اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني

الحضارة الاسلامية باشراف المهندس خالدصبحي الكيلاني والباحث جمال الدين فالح الكيلاني


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

الشاعر يزيد بن الطثرية - بقلم فالح الحجية

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

فالح الحجية

فالح الحجية
Admin




يزيد بن الطثرية


هو ابو الكشوح يزيد بن الصمة( المنتشر) بن سلمة الخير بن سمرة بن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. شاعر اموي ذو شرف وقدر في قومه
وأمه امرأةٌ من (طثر) وقيل له ابن الطثرية وهم حيٌّ من اليمن عدادهم في جرم. وقيل: طثر هم من عنز بن وائل إخوة بكر بن وائل من أسد بن ربيعة بن نزار. وكان أبو جراد أحد بني المنتفق بن عامر بن عقيل أسر طثراً فمكث عنده زماناً ثم خلاه وأخذ عليه إصراً ليبعثن إليه بفدائه أو ليأتينه بنفسه وأهله فلم يجد فداءً فاحتمل بأهله حتى دخل على أبي جراد فوسمه سمة إبله فهم حلفاء لبني المنتفق متفرقين في بني عقيل يوالون بني المنتفق وهم يعيرون بذلك الوسم. وقيل فيهم Sadعليه الوسم وسم أبي جراد)
يقول فيهم يزيد بن الطثرية:
ألا بئسما أن تجرموني وتغضبوا
علي إذا عاتبتكم يا بني طثـر
وزعم بعض البصريين: أن الطثرية (أم يزيد) كانت مولعةً بإخراج زبد اللبن فسميت الطثرية. وطثرة اللبن: زبدته.
. وكان شريفا ومتلافا للمال صاحب غزل وظرف وشجاعة وفصاحة وكان يلقب ( المودق) لجماله ولحسن وجهه وحسن شعره وحلاوة حديثه وكان كثير التحدث إلى النساء محبوبا مقبولا عندهن حتى قيل : إنه إذا جلس بين النساء ودقهن. يقول: من أفحم عند النساء فلينشد من شعري. قال: وكان كثيراً ما يتحدث إلى النساء حتى قيل :إنه عنين.
ابن الطثرية شاعر اشتهر بالغزل والفخر والهجاء لم يعرف عام مولده منذ الصبا احب النساء ومعاشرتهن وطرق الوصول الى قلوبهن وافتتانهن به واحب منهن وكان متلافا للمال لايعيره اهمية ولا يقصده للجمع والغنى .
يروى عن سعاد بنت يزيد بن زريق وهي امرأةٍ منهم: أن يزيد
بن الطثرية كان من أحسن من مضى وجهاً وأطيبه حديثاً و النساء كانت مفتونةً به وذكر الناس أنه كان عنيناً وذلك أنه لا عقب له .
وقيل أن الناس أمحلوا حتى ذهبت الدقيقة من المال وانهكت الجليلة فأقبل صرمٌ من جرم ساقته المجاعة والجدب من بلادهم إلى بلاد بني قشير وكان بينهم وبين بني قشير حربٌ عظيمة فلم يجدوا بداً من رمي قشيرٍ بأنفسهم لما قد لحقهم من الجدب والمجاعة وقلة الأموال وما أشرفوا عليه من الهلكة . ووقع الربيع في بلاد بني قشيرٍ فانتجعها الناس وطلبوها فلم يعد أن لقيت جرمٌ قشيراً فنصبت قشيرٌ لهم الحرب.
فقالت جرم: - إنما جئنا مستجيرين غير محاربين.
- قالوا: مما ذا؟
- قالوا: من السنة والجدب والهلكة التي لا باقية لها. فأجارتهم قشيرٌ وسالمتهم وأرعتهم طرفاً من بلادها. وكان في جرم فتًى يقال له (مياد) وكان غزلاً حسن الوجه تام القامة آخذاً بقلوب النساء. والغزل في جرمٍ جائزٌ حسن وهو في قشيرٍ ( نائرة). فلما نازلت جرمٌ قشيراً وجاورتها أصبح ميادٌ الجرمي فغدا إلى القشيريات يطلب منهن الغزل والصبا والحديث واستبراز الفتيات عند غيبة الرجال واشتغالهم بالسقي والرعية وما أشبه ذلك فدفعنه عنهم وأسمعنه ما يكره. وراحت رجالهن عليهن وهن مغضبات فقالت عجائز منهن: والله ما ندري أرعيتم جرماً المرعى أم أرعيتموهم نساءكم! فاشتد ذلك عليهم
وقالوا: وما أدراكنه؟
- قلن: رجلٌ منذ اليوم ظل مجحراً لنا ما يطلع منا رأس واحدةٍ يدور بين بيوتنا.
- فقال بعضهم: بيتوا جرماً فاصطلموها.
وقال بعضهم: قبيح! قومٌ قد سقيتموهم مياهكم وأرعيتموهم مراعيكم وخلطتموهم بأنفسهم وأجرتموهم من القحط والسنة تفتاتون عليه هذه الافتيات! لا تفعلوا، ولكن تصبحوا وتقدموا إلى هؤلاء القوم في هذا الرجل فإنه سفيهه من سفهائهم فليأخذوا على يديه. فإن يفعلوا فأتموا لهم إحسانكم وإن يمتنعوا ويقروا ما كان منه يحل لكم البسط عليهم وتخرجوا من ذمتهم. فأجمعوا على ذلك. فلما أصبحوا غدى نفر منهم إلى جرمٍ:
فقالوا: ما هذه البدعة التي قد جاورتمونا بها! إن كانت هذه البدعة سجيةً لكم فليس لكم عندنا إرعاء ولا إسقاء فابرزوا عنا أنفسكم وأذنوا بحرب. وإن كان افتتاناً فغيرواً على من فعله. وإنهم لم يعدوا أن قالوا لجرمٍ ذلك. فقام رجالٌ من جرمٍ وقال:
- ما هذا الذي نالكم؟
- قالوا: رجلٌ منكم أمس ظل يجر أذياله بين أبياتنا ما ندري علام كان أمره!
فقهقهت جرمٌ من جفاء القشيريين وعجرفتها وقالوا:
- إنكم لتحسون من نسائكم ببلاءٍ ألا فابعثوا إلى بيوتنا رجلاً ورجلاً.
- فقالوا: والله ما نحس من نسائنا ببلاء وما نعرف منهن إلا العفة والكرم ولكن فيكم الذي قلتم.
- قالوا: فإنا نبعث رجلاً إلى بيوتكم يا بني قشير إذا غدت الرجال وتخلف النساء وتبعثون رجلاً إلى البيوت ونتحالف أنه لا يتقدم رجلٌ منا إلى زوجةٍ ولا أخت ولا بنت ولا يعلمها بشيء مما دار بين القوم فيظل كلاهما في بيوت أصحابه حتى يردا علينا عشياً الماء وتخلى لهما البيوت ولا تبرز عليهما امرأةُ ولا تصادق منهما واحداً فيقبل منهما صرفٌ ولا عدلٌ إلا بموثق يأخذه عليها وعلامةٍ تكون معه منها.
- قالوا: اللهم نعم.
فظلوا يومهم ذلك وباتوا ليلتهم حتى إذا كان من الغد غدوا إلى الماء وتحالفوا أنه لا يعود إلى البيوت منهم أحد دون الليل. وغدا مياد الجرمي إلى القشيريات وغدا يزيد بن الطثرية القشيري إلى الجرميات فظل عندهن بأكرم مظلٍّ لا يصير إلى واحدةٍ منهن إلا افتتنت به وتابعته إلى المودة والإخاء وقبض منها رهناً وسألته ألا يدخل من بيوت جرمٍ إلا بيتها.
- فيقول لها: وأي شيء تخافين وقد أخذت مني المواثيق والعهود وليس لأحدٍ في قلبي نصيبٌ غيرك حتى صليت العصر.
فانصرف يزيد بفتخٍ كثيرٍ وذبلٍ وبراقع وانصرف مكحولاً مدهوناً شبعانا ريانا مرجل اللمة. وظل ميادٌ الجرمي يدور بين بيوت القشيريات مرجوماً مقصًى لا يتقرب إلى بيت إلا استقبلته الولائد بالعمد والجندل فتهالك لهن وظن انه ارتيادٌ منهن له حتى أخذه ضربٌ كثير بالجندل ورأى البأس منهن واجهده العطش فانصرف حتى جاء إلى( سمرةٍ ) وهي قرية قريبة منها في نصف النهار فتوسد يده ونام تحتها نويمةً حتى أفرجت عنه الظهيرة وفاءت الأظلال وسكن بعض ما به من ألم الضرب وبرد عطشه قليلاً ثم قرب إلى الماء حتى ورد على القوم قبل يزيد فوج أمةً تذود غنماً في بعض الظعن فأخذ برقعها .
- فقال: هذا برقع واحدةٍ من نسائكم
فطرحه بين يدي القوم وجاءت الأمة تعدو فتعلقت ببرقعها فرد عليها وخجل ميادٌ خجلاً شديداً. وجاء يزيد ممسياً وقد كاد القوم أن يتفرقوا فنثر كمه بين أيديهم ملآن براقع وذبلاً وفتخاً وقد حلف القوم ألا يعرف رجلٌ شيئاً إلا رفعه. فلما نثر ما معه اسودت وجوه جرمٍ وأمسكوا بأيديهم .
- فقالت قشير: أنتم تعرفون ما كان بيننا أمس من العهود والمواثيق وتحرج الأموال والأهل فمن شاء أن ينصرف إلى حرام فليمسك يده فبسط كل رجل يده إلى ما عرف فأخذه وتفرقوا عن حرب.
- وقالوا: هذه مكيدةٌ يا قشير.
- فقال في ذلك يزيد بن الطثرية:
فإن شئت يا مياد زرنا وزرتـم
ولم ننفس الدنيا على من يصيبها
أيذهب ميادٌ بألباب نـسـوتـي
ونسوة ميادٍ صحيحٌ قلـوبـهـا
وقال مياد الجرمي:
لعمرك إن جمع بني قشيرٍ
لجرمٍ في يزيد لظالمونـا
أليس الظلم أن أباك منـا
وأنك في كتيبة آخـرينـا
أحالفةٌ عليك بنو قـشـيرٍ
يمين الصبر أم متحرجونا

وقيل أرسلت أسماء الجعفرية إلى ابن الطثرية تقول له لا تقطعني وإن منعت فإني سأتخلص إلى لقائك.
فأنشدها يقول:
خليلي بين المنحنى من مـخـمـرٍ
وبين اللوى من عرفجاء المقابـل
قفا بين أعناق الـلـوى لـمـريةٍ
جنوبٍ تداوي غل شوقٍ مماطـل
لكيما أرى أسماء أو لتمـسـنـي
رياحٌ برياها لـذاذ الـشـمـائل
لقد حادلت أسماء دونك بالـلـوى
عيون العد سقياً لها من مـحـادل
ودست رسولاً أن حولي عصـابةً
هم الحرب فاستبطن سلاح المقاتل
عشية مالي من نصيرٍ بأرضـهـا
سوى السيف ضمته إلي حمائلـي
فيأيها الواشون بالـغـش بـينـنـا
فرادى ومثنى من عـدوٍّ وعـاذل
دعوهن يتبعن الهوى وتـبـادلـوا
بنا ليس بأسٌ بيننـا بـالـتـبـادل
تروا حين نأتيهن نـحـن وأنـتـم
لمن وعلى من وطأة المتـثـاقـل
ومن عريت للهو قدمـاً ركـابـه
وشاعت قوافي شعره في القبـائل
تبرز وجوه السابقـين ويخـتـلـط
على المقرف الكافي غبار القنابل
فإن تمنعوا أسماء أو يك نفـعـهـا
لكم أو تدبوا بينـنـا بـالـغـوائل
فلن تمنعوني أن أعلل صحبـتـي
على كل شيء من مدى العين قابل
أحب يزيد ( وحشية ) وهي امرأة من جرم فمرض لبعدها فأعانه ابن عمه على رؤيتها فبرىء.و قال:
بلي يزيد بعشق جاريةٍ من جرم في ذلك اليوم يقال لها( وحشية ) وكانت من أحسن النساء. ونافرتهم جرمٌ فلم يجد إليها سبيلاً فصار من العشق إلى أن أشرف على الموت واشتد به الجهد فجاء إلى ابن عم له يقال له (خليفة بن بوزل ) بعد اختلاف الأطباء إليه ويأسهم منه .
فقال له: يا بن عم قد تعلم أنه ليس إلى هذه المرأة سبيل وأن التعزي أجمل فما أربك في أن تقتل نفسك وتأثم بربك!.
قال: وما همي يا بن عم بنفسي وما لي فيها أمر ولا نهيٌ ولا همي إلا نفس الجرمية فإن كنت تريد حياتي فأرنيها.
- قال: كيف الحيلة؟
- قال: تحملني إليها.
فحمله إليها وهو لا يطمع في الجرمية إلا أنهم كانوا إذا قالوا له نذهب بك إلى وحشية أبل قليلاً وراجع وطمع وإذا أيس منها اشتد به الوجع. فخرج به ابن عمه ( خليفة بن بوزل) فحمله فتخلل به اليمن حتى إذا دخل في قبيلةٍ انتسب إلى أخرى ويخبر أنه طالب حاجة. وأبل حتى صلح بعض الصلاح وطمع فيه ابن عمه وصارا بعد زمانٍ إلى حيّ (وحشية ) فلقيا الرعيان وكمنا في جبل من الجبال. فجعل (خليفة ) ينزل فيتعرض لرعيان الشاء فيسألهم عن راعي (وحشية) حتى لقي غلامها وغنمها فواعدهم موعداً وسألهم عن حال وحشية؟
- فقال غلامها: هي والله بشرٍّ! لا حفظ الله بني قشير ولا يوماً رأيناهم فيه! فما زالت عليلةً منذ رأيناهم وكان بها طرفٌ مما بابن الطثرية
- فقال: ويحك! فإن ها هنا إنساناً يداويها فلا تقل لأحدٍ غيرها.
- قال: نعم إن شاء الله تعالى.
فأعلمها الراعي ما قال له الرجل حين صار إليها.
- فقالت له: ويحك!
فجيء به. ثم إنه خرج فلقيه بالغد فأعلمه وظل عنده يرعى غنمه وتأخر عن الشاء حتى تقدمته الشاء وجنح الليل وانحدر بين يدي غنمه حتى أراحها. ومشى فيها يزيد حتى قربت من البيت على أربع وتجلل شملةً سوداء بلون شاةٍ من الغنم فصار إلى وحشية فسرت به سروراً شديداً وأدخلته ستراً لها وجمعت عليه من الغد من تثق به من صواحباتها وأترابها. وقد كان عهد إلى ابن عمه أن يقيم في الجبل ثلاث ليال فإن لم يره فلينصرف. فأقام يزيد عندها ثلاث ليال ورجع إلى أصح ما كان عليه ثم انصرف فصار إلى صاحبه.
- فقال: ما وراءك يا يزيد؟
ورأى من سروره وطيب نفسه ما سره.
فقال:
لو انك شاهدت الصبا يا بن بوزلٍ
بفرع الغضى إذ راجعتني غياطله
لشاهدت لهواً بعد شحطٍ من النوى
على سخط الأعداء حلواً شمائلـه
ويوما ً كإبهام القطاة مزينـاً
لعيني ضحاه غالباً لي باطله
وأنشد هذه الأبيات ليزيد بن الطثرية، فلما بلغ إلى قوله:
بنفسي من لو مر برد بنـانـه
على كبدي كانت شفاءً أنامله
ومن هابني في كل أمرٍ وهبته
فلا هو يعطيني ولا أنا سائله
وكتب يزيد بن الطثرية إلى وحشية:
أحبك أطراف النهار بشـاشةً
وبالليل يدعوني الهوى فأجيب
لئن أصبحت ريح المودة بيننـا
شمالاً لقدماً كنت وهي جنوب
فأجابته بقولها:
أحبك حب اليأس إن نفع الحـيا
وإن لم يكن لي من هواك طبيب

ومن اخبار ابن الطثرية وعشقه ل(وحشية ) انه وابن بوزل خرجا يسيران حتى نزلا برملة (حائل) بين قفار الملح فقال يزيد لابن بوزل: - اذهب فاسق راحلتك واسقنا. فلما جاوز أوفى يزيد على أجرع فرأى أشباحاً فأتاها. فقيل له: هذه والله فلانة أي ( وحشية ) وأهلها أي معجبون بها. فأتاها فظل عشيته وبات ليلته وأقام الغد عندها حتى راح عشياً وقد لقي ابن بوزل كل شرٍّ وكمدا غيظاً خوفا عليه
فلما دنا منه قال:

بنفسي من لو مر برد بنـانـه
على كبدي كانت شفاءً أناملـه
ومن هابني في كل شيء وهبته
فلا هو يعطيني ولا أنا سائلـه
لو أنك شاهدت الصبا يا بن بـوزلٍ
بجزع الغضى إذ راجعتني غياطله

بأسفل خل الملح إذ دين ذي الهوى
مؤدًى وإذ خير الوصـال أوائلـه
لشاهدت يوماً بعد شحطٍ من النوى
وبعد تنائي الدار حلواً شـمـائلـه
فاخترط سيفه ابن بوزل وحاوطه يزيد بعصاه ثم اعتذر إليه وأخبره خبره فقبل منه فانشد ه:
ألا حبذا عينـاك يا أم شـنـبـلٍ
إذا الكحل في جفنيهما جال جائله
فداك من الخلان كـل مـمـزجٍ
تكون لأدنى من يلاقي وسـائلـه
فرحنا تلقـانـا بـه أم شـنـبـلٍ
ضحياً وأبكتنا عشـياً أصـائلـه
وكنت كأني حين كان كلامـهـا
وداعاً وخلى موثق العهد حاملـه
رهينٌ بنفسٍ لم تفـك كـبـولـه
من الساق حتى جرد السيف قاتله
فقال دعوني سجدتـين وأرعـدت
حذار الردى أحشاؤه ومفاصلـه
وقد خرجت( وحشية ) بنت اخي فديك مرة تتهادى في برودها لميعاد يزيد فوقعت على (زبية) او فخ عمله فديك للايقاع بيزيد فاحترق بعضها وأمر بها فأخرجت فقال فديك:
شفى النفس من وحشية اليوم أنها
تهادى وقد كانت سريعاً عنيقهـا
فإلا تدعى خبط الموارد في الدجى
تكن قمناً من غشيةٍ لا تفيقـهـا
دواء طبـيبٍ كـان يعـلـم أنـه
يداوي المجانين المخلى طريقهـا
فبلغ ذلك يزيد فقال:
ستبرأ من بعد الضمانة رجلـهـا
وتأتي الذي تهوى مخلًّى طريقها
علي هدايا البدن إن لـم ألاقـهـا
وإن لم يكن إلا فديكٌ يسوقـهـا
يحصنها منـي فـديكٌ سـفـاهةً
وقد ذهبت فيها الكباس وحوقهـا
تذيقونها شيئاً من النـار كـلـمـا
رأت من بني كعبٍ غلاماً يروقها
قال: وإنما كانت وضعت رجلها فأحرقتها النار.
وقال يزيد أيضاً:
يا سخنة العين للجرمي إذ جمعت
بيني وبين نوارٍ وحـشة الـدار
خبرتهم عذبوا بالنار جارتـهـم
ومن يعذب غير الله بـالـنـار
فبلغ ذلك فديكاً فقال:
أحالفةٌ عليك بنو قـشـيرٍ
امين الصبر أم متحرجونا
فإن تنكل قشيرٌ تقض جرمٌ
وتقض لها مع الشبه اليقينا
أليس الجور أن أباك مـنـا
وأنك في قبيلة آخـرينـا
لعمر الله أن بني قـشـيرٍ
لجرم في يزيد لظالمونـا
فإلا يلحفوا فعليك شـكـلٌ
ونجرٌ ليس مما يعرفونـا
وأعرف فيك سيما آل صقرٍ
ومشيتهم إذا يتخـيلـونـا

وقد استعدت (جرم )على ابن الطثرية في( وحشية ) كونه احبها وشبب بها فكتب بها والي اليمامة إلى ثور أخي يزيد بن الطثرية وأمره بان يؤدبه فجعل عقوبته حلق لمته فحلقها فقال يزيد:

أقول لثورٍ وهو يحلق لمتي
بحجناء مردودٍ عليها نصابها
ترفق بها يا ثور ليس ثـوابـهـا
بهذا ولكن غير هذا ثـوابـهـا
ألا ربما يا ثور قد غل وسطهـا
أناملٌ رخصاتٌ حديثٌ خضابهـا
وتسلك مدرى العاج في مدلهمةٍ
إذا لم تفرج مات غماً صوابهـا
فراح بها ثورٌ تـرف كـأنـهـا
سلاسل درع خيره وانسكابـهـا
منعمةٌ كالشرية الفرد جـادهـا
نجاء الثريا هطلها وذهـابـهـا
أصبح رأسي كالصخيرة أشرفت
عليها عقابٌ ثم طارت عقابهـا

وقيل جاء يزيد الى امراة كهلة من (بني سدرة ) فانشدها :
سلام عليكن الغداة فما لنا
إليكن إلا أن تشأن سبيل
فقالت الكهلة: ومن أنت؟ فقال:
أنا الهائم الصب الذي قاده الهوى
اليك فأمسى في حبالك مسلمـا
برته دواعي الحب حتى تركنـه
سقيما ولم يتركن لحماً ولا دما

- فقالت: اختر إحدى ثلاث خصال: إما أن تمضي ثم ترجع علينا فإنا نرقب عيون الرجال فإنهم قد سبونا فيك وإما أن تختار أحبنا إليك وأن تطلب امرأةً واحدةً خيرٌ من أن يشهرك الناس ونسي الثالثة. - فقال: سآخذ إحداهن فاختاري أنت إحدى ثلاث خصال.
- قالت: وما هن؟
- قال: إما أن أحملك على مرضوفٍ من أمري فتركبيه وإما أن تحمليني على مشروج من أمرك فأركبه وإما أن تلزي بكري بين قلوصيك.
- قالت: لو وقع بكرك بين قلوصي لطمرتا به طمرةً يتطامن عنقه منها.
- قال: كلا إنه شديد الوجيف عارم الوظيف
فغلبها.
ومن اخباره ايضا : مر يزيد بن الطثرية بأعداء له فأرادوه وهوعلى راحلته فركضها وركضوا الإبل على أثره فخشي أن يدركوه وكانت نفسه عنده أوثق من الراحلة فنزل فسبقهم عدواً وأدركوا الراحلة فعقروها. فقال في ذلك:
ألا هل أتى ليلى على نأي دارها
بأي لم أقاتل يوم صخرٍ مـذودا
وأني أسلمت الركاب فعقـرت
وقد كنت مقداماً بسيفي مفـردا
أثرت فلم أسطع قتالاً ولا تـرى
أخا شبعةٍ يوماً كآخـر أوحـدا
وهل تصر من الغانيات مودتـي
إذا قيل قد هاب المنون فعـردا

ويحكى ان يزيد بن الطثرية كان شريفاً متلافاً للمال ومن ذلك
انه مر بخباءٍ فيه نسوةٌ من الحاضر فلما رأينه قلن: يا يزيد: أطعمنا لحماً. فقال: أعطينني سكيناً فأعطينه ونحر لهن ناقةً من إبل أخيه. وبلغ الخبر أخاه، فلما جاءه أخذ بشعره وفسقه وشتمه.
فأنشأ يزيد يقول:
يا ثور لا تشتمن عرضي فداك أبي
فإنما الشتم للـقـوم الـعـواوير
ما عقر نابٍ لأمثال الدمى خـردٍ
عينٍ كرامٍ وأبكارٍ مـعـاصـير
عطفن حولي يسألن القرى أصـلاً
وليس يرضين مني بالمـعـاذير
هبهن ضيفاً عراكم بعد هجعتكـم
في قطقطٍ من سقيط الليل منثور
وليس قـربـكـم شـاءٌ ولا لـينٌ
أيرحل الضيف عنكم غير مجبور
ما خير واردةٍ للـمـاء صـادرةٍ
لا تنجلي عن عقير الرجل منحور
وكان اذا يغشاه الدين ويكثر عليه او أخذ به قضاه عنه أخ له يقال له (ثور ) ثم إنه كثر عليه دينٌ لمولًى لعقبةٍ بن شريك الحرشي يقال له البربري فحبسه له عقبة بالعقيق من بلاد بني عقيل وعقبة عليها يومئذٍ أميرٌ وكان يزيد قد هرب منه فرجع إليه من حب أسماء وكانت جارة البربري فأخذه البربري وسجنه . ويقال: إنه أعطاه بعيراً من إبل ثور أخيه. فقال يزيد في السجن:
قضى غرمائي حب أسماء بعد ما
تخونني ظلمٌ لـهـم وفـجـور
فلو قل دين البربري قـضـيتـه
ولكن دين البـربـري كـثـير
وكنت إذا حلت علـي ديونـهـم
أضم جناحي منـهـم فـأطـير
علي لهم في كـل شـهـرٍ أديةٌ
ثمانون وافٍ نقدهـا وجـزور
نجيء إلى ثورٍ ففيم رحـيلـنـا
وثورٌ علينا في الحياة صـبـور
أشد على ثـورٍ وثـورٌ إذا رأى
بنا خلةً جزل العطاء غـفـور
فذلك دأبي ما بقيت وما مـشـى
لثورٍ على ظهر البلاد بـعـير
الا ان ابن البربري عفاه عن دينه واطلقه بعد عودته من الحج وبوساطة ابن الكميت فانشده ابن الطثرية قصيدته ومطلعها :
أمسى الشباب مودعاً محمودا
ومنها هذه الابيات :
ومدلةٍ عند التبـذل يفـتـري
منها الوشاح مخصراً أملودا
نازعتها غنم الصبا إن الصبا
قد كان مني للكواعب عـيدا
يا للرجال وإنما يشكو الفتـى
مر الحوادث أو يكون جليدا
بكرت نوار تجد باقية القوى
يوم الفراق وتخلف الموعودا
ولرب أمر هوًى يكون ندامةً
وسبيل مكرهةٍ يكون رشيدا
ثم قال يفخر:
لا أتقي حسك الضغائن بالرقى
فعل الذليل وإن بقيت وحـيدا
لكن أجرّد للضغائن مثلهـا
حتى تموت وللحقود حقودا
وليزيد في هجاء فديك هذه الابيات:
أنعت عيراً من عيور القهر
أقمر من شر خميرٍ قمـر
صبح أبيات فـديكٍ يجـري
منزلة اللؤم ودار الـغـدر
فلقيته عند باب الـعـقـر
ينشطها والدرع عند الصدر
نشطك بالدلو قراح الجفر
قتل يزيد بن الطثرية في معركة بين قومه بني قشير وبين بني حنيفة وبني عقيل بالعقيق من ارض اليمامة وقيل قتله بنو حنيفة في موقعة لهم يوم الفلج وذلك عام \126 هجرية – 743 ميلادية

فقال الشاعر القحيف يرثيه:
ألا نبكي سراة بـنـي قـشـيرٍ
على صنديدها وعلى فتـاهـا
فإن يقتل يزيد فقـد قـتـلـنـا
سراتهم الكهول على لحـاهـا
أبا المكشوح بعدك من يحامـي
ومن يزجي المطي على وجاها
من شعره هذه الابيات :

عقيلية أمـا مـلاث إزارهـا
فدعص وأما خصرها فبتـيل
تقيظ أكناف الحمى ويظلـهـا
بنعمان من وادي الأراك مقيل
أليس قليلاً نظرة إن نظرتـهـا
إليك؟ وكل ليس منك قـلـيل
فيا خلة النفس التي ليس دونهـا
لنا من أخلاء الصفاء خـلـيل
ويا من كتمنا حبه لم يطع بـه
عدو ولم يؤمن علـيه دخـيل
أما من مقام أشتكي غربة النوى
وخوف العدا فيه إليك سبـيل
فديتك أعدائي كثير، وشقـتـي
بعيد، وأشياعي لـديك قـلـي
فلا تحمل ذنبي وأنت ضعـيفة
فحمل دمي يوم الحساب ثقـيل
وكنت إذا ما جئت جئت بعـلة
فأفنيت علاتي فكـيف أقـول
فما كل يوم لي بأرضك حـاجة
ولا كل يوم لي إليك رسـول

**********************************

https://falih.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى