يو م ا لقيا مة
في سورة الكهف
1
بسم الله الرحمن الرحيم
( واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لاحدهما جنتين من اعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا * كلتا الجنتين اتت اكلها ولم تظلم منه شيئا فجرنا خلالهما نهرا * وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره انا اكثر منك مالا واعز نفرا * ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما اظن ان تبيد هذه ابدا * وما اظن الساعة قائمة ولئن رددت الى ربي لاءجدن خيرا منها منقلبا *)
سورة الكهف الايات\ 32 - 36
الحمد لله \
ضرب الله مثلا للمؤمنين رجلين انعم الله تعالى على احدهما ببستانين اوجنتين احدهما بجوار الاخرى وكان بينهما نهر المياه فيه دائمة الجريان كثيرة ومتدفقة يسقي هاتين ا لجنتين اللتين كانتا كثيرتا الاشجار وخاصة اشجار الكروم اوا شجارالعنب وهذه الاشجار محفوفة من كل جانب وصوب باشجارالنخيل المثمرة بحيث اصبحت مثل السياج وفي وسطها الكروم اضافة الى ان الارض الخالية التي بين الاعناب والنخيل مزروعة بشتى انواع الزروع الفصلية وهاتان الجنتان ا تت اكلها او اثمرت ثمارا كثيرة بجميع اشجارها العنب والنخيل والزروع وكان صاحبهما أي صاحب الجنتين يدخلهما فيغتر ويصيبه العجب والكبر والغرور فقال لصاحبه او صديقه التي حالته المالية اقل منه \
انا اكثر منك ما لا واعز نفرا أي ا ن حالتي المالية اعلى من حالتك فانا غني وانت فقير ومستواي الاجتماعي اعلى من مستواك فانا اعلى شانا ووجاهة منك
وراح داخلا جنته معجبا بنفسه وقد لفه البطر والاستغناء غرورا وتعاليا وهو يقول في نفسه وقد ظلمها باحتساب هذه الثروة ماله جاء به بقوته وعظمته ولم يقل عند دخوله لهما - ماشاء الله انهما من نعم الله علي - متناسيا انعام الله تعالى عليه – والله يرزق الخلق بغير حساب - فقال يحاور نفسه او يتكلم مع نفسه مناجاة لها ( ما اظن ان تبيد هذه
ابدا ) أي لا اظن ان تفنى هتان الجنتا ن طول العمر وعلى مدى السنين سيبقى ثمرهما كثير واستغفل عن ذكر يوم القيامة فقال في نفسه وما اظن الساعة قائمة أي واقعة الحدوث واذا وقعت جدلا ورجع الى ربه تعالى فانه توقع ان يكون حاله في الاخرة افضل من مما هو عليه في الحياة الدنيا و سيكون افضل حالا
فقال له صاحبه وهو يحاوره اعجب منك وا تحسر عليك انسيت الله تعالى الذي خلق اباك ادم من تراب ثم خلقك نطفة من مني قذر مستقبح النظراليه يتنقل في اصلاب الرجال وارحام النساء ثم سواك رجلا تاما واعطاك العقل والسمع والبصر والفؤاد الا انه ربي ولا اشرك بربي احدا
فلو دخلت جنتك هذه وشكرت الله تعالى على ما اعطاك وقلت ماشاءالله حيث ان الامر بيد الله ماشاء كان وان لم يشأ لم يكن ولاقوة على تحصيل الخير ا و اودفع الشر الا باذنه تعالى واستمر صاحبه في محا ورته له واذا رايتني انا اقل منك ثروة وما لا ومنزلة في الحياة الدنيا فعسى ان يؤتيني ربي احسن منك في هذه الحياة الدنيا او الحياة الاخرة او ربما تنزل على جنتك كارثة من السماء فتصيبها او تحل بها او بثمرها او ينضب ماء النهر بينهما باذن الله فتصبح خرابا ولا تستطيع ان تفعل شيئا بعد ذلك فتذهب ثروتك ثم افترقا
ومضت الايام فاذا هذين البستانين قد قل ثمرهما بسبب الامراض او بسبب اخر وبدت اشجارهما تجف وحل بهما الخراب واصبح يضرب كفا بكف حسرة عليهما وعلى ما اصابه من الفقر بزوال النعمة ويتحسرعلى
على ما بدر منه في جنب الله في ايام كبريائه وطغونته والاغترار بماله ورجع عند ئذ الى نفسه الذليلة ياليتني لو اشرك بربي احدا وتذكر قول الرجل المؤمن له وهو على حق ويقين فقال في نفسه ياليتني حمدت الله تعالى على مامنحني من مال وجاه واطعته وكنت من المؤمنين
***************************************