البسوس بنت منقذ
سُعاد بنت مُنْقِذ بن سلمان بن كعب بن عمرو بن سعد بن زيد مناة بن تميم شاعرة جاهلية كانت السبب في نشوب الحرب بين بكر بن وائل وتغلب والتي سميت بحرب البسوس التي دامت أربعين عاماً وصار يُضرب المثل للشؤم بالبسوس فيقال : ( أشأم من البسوس )
البسوس اشتهر بزرقة العيون وعند العرب ربما يدل هذا على جمال وملاحة وجهٍ عندها لان ذوات العيون الزرقاء قلة نادرة في المجتمع العربي سابقا وحاضرا .
قال الجاحظ في باب زرق العيون عند العرب : ( وكانت البسوس زرقاء )
وأما ما كان من أمر تلك الحرب التي دارت بسبب ناقة قيل إنها كانت لزوجها فقد قال الثعالبي :
(إن البسوس زارت أخته ا أم جساس بن مرَّة ، ومعها جار لها من قبيلة جرم يقال له سعد بن شمس ومعه ناقة له وكان قد رماها كليب بن ربيعة لما رآها ترعى في مرعى قد حماه فأقبلت الناقة إلى صاحبها وهي ترغو وضرعها يشخب لبناً ودماً فلما رأى ما بها انطلق إلى زوجته سعاد بنت منقذ ( البسوس) فأخبرها
فقالت : وا ذلاه وا غربتاه –
وقيل انها قالت أبياتاً تسميها العرب أبيات الفناء - فسمعها ابن أختها جساس
فقال لها : أيتها الحرة ! اهدئي فو الله لأقتلن بلقحة جارك كليباً
ثم ركب فخرج إلى كليب فطعنه طعنة أثقلته فمات منها . وكانت سببا في وقوع حرب البسوس بين بكر وتغلب والتي دامت أربعين سنة وقد تشاءم العرب فيها . وسار شؤم البسوس مثلاً .
وقيل عن الحرب : (حرب البسوس)
و قالت البسوس قصيدة عدّت من القصائد الموثبات في الشعر العربي .حيث أن المرأة في الجاهلية كانت ربما تقوم بسببها الحروب أحياناً كحرب البسوس وسببا في هلاك الكثير من ابناء الاقوام وخاصة إذا امتلكت هذه المراة سلاحاً فعالاً موثباً مثل الشعر فتقوله حضّا ً على الثأر والانتقام كما فعلت البسوس .
من شعرها:
لَعَمْرُكَ لَوْ أَصْبَحْتُ في دَارِ مُنْقِذٍ
لَمَا ضِيْمَ سَعْدٌ وَهْوَ جَارٌ لأَبْيَاتِي
ولكِنَّنِي أَصْبَحْتُ في دارِ غُرْبَةٍ
مَتَى يَعْدُ فِيها الذِّئبُ يَعْدُ على شَاتي
فَيَا سعدُ لا تَغْرُر بِنَفْسِكَ واِرتَحل
فإنَّكَ في قَوْمٍ عنِ الجارِ أَمْوَاتِ
وَدُونَكَ أَذوادِي فَإنّي عَنْهُمُ
لَرَاحِلَةٌ لا يَفْقِدُونِي بُنَيَّاتِي
وفي رواية اخرى قيل ذات يوم اطلقت البسوس واسمها ( سعاد بنت منقذ ) وهى فى جوار( بكر ) ناقة لها تدعى ( سراب )لترعى فى حما ( كليب ) فلما راى كليب الناقة ترعى في حماه رماها فشق ضرعها بسهم وادمى راعيها (سعد بن ذؤيب الغسانى) وهو يقول
ليعلم آل مرة حيث كانوا .
بأن حماى ليس بمستباح
وأن القوح جارِهِمِ سَتَغدو
عَلى الأَقوامِ غَدوَةَ كَالرَواحِ
وَتُضحي بَينَهُم لَحماً عَبيطا
ًيُقَسِّمُهُ المُقَسِّمُ بِالقِداحِ
وَظَنّوا أَنَّني بِالحِنثِ أَولى
وَأَنّي كُنتُ أَولى بِالنَجاحِ
إِذا عَجَّت وَقَد جاشَت عَقيراً
تَبَيَّنَتِ المِراضُ مِنَ الصَحاحِ
وَما يُسرى اليَدَينِ إِذا أَضَرَّت
بِها اليُمنى بِمُدكَةِ الفَلاحِ
بَني ذُهلِ بنِ شيبان خَذوها
فَما في ضَربَتَيها مِن جُناحِ
فاختلط لبنها بدمها فماتت . فلما علمت البسوس ( سعاد بنت منقذ ) بأمر ناقتها انشات تقول :
فلو أننى اصبحت فى دار منقذٍ
لما ضيم سعد وهو جار لأبياتى
ولكننى اصبحت فى دار غربةٍ
متى يعدو فيها الذئب يعدو على شاتى
فيا سعد لا تغرر بنفسك وارتحل
فإنك فى قوم عن الجار اموات
فرأت قبيلة بكر في قولها المهانة والذلة اذ انهم عجزوا عن حماية ناقة لمن فى جوارهم خاصة وان الشعر يسرى بالجزيرة العربية سريعا كنار فى حطب الهشيم فاقسم عمرو بن مرة ويسمى (جساس) بأن يثأر لها وهي خالته فالتقى كليبا فقتله ثم انشد قائلا :
و نحن قهرنا تغلب ابنة وائلٍ
بقتل كليب اذ طغى وتخيلا
أخذناه بالناب التى شُقَّ ضرعها
فأصبح موطوء الحما متذللا
وبهذين البيتين لم تترك قبيلة بكر مجالا لاي صلح أو تفاوض خاصة وان كليب وهو يحتضر كان قد كتب بدمه على صخرة بوادٍ اسمه (الحصى والجندل)موقع واقعة مقتله لأخيه سالم (لا تصالح)
فاستقبل سالم بن ربيعة وكان عربيدا متصعلكا ينادونه الزير وفارسا مغوارا ينادونه المهلهل نبأ مقتل أخيه كليب ليلاً وهو سكران فأنشد مخاطبا اخته سعاد بنت ربيعة وينادونها( ضباع ) قائلاً :
دَعِينِي فَمَا فِي الْيَوْمِ مَصْحى ً لِشَارِبٍ
وَلاَ فِي غَدٍ مَا أَقْرَبَ الْيَوْمَ مِنْ غَدِ
دَعِينِي فَإِنِّي فِي سَمَاريرِ سَكْرَة ٍ
بها جلَّ همي وَ استبانَ تجلدي
فإنْ يطلعِ الصبحُ المنيرُ فإنني
سَأَغْدُوا الْهُوَيْنَا غَيْرَ وَانٍ مُفَرَّدِ
و أصبحُ بكراً غارة تصلاهموً
يَنَالُ لَظَاهَا كُلَّ شَيْخٍ وَأَمْرَدِ
فلما أصبح الصباح توجه سالم لدفن أخيه كليب وكانت شرارة حرب ( البسوس) قد قدحت بين بكر وتغلب وسببها ناقة الشاعرة سعاد بنت منقذ
*************************