اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني

الحضارة الاسلامية باشراف المهندس خالدصبحي الكيلاني والباحث جمال الدين فالح الكيلاني


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

الشعرالعربي الحديث واميره بقلم د فالح الكيلاني

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

فالح الحجية

فالح الحجية
Admin




الشعر العربي الحديث

واميــره



المقصود بالشعرالعربي الحديث هو الشعر الذي كتب في العصر الحديث. وصفة (الحداثة ) يُقصد بها الإطار الزمني المتسم بمعالم الحياة الحد يثة ومميزاتها عن الأزمنة السابقة التي قيل فيها هذا الشعر . ويمثل بالوقت الحاضر الحلقة ما قبل الاخيرة من سلسلة زمنية قيل فيها هذا الشعر ( المعاصرة - العصر الحديث - عصر النهضة - عصر الركود - العصر العباسي الثاني- العصرالعباسي الاول - العصر الأموي - صدر الإسلام - والعصر الجاهلي).

وقد اعتمد مؤرخو الأدب العربي على تصنيف الشعر العربي بحسب الفترات الزمنية المواكبة للعهود الزمنية السياسية للدول الحاكمة كل بحسب وقتها وربما صنف ايضا بحسب الأمصار التي قيل فيها هذا الشعر .

وقد اعتدنا ان نرى للشعر الحديث تصنيفين اساسيين هما: الشعر القديم والمقصود به كل شعرعربي كتب قبل عصرالنهضة العربية الحديثة وربما قصد به بعضهم كل شعر كتب على نمط الشعر القديم حتى لو كان حديثا وهذا اراه تجاوزا على كثير من الشعراء الذين لايزالون يكتبون الشعرالتقليدي او الشعر العمودي وهو ما اسموه الشعرالتقليدي او( التقييدي) عند البعض الاخر لانهم يعتبرونه مقيد بالوزن والقافية كما يسمى بالشعر العمودي نسبة إلى نوعية كتابة هذا الشعر باستخدام الشطر والعجز في التنظيم النمطي لكتابته .

والشعر الحديث يقصد به كل شعر عربي كتب بعد النهضة العربية. وهو يختلف عن الشعر القديم في أساليبه وفي مضامينه، وفي بنياته الفنية، والموسيقية، وفي أغراضه وموضوعاته وفي كثير من أنواعه المستجدة والمستحدثة . ويشمل جميع قصائد الشعر والدواوين التي قيلت في العصر الحديث فهي شعر حديث بدءًا من أول قصيدة كُتِبَت قبيل الحملة الفرنسية على مصر بأقلام الشعراء الرواد الأوائل – وهم رواد النهضة العربية وعلى راسهم الشاعر محمود سامي البارودي وقبله ناصيف اليازجي وابنه ابراهيم القائل :

تَنَبَّهُـوا وَاسْتَفِيقُـوا أيُّهَا العَـرَبُ
فقد طَمَى الخَطْبُ حَتَّى غَاصَتِ الرُّكَبُ

فِيمَ التَّعَلُّـلُ بِالآمَـال تَخْدَعُـكُم
وَأَنْتُـمُ بَيْنَ رَاحَاتِ القَنَـا سُلـبُ

اللهُ أَكْبَـرُ مَا هَـذَا المَنَـامُ فَقَـدْ
شَكَاكُمُ المَهْدُ وَاشْتَاقَتْـكُمُ التُّـرَبُ

كَمْ تُظْلَمُونَ وَلَسْتُمْ تَشْتَكُونَ وَكَمْ
تُسْتَغْضَبُونَ فَلا يَبْدُو لَكُمْ غَضَـبُ

وانتهاءً بآخر قصيدة كتبها او يكتبها شاعر في الوقت الحاضر -راجع كتابي ( شعراء النهضة العربية ) .

ويمكنني ان اصنف الشعر العربي الحديث الى مجموعة من التصانيف كما موجودة في حالتها الحالية وهي الشعر العمودي او التقليدي والشعرالحر او شعر التفعيلة او الشعرالمرسل وقصيدة النثر وهي اخر ما توصل اليه بعض الشعراء ويكتبون الشعر به .

ولكن هذه التقاسيم او التصنيفات لا تعني شيئا بالنسبة للشعر وكينونته وقد اثارت نزاعات واتهامات متبادلة بين الشعراء انفسهم وكذلك بين النقاد ومؤرخي الشعر لكن الأهم من كل هذا و ذا ك هو ايجاد الخصائص الفنية والموضوعات المختلفة للنصوص الشعرية وابتكار الاصلح والاسمى .

ان كثيرا مما كتبه الشعراء في هذا العصر والذي قبله كان
على غير منهاج الشعر التقليدي او الكلاسيكي واقصد به الشعر الحر او شعرالتفعيلة وقد ظهر في الأدب العربي في النصف الأول من القرن العشرين، على يد امين الريحاني وصلاح عبد الصبور وبدر شاكر السياب و نازك الملائكة وشعراء المهجرمن الشعراء العرب في عدد من بلدان أوروبا وامريكا التي قصدوها للاستقرار فيها، وخاصة إيطاليا وفرنسا وبريطانيا ثم الولايات الأميركية والبرازيل . وكان من أبرزهذه الاختلافات التي أثارها هذا الاتجاه هو ما اثاروه حول الأصالة والحداثة على مدى عقود . فابتداءا من النصف الثاني من القرن التاسع عشر وحتى الان يتجاذب الادباء و الشعراء والنقاد ومؤرخو الادب العربي الاتهامات حول الأصالة والحداثة ثم اضيفت تجاذبات أخرى بينهم حول التقليدية والحداثة والمعاصرة .

وفي رايي الخاص ان هذه الامور هي التي اعاقت الشعرالعربي من التطور والالتحاق بالشعرالعالمي وهذا ما تؤكده أرقام مبيعات كتب الشعر التي صدرت خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى ضعف مستوى النتاج الشعري لدى كثير من الشعراء وتكاثر أدعياء الشعر وظهورأعداد كبيرة من الكتب الدواوين المطبوعة ذات قيمة فنية هابطة محسوبة على الشعر وهي لاتعني شيئا منه .

وحالة اخرى ارى انها اضعفت من نتاج الشعر العربي هو التقدم العلمي وانصراف الناشئة والطلبة وخريجي الجامعات إلى متابعة العلوم الحديثة في ظل الحركة الاقتصادية الهامة واتجاههم الى سوق العمل طلبا للمعاش وبما يحقق لهم مستوى معاشي افضل فأدى هذا الى بعض جمود في أفق الشعراء، وإلى إضعاف تأثير التجارب القليلة الجيدة التي لا يمكن إنكار ظهورها في حركة الشعر والثقافة العربية ككل .

و مراحل تطور الشعر العربي هو أنّ الشعر القديم يختلفُ في بعض جوانبه عن الشعر في الوقت الحاضر، وأهمّ ما يميّز الشعر القديم حِرصهِ على الوزن والقافية ونظم البيت على الصدر والعَجز، وكان كل شعر لا يتم نظمه على الوزن والقافية لا يعتبرُ شِعراً بل يعتبرونه نثرا أو فصاحة فِي العصر الحديث، فالشعر القديم يؤخذ عليه انه يعتبرونه رافدا من روافد الامتاعِ والمؤانسة والنفعِ الحسي ينقل مشاعر الشاعر ويعتبرُ مصدرَ طرب لدى العرب ويدعو إلى التحلّي بالأخلاقِ الكريمة والفضائل القيمة والنفورِ منَ الصفات السيئة غير الحميدة .

ظهور الشعرالحر على ايدي رواده الذين يعتبرون مِن أهمّ شعراءِ الحداثة لأنّهُم جمعوا بينَ الثقافة العربيّة الكلاسيكيّة والحداثة وربما المعاصرة ايضا . ووجد النقاد الذين وضعَوا أساسيّات لشعر التفعلية و شعر قصيدة النثر التي ظهرت حديثا ( راجع كتابي – دراسات في الشعرالعربي المعاصر وقصيدة النثر ) وهذا الأمر قَد غير مسار بعض قصائد الشعر من القافية والوزن إلى شعر للتفعيلة او الى شعر النثر فأوجد ت انواعا جديدة منه .

وقد تغيّرَ الشعر العربي عمّا كانَ سابقاً ليصبحَ في اغلبه عبارة عن شعر حُر او قصيدة نثر تتجسّد كلماتهُ باستخدامِ مفرداتٍ وكلماتٍ لها مَعنى ومغزى مختلف ، وهذا النوع منَ الشعر قد إنتشر انتشارا كبيراً وسريعا في هذا الوقت خاصة في ظل التقنيات الجديدة من وسائل الاعلام والنشر الرخيصة مثل الصحف والمجلات والتلفزة والانترنيت والفيسبك وما اليها وفتح الباب واسعا ليكتب كل من هدب ودب ويصف نفسه شاعرا الا ان هؤلاء لا يخفون عن الادباء من الشعراء والنقاد ويبقى ناكصا مايكتبونه وسيندثرمايقولونه بمرور الزمن فالبقاء للاصلح والافضل وهذه سنة الحياة . .

والشاعر العربي ابن وقته يترجم ما يعتمل في نفسه ومجتمعه وما يكتنفه من احداث رضي ام لم يرض - فلا يوجد شاعر عربي حديث الا كتب عن قضية فلسطين مثلا- وعليه فالشعر العربي الحديث يمثل نفسية الشاعرالعربي في نظرته للوطن العربي الحديثة والواقع العربي المعاش منذ زمن النهضة العربية وحتى وقتنا الحاضر .

نعم فقد د بت روح النهضة العربية في كل مفاصل الحياة بعد سبات دام قرونا وعلى راسها الشعر في النصف الاول من القرن التاسع او قبيله بقليل –أي في نهايات العصر العثماني – بعد ان خمدت جذوته وانتكست انتكاستها الكبرى خلال الفترة السوداء من تاريخ الامة العربية ابتداءا من دخول المغول (ا لتتار) بغداد وحتى بداية القرن التاسع عشر او بعده بقليل .

فقد كانت الدولة العثمانية تجثم على انفاس الامة العربية تفرض هيمنتها على البلاد العربية في نهايات ايام حكمها للاقطار العربية بعد ان كانت تمثل دولة الاسلام في حينها بحكمها القاسي حكما استعماريا ظالما – لا فرق بين استعمار واخر كل يريد تحقيق مصالحه على حساب البلد الذي استعمره ومحاولة جعله تحت سيطرته مدة اطول - فادى الى تـأخر البلاد في مختلف نواحي الحياة وخاصة الثقافية فقد اتّبع الاتراك سياسة التتريك في البلاد العربية ومحاولة القضاء على لغتهم الام – العربية-هي لغة القران الكريم والدين الاسلامي الذي يدين به الاتراك أي فضلوا اللغة التركية على دينهم في سبيل نشر لغتهم وطمس معالم العربية في البلاد التي تحت سيطرت الاتراك وكان نتيجة ذلك ان ساد الامة العربية ثالوث الفقر والجهل والمرض .

وقد ادى ذلك الى هجرة جماعات من البلا د العربية خاصة من سوريا ولبنان الى خارج بلادهم خوف القتل والتنكيل بهم من قبل الحاكمين الاتراك او من سايرهم من الحكام العرب وقد اسس هؤلاء العرب المهاجرون جاليات وجماعات وجمعيات في امريكا والبرازيل وغيرها من الدول التي هاجروا اليها وبرز منهم جماعات رائدة في مجال الادب والشعر مثل ايليا ابوماضي وجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وابناء المعلوف وغيرهم .

اما في الشرق العربي فقد دبت الحياة تسري من جديد في الروح العربية وخاصة النهضة الفكرية وتسربت بين الشباب العربي وبعد اتصال البعض منهم بالغرب مثل بريطانيا او فرنسا اوغيرها واخذ شبابنا العربي يتطلع لما في هذه الشعوب ويدرك ضرورة التخلص من الاستعمار التركي والاجنبي الغربي والثورة على العادات والنظم البالية والمتهرئة التي البسها الاستعمار للامة العربية وكذلك كان من اسباب هذه النهضة التمازج العربي مع الغرب عن طريق الارساليات التبشيرية- ولو انها كانت تهدف الى استعمار من نوع جديد - ودخولها الوطن العربي وايجا د المطابع ودخولها البلاد العربية ونشر الحرف العربي والفكر العربي وطبع بعض الكتب القديمة ومنها الدواوين الشعرية لفحول الشعراء العرب وكذلك فتح بعض المدارس باللغة العربية بعد غزوة نابليون واستعمار فرنسا لمصر.

ظل الشعر في فترة الانحطاط والتاخر – الفترةالمظلمة - مطبوع بطابع الفردية تقليديا وعناية الشاعر تنطوي على التزويق اللغوي واللفظي دون المعنى وتحوله الى صناعة شعرية بحتة تكثر فيها الصور التقليدية الماخوذة من قبلهم وكثرت التشبيهات الى حد انعدام المعاني الشعرية الجديدة او طمسها .

اما في بداية القرن العشرين فـقد تغيرت وطبعت بطابع التحرر والانطلاق والدعوة الى الثورة على كل ما خلفه الاستعمار من اوضاع ومفاسد وطبع الشعر بطابع التجديد فتوسعت افق افكار وخيالا ت بعض الشعراء بعد اطلاع بعضهم على الاداب الغربية والعالمية والتأثر بالشعر العربي القديم الذي بدأ ينتشر من جديد في ظل حركة ادبية بدأت تتحرك وتتحرر لتشمل كل البلاد العربية تقريبا ومن الشعراء من اوجد شعرا جديدا فتحرر من قيود القافية كما هو الحال في الشعر الحر الذي ظهر حديثا في الشعر العربي . ونتيجة اطلاع الشعراء العرب على الفن المسرحي الغربي وجد الشعر التمثيلي .

فالشعر الموزون المقفى ويدعى بالشعر التقليدي او التقييدي ايضا لانه تقليد للشعر القديم وامتداد له وتقييد في الوزن والقافية فالشعر التقليدي هو هذا الشعرالموروث الذي نظم على موسيقى بحر معين من البحورالشعرية الستة عشر ولزم روي واحد وقافية واحدة فالقصيدة وحدة متماسكة من حيث البناء كانها بيت واحد واغلب الشعر العريي الحديث من هذا النوع .

لقد حافظ الشعراء على اصالة عمود الشعر العربي وموسيقاه واوزانه وسيبقى كذلك عمود الشعر مهما اختلفت الاغراض والفنون الشعرية واساليب الشعراء وهو الذي له القدح المعلى والجو الانسب على امتداد الوطن العربي لان الاذن العربية جبلت عليه واستساغت سماعه وموسيقاه واستسمجت كل انواع الشعر الا اياه
ومن هذاالنوع من الشعرهذه الابيات للشاعر انور العطار :-


انا الفاتح السمح منذ القدم
ولولاي كان الوجود العدم

نشرت على الكائنات الضياء
وانقذتها عن عوادي النغم

وتراءى لي الوطن المستثا ر
وقد عانق السيف فيه القلم

وما الخلد الا اعتناق السيو
ف وخوض الحتوف وصب الحمم

اما الشعر التمثيلي فن طارئ على الادب العربي اقتبسه العرب نتيجة اتصالهم بالغرب وتاثرهم بهم من خلال البعثات والترجمة واطلاع بعضهم على المسارح الغربية فقد اطلع الشعراء العرب على حركة المسارح الغربية وما يعرض فيها مما كتبه الادباء الغربيون من مسرحيات شعرية مثلت على المسارح فاقدم البعض من شعرائنا على محاكاتهم بدافع حب التشابه فنظمت مسرحيات تمثيلية شعرية باللغة العربية نظموها شعرا اونثرا .

وقد نجح هذا النوع من الشعر في اول بداياته الا انه ركد اومال الى الركود مع مرورالزمن وقد كانت اغلب الروايات الشعرية مستقاة مادتها من التاريخ ومن اشهر من كتب في هذا النوع من الشعر واوجده من الشعراء احمد شوقي وعزيز اباظة من مصر و خالد الشواف من العراق وغيرهم .

وهذا مقطع من مسرحية – كليوباترة - شعر احمد شوقي :-

\ تتأمل كليوباترة في وجه الجريح -

كليوباترة :

اه نطونيو حبيبي ادركوني بطبيب

ماترون الارض تروى من دم الليث الصبيب

ابتي اين قوى طبك والسحر العجيب

هو في اغماءة الجر ح فنبهه بطيب

هو يفتح عين يه ويصغي لنحيبي

اما النوع الاخر للشعر العربي فهو الشعرالحر او شعر التفعيلة وفيه يعتمد على تفعيلة واحدة من التفاعيل الحرة من الاوزان الشعرية التي اوجدها الخليل الفراهدي البصري وذلك بتكرار هذه التفعلية في السطرالشعري بما يتمم المعنى دون النظرالى الوزن على ان لا يقل السطرالشعري عن تفعيلة واحدة ولا يتجاوز التسع وكذلك وجد من شعراء المهجر من دعى الى الثورة على الاسلوب الشعري القديم المتمثل بالقافية الواحدة والبيت الشعري الواحد المتكون من شطر وعجز في تنسيق متسق وبحر واحد أي متساوي التفاعيل الوزنية في البيت الواحد وفي الشطر والعجز او موحد الموسيقى الشعرية للبيت الواحد بحيث تكون كل القصيدة مهما طالت ذات تفاعيل محددة الوزن ضربها الموسيقي واحد لا تخرج عما رسمه الشعراء العرب منذ عصر الجاهلية الى اليوم فدعوا الى التحرر من هذه القيود فنظموا شعرا خرجوا فيه عن هذا المالوف في الوزن الموسيقي للشعر العربي وكذلك لم يلتزموا بالقافية الواحدة في القصيدة مع العرض ان كثيرا من قصائد الشعرالحر التزمت التفعيلة في النظم فسمي شعر التفعلية والاخر لم يلتزم بتفعلية ولا روي ولا قافية فسمي بقصيدة النثر حيث انه اقرب ما يكون اليه .

فالشعر الحر اشبه بثورة على الشعر القديم او الشعر العمودي في بناء القصيدة فتخلصوا من نظام الشطر والعجز وابتعدوا عن النظم بالعمود الشعري المتسق المتناسق في البناء وظهرت منازعات بين رواد الشعر العمودي الذين اعتبروا الشعر الحر ضرب من ضروب النثر وانه نقص في شاعرية الشاعر او في اذنه الموسيقية اخرجته عن المالوف وبين رواد الشعرالحرالذين يعتبرون الشعر الحر من متطلبات العصرالحديث .

ومن المعلوم ان ترد المعاني على ذهن الشاعر كما ترد على ذهن أي إنسان اخر الا أن استقبالها عند الشاعر وانفعاله بها وانعكاسها على نفسيته وتفاعلها في شعوره واحساسه يختلف اختلافاً كبيراً عما عند الآخرين . تعبير الاديب عنها يختلف عن تعبير الاخرين لانه يمتلك ذوقا وحسا اغنى من الاخرين يستطيع بهذا الاحساس وذلك الذوق ان يلبس هذه المعاني الواردة اليه ثوبا قشيبا وحللا من الجمالية لا يستطيع سواه ان ياتي بها و يتم له ذلك من طريق مقدرته على اختيار اللفظة المناسبة ذات الجمالية الاسمى والتآلف بين الحروف بما يمكنه من اختيار التعبير الاقرب الى النفس والاعم والاشمل والافضل فتاتي الصورة الشعرية رائعة بجماليتها وهذا ما يؤكد ه قول الجاحظ ( أن المعاني مطروحة في الطريق وإنما الشأن في صوغ القالب اللفظي المعبر عنها) .

فشعراء العصر الحديث ورثوا تركة شعرية مهدمة في بنائها فنزعوا عنها ما رث وتمزق والبسوها الافضل والاسنى وصاغوا تراث العصور قبلهم بما يلائم العصرالحديث واستعان متأخروهم بمعاني ما قرأوه من آداب الأمم فجاءت معانيهم اسمى في الجمالية والجودة . وربما تناول الشعراء المعنى التافه وربما تناول أحدهم المعنى المبتذل فطوره في اسلوبه فالبسه الجدة والجمال وليس المهم أن تكون المعاني جديدة انما ربما يكتفي الشاعر بتناوله المعنى القديم فيجلوه في تعبيرجديد ويلبسه ما هو اسنى وافضل وفي ذلك اقول :

وشذى القداح في اغصانه
فتضوعت اجواؤه بأقاح

وتجملت اوراقه ببياضه
فتعانقت انداؤه بصباح

فعطوره اخاذة لقلوبنا
مثل الفرات فياضة بصراح

وعلى الغصون تفرقت حباته
اوراقه اشو اقنا بنجاح

حتى كأن الطير يهمس شوقه
فتغردت اصواته بصداح

اما الفنون الشعرية او الاغراض الشعرية فقد كثرت وتشعبت بتشعب الحياة وا ن اهمها واكثرها التصاقا بالشعب او بحياة المجتمع العربي بفرديته او جماعيته هو الشعرالسياسي فقد توسع الشعر السياسي في بدايات هذا العصر توسعا عظيما حتى قيل ان بدايات العصرالحديث- نهاية القرن التاسع عشر وبدايةالقرن العشرين- كان الشعر فيه سياسيا ثوريا ناهضا وكان الدافع الرئيس لهذا الشيء هو الحالة الجديدة الناهضة في الوطن العربي فقد شارك الشعراء العرب في اذكاء كل حركات التحرر الثورية العربية بل كا نوا رؤوساء ودعاة لها ومشتركين فعليا فيها ويعد الشعراء هم الاساس الاول في النهضة العربية لذلك فالمطلع على شعر شعراء النهضة العربية في بدايات هذا العصر يجد ان القصيدة العربية تقطردما وفي طياتها روح ثورية جامحة صارمة وكأن ابيات قصائدهم سيوفا مصلتة او مسلولة من اغمادها وهم قد ركبوا جيادهم للجها د في سبيل الحق ونصرة شعبهم والذود عن وطنهم .والشعب العربي المضطهد ويرزح تحت وطأة الاستعمار الاجني وهم يرون شعبهم وقد تقاسمت الامم اسلابه فهتفوا في الشعب العربي وتغنوا ببطولات هذا الشعب الذي هب كالمارد يشق طريقه الى التحرر والحرية والانعتاق من الاستعمار وينشد النور والامان بالايمان بقدراته وبروحيته الابية الطامحة الى العلو والارتقاء والثورة .

فالشعرالسياسي يمثل الاحداث العربية تمثيلا صادقا فقد ذكرت
فيه الصغيرة والكبيرة من الاحداث التي أ لمت بالامة العربية وكان الشعراء هم صوت الشعب الهادر والمدوي فالشعر نار تلتهب لتحرق ظهور الاجنبي وثورة في نفس العربي زيدها الشعر قوة واندلاعا فالشعراء كل الشعراء العرب هتفوا للتحرر العربي .

وتتمثل هذه الحركة الثورية بثلاثة محاور :
الاول- تحرير الاقطار العربية من الاستعمارالاجنبي
الثاني - قضية فلسطين وهذه القضية المحورية في الشعر العربي ولا تزال حتى الان حيث لا يوجد شاعرعربي في المشرق العربي او في مغربه الا ونظم فيها ودعى الى طرد اليهود من فلسطين وعودة الفلسطنيين العرب الى بلدهم السليب .
الثالث - الحالات الوطنية في البلد الواحد ومن الشعر السياسي هذه الابيات من قصيدة للشاعر رشيد سليم الخوري يقول :-

شمس العروبة عيل صبر المجتلي
شقي حجابك قبل شق الرمس لي

اني لمحت سناءك في غسق الدجى
رغم الصبابة والحجاب المسد ل

فلقد يرى بالروح شاعر امة
من لا يرى غير النبي المرسل

واشعة الايمان تبتد ر المنى
وترد للمكفوف عيني احد ل

وكواكب الشهداء فيك بشائر
ما آ ذنت بالفجر لو لم تا فل

ياهاتفا بالفرقدين تلاقيا
كلفت نفسك وصل ما لم يفصل

ما الشام ما بيروت في البلوى سوى
عيني مولهة وحدي فيصل

واعز من دنيا الاعزة كلها
جاري القريب واخوتي في المنزل

يامن يعدون الدفاع تهجما
ويؤولون النقد شر مؤول


ا ما الفخر والمدح فقد افتخر الشعراء العرب في هذا العصر بعروبتهم كما افتخروا بانفسهم ومدحوا ابطال العروبة ورجالها وافتخروا بشجاعتهم وباعمالهم المجيدة. وتميز المدح في هذا العصر بالضعف وبعده عن المبالغة فيه ومما يقوله الشاعر محمود سامي البارودي يفخر بنفسه يقول:

انا لا اقر على القبيح مهابة
ان القرار على القبيح نفاق

قلبي على ثقة ونفسي حرة
تأبى الدنا وصارمي ذلا ق

فعلام يخشى المرء فرقة روحه
او ليس عاقبة الحياة فراق

وقد كثرت في اول هذا العصر النكبات على الوطن العربي وتوالت عليه المحن في ظل ظروف قاسية قد مثلها الشعراء اعظم تمثيل وادق وصف في قصائدهم وجل هذه النكبات نكبات قام بها الاستعمار ضد الامة العربية منها نكبة ضياع فلسطين ونكبة دمشق قبلها ومنها اعدام افضل رجال العرب مثل عمرالمختار في ليبيا وزهانه الجزائري وشهداء ثورة مايس \ 1941 في العراق وتكاد تكون هذه النكبات في كل اقطار الامة العربية. فهذا احمد شوقي اميرالشعراء يبكي دمشق فيقول :

سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ

وَمَعذِرَةُ اليَراعَةِ وَالقَوافي جَلالُ الرُزءِ عَن وَصفٍ يَدِقُّ

وَبي مِمّا رَمَتكِ بِهِ اللَيالي جِراحاتٌ لَها في القَلبِ عُمقُ

وَيَجمَعُنا إِذا اختَلَفَت بِلادٌ بَيانٌ غَيرُ مُختَلِفٍ وَنُطقُ

وَقَفتُمْ بَينَ مَوتٍ أَو حَياةٍ فَإِن رُمتُمْ نَعيمَ الدَهرِ فَاشْقَوا

وَلِلأَوطانِ في دَمِ كُلِّ حُرٍّ يَدٌ سَلَفَت وَدَينٌ مُستَحِقُّ

وَمَن يَسقى وَيَشرَبُ بِالمَنايا إِذا الأَحرارُ لَم يُسقوا وَيَسقوا

وَلا يَبني المَمالِكَ كَالضَحايا وَلا يُدني الحُقوقَ وَلا يُحِقُّ

فَفي القَتلى لِأَجيالٍ حَياةٌ وَفي الأَسرى فِدًى لَهُمُ وَعِتقُ

وَلِلحُرِّيَّةِ الحَمراءِ بابٌ بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ

جَزاكُمْ ذو الجَلالِ بَني دِمَشقٍ وَعِزُّ الشَرقِ أَوَّلُهُ دِمَشقُ

رَماكِ بِطَيشِهِ وَرَمى فَرَنسا أَخو حَربٍ بِهِ صَلَفٌ وَحُمقُ

إِذاما جاءَهُ طُلّابُ حَقٍّ يَقولُ عِصابَةٌ خَرَجوا وَشَقّوا

دَمُ الثُوّارِ تَعرِفُهُ فَرَنسا وَتَعلَمُ أَنَّهُ نورٌ وَحَقُّ

بِلادٌ ماتَ فِتيَتُها لِتَحيا وَزالوا دونَ قَومِهِمُ لِيَبقوا

وَحُرِّرَتِ الشُعوبُ عَلى قَناها فَكَيفَ عَلى قَناها تُستَرَقُّ

رُباعُ الخلدِ وَيحَكِ ما دَهاها أَحَقٌّ أَنَّها دَرَسَت أَحَقُّ؟

إِذا عَصَفَ الحَديدُ احمَرَّ أُفقٌ عَلى جَنَباتِهِ وَاسوَدَّ أُفقُ

سَلي مَن راعَ غيدَكِ بَعدَ وَهنٍ أَبَينَ فُؤادِهِ وَالصَخرِ فَرقُ

وَلِلمُستَعمِرينَ وَإِن أَلانوا قُلوبٌ كَالحِجارَةِ لا تَرِقُّ

اما الغزل فشعر الغزل وجد منذ وجد الانسان بعاطفته وحبه اتجاه قرينته وحبيبته وفي الشعر العربي وجد في كل العصور الشعرية فهو تسجيل لعواطف الشاعر المحب اتجاه من يحب وما يكنه في قلبه الملتاع وفؤاده المكتوي بنار الحب والعشق ونفسه الحرى وروحه الحيرى وفكره المشغول وعقله المسلوب ولها ً وحبا وشوقا .

شعر الغزل في هذا العصر اتسم بتمثيل طبيعة النفس العربية النبيلة العفيفة فهو بعيد عن الابتذال والتفسخ الخلقي الذي كان موجودا في شعر العصور العباسية وخاصة الاخير منها نتيجة للاختلاط مع الاعاجم شرقا وغربا وشمالا وفساد الاخلاق العربية تبعا لعادات وتقاليد رعاع الناس وشواذهم الاجتماعية التي انتقلت الى العرب ما يتميز ببعده عن المادية الا بعض قصائد لشاعر او اكثر ومن شعر الغزل اقول :

وفاتنة تغازلني بضفر جديلة
مثل الاقاحة سحرها يتألق

حتى كأن الزهر ينثر عطرها
فتعانقت انداؤها تتموسق

تتمنى النفس تمسك بعضه
فأ ناملي في بعضه تترفق

فمجازف كمراهق متعطش
يهوى اليك بشوقه يتعلق

وفي فن الوصف وهو من الاغراض القديمة في الشعر العربي ايضا فقد وصف الشعراء كل ما وقعت عليه اعينهم ودخل في نفوسهم واخيلتهم من مشاهد طبيعية خلابة ومخترعات حديثة وقد تعمق بعض الشعراء في الوصف . يقول عمر ابو ريشة الشاعرالسوري في وصف اطلال مر بها :-

قفي قدمي ان هذا المكان
يغيب به المرء عن حسه

رمال وانقاض صرح هوت
اعاليه تبحث عن اسه

اقلب طرفي به ذاهلا
واسأ ل يومي عن امسه

اكانت تسيل عليه الحياة
وتغفو الجفون على انسه

وتنشد البلابل في سعد ه
وتجري المقادير في نحسه

وفي مطلع هذ العصر اي في بدايات القرن العشرين كثر شعر الحنين الى الوطن اذ ان كثيرا من الشعراء نفتهم حكومات بلدانهم الى خارجها بسبب ميولهم الوطنية وثورتهم على الاستبداد والظلم تخلصا منهم .ومنهم من هاجر من نفسه وراء لقمة العيش . ويظهرهذا جليا في شعر شعراء المهجرالذين ما زالوا يحنون الى الوطن العزيز- وهل هناك اعزمن الوطن ؟- فانشدوا قصائد تقطرحنينا ودمعا بعاطفة فياضة وحسرة غامرة لرؤية الوطن اوالرغبة في تحريره من ايدي حاكميه المستبدين .

وشكى بعض الشعراء صروف الدهر من نكبة اصابتهم او من خطر احدق بهم او ببلدهم ومن قصيدة في الحنين الى الوطن للشاعر المهجري جبران خليل جبران هذه الابيا ت يقول:-

يابلادا حجبت منذ الازل
كيف نرجوك ومن أي سبيل

أي قفر دونها أي جبل
سورها العالي من منا الدليل

اسراب انت ام انت الامل
في نفوس تتمنى المستحيل

اطلع بعض الشعراء على مجريات العلم والادب والفلسفة فنظموا قصائد في تعلم الطب والفلك والعلوم وفي امور اخرى مثلما نظم الشعراء قبلهم مطولات في قواعد النحو والصرف مثل الفية ابن مالك التي حوت تفاصيل قواعد اللغة العربية في قصيدة مكونة من الف بيت شعري شرحها العلامة ابن عقيل في مجلدين كبيرين على سبيل المثال . والشعر التعليمي نظم في هيئة الشعر وشكله بل هو جسد شعري لا روح فيه. لذلك اطلق عليه بلغاء اللغة وشعراؤها نظما وقد نظم فيه كثيرون في العصور المظلمة الا انه في هذا العصر اصابه الضعف والوهن . ومن قصيدة للشاعرالزهاوي في العلم يقول :

لماذا تحركت الانجم كانك مثلي لا تعلم

وما هو كنه الاثير الذي فسيح الفضاء به مفعم

بين الجواهر جذب فما دواعيه اني مستعلم

هل الدفع اوضح من ذاته من الجذب ام هل هما تؤام

هما قوتان تخالفتا فذالك يبني وذا يهد م

والشعر الاجتماعي هو شعر الاخوانيات وكل ما في المجتمع من امور وقد دعى الشعراء فيه الى ا لثورة على العادات البالية و القديمة التي سادت المجتمع العربي وعلقت به خلال فترات الحكم المتلاحقة عليه قبل النهضة الحديثة وتعتبر من مخلفات الفترة المظلمة فدعى الشعراء الى تحرير المرأة والى فتح المدارس وتمجيدها والدعوة الى دخولها بنين وبنا ت وذم التعصب القبلي والطائفي والاقطاع الذي جثم فوق صدورالناس والفساد المستشري . ومن قصيدة للشاعر العراقي معروف الرصافي في تشجيع بناء المدارس وفتحها هذه الابيات :-

ابنوا المدارس واستقصوا بها الاملا
حتى تطاول في بنيانها زحلا

هذي مدارسكم شروى مزارعكم
فانبتوا في ثراها ماعلا وغلا

يلق بها النشىء للاعمال مختبرا
وللطباع من الادران مغتسلا

ربوا البنين مع التعليم



تربية
يمسي بها ناقص الاخلاق مكتملا

انا لمن امة في عهد نهضتها
العلم والسيف قبلا انشأت دولا

والفنون الشعرية في بدايات عصرالنهضة العربية كثيرة منها قديمة ومنها ما ظهرت حديثا حسب متطلبات هذا العصر ودواعيه الا انه تبقى السمة الوطنية هي السمة الغالبة لشعر هذا العصر والمحرك الاقوى للشبا ب العربي المؤمن برسالة امته ومن اجل الحرية والتحرر و اعادتها الى سالف عهدها التليد .

فالشعر العربي يمتميز في هذا الوقت بان جله ثوري وطني يدعو الى استنهاض الهمم والتخلص من الاستعمار والثورة على كل ما هو- قديم وبال لا خير فيه لأمتنا العربية - فهو في اغلبه شعر هادف قاد البلاد الى حركة وطنية قومية فكان الشعراء والمفكرون والادباء هم قا دة الثورات التحررية وزعماؤها في الوطن العربي .



**************************


https://falih.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى