اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني

الحضارة الاسلامية باشراف المهندس خالدصبحي الكيلاني والباحث جمال الدين فالح الكيلاني


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

الفصل العاشر - المناقضات في العصرالحديث بقلم د. فالح الكيلاني

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

فالح الحجية

فالح الحجية
Admin




الفصل العاشــــر


المناقضات في الشعرالحديث
بين نــزار قبــاني وعلـي باكــثـــير




النقاض فن شعري قديم - كما مر بنا – لابد ان يلتقي شاعران احدهما ينقض قصيدة الاخر ويلتزم ما التزم فيه الشعراء من ذي قبل في العصرالاموي با ن تكون القصيدة الناقضة على وزن القصيدة المنقوضة ومن بحرها او موسيقاها و تنظم في نفس قافيتها ورويها ان كان ذلك ممكنا ويختلفان في المعنى والمقصد كما يشاء الشاعران .

وخلال تتبعي موضوع النقائض لفت نظري قصيدتان نظمتا او قيلتا في نهاية العقد السادس من القرن العشرين وبالتحديد في عام \1969 الاولى للشاعر نزار قباني قالها في اكثر من مائة بيت ألقاها الشاعر في بغداد عام \1969 والقصيدة تحتوي على هجاء الشاعر السوري نزار قباني يهجو فيها الأنظمة العربية او يهجو الشعب العربي في كل اقطار الوطن العربي و يهجو الأمة العربية حكاماً وشعوبا لتخليهم عن قضية فلسطين بعد نكسة حزيران عام 1967 حسب اعتقاده . ويبقى نزار في همزيته لا يغادر أسلوبه ذاك او ينقص منه ويضيف إليه عنصراً آخر الا وهو هجاء الشعراء. ومطلع قصيدته :

مرحباً يا عراق ويقول :

مرحبا ياعراق جئت أغنـــيك وبعض من الغنــــــــاء بكــــاء


و الشاعر نزار قباني *:


نـــــــزا ر قبـــــا ني



* هو نزار بن توفيق القباني الدمشقي الشامي

ولد في حي (مئذنة الشحم في (دمشق ) في21 مارس (آذار ) 1923 من اسرة دمشقية عربية عريقة. واتم دراسته الاولية في مدارس (دمشق) ثم حصل على البكالوريا من مدرسة الكلية العلمية الوطنية بدمشق ، ثم التحق بكلية الحقوق بالجامعة السورية وتخرّج منها عام 1945 . وكانت أسرة نزار قباني تسمى (آقبيق) .عمل أبوه في التجارة وقيل في صناعة الحلويات و كان يساعد المقاومين في نضالهم ضد الفرنسيين – في عهد الانتداب الفرنسي لسورية.
ويعتبر جده ابو خليل القباني رائد المسرح العربي

اشتغل بالسلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية السورية ، وتنقل في سفاراتها بين بلدان عديدة ، منها القاهرة ولندن وبيروت ومدريد واتقن اللغة الانكليزية في هذه الفترة لتعينه في اعماله السياسية، وبعد إعلان الوحدة بين مصر وسوريا عام \ 1959 ،وتم تعيينه سكرتيراً ثانياً للجمهورية العربية المتحدة في سفارتها بالصين . ثم استقال من العمل بالسلك الدبلوماسي عام \ 1966 .

طالب رجال الدين في سوريا بطرده من وازرة الخارجية وفصله من العمل الدبلوماسي في منتصف الخمسينات بعد نشر قصيدته الشهيرة ( خبز وحشيش وقمر ) التي أثارت ضده عاصفة شديدة وصلت إلى البرلمان . ومنها هذه المقاطع :

عندما يولدُ في الشرق القمرْ..
فالسطوحُ البيضُ تغفو
تحت أكداس الزَهَرْ..
يترك الناسُ الحوانيت و يمضون زُمَرْ
لملاقاةِ القَمَرْ..
يحملون الخبزَ.. و الحاكي..إلى رأس الجبالْ
و معدات الخدَرْ..
و يبيعونَ..و يشرونَ..خيالْ
و صُوَرْ..
و يموتونَ إذا عاش القمر..
تزوّج من امراتين .. الأولى سورية تدعى (زهرة ) انجب منها اولاده : هدباء وتوفيق وزهراء .

وقد توفي ولده توفيق بمرض القلب وعمره 22 سنة ، وكان طالباً بكلية الطب بجامعة القاهرة .. ورثاه نزار بقصيدة طويلة عنوانها:
( الأمير الخرافي توفيق قباني ) يقول :

مكسرة كجفون أبيك هي الكلمات..
ومقصوصة ، كجناح أبيك، هي المفردات
فكيف يغني المغني؟
وقد ملأ الدمع كل الدواه..
وماذا سأكتب يا بني؟
وموتك ألغى جميع اللغات..

وأوصى نزار بأن يدفن بجواره بعد موته .

والمرأة الثانية (بلقيس الراوي) عراقية .. قُتلت في انفجار السفارة العراقية في ( بيروت ) عام 1982 ، وترك رحيلها أثراً نفسياً سيئاً عند نزار ورثاها بقصيدة تحمل اسمها (بلقيس )، حمّل الوطن العربي كله مسؤولية قتلها .. , وقد انجبت له ولدين :عمر و زينب .
وقد انشد في مقتلها فقال :

سأقول في التحقيق.. اني قد عرفت القاتلين ..

بلقيس..يافرسي الجميلة..

إنني من كل تاريخي خجول

هذي بلاد يقتلون بها الخيول..

سأقول في التحقيق:

كيف أميرتي اغتصبت..

وكيف تقاسموا الشعر الذي يجري كأنهار الذهب

سأقول كيف استنزفوا دمها..

وعاش سنوات حياته الأخيرة بعد وفاة بلقيس وحيدا ورفض الزواج مجدداً، و أمضى سنينه الأخيرة في لندن وحيداً.

بدأ نزار قباني نظم الشعر في صباه وقيل في سن السادسة عشرة، وأصدر أول دواوينه ( قالت لي السمراء ) عام \1944 وكان طالبا بكلية الحقوق ، وطبعه على نفقته الخاصة .وقيل كان لانتحار أخته بسبب رفضها الزواج من رجل لا تحبه، أثر عميق في نفسه وفي شعره، فعرض قضية المرأة وكرس اشعاره وقصائده فيها في بداية حياته ووسيطها . وفي احداث العالم العربي في العديد من قصائده، رافضا شوفينية الرجال على حد قوله .

لنزار قباني عدد كبير من دواوين الشعر ، تصل إلى 35 ديواناً ، كتبهاعلى مدار ما يزيد على نصف قرن أهمها
( طفولة نهد )
(الرسم بالكلمات)
( سامبا )
(أنت لي ) .

أسس دارا لنشر أعماله في بيروت تحمل اسم ( منشورات نزار قباني )

تحدث نزار عن نفسه فقال :

(ولدت في دمشق في آذار (مارس) 1923في بيت وسيع، كثير الماء والزهر، من منازل دمشق القديمة، والدي توفيق القباني، تاجر وجيه في حيه، عمل في الحركة الوطنية ووهب حياته وماله لها. تميز أبي بحساسية نادرة وبحبه للشعر ولكل ما هو جميل. ورث الحس الفني المرهف بدوره عن عمه أبي خليل القباني الشاعر والمؤلف والملحن والممثل وباذر أول بذرة في نهضة المسرح المصري .

امتازت طفولتي بحب عجيب للاكتشاف وتفكيك الأشياء وردها إلى أجزائها ومطاردة الأشكال النادرة وتحطيم الجميل من الألعاب بحثا عن المجهول الأجمل. عنيت في بداية حياتي بالرسم. فمن الخامسة إلى الثانية عشرة من عمري كنت أعيش في بحر من الألوان. أرسم على الأرض وعلى الجدران وألطخ كل ما تقع عليه يدي بحثا عن أشكال جديدة. ثم انتقلت بعدها إلى الموسيقى ولكن مشاكل الدراسة الثانوية أبعدتني عن هذه الهواية. وكان الرسم والموسيقى عاملين مهمين في تهيئتي للمرحلة الثالثة وهي الشعر. في عام\1939، كنت في السادسة عشرة. توضح مصيري كشاعر حين كنت وأنا مبحر إلى إيطاليا في رحلة مدرسية. كتبت أول قصيدة في الحنين إلى بلادي وأذعتها من راديو روما. ثم عدت إلى استكمال دراسة الحقوق بدمشق وتخرجت منها عام \ 1944 ) .

وأسس في بيروت دارا للنشر تحمل اسمه ، وتفرغ للشعر. وكانت ثمرة مسيرته الشعرية إحدى وأربعين مجموعة شعرية ونثرية، كانت أولاها ( قالت لي السمراء )عام \1944 ، وكانت آخر مجموعاته ( أنا رجل واحد وأنت قبيلة من النساء )عام \ 1993 .

نقلت هزيمة العرب في حربهم مع اليهود عام \1967 نزار قباني نقلة نوعية : من شعر الحب والنساء إلى شعر السياسة والرفض والمقاومة ؛ فكانت قصيدته ( هوامش على دفتر النكسة ) عام\ 1967 نقدا ذاتيا جارحا للتقصير العربي مما آثار عليه غضب اليمين واليسارالعربي يقول :

يا أيُّها الأطفالْ..

من المحيطِ للخليجِ، أنتمُ سنابلُ الآمالْ

وأنتمُ الجيلُ الذي سيكسرُ الأغلالْ

ويقتلُ الأفيونَ في رؤوسنا..

ويقتلُ الخيالْ..

يا أيُها الأطفالُ أنتمْ –بعدُ- طيّبونْ

وطاهرونَ، كالندى والثلجِ، طاهرونْ

لا تقرؤوا عن جيلنا المهزومِ يا أطفالْ

فنحنُ خائبونْ..

ان اندلاع الحرب الأهلية في لبنان ومقتل زوجته( بلقيس) جعلت نزار قباني ينتقل للعيش في مصر عام \1983 الا انه تعرض لهجوم عنيف هناك من قبل الاعلام المصري على خلفية قصيدة نظمها ضد الرئيس ( أنور السادات) انتقده فيها على توقيعه اتفاقية( كامب ديفيد) للسلام بين مصر واسرائيل. وقال قصيدته المشهورة . ورغم وجود أصدقاء وقفوا إلى جانبه مثل يوسف ادريس ومحمد حسنين هيكل وأحمد بهاء الدين ومحمد عبد الوهاب واعتباره أن مصر أم الدنيا لم تتوقف الحملة ضده طوال عام كامل وخاصة من قبل المؤيدين للسلام مع اسرائيل آنذاك وخاصة أنيس منصور وامثاله. نقتطف منها مايلي :

كنا نظن أنه
سيدخل القدس على حصانه
و يستعيد المسجد الأقصى من الأسر
ويدعو الناس للصلاة
لكنه فاجأنا
وسلم الأرض من النيل إلى الفرات
هل أصبحت راشيل في تاريخنا خديجة؟
و صار موسى... أنور السادات
و ياللعجب
كان اسمه

لذا قرر نزار الانتقال إلى( سويسرا) فانتقل اليها عام \1984 وبقي فيها خمس سنوات ثم انتقل إلى (لندن )عام \1989 وقضى فيها تسع سنوات حتى رحيله.

بعد انتقاله للعيش في أوروبا في ثمانينيات القرن المنصرم على إثر اندلاع الحرب الأهلية في لبنان وحملات الإعلام المصري ضده على خلفية انتقاده اتفاقية (كامب ديفيد ) وبعد ومقتل زوجته (بلقيس)، قرر نزار قباني إقامة حاجز يمنع دخول النساء إلى قلبه او ينشد شعرا فيهن كسابق عهده .وتفرغ للتأمل والتصوف والحياة العائلية، فكان متصوفا في طقوس فرحه وحزنه وقراءته للقرآن الكريم .

وقد احب نزار حبيبته الغالية (دمشق ) فكتب لها الكثير واحلاها قصيدته فيها :

( هذي دمشقُوهذي الكأسُ والرّاحُ …
.. إنّي أحبُّ وبعـضُ الحـبِّ ذبّاحُ

أنا الدمشقيُّ.. لو شرحتمُ جسدي
لسـالَمنهُ عناقيـدٌ.. وتفـّاحُ

هنا جذوري.. هنا قلبي هنا لغـتي
فكيفَ أوضحُ؟ هل في العشقِ إيضاحُ؟


قيل في اخر ايامه كتب نزار إحدى قصائده على كيس أدويته الورقي وقيل وجدت بجانب سريره على كيس الادوية ، وحاول تأسيس حزب شعري يختلف عن الأحزاب العربية. فجمعته رفقة يومية بفنجان قهوته قبل أن يدخل مكتبه الكائن في شقته والانطلاق في رحلة الكتابة. وكانت قصيدته أغنية المطرب عبد الحليم حافظ ( قارئة الفنجان) وهي من احب قصائده إلى قلبه كما كانت قصيدته ( نهر الأحزان ) هي الاجمل في نظره، وأحب لقاءاته وجلساته كانت مع الشاعرين أدونيس ومحمود درويش . ومن نهر الاحزان هذه المقاطع:

عيناكِ كنهري أحـزانِ

نهري موسيقى.. حملاني

لوراءِ، وراءِ الأزمـانِ

نهرَي موسيقى قد ضاعا

وقد طبعت جميع دواوين نزار قباني ضمن مجلدات تحمل اسم
( المجموعة الكاملة لنزار قباني ) ، وقد أثار شعر نزار قباني الكثير من الآراء النقدية والإصلاحية حوله، لأنه كان يحمل كثيرا من الآراء التغريبية للمجتمع وبنيته الثقافية ، وألفت في شعره العديد من الدراسات والبحوث الأكاديمية وكتبت عنه الكثير من المقالات النقدية .

توفي الشاعر نزار قباني اثر نوبة قلبية في شقته في (لندن)العاصمة الانكليزية وحيدا غريبا في الثلاثين من نيسان عام \1998 وبهذا فقد الادب العربي شاعرا قديرا فذا .

كما له عدد كبير من الكتب النثرية أهمها :
قصتي مع الشعر
ما هو الشعر
100 رسالة حب .

ونظم شعره في كل مجالات الحياة وخاصة في المرأة وحالاتها وعواطفها وانفعالاتها وحركاتها حتى قيل : ان نزار قباني شاعر المرأة ومن شعره فيها كثير من قصائده المغناة حيث تغني اشهر المطربين العرب في شعره مثل ام كلثوم ومحمد عبد الوهاب وفيروز وعبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة وماجدة الرومي وفائزة احمد وكاظم الساهر فاكثروا فيه الغناء ومن قصائد المغناة هذه القصيدة :

أيظن أني لعبـــــــة بيديه؟
أنا لا أفكر في الرجوع إليه

اليوم عاد كأن شيئا لم يكن
وبراءة الأطفال في عينيه

ليقول لي : إني رفيقة دربه
وبأنني الحب الوحيد لديه

حمل الزهور إليّ .. كيف أرده
وصباي مرسوم على شفتيه

ما عدت أذكر .. والحرائق في دمي
كيف التجأت أنـــــــا إلى زنديه

خبأت رأسي عنده .. وكأنني
طفل أعــــــادوه إلى أبويــــــه

حتى فساتيني التي أهملتها
فرحت به .. رقصت على قدميه

سامحته .. وسألت عن أخباره
وبكيت ساعــــــات على كتفيه


راجع كتابي ( شعراء العصرالحديث ) وهو المجلد التاسع من موسوعتي ( موسوعة شعراء العربية ) طبع ونشر دار دجلة عمـــان – الاردن

اما قصيدة نزار قباني المنقوضة بقصيـــدة الشاعر الحضرمي على احمد باكثير فهي قصيدة نزار بعنوان ( افادة في محكمة الشعر ) لكنها عرفت واشتهرت بعنوان ( مرحبا يا عراق )

لان مطلعها مرحبا ياعراق .

مرحباً ياعراقُ.! جئتُ أُغنيكَ
وبعضٌ من الغـنــــــاءِ بكاءُ

مرحباً مرحباً أتعرفُ وجهاً
حَفَـرَتْهُ الأيامُ والأنــــــــواءُ

أكلَ الحبُ من حشاشةِ قلبي
والبقايا تقاسمتها النســـــــــــاءُ

كلُ أحبابي القدامى نسوني
لا نُوارٌ تُجيبُ أو عفــــــــــراءُ

فالشـــــفاهُ المُطيَّباتُ رمادٌ …
وخيامُ الهوى رماها الهواءُ

سكنَ الحزنُ كالعصافيرِ قلبي …
فالأسى خمرةٌ وقلبي الإناءُ

أنا جرحٌ يمشي على قدميهِ …
وخيولي قد هَدَّها الإعياءُ

فأنا الحزنُ من زمانٍ صديقي
وقليلٌ في عصرنا الأصدقاءُ

مرحباً ياعراقُ هل نَسِيَتْني
بعد طولِ السنين ســـــــامُرّاءُ

مرحباً يا جسورُيا نخل ُيانهرُ
وأهلاً يا عُشــب يا أفيــــــاء

كيف أحبابُنا على ضفةِ النهرِ
وكيف البســــــاطُ والندماءُ

كان عندي هنا أميرةُ حبٍ
ثم ضاعت أميرتي الحسناءُ

إنني السندبادُ مَزَّقهُ البحرُ
وعينا حبيبتي المينـــــــــــــاءُ

مَضَغَ الموجُ مركبي وجبيني
ثقبتهُ العواصفُ الهوجـــــــاءُ

إنَّ في داخلي عُصوراً من الحزنِ
فهل لي إلى العراقِ إلتجاـــــــءُ

وأنا العاشقُ الكبيرُ ولكن
ليس تكفي دفاتــــــري الزرقاءُ

يا حزيرانُ.مالذي فعلَ الشعرُ
وماذا أعطى لنا الشــــــــــــــــعراءُ

الدواوينُ في يدينا طُرُوحٌ
والتعابيرُ كلُّها إنشـــــــــــــــــاءُ

كلُ عامٍ نأتي لسوقِ عكاظٍ
وعلينا العمائمُ الخضــــــــــــراءُ

ونهزُّ الرؤوسَ مثلَ الدراويش
وبالنارِ تكتوي سينــــــــــــاءُ

كُلُ عامٍ نأتي فهذا جريرٌ
يتغنّى. وهذه الخنســـــــــــــاءُ

لم نزل لم نزل نمصمصُ قِشراً
وفلسطينُ خضَّبتها الدمـــــــــــاءُ

ياحزيرانُ أنتَ أكبرُ منّا
وأبٌ أنتَ. مالهُ أبنــــــــــــــــــاءُ

لو مَلكنا بقيةً من إباءٍ
لانتخينا لكننا جبنــــــــــــــــــاءُ

يا عصورَ المعلَّقاتِ. مللنا
ومن الجسمِ قد يمَلُّ الرداءُ

نصفُ أشعارنا نقوشٌ وماذا
ينفعُ النقشُ حين يهوي البناءُ

ماهو الشعرُ حين يصبحُ فأراً
كِسرةُ الخبزِ هَمَّهُ والغذاءُ

وإذا أصبح المفكرُ بوقـــــــــــاً
يستوي الفكرُ عندها والحذاءُ

يُصلبُ ” الأتقياءُ” من أجلِ رأي
فلماذا لا يُصلبُ الشـــــعراءُ

الفدائيُ وحدَهُ يكتبُ الشعرَ
وكلُ الذي كتبنا هُــــــــراءُ

إنهُ الكاتبُ الحقيقيُ للعصرِ
ونحنُ الحُجَّابُ والأُجراءُ

عندما تبداُ البنادقُ بالعزفِ
تموتُ القصائدُ العصماءُ

مالنا مالنا نلومُ حزيرانَ؟
وفي الإثمِ كُلنا شركاءُ

مَن همُ الأبرياءُ؟ نحنُ جميعاً
حاملوا عارِهِ ولا استثناءُ

عقلنا فكرناهُزال أغانينا
رؤانـــا أقوالنا الجوفـ ـــــ اءُ

نثرنا شعرنا جرائدنا الصفراءُ
والحبرُ والحروفُ الإماءُ

وحدويّون؟!والبلادُ شظايا
كلُ جزءٍ من لحمها أجزاءُ

ما ركسيون؟! والجماهيرُ
تشقى فلماذا لا يشبعُ الفقراءُ؟

قرشيّون؟! لو رأتهم قريشٌ
لاستجارت من رملها البيداءُ

لا يمينٌ يجيرنا أو يســــــــــارٌ
تحت حِّدِ السكين نحنُ سواءُ

لو قرأنا التاريخَ ما ضاعت
القدسُ وضاعت من قبلها الحمراء



اما ناقضها فهو الشاعرالحضرمي * :



علي احمد باكثير
شاعر حضرموت




هو علي بن أحمد بن محمد باكثير الحضرمي من قبيلة( كندة) في الجزيرة العربية ، وينتسب علي أحمد باكثير إلى واحدة من أعرق الأسر في حضرموت وأُكثرها إيغالاً في العروبه، فأسرة باكثير ينتهي نسبها إلى كندة وهو نسب تقف الفصاحة قديماً وحديثاً عنده وقفة اجلال واكبار .

ولد في 15 ذي الحجة 1328 هـ الموافق 21 كانون الاول (ديسمبر )من عام \ 1910م، في جزيرة (سوروبايا) بإندونيسيا لأبوين يمنيين من منطقة حضرموت.

وحين بلغ العاشرة من عمره سافر به أبوه إلى حضرموت لينشأ هناك نشأة عربية إسلامية مع إخوته لأبيه فوصل مدينة ( سيئون ) بحضرموت في 15 رجب سنة 1338هـ الموافق الخامس من نيسان (أبريل ) سنة \ 1920م.

ولم يكن في حضر موت في ذلك الوقت أي نوع من المدارس النـظامية، وإنما كان التلاميذ يتلقون علم مبادئ القراءة والكتابة في الكتاتيب ثم يتلقون الدروس المتقدمة في اللغة والعلوم العربية والفقهية على أيدي مشايخ يلزمونهم حتى يتموا معهم قراءة مجموعة من كتب النحو واللغة والبلاغة والفقه وحفظ النصوص المطلوبة . وقد انتظم باكثير في الدراسة بهذه المدرسة ( مدرسة النهضة العلمية) لمدة أربع سنوات وختم دراسته بها حوالي سنة 1342هـجرية، كان فيها من المتقدمين، وقد شهد له في حضرموت من رفاق دراسة الصبا بالنبوغ، فقد كان على قلة التزامه أكثرهم تفوقاً وفهماً. وقيل أن علياً إذا غاب مرة عن دروس العلوم المستعصية يسأل الزملاء عن موضوع الدرس فيطلع عليه في مظانه ثم يعود في اليوم التالي إلى المدرسة وقد نظم تلك المعاني شعراً فيُسِّهل على التلاميذ حفظه.

وهناك تلقى تعليمه في مدرسة (النهضة العلمية) ودرس علوم العربية والشريعة على يد شيوخ أجلاء منهم عمه الشاعر اللغوي النحوي القاضي( محمد بن محمد باكثير) كما تلقى علوم الدين أيضا على يد الفقيه (محمد بن هادي السقاف )وكان من أقران علي باكثير حينها الفقيه واللغوي (محمد بن عبد اللاه السقاف).

ظهرت مواهب باكثير مبكراً فنظم الشعر وهو في الثالثة عشرة من عمره، وتولى التدريس في مدرسة (النهضة العلمية ) وتولى إدراتها وهو دون العشرين من عمره .

كان طبيعياً أن تتفجر ينابيع الشعر في نفس علي أحمد باكثير في سن الثالثة عشرة من عمره، فقد كان الشعر في أسرته ميراثاً، وكانت البيئة العربية الخالصة في حضرموت لم تعرف ـ في ذلك الوقت ـ من فنون الأدب غير الشعر يبدع فيه الأدباء خير ما تجود به قرائحهم ويصورون فيه قضاياهم وقضايا مجتمعهم ومن خلاله يألمون ويأملون ويرسمون أحلامهم. يقول باكثير من قصيدة نظمها وهو في الثالثةعشرة من عمره :

أما الدنيا تصير إلى الفناء
فـما هذا الضجيج مع البكاء

أما هذي الجبال الشم يوماً
تصيــر إذا أتــى مثل الهباء

إذا جــاء الحمام فلا فرار
لديك وليس يجدي من دُعا ء

ولما توفي والده وهو في سن السادسة عشرة فرثاه بقصيدة طويلة نجتزيء منها هذه الابيات:

عبثاً تحـاول أن تـكف الأدمعا
وأبوك أمسى راحلاً مستودعا

كيف السلو وما مررت بموضعٍ
إلا وسـاد الحزن ذاك الموضعا

كيف السلو وما مررت بمعدمٍ
إلا وأجهــش بالبكاء مرجّعا؟

والعيش أضيق ضيق لكن إذا
مـــا حلت الآمــال فيــه توسـعا

وفي عام\ 1938م - ألف مسرحيته (أخناتون ونفرتيتي) بالشعر الحر ليكون بذلك رائد هذا النوع من النظم في الأدب العربي. ثم التحق باكثير بعد تخرجه في الجامعة بمعهد التربية للمعلمين وحصل منه على الدبلوم عام\ 1940م وعمل مدرسا للغة الإنجليزية لمدة أربعة عشر عاما.

تزوج باكثير مبكراً عام\ 1346 هـ ولكنه فجع بوفاة زوجته وهي في غضارة الشباب وريعان الصبا . فغادر حضرموت عام \ 1931م وتوجه إلى عدن ومنها إلى الصومال والحبشة واستقر زمناً في الحجاز، وفي الحجاز نظم مطولته( نظام البردة) كما كتب أول عمل مسرحي شعري له وهو( همام أو في بلاد الأحقاف) وطبعهما في مصر في أول قدومه إليها.

وصل باكثير إلى مصر سنة \ 1934 ميلادية، والتحق بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً) حيث حصل على ليسانس الآداب قسم اللغة الأنجليزية عام \ هـ / 1939 ، وقد ترجم عام\ 1936 أثناء دراسته في جامعة فؤاد الاول مسرحية ( روميو وجولييت) لشكسبير بالشعر المرسل، ساهم في شعره في القضايا العربية ومما قاله في ثورة مايس في العراق في حفلة تأبينية كبرى أقيمت لشهيد عربي- قتل ظلمًا- قال الأستاذ علي أحمد باكثير قصيدة كانت حديث المجتمعين كلهم؛ لأن الشاعر قد انتحى منحىً مفاجئًا، إذ جاء بالقصيدة على لسان البطل الشهيد العراقي صلاح الدين الصباغ وقد وقف في وجه الإنجليز .. ولسوء حظه وقع في يد من قبض عليه لينفذ فيه حكم الإعدام فيه علنًا ببغداد، فهاج الرأي العربي العام في كل مكان، فتأججت مشاعر الشاعر علي باكثير فقال هذه القصيدة مبتدئًا بقوله على لسان الشيهد:

فيم احتشادكمو هذا لتأبيــــني
أنتم أحق بتأبين الورى دونـي

إني نزلت بدار الخــلد في رغدٍ
بين الخمائل فيها والريــاحين

في جنة ما بها خوف ولا حـزن
لولا رثاء لحال العرب يشجيني


تزوج باكثير مرة ثانية في مصر عام\ 1943م من سيدة مصرية ومن عائلة محافظة لها ابنة من زوج سابق، وقد تربت الإبنة في كنف باكثير الذي لم يرزق بأطفال. وبعد انتهاء الدراسة فضل الإقامة في مصر حيث أحب المجتمع المصري وتفاعل معه وأصبحت صلته برجال الفكر والأدب وثيقة، من أمثال العقاد والمازني ومحب الدين الخطيب ونجيب محفوظ وغيرهم .

اكتسب باكثير الجنسية المصرية بموجب مرسوم ملكي في عام 1371 هـ / 22 اب أغسطس \1951 م.

سافر باكثير من مصر إلى فرنسا عام\ 1954م في بعثة دراسية
و بعد انتهاء الدراسة فضل الإقامة في مصر حيث أحب المجتمع المصري وتفاعل معه حيث أصبحت صلته برجال الفكر والأدب وثيقة، من أمثال العقاد والمازني ومحب الدين الخطيب ونجيب محفوظ وغيرهم كما شغل بقضية العرب المصيرية قضية فلسطين فالف الكثيرمن المسرحيا ت والروايات والقصائد الشعرية فيها .

اشتغل باكثير بالتدريس في مصر خمسة عشر عاماً منها عشرة أعوام ب(المنصورة) ثم نقل إلى ( القاهرة) . وفي سنة\ 1955م انتقل للعمل في وزارة الثقافة والإرشاد القومي بمصلحة الفنون وقت إنشائها، ثم انتقل إلى قسم الرقابة على المصنفات الفنية وظل يعمل في وزارة الثقافة حتى وفاته.

حصل باكثير على منحة تفرغ لمدة عامين (1961-1963) حيث أنجز الملحمة الإسلامية الكبرى عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب في 19 جزءاً، وتعد ثاني أطول عمل مسرحي عالمياً، وكان باكثير أول أديب يمنح هذا التفرغ في مصر. كما حصل على منحة تفرغ أخرى أنجز خلالها ثلاثية مسرحية عن غزو نابليون لمصر (الدودة والثعبان - أحلام نابليون - مأساة زينب)
طبعت الأولى في حياته والأخرتان بعد وفاته.

زار باكثير العديد من الدول مثل فرنسا وبريطانيا والإتحاد السوفيتي ورومانيا، بالإضافة إلى العديد من الدول العربية مثل سوريا ولبنان والكويت التي طبع فيها ملحمة عمر. كذلك زار تركيا حيث كان ينوي كتابة ملحمة مسرحية عن فتح القسطنطينية ولكن المنية عاجلته قبل أن يشرع في كتابتها.وفي المحرم من عام 1388 هـ الموافق نيسشان أبريل 1968م زار باكثير حضرموت قبل عام من وفاته.

كان باكثير يجيد من اللغات الإنجليزية والفرنسية والملايوية بالإضافة إلى لغته العربية.

توفي علي باكثير في القاهرة بمصر في غرة رمضان عام\ 1389 هـ الموافق 10 تشرين الثاني (نوفمبر)\ 1969 م، إثر أزمة قلبية حادة ودفن بمدافن الإمام الشافعي في مقبرة عائلة زوجته الثانية المصرية.

تنوع أنتاج باكثير الأدبي بين الرواية والمسرحية الشعرية والنثرية، ومن أشهر أعماله الروائية (وا إسلاماه) و(الثائر الأحمر) ومن أشهر أعماله المسرحية (سر الحاكم بأمر الله) و(سر شهر زاد) التي ترجمت إلى الفرنسية و(مأساة أوديب) التي ترجمت إلى الإنجليزية.

كما كتب باكثير العديد من المسرحيات السياسية والتاريخية ذات الفصل الواحد وكان ينشرها في الصحف والمجلات السائدة آنذاك، وقد أصدر منها في حياته ثلاث مجموعات .

لم ينشر باكثير أي ديوان في حياته وتوفي وشعره إما مخطوط وإما متناثر في الصحف والمجلات التي كان ينشرشعره فيها.

الاانه صدرت له ثلاثة دواوين شعرية :
الاول ( ازهار الربى في اشعار الصبا ) أصدره الدكتور (محمد أبو بكر حميد) عام\ 1987 ويحوي القصائد التي قد نظمها باكثير في حضرموت قبل رحيله.
الثاني ( سحر عدن وفخر اليمن ) اصدرته مكتبة كنوز ب( بجدة ) سنة 2008 وضم شعره بين 1932 – 1933 وهي السنة التي قضاها في عدن بعد مغادرته حضرموت .
الثالث (صبا نجد وأنفاس الحجاز) وفيه شعره الذي نظمه سنة\ 1934 السنة التي أمضاها في المملكة العربية السعودية قبيل هجرته النهائية إلى مصر .

شارك في كثير من المؤتمرات الأدبية والثقافية واختير عضوًا في لجنة الشعر والقصة بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، كما كان عضوًا في نادي القصة وحصل على منحة تفرغ لتأليف ملحمة تاريخية عن عمر بن الخطاب.

ترك إنتاجًا أدبيًا وفيرًا حيث ألف أكثر من ستين قصة ورواية، بين مسرحية شعرية ونثرية . و يتحدث باكثير نفسه في قضة العرب الكبرى قضية فلسطين حين يقول:

(على أثر حرب فلسطين التي انتهت بانتصار اليهود على الجيوش العربية مجتمعة انتابني إذ ذاك شعور باليأس والقنوط من مستقبل الأمة العربية والخزي والهوان مما أصابها، أحسست أن كل كرامة لها قد ديست بالأقدام، فلم تبق لها كرامة تصان، وظللت زمنًا أرزح تحت هذا الألم لمعض الثقيل، ولا أدري كيف أنفس عنه)

ومن العجب أن باكثير عالج قضية فلسطين قبل وقوع الكارثة في ثلاثة مسرحيات:

الأولى: عام\ 1944 تحت عنوان (شيلوك الجديد) قبل النكبة، وقد تنبأ فيها بنكبة فلسطين وقيام الدولة اليهودية وخروج أهلها العرب.
الثانية: شعب الله المختار.
الثالثة: إله إسرائيل.

ثم كانت مسرحيته بعد نكسة الخامس من حزيران بعنوان:
(التوارة الضائعة) وكان يرى أن قضية فلسطين ما زالت تنتظر
العمل الأدبي الذي يتكافأ مع خطرها وأهميتها.

باكثير لا يؤمن بالفصل بين العاطفة والعقل، ولكنه يرى أنه من الطبيعي أن تركز الأعمال الشعرية في قضية فلسطين على العاطفة؛ لأن أولئك الشعراء يصفون الجراح الغائرة التي في قلوبهم.... والرسالة التي يحملها هؤلاء الشعراء هي أن يعمقوا إحساس الأمة بالمأساة ويذكرونها بأنها قضية حياة أو موت، قضية مصير ويثيرون همم الرجال في طرد المعتدين اليهود وقيام النهضة العربية او قل الامة العربية قومة رجل واحد في ذلك .

لقد كان باكثير على اتصال دائم بالحياة الأدبية في مصر والشام والعراق من خلال ما صدر فيها من مجلات وصحف وكتب كانت تصل إليه بشكل منتظم، وكانت هناك أشواق للانفتاح على ما في تلك البلاد من حركة نهضوية قوية وتجديد وفكر و يصل صدى كبار الشعراء العرب و المحدثين، المسيطر على الأسماع هناك ولهذا كان وجود شوقي وحافظ أكثر من وجود العقاد وطه حسين مثلاً.
.

راجع كتابي (شعراء النهضة العربية ) وهو المجلد الثامن من موسوعتي ( موسوعة شعراء العربية ) طبع ونشر دار دجلة - عمان - الاردن عام\ 2019

والقصيدة الاخرى الناقضة للشاعر اليماني على احمد باكثير الحضرمي يرد بها على نزار قباني لينقض قصيدته ومطلعها :


القوافي كما اشتهيت نســــــاءُ والتعــــابير كلها حّنـــــــــــا ءُ

يقول الشاعر علي باكثير الحضرمي :



القوافي كما اشتهيت نســــــاءُ والتعــــابير كلها حّنـــــــــــا ءُ


عجباً، من يكون؟ ليث من الأرز
(م) عقابٌ... لبؤة.. عنقــــــــاء

قدرٌ في أواخر الدهــــر يأتي
قدرة تنهض الرميم، قضــــاء

جئت أسعى وفي الجوانح شوق
رف جفنٌ به وطال رجـــــــــاء

حائر الظلّ، أسأل الركب: أين
الليث؟ أين الخرّيدة العصماء؟

فأشاروا، فأقبل الليث نحوي
فإذا الليث نملة عرجــــــــاءُ

أكل الحبّ قلبه والبقايــــــا
لحستها قبل الجهاد النســــــاء

مسترق له خبيئة عبدٍ نصفه
شـــــهوة ونصــــــف إنـــــــاء

جلّ جرح الحسين عنْ جرح
ماخورٍ، وجلت عن مثله كربلاء

هو جرحٌ يمشي على قدميه
ســــبق الحاءَ في التلّفظ راء

كل بيت لولا المجانة أمسى
جحفلاً كل جنده شــــــهداء

كيف تنسا ه يا عراق على
الرملة يلهو وحوله الأتقياء

كيف تنساه مخدعاً وضجيعا
يتملى فيحتــــوي ما يشــــاء

يا كثير البكاء أسرفت في الدمع
رويداً ماذا أعاد البكــــــــــاءُ؟

أنت تبكي حرّيّة ســــــرقوها
منك فالحبّ في النحيب شفاءُ

تلك حرية الســــــــــفاح فمهلاً
ليس للعهر عندنا خلفــــــــاءُ

عشت خمسين سبّة ليس فيها
من كريم الخصال زيت يضاءُ

نرفض الشعر كيمياء وسحراً
قتلتنا القصــــيدة الكيميـــــاء

في فمي، يا عراق، ماءٌ كثيرٌ
كيف يشكو من كان في فيه ماء؟

ليس يبغي سوى الحوار نظيفاً
حركته الأصـــــــابع الكيميـــــاء

في فم الضيف يا عراق ميــــاهٌ
كيف يحكي من كان في فيه ماء؟

سقطت في الوحول كل الفصا
حات ومات الخليل والفــــرّاء

إن يُطلْ شتمَ عرضهمْ منـــــه
ما شاءت الإناث وشــــــاؤوا

لم يبالوا، لم يغضبوا، لم يثوروا
أغلب الظنّ أنهم ظرفـــــــــــــاء

باســــــــم دينٍ محمـــــديّ تنادت
لا قبيـــــل لهـــــــا ولا أســــــــماءُ

هكذا حرّر الألى حرم القــــــدس
فعزّ (المسيحُ) و(العــــــــذراءُ)

هو طفل فهل يضيرك طفــــلٌ
نصف قرن من عمره استخذاء؟

عشت يا ســـــــبّة الزمان على
الفصحى، ومات الخليل والفرّاء

يا فلسطين من أضاعك منّا
أصحيح أضاعك الأولياء؟

ليس كالدين قوٌة تقدح الثأر
(م) فتعنو لناره الهيجـــــاء

كلّ سيف يُسلّ يهتف بسم الله
عوناً فتستجيب الســـــــماء

من ثرى كل بقعة تهب الأرضَ
(م) بنيها فتسمع الأصـــــداءُ

(وا نبيّاهُ) صرخةٌ صُدِعَ الباطلُ
منها، ورنّت الأرجـــــــــــــــاءُ

من يعير الفتى الغرير فــــــؤاداً
لا (نــــــــوار) به ولا (عفراء)

إنه أزمع الجهاد وحسب المرء
عزم من بعده اســـــــــترخاء




************************


الشاعر على باكثير انتصر للشعراء وللامة العربية وشعبها حينما راى نزار قباني مسهب بالهجاء اللاذع فوصفه بشاعرالمراة والفتى المغرور والهجين وغراب السوء ومثله بشمع يذيبه الاحماء وكثير من هذه الامور والاقذاع المؤذي . والحقيقة ان نزار قباني ولد عام \ 1923 ولما قال قصيدته هذه قد بلغ السادسة والاربعين من العمر مكتمل الشخصية الشعرية لكنه كله تقريبا قاله في النساء والعلاقات النسوية والشوق والحب والشهوة والجسد النسوي او قل في الغزل ونشوة الجسد الا ما ندر. ثم القى قصيدته هذه كانما انبعث فيه مارد الوطنية انبعاثا . مما حدى بالشاعر الحضرمي علي باكثير ان يرد عليه ردا عنيفا كما كان يفعل جرير في نقائضه في الرد على الشعراء في العصرالاموي .

ولا اريد ان انقد ما قاله الشاعران - رحمهما الله واسكنهما فسيح جناته - فلكل منهما رايه الخاص في الرد والنقض وكاني اترك الامر للقارئ الحصيف – ليوازي بين الشاعرين وما قاله كل منهما للاخر والاعتر اض عليه او نقضه . وما كان في حياته منذ نعومة اظفاره حتى وفاته فقد قال نزارقباني قصيدته وعمره ست واربعين سنة ورد عليه باكثير وعمره تسع وخمسين سنة ثم ان الشاعر علي احمد باكثير قد توفى بعد ما رد على نزار قباني باشهر .اي في عام 1969 بينما عمّر نزارقباني بعد ه كثيرا حيث توفى عام \ 1998




********************************










https://falih.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى