اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني

الحضارة الاسلامية باشراف المهندس خالدصبحي الكيلاني والباحث جمال الدين فالح الكيلاني


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

ملامح التجديد في الشعرالعربي الجزء الثاني - ملاح التجديد في الشعرالاندلسي

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

فالح الحجية

فالح الحجية
Admin





ملامـح التجديـــد

في الشـــعـرالعـــــربي




الجــزء الثاني



اميــــر البيــــــــــان العــر بي
الدكتـــــور فـالــح نصيــف الكيـــــــلاني











ملامح التجديد في الشعر الاندلسي

.
ولما كان الشعر متأصلا في نفوس العرب وعواطفهم كغريزة فيهم فقدعبر الشعر معهم البحر الى البلد الجديد وليجد مناخا طبيعيا رائعا رائقا لم بجدوا مثله في البلاد التي قدموا منها حيث وجدوا الجمال و البهاء والخضرة الدائمة والرياض الغناء والورود في الصيف والشتاء سواءا في الجبال او السهول او ضفاف الانهار الجارية وكثرتها مما اوقد جذوة الشعروزاد في تاملاتهم والثقافة في نفوسهم فشعروا بالهجة والحياة الجديدة وانتشر فيها الشعر الا انه طغت عليه الصفة التقليدية العربية في البدء ثم بدء التاثر في المجتمع الاسباني والطبيعة الاندلسية الجميلة فتحولت الا ندلس الى جنة الله في الارض . .
و افتخر العرب في بلاد الاندلس بانسابهم واحسابهم كما كانوا في المشرق وها جرت معهم كل امورهم حتى عصبيتهم القبلية بين العدنانية والقحطانية وانتشرت كما مدحوا اقوامهم وخلفاءهم وامراءهم وهجوا اعداءهم والمنافسين لهم فكان الشاعر الاندلسي اول ذي بدء مقلدا للشاعر العربي في المشرق ويحذو حذوه ويسيرعلى نسقه فقلد ابن زيدون في شعره ا لبحتري وقلد ابن هانىء الاندلسي الشاعر الكبيرالمتنبي فقيل له متنبي الاندلس .

ظهر الشعر في الأندلس في ظروف تختلِف عما في المشرق، ظروف تتَّصل بطبيعة الارض الأندلسية وتنوُّعها والعناية بمواطن جمالها، وأخرى متَّصلة بالتكوين الثقافي والنفسي للمجتمع الاندلسي، فلأوَّل مرة يلتقي العربي مع أجناس مختلفة: قوطية و لاتينيَّة وبربريَّة ويهوديَّة ومسيحية وعلى أرض واحدة، وتعايشت ابتداءا تحت سمائها الأدْيان السماوية الثلاثة: الإسلام والمسحية واليهودية ، فكان لاول مرة يسمع صوت المؤذن إلى جانب رنين أجراس الكنائس والبِيَع، وتتكلم الناس بالعربيَّة إلى جانب الأمازيغية، والإسبانية وفي مرور الزمن تبلورت في بوتقة واحدة لتكون العربية هي اللغة العامة لهذه البلاد وتذوب كل اللغات الاخرى فيها الا نادرا الا في الاصقاع البعيدة او في البدان المجاورة او على حدودها وانشر الاسلام في كل اصقاعها الا ماندر.

انتشر الشعر العربي في بلاد الاندلس بعد ان دخل فاتحا مع الفاتحين العرب وسار معهم اينما توجهوا فبلغ ايطاليا وبحر الادرياتيك ووصل الى جزيرة صقلية وجزيرة مالطة بل وفي كل بقعة او من جزر البحر الابيض المتوسط وحتى سواحل الاطلسي . فالجميع تتكلم العربية وتكتب فيها وهنا اعتبرت اللغة العربية اللغة الرسمية لهذه البلاد وودونت فيها ثقافتها وعلومها وادابها وخاصة الشعر فازدهر في كل مكان صار اليه ووجد فيه لجزالته ورقة اسلوبه ووضوح معانيه وخاصة انه نظم في هذه الاصقاع الجديدة الغناء بين الخضرة الدائمة والجو اللطيف وقد اكثرالشعراء من وصف هذه الديارالجديدة ورياضها فهذا الشاعر ابن سهل الأندلسي في قصيد ته المشهورة بالرداء الأخضر يقول :

الأرض قد لبست رداءاًأخضـرا
والطـل ينثر في رباها جـوهرا

هاجت فخلتُ الزهر كافـورا بها
وحسبتُ فيها الترب مسكا أذفرا

وكأن سوسـنها يصافـح وردها
ثغر يقبـل منه خـداً أحمـرا

والنهـر ما بين الريـاض تـخاله.
سيفا تعلق في نجـاد أخضرا

و يقول الشاعر الوزير ابن الحمارة الأندلسي:

لاحَتْ قُرَاهَا بَيْنَ خُضْرَةِ أَيْكِهَا
كَالدُّرِّ بَيْنَ زَبَرْجَـدٍ مَكْنُـون

ويقول الشاعر لسان الدين بن الخطيب في وصف غرناطة :

غِرْنَاطَةٌ مَا لَهَــــــا نَظِيرٌ
مَا مِصْرُ مَا الشَّامُ مَا العِرَاقُ

مَا هِيَ إِلاَّ العَرُوسُ تُجْلَى
وَتِلْكَ مِنْ جُمْلَةِ الصَّدَاقِ


ويقول الشاعر ابن سفر المريني متغنِّيًا بالأندلس ومواطن الجمال فيها:

فِي أَرْضِ أَنْدَلُسٍ تَلْتَذُّ نَعْمَاءُ
وَلا يُفَارِقُ فِيهَا القَلْبَ سَرَّاءُ

وَلَيْسَ فِي غَيْرِهَا بِالعَيْشِ مُنْتَفَعٌ
وَلا تَقُومُ بِحَقِّ الأُنْسِ صَهْبَاءُ

وَأَيْنَ يُعْدَلُ عَنْ أَرْضٍ تَحُضُّ بِهَا
عَلَى المُدَامَةِ أَمْوَاهٌ وَأَفْيَاءُ

وَكَيْفَ لا يُبْهِجُ الأَبْصَارَ رُؤْيَتُهَا
وَكُلُّ رَوْضٍ بِهَا فِي الوَشْيِ صَنْعَاءُ

أَنْهَارُهَا فِضَّةٌ وَالمِسْكُ تُرْبَتُهَا
وَالخَزُّ رَوْضَتُهَا وَالدُّرُّ حَصْبَاءُ


فالسماحة التي ظلَّلت المجتمع الأندلُسي وبعده عن التعصُّب المقيت، لعِبت دورًا كبيرًا في خلق التَّعايُش والتَّجانُس بين سكَّان الأندلس، كان أثره المباشر على الشِّعْر الأندلسي .

لقد انتشر الشعر العربي في الاندلس حتى وصل الى منتهاه في الرقي والتطور في زمن ظهور دول الطوائف حيث ان كل امير جمع حوله الادباء والشعراء وبذلك حصل الشعر العربي في الاندلس على مكانة عظيمة وثروة ادبية كبيرة نتيجة هذا التنافس بين الا مراء والشعراء و الطبيعة الخلابة التي بهرت الفكر العربي وبالاخص الشاعر العربي فابدع فظهرت نتيجة هذا الابداع معان جديدة واساليب جديدة متطورة ومتمدنة وظهر الموشح في الشعر والذي لا يزال يعد مفخرة من مفاخر الشعر العربي في الاندلس .

مر الشعر الأندلسي بأطوار ثلاثة: فكان منذ الفتح حتى أوائل القرن الخامس الهجري يمثل شعر التقليد لأدب المشرق، ولم يكن التقليد عجزاً عن الابتكار، وإنما شعور بالانتماء إلى الأصل كشعر ابن عبد ربه، وابن هانئ وابن شهيد، وابن دراج القسطلي.

ونلاحظ في هذه الاطوار ان الاول يمتدّ طيلة العهد الأموي و تستغرق نحواً من ثلاثة قرون.وفيها الشعراء و الكتاب الذين ظهروا فى هذه الفترة كانوا شديدي الصلّة بأرض المشرق الّتي انطلقوا منها ومنهم العراقي والحجازي ,والشامي و اليمنى وكلّ منهم يحن إلى الربوع الّتي فارقها. فاذا الشعراء الأولّون يتّغنون بارض نجد و بلاد الشام و اليمن و ينظمون قصيدهم على نحو ما كان اهل الشرق ينظمون. و لقد ظهر التقليد فى كلّ شيءٍ, فى المعاني و الأساليب و الأخيلة و الصورالشعرية و الموضوعات مثل المديح و الهجاء و الرثاء و الغزل .

الا انه ظهر جيل اخر ترسم شعراءه خطى من سلفهم لأنّهم كانوا شديدي التأثر بهم و لم تكن الفترة الزمنيّة كافيّة لأنّ تجعلهم يذوبون فى البيئة الجديدة, فقد ظلوا يحسون انّهم غرباء, و ظلّت صلتهم بالمشارقة و حنينهم الى مسقط رؤوس ابائهم حاضرة. فنسجوا على منوالهم فى الاوزان و الأغراض و المعاني و الأساليب لكنّهم يقصرون عنهم تقصير المقلّد عن المبدع. وكان ذلك واضحا فى شعر ابن هانئ الاندلس و ابن عبد ربه و ابن درّاج القسطلى بحيث كانت مطالع قصائدهم غزليّة تقليديّة وفيها وصف للطلول و الصحراء و خيام البدو وحتى الناقة .

لكن ليس طبيعيّا أن يظلّ تقليديّا عدة قرون تقريباً, لولا أن شعراء الأندلس كانوا شديدي المحافظة على التقليد القديم, لشعورهم بالضعف حيّال المشارقة و لكثرة ما اهتدى اليه شعراء المشرق من وجوه الإجادة و الإبداع . فكان هولاء الأندلسيون يحاولون تقليد ابي نواس و مسلم بن الوليد و ابي تمام و البحتري و المتنبّي و سواهم من فطاحل الشعراء في المشرق العربي فى تلك الفترة من الزمن..

و مما امتازت به هذه المرحلة أيضا النشاط اللغوي فقد بذ ر العرب الأولون القادمون من المشرق بذورها و تعهدها على سبيل المثال ابو على القالي بالعناية فتتلمذ بعض الاندلسيين علي يديه وتخرج على يديه لفيف من الأدباء و اللغويين امثال ابن القوطيّة مّؤلف كتاب ( الأفعال) و ابن السيّد البطليوسى صاحب كتاب (الأقتضاب) و أبي بكر الزبيدي صاحب كتاب ( أخبار النحويين) وغيرهم كثير.

اما الطور الثاني فهو طور التجديد وفيه ادرك الأندلسيون خلالها شخصياتهم و تحقق لهم التأثر الفعلي بالبيئة الأندلسية وانماط الحياة فيها و تعمّقت جذورالثقافة العربية فى أراضيهم. و هكذا ظهرت ملامح التجديد فى كلّ من الشعر و النثرعلى حد سواء من غيران يزول التقليد زوالاً نهائيّاً الا انّ تقليد الشعراء الاندلسيين للمشارقة المجددين هو ذاته لا يخلو من تجديد ولعل أبرز مظاهر التجديد فى الشعر الأندلسي بأنّ تلك الفترة تتجلّى فى العناية بالشكل, وقد فهموا ان الشعر عمليّة غنائيّة فنّية فصرفوا اهتمامهم الى الموسقي و سهولة الألفاظ و رشاقة التعبير و خفّة الوزن حتّى بات الشعر الأندلسي فى هذه المرحلة يمتاز عن الشعرالعربي في المشرق بسهولة اللفظ وأشراق الديباجة و قرب المتناول, بحيث ان الأندلسيين بهذه الحقبة نسوا اوطان ابائهم و اجدادهم و راحوا يصفون بيئتهم وما فيها من خصب و جمال ونضارة خضراء و تعلّقوا بها تعلّقا زاده حدّة ما كانوا يلقونه من عيون تتفتّح على تلك الجنان و اطماع تمتدّ الى معاقل العرب فى الأندلس. فكان الشاعر ينفعل اشدّ الأنفعال لمرأى الأرض الّتي ترعرع عليها و تكوّنت ذكرياته ايام الصبّا والشباب بين حنايها فيغنيها لسانه بغناء عذب رقيق فيصوّر مفاتن البلاد ومحاسنها .


اما الطور الاخر اوالمرحلة الثالثة فهي مرحلة التجديد وتعني المرحلة الأخيرة من نهضة الشعر الأندلسي, حيث بلغ فيها ذروته. وفيها تحررالشعرالاندلسي من تقليد الشعر في المشرق العربي كل التحرر, وصارت له اساليبه ومعانيه وصوره الشعرية المنبعثة من افكار ومخيلات الشعراء الاندلسيين وفنونه الخاصة به والمستمدة من الحياة الاندلسية الخالصة, كشعر الموشحا ت ورثاء المدن و الشعر الغنائي, والاستنجاد وكل فنون الشعر الاخرى …

أنَّ اكتمال الشَّخصيَّة الشعرية الأندلسيَّة لم يؤدِ ّ إلى إثبات الوجدان الأندلسي المستقل فحسب؛ بل ساهم بشكْلٍ كبير في ظهور إبداع أندلسي أصيل شهِدته الأندلس، متمثِّلٍ في الموشَّحات والزَّجل، باعتبارهما فنَّين جديدين في الشعر الاندلسي ثم العربي ، فهما يعدان من ثمار التطور الأندلسي.

وقد صور الشعراء بيئتهم الرائعة ، وبرزت العوامل الأندلسية الذاتية كما في شعر ابن عبدون، وابن خفاجة، وابن سهل، وأبي البقاء الرندي، وابن خاتمة الأنصاري، ولسان الدين بن الخطيب، وابن زمرك، ويوسف الثالث ملك غرناطة، وابن فركون، وعبد الكريم البسطي.

بسبب هذه محاكاة شعراء الاندلس للشعراء العرب في المشرق وتتبعهم أساليبهم ومعانيهم فقد تكنوا باسمائهم فقيل للرصافي ابن الرومي الأندلسي، ولابن دراج متنبي المغرب، ولابن هانئ الاندلسي متنبي الأندلس، ولابن زيدون بحتري الأندلس.

وكانت ظاهرة الانتقاء من التراث من خصائص الأدب الأندلسي، فكانوا يضمنون قصائدهم أقوال الشعراء قبلهم وأشعارهم وأمثالهم وكل ما صادف هوى في نفوسهم. ولقييت حركة التجديد صدى واسعا مستحباً في نفوس الأندلسيين، فلم يتقيد أغلب الشعراء بالاساليب الجاهلية او القديمة ومعانيها وأوصافها وقد نفروا من الألفاظ الوحشية والغريبة عليهم إلى الألفاظ المأنوسة الرقيقة، وكانت القافية الواحدة، وأوزان العروض الستة عشر ومثلها أكثر المعاني والأساليب المتوارثة في الشعر التقليدي في الأندلس .

وقيل سمي موشحاً لأناقته وتنميقه على غرارالوشاح الذي تتشح فيه المرأة في زركشته وتنسيقه . فالموشحا ت سميت بذلك لأن تعدد قوافيها على نظام خاص ولها جرساً موسيقياً لذيذاً ونغماً حلواً تتقبله الأسماع فتطرب ، وترتاح له النفوس فتسمو، وقامت القوافي فيها مقام الترصيع بالجواهر واللآلئ في وشاح المراة . فلذلك أطلق عليها (الموشحات) أي الأشعار المزينة بالقوافي المختلفة والأجزاء الخاصة، ومفردها موشح وتعني انها منظومة موشحة أي مزينة ولهذا فلا يقال للموشح قصيدة موشحة لأن لفظ القصيدة خاص بالشعر المنظوم في البحور الستة عشر المعروفة .

ثم انتقلت الموشحات الى المشرق العربي مرة اخرى بعد انتشارها الواسع في بلاد الاندلس وقد اتخذ هذا التأثير صورة خاصة في الحجاز والعراق حين ازدهر فيهما الغناء والموسيقى ، وكذلك اتخذ هذا التأثير صورة مغايرة في الأندلس حين ازدهر فيها الغناء والموسيقى وربما أن الأندلسيين أحسوا بقلة انسجام القصيدة الموحدة إزاء الألحان المتنوعة، وشعروا بجمود الشعر في ماضيه التقليدي الصارم أمام الانغام الجديدة في حاضرها التجديدي المرن، وأصبحت الحاجة ماسة إلى لون من الشعر جديد يواكب الموسيقى والغناء في تنوعها واختلاف ألحانها ومن هنا ظهر هذا الفن الشعري الغنائي الذي تتنوع فيه الأوزان وتتعدد القوافي، والذي تعتبر الموسيقى أساساً من أسسه فهو ينظم ابتداء التلحين والغناء ونتيجة لظاهرة اجتماعية .

و كان الفضل لابن سناء الملك المصري في ذيوع فن الموشحات في مصر والشام وهو صاحب الموشح المعروف :

كللي يا سحب تيجان الربى بالحلى

و اجعلي سوارها منعطف الجدول

ويتكون الموشح من أجزاء ولكل جزء من هذه الأجزاء اسم يميزه عن غيره ولمعرفة هذه الاجزاء سنقوم بتحليل هذه الموشح القصير لابن مهلهل الاندلسي في وصف الطبيعة ً


الاساليب الشعرية في الاندلس تتشابه مع الاساليب الشعرية في المشرق العربي في بداية تكوين الدولة الاندلسية وتختلف عنها باختلافات بسيطة باختلاف شخصية الشاعر.

وعلى العموم كان هناك اسلوب رصين ومتين بنى عليه الشعراء قصائدهم دخلت عليه بعض من كلمات غريبة الا انه بقي جزل العبارة فخم اللفظ شديد سميك البناء .

الا ان الشعراء تاثروا بالامم الغربية بعد اطلاعهم على عاداتهم وتقاليدهم وتغيير البيئة عليهم والشعراء اول الناس يتغيرون ويتاثرون بمثل هذه الامور ويهيمون بمثل هذه الاشياء فادى هذا التغير الى تطور اساليب الشعر فتطور الاسلوب الشعري الغنائي اولا وما ل الشعراء الى التحرر من القيود الشعرية والانطلاق منها فكانت هناك قصائد في الشعر في الاسلوب السهل والتفعلية القصيرة او المشطورة او قل قطعت تفاعيل الخليل الى النصف في بعض الاحيان او الى الربع وحسب الحاجة وموازنة الموسيقى الشعرية الغنائية حيث ظهر الموشح في الشعر العربي في الاندلس واقتبسه الغربيون بعد عشرات السنين والموشح موسيقاه من الاوزان الشعرية المألوفة في الشعر العر بي توشحت اواخره اما بقواف ثنائية او ثلاثية واما بجمل متحدة القافية ومتوازنة المعنى .

اما اساليب الشعر العربي في الاندلس على العموم سهلة رقيقة مفهومة المعنى جعلت الشعراء ينظرون الى التقدم والتحضر والرقي ويلقون بانفسهم في مهاوي الحياة السعيدة المؤطرة بالرفاهية وسبل العيش الهني ينشدون للحياة المرفهة بين الروضة والجنة وبين الغنوة والرقصة واللحن الجديد او بمعنى اخر ينشدون ما يبهج النفس وفق ما املته الطبيعة الاندلسية الخضراء فتركت هذه الطبيعة ثروة شعرية ما زالت تطوي الايام وتقف كالجبل الشامخ في وجه كل الصروف الدهرية والاحداث الجسيمة بقصائدها العصماء التي هي من عيون الشعر العربي ولا تستطيع ان تطويها الايام او تغير من مكانتها الادبية والثقافية رغم مرور مئات السنين .

وعلى العموم فان الشعر الاندلسي يتميز بميزات كثيرة منها سهولة الالفاظ وسلاسة التركيب ووضوح المعاني كما ظهر في شعر الشعراء وفي حركة التجديد في الشعرالعربي في بلاد الاندلس مثل الموشح وذلك لجمال الطبيعة الاندلسية وسعة خيال الشعراء بهذه الطبيعة وافتتانهم بها فقد رق الشعر وكثرت التشبيهات البديعية والتوليدات الكلامية العجيبة فجاء ت قصائدهم رائقة التحلية فائقة التورية بديعة التنسيق.

ومن المثير جدا كثرة الشاعرات الاندلسيات بالقياس الى عددهن في المشرق العربي ومفاده ما تتمتع به المراة الاندلسية من علم ومعرفة وحرية شخصية فمنهن على سبيل المثال - عائشة القرطبية وولادة ابنة الخليفة المستكفي وحسان التميمية و حفصة الحجازية وحمدونة بنت زياد وغيرهن كثير .

وستبقى هذه القصائد وذلكم الشعراء يذكّروننا ان العرب فتحوا بلاد الاندلس وعمروها واقاموا فيها حضارة عربية لم تكن موجودة في المجتمع الاوربي كله واصبحت هذه الحضارة رافدا من روافد النهضة الاوربية الحديثة وسببا من اسباب تقدم الانسانية في الماضي والحاضر والمستقبل .

فالشعر العربي في الاندلس ما هو الا امتداد للشعر العربي في المشرق فقد تشابهت معاني الشعر الاندلسي اول الامر و معاني الشعر العربي في جميع مناحي الحياة والامور التي قيل فيها فكأنه هو, فكان هناك شعر عالى النشأة شريف المعاني نشأ بجانبه شيء من شعر المجون والابتذال والخلاعة اوجدته الطبيعة الاندلسية الا انه قليل وبمرور الوقت دخلت حركة التجديد الى الشعر الاندلسي كما دخلته في الشعر العربي المشرقي و غالى الشعراء في المدح الى حد ان اتوا بالمستحيل وغير المأتي به في وصف الممدوح في المشرق غير انه بعد الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد وتمركز الحكم فيها واحساس الشعراء بتغيير البيئة والمجتمع انعكس ذلك في شعرهم فرق ولطف وابتعدوا عن البدوية التي كانوا عليها الى شعر محدث جديد وكان للطبيعة ومشاهدها الجميلة الحضور العظيم في الشعر العربي الاندلسي فتبدلت الطبيعة الصحراوية الجافة بطبيعة خصبة خضراء قد افاض عليها الله كل نعم الحياة و الجمال وحباها بما شاء من خير ونعم بين الخضرة واريج الورود وظلال وارفة وطبيعة غناء تسر الناظرين وتفتح القلوب وتبهج النفوس مقرونة بالجمال الخلاب وجو رائق رائع وجميل لينشد الشاعر قصيدته فيها بل هي القصيدة ذاتها .

هناك العديد من الإضافات التي أخذها العرب من الأندلس ، كما أنهم أضافوا لها الكثير أيضًا ؛ فكانت هناك عملية تأثير وتأثر ، ولكن الشعر الأندلسي كان مستقلًا عن الشعر في المشرق ؛ حيث أضاف الأندلسيون وجددوا في الشعر ، ومن أهم هذه المظاهر :

اختيار الألفاظ السهلة التي تتميز بالعذوبة والرقة وسلامة التراكيب من التعقيد والإغراب .تمسك الشعر الأندلسي باللغة الفصحى دون أي تدخل من اللغات الأجنبية مثل الهندية والفارسية

تطور الشعر في الأندلس عن الشعر المشرقي من حيث الغرض ؛ حيث اهتم بوصف الطبيعة ورثاء الممالك والمدن الزائلة ظهور الموشحات التي أجمعت المصادر أنها فن أندلسي ؛ حيث أنها نشأت هناك حتى اكتملت النمو ؛ لينتقل هذا الفن إلى المشرق بعد فترة زمنية طويلة ، وقد أُطلق عيه اسم الموشح نسبةً إلى الوشاح المستخدم لزينة المرأة ، وتتوالى فيه الأقفال المتشابهة في الوزن والقافية ، وكذلك تتوالى الأغصان التي تتشابه في الوزن بين كل قفلين ، وهناك قافية داخلية خاصة بكل غصن ، واتصفت الموشحات بأنها فن شعبي لأنها جاءت بغرض إرضاء عامة الشعب ، وكانت تستخدم اللغة العامية في بعض الفقرات الخاصة بها .

ظهر كذلك أحد فنون الشعر المعروف باسم الزجل الذي نشأ في بلاد الأندلس لينتقل إلى بلاد المشرق فيما بعد مثل الموشحات ، وكان ظهوره في نهاية القرن الخامس عشر الهجري ، والزجل يعني في اللغة بأنه الصوت على اختلاف مصادره ، ويُعرف كذلك بأنه الغناء أو الطرب.

تطورت الأغراض الشعرية كثيرًا في الأندلس ؛ حيث ظهر هناك ما يُعرف باسم شعر الحنين الذي تولد نتيجة الشعور بمرارة الغربة والحنين إلى الأهل والأحبة.

ازدهرت الحياة العلمية في بلاد الأندلس ، وهو ما أثر في الشعر ؛ حيث قام بعض الشعراء بنظم القصائد في بعض المعارف والعلوم المعروفة آنذاك ، وكان ذلك بهدف سهولة دراستها وحفظها ، واستمر هذا النوع في التطور عند بعض الشعراء مثل ابن عبد ربه.

وكان لاتصال العرب بالغرب نتيجة هذا الفتح المبارك وتطلعهم على عاداتهم وتقاليدهم ان اثر في تقدمهم , فكان الشعر الاندلسي رقيق الحواشي رفيع المعاني رقيق الشعور الشعري عذب الالفاظ بديع الاساليب واضح البيان في تعبيره وما يسمو اليه . فترنم الشاعر الاندلسي بكل مايحس به وما تفرضه عليه ظروف الحياة الحلوة الجميلة التي يعيشها والطبيعة الغناء من ابتكار وتصور في المعاني ورقتها وانتقاء الكلمات الخفيفة الرقيقة في النفس والخيال الواسع والتاثير في الاخرين .

ونتج عن هذا التطور الكبير التجديد في الشعر في قصيدته واسلوبه ومعانية وفنونه وايجاد نوع جديد من الشعر اسموه (الموشحات) واحدها ( موشحة ) واخر اسموه (الزجل) .

وحالة اخرى مستجدة في الشعر الاندلسي هي حالة الانشقاق في البلاد الاندلسية وظهور دويلات الطوائف بدلا من دولة واحدة مستقرة قوية وتفرقوا ليقع الجميع في قبضة اعدائهم اذ قضوا عليهم بايجاد النزاع فيما بينهم ويث الفرقة و التطاحن بين هذه الدويلات والممالك فاقتتل الاخوة فيما بينهم شديدا وطويلا حتى اذا ضعف الجميع احاطوا بهم من كل صوب فقضوا عليهم

وافضل ما انتشر في هذه البلاد وظل تراثا خالدا هو الشعر العربي اذ تطور فيها كثيرا بحيث كان فيها الاف من الشعراء فيهم فحول الشعرالعربي كابن زيدون والمعتمد بن عباد وابن عبدون وغيرهم كثير فكل شيء ذهب وتلاشى الا الشعر الاندلسي فلا زال وسيبقى نبراسا للشعر العربي .

ان السمة و الحالة الافضل لدى الشعراء العرب قديما وحديثا انهم يحنون الى ماضي مجد امتهم فقد ذهبت الاندلس وعادت لتنام في ظلم وغياهب الجهل الاوربي انذاك وشرد العرب وقتلو ا شر قتل لامثيل له في التاريخ الا انهم احتفظت ذاكرتهم بمجد هذه البلاد وكيف عمروها اكثر من اهلها الاصلاء وذكرالشعراء كل صغيرة وكبيرة في قصائدهم وموشحاتهم التي اضحت من روائع الادب العربي بل والعالمي ايضا .

بعد ضياع الاندلس وجد في الشعر غرض جديد او قل فن جديد من فنون الشعر الا وهو رثاء الاتدلس او هو بالاحرى رثاء الممالك والمدن وكا ن هذا الفن من اهم الاغراض الشعرية حيث كان مواكبًا لحركة الإيقاع السياسي راصدًا لأحداثه مستبطنًا دواخله ومقومًا لاتجاهاته.

وكان قد ا ثبت سلبيات المجتمع الأندلسي بسبب ما انغمس فيه الناس في حياة اللهو والترف. فالصوت الشعري لرثاء الأندلس يخالف الأصوات الشعرية الأندلسية الأخرى التي ألفها أهل الأندلس في الموشحات ووصف الطبيعة و في الغزل وبقية الأغراض الأخرى. فقد كان سقوط مدينة( طليطلة) في أواخر القرن الخامس الهجري بداية المأساة؛ فهي أول بلد إسلامي يدخله الفرنسيون وكان هذا يمثل مصابا عظيما هزّ النفوس هزًا عميقًا. يقول شاعر مجهول يرثي طليطلة في قصيدة مطلعها:

لثُكلكِ كيف تبتسم الثغور
سرورًا بعدما سبيت ثغور

طليطلة أباح الكفر منها
حماها إنّ ذا نبــأ كبـــير

استوقفتني ثلاث قصائد _ وانا اراجع ماعندي بغية الكتابة عن تجديد الشعر في الاندلس _ تعد من روائع الشعرالعربي وهزتني هزا عنيفا فاثرت نشرها هنا استكمالا لبحثي عن الشعرالعربي في بلاد الاندلس ولتكون خاتمة له.

اما الاولى فهي للشاعر عبد المجيد بن عبدون أبو محمد الفهري فقد روي عن أبي عاصم بن أيوب وأبي مروان بن سراج والأعلم الشنتمري ان ابن عبدون توفي سنة عشرين وخمسمائة هجرية وكان أديبا شاعرا كاتبا مترسلا عالما بالخبر والأثر ومعاني الحديث وقد أخذ الناس عنه وله مصنف في الانتصار لأبي عبيد على ابن قتيبة ومن شعره قصيدته الرائية التي رثى بها ملوك بني الأفطس اذ يحشد ابن عبدون الكثير من أحداث التاريخ وتقلباته ويحكي ما أصاب الدول والممالك من مآسٍ ومحن متخذا من ذلك سبيلا للعظة والتأسي. وتمتاز القصيدة على طولها بحدسية تاريخية شعرية قوية وعاطفة جياشة يقول فيها:

الدهر يفجع بعد العين بالأثر
فما البكاء على الأشباح والصور

أنهاك أنهاك لا آلوك موعظة
عن نومة بين ناب الليث والظفر

فالدهر حرب وإن أبدى مسالمة
والبيض والسود مثل البيض والسمر

ولا هوادة بين الرأس تأخذه
يد الضراب وبين الصارم الذكر

فلا تغرنك من دنياك نومتها
فما صناعة عينيها سوى السهر

ما لليالي أقال الله عثرتنا
من الليالي وخانتها يد الغير

في كل حين لها في كل جارحة
منا جراح وإن زاغت عن النظر

تسر بالشيء لكن كي تغر به
كالأيم ثار إلى الجاني من الزهر

كم دولة وليت بالنصر خدمتها
لم تبق منها وسل ذكراك من خبر


وأوثقت في عراها كل معتمدٍ
وأشــــــرقت بقذاها كل مقتدر

وروعت كل مأمون ومؤتمن
وأسلمت كل منصور ومنتصر

وأعرثت آل عبّاد لعاً لهم
بذيل زباء لم تنفر من الذعر

بني المظفر والأيام لا نزلت
مراحل والورى منها على سفر

سحقاً ليومكم يوماً ولا حملت
بمثله ليلة في غابر العمر

من للأسرة أو من للأعنة أو
من للأسنة يهديها إلى الثغر

من للظبي وعوالي الخط قد عقدت
أطراف ألسنها بالعي والحصر

وطوقت بالمنايا السود بيضهم
فأعجب لذاك وما منها سوى الذكر

من لليراعة أو من للبراعة
أو من للسماحة أو للنفع والضرر

أو دفع كارثة أو ردع آزفة
أو قمع حادثة تعيا على القُدر

ويب السماح وويب البأس لو سلما
وحسرة الدين والدنيا على عمر

سقت ثرى الفضل والعباس هامية
تعزى إليهم سماحاً لا إلى المطر

ثلاثة ما أرى السعدان مثلهم وأخبر
ولو غززوا في الحوت بالقمر

ثلاثة ما ارتقى النسران حيث رقوا
وكل ما طار من نسر ولم يطر

ثلاثة كذوات الدهر منذ نأوا عني
مضى الدهر لم يربع ولم يحر

ومر من كل شيء فيه أطيبه
حتى التمتع بالآصال والبكر

أين الجلال الذي غضت مهابته
قلوبنا وعيون الأنجم الزهر

أين الإباء الذي أرسوا قواعده
على دعائم من عز ومن ظفر

أين الوفاء الذي أصفوا شرائعه
فلم يرد أحد منها على كدر

كانوا رواسي أرض الله منذ مضوا
عنها استطارت بمن فيها ولم تقر

كانوا مصابيحها فمذ خبوا عثرت
هذي الخليقة يا لله في سدر

كانوا شجى الدهر فاستهوتهم خدع
منه بأحلام عاد في خطى الحضر

ويل أمه من طلوب الثأر مدركه
منهم بأسد سراة في الوغى صبر

من لي ولا من بهم إن أظلمت
نوبٌ ولم يكن ليلها يفضي إلى سحر

من لي ولا من بهم إن عطلت
سنن وأخفيت ألسن الآثار والسير

من لي ولا من بهم إن أطبقت محنٌ
ولم يكن وردها يدعو إلى صدر

على الفضائل إلا الصبر بعدهم
سلام مرتقب للأجر منتظر

يرجو عسى وله في أختها أمل
والدهر ذو عقب شتى وذو غير

قرطت آذان من فيها بفاضحة
على الحسان حصى الياقوت والدرر

سيارة في أقاصى الأرض قاطعة
شقاشقاً هدرت في البدو والخضر

مطاعة الأمر في الألباب قاضية
من المسامع ما لم يقض من وطر

ثم الصلاة على المختار سيدنا
المصطفى المجتبى المبعوث من مضر

والآل والصحب ثم التابعين له
ما هب ريح وهل السحب بالمطر


اما القصيدة الثانية فهي نونية أبي البقاء صالح بن يزيد بن صالح بن موسى بن أبي القاسم بن علي بن شريف الرندي الأندلسي المتوفي سنة -684 هـ - 1285 م) و هو من أبناء (رندة) قرب الجزيرة الخضراء بالأندلس وإليها نسبته. وقيل انه من حفظة الحديث وانه من الفقهاء ايضا وقد كان بارعا في نظم الكلام شعرا ونثرا . وكذلك أجاد في المدح والغزل والوصف والزهد. إلا أن شهرته تعود إلى قصيدة نظمها بعد سقوط عدد من المدن الأندلسية. وفي قصيدته التي نظمها ليستنصر أهل العدوة الإفريقية من المرينيين عندما أخذ ابن الأحمر محمد بن يوسف أول سلاطين غرناطة في التنازل للإسبان عن عدد من القلاع والمدن إرضاء لهم وأملا في أن يبقونه في حكمه غير المستقر في غرناطة وتعرف قصيدته بمرثية الأندلس... فهي واسطة العقد في شعر رثاء المدن وأكثر نصوصه شهرة وأشدها تعبيرا عن الواقع. فهي ترثي الأندلس فتصور ما حلّ بالأندلس من خطوب جليلة لا عزاء فيها ولا تأسٍ دونها وكيف ضاعت قرطبة دار العلوم، وإشبيليا مهد الفن، وحمص مهبط الجمال،وكيف سقطت أركان الأندلس واحدة تلو الأخرى، وكيف أَقفرت الديار من الإسلام فصارت المساجد كنائس وغدا صوت الأذان صوت ناقوس!، ثم يهيب أبو البقاء الرندي بفرسان المسلمين عبر عدوة البحر إلى المسارعة لنجدة الأندلس والمسلمين. والقصيدة بعنوان رثاء الاندلس يقول فيها:

لـكل شـيءٍ إذا مـا تـم نقصانُ
فـلا يُـغرُّ بـطيب العيش إنسانُ

هـي الأمـورُ كـما شاهدتها دُولٌ
مَـن سَـرَّهُ زَمـنٌ ساءَتهُ أزمانُ

وهـذه الـدار لا تُـبقي على أحد
ولا يـدوم عـلى حـالٍ لها شان

يُـمزق الـدهر حـتمًا كل سابغةٍ
إذا نـبت مـشْرفيّاتٌ وخُـرصانُ

ويـنتضي كـلّ سيف للفناء ولوْ
كـان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدان

أيـن الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ
وأيـن مـنهم أكـاليلٌ وتيجانُ ؟

ولـلـحوادث سُـلـوان يـسهلها
ومـا لـما حـلّ بالإسلام سُلوانُ

دهـى الـجزيرة أمرٌ لا عزاءَ له
هـوى لـه أُحـدٌ وانـهدْ ثهلانُ

أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ
حـتى خَـلت مـنه أقطارٌ وبُلدانُ

فـاسأل(بلنسيةً) ما شأنُ(مُرسيةً)
وأيـنَ(شـاطبةٌ) أمْ أيـنَ (جَيَّانُ)

وأيـن (قُـرطبة)ٌ دارُ الـعلوم فكم
مـن عـالمٍ قـد سما فيها له شانُ

وأين (حْمص) وما تحويه من نزهٍ
ونـهرهُا الـعَذبُ فـياضٌ وملآنُ

قـواعدٌ كـنَّ أركـانَ الـبلاد فما
عـسى الـبقاءُ إذا لـم تبقَ أركانُ

تـبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من أسفٍ
كـما بـكى لـفراق الإلفِ هيمانُ

عـلى ديـار مـن الإسلام خالية
قـد أقـفرت ولـها بالكفر عُمرانُ

حيث المساجد قد صارت كنائسَ
مافـيـهنَّ إلا نـواقيسٌ وصُـلبانُ

حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ
حـتى الـمنابرُ ترثي وهي عيدانُ

يـا غـافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ
إن كـنت فـي سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ

ومـاشيًا مـرحًا يـلهيه مـوطنهُ
أبـعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ ؟

تـلك الـمصيبةُ أنـستْ ما تقدمها
ومـا لـها مع طولَ الدهرِ نسيانُ

يـا راكـبين عتاق الخيلِ ضامرةً
كـأنها فـي مـجال السبقِ عقبانُ

وحـاملين سـيُوفَ الـهندِ مرهفةُ
كـأنها فـي ظـلام الـنقع نيرانُ

وراتـعين وراء الـبحر في دعةٍ
لـهم بـأوطانهم عـزٌّ وسـلطانُ

أعـندكم نـبأ مـن أهـل أندلسٍ
فـقد سرى بحديثِ القومِ رُكبانُ ؟

كم يستغيث بنا المستضعفون وهم
قـتلى وأسـرى فما يهتز إنسان؟

لمـاذا الـتقاُطع في الإسلام بينكمُ
وأنـتمْ يـا عـبادَ الله إخـوانُ ؟

ألا نـفـوسٌ أبَّـياتٌ لـها هـممٌ
أمـا عـلى الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ

يـا مـن لـذلةِ قـومٍ بعدَ عزِّهمُ
أحـال حـالهمْ جــــورُ وطُـغيانُ

بـالأمس كـانوا ملوكًا في منازلهم
والـيومَ هـم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ

فـلو تـراهم حيارى لا دليل لهمْ
عـليهمُ مـن ثـيابِ الـذلِ ألوانُ

ولـو رأيـتَ بـكاهُم عـندَ بيعهمُ
لـهالكَ الأمـرُ واستهوتكَ أحزانُ

يـا ربَّ أمّ وطـفلٍ حـيلَ بينهما
كـمـا تـفـرقَ أرواحٌ وأبـدانُ

وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت
كـأنـما هي يـاقـوتٌ ومـرجـانُ

يـقودُها الـعلجُ لـلمكروه مكرهةً
والـعينُ بـاكيةُ والـقلبُ حيرانُ

لـمثل هـذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ
إن كـان فـي القلبِ إسلامٌ وإيمانُ


اما القصيدة الثالثة فهي للشاعرعبد الله محمد محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي المعروف بابن الأبار والمتوفي سنة 658 هجرية - 1260ميلادية وهو مؤرخ وشاعر أندلسي وكان عالماً في الفقه والحديث, بصيراً بالرجال والتاريخ, مُِجيداً في البلاغة والإنشاء, عمل في دوواوين الكتابة لبعض ولاة الموحدين, ولد ب(بلنسية )بالأندلس دخل في خدمة بني عبد المؤمن، وفي 635 هـ أوفده زيان بن مردنيش إلى أبي زكريا الحفصي سلطان تونس الذي دخل في خدمته فيما بعد .

رحل عن بلنسية عندما احتلها الإفرنج واستقر بتونس ودخل في خدمة أبو زكريا و عندما مات أبو زكريا خلفه ابنه المستنصر فرفع مكانته الا ان حساده كثروا وقيل انهم نظموا بياتا من الشعر باسم ابن الابار يعيب فيها الخليفة المتنتصر ويهجوه فامر بقتله . وهذه القصيدة هي \


أدركْ بـخـيــلــك خـــيـــل الله أنــدلــســا
إن السـبـيـل إلــــى منـجـاتـهـا دَرَسَــــا

وهب لها من عزيز النصر ما التمست
فلـم يــزل مـنـك عــز النـصـر ملتمَـسـا

وحــــاشِ مــمــا تـعـانـيـه حُـشـاشـتـهـا
فطالـمـا ذاقــت البـلـوى صـبـاح مـســا

يــا للجـزيـرة أضـحــى أهـلـهـا جـــزرا
ًلـلـحـادثـات وأمــســى جــدهــا تـعـســا

فــــي كــــل شــارقــة إلــمــام بـائــقــة
يـعـود مأتـمـهـا عـنــد الـعــدى عُـرُســا

وكـــــل غــاربـــة إجـــحـــاف نــائــبــة
تثنـي الأمـان حِــذاراً والـسـرور أســى

تـقـاسـم الـــروم لا نـالــت مقـاسِـمُـهـمإ
لا عـقـائـلـهـا الـمـحـجـوبـة الأنـــســـا

وفـــــي بـلـنـسـيـةٍ مـنــهــا وقــرطــبــةٍ
ما ينسف النفْـس أو مـا ينـزف النَّفَسـا

مــدائــنٌ حـلـهــا الإشــــراك مبـتـسـمـاً
جـــذلان وارتـحــل الإيــمــان مبـتـئـسـا

وصيّـرتـهـا الـعــوادي العـابـثـات بـهــا
يستوحش الطرف منها ضعف ما أنسـا

فـمـن دسـاكـر كـانــت دونـهــا حـرســا
ومـــن كـنـائـس كـانــت قبـلـهـا كـنـسـا

يـــا للمـسـاجـد عـــادت لـلـعـدى بـيـعــا
ًولـلـنــداء غـــــدا أثـنــاءهــا جَــرَســـا

لهـفـي عليـهـا إلــى استـرجـاع فائتـهـا
مـدارســاً للمـثـانـي أصـبـحـت دُرُســــا

وأربُــعٍ نمـنـمـت يـمـنـى الـربـيـع لـهــا
مــا شـئـت مــن خِـلَـعٍ مَوْشـيّـة وكُـسَـا

كــانــت حــدائــق لــلأحــداق مـونــقــة
فصَـوَّحَ النضـرُ مــن أدواحـهـا وعـسـا

وحـال مــا حولـهـا مــن منـظـر عـجـب
يستجلـس الركـب أو يستركـب الجُلُسـا

سرعان ما عاث جيش الكفـر وا حربـا
عيـث الدَّبَـى فـي مغانيهـا الـتـي كبـسـا

وابـــتـــز بــزتــهــا مـــمـــا تـحـيَّـفــهــا
تحيُّـف الأســد الـضـاري لـمـا افتـرسـا

فـأيـن عـيـشٌ جنـيـنـاه بـهــا خـضــراً؟!
وأيــن غـصـن جنيـنـاه بـهــا سـلـسـا؟!

مـحــا محاسـنَـهـا طــــاغٍ أتــيــح لــهــا
مـا نـام عـن هضمهـا يـومـاً ولا نعـسـا

ورجّ أرجــاءهــا لــمــا أحـــــاط بــهـــا
فـغـادر الـشُّـم مـــن أعـلامـهـا خُـنُـسـا

خــلا لــه الـجــو فـامـتـدت يـــداه إلـــى
إدراك مــا لــم تـطـأ رجـــلاه مختـلـسـا

وأكــثــر الــزعــم بالتـثـلـيـت مـنـفــرداً
ولــو رأى رايــة التـوحـيـد مـــا نـبـسـا

صِـلْ حبلهـا أيهـا المولـى الرحيـم فـمـا
أبقـى الـمـراس لـهـا حـبـلا ولا مـرسـا

وأحـــي مـــا طـمـســت مــنــه الــعــداة كما
أحييت من دعوة المهدي ما طمسا

اـــامَ سِـــرْتَ لـنـصـر الـحــق مقتـبـسـاً
وبــتَّ مــن نــور ذاك الـهـدي مقتـبـسـا

وقــمــت فـيـهــا بــأمــر الله مـنـتـصـرا
كالصـارم اهتـز أو كالعـارض انبجـسـا

تمحـو الـذي كتـب التجسـيـم مــن ظـلـمٍ
والـصـبـح مـاحـيــة أنــــواره الـغـلـسـا

وتقـتـضـي الـمـلــك الـجـبــار مـهـجـتـه
يـوم الوغـى جـهـرة لا تـرقـب الخلـسـا

هــذي وسائلـهـا تـدعــوك مـــن كـثــب
وأنـــت أفـضــل مـرجــوّ لـمــن يـئـســا

وافَــتْــكَ جــاريــةً بـالـنـجــح راجــيـــةً
منـك الأمـيـرَ الـرضـا والسـيـدَ النَّـدِسـا

خـاضـت خـضـارة يعلـيـهـا ويخفـضـهـا
عـبـابـه فـتـعـانـي الـلـيــن والـشـرَســا

وربــمــا سـبـحــت والــريـــح عـاتــيــة
كـمـا طـلـبـتَ بـأقـصـى شـــده الـفـرسـا

تـؤم يحيـى بـن عبـد الـواحـد بــن أبــي
حـفــص مقـبّـلـة مـــن تـربــه الـقـدسـا

مــلـــك تـقــلــدت الأمـــــلاك طـاعــتــه
ديـنـا ودنـيــا فغـشـاهـا الـرضــا لـبـسـا

مــن كــل غــادٍ عـلـى يمـنـاه مستـلـمـا
وكـــل صـــادٍ إلــــى نـعـمــاه ملـتـمـسـا

مــؤيــد لــــو رمــــى نـجــمــاً لأثـبــتــه
ولــو دعــا أفـقـا لـبــى ومـــا احتـسـبـا

تالله إن الـــذي تُـرجَــى الـسـعـودُ لــــهم
ما جال في خـلـد يومـاً ولا هجسـا

إمــــارة يـحــمــل الـمــقــدار رايـتــهــا
ودولـــة عِـزُّهــا يستـصـحـب الـقـعـسـا

يبـدي النـهـار بـهـا مــن ضـوئـه شنـبـا
ويـطـلـع الـلـيـل مـــن ظلـمـائـه لَـعَـسـا

مـاضـي العزيـمـة والأيــام قـــد نـكـلـت
طلـق المحيـا ووجـه الدهـر قـد عبـسـا

كــأنـــه الــبـــدر والـعـلـيــاء هــالــتــه
تحـف مـن حولـه شـهـب القـنـا حـرسـا

تدبـيـره وســـع الـدنـيـا ومـــا وسـعــت
وعرف معروفـه واسـى الـورى وأسـا

قامـت علـى العـدل والإحسـان دعـوتـه
وأنشـرت مـن وجـود الجـود مـا رمسـا

مـــبـــاركٌ هـــديـــه بــــــادٍ سـكـيـنــتــه
مــا قــام إلا إلـــى حـسـنـى ولا جـلـسـا

قــــد نــــوَّر الله بـالـتـقــوى بـصـيـرتــه
فـمـا يبـالـي طــروق الخـطـب ملتـبـسـا

َبَــرى العـصـاةَ وراش الطائعـيـن فـقـل
فـي الليـث مفترسـا والغـيـث مرتجـسـا

ولـــم يـغــادر عـلــى سـهــل ولا جـبــل
حــيّـــاً لـقــاحــاً إذا وفــيــتَــه بَــخَــســا

فـــرُبَّ أصــيــدَ لا تـلـفــي بــــه صَــيَــداً
ورُبّ أشـــوسَ لا تـلـقـى لـــه شــوســا

إلــى المـلائـك ينـمـى والـمـلـوك مـعــاً
فـي نبـعـة أثـمـرت للمـجـد مــا غـرسـا

مـن ساطـع النـور صــاغ الله جـوهـره
وصـــان صيـغـتـه أن تـقــرب الـدنـســا

لـــه الـثــرى والـثـريـا خـطـتــان فــــلا
أعــز مــن خطتـيـه مــا سـمــا ورســـا

حسب الـذي بـاع فـي الأخطـار يركبها
إلـيــه مَـحْـيـاه أن الـبـيـع مـــا وكــســا

إن السـعـيـد امـــرؤ ألـقــى بـحـضـرتـه
عـصــاه محـتـزمـاً بـالـعـدل مـحـتـرسـا

فـظــل يـوطــن مـــن أرجـائـهـا حـرمــا
وبـــات يـوقــد مـــن أضـوائـهـا قـبـسـا

بشـرى لعبـد إلـى الـبـاب الكـريـم حــدا
آمـالـه ومــن الـعــذب المـعـيـن حـســا

كـأنـمــا يـمـتـطـي والـيـمــن يـصـحـبــه
مـــن الـبـحـار طـريـقـا نــحــوه يـبـســا

فاستـقـبـل الـسـعـد وضــاحــا أســرَّتــه
من صفحة غاض منها النور فانعكسـا

وقــبّـــل الــجـــودَ طـفــاحــاً غــواربـــه
من راحة غاص فيهـا البحـر فانغمسـا

يــا أيـهـا المـلـك المنـصـور أنــت لـهـا
علـيـاء تـوسـع أعــداء الـهـدى تعـسـا

وقـــد تـواتــرت الأنــبــاء أنــــك مَــــنْ
يُحـيـي بقـتـل مـلــوك الـصـفـر أنـدلـسـاً

طـهّــر بـــلادك مـنـهــم إنــهــم نــجــس
ولا طـهـارة مـــا لـــم تـغـسـل النـجـسـا

وأوطِـــئ الفـيـلـق الــجــرار أرضــهــم
حـتـى يطـاطِـئ رأســاً كــل مــن رأســا

وانصـر عبيـداً بأقصـى شرقهـا شرقـت
عيونـهـم أدمـعـاً تهـمـي زكـــاً وخَـسَــا

فامـلأ، هنيـئـاً لــك التمكـيـن، ساحتـهـا
جُـــرْداً ســلاهــب أو خَـطّـيّــة دُعُــســا

واضــرب لـهـا مـوعـداً بالفـتـح ترقـبـه
لعـل يــوم الأعــادي قــد أتــى وعـسـى

وهذه الحالة الجديدة في الاندلس سبقها قصائد في رثاء بعض المدن في الوطن العربي قبل هذه وبعدها وكان في رثاء الاندلس ماساة واسعة وتجديد لفن شعري جديد



******************************





https://falih.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى