومجد الدين النشابي وعز الدين الموصلي وعلي بن ابراهيم بن معتوق الواسطي وصفي الدين الحلي ومن المواليا ما قاله (البدر الزيتوني ) بعد القرن التاسع حيث قال في مدح الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم :

امــــــدح لامة محمد يظهر الإينـــــاس

وحده في المدح واخزي الحاسد الخناس

منهم ورب الفلق في ســــــائر الأجناس

من القدم خير امـــــــــــة أخرجت للناس

ومنه قول (حسام الدين الحاجري الاربلي) مواليا وقد قاله في حبيبته التي رآها في المنام وكأنها قد عادت اليه بعد قطيعة وجفوة يقول :

يامن ملكني وعن طرف الوفا عرج

اطلق رقادي وجفني بالسهر زوج

ومن لحسنك بتاج الحسن قد توج

عيد الوصال فبحر الشوق قد موج


وجاء في وفيات الاعيان لابن خلكان مواليا ينسبها الى (عمر ابن الفارض ) الصوفي المعروف وكان يتميز بان ما كتبه المصريون اصطلاح لا يراعون فيه الاعراب ولا ضبط اللغة ويجوزون اللحن فيه فجاء اكثره ملحونا لانهم لا يؤاخذون على اللحن او الضبط ويتبين ان اغلب الصوفيين كانوا يستخدمونه في مدائحهم واغانيهم او تراتيلهم الدينية يقول فيها :

لم تدعي الذوق والوجدان والاحوال

وانت خالي من الاخلاص في الاعمال

ارجع لجســمك فــسم البين لك قتــال

ترمي حجر مايشيلة خمسميت عـتال


اما في الشام فقد رغب الشاميون في المواليا وشاع بينهم ومن الذين نظموا في هذا الفن (عز الدين إبراهيم بن محمد ) المعروف ( ابن السويدي) و(علي بن مقاتل الحموي) و(صلاح الدين ألصفدي ) ومن المواليا لابن السويدي حيث يقول:

البدر والسـعـد :ذا شهبــك وذا نجمــك

والقد واللحظ: ذا رمحـك وذا سهمــك

والبغض والحب :ذا قسـمي وذا قســمك

والمسك والحـسن : ذا خـالك وذا عمــك


وكان للمواليا في مصر والشام تقارب عجيب والسبب في نوعية وطبيعة الحكم حيث ان المصرين قد خضعوا للحكم الأيوبي وأدى ذلك إلى التشابه بين موالي أهل الشام ومواليا أهل مصر ويسمى عندهم ( الدوبيت ) أي البيتين اما في المغرب العربي فقد شاع بينهم وعرف هذا النوع من النظم عندهم وكانوا يسمونه (العيطة) وهو اقرب ما يكون في تركيبه إلى المواليا القديمة الرباعية وغالبا ما تنتهي هذه المنظومة بكلمة (يا سيدي.. ) .





*************************




























7- البنــــــــــــــد



فن أدبي نشا في العراق في أواخر القرن الحادي عشر الهجري ثم انتقل إلى منطقة الخليج العربي وشاع فيها مدة ثلاثة قرون كما يذكر الاستاذ (عبد الكريم الدجيلي) في كتابه (البند في الأدب العربي ).

والبند يكتب على شكل نثر فهو يشبه النثر في كتابته وياتي على وزن بحر الهزج ( مفاعيلن مفاعلين مفاعيلن ) مكررة وكفها جيد وحسن والكف هو حذف نون مفاعيلن لتصبح مفاعيل ، ويجوز في اول التفعيلة الحزم وهو زيادة في اول التفعيلة ولا يعتد بها في المقطع ويغلب الحذف في اخرها بحيث تكون (مفاعي ) وكذلك الخرم وهو حذف اول متحرك من الوتد المجموع بحيث ( مفاعيلن) تصبح (فاعيلن) وأما الحزم فهو زيادة في أول التفعيلة لا يعتد بها في المقطع ،ويغلب في آخر جزء منه الحذف فتاتي تفعيلته (مفاعي) .

والبند اشبه بالشعر الحر من حيث إقامة الوزن على التفعيلة دون الاشطر ،ولقد اشتهر الكثيرون في نظم البند منهم ( شهاب الدين بن معتوق البغدادي ) و(عبد الرؤوف الحسين الحسني ) و( محمد بن احمد الزيني ) و(عبد الغفار الاخرس ) وغيرهم وجاء في كتاب ( ميزان البند ) للاستاذ جميل الملائكة :

ان العراقيين ينشدون البند بطريقتين :

الأولى/ الوقوف اختيارا في مواضع القوافي حيثما يمكن الوقف لأجل الموسيقى وهذا هو الشائع في الانشاد .
الثانية / إعراب أخر الكلمات كما في التلاوة السريعة.

وقد نظم البند في المدح كما قال الشاعر (عبد الغفار الأخرس) يمدح فيه السيد سلمان بن السيد علي القادري الكيلاني متولي الاوقاف القادرية فيقول فيه :

محب ذائب الدمع

رماه البين بالصدع

بكى من حرقة الوجد

على من حفظ العهد

وخشف ناعم الخد

مليح عبل الردف

صبيح لين الوطف

أدار الكأس والطاس

وحاكى الورد والأس

لعمري منه خدا وعذارا

ولقد طالت عليه حسراتي

بعدما كانت قصارا

فهل يرجع ما فات

وهيهات وهيهات

فلو تنظر أشياء نظرناها

بأيام قضيناها

بحيث ابتسم الزهر

وقد بلله القطر.




**************************



















8- القـــومــــا :-



ظهر هذا الفن في بغداد في أواخر الدولة العباسية وقد اخترعه ( أبو بكر محمد بن عبد الغني) الملقب (ابن نقطة) ويذكر الشاعر (صفي الدين الحلي ) فيقول:

( ان القوما ياتي سهلا ومأنوسا )

ان البغداديين قد اخترعوه في شهر رمضان واصله ( قوما على السحور ) ويأتي على بحر الرمل أو الزجل حيث نظموا فيه الغزل والعتاب وقد شجعه الخليفة الناصر العباسي وأجزل العطاء للشعراء الذين نظموا فيه وخاصة الشاعر ابن نقطة ومن بعده ابنه .

وياتي نظم هذا الفن المستحدث سهلا ومأنوساعلى شكل أربعة إقفال ثلاثة منها تأتي على روي واحد وقافية واحدة وهي الأول والثاني والرابع وأما القفل الثالث فأطولها وهو مهمل القافية. ومجموع الأقفال الأربعة تسمى بيتا ووزنه (مستفعلن. فعلان .أو فاعلان )،ومن القوما ما نقله لنا ( ابن حجة الحموي )في كتابه ( بلوغ الأمل) في فن الزجل والمنسوب الى (غلى ) الولد الصغير لابن نقطة يقول فيه:

يــا ســـيد الســـــادات
لك بالكـــرم عـــادات
أنا بنـــي ابـــن نقطــه
وأبي تعيش أنت مات

ومن القوما قول صفي الدين الحلي في الملك (المؤيد إسماعيل بن علي بن محمود صاحب) والمنشور في ديوان الشاعر صفي الدين الحلي المسمى (العاطل الحالي والمرخص الغالي) حيث يقول:

لازال سعدك جديد

دايم وجدك ســعيد

ولا برحـــت مهنا

بكل صــوم وعيد

في الدهر أنت فريد

وفي صفاتك وحيد

فالخلق شعر منقح

وأنت بيت القصيد

ويتضح عند قراءة هذا القوما فيها سمات اسلوب الشاعر الحلي واضحة :فغرضه المدح في شهر رمضان .ونعت الملك المؤيد بنعوت العظمة والاجلال. وقد تم وصف الملك بالجود والكرم دعا له بالعمر المديد وبالعيد السعيد .

وهذه الالوان من الفنون الشعبية او بصيغتها المحلية ولدت في العصرالعباسي الاول ومنها في الاخيرمنه واستمرت في ديمومتها عبر فترة الركود ( الفترة المظلمة ) ولسهولتها وقربها من امزجة ونفوس الناس او عامة الشعب لذا رغبها الاهالي وابناء العامة ونظموا فيها واختلطت لغتها الفصحى بالعامية في اغلب انواعها وكانت نتيجة تدهور وانحطاط الاوضاع العامة في عموم البلاد العربية.


اما الشعر الحديث فهو كل شعر عربي كتب بعد النهضة العربية. ويختلف عن الشعر القديم في أساليبه وفي مضامينه، وفي بنيته الفنية، والموسيقية، وفي أغراضه وموضوعاته وفي كثير من أنواعه المستجدة والمستحدثة . ويشمل جميع قصائد الشعر والدواوين التي قيلت في العصر الحديث. فهي شعر حديث بدءًا من أول قصيدة كُتِبَت قبيل الحملة الفرنسية على مصر بأقلام الشعراء الرواد الأوائل – وهم رواد النهضة العربية وعلى راسهم الشاعر محمود سامي البارودي وقبله ناصيف اليازجي وابنه ابراهيم اليازجي القائل :

تَنَبَّهُـوا وَاسْتَفِيقُـوا أيُّهَا العَـرَبُ
فقد طَمَى الخَطْبُ حَتَّى غَاصَتِ الرُّكَبُ

فِيمَ التَّعَلُّـلُ بِالآمَـال تَخْدَعُـكُـــــم
وَأَنْتُـمُ بَيْنَ رَاحَــــــاتِ القَنَـا سُلـبُ

اللهُ أَكْبَـرُ مَا هَــــــــذَا المَنَـامُ فَقَـدْ
شَكَاكُمُ المَهْـــــــدُ وَاشْتَاقَتْـكُمُ التُّـرَبُ

كَمْ تُظْلَمُونَ وَلَسْتُمْ تَشْتَكُونَ وَكَمْ
تُسْتَغْضَبُونَ فَلا يَبْدُو لَكُمْ غَضَـبُ

وانتهاءً بآخر قصيدة كتبها او يكتبها شاعرعربي وكتبت باللغة العربية في الوقت الحاضر -
راجع موسوعتي (موسوعة شعراء العربية) المجلد الثامن ( شعراء النهضة العربية ) .

ويمكنني ان اصنف الشعر العربي الحديث او المعاصر الى مجموعة من التصانيف كما موجودة في حالتها الحالية :

1- الشعر العمودي او التقليدي
2- الشعرالحر او شعر التفعيلة

وقد تحدثنا عما جاء اعلاه في الصفحات المتقدمة

3- قصيدة النثر :

وقصيدة النثر اخر ما توصل اليه بعض الشعراء المعاصرين الذين يكتبون شعر النثر اوما تسمى القصيدة ( قصيدة النثر ) التي لامثيل لها في العصورالعربية قبلها وانما كانوا يسمونها نثرا . ولا زال بعض النقاد والشعراء يسمخونها نثرا .

ولكن هذه التقاسيم او التصنيفات لا تعني شيئا بالنسبة للشعر وكينونته وقد اثارت نزاعات وتناقضات متبادلة بين الشعراء انفسهم وكذلك بين النقاد ومؤرخي الادب والشعر العربي حول طبيعة الكتابة شكلا ومضمونا . لكن الأهم عندي من كل هذا و ذا ك هو ايجاد الخصائص الفنية والموضوعات المختلفة للنصوص الشعرية وابتكار الاصلح والاسمى .

ان كثيرا مما كتبه بعض الشعراء في العصر الحديث والذي قبله كان على غير منهاج الشعر التقليدي او الكلاسيكي او الشعرالعمودي واقصد به ( الشعر الحر ) او شعرالتفعيلة والذي ظهر في الأدب العربي في النصف الأول من القرن العشرين على ايدي عدد من الشعراء منهم : امين الريحاني وصلاح عبد الصبور وبدر شاكر السياب و نازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي وغيرهم كثير وبعض شعراء المهجروعدد من الشعراء العرب في عدد من بلدان قارتي أوروبا وامريكا التي قصدوها للاستقرار فيها، وخاصة إيطاليا وفرنسا وبريطانيا ثم الولايات الأمريكية والبرازيل . وكان من أبرزهذه الاختلافات التي أثارها هذا الاتجاه هو ما اثاروه حول الأصالة والحداثة على مدى عقود عديدة .

فابتداءً من النصف الثاني من القرن التاسع عشر وحتى الان يتجاذب الادباء و الشعراء والنقاد ومؤرخو الادب العربي الاتهامات حول الأصالة والحداثة ثم اضيفت تجاذبات أخرى بينهم حول التقليدية والحداثة والمعاصرة .
وفي رايي الخاص ان هذه الامور هي التي اعاقت الشعرالعربي من التطور والالتحاق بالشعرالعالمي وهذا ما تؤكده أرقام مبيعات كتب الشعر التي صدرت خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى ضعف مستوى النتاج الشعري لدى بعض الشعراء العرب . وقد تكاثر أدعياء الشعر وظهورأعداد كبيرة من الكتب والدواوين المطبوعة ذات قيمة فنية هابطة محسوبة على الشعر بانواعه وخاصة الشعرالمنثور وهي لا تعني منه شيئاالا بعض قصائد فيه من الناحية الفنية او الالهامية والبداعة .

وحالة اخرى ارى انها اضعفت نتاج الشعر العربي هو التقدم العلمي وانصراف الناشئة والطلبة وخريجي المعاهد العلمية والجامعات إلى متابعة وبحوث العلوم الحديثة والبحث في ظل الحركة الاقتصادية الهامة وتغيراتجاههم الى سوق العمل طلبا للمعاش والكسب المادي وبما يحقق لهم مستوى معاشي افضل , فأدى هذا الى جمود او ركود او انكسارفي أفق الشعر العربي ، وإلى إضعاف تأثير التجارب القليلة الجيدة التي لا يمكن إنكار ظهورها في حركة الشعر والثقافة العربية ككل .

اما مراحل تطور الشعر العربي هي أنّ الشعر القديم يختلفُ في بعض جوانبه عن الشعر الحديث او المعاصر في الوقت الحاضر، وأهمّ ما يميّز الشعر القديم او الشعر العمودي حِرص الشاعر على النظم وفق قواعد الوزن والقافية ونظم البيت الشعري متكونا من الصدر والعَجز، وكان قديما كل شعر لا يتم نظمه على الوزن والقافية لا يعتبرُ شِعراً بل يعتبرونه نثرا أو فصاحة حتى العصر الحديث.

ومحبوا الشعر الجديد يؤشرون على الشعر القديم ويأخذون عليه انهم يعتبرونه رافدا من روافد الامتاعِ والمؤانسة والنفعِ الحسي ينقل مشاعر الشاعر واحاسيسه ويعتبرُونه مصدرَ طرب لدى البعض او يصفونه بالغنائية ويدعو إلى التحلّي بالأخلاقِ الكريمة والفضائل القيمة والنفورِ منَ الصفات السيئة غير الحميدة وربما كان تعبيرا عن الذات الثائرة لدى الشاعر العربي في ظل حركات التحرر الوطني التي انشرت في كل الوطن العربي في محاربة الاستعمار الاجنبي وذيوله من الحكا م العرب الذين قسوا على على مواطني بلدانهم في سبيل ارضاء اسيادهم المستعمرين فكانت قصائدهم شعلة من نار الثورة العربية واذكائها .

يقول الشاعر العربي علي محمود طه في قصيدة كتبها في نهاية خمسينيات القرن الماضي , واصفاً فيها ما يرتكبه الصهيونيون من مذابح ومجازر ليس بحق الفلسطينيين فحسب بل بحق أمتنا العربية بأسرها مشيرا الى المذابح اليومية للشعب العربي في فلسطين قديمها وجديدها, و على الأمة العربية بكل شعوبها من المحيط إلى الخليج, وعلى الإنسانية جمعاء واستنهاضا للشعور العربي والنفس العربية الابية وهي ترى ابناءها يقتلون بايدي الغزاة :

أَخِي ، جَاوَزَ الظَّالِمُونَ المَـدَى
فَحَقَّ الجهــــاد ، وَحَقَّ الفِـدَا
أَنَتْرُكُهُمْ يَغْصِبُونَ العُرُوبَـــــــــ
ـــــــةَ مَجْدَ الأُبُوَّةِ وَالسُّــؤْدَدَا ؟

وَلَيْسُوا بِغَيْرِ صَلِيلِ السُّيُـوفِ
يُجِيبُونَ صَوْتَاً لَنَا أَوْ صَدَى
فَجَرِّدْ حُسَامَكَ مِنْ غِمْــدِهِ
فليس لَـهُ، بَعْدُ ، أَنْ يُغْمَـدَا
أَخِي، أَيُّهَـــا العَرَبِيُّ الأَبِيُّ أَرَى
اليَوْمَ مَوْعِدَنَا لاَ الغَـــــــدَا
أَخِي، أَقْبَلَ الشَّرْقُ فِي أُمَّــةٍ
تَرُدُّ الضَّلالَ وَتُحْيِي الهُـدَى

طَلَعْنَا عَلَيْهِمْ طُلُوعَ المَنُــونِ
فَطَارُوا هَبَاءً ، وَصَارُوا سُدَى

أَخِي، ظَمِئَتْ لِلْقِتَالِ السُّيُوفُ
فَأَوْرِدْ شَبَاهَا الدَّمَ المُصْعَـدَا

أَخِي، إِنْ جَرَى فِي ثَرَاهَا دَمِي
وأَطبَقتُ فوق حَصَاها اليَدَا

ونادى الحِمام وجُنَّ الحُسام
وَشَبَّ الضَّرَامُ بِهَا مُوقــدَا

فَفَتِّشْ عَلَى مُهْجَـــةٍ حُرَّةٍ أ
أبت أَنْ يَمُرَّ عَلَيْهَــــــا العِــدَا

وَخُذْ رَايَةَ الحَقِّ مِنْ قَبْضَــةٍ
جَلاَهَا الوَغَى ، وَنَمَاهَا النَّدَى

وَقَبِّلْ شَـــهِيدَاً عَلَى أَرْضِهَــا
دعا بِاسْــــمِهَا اللهَ وَاسْتَشْهَـدَا

ان ظهور الشعرالحر على ايدي رواده الذين يعتبرون مِن أهمّ شعراءِ الحداثة لأنّهُم جمعوا بينَ الثقافة العربيّة الكلاسيكيّة والحداثة وربما المعاصرة ايضا . ووجد النقاد الذين وضعَوا أساسيّات لشعر التفعلية و شعر قصيدة النثر التي ظهرت حديثا ما يؤيد انه هذا النوع من الكتابة الشعرية يصلح لان يطلق عليه شعرا فسمي بذلك .

راجع كتابي( دراسات في الشعرالمعاصر وقصيدة النثر ) طبع ونشر دار دجلة عمان- الاردن عام \2017

وهذا الأمر قَد غير مسار بعض قصائد الشعر العربي من القافية والوزن إلى شعر جديد اطلق عليه (الشعرالحر ) اوشعر( التفعيلة ) او الى ( شعر النثر) المعاصرة فأوجد ت انواعا جديدة من الشعر وهذه مقاطع من قصيدة للشاعر صلاح عبد الصبور احد الشعراء الرواد لقصيدة الشعرالحر يقول :

حدثتموني عن سنابك مجنحه

تفتق الشرار في أهلـّة المآذن

عن عصبة من السيوف لا تفـل

قد أُغمدت في الصخر لاتـُسل

إلا إذا قرأتم دونها أسماءكم

ياعصبة الأماجد

الأشاوس

الأحامد

الأحاسن

وقلتم:

يا أيها المُغني غننا

مُسـَمل العينين في حضرتنا

لحناً يثير زهونا

ويذكر انتصارنا

(إذا تحين ساعة موعودة

نغيم في أشراطها

لم تنخلع عن غيمها إلا لنا

الساعة التي تصير فيها خَوذةَ الشيطان

كأسا لخمر سيد الفرسان .

وقد تغيّرَت بعض اوجه الشعر العربي عمّا كانَ سابقاً ليصبحَ في بعض مساراته عبارة عن شعر ( حر) او قصيدة ( نثر) تتجسّد كلماتهُ باستخدامِ مفرداتٍ وكلماتٍ لها مَعنى ومغزى مختلف ، وهذا النوع منَ الشعر قد إنتشر انتشارا واسعاً وسريعا في هذا الوقت المعاصر خاصة في ظل التقنيات الجديدة من وسائل الاعلام الكثيرة والنشر الاكتروني الرخيص مثل الصحف والمجلات الالكترونية والتلفزة والانترنيت وصفحات التواصل الاجتماعي ( الفيسبك ) وما اليها . وفتح الباب على مصراعيها ليكتب من اراد الكتابة شعرا لكل من هب ودب فيصف نفسه شاعرا لانه نضد كلمات بعضها تحت بعض فيظنه شعرا وقد كثرت فيه الاخطاء اللغوية والاملائية وعقم عن الصور الشعرية التناسق الحرفي .

وبعضهم تمادى في طبع الدواوين العديدة من هذا – الشعر- ليساره ولتمكنه ماديا من ذلك وليحصل حضوة عند بعض المتلقين من امثاله وربما اصبح رئيسا او عضوا في الجمعيات الادبية والثقافية بسبب ميوله الطائفية او العنصرية متقربا من الحاكمين من امثاله .

الا ان هؤلاء لا يخفون عن الادباء من الشعراء والنقادالبارعين ( حماة العربية ) الذين ينشدون الكلمة الحرة والادب الرفيع .لذا يبقى ناكصا مايكتبونه هؤلاء وسيندثر كل ما كتبوه او ما يقولونه بمرور الزمن فالبقاء للاصلح والافضل والاسمى وهذه سنة الحياة على مرور الزمن ومحدثاته .
احداهن تتصور نفسها (شاعرة) فتكتب و تنشرشعرا فتقول :

زغردي يا ملائكة الرحمة لشروق اليوم

زفتها للجنة مع صباح جديد للسياج

وللملائكه هي طلبت الشهادة ونالتها

هي ناجة ربها للشهادة وناشدتكم

أكمال الطريق طريق الشهادة

والعمل الخيري

خنساواتك فلسطين كثروا

هم فخر العرب

هم حصاد الشهادة وصبر السنين

لن أسال عن منظمات حقوق لأن العدو...

لا يعرف الحقوق والمنظمات متواطأه

جبناء حقيرون يدوسون الملاك

لن أسأل ماذا فعلت بل كثيرا عملت

انقذت أرواح وداوت جرحى

لذالك خافها الجبان وقتلها دون رحمة

بدم بارد تقتل الملائكه وحمام السلام

صبرا أمهات الحمام صبرا غزه

النصر قادم مع شعب عشق الشهادة

عشق القدس وترابك ورواه بدمه المسكي

رحمتك ربي بغزه وأهلها

ونصرا مبينا من عندك
.
وكثيرات مثلها فاتساءل اهذا هو الشعر بمقاساته الجديدة او ما نسميه قصيدة النثر ..؟؟

والعجيب ان قنوات التواصل الاجتماعي (الفيسبك ) مليئة بهذه النماذج من هذاالنوع الذي يسمونه الشعرالمنثور .مقطوعات اخرى لا دم فيها ولا روح. ونرى كل من نشر في منتديات التواصل الاجتماعي سمي نفسه شاعرا وبدأ يكتب وينشر الكثير من هذه السفسطات ويصفف الكلمات بعضها تحت بعض يقول انها شعر او قصيدة شعر نثري . وهذا ما وقع فيه الكثير منهم والعجيب ان هؤلاء (الشعراء ) ربما يجدون في تعليقات الاميين لهم ما يشجعهم على الكتابة والنشر ولا من رادع .

فالشاعر العربي ابن وقته يترجم ما يعتمل في نفسه ومجتمعه وما يكتنفه من احداث رضي ام لم يرض - فلا يوجد شاعر عربي حديث الا وكتب عن قضية فلسطين - مثلا- وعليه فالشعر العربي الحديث يمثل نفسية الشاعرالعربي في نظرته للوطن العربي الحديثة والواقع العربي المعاش منذ زمن النهضة العربية وحتى وقتنا الحاضر . ونستشف مما جاء رغم ضحالته وبعده عن كينونة الشعر ان القضية الاولى في الوطن العربي هي قضية فلسطين والنضال المستمر في سبيل التحرير والعودة مما يؤدي الى الاستشهاد والفداء للارض العربية اينما كانت .

نعم فقد انبعثت روح النهضة العربية في كل مفاصل الحياة بعد سبات دام قرونا -منذ النصف الاول من القرن التاسع عشراو قبيله بقليل –أي في نهايات العصر العثماني – بعد ان خمدت جذوته وانتكست انتكاستها الكبرى خلال الفترة السوداء من تاريخ الامة العربية ابتداءا من دخول المغول (ا لتتار) بغداد وحتى بداية القرن التاسع عشر او بعده بقليل او العقود الاولى من القرن العشرين .

لاحظ الشاعر حافظ ابراهيم يخاطب الشباب العربي هذه القصيدة يقول :

اهلا بنابتة البلاد ومرحبا
جددتم العهد الذي قد اخلقا

لاتياءسوا ان تستردوا مجدكم
فلرب مغلوب هوى ثم ارتقى

مدت له الامال كم افلاكهـــــــا
خيط الرجاء الى العلى فتسلقا

فتجشموا للمجد لك عظيمـــــة
ان رأيت المجد صعب المرتقى

من رام وصل الشمس حاك خيوطها
سببا الى اماله وتعلقا

حملوا عليما بالزمان وصرفه
فتأنقوا في سلبنا وتأنقا

هزوا مغاربها فهابت بأسهم
ياويلك ان لم تهزوا المشرقا

فتعلموا فالعلم مفتاح العــــــــــلا
لم يبق بابا للسعادة مغلقا

ثم اســــــــــتمدوا منه كل قواكم
ان القوي بكل ارض ينتقى

وامشوا على حذر فاءن طريقكم
وعر اطاف به الهلا ك وحلقا

راجع كتابي ( شعراء النهضة العربية ) المجلد الثامن من موسوعتي شعراء العربية – طبع ونشر دار دجلة - عمان - الاردن

كانت الدولة العثمانية تجثم على انفاس الامة العربية تفرض هيمنتها على البلاد العربية في نهايات ايام حكمها للاقطار العربية - بعد ان كانت تمثل دولة الاسلام في حينها- بحكمها القاسي حكما استعماريا ظالما – (لا فرق بين استعمار واخر كل يريد تحقيق مصالحه على حساب البلد الذي استعمره ومحاولة جعله تحت سيطرته مدة اطول )- مم ادى الى تـأخر البلاد العربية في مختلف نواحي الحياة وخاصة الثقافية فقد اتّبع الاتراك سياسة التتريك في البلاد العربية ومحاولة القضاء على لغتهم الام – اللغة العربية - وهي لغة القران الكريم والدين الاسلامي الذي يدين به الاتراك أي فضلوا اللغة التركية على لغة دينهم في سبيل نشر لغتهم وطمس معالم العربية في بلادها التي تحت سيطرت الاتراك وكان نتيجة ذلك ان ساد الامة العربية ثالوث من الفقر والجهل والمرض .

وقد ادى ذلك الى هجرة جماعات من البلا د العربية خاصة من سوريا ولبنان الى خارج بلادهم خوف القتل والتنكيل بهم من قبل الحاكمين الاتراك او من سايرهم من الحكام العرب الذين يحكمون بلادهم للاجنبي . وقد اسس هؤلاء العرب المهاجرون جاليات وجماعات وجمعيات في امريكا والبرازيل وغيرها من الدول التي هاجروا اليها وبرز منهم جماعات رائدة في مجال الادب والشعر مثل ايليا ابوماضي وجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وابناء المعلوف وغيرهم كثير . يقول جبران في احدى مقالاته :

(أنا متطرف حتى الجنون ، أميل إلى الهدم ميلي إلى البناء ، وفي قلبي كره لما يقدسه الناس ، وحب لما يأبونه ولو كان بإمكاني استئصال عوائد البشر وعقائدهم وتقاليدهم لما ترددت دقيقة ، أما قول بعضهم أن كتاباتي (سم في دسم) فكلام يبين الحقيقة من وراء نقاب كثيف ، فالحقيقة العارية هي أنني لا أمزج السم بالدسم ، بل أسكبه صرفًا غير أني أسكبه في كئوس نظيفة شفافة.)

بينما يقول ايليا ابو ماضي :

ليت الذي خلق العيون السودا
خلق القلوب الخافقات حديــــدا

لولا نواعسها ولولا سحرها
ما ودّ مالكٌ قلبــــه لو صيـــــــدا

عَوذْ فؤادك من نبال لحاظها
أو متْ كما شاء الغرام شهيدا

إن أنت أبصرت الجمال ولم تهم
كنت امرءاً خشن الطباع ، بليدا

وإذا طلبت مع الصّبابة لذةً
فلقد طلبت الضّائع الموجودا

يا ويح قلبي إنّه في جانبي
وأظنّه نائي المــــــــزار بعيدا

مستوفزٌ شوقاً إلى أحبابه
المرء يكره أن يعيش وحيدا

ونلاحظ الفرق الكبير بين هذه المقاطع الشعرية .

وفي الشرق العربي بدأ نسغ الحياة الجديدة يسري من جديد في الروح العربية وخاصة النهضة الفكرية وتسربت بين الشباب العربي وبعد اتصال البعض منهم بالغرب مثل بريطانيا او فرنسا اوغيرها واخذ شبابنا العربي يتطلع لما في هذه الشعوب من اداب وعلوم ويدرك ضرورة التخلص من الاستعمار التركي والاستعمار الغربي والثورة على العادات المتوارثة والنظم والعادات البالية التي وصلها الشعب العربي والمتهرئة التي البسها الاستعمار الغاصب للامة العربية وكذلك كان من اسباب هذه النهضة التمازج العربي مع الغرب عن طريق الارساليات التبشيرية- ولو انها كانت تهدف الى استعمار البلاد العربية من نوع جديد - ودخولها الوطن العربي وايجا د المطابع وعملها البلاد العربية وخاصة في مصر خلال فترة احتلال نابليون لمصر ونشر الحرف العربي والفكر العربي وطبع بعض الكتب القديمة الثقافية والادبية .ومنها الدواوين الشعرية لفحول شعراء العربية وكذلك فتح بعض المدارس باللغة العربية بعد غزونابليون واستعمار فرنسا لمصر.
يقول الشاعر ابوشادي :

طرفتْ، فلما اغرورقتْ عيني وصَحَتْ صحوتُ للوعة البيْنِ

خمسٌ من السنوات قدذهبتْ بـأعـزِّ مـا سميتُه «وطني»

مـا زالـتِ «الأفراحُ» تنهبهُ وهْي «المآتمُ» في رؤى الفَطِن

«أفـراحُ» ساداتٍ له نُجُبٍ مـن كـل صُـعلوك ومُمتنِّ

طـالـتْ أياديهم، وإذ لمسوا أعلى الذُّرا سقطوا عن القُنَن

يـا ليتهم سقطوا وما تركوا زُمَـراً تُـتـابـعهم بلا أَيْن

تـركوا الوصوليّين، صاعِدُهُمْ صِـنْـوٌ لهابطهم، أخوضَغَن

وكـأنَّـهـم أكـوازُ ســـــاقيةٍ دوَّارةٍ بـالـشـرّ لـلفَطِــــن

لا شـيءَ يشغلهم ويسعدهم إلا الأذى فـي الـسرِّ والعلن

وظل الشعر في فترة الانحطاط والتاخر – الفترةالمظلمة - مطبوع بطابع الفردية تقليديا . وعناية الشاعر ومهمته تنطوي على التزويق اللغوي واللفظي دون المعنى وتحوله الى صناعة شعرية بحتة تكثر فيها الصور التقليدية الماخوذة من قبلهم وكثرت التشبيهات الى حد انعدام المعاني الشعرية الجديدة او طمسها و ظهور بعض من كتب الشعر بالعامية او المحلية وخاصة في اواخر دول التتابع او الفترة المظلمة بحيث ادى الى ركود الشعر العربي الفصيح وضياع التنسيق والفوقية والبلاغة والاساليب الشعرية التي كان الشعرالعربي عليها ايام زهو الخلافة العربية وازدهار لغة الضاد وسموها .

راجع كتابي ( الموجز في الشعرالعربي )المجلد الثاني جـ 3
طبع ونشر دار دجلة – عمان – الاردن



*********************************





https://falih.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى