اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني

الحضارة الاسلامية باشراف المهندس خالدصبحي الكيلاني والباحث جمال الدين فالح الكيلاني


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

الفصل السابع المعارضات في عصر النهضة والعصرالحديث القسم الاول

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

فالح الحجية

فالح الحجية
Admin





الفصل السابع


المعارضات في عصرالنهضة والحديث





وأما عصر النهضة الحديثة فبدأ سنة \ 1220هـجرية تقريبا وتضمن شعر شعراء عصر النهضة العربية والعصرالحديث والمعاصر ما نحن فيه الان ويمتاز بالنهضة في كل مناحي الحياة، وبظهور أجناس أدبية حديثة كالقصة والرواية والمسرح.. وفي الشعر ظهر كثير من الاجناس او الانواع الشعرية الجديدة كا الشعرالتمثيلي او المسرحي والشعرالحر واخيرا قصيدة النثر وربما تفرع منها انواع اخرى .


وقد كثرت فيبدايته (المعارضات) الشعرية، لا سيما عند الشاعر محمود سامي البارودي . ورفيقه في الشعر والادب احمد شوقي اميرالشعراء .وغيرهما كثير ممن عارضوا قصائد كثيرة كانت من عيون الشعرالعربي ولكثرتهم سندرس شخصيتين هما اهم من كتب في المعارضات من شعراء هذه الفترة :








محمود سامي البارودي




* هو محمود بن ةحسن حسين بك البارودي كان قائدا عسكريا من امراء المدفعية في الجيش المصري .

ولد محمود سامي البارودي عام \1839 ميلادية ، وكان أبوه حسن حسين بك البارودي من أمراء المدفعية ثم صار مديرا لمنطقة ( بربر) ومن ثم ( دنقلة) في عهد الوالي محمد علي باشا والي مصر ، وكان جده لأبيه عبد الله بك الجركسي كشافا في عهد محمد علي مأمورا و أحد أجداد الشاعر واسمه - مراد بن يوسف - شاويشا ملتزما في العصر العثماني لبلدة (آيتاي البارود) إحدى مناطق محافظة البحيرة، وقد لقب بالبارودي نسبة الى هذه المنطقة وبقيت هذه التسمية ملازمة له لعائلته من بعده .

وكان أجداده يربطون نسبهم بنسب المماليك حكام مصر وانهم منهم وكان الشاعر محمود سامي البارودي شديد الاعتزاز بهذا النسب في شعره وفي كل أعماله ، و كان للبارودي فيه اثرا قويا في جميع أدوار حياته وفي المصير الذي انتهى أليه .

توفى والده وهو في السابعة من عمره فكفلته امه تر بية وتدريسا وسهرت على تعليمه .

تلقي البارودي وهو في السابعة من عمره دروسه الأولى في البيت فتعلم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ النحو والصرف البلاغة والادب ، ودرس شيئًا من الفقه والتاريخ والحساب، ثم التحق وهو في الثانية عشرة من عمره بالمدرسة الحربية.

ابتدات مظاهر حبه وشغفًه بالشعر العربي تظهر في شخصيته ودراسته فحفظ الكثير من شعر الشعراء القدامى وخاصة شعراء العصر الاموي والعباسي مثل جرير والاخطل والفرزدق وابي تمام والبحتري والمتنبي وابن زيدون وكثير من الشعراء الفحول، فنظم الشعر واجاد وابدع فكان شاعرا فذا في مقتبل الشباب وعمر الصبا .

وبعد أربع سنوات من الدراسة تخرّج عام\ 1845ميلادية برتبة (باش شاويش ) ثم سافر إلى إستانبول مقر الخلافة العثمانية، والتحق بوزارة الخارجية، وتمكن في أثناء إقامته من إتقان اللغتين التركية والفارسية ومطالعة آدابهما، وحفظ كثيرًا من الأشعار بهما، ودعته سليقته الشعرية المتوهجة إلى نظم الشعر بهما . وفي أثناء عمله بالجيش اشترك في الحملة العسكرية التي خرجت سنة (١٢٨٢ هـجرية - ١٨٦٥ميلادية) لمساندة جيش الخلافة العثمانية في إخماد الفتنة التي نشبت في جزيرة (كريت)، وهناك أبلى البارودي بلاء حسنًا، وجرى الشعر على لسانه يتغنى ببلده الذي فارقه، ويصف جانبًا من الحروب التي خاض غمارها، يقول في رائعة من روائعه الخالدة :

أخذ الكرى بمعاقد الأجفان
وهفا السرى بأعنة الفرسان

والليل منشور الذوائب ضارب
فوق المتالع والربى بجران

لا تستبين العين في ظلماته
إلا اشتعال أسِنَّة المران


كان الشعر العربي على موعد مع القدر، ينتظر من يأخذ بيده، ويبعث فيه روحًا جديدة تبث فيه الحركة والحياة، وتعيد له الحياة والحركة في الأوصال، فتتورد وجنتاه نضرة وجمالاً بعد أن ظل قرونًا عديدة واهن البدن،راكد الحركة، كليل البصر.

وشاء الله أن يكون البارودي هو الذي يعيد الروح إلى الشعر العربي، ويلبسه أثوابًا قشيبة، زاهية الالوان، بديعة الشكل والصورة، ويوصل حاضره بماضيه التليد، بفضل موهبته الفذة وثقافته الواسعة وتجاربه الغنية.

أن ولاية مصر الت إلى الخديوي عباس الأول ثم إلى سعيد وكان عباس قد عدل عن خطة محمد علي الذي نظم الجند وتقدمه حين لاحظ ان الدولة العثمانية تنظر إلى الجيش المصري بعين الريبة والقلق وهذا ما جعله يغير خطته ويبتعد عن كل ما يقدم الجيش والتعليم كافة لذا تعطلت النهضة التي كانت متصلة بالجيش و في الصناعة والدراسة والتعليم .مما اثر على الحياة الثقافية في البلاد عموما .

ترقى البارودي في السلك العسكري والسلك المدني، وحصل على أعلى المراتب، فكان وزيراً للمعارف والأوقاف ووزيراً للحربية والبحرية في عهد الخديوي توفيق.

وبعد عودة البارودي من حرب ( كريت) تم نقله إلى المعية الخديوية ياورًا خاصًا للخديوي إسماعيل، وقد بقي في هذا المنصب ثمانية أعوام، ثم تم تعيينه كبيرًا لياوران ولي العهد (توفيق بن إسماعيل) في ( يونيو ١٨٧٣م)، ومكث في منصبه سنتين ونصف السنة، عاد بعدها إلى معية الخديوي إسماعيل كاتبًا لسره (سكرتيرًا)، ثم ترك منصبه في القصر وعاد إلى الجيش.

ولما استنجدت الدولة العثمانية بمصر في حربها ضد روسيا ورومانيا وبلغاريا والصرب، كان البارودي ضمن قواد الحملة الضخمة التي بعثتها مصر للقتال ولنجدة الدولة العثمانية، ونزلت الحملة في (وارنة) أحد ثغور البحر الأسود، وحاربت في ( أوكرانيا) بكل بسالة وشجاعة، غير أن الهزيمة لحقت بالعثمانيين، وألجأتهم إلى عقد معاهدة (سان استفانوا) في ( مارس ١٨٧٨ميلادية )، وعادت الحملة إلى مصر، وكان الإنعام على البارودي برتبة اللواء والوسام المجيدي من الدرجة الثالثة، ونيشان الشرف؛ لِمَا قدمه من ضروب الشجاعة و البطولة.

وبعد عودة البارودي من حرب البلقان تم تعيينه مديرًا لمحافظة الشرقية في ( إبريل ١٨٧٨ميلادية )، وسرعان ما نقل محافظًا للقاهرة، وكانت مصر في هذه الفترة تمر بمرحلة حرجة من تاريخها، بعد أن غرقت البلاد في الديون، وتدخلت إنجلترا وفرنسا في توجيه السياسة المصرية، بعد أن صار لهما وزيران في الحكومة المصرية، ونتيجة لذلك نشطت الحركة الوطنية وتحركت الصحافة، وظهر تيار الوعي الديني الوطني الذي يقوده الداعية الاسلامي ( جمال الدين الأفغاني ) لإنقاذ العالم الإسلامي من الاستعمار، وفي هذه الأجواء المشتعلة تنطلق قيثارة البارودي بقصيدة ثائرة تصرخ في أمته توقظ النائم وتنبه الغافل
حيث يقول :

جلبت أشطر هذا الدهر تجربة
وذقت ما فيه من صاب ومن عسل

فما وجدت على الأيام باقية
أشهى إلى النفس من حرية العمل

لكننا غرض للشر في زمن
أهل العقول به في طاعة الخمل

قامت به من رجال السوء طائفة
أدهى على النفس من بؤس على ثكل

ذلت بهم مصر بعد العز واضطربت
قواعد الملك حتى ظل في خلل


وبينما كان محمد شريف باشا رئيس مجلس النظار يحاول أن يضع للبلاد دستورًا قويمًا يصلح أحوالها ويرد كرامتها، فارضًا على الوزارة مسؤوليتها على كل ما تقوم به أمام مجلس النواب، إذا بالحكومة الإنجليزية والفرنسية تكيدان للخديوي إسماعيل عند الدولة العثمانية لإقصائه الوزيرين الأجنبيين عن الوزارة، وإسناد نظارتها إلى شريف باشا الوطني الغيور، وأثمرت سعايتهما، فصدر قرار من الدولة العثمانية بخلع إسماعيل وتولية ابنه توفيق.

غير أن (توفيق) نكص على عقبيه بعد أن تعلقت به الآمال في الإصلاح، فقبض على (جمال الدين الأفغاني) ونفاه من البلاد، وشرد أنصاره ومريديه، وأجبر شريف باشا على تقديم استقالته، وقبض هو على زمام الوزارة، وشكّلها تحت رئاسته، وأبقى البارودي في منصبه وزيرًا للمعارف والأوقاف، بعدها صار وزيرًا للأوقاف في وزارة رياض.

وقد نهض البارودي بوزارة الأوقاف، ونقح قوانينها، وكون لجنة من العلماء والمهندسين والمؤرخين للبحث عن الأوقاف المجهولة، وجمع الكتب والمخطوطات الموقوفة في المساجد، ووضعها في مكان واحد، وكانت هذه المجموعة نواة دار الكتب المصرية التي أنشأها علي مبارك، كما عُني بالآثار العربية وكوّن لها لجنة لجمعها، فوضعت ما جمعت في مسجد الحاكم حتى تُبنى لها دار خاصة، ونجح في تولية صديقه محمد عبده تحرير الوقائع المصرية، فبدأت الصحافة في مصر عهدًا جديدًا.

ثم تولى البارودي وزارة الحربية خلفًا لرفقي باشا إلى جانب وزارته للأوقاف، بعد مطالبة حركة الجيش الوطنية بقيادة عرابي بعزل رفقي، وبدأ البارودي في إصلاح القوانين العسكرية مع زيادة رواتب الضباط والجند، لكنه لم يستمر في المنصب طويلاً، فخرج من الوزارة بعد تقديم استقالته في ( ٢٢ من أغسطس –اب ١٨٨١مميلادية ) نظرًا لسوء العلاقة بينه وبين رياض باشا رئيس الوزراء، الذي دس له عند الخديوي.

عاد البارودي مرة أخرى إلى نظارة الحربية والبحرية في الوزارة التي شكلها شريف باشا عقب مظاهرة عابدين التي قام بها الجيش في ( سبتمبر –ايلول \ ١٨٨١ميلادية )، لكن الوزارة لم تستمر طويلاً ، وشكل البارودي الوزارة الجديدة في ٢٤( من فبراير – شباط ١٨٨٢ميلادية ) وعين أحمد عرابي وزيرًا للحربية، و( محمود فهمي ) للأشغال؛ ولذا أُطلق على وزارة البارودي وزارة الثورة؛ لأنها ضمت ثلاثة من زعمائها.

وافتتحت الوزارة أعمالها بإعداد الدستور، ووضعته بحيث يكون موائمًا لآمال الأمة، ومحققًا أهدافها، وحافظا لكرامتها واستقلالها، وحمل البارودي نص الدستور إلى الخديوي، فلم يسعه إلا أن يضع خاتمه عليه بالتصديق، ثم عرضه على مجلس النواب.


تم كشف مؤامرة قام بها بعض الضباط الجراكسة لاغتيال البارودي وعرابي، وتم تشكيل محكمة عسكرية لمحاكمة المتهمين، فقضت بتجريدهم من رتبهم ونفيهم إلى أقاصي السودان، ولمّا رفع البارودي الحكم إلى الخديوي توفيق للتصديق عليه، رفض بتحريض من قنصلي إنجلترا وفرنسا، فغضب البارودي، وعرض الأمر على مجلس النظار، فقرر أنه ليس من حق الخديوي أن يرفض قرار المحكمة العسكرية العليا وفقًا للدستور، ثم عرضت الوزارة الأمر
على مجلس النواب، فاجتمع أعضاؤه في منزل البارودي، وأعلنوا تضامنهم مع الوزارة، وضرورة خلع الخديوي ومحاكمته إذا استمر على دسائسه.

انتهزت إنجلترا وفرنسا هذا الخلاف، وحشدتا أسطوليهما في الإسكندرية، منذرتين بحماية الأجانب، وقدم قنصلاهما مذكرة في(٢٥ من مايو – مايس ١٨٨٢ميلادية ) بضرورة استقالة الوزارة، ونفي عرابي، وتحديد إقامة بعض زملائه، وقد قابلت وزارة البارودي هذه المطالب بالرفض في الوقت الذي قبلها الخديوي توفيق، ولم يكن أمام البارودي سوى الاستقالة، ثم تطورت الأحداث، وانتهت بدخول الإنجليز مصر، والقبض على زعماء الثورة العرابية وكبار القادة المشتركين بها، وحُكِم على البارودي وستة من زملائه بالإعدام، ثم خُفف إلى النفي المؤبد إلى جزيرة( سرنديب).

أقام البارودي في الجزيرة سبعة عشر عامًا وبعض عام، وأقام مع زملائه في ( كولومبو) سبعة أعوام، ثم فارقهم إلى مدينة ( كندي) بعد أن دبت الخلافات بينهم، وألقى كل واحد منهم فشل الثورة على أخيه، وفي المنفى شغل البارودي نفسه بتعلم الإنجليزية حتى أتقنها، وانصرف إلى تعليم أهل الجزيرة اللغة العربية ليعرفوا لغة دينهم الحنيف، وإلى اعتلاء المنابر في مساجد المدينة ليُفقّه أهلها بشعائر الإسلام.

وطوال هذه الفترة كان البارودي ينشد الشعر ويقرض القصيد فكانت قصائده خالدة، في المنفى يسكب فيها آلامه وحنينه إلى الوطن، ويرثي من مات من أهله وأحبابه وأصدقائه، ويتذكر أيام شبابه ولهوه وما آل إليه حاله، ومضت به أيامه في المنفى ثقيلة واجتمعت عليه علل الأمراض، وفقدان الأهل والأحباب، فساءت صحته، واشتدت وطأة المرض عليه، ثم سُمح له بالعودة بعد أن تنادت الأصوات وتعالت بضرورة رجوعه إلى مصر، فعاد اليها في (١٢من سبتمبر- ايلول ١٨٩٩ميلادية ).

. بعد سلسلة من أعمال الكفاح والنضال ضد فساد الحكم وضد الإحتلال الإنجليزي لمصر عام \1882 قررت السلطات الحاكمة نفيه مع زعماء الثورة العرابية في كانون الاول عام 1882 إلى جزيرة (سرنديب( . اي جزيرة (سريلانكا ) الحالية مع مجموعة من رفاقه الثوار وعندها اطل شاعرنا على ساحل مصر ليلقي عليه نظرة وداع وحسرة المت بقلبه ، وما تكاد الباخرة تغادر أرض النيل الى جزيرة ( سرنديب ) حتى تشتد عواطف الشاعر الدافقة لتتحول إلى مشهد حزين ينتهي إلي تجربة شعرية صادقة تتجسد في قصيدته النونية :

ولما وقفنا للوداع وأسبلت
أهبت بصبري أن يعود فعزّني


وما هي ألا خطرة ثم أقلعت
مدامعنا فوق الترائب كالمزنٍ

وناديت حلمي أن يثوب فلم يغن
بنا عن شطوط الحي أجنحة السفن


ظل في المنفى أكثر من سبعة عشر عاماً يعاني الوحدة والمرض والغربة عن وطنه , بعد أن بلغ الستين من عمره اشتدت عليه وطأة المرض وضعف بصره وبناء على توصية الاطباء تقرر عودته إلى وطنه مصر للعلاج ، فعاد إلى مصر يوم 12 سبتمبر عام 1899 وكانت فرحته غامرة بعودته إلى الوطن وأنشد قصيدته أنشودة العودة التي تعتبر من روائع الشعرالعربي :

أبابلَ رأي العين أم هذه مصـر ُ
فإني أرى فيها عيوناً هي السحرُ

نواعسَ أيقظن الهوى بلواحـظٍ
تدين لها بالفتْكةِ البيضُ و السمرُ

فليس لعقلٍ دون سلطانها حـمىً
ولا لفؤادٍ من غشْيَانِها سترُ

فإن يكُ موسى أبطل السحرَ مرةً
فذلك عصر المعجزات و ذا عصرُ

كان البارودي في شعره السياسي ناقداً اجتماعياً وثائراً وطنياً ومصلحاً صريحاً شديد الحرص على حرية أبناء بلده ناقداً لهوانهم وذلهم وتهاونهم في الرد على الظلم والسكوت عليه لاحظ اليه يقول :

وكيف ترون الذل دار إقـــامـة
وذلك فضل الله في الأرض واسـعُ

أرى رؤوساً قد أينعت لحصادهــا
فأين ـ ولا أين ـ السيوف القواطعُ ؟

فكونوا حصيدا خامدين أو افزعـوا
إلى الحرب حتى يدفع الضيم دافـع

أهبت فعاد الصوت لم يقض حاجـة
أليّ ولبّاني الصدى وهو طائـــعُ

فلم ادرِ أن الله صور قبلكـــــم
تماثيل يخلق لهن مسامـــــعُ

امتازت مراثي البلاد عند البارودي بصدق الإحساس ورقة العاطفة لذا فانه لم يرث صديقاً أو قريباً إلا كان رثاؤه صادقاً بعيداً عن شعر المناسبات، ويبدو على شعره الحزن العميق بعد أن تسلم خبر وفاة زوجته وتعد هذه القصيدة من عيون الشعر العربي في رثاء الزوجات ومطلعها :

أَيَدَ المنون قدحت أي زنـــاد
أطرت أية شعلة بفــــؤادي

بعد عودته إلى القاهرة ترك العمل السياسي، وفتح بيته للأدباء والشعراء، يستمع إليهم، ويسمعون منه، وكان على رأسهم احمد شوقي وحافظ وخليل مطران، وإسماعيل صبري، وقد تأثروا به ونسجوا على منواله، فخطوا بالشعر خطوات واسعة، وأُطلق عليهم مدرسة النهضة أومدرسة الأحياء .

ولم تطل الحياة بالبارودي بعد عودته من المنفى اذ وا فته المنية في الرابع من شوال سنة\ 1322هـجرية - 12 من ديسمبركانون الاول 1904م، بعد سلسلة من الكفاح والنضال .

ويعد البارودي باعث النهضة الشعرية الحديثة في الشعر العربي، فقد نجح في تحميل الإطار القديم تجارب حياته الخاصة، كما نجح في إعادة الشعر العربي إلى ما كان عليه في عصوره الزاهرة، فأضحى شعره يماثل شعر الفحول في صدر العصر العباسي. كابي تمام والبحتري والمتنبي وقد عار ضهم بقصائده وساعده ذكاؤه الحاد وموهبته الفذة على تحقيق هذا الهدف بمعارضة الشعراء الأقدمين وتقليد أساليبهم , ومعانيهم الشعرية في بناء القصيدة ، وبذلك أصبح رائد حركة إحياء الأدب العربي الحديث، وكان عظيم التأثير في المدارس الشعرية التي اتت من بعده ،وفي شعره تلاحظ تجديدًا ملموسًا من حيث التعبير عن شعوره وإحساسه، وله معان جديدة وصور رائعة مبتكرة.

وقد نظم الشعر في كل أغراضه المعروفة من غزل ومديح وفخر وهجاء ورثاء، مرتسمًا نهج الشعر العربي القديم، غير أن شخصيته كانت واضحة في كل ما نظم؛ فهو الضابط الشجاع، والبطل الثائر على الظلم، والمغترب عن الوطن، والزوج الحاني، والأب الشفيق، والصديق الوفي.. ونلاحظ في شعره تجديدًا ملموسًا من حيث التعبير عن شعوره وإحساسه، وله معان جديدة وصور مبتكرة.

اثاره الادبية:

1- ديوان شعر يزيد عدد أبياته على خمسة آلاف بيت، طبع في أربعة مجلدات،
2- قصيدة طويلة عارض بها البوصيري، أطلق عليها (كشف الغمة)
3- (قيد الأوابد) وهو كتاب في النثر سجل فيه خواطره ورسائله بأسلوب مسجوع
4- (مختارات البارودي)وهي مجموعة انتخبها الشاعر من شعر ثلاثين شاعرًا من فحول الشعراء العباسين ، تبلغ نحو ٤٠ ألف بيت.

عارض الشاعر البارودي الكثير من الشعراء قديما وحديثا والقصائد التي عارضها تعد من روائع الشعرالعربي . فقد عارض الشاعر الجاهليالنابغة الذبياني في قصيدته الدالية التي يصف فيها المتجردة زوجة النعمان بن المنذر اذ يقول النابغة فيها :

أَمِنْ آلِ مَيَّةَ رائحٌ أَو مُغتَدي
عَجْلانَ، ذا زادٍ، وغيرَ مَزَوَّدِ


زَعَمَ البَوارحُ أنّ رحلَتَنا غَداً،
وبذاكَ تَنعابُ الغُرابِ الأسوَدِ


لو أَنَّها عَرَضَتْ لأَشْمَطَ راهبٍ
، يدعو الإلَهَ، صَرورَةٍ، مُتَعَبِّدِ

لَصَبَا لَبَهجتِها وطِيْبِ حَديثها،
ولَخَالَهُ رُشْداً، وإنْ لم يَرشُد

تَسعُ البلادُ إذا أتَيتُك زائراً،
فإذا هجَرتُك ضاقَ عنّي مَقعدي

وإذا لَمَسْتَ لَمَسْتَ أَجْثَمَ جاثِماً
مُتَحَيِّزاً بمكانِهِ مِلئ اليـــــــــَدِ

وإذا طَعَنتَ طَعَنتَ في مُسْتَهدِفٍ
ناتيْ المَجَسَّةِ بالعَبيرِ مُقَرمَدِ

وإذا نزعتَ نزعْتَ عن مُستَحصِفٍ
نَزْعَ الحَزَوَّرِ بالرّشاءِ المُحْصَدِ

وتكادُ تَنزعُ جِلدَهُ عَن مَلّةٍ
فيها لوافحُ كالحَريقِ الموقَدِ


فيقول البارودي في معارضته لقصيدة النابغة الذبياني :

https://falih.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى