اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني

الحضارة الاسلامية باشراف المهندس خالدصبحي الكيلاني والباحث جمال الدين فالح الكيلاني


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

عبد القادرالكيلاني .. نموذج من شعرالتصوف بقلم د فالح الكيلاني

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

فالح الحجية

فالح الحجية
Admin






عبد القـــادرالجيلاني
(نموذجا من شعرالتصوف)


بقلم د. فالح الكيلاني

ان اواصر الصلة التي تربط بين الدين والشعر تتركز في اعتماد كل منهما على الروح الالهام والحدس والتلقي اعتقادا واعتمادا وافرا ابتداءا من اقتناع الانسان الاول بان لكل شيء روحا وهذه الروحية هي مافي الدين من شعر ومافي الشعرمن دين وان الفرق بين الروءيا الصوفية والرؤيا الشعرية ينبثق من درجة تسامي كل منهما 0 لذا نلاحظ في مجال الفناء في العالم والامتزاج فيه لدى الصوفي بحيث تتوحد كل تناقضاته ويغدو عينا شفافا خاليا من التعكر والصراع وربما لايفترض في التجربة الشعرية بلوغ هذاالمدى في كل الاحيان الا عند القليل من الشعراء ففي حالات الصفاء والشفافية تقترب رؤى الشعراء من رؤى الصوفية وقد تبلغ مبلغها من السمو والتركيز فتاتي او تجيءا شعارهم كشطحات صوفية جانحة الى الايماء والرمز والغموض واللامعقول فالشعرالصوفي هو امتداد لشعر الزهد فقد نحدرا في نهر واحد ثم افترقا قريبا من بعضهما ثم يلتقيان في مصب واحد فشعراء الزهد كانت قصا ئدهم واشعارهم في التقرب الى الله تعالى طمعا في الجنة والجزاء الحسن ومن هنا كان شعرا مليء بالفاظ التوسل و الرجاء و المناجاة والتحذير من النار وملذات الحياة الدنبا وشهواتها والتذكير بالاخرة والمعاد والحساب يوم القيامة اما الشعراء الصوفيون فقد نبعت اشعارهم وقصائدهم من هواجس الحب والشوق والوله والعشق لخالقهم لذا اختاروا الالفاظ الغزلية وكلمات الحب الخالص في التعبير عن مكنون انفسهم وافكارهم وما يداخلها من حب وشوق الى الله تعالى وشتان بين الخوف والرهبة وبين الحب والشوق فالشاعر الصوفي محب عاشق واله من حيث ان الصوفية في جوهرها وذاتها ضرب من ضروب الحب والوله والفنا ء بالحبيب واليه والاسلوب الشعرى هو بنا ء القصيدة من حيث الشكل والمضمون حسا مضمونا وفنا وتخيلا وتصورا واحاسيس ووجدان وعواطف وصورا شعرية وبلاغة وموسيقى و نحوا وبلاغة في كل ما يتطلبه البناء الشعرى للقصيدة وداخل فيها ابتدا ءا من مطلعهاالى خاتمتها والقصائد الكيلانية امتازت بين الطول والقصر فهناك مقطوعات تكونت من بيتين او ثلاثه وقصائد بين عشرات الابيات الى جانب مطولات كانت قمة في الرقي الشعري وخاصة قصيدته العينية التي بلغت 391 بيتا الا ان السمة الجامعة لهذه القصائد اوالمقطوعات انها في التصوف والحب الالهي واللغة الشعرية التي استعملها الشعراء الصوفيون قد اشتملت على الغزل العذرى وما فيه من الفاظ في الحب والشوق والوجد والفناء في داخل المحبوب وقد اضافوا اليهااحدى طرق التعبير الصوفي ماثلة في التلويح او الرمز الشعرى الذى يومىء او يستشير به لها ومن خلال هذا الطريق استطاع الشاعر الصوفي التعبير عما يخالجه ويجول بخاطره من عبارات دون الاكتراث بما حوله وقد اكد الشيخ الكيلاني هذه الحقيقة في شعره متخذا من الرمز او الاشارة مسلكا كقوله \

اسرارى قراءة مبهمات مسترة بارواح المعاني

فمن فهم الاشارة فليصنها والا سوف يقتل بالســـــنان

كحلاج المحبة اذ تبوت له شمس الحقيقة بالتدا ني

وقال :

انا هو الحق الذى لا يغير ذاته مر الزما ن

ومن العناية الشعرية جودة الصياغة وحسن اختيار الالفاظ حيث كان دقيقا في اختيار الفاظ شعره في ظل الرمز يقول من الوافر:
سقاني الحب كاسات الوصال
فقلت لخمرتي نحوي تعالي

اوفي قصيدته التي مطلعها :

مافي الصبابة منهل مستعذب
الا ولي فيه الالذ الاطيب



فقد استعمل الالفاظ السهلة وانتقاء الكلمات الحلوة التي تبين ما يتمتع به الشاعر من قوة والهام في الاختيار والتعبير والشاعرية الفذة بالفاظ سهلة ماءلوفة البسها ثوبا جديدا قشيبا يتلون بالوان وهج القصيدة واحاسيسها واءوقعها بين الرقة والعذوبة والخطابية الكلمات الحلوة التي تبين ما يتمتع به فقد استعمل الالفاظ السهلة وانتقاء الخطابية لذا جاء شعره رقيق الحواشى جميلها رمزيا في بعض منها يقول:-


لاخمرة الا خمورى في الهوى
ولا غرام الا من تصاعد زفرتي


اما الموسيقى الشعرية فانها تنبع من احساس الشاعر وما يتاءجج في نفسه من احوال ومواجيد وقد ارتبط بالموسيقى مظهران اساسيان واضح من وعائهما وهما الاوزان والقوافي ففي مجال الاوزان الشعرية والوزن هو قالب موسيقي يعتمده اسلوب الشعر العربي اوهو مصطلح الايقاع واللحن الحادث من تجمع اصوات الحروف وتجاوبها مع بعضها تنسيقا واداءامع الصياغة من خلال انتقا ء الشاعر لها ونلاحظ ان الشيخ قدس سره قداختار لقصائده الاوزان ذات النغمات الطويلة والموءثرة في المتلقي لذا جا ئت قصائده تسبح في بحار الطويل والبسيط والكامل والوافر اما القوافي فانها تنطوي على تقدير الاتصال بين ابيات القصيدة الواحدة وتبرز اهميتها من خلال الاتصال والتناسق مع الاوزان الشعرية والانسجام بينهما بحيث نجد في شعر الكيلاني معظم قوافيه جاء كذالك منسجما مع الوزن بحيث تشكل جرسا موسيقيا عذبا متالقا متصاعدا تتفاعل مع العواطف المتلقية حتى تصل الى الانبهار في بعضها اما فى موضوع الفنون الشعرية فاقول ان الصوفي ولد في احضان حركة الزهدالاسلامي وتطور من خلالها والشعر الصوفي ولد في رحم التيار العام للشعرالديني في ا لاسلام وترعرع فيه وقد عبر الشعر الصوفي بامانة عن مختلف النوازع الصوفية كالاعراض عن الدنيا والزهد فيها والاخلاد الى القناعة والرضا بفضل الله تعالى والصبر عند النوازل والشكر لنعم الله تعالى والتوكل عليه في السراء والضراء وفي مقامات الصوفية وحقيقتها نلحظ نهوض القلب في طلب الحق عزوجل والمقام عندهم مقام العبد بين يدي الله تعالى فيما ياءتيه من العبادات والمجاهدات والرياضات والانقطاع اليه تعالى مع فرض الاتيان بكل التكاليف الشرعيه والتاءكيد على الديمومة عليها وكل هذه النوازع والسبل اليها نجده ثابتا في ادب الشيخ الجيلاني في نثره وشعره والصورة الفنبة هي اللمحة والحالة الني بسجلها الشاعر وما يتمثل به من احساس وادراك للوصول الى ما تسمو اليه شاعريته ويروم تسجيله بحالة انصع وافضل والصورة الشعرية قمة خيال الشاعر فهي بحر يسبح فيه وسماءوسماء يعرج فيها وارض يتنزه عليها وفيها والصورة الشعرية الفنية في شعر الجيلاني قدس سره نجدها واضحة جلية في قصائده ومقطوعاته الشعرية تشمخ من خلال دراسة هذه القصائد ونستطيع ان نلمس ذلك في الفنون الشعرية التي طرقها وانشدفيها فكانت فنونا شعرية واغراضا مقصودة كان منها ما يلي :-

1- الفخر الصوفي :

وفيه اتجه شعر الجيلاني قدس سره وجهة متميزة قد اختلفت عن مسالك الفخر المعروف فلم نجد فيه مديحا للملوك والامراء والاشخاص ولم يقصد فيه الى التباهي والتفاخر والتعظيم بما يملك او بما كان له من ماثر الاجــــــــداد والامجاد انما نجده ينبع من عقيدته ومنزلته الدينية وما يفرضه عليه الحدود الدينية التي وصل اليها في العبادة وفي حب
الله تعالى فيقول:

مافي الصبابة منهل مستعـــــــــــذب
الا ولي فيه الالــــــــذ الاطيــــــــب

اوفي الوصال مكانة مخصوصــــــة
الا او منزلتي اعــــــز واقـــــــرب

وهبت لي الايام ر ونق صفوهـــــــا
فغلا مناهلها وطاب المشرب

اضحت جيوش الحب تحت مشيئتي
طوعا ومهمـــــــا رمته لايغـــــرب

ومن الصور الفنية الجميلة في شعره اعتماده اسلوب التشبيه بحيث يشبه المحسوسات ببعضها بحيث يشبه محسوسا باخر محسوس مثله او معنوي ينبثق من محسوس مثله قال:-

اضحى الزمان كحلة مرقومة
تزهو ونحن لها الطراز المذهب





2- السكر اوالخمرة الالهية :

- السكر والصحو من اظهر الاحوال الصوفية واخصها وقد اختلف المشايخ ايها افضل واليـــــق بالصوفي لذا فاضت الاقوال المأ ثورة بالتعبير عن الفناء والغيبة والسكرو ما الى ذلك مما يشير الى ان الصوفي كان فــــــــي اغلب احواله ماخوذا مشغولا عن نفسه وعن كل ماسوى الله بالله وحده السكر الصوفي هو تلك النشوة العارمة التـــــي تفيض بها نفس الصوفي وقد امتلاءت بحب الله تعالى حتى غدت قريبة كل القرب فالسكر الصوفي ليس شرابا او خمرا يدير الراس او يثقل الحواس فيضرب غشا وة علي القلب بل هواحساس يوقظ النفس وينعش الوجدان ويجلوعين البصيرة في نظرالصوفية- فتفتح امام القلب افاقا للروح في هــــــــــذه العوالم الجذابة الشائقة بحيث تستولي تجليات الحبيب على قلب الصوفي فلا يشهد ولا يشاهد سوى الحق سبحاه وتعالــــى لان حضور الحبيب في القلب هو محور لشعوره بذاته وبما حوله وقد يصل الى درجة صفو الوجد وبهذا يحل والوجود الشهــودي وحل الوجود الوجودي ونتيجة لذلك وهذه الدرجة من الحب الالهي وما يشعر به ا لصوفي العارف تجاه خالقه ومايحـــس به من شعور ازاء جمال من يحب المنزه عن الجمال الدنيوى ظهرت حالات النشوة والتي هي حالات السكر المشابه فـــــي اثاره الى حد بعيد حالات السكر الخمري وهذه الحالة علامة الصدق في الحب في ذلك يقول الشيخ عمر السهروردي المحــــــب شرفه ان تلحقه سكرات المحبة فاءن لم يكن ذلك لم يكن حبه حقيقة- ومن هنا نجد شعر الجيلاني قدس سره قد ملــــــــــــــــــــــىء بالخمريات الالهية حيث انها مزجت بدم الشيخ فتنبعث من روحه وقلبه وعواطفه لاحظ اليه يقول :

حد يثها من قديم العهد في اذنـي
فخلني من حديث الحادث الفانــــي

قديمة مزجت روحي بها ودمـــي
وهي الاتي لم تزل روحي وريحانـــي

انا النديم الذي تم السرور بـــــــه
من كان يعشق رب الجا ن يهواني

وتعشق الراح مني حين اشربهـــا
ويسكر السكر مني حين يغشانــــي

أي تعبير مبدع حاذق هذا واية صورة فنية خالدة لحالة السكر الالهي فالراح هي التي تعشقه والسكر هو الذي به يسكـــــــــر وخمرته ليس هذه الخمور الدنيوية وليست نشوته نشوتهم فهي نشوة ازلية ابدية يعني بها التحدث بذكر الله تعالى في السر الخفي الذي رادف السر والنور المحمدي وفيها يتشوق الشيخ قدس سره الى الذا ت العلية وحبيبه الذى يراه في كؤوس الخمر الا لهية يقول:-

سقاني حبيبي من شراب ذوي المجد
فاسكرني حقا فغبت على وجـــدي

وحالة السكر هذه لاتكون الا لاصحاب المواجيد فهي حالة متاءتية من النظرالىالحق وفيه بعين القلب مستأنسا بالمشاهـــــدة والحب والجمال الالهي في ظل النشوة العظيمة التي يشعر بها وقد تسمى هذه الحالة الشطح وهي حالة فيض وجد فـــاض بقوته وهاج لشدته وغليانه وغلبته والشطح عند الصوفيه من الحركة انها حركة اسرار الواجدين – فالصوفي عندما يقوى وجده ولم يطق حمل مايرد على قلبه من سطوة انوار الحقائق الالهية فيسطع ذلك على لسانه بعبارات مستغربة على مفهوم سامعها الا اذا كان من العارفين متبحرا في العلوم واستطيع تمثيل حالة الفيض بدلو ملىءبالما ء ووضع تحت سيل يصب فيه فكلما كان السيل قويا كان الفيض مثله وهذه حالة لايستطيع ادراك قوتها ا لا من دخل فيها واحسها بصدق انظر اليه يقول \–من البسيط-

لي همة بعضها يعلو على الهمــــــم
ولي هوى قبل خلق اللوح والقلم

ولي حبيب بلا كيف ولا مثـــــــــــل
ولي مقام ولي ربع ولي حرم

القادرية فرسان معربـــــــــــــــــدة
بين الانام وسري شاع في القدم

عصف البحار وقد اظهرت جوهرها
فلم ار قدما تعلو على قدمـــــــي

فهي جراء هيمانه ووجده يتصور ان همته تعلو على جميع الهمم الاخرى ووجده قبل خلق اللوح والقلم وان الله تعالى منزه عن الكيفية والمثلية :

– ((ليس كمثه شىء وهوالسميع البصير )-

ويشير الى ان مقامه محفوظ ومحارمه مصانة ويشبه من تبعه من السالكين طريقته وسلوكه كالفرسان الذين لهم من الباءس والقوة فاذاع شهرته وعلت منزلته بين العالمين ومع كل هذا وذاك وفي حالتي الصحو اوالسكر نجد نكران الذات لدى الصوفي تنبع من هجره ملذات الحياه والانشغال بذكرالله مما يشــــع من روحه الصفاء من الكدر والانانية ويجعلها تفيض بالمحبة الخالصة الصافية في سمو من الاخلاق امتثالا للحديث القدســـــــي:

( المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء )

3- الحب الالهي:

ويعتبر الحب الالهي حجر الزاوية في الروءية الصوفية وهو الذى اخرج الكون من العدم والارادة فمحبة الحق تعالى للعبد ارادته لانعام مخصوص عليه وهي حالة تلاحظ في قلبه بلطف من العبارة وقد تحمله هذه الحالة على التعظيم له وايثار رضاه تعالى وقلة الصبر عنه وللاهتياج اليه وعدم القرار من دونه مع وجود الا ستيناس بدوام ذكره له بقلبه لقد وردت كلمة الحب في القران الكريم في عدة مواضع مما يدل على انه عاطفة صافية من الله تعالى نحو عبده غرسها فيه واخرى صاعدة من العبد نحو ربه حالة متبادلة بين العبد وربه فالمحبة منه اليه اودع بذورها قلوب محبيه وان الروح فيض منه تعالى وهبة منه اليهم فالحب تعبير عن وفاء الروح لخالقها وليس جميع الارواح قادرة على الوفاء بالحب عن منة الله اليها لذا اصبح اهل المحبة مخصوصين بهذه النعمة اصطفاهم ربهم عن سائر خلقه وقد تصل درجة المحبة فيهم الى حد الوجد فتكون مكاشفات من الحق تعالى تثير الزفير والشهيق والبكاء والانين والصعقة والصيحة والصراخ ويكون ذلك اذا انقطعت الاسباب وخلص الذكر وحي القلب ورق وصفى وغرست فيه الموعظة والذكر فانبتت واورقت واثمرت وحل الذكر من المناجاة في محل قريب وخوطب فسمع الخطاب باذن واعية وقلب شاهد وسر طاهر فشاهد ماكان فيه ان التصوف بني على الحب الصادق العفيف فهو سمة بارزة للتصوف التزمه الصوفيون ايمانا بقدسيته حيث ورد كما اشرنا انفا في المصحف الشريف:

( قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )

وفي احاديث الرسول الكريم على الله عليه وسلم ورد الحب بها كثيرا :

(اللهم اني اساءلك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني الى حبك)

والصوفيون يعتبرون اعمالهم تقربهم الى محبه الله تعالى لذا اصبح الحب الصوفي حبا صادقا تتعلق الروح فيه بالحضرة الالهية ومنها ظهر تاءثر الشعراء الصوفيين بشعرا ء الحب العذري وتمثلوا بالفاظهم ومواجيدهم وتغنوا بالذات الالهية وقد تبين بجلاء تام في شعر الشيخ الجيلاني قدس سره:

فواءد به شمس المحبه طالع
وليس لنجم العذل فيه مواقع

ومن علائم الحب الالهي الانس وهو اقرار المشاهدة لجمال الحضرة الالهية في القلب وهذا جما ل الجلال وفيه ينجلي الشيخ قدس سره وكانه في حضرة التقريب مستاءنسا بوجوده مع الحق تعالى وقد تحققت عبوديته له ووصل الى المقام الاعلى وهنا ليس للصبر مع العبد اختيار ولا ارادة بل يصل الى درجة الفناء فيه وقد اتخذ الفناء في شعر الجيلا ني قدس سره مايفصح عن كيفية هذا وتمكينه في هذا الحب منه من افناء ذاته واتحادهما في موضوعاتهما بتشويق ازلي في توكيد الذات واثباتها يقول من الطويل :

تمكن مني الحب فامتحق الحشـــــــــــا
واتلفني الوجد الشــــديد المنـــازع

وقد فتكت روحي تقارعه الهـــــــــوى
وافنيت في نجـــــو ى بما انا فازع

تلذ لي الايام اذ انت مسقمــــــــــــــــي
وان تمتحني فهي عندي صنايع

ويحق لي ان ذكر الله تعالى والدوام عليه في ثنايا هذا الحب العطيم وتوكيد الاتصال الالهي الذي يشعر به اتجاه من يحب ليشير الى المنزلة العظيمة التي تحاول التقرب منها دائما ومن هنا يتبين ان الحب الالهي سر ان افصح عنه عوقب صاحبه بالموت واتهم بالكفر والعصيان وعلى هذا فان الحب الالهي عند الجيلاني قدس سره قد اخذ منحى من قبله من شعر اء الصوفية في التكتم والسر وعدم البوح وتحمل مايجده من صبابة ولوعة وشوق ووجد يقول :

- فقري اليكم عن الاكوان اغناني
وذكركم عن جميع الناس انساني

وقد عرفت هواكم واعترفت بــــــه
وانكرت من كان في عرفي وعرفاني

ان جاء جدب فانتم غيث مخمصتي
او عز خطب فاءنتم عز سلطاني

وان يكن احد في الناس منصرفا
الى سواكم فمالي غيركم ثاني


4- شعر الشكوى والمحنة:


ان الشعر الزهدي اوالديني والشعر الصوفي رافد من روافده الفذة - اتسم بالشكوى من الحياة اوالدنيا والحنين الى الاخرة والجيلاني قدس سره احد شعراء الصوفية المطالع لشعره او دارسه يلاحظ المنهج فيه و اضحا وان كانت الحياة التي احياها بعيدة عن شظف العيش فيما عدا بدايات دخوله بغداد فقد تهياءت له اسباب الحياة ومسبباتها وعاش بين الوجاهة والعبادة والرئاسةوالمجاهدةوالدراسة والتدريس والوعظ والحكم و الارشاد وكان فيها جميعا راسا ومن عاش مثله لايشكو الاان اتجاهه الديني وطريقته الصوفية جعلاه يحن الى خالقه هاجرا كل الدنيا الفانية شاكيا اليه تعالى بعد القرب ولا ا زيد عما ترجمته السيدة ايمان الهداوي في اطروحتها - عبد القادر الجيلاني اديبا – فانه هو ذاته الشكوى فن شعري قديم قدم الشعر ذاته تعود اصوله الى شعر ما قبل الاسلام وقد عرف الشعر العربي الوانا من من شعر الشكوى منها الشكوى من الناس ومن الحاكمين ومن الزمن ومن ومن ومن الاغراض التي وجدناها في شعر الشيخ الجيلاني قسسره الشكوى لله تعالـــــــــــى والاستغاثة به والتعلق بر حمته فهو يبث شكواه عند الضيق لخالقه تعالى فهو ميسر لكل صعب يقول في رائيته ::

اذا ضاق حالي اشتكيت لخالقي
قدير على تيسير كل عسير

فما بين اطباق الجفون وحلهــا
انجبار كسير وانفكاك اسير

لقد ابدع الشعر في تصوير القدرة الالهية بانطباق الجفون وحلها (- انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون )– هذا من قبيل التصوير الفني الذى يدفع بموضوعات الشيخ نحو الجدة والابتكار فهو يعتمد الجرس القرا ني وصوره الفنية يقول من البسيط :

يامن علا قرائ مافي القلوب وما
تحت الثرى وظلام الليل منسدل

انت الغياث لمن ضاقت مذاهبــه
انت الدليل لمن حارت به الحيل

انا قصدناك والامال واثقـــــــــة
والكل يدعوك ملهو ف و مبتهل

فان عفوت فذو فضل وذوكــــرم
وان سطوت فأنت الحكم العدل

وهكذا تجري قصائد الشيخ الجيلاني قدس سره واشعاره في الاستغاثة والشكوى لله تعالى والتعلق برحمته وجوده وكرمه من ذلك قوله –من المجتث :

وقفت بالباب دهــــرا عسى افوز بوصلي
من بان ترفضنـــــــي عبد ببابك من لــي
مالي بغيرك شغـــــــل وانت غاية شغلي

ان الوزن الشعري - المجتث – يموج بالكلمات ويجعل منها نشيدا جميلا لايختلف في مكانته الفنية عن ترنيمات المحبين:

( الهي قد انبت بباب عطفك سائلا مع ذلة والدمع مني سائلا)

شعاره في هذا المجال قصيدته المخمسة في الرجاء والاستعطاف يقول :-

وعلمت اني كم سألت مسائــلا
حاشا لجودك ان تجنب سائلا

امازال في احسان عفوك يطمع
لم يبق في قوس التجلد مدفـع

ادعوك يارحمن غير مشبــــــه
مستشفعا بالمصطفى وبولـده

فعفو لعبدك ماجنى من ذنبـــــه
يارب ان فـــرج فعجل لي بــــه



https://falih.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى