شعر اء جالهليوت
بقلم -فالح الحجية
37
لقيط بن يَعمر الإيادي
هو لقيط بن يعمر بن خارجة الايادي شاعر جاهلي من أهل الحيرة نشأ فيها ولما شب تعلم الفارسية ولما ضاقت به الامور قصد بلاد فارس ودخل في حاشية ملك الفرس كسرى _( سابور)- ويكنى ب( ذي الاكتاف) فاستعمله في ديوان الكتابة وجعله من مستشاريه ومترجميه فكان بحكم عمله مطلعا على كل ما يدور في مملكة الفرس من اسرار
علم الشاعر بان الفرس يتحينون الفرصة لغزوالعرب وخاصة قومه بني اياد ويهمون بالاستيلاء على بلادهم فكتب قصيدته المشهورة التي مطلعها:
(يا دار عمرة من محتلها الجرعا)
والتي تعد من روائع الشعر العربي وغرره ثم وجد من يبعث بها إلى قومه،( بني إياد) لينذرهم بأن كسرى وقومه ( الفرس ) يتحينون الفرصة لغزوهم ، والاستيلاء على بلادهم ، وينصحهم بالتأهب للعدو ، وأخذ الحيطة والحذر ، وعدم الانشغال بما يلهيهم عن الحرب والقتال فياخذونهم بغتة وهم لا يشعرون.
الا أنَّ كسرى علم بالامر وكشف ما فعله لقيط وهو أحدُ كُتَّابه، فطلب أن يحضر( لقيطا) ، ولما وقف الشاعر( لقيط) بين يدي كسرى (ذي الاكتاف ) سأله كسرى عما فعله واسباب ذلك فوقف مرفوعَ الرَّأس غير هيَّابٍ ولا وَجِل، ولم ينكر ما فعل، فأمر كسرى بقطع لسانِه، ثمَّ أمر به فقتل، وبَقِيَ له الذِّكْرُ الحسن.
قيل انه قتله كسرى عام\294 ميلادية وقيل قتل عام\320 ميلادية وفي رواية اخرى انه قتل في عام \380 ميلادية ،
وبقي ذكر لقيط في عداد الخالدين، رَغْم مرور آلاف السنين على الواقعة، وما احوج امتنا اليوم إلى ألسنة كلسان لقيط، وإلى شِعْرٍ كشِعْر لقيط ، وإلى نُفُوس أبيَّة كنفسه، وإلى قائد بالمواصفات التي ذكرها لقيط في قصيدته مع العلم ان قصيدته هذه قصيدة يتيمة اذ لم نجد قصيدة اخرى لهذا الشاعر الفذ وهذه هي القصيدة
يا دارَ عَمْرَةَ مِن مُحْتَلِّها الجَرَعا
هاجَتْ لي الهَمَّ والأَحْزانَ والوَجَعا
ياقوم لاتأمنوا إن كنتمُ غيراً
على نسائكم كسرى وماجمَعا
يا أَيُّها الرَّاكِبُ المُزْجى على عجَلٍ
إِلى الجَزِيرَةِ مُرْتاداً ومُنْتَجِعا
أَبْلِغْ إِياداً، وخَلِّلْ في سَراتِهِمُ
إِنِّي أَرَى الرَّأْيَ، إِنْ لَمْ أُعْصَ قد نَصَعا
يا لَهْفَ نَفْسِيَ إِنْ كانَتْ أُمُورُكُمُ
شَتَّى، وأُحْكِمَ أَمْرُ النَّاسِ فاجْتَمَعا
أَلاَ تَخافُونَ قَوْماً لا أَبَا لَكُمُ
أَمْسَوا إِليكمْ كأَمْثالِ الدَّبا سِرَعا
لو أَنَّ جَمْعَهُمُ رامُوا بِهَدَّتِهِ
شُمَّ الشَّماريخِ مِن تَهْلان لانْصَدَعا
في كُلِّ يومٍ يَسُنُّونَ الحِرابَ لكم
لايَهْجَعُون إِذا ما غافِلٌ هَجَعا
لا حَرْثَ يَشْغَلُهُمْ بل لا يَرَوْنَ لهمْ
مِن دُونِ قَتْلِكُمُ رَيّاً ولا شِبَعا
وأَنتمُ تَحْرُثُونَ الأَرْضَ عن سَفَهٍ
في كلِّ ناحيةٍ تَبْغُون مُزْدَرَعا
وتُلْقِحُونَ حِيالَ الشَّوْلِ آوِنَةً
وتَنْتِجُونَ بدارِ القُلْعَةِ الرّبُعا
وتَلْبَسُونَ ثِيابَ الأَمْنِ ضاحِيَةً
لا تَجْمَعُون وهذا الجَيْشُ قد جَمَعا
مالِي أَراكُمْ نِياماً في بُلَهْنِيَةٍ
وقد تَرَوْنَ شِهابَ الحَرْبِ قد سَطَعا
وقَدْ أَظَلَّكُمُ مِن شَطْرِ ثَغْرِكُمُ
ه َوْلٌ له ظُلَمٌ تَغْشاكُمُ قِطَعا
صُونُوا جِيادَكُمُ،واجْلُوا سُيُوفَكُمُ
وجَدِّدُوا للقِسِيِّ النَّبْلَ والشِّرَعا
واشْرُوا تِلادَكُمُ في حِرْزِ أَنْفُسِكُمْ
وحِرْزِ نِسْوَتِكُمْ لا تَهْلِكُوا جَزَعا
أَذْكُوا العُيُونَ وَراء السَّرْحِ، واحْتَرِسُوا
حتَّى تُرَى الخَيْلُ مِن تَعْدائِها رُجُعا
لا تُثْمِرُوا المالَ للأَعْداءِ إنَّهمُ
إنْ يَظْهَرُوا يَحْتَوُوكُمْ والتِّلادَ مَعا
هَيْهاتَ ما زالتِ الأَمْوالُ مُذْ أَبَدٍ
لأَهْلِها إِنْ أجِيبُوا مَرَّةً تَبَعا
قُومُوا قِياماً على أَمْشاطِ أَرْجُلِكُمْ
ثُمَّ افْزَعُوا، قد يَنالُ الأَمْرَ مَن فَزِعا
وَقَلِّدُوا أَمْرَكُمُ، للّهِ دَرُّكُمُ
رَحْبَ الذِّراعِ، بأَمْرِ الحربِ مُضْطَلِعا
لا مُتْرَفاً إِنْ رَخاءُ العَيْشِ ساعَدَهُ
ولا إِذا عَضَّ مَكْرُوهٌ بهِ خَشَعا
مُسَهَّدُ النَّوْمِ، تَعْنِيهِ أُمورُكُمُ
يَرُومُ فِيها إلى الأَعْداءِ مُطَّلَعا
ما انْفَكَّ يَحْلُبُ هذا الدَّهْرَ أَشْطُرَهُ
يكُونُ مُتَّبَعاً يوماً ومُتَّبِعا
لا يَطْعَمُ النَّومَ إِلاَّ رَيْثَ يَحْفِزُهُ
هَمٌّ، يكَأدُ شَباهُ يَحْطِمُ الضِّلَعا
حتَّى اسْتَمَرَّتْ على شَزْرٍ مَرِيرَتُهُ
مُسْتَحْكِمُ الرَّأْيِ لا قَحْماً ولا ضرَعا
عَبْلَ الذِّراعِ أَبِيّاً ذا مُزابَنَةٍ
في الحَرْبِ يَحْتَبِلُ الرِّنْبالَ والسَّبُعا
لقَدْ بذلتُ لكمْ نُصحي بِلا دَخَلٍ
فاسْتَيْقِظُوا إِنَّ خَيْرَ العِلْمِ ما نَفَعا
هذا كتابي والنَذيرُ لكم
لمن رأى رأيَه منكم ومن سَمِعا
**********************************
38
أوس بن حجر التميمي
هو ابو شريح اوس بن حجر بن مالك التميمي أ
شاعر الغربية في الجاهلية، و من كبار شعرائها، أبوه حجر هو زوج أم زهير بن أبي سلمى، الشاعر المعروف وكان شاعر ايضا كان كثير التنقل كثير الأسفار، وأكثر إقامته عند عمرو بن هند في الحيرة. وكان زهير راويته أي راوية شعر زوج امه وقد أخذ عنه طريقته في في نظم الشعر ، إذ كان يأخذ شعره بالتنقيح والتهذيب
طرق فنون الشعر المختلفة من مديح ورثاءوغزل ووصف وحكمه، وأجاد فيه يتسم شعره بفخامة اللفظ ، وجزالة العبارة ودقة الوصف وجودة الملاءمه بين اللفظ والمعنى . وقد تأثر بطريقته طائفة من شعراء الجاهليه ونهجوا نهجه في النظم والانشاد
. وكان غزلاً مغرماً بالنساء ومن شعره.:
ُ )
صبوتَ وهل تصبُو ورأسكَ أشيبُ..
. وَفَاتَتْكَ بِالرَّهْنِ المُرَامِقِ زَينَبُ
وغيرَها عنْ وصلها الشيبُ إنهُ.
.. شَفيعٌ إلى بِيضِ الخُدورِ مُدَرّبُ
فَلَمّا أتى حِـزّانَ عَـرْدَة َ دُونَهَـا
ومِنْ ظَلَمٍ دون الظَّهيـرَة ِ مَنْكِـبُ
تَضَمّنَها وارْتَـدّتِ العَيْـنُ دونَهَـا
طريقُ الجواءِ المستنيـرُ فمذهـبُ
وصبّحنَـا عـارٌ طويـلٌ بـنـاؤهُ
نسبُّ بهِ ما لاحَ في الأفقِ كوكـبُ
فلمْ أرَ يومـاً كـانَ أكثـرَ باكيـاً
ووجهاً تُرى فيهِ الكآبـة ُ تجنـبُ
وقد ذكره اغلب مؤرخي الشعرالقديم وعده ابن سلام في طبقاته من الطبقة الثانية
كما ذكره ابن سلام على لسان أبي عمرو بن العلاء في قوله:
- ( كان أوس فحل مضر ، حتى نشأ النابغه وزهير ، فأخملاه ، وكان زهير راويته )
-
- وقد أضاف أبو فرج الاصفهاني في كتابه الاغاني على هذه العباره قوله فهو شاعر تميم في الجاهليه غير مدافع ) وأورد ابن سلام مرة اخرى على لسان عمرو بن معاذ التميمي الذي كان بصيرا بالشعر ، عندما سئل :
-( من اشعرالناس ؟)
- قال : أوس
-،وسئل ثم من ؟
- قال : أبو ذؤيب )
وقد جعله في الطبقه الثانيه من شعراء الجاهليه .
أما ابن قتيبه فقد وصف شعره قائلا:
( كثير الوصف لمكارم الأخلاق ، وهو من أوصفهم للحمر والسلاح ، ولاسيما القوس ، وسبق إلى دقيق المعاني وإلى أمثال كثيره )
وأورد المرزباني قول أبي عمرو بن العلاء عنه:
( أوس بن حجر أشعرمن زهير
وذكره ابن رشيق في قول نصيب عندما سئل :
من أشعر العرب ؟
قال : أخو تميم ،يعني علقمه الفحل وابن حجر )
وفي روايى اخرى وضع ابن حجر اولا وعلقة ثانيا
وقيل كان أوس بن حجر من الشعراء الدين ذكروا السلاح في أشعارهم ، وقد ألح هذا الأمر على أوس فجاء وروده كثيرا في شعره ، وقد سوغه البعض مما ذكر عن قبيلته وما وصفت به من أنهم كانوا بدوا خلصا ، فلم يسكنوا المدن كقبيلة بكر وغيرها، وأن حالة البداوة بكل مافيها من ثورة وعدم استقرار لازمتهم حتى بعد الإسلام ،وقد جاء إسلامهم متاخرا عن إسلام القبائل الأخرى ، ولهذا السبب كانوا أيضا أول المرتدين بعد وفاة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، حتى تصدى لهم خالد بن الوليد ، وقضى على( سجاح) متنبئتهم ، وأعادهم إلى الاسلام ثانية ، ولسيطرة هذه النزعة البدويه عليهم نجدهم قد ساهمو في الثورات التي قامت في عهد الخلفاء الراشدين . وكانو أيضا من عناصر الفتن في عهد بني أميه ، ومن اقوال أوس بن حجر التي تدل على أن نزعة الحرب والقتال و تسيطر على حياته. قوله :
وإنّي امْرُؤٌ أعْدَدْتُ للحرْبِ بَعدما
رأيتُ لها ناباً من الشرِّ أعصَلا
قيل توفي اوس بن حجر قبل الهجرة النبوية بخمس وتسعين سنة أي في سنة \ 530 ميلادية وفي رواية اخرى قيل توفي قبل الهجرة بعامين أي في سنة \ 621 ميلادية
من شعره :
وَدِّعْ لميسَ وَداعَ الصَّارِمِ اللاحي
إذْ فَنّكَتْ في فَسادٍ بَعد إصْلاحِ
إذْ تَسْتبيكَ بِمصْقولٍ عَوَارِضُهُ
حَمْشِ اللِّثاتِ عِذابٍ غيرِ مِمْلاحِ
وَقَدْ لَهَوْتُ بمثْلِ الرِّئم آنِسَةٍ
تُصْبي الحليمَ عَرُوبٍ غير مِكْلاحِ
كأنّ رِيقَتَها بعد الكَرَى اغْتَبَقَتْ
من ماءِ أصْهَبَ في الحانوتِ نَضّاحِ
أوْ من مُعَتّقَةٍ وَرْهَاءَ نَشْوَتُها
أوْ من أنابِيبِ رُمّانٍ وتُفّاحِ
هَبّتْ تَلومُ وَلَيْستْ ساعةَ الّلاحي
هَلاّ انتَظَرْتِ بهذا اللَّوْمِ إصْباحي
قَاتَلَها اللـهُ تَلْحاني وقد عَلِمَتْ
أنّي لِنَفْسِيَ إفْسادي وإصْلاحي
إنْ أشْرَبِ الخَمْرَ أوْ أُرْزَأ لـها ثمَناً
فَلا مَحالَةَ يوْماً أنّني صَاحي
ولا مَحَالَةَ مِنْ قبرٍ بِمَحْنِيَةٍ
وَكَفَنٍ كَسَرَاةِ الثوْرِ وَضْاحِ
دَعِ العَجوزَيْنِ لا تسمعْ لِقِيلـهما
وَاعْمَدْ إلى سيّدٍ في الحيّ جَحْجاحِ
كانَ الشّبابُ يُلَهِّينا وَيُعْجِبُنَا
فَمَا وَهَبْنا ولا بِعْنا بِأرْبَاحِ
إنّي أرِقْتُ وَلمْ تأرَقْ معي صَاحي
لمُسْتَكِفٍّ بُعَيْدَ النّوْمِ لَوّاحِ
قد نمْتَ عني وباتَ البرْق يُسْهِرُني
كما استْتَضاءَ يَهوديٌّ بِمِصْباحِ
يا مَنْ لِبَرْقٍ أبيتُ اللّيلَ أرْقُبُهُ
في عَارِضٍ كمُضيءِ الصُّبْحِ لمّاحِ
دانٍ مُسِفٍّ فوَيقَ الأرْضِ هَيْدبُهُ
يَكادُ يَدفَعُهُ مَن قامَ بِالرّاحِ
كَأنّ رَيِّقَهُ لمّا عَلا شَطِباً
أقْرَابُ أبْلَقَ يَنْفي الخَيْلَ رَمّاحِ
هَبّتْ جَنوبٌ بِأعْلاهُ ومَالَ بِهِ
أعْجازُ مُزْنٍ يَسُحّ الماءَ دَلاّحِ
فالْتَجَّ أعْلاهُ ثُمّ ارْتَجّ أسْفَلُهُ
وَضَاقَ ذَرْعاً بحمْلِ الماءِ مُنْصَاحِ
كأنّما بينَ أعلاهُ وَأْسْفَلِهِ
ريْطٌ مُنَشَّرةٌ أو ضوْءُ مِصْباحِ
ينْزَعُ جِلدَ الحصى أجشّ مُبْترِكٌ
كَأنّهُ فَاحِصٌ أوْ لاعِبٌ داحي
فَمَنْ بِنَجْوَتِهِ كمَنْ بِمَحْفِلِهِ
والمُستكنُّ كمن يمشي بِقِرْواحِ
كَأنّ فِيهِ عِشاراً جِلّةً شُرُفاً
شُعْثاً لَهَامِيمَ قد همّتْ بِإرْشاحِ
هُدْلاً مَشافِرُهَا بُحّاً حَنَاجِرهَا
تُزْجي مَرَابيعَها في صَحصَحٍ ضاحي
فأصْبَحَ الرّوْضُ والقِيعانُ مُمْرِعةً
لامِنْ بَيْن مُرْتَفِق مِنْها ومُنطاحِ
وقَدْ أرَاني أمامَ الحيِّ تَحْملُني
جُلْذيِّةٌ وَصَلَتْ دأياً بِألْوَاحِ
عَيْرانَةٌ كَأتانِ الضّحْلِ صَلّبَهَا
جَرْمُ السّواديِّ رَضّوهُ بِمِرْضَاحِ
سقَى دِيارَ بَني عَوْفٍ وَساكِنَهَا
وَدَارَ عَلْقَمَةِ الخَيْرِ بنِ صَبّاحِ
عَيْرانَةٌ كَأتانِ الضّحْلِ صَلّبَهَا
جَرْمُ السّواديِّ رَضّوهُ بِمِرْضَاحِ
سقَى دِيارَ بَني عَوْفٍ وَساكِنَهَا
وَدَارَ عَلْقَمَةِ الخَيْرِ بنِ صَبّاحِ
********************************************
37
لقيط بن يَعمر الإيادي
هو لقيط بن يعمر بن خارجة الايادي شاعر جاهلي من أهل الحيرة نشأ فيها ولما شب تعلم الفارسية ولما ضاقت به الامور قصد بلاد فارس ودخل في حاشية ملك الفرس كسرى _( سابور)- ويكنى ب( ذي الاكتاف) فاستعمله في ديوان الكتابة وجعله من مستشاريه ومترجميه فكان بحكم عمله مطلعا على كل ما يدور في مملكة الفرس من اسرار
علم الشاعر بان الفرس يتحينون الفرصة لغزوالعرب وخاصة قومه بني اياد ويهمون بالاستيلاء على بلادهم فكتب قصيدته المشهورة التي مطلعها:
(يا دار عمرة من محتلها الجرعا)
والتي تعد من روائع الشعر العربي وغرره ثم وجد من يبعث بها إلى قومه،( بني إياد) لينذرهم بأن كسرى وقومه ( الفرس ) يتحينون الفرصة لغزوهم ، والاستيلاء على بلادهم ، وينصحهم بالتأهب للعدو ، وأخذ الحيطة والحذر ، وعدم الانشغال بما يلهيهم عن الحرب والقتال فياخذونهم بغتة وهم لا يشعرون.
الا أنَّ كسرى علم بالامر وكشف ما فعله لقيط وهو أحدُ كُتَّابه، فطلب أن يحضر( لقيطا) ، ولما وقف الشاعر( لقيط) بين يدي كسرى (ذي الاكتاف ) سأله كسرى عما فعله واسباب ذلك فوقف مرفوعَ الرَّأس غير هيَّابٍ ولا وَجِل، ولم ينكر ما فعل، فأمر كسرى بقطع لسانِه، ثمَّ أمر به فقتل، وبَقِيَ له الذِّكْرُ الحسن.
قيل انه قتله كسرى عام\294 ميلادية وقيل قتل عام\320 ميلادية وفي رواية اخرى انه قتل في عام \380 ميلادية ،
وبقي ذكر لقيط في عداد الخالدين، رَغْم مرور آلاف السنين على الواقعة، وما احوج امتنا اليوم إلى ألسنة كلسان لقيط، وإلى شِعْرٍ كشِعْر لقيط ، وإلى نُفُوس أبيَّة كنفسه، وإلى قائد بالمواصفات التي ذكرها لقيط في قصيدته مع العلم ان قصيدته هذه قصيدة يتيمة اذ لم نجد قصيدة اخرى لهذا الشاعر الفذ وهذه هي القصيدة
يا دارَ عَمْرَةَ مِن مُحْتَلِّها الجَرَعا
هاجَتْ لي الهَمَّ والأَحْزانَ والوَجَعا
ياقوم لاتأمنوا إن كنتمُ غيراً
على نسائكم كسرى وماجمَعا
يا أَيُّها الرَّاكِبُ المُزْجى على عجَلٍ
إِلى الجَزِيرَةِ مُرْتاداً ومُنْتَجِعا
أَبْلِغْ إِياداً، وخَلِّلْ في سَراتِهِمُ
إِنِّي أَرَى الرَّأْيَ، إِنْ لَمْ أُعْصَ قد نَصَعا
يا لَهْفَ نَفْسِيَ إِنْ كانَتْ أُمُورُكُمُ
شَتَّى، وأُحْكِمَ أَمْرُ النَّاسِ فاجْتَمَعا
أَلاَ تَخافُونَ قَوْماً لا أَبَا لَكُمُ
أَمْسَوا إِليكمْ كأَمْثالِ الدَّبا سِرَعا
لو أَنَّ جَمْعَهُمُ رامُوا بِهَدَّتِهِ
شُمَّ الشَّماريخِ مِن تَهْلان لانْصَدَعا
في كُلِّ يومٍ يَسُنُّونَ الحِرابَ لكم
لايَهْجَعُون إِذا ما غافِلٌ هَجَعا
لا حَرْثَ يَشْغَلُهُمْ بل لا يَرَوْنَ لهمْ
مِن دُونِ قَتْلِكُمُ رَيّاً ولا شِبَعا
وأَنتمُ تَحْرُثُونَ الأَرْضَ عن سَفَهٍ
في كلِّ ناحيةٍ تَبْغُون مُزْدَرَعا
وتُلْقِحُونَ حِيالَ الشَّوْلِ آوِنَةً
وتَنْتِجُونَ بدارِ القُلْعَةِ الرّبُعا
وتَلْبَسُونَ ثِيابَ الأَمْنِ ضاحِيَةً
لا تَجْمَعُون وهذا الجَيْشُ قد جَمَعا
مالِي أَراكُمْ نِياماً في بُلَهْنِيَةٍ
وقد تَرَوْنَ شِهابَ الحَرْبِ قد سَطَعا
وقَدْ أَظَلَّكُمُ مِن شَطْرِ ثَغْرِكُمُ
ه َوْلٌ له ظُلَمٌ تَغْشاكُمُ قِطَعا
صُونُوا جِيادَكُمُ،واجْلُوا سُيُوفَكُمُ
وجَدِّدُوا للقِسِيِّ النَّبْلَ والشِّرَعا
واشْرُوا تِلادَكُمُ في حِرْزِ أَنْفُسِكُمْ
وحِرْزِ نِسْوَتِكُمْ لا تَهْلِكُوا جَزَعا
أَذْكُوا العُيُونَ وَراء السَّرْحِ، واحْتَرِسُوا
حتَّى تُرَى الخَيْلُ مِن تَعْدائِها رُجُعا
لا تُثْمِرُوا المالَ للأَعْداءِ إنَّهمُ
إنْ يَظْهَرُوا يَحْتَوُوكُمْ والتِّلادَ مَعا
هَيْهاتَ ما زالتِ الأَمْوالُ مُذْ أَبَدٍ
لأَهْلِها إِنْ أجِيبُوا مَرَّةً تَبَعا
قُومُوا قِياماً على أَمْشاطِ أَرْجُلِكُمْ
ثُمَّ افْزَعُوا، قد يَنالُ الأَمْرَ مَن فَزِعا
وَقَلِّدُوا أَمْرَكُمُ، للّهِ دَرُّكُمُ
رَحْبَ الذِّراعِ، بأَمْرِ الحربِ مُضْطَلِعا
لا مُتْرَفاً إِنْ رَخاءُ العَيْشِ ساعَدَهُ
ولا إِذا عَضَّ مَكْرُوهٌ بهِ خَشَعا
مُسَهَّدُ النَّوْمِ، تَعْنِيهِ أُمورُكُمُ
يَرُومُ فِيها إلى الأَعْداءِ مُطَّلَعا
ما انْفَكَّ يَحْلُبُ هذا الدَّهْرَ أَشْطُرَهُ
يكُونُ مُتَّبَعاً يوماً ومُتَّبِعا
لا يَطْعَمُ النَّومَ إِلاَّ رَيْثَ يَحْفِزُهُ
هَمٌّ، يكَأدُ شَباهُ يَحْطِمُ الضِّلَعا
حتَّى اسْتَمَرَّتْ على شَزْرٍ مَرِيرَتُهُ
مُسْتَحْكِمُ الرَّأْيِ لا قَحْماً ولا ضرَعا
عَبْلَ الذِّراعِ أَبِيّاً ذا مُزابَنَةٍ
في الحَرْبِ يَحْتَبِلُ الرِّنْبالَ والسَّبُعا
لقَدْ بذلتُ لكمْ نُصحي بِلا دَخَلٍ
فاسْتَيْقِظُوا إِنَّ خَيْرَ العِلْمِ ما نَفَعا
هذا كتابي والنَذيرُ لكم
لمن رأى رأيَه منكم ومن سَمِعا
**********************************