اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني

الحضارة الاسلامية باشراف المهندس خالدصبحي الكيلاني والباحث جمال الدين فالح الكيلاني


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

الشاعر جميل بن معمر بقلم د. فالح الكيلاني

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

فالح الحجية

فالح الحجية
Admin

*

* جميل بن معمر :


هو ابو عمرو جميل بن عبد الله بن معمر العذري القضاعي . نسبة إلى قبيبلة عذرة وهي بطن من قضاعة من حمير بن سبأ من قحطان من العرب لم يعرف عام ولادته .

وهو احد شعراء العصر الاموي.

كان من عشاق العرب المشهورين . كان فصيحاً مقدماً جامعاً للشعر والرواية. وقيل انه كان جميلا حسن الخلقة، كريم النفس، باسلاً، جواداً، شاعراً، مطبوعاً, مرهف الحس رقيق المشاعر قد هام حباً وولعا ببثينة والتي قال منذ طفولته وعشقه لها الشعر و فيها حتى وفاته.

احب الشاعر بثينة بنت حيان بن ثعلبة العذري وهي احدى فتيات قومه. وقيل انها بنت يحيى من بني ربيعة منذ الصغر وتولع بها فخطبها من أبيها فرده ولم يزوجها له حيث كان العرب لا يزوجون بناتهم ممن احبهن او وقع في عشقهن خوف الفضيحة والعار وانها صفة مستهجنة في المجتمع العربي – ولا زالت هذه العادة القديمة موجودة لحد الان في مجتمعاتنا القروية – ومنعه اهلها عنها وزوجوها من رجل آخر .فأنطلق ينظم الشعر فيها فجمع لها قومها جمعاً ليأخذوه إذا أتاها فحذرته بثينة فاستخفى وهو يقول :

فلو أن الغادون بثينة كلهـــــــم
غياري وكل حارب مزمع قتلي

لحاولتها إما نهاراً مجاهـــــــــراً
وإما سرى ليلٍ ولو قطعت رجلي

وقد اضطر لهجاء قومها فاستعدوا عليه او شكوه الى مروان بن الحكم وهو يومئذ عامل المدينة فنذر ليقطعن لسانه فلحق بجذام وفي هذه يقول :

أَتانِيَ عَن مَروانَ بِالغَيبِ أَنَّهُ
مُقيدٌ دَمي أَو قاطِعٌ مِن لِسانِيا

فَفي العيشِ مَنجاةٌ وَفي الأَرضِ مَذهَبٌ
إِذا نَحنُ رَفَّعنا لَهُنَّ المَثانِيا

وَرَدَّ الهَوى أُثنانُ حَتّى اِستَفَزَّني
مِنَ الحُبِّ مَعطوفُ الهَوى مِن بِلادِيا

بقى جميل هناك حتى عزل مروان عن المدينة، فأنصرف على بلاده وكان يختلف إليها سراً .

وكانت قبيـلـة عُذرة تسكن في وادي القرى بين الشام والمدينة.
عرفت هذه القبيـلـة بجمال بناتها وحسنهن وعشق رجالها لهن .
.
قصد جميل مصر وافدا على عبد العزيز بن مروان بالفسطاط، فأكرمه عبد العزيز وأمر له بمنزل، فأقام قليلا ومات ودفن في مصر ولما بلغ بثينة خبر موته حزنت عليه حزنا شديدا وأنشدت:

وإن ســلوي عــن جـميل لسـاعة
مـن الدهـر مـا حانت ولا حان حينها

سـواء علينـا يا جميل بـن معمر
إذا مـت بأســاء الحيــاة ولينهــا


رحم الله جميلا فقد كان شاعرا متمكنا طويل الباع في الشعر نظم في (بثينة) حبيبته قال الشعر فيها كثيرا ونظم القصائد الطوال وقد خلده شعره فلا زال نقرأه ونحس به وسيبقى خالدا ينبض بالحياة ويروي شعره قصة عاشق احب فاهلكه الشوق والحب .

راجع كتابي ( الغزل في الشعرالعربي ) طبع دار دجلة ناشرون وموزعون – عمان الاردن .

فاعجبت هذه القصيدة الشاعر عمر بن أبي ربيعة فعارضها بقصيدة مثلها في الغزل من نفس البحر والقافية والروي فقال :

ألم تسألِ الأطلال َ والمتربعـــــــا
ببطنِ حليــــــات دوارس بلقعا

إِلى الشَريِ مِن وادي المُغَمَّسِ بُدِّلَت
مَعالِمُهُ وَبلاً وَنَكباءَ زَعزَعــــــا

فَيَبخَلنَ أَو يُخبِرنَ بِالعِلمِ بَعدَمــــــــا
نَكَأنَ فُؤاداً كانَ قِدمــــــــاً مُفَجَّعا

بِهِندٍ وَأَترابٍ لِهِندٍ إِذِ الهَوى
جَميعٌ وَإِذ لَم نَخشَ أَن يَتَصَدَّعـــــا

وَإِذ نَحنُ مِثلُ الماءِ كانَ مِزاجُهُ
كَما صَفَّقَ الساقي الرَحيقَ المُشَعشَعا

وَإِذ لا نُطيعُ العاذِلينَ وَلا نَــــــرى
لِواشٍ لَدَينا يَطلُبُ الصَرمَ مَطمَعا

تُنوعِتنَ حَتّى عاوَدَ القَلبَ سُقمُهُ
وَحَتّى تَذَكَّرتُ الحَديثَ المُوَدَّعا

فَقُلتُ لِمُطريهِنَّ وَيحَكَ إِنَّمــــــــا
ضَرَرتَ فَهَل تَسطيعُ نَفعاً فَتَنفَعا

وَأَشرَيتَ فَاِستَشرى وَإِن كانَ قَد صَحا
فُؤادٌ بِأَمثالِ المَهـــــا كانَ موزَعا

وَهَيَّجتَ قَلباً كانَ قَد وَدَّعَ الصِبا
وَأَشياعَهُ فَاِشفَع عَسى أَن تُشَفَّعا

لَئِن كانَ ما حَدَّثتَ حَقّاً فَما أَرى
كَمِثلِ الأُلى أَطرَيتَ في الناسِ أَربَعا

فَقالَ تَعالَ اِنظُر فَقُلتُ وَكَيفَ بي
أَخافُ مَقاماً أَن يَشــــــيعَ فَيَشنُعا

فَقالَ اِكتَفِل ثُمَّ اِلتَثِم وَأتِ باغِياً
فَسَـــــــلِّم وَلا تُكثِر بِأَن تَتَوَرَّعا

فَإِنّي سَأُخفي العَينَ عَنكَ فَلا تُرى
مَخافَةَ أَن يَفشو الحَديثُ فَيُسمَعا

فَأَقبَلتُ أَهوى مِثلَما قالَ صاحِبي
لِمَوعِدِهِ أَزجي قَعوداً مُوَقَّعا

فَلَمّا تَواقَفنا وَسَلَّمتُ أَشرَقَت
وُجوهٌ زَهاها الحُسنُ أَن تَتَقَنَّعا

تَبالَهنَ بِالعِرفانِ لَمّا رَأَينَني
وَقُلنَ اِمرُؤٌ باغٍ أَكَلَّ وَأَوضَعا

وَقَرَّبنَ أَسبابَ الهَوى لِمُتَيَّمٍ
يَقيسُ ذِراعاً كُلَّما قِسنَ إِصبَعا

فَلَمّا تَنازَعنا الأَحاديثَ قُلنَ لي
أَخِفتَ عَلَينا أَن نُغَرَّ وَنُخدَعا

فَبِالأَمسِ أَرسَلنا بِذَلِكَ خالِداً
إِلَيكَ وَبَيَّنّا لَهُ الشَــــــأنَ أَجمَعا

فَما جِئتَنا إِلّا عَلى وَفقِ مَوعِدٍ
على مَلَإٍ مِنّا خَرَجنا لَهُ مَعا

رَأَينا خَلاءً مِن عُيونٍ وَمَجلِساً
دَميثَ الرُبى سَهلَ المَحَلَّةِ مُمرِعا

وَقُلنا كَريمٌ نالَ وَصلَ كَرائِمٍ
فَحَـــــــقَّ لَهُ في اليَومِ أَن يَتَمَتَّعا


و جاءت الألفاظ في قصيدة عمر بن ابي ربيعة شبيهة بمفردات قصيدة جميل بن معمر التي تمت معارضتها ، وهذا لا ينقص من قدر القصيدة الثانية ولا قيمتها الادبية . والقصيدتان تعارضان قصيدة الصّمّة القشيري التي يقول فيها :

حننتَ إلى ريَّا ونفسك بـاعــدت
مزارك من ريـَّا وشعباكما معـا

فما حسنٌ أن تأتيَ الأمر طائعـا
وتجزع أن داعي الصبابة أسمعا

كأنك لم نـشـهـد وداع مـفارق
ولم تر شعـبي صاحبين تقطـعـا

ألا ياخليلـي اللـذين تـواصـيا
بلومي إلا أن أطـيـع وأسـمعـا

فإني وجدت اللوم لايذهب الهوى
ولكن وجدت اليأس وأنفعــــا

قفاودِّعا نجدا ومن حل بالحمى
وقلَّ لنجـــدِ عندنـــا أن يُودعـا

بنفسي تلك الأرض ماأطيب الربا
وماأحسن المصطاف والمتربعــا

وأذكر أيـــــــام الحمى ثم أنـثـنـي
على كبدي من خشيــةٍ أن تصدعا

فليست عشيــات الحمى برواجع
عليك ولكن خلِّ عينيــك تدمعــــا

ولما رأيت البِشـر أعرض دوننـا
وجالت بنات الشوق في الصدرنُزعا

تلفثَّ نحو الحيِّ حتـى وجـدتـنـي
وجعت من الإصغاء ليتاً وأخـدعـا

بكت عيني اليمنى فلما زجرتهـا
عن الجهل بعدالحلم أسبلتا معا

أمـا وجــلال الله لو تذكـرينـنـي
كذكريك ما كفكفتِ للعين مدمعا

فقالت بلى والله ذكــــراً لو أنـه
يصب على صــمِّ الصفــا لتصدعا

لقد خفت إلا تقنع النفس بعدها
بشيء من الدنياوإن كان مقنعا

وأعذل فيهـاالنفس إذحيل دونها
وتأبى إليهـا النفس إلا تطلُّعا

سـلام على الدنيا فما هي راحة
إذا لم يكن شملي وشملكما معا

ولا مرحبـا بالربع لستتم حلوله
ولو كان مخضل الجوانب ممرعا

فمـاء بلا مرعى ومرعى بغير ما
وحيث أرى مـاء ومرعى فمسبعا

لعمري لقد نادى منادي فرقنـا
بتشتيتنــــــا في كل واد فأسمعـا

كأنـَّا خلقنــا للنوى وكأنما
حرام على الأيام أن نتجمعــا

* والصمة القشيري هو الصمة بن عبد الله بن الطفيل القشيري شاعر إسلامي بدوي من شعراء بني أمية.

الصِّمَّة بن عبد الله بن الطفيل بن قرَّة بن هبيرة القشيري، وقشير من بني عامر بن صعصعة، ينتهي نسبها إلى مضر بن نزار.

والصِّمَّة، بكسر الصاد وفتح الميم وتشديدها، تعني الشجاع كالأسد.

ولد الصِّمَّة في ديار بني قشيرفي غرب نجد وكان من ذلك أن تولدت بينه وبين موطنه علاقة حب أثيرة لا يعادلها سوى حبه العارم لابنة عمه ريّـــــا، التي راح يذكرها في شعره، ويحنُّ إليها بعد نزوحه عن دياره، من ذلك قصيدته التي عارضها الشاعران جميل بن معمر وعمر بن ابي ربيعة انفة الذكر .

وكان من أسباب نزوحه، أنه خطب ابنة عمه، ( ريا العامرية بنت عطيف) ، فطلب والدها خمسين ناقة مهراً لها، وأسعفه والده في طلبه، بيد أنه لما ساق النوق لاحظ عمه أنها تنقص واحدة، فرفضها إلاّ أن تكون تامة، وامتنع والده عن إجابة شرط عمه، وعلى الرغم من المحاولات التي بذلها الشاعر للتوفيق بينهما لم يفلح. وخطبها أباها لعامر بن بشر الجفري فزوجه إياها. وكان عامر هذا قصيرا ً قبيحاً فقال الصمة يذم عامر: ً

فإن تنكحوها عامراً لاطلاعكم
إليه يُدهدهكُم برجليه عامرُ

شبه عامر هذا بالعجل الذي يسوق البعرة ويدحرجها برجليه. فلما بنى بها زوجها وجد بها وجدا شديدا الى الصمة . فزوجه أهله امرأة منهم يقال لها (جبرة بنت وحشي) دون رغبته فاقام معها مدة يسيرة ثم رحل إلي الشام مُغاضبا ًعلى قومه وخلف زوجته عندهم وأخذ يقول الشعر ًفي ريا العامرية ابنة عمه وحبيبته الاولى منها قوله فيها:

لعمري لئن كنتم على النأي والقلى
بكم مثل ما بي إنكـم لـصـديق

إذا زفرات الحب صعدن في الحشا
رددن وملم ينهج لـهـن طـريق

وقالت ابنة عمه ريا:

( تالله ما رأيت كاليوم رجلاً باع عشيرته بأبعره)

استُقبل الصمّة في الشام استقبالاً حسناً، وألحتق بالفرسان ومن ثم التحق بالجيوش الإسلامية التي قاتلت لغزو الديلم وأمضى بقية حياته جندياً مقاتلاً في سبيل الله، وبقيت نار حبه لابنة عمه مشتعلة في جوفه ، فخلّف جملة من القصائد الوجدانية المعبرة عن حبّه العميق لريا ولديارها. وتوفي في طبرستان نحو سنة خمس وتسعين للهجرة، وكانت آخر أبياته خلاصة ذلك الحب إذ يقول:

تَعزَّ بِصَبْرٍ لا وَجدِّك لا تَرى
بِشَام الحِمَى أُخْرى الليالي الغوابرِ

كأن فؤادي من تذكُّره الحِمَى
وأهلَ الحِمَى يَهفو بها ريشُ طائر


وأن عمر بن أبي ربيعة قد تأثر بشعر جميل بن معمر فأبدى إعجابه برائيته التي يقول فيها:

أَغادٍ أَخي مِن آلِ سَلمى فَمُبكِرُ
أَبِن لي أَغادٍ أَنت أَم مُتَهَجِّرُ

فَإِنَّك إِن لا تَقضِني ثِنيَ ساعَةٍ
فَكُلُّ اِمرِئٍ ذي حاجَةٍ مُتَيَسِّرُ

فَإِن كُنتَ قَد وَطَّنتَ نَفساً بِحُبِّها
فَعِندَ ذَوي الأَهواءِ وِردٌ وَمَصدَرُ

وَآخَرُ عَهدٍ لي بِها يَومَ وَدَّعَت
وَلاحَ لَها خَـــــدٌّ مَليحٌ وَمَحجِرُ

عَشِيَّةَ قالَت لا تُضيعَنَّ سرَّنا
إِذا غِبتَ عَنّا وَاِرعَهُ حينَ تُدبِرُ

وَطَرفكَ إِمّا جِئتَنا فَاِحفَظَنَّـــــهُ
فَذيعُ الهَوى بادٍ لِمَن يَتَبَصَّرُ

وَأَعرِض إِذا لاقَيتَ عَيناً تَخافُها
وَظاهِــــــر بِبَغضٍ إِنَّ ذَلِكَ أَستَرُ

فَإِنَّكَ إِن عَرَضتَ فينــــــا مَقالَةً
يَزِد في الَّذي قَد قُلتَ واشٍ وَيُكثَرُ

وَيَنشُرُ سِرّاً في الصَديقِ وَغَيرِهِ
يَعِزُّ عَلَينا نَشرُهُ حينَ يُنشـــــَرُ

فَما زِلتَ في إِعمالِ طَرفِكَ نَحوَنا
إِذا جِئتَ حَتّى كادَ حُبُّكَ يَظهَرُ

لأَهلِيَ حَتّى لامَني كُلُّ ناصِحٍ
وَإِنّي لأَعصي نَهيُهُم حينَ أزجرُ

وَما قُلتُ هَذا فَاِعلَمَنَّ تَجَنُّبــــاً
لصَرمٍ وَلا هَذا بِنا عَنكَ يَقصُرُ

وَلَكِنَّني أَهلي فِداؤُكَ أَتَّقـــــــي
عَلَيكَ عُيونَ الكاشِحينَ وَأَحذَرُ

وَأَخشَى بَني عَمّي عَلَيكَ وَإِنَّما
يَخافُ وَيَتقي عِرضَهُ المُتَفَكِّرُ

وَأَنتَ اِمرُؤ مِن أَهلِ نَجدٍ وَأَهلُنا
تَهامٍ فَما النَجدِيُّ وَالمُتَغَوِّرُ

غَريبٌ إِذا ما جِئتَ طالِبَ حاجَةٍ
وَحَولِيَ أَعداءٌ وَأَنتَ مُشَهَّرُ

وَقَد حَدَّثوا أَنّا اِلتَقَينا عَلى هَوىً
فَكُلُّهُم مِن حَملِهِ الغَيظَ موقَرُ

فَقُلتُ لَها يا بَثنَ أَوصَيتِ حافِظاً
وَكُلُّ اِمرِئٍ لَم يَرعَهُ اللَهُ مُعوِرُ

فَإِن تَكُ أُمُّ الجَهمِ تَشكي مَلامَةً
إِلَيَّ فَما أَلقى مِنَ اللَومِ أَكثَرُ

سَأَمنَحُ طَرفي حينَ أَلقاكِ غَيرَكُم
لِكَيما يَرَوا أَنَّ الهَوى حَيثُ أَنظُرُ

أُقَلِّبُ طَرفي في السَماءِ لَعَلَّهُ
يُوافِقُ طَرفي طَرفَكُم حينَ يَنظُرُ

وَأَكني بِأَسماءٍ سواكِ وَأَتَّقي
زِيارَتَكُم وَالحُبّ لا يَتَغَيّــــــــَرُ

فَكَم قَد رَأَينا واجِداً بِحَبيبَـــــــةٍ
إِذا خافَ يُبدي بُغضَهُ حينَ يَظهَرُ

فعارضها عمر بن ابي ربيعة المخزومي بقصيدة رائية تحاكيها روعة وجمالا من نفس الوزن والقافية قال :


أَمِن آلِ نُعمٍ أَنتَ غادٍ فَمُبكِــــرُ
غَــــــداةَ غَدٍ أَم رائِحٌ فَمُهَجِّــــــرُ

لِحاجَةِ نَفسٍ لَم تَقُل في جَوابِها
فَتُبلِغَ عُـــذراً وَالمَقالَةُ تُعـــــــــذِرُ

تَهيمُ إِلى نُعمٍ فَلا الشَملُ جامِــــعٌ
وَلا الحَبلُ مَوصولٌ وَلا القَلبُ مُقصِرُ

وَلا قُربُ نُعــــــمٍ إِن دَنــــــــــَت
وَلا نَأيُها يُسلي وَلا أَنتَ تَصبـــِرُ

وَأُخرى أَتَت مِن دونِ نُعمٍ وَمِثلُها
نَهى ذا النُهى لَو تَرعَوي أَو تُفَكِّرُ

إِذا زُرتُ نُعماً لَم يَزَل ذو قَرابَةٍ
لَها كُلَّما لاقَيتُهـــــــا يَتَنَمّـــــــــــَرُ

عَزيزٌ عَلَيهِ أَن أُلِمَّ بِبَيتِهـــــــا
يُسِرُّ لِيَ الشَحناءَ وَالبُغضُ مُظهَرُ

أَلِكني إِلَيها بِالسَلامِ فَإِنَّـــــــهُ
يُشَـــــــــهَّرُ إِلمامي بِها وَيُنَكّــــــَرُ

بِآيَةِ ما قالَت غَداةَ لَقيتُهــــــا
بِمَدفَعِ أَكنانٍ أَهَــــــذا المُشَهَّـــــرُ

قِفي فَاِنظُري أَسماءُ هَل تَعرِفينَهُ
أَهَذا المُغيريُّ الَّذي كانَ يُذكـــــَرُ

أَهَذا الَّذي أَطرَيتِ نَعتاً فَلَم أَكُن
وَعَيشِكِ أَنساهُ إِلى يَومِ أُقبَـــــرُ

فَقالَت نَعَم لا شَكَّ غَيَّرَ لَونَـــــهُ
سُرى اللَيلِ يُحيِي نَصَّهُ وَالتَهَجُّرُ

لَئِن كانَ إِيّاهُ لَقَد حالَ بَعدَنــــا
عَنِ العَهدِ وَالإِنسانُ قَد يَتَغَيَّـــــــــرُ

رَأَت رَجُلاً أَمّا إِذا الشَمسُ عارَضَت
فَيَضحى وَأَمّا بِالعَشيِّ فَيَخصَــــرُ

أَخا سَفَرٍ جَوّابَ أَرضٍ تَقاذَفَت
بِهِ فَلَواتٌ فَهوَ أَشعَثُ أَغبَــــــرُ

قَليلاً عَلى ظَهرِ المَطِيَّةِ ظِلُّــــــهُ
سِوى ما نَفى عَنهُ الرِداءُ المُحَبَّرُ

وَأَعجَبَها مِن عَيشِها ظِلُّ غُرفَةٍ
وَرَيّانُ مُلتَفُّ الحَدائِقِ أَخضَــــرُ

وَوالٍ كَفاها كُلَّ شَيءٍ يَهُمُّها
فَلَيسَت لِشَيءٍ آخِرَ اللَيلِ تَسهَرُ

وَلَيلَةَ ذي دَورانَ جَشَّمتِني السُرى
وَقَد يَجشَمُ الهَولَ المُحِبُّ المُغَرِّرُ

فَبِتُّ رَقيباً لِلرِفاقِ عَلى شَفــــا
أُحاذِرُ مِنهُم مَن يَطوفُ وَأَنظُرُ

إِلَيهِم مَتى يَستَمكِنُ النَومُ مِنهُمُ
وَلى مَجلِسٌ لَولا اللُبانَةُ أَوعَرُ

وَباتَت قَلوصي بِالعَراءِ وَرَحلُها
لِطارِقِ لَيلٍ أَو لِمَن جاءَ مُعوِرُ

وَبِتُّ أُناجي النَفسَ أَينَ خِباؤُها
وَكَيفَ لِما آتي مِنَ الأَمرِ مَصدَرُ

فَدَلَّ عَلَيها القَلبُ رَيّا عَرَفتُهـــــا
لَها وَهَوى النَفسِ الَّذي كادَ يَظهَرُ

فَلَمّا فَقَدتُ الصَوتَ مِنهُم وَأُطفِئَت
مَصابيحُ شُبَّت في العِشاءِ وَأَنوُرُ

وَغابَ قُمَيرٌ كُنتُ أَرجو غُيوبَــــهُ
وَرَوَّحَ رُعيانُ وَنَــــوَّمَ سُــــــــمَّرُ

وَخُفِّضَ عَنّي النَومُ أَقبَلتُ مِشيَةَ ال
حُبابِ وَرُكني خَشيَةَ الحَيِّ أَزوَرُ

فَحَيَّيتُ إِذ فاجَأتُها فَتَوَلَّهـــــَت
وَكادَت بِمَخفوضِ التَحِيَّةِ تَجهَرُ

وَقالَت وَعَضَّت بِالبَنانِ فَضَحتَني
وَأَنتَ اِمرُؤٌ مَيسورُ أَمرِكَ أَعسَرُ

أَرَيتَكَ إِذ هُنّا عَلَيكَ أَلَم تَخَـــــف
وُقيتَ وَحَولي مِن عَدُوِّكَ حُضَّرُ

فَوَ اللَهِ ما أَدري أَتَعجيلُ حاجَـــةٍ
سَرَت بِكَ أَم قَد نامَ مَن كُنتَ تَحذَرُ

فَقُلتُ لَها بَل قادَني الشَوقُ وَالهَوى
إِلَيكِ وَما عَينٌ مِنَ الناسِ تَنظُـــرُ

فَقالَت وَقَد لانَت وَأَفرَخَ رَوعُها
كَلاكَ بِحِفظٍ رَبُّكَ المُتَكَبِّـــــــــرُ

فَأَنتَ أَبا الخَطّابِ غَيرُ مُدافَعٍ
عَلَيَّ أَميــــرٌ ما مَكُثتُ مُؤَمّـــــَرُ

فَبِتُّ قَريرَ العَينِ أُعطيتُ حاجَتي
أُقَبِّلُ فاها في الخَلاءِ فَأُكثـــــِرُ

فَيا لَكَ مِن لَيلٍ تَقاصَرَ طولُهُ
وَما كانَ لَيلى قَبلَ ذَلِكَ يَقصُرُ

وَيا لَكَ مِن مَلهىً هُناكَ وَمَجلِس
لَنا لَم يُكَدِّرهُ عَلَينا مُكَــــــــدِّرُ

يَمُجُّ ذَكِيَّ المِسكِ مِنها مُفَلَّجٌ
رَقيقُ الحَواشي ذو غُروبٍ مُؤَشَّرُ

تَراهُ إِذا تَفتَرُّ عَنهُ كَأَنَّــــــهُ
حَصى بَرَدٍ أَو أُقحُوانٌ مُنَوِّرُ

وَتَرنو بِعَينَيها إِلَيَّ كَما رَنــــا
إِلى رَبرَبٍ وَسطَ الخَميلَةِ جُؤذَرُ

فَلَمّا تَقَضّى اللَيلُ إِلّا أَقَلَّــــــهُ
وَكادَت تَوالي نَجمِهِ تَتَغـــــَوَّرُ

أَشارَت بِأَنَّ الحَيَّ قَد حانَ مِنهُمُ
هُبوبٌ وَلَكِن مَوعِدٌ مِنكَ عَزوَرُ

فَما راعَني إِلّا مُنادٍ تَرَحَّلــــــــوا
وَقَد لاحَ مَعروفٌ مِنَ الصُبحِ أَشقَرُ

فَلَمّا رَأَت مَن قَد تَنَبَّهَ مِنهُـــمُ
وَأَيقاظَهُم قالَت أَشِر كَيفَ تَأمُرُ

فَقُلتُ أُباديهِم فَإِمّا أَفوتُهُــــم
وَإِمّا يَنالُ السَيفُ ثَأراً فَيَثأَرُ

فَقالَت أَتَحقيقاً لِما قالَ كاشِحٌ
عَلَينا وَتَصديقاً لِما كانَ يُؤثَرُ

فَإِن كانَ ما لا بُدَّ مِنهُ فَغَيـــــرُهُ
مِنَ الأَمرِ أَدنى لِلخَفاءِ وَأَستَرُ

أَقُصُّ عَلى أُختَيَّ بِدءَ حَديثِـــنا
وَما لِيَ مِن أَن تَعلَما مُتَأَخَّــــــرُ

لَعَلَّهُما أَن تَطلُبا لَكَ مَخرَجـــــاً
وَأَن تَرحُبا صَدراً بِما كُنتُ أَحصُرُ

فَقامَت كَئيباً لَيسَ في وَجهِها دَمٌ
مِنَ الحُزنِ تُذري عَبرَةً تَتَحَدَّرُ

فَقامَت إِلَيها حُرَّتانِ عَلَيهِمـــــا
كِساءانِ مِن خَزٍّ دِمَقسٌ وَأَخضَرُ

فَقالَت لِأُختَيها أَعينا عَلى فَتىً
أَتى زائِراً وَالأَمرُ لِلأَمرِ يُقــــدَرُ

فَأَقبَلَتا فَاِرتاعَتـــــا ثُمَّ قالَتــــــــا
أَقِلّي عَلَيكِ اللَومَ فَالخَطبُ أَيسَرُ

فَقالَت لَها الصُغرى سَأُعطيهِ مِطرَفي
وَدَرعي وَهَذا البُردُ إِن كانَ يَحذَرِ

يَقومُ فَيَمشي بَينَنا مُتَنَكّــــــــِراً
فَلا سِرُّنا يَفشو وَلا هُوَ يَظهَرُ

فَكانَ مِجَنّي دونَ مَن كُنتُ أَتَّقي
ثَلاثُ شُخوصٍ كاعِبانِ وَمُعصِرُ

فَلَمّا أَجَزنا ساحَةَ الحَيِّ قُلنَ لي
أَلَم تَتَّقِ الأَعداءَ وَاللَيلُ مُقمـــــــِرُ

وَقُلنَ أَهَذا دَأبُكَ الدَهرَ ســـادِراً
أَما تَستَــــحي أَو تَرعَوي أَو تُفَكِّرُ

إِذا جِئتِ فَاِمنَح طَرفَ عَينَيكَ غَيرَنا
لِكَي يَحسِبوا أَنَّ الهَوى حَيثُ تَنظُرُ

فَآخِرُ عَهدٍ لي بِها حينَ أَعرَضَت
وَلاحَ لَها خَدُّ نَـــــقِي وَمَحجَـــــــــرُ

سِوى أَنَّني قَد قُلتُ يا نُعمُ قَولَـــةً
لَها وَالعِتــــــاقُ الأَرحَبيّاتُ تُزجَــــرُ

هَنيئاً لِأَهلِ العامِرِيَّةِ نَشرُها ال
لَذيذُ وَرَيّاهـــــــا الَّذي أَتَذَكَّـــــــــرُ

وَقُمتُ إِلى عَنسٍ تَخَوَّنَ نَيَّهـــــا
سُــــــــرى اللَيلِ حَتّى لَحمُها مُتَحَسِّرُ

وَحَبسي عَلى الحاجاتِ حَتّى كَأَنَّها
بَقِيَّةُ لَوحٍ أَو شِــــــجارٌ مُؤَسّــــــــَرُ

وَماءٍ بِمَوماءٍ قَليــــــلٍ أَنيسُـــــــــهُ
بَسابِسَ لَم يَحدُث بِهِ الصَيفَ مَحضَرُ

بِهِ مُبتَنىً لِلعَنكَبـــــــوتِ كَأَنَّـــــــهُ
عَلى طَرَفِ الأَرجاءِ خامٌ مُنَشَّرُ

وَرِدتُ وَما أَدري أَما بَعدَ مَورِدي
مِنَ اللَيلِ أَم ما قَد مَضى مِنهُ أَكثَرُ

فَقُمتُ إِلى مِغلاةِ أَرضٍ كَأَنَّهـــــا
إِذا اِلتَفَتَت مَجنونَةٌ حينَ تَنظُرُ

تُنازِعُني حِرصاً عَلى الماءِ رَأسَها
وَمِن دونِ ما تَهوى قَليبٌ مُعَوَّرُ

مُحاوِلَةً لِلمــــاءِ لَولا زِمامُــــهــــا
وَجَذبي لَها كادَت مِراراً تَكَسَّرُ

فَلَمّا رَأَيتُ الضَرَّ مِنهـــــا وَأَنَّني
بِبَلدَةِ أَرضٍ لَيسَ فيها مُعَصَّرُ

قَصَرتُ لَها مِن جانِبِ الحَوضِ مُنشَأً
جَديداً كَقابِ الشِبرِ أَو هُوَ أَصغَرُ

إِذا شَرَعَت فيهِ فَلَيسَ لِمُلتَـــــقى
مَشافِرِها مِنهُ قِدى الكَفِّ مُسأَرُ

وَلا دَلوَ إِلّا القَعبُ كانَ رِشاءَهُ
إِلى الماءِ نِسعٌ وَالأَديمُ المُضَفَّرُ

فَسافَت وَما عافَت وَما رَدَّ شُربَها
عَنِ الرَيِّ مَطروقٌ مِنَ الماءِ أَكدَرُ*




https://falih.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى